سوريا الحرية ستنهض من جديد

منبر الحرية8 يونيو، 20130
إن المشكلة التي كان يخافها الجميع بعد تفجر أوضاع سوريا السياسية والاجتماعية ليس فقط محاولة تعقيم وقتل بذور التعايش الحضاري والسلام الاجتماعي السوري الداخلي بين المكونات السورية التاريخية والثقافية، وإنما أيضاً استطالة تلك الأزمة مكانياً وزمانياً، وامتناعها عن الحلول السياسية السلمية بما يهدد الوجود والكينونة ذاتها....
نبيل علي صالح*

 

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر والمستقبل، والتي يتموضع بعضها ضمن مواقع حيوية على المستوى الجغرافي والجيوستراتيجي، يظهر هذا المطلب التغييري صعباً ومتداخلاً ومكلفاً على المستويين المعنوي والمادي، لأن الناس عندنا –في اجتماعنا الديني العربي والإسلامي- تألف العادة والعرف، وتأنس للتقاليد والراهن على حساب المستقبل غير المرئي حتى وإن كانت فيها إيجابيات على صعيدها التنموي والاقتصادي والسياسي.. إن السرعة في إيقاعات التغيير المطلوب في مجتمعاتنا ليست حالة إيجابية دوماً، وهنا يبدو لي أن مطلب التغيير المجتمعي السلمي الطويل الأمد، أيسر وأضمن وأقل كلفة من التغيير السريع الدامي والمكلف وباهظ الثمن الذي يجري حالياً في بعض البلدان ومنها سوريا.. مع تحفظنا وقناعتنا بأن من يضغط عسكرياً ليقتل ويروع ويخيف، ليس هدفه أبداً إحداث تغيير نوعي سياسي أو غير سياسي لتطوير وتنمية مجتمعه، بل غرضه نفعي ذاتي يتمحور حول خلط الأوراق، وإدامة أجواء التوتر والتناقض، وسلوك طريق “قم لأجلس مكانك” بالقوة والعنف وليس بالانتخاب والسلم.. هذا ما قلناه وأكدناه وكتبناه منذ بداية الأحداث المأساوية في سوريا التي يراد تحويلها إلى دولة فاشلة سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً من أجل التحكم بقرارها المستقل، والتأثير السلبي على وظائفها الإقليمية، وأدوارها الجيواستراتيجية الحيوية.. والغالبية العظمى من السوريين كانت ولا تزال مع هذا الخيار السلمي المجتمعي المطلوب لبناء بلدهم وتطويره.. خاصة وأن التغيير الدموي السريع (هم يتوهمون أنه سريع) المكلف سيجلب أحزاباً وتيارات وشخوص تدعي الديمقراطية والمدنية، وتزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، فقط لتجعلها مطية من أجل الوصول إلى السلطة، وتحقيق نفوذها ومطامعها..
ويمكن القول من الأخير أنه إذا انتصرت تلك التيارات الدينية المحاربة حالياً في سورية فسننتظر أقلّه قرناً كاملاً كي نخرج من ديكتاتوريّتهم وعنفهم المتغطي بشعارات وغايات وقيم دينية ستكون أشد وأخطر وأمضى حداً من “ديكتاتورية العلمانيين!!!”.. نعم تأخرت السلطة السياسية في سوريا بإجراءات وخطوات الإصلاح المطلوب شعبياً بإلحاح، وزاد حجم الفساد في البلد، وهيمن الحزب الواحد على كل شيء (مع أنه ظهرت هناك محاولات جدية للانتهاء من حكم الحزب الواحد خاصة مع وضع الحزب في إطار الإشراف والتوجيه ولاحقا بإلغاء المادة الثامنة).. ولكن مع كل ذلك، كانت هناك إمكانية عملية واضحة، للمضي بالحلول السياسية السلمية.. كان يمكن سلوكها وطرق بابها حتى مع وجود تأخر زمني طال أم قصر..
فالبلد كان آمناً ومستقراً حتى بالمعنى السلبي للكلمة (بمعنى: أنه حتى لو لم يكن يوجد نمو حقيقي كبير، لكن كان هناك استقرار وهدوء ومناخ للعمل والشغل).. وسوريا كانت تحقق أرقاماً مقبولة في معدلات النمو الاقتصادي.. لهذا أيهما كان أفضل وأحسن وأنجع بالنسبة للفرد السوري أو حتى للمنطقة عموماً: السير والقيام بإصلاحات وتغييرات سياسية وغير سياسية طويلة الزمن نسبياً ولكن مضمونة مع متابعة حثيثة ودؤوبة من الشارع السلمي الضاغط (سلمياً وليس عسكرياً) على النظام الحاكم.. أم ما نراه ونشاهده أمامنا الآن من نتائج مدمرة، وكوارث سياسية واقتصادية ومجتمعية هائلة اجتاحت بلدنا أفقياً وعمودياً، بعد طول عناد ونتيجة تعنت وتأخر من النظام في إحداث التغيير، ونتيجة تدخل الآخرين على أرضنا، وتحولها إلى ساحة مستباحة.. وقد تقيم فيه لعقود طويلة قبل أن يحاول الخروج من آثارها المدمرة مادياً فقط.. فضلاً عن الكوارث الروحية والمعنوية الأخرى..
لهذا باعتقادي: التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن الوطن وكرامته، وتحقق سيادته، وتمنع تقسيمه، وتضمن بدء عملية سياسية مدنية ديمقراطية حقيقية يشارك فيها الجميع.. هي بداية الأمل والحل للخروج من النفق الطويل الذي بتنا نعيشه.. وبالطبع كلنا نريد ونأمل ونسعى لبناء سوريا المدنية المتطورة والناهضة والقوية والمنيعة سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً.. وكلنا نريد أن تكون الحرية والديمقراطية الحقيقية قاعدة هذه الدولة وأساسها وجوهرها.. حتى على مستوى الدين.. حيث أن الحرية أساس وجوهر أي معتقد ديني أم سياسي يؤنسن فيه البشر.. فلا مسؤولية بلا حرية… والحرية الدينية ترتكز على نصوص ومقولات وآيات:
“لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”..
“ولا يزالون مختلفين”..

