نوح الهرموزي6 أكتوبر، 20120
تموج منطقة الشرق الأوسط بتموجات إقليمية في غاية الخطورة و التأثير، برزت إحدى سماتها في الأزمة السورية وعواقبها السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي انعكست آثارها على مستوى استحالة توحيد رؤية مشتركة دوليا ، وهو ما يترجم إلى حد ما الانقسام الذي يتصدع به مجلس الأمن بين مؤيدي و معارضي النظام البعثي القريب الأفول.....

رشيد أقجي*

تموج منطقة الشرق الأوسط بتموجات إقليمية في غاية الخطورة و التأثير، برزت إحدى سماتها في الأزمة السورية وعواقبها السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي انعكست آثارها على مستوى استحالة توحيد رؤية مشتركة دوليا للحسم في حلحلتها بشكل يقطع دابرها، وهو ما يترجم إلى حد ما الانقسام الذي يتصدع به مجلس الأمن بين مؤيدي و معارضي النظام البعثي القريب الأفول على مستوى تفادي الاحتراب الطائفي في بلاد الشام.

فوضى إذن طبعت عملية التجاذب والتقاطب في محاولة يائسة لإقناع طرف أو ذلك في اتخاذ موقف حيادي مبني على الموضوعية و مقتضيات الإعلانات والصكوك الدولية لحقوق الإنسان من حيث الحؤول دون تعميق نزيف الإبادة الجماعية وسياسة الاستئصال الممنهج دون مسوغ شرعي ولا قانوني ولا إنساني ولا أخلاقي، علتها-سياسة الاستئصال- في ذلك هي محاربة الإرهاب، وهو مبرر واه لا أساس له من الواقعية و المنطق البناء-.

إن الصراع الديبلوماسي الذي اتسم به مجلس الأمن على ضوء هذه المستجدات الإقليمية  بين موسكو وبكين من جهة وأمريكا والدول الغربية من جهة ثانية حال دون إيجاد مخرج أممي للأزمة المفتعلة عبر استصدار قرار لازم و ملزم للحد منها، يعكس مدى السياسة البراغماتية التي تتسم بها العلاقات الدولية المبنية على المصالح كجزء لا يتجزأ من الأهداف العامة للسياسات الدولية. و منه تبرز الأسئلة التالية: أين تبرز الإشكالية؟ لماذا تحرك مجلس الأمن على وجه الاستعجال و السرعة في التنفيذ القراري الصادرة عنه بإجماع في أزمات سياسية سابقة؟ أين تتجلى التحديات العصية على التحدي و التجاوز السياسي؟

هل هي إعادة للتوازن على مستوى العلاقات الدولية؟، هل هي إعادة لقطبية ثنائية جديدة تشي بأن روسيا استعادت هيبتها عبر إرسال إشارات إلى المجتمع الدولي من خلال ممارسة حق الفيتو في صدور قرار حاسم؟، لماذا هذا العجز البين عن تفعيل مقتضيات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟، كيف يمكن الموافقة على مشروع القرار البريطاني الذي يدعو إلى فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية طبقا للمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة وفق الفصل السابع المذكور سابقا القاضي بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بعد اصطدامه بالفيتو الروسي؟

إنه تحد صارخ لمجلس الأمن الدولي في مواجهة الفيثو الروسي والصيني المشترك على العدول عن موقفيهما الداعم لجرائم النظام السوري الماحق لكل إنسانية، لماذا يعجز مجلس الأمن عن حسم النزاع؟ لماذا هذا التماطل في قطع دابر الأزمة السورية؟

يمكن القول أن الأسباب الحقيقية وراء استصال شأفة الصراع في المنطقة لا يتجاوز المحاور الأساسية التالية:

أولا: تضارب المصالح في الشرق الأوسط بين الدول الكبرى، بحيث أن امتناع الصين عن إبداء  الموافقة ولو مبدئيا على الاستنكار الشديد على الفظائع و الجرائم المقترفة تحت مظلة محاربة الإرهاب له ما يبرره مسلخيا- و ليس مصلحيا.

 ثانيا: الخوف من اندلاع حرب كونية ثالثة إذا تدخلت أمريكا في الصراع ، بحيث أبانت روسيا والصين عن قوتهما التحالفية، في حالة نشوبها من جهة، و من جهة أخرى ، فإن الديون المتراكمة في ذمة أمريكا تجاه هذه الأخيرة -أي الصين- تمثلت في إنقاذها من أزمتها المالية عبر ضخ مليارات الدولارات تحول دون الإقدام على التأثير في قراراتها الدبلوماسية لقوتها الاقتصادية من حيث غزوها للأسواق العالمية.

ثالثا: المصالح الاقتصادية لروسيا في إيران، بحيث تدخلها في الشؤون السورية سينعكس عليها لامحالة، وبالتالي نرى الانسجام في الخطاب على مستوى السياسية الخارجية الروسية والإيرانية إن لم نقل تواطئا بينا على الحرب الطائفية اعتبارا للاتجاه النصيري.

هذه بعض السيناريوهات التي يمكن أن تفسر التأخير في الحسم في الأزمة السورية التي حصدت أكثر من 20 ألفا من الأبرياء و الشهداء ، دون مسوغ شرعي و قانوني . و هو ما يدفعنا إلى القول بأكذوبة  مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة .

ألم يحن التفكير إذن في صياغة ميثاق جديد يؤرخ لهذه المرحلة ويبني عليها فصوله الحاسمة نظرا لشيخوخة الميثاق الأممي الحالي- الذي أصبح لا يستجيب لمتقلبات الظرفية الدولية الراهنة؟

إنها قطبية جديدة أصبحت تلوح في الأفق، روسيا والصين من جهة و أمريكا و الدول الغربية من جهة ثانية. بوادرها ظهرت ولكن عواقبها لا تزال في الكواليس، ودع الأيام تكشف المجهول المرتقب.

*باحث في العلاقات الدولية و القانون الدولي

منبر الحرية، 5 أكتوبر/تشرين الاول2012

نوح الهرموزي

الدكتور نوح الهرموزي: أستاذ الاقتصاد في جامعة ابن طفيل في القنيطرة بالمغرب.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018