“أفأنت تكره الناس على أن يكونوا مؤمنين..”..

“ولو شاء ربك لجعلهم أمة واحدة”..
“كل نفس بما كسبت رهينة”..
“فمن شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر”..
“من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها”.. الخ”…
والحرية السياسية أساسها القدرة القانونية العملية الحقيقية على تحقق المحاسبة والمساءلة وصنع القرار ونقد الحاكم والحكم.. وتوفير ضمانات دستورية للتداول السلمي للسلطة.. هذا أمل الجميع..

طبعاً كل ما تقدم يبقى أمنيات يجب السعي لتحقيقها جدياً، خاصةً بعد ضياع فرص حقيقية للتطور السلمي في سوريا، حيث أن سنتين كاملتين مرتا منذ آذار 2011 من عمر سوريا المعاصرة، أعادتا هذا البلد عقوداً إلى الوراء على مستوى التنمية والاقتصاد والبنى التحتية، وعلى مستوى واقع العلاقات الاجتماعية التعايشية بين مختلف مكونات المجتمع السوري الزاخر بالتنوع الاثني والحضاري التاريخي والثقافي..

والمشكلة التي كان يخافها الجميع بعد تفجر أوضاع سوريا السياسية والاجتماعية ليس فقط محاولة تعقيم وقتل بذور التعايش الحضاري والسلام الاجتماعي السوري الداخلي بين المكونات السورية التاريخية والثقافية المعروفة، أو محاولات تهشيم بنية الدولة، وإنما أيضاً استطالة تلك الأزمة مكانياً وزمانياً، وتصاعد تراكماتها الذاتية الهائلة، وامتناعها عن الحلول السياسية السلمية حتى اللحظة، بما يهدد الوجود والكينونة ذاتها، باعتبارها (أي الكينونة العضوية والروحية) هي الأصل الذي بني عليه تعايشنا وتفاعلنا وتسالمنا الاجتماعي الداخلي في بلد يحتوي على كنز حضاري مؤلف من حوالي 17 طائفة واثنية دينية وقوميات حضارية متنوعة ساهمت في بناء وتشكيل وتطوير مختلف مواقع هذا الوطن السوري العظيم.. حيث أنه لا أمن ولا سلام ولا تعايش إلا بوجود تربة “سياسية-اجتماعية” صالحة لبذر قيم الخير والمحبة والوئام والتسامح، ولا حقوق مصانة للجميع إلا بوجود صيغة سياسية تعددية توافقية تكفل لكل هذا التنوع الغني تحقيق طموحاته الفكرية والثقافية والسياسية السلمية مع المساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون الناظم لحركة الدولة والمجتمع.

وقد بتنا نشعر بأنه لن يكون هناك أي حل حقيقي ناضج ومثمر لجوهر هذه الأزمة المفصلية والوجودية السورية، إلا بحدوث تسوية دولية كبرى على مستوى المنطقة والإقليم كله، من خلال قيام القوى الدولية الكبرى بالضغط على طرفي الصراع للانتقال من طاولة ولغة الحوار، بهدف التفاهم الصلب والمتين على أساسيات الحل المقبل الذي يحفظ سوريا والسوريين، ويحمي سيادة ومنعة الوطن السوري.. ولكن الإنكار والرفض والعناد السياسي هو السائد والمهيمن حتى اللحظة.

ويبدو لي أن تعقد الحل السوري واستعصاء الأزمة على التحلل والتفكك، ومن ثم الوصول إلى طرق الحل الواضح والمضمون النتائج، ناجم أساساً عن دخول وتدخل لاعبين كثر بمصالح متضاربة ومتناقضة إلى عمق الساحة السياسية والجيوستراتيجية السورية، وتداخل تلك المصالح الخاصة بقوى إقليمية ودولية (لها أصابعها وقواها على الأرض)، حيث باتت تتقاطع وتتشابك امتيازاتها مفصلياً مع بقاء نيران هذه الأزمة مندلعة ومشتعلة الأوار، واستدامتها وامتناعها عن أية حلول.. خصوصاً مع دخول تنظيمات الإسلام السياسي الجهادية من قاعدة وغيرها على خط الأزمة السورية، وبدء مرحلة جديدة من الصراع الدموي العنيف في سوريا.. وهذا في واقع الحال لم يكن مفاجئاً لنا لأن عمل التيارات الجهادية السلفية التي تتبنى فكر القاعدة القائم على العنف كان ظاهراً منذ أكثر من عام ونصف في صلب الحدث الدموي السوري..

وبطبيعة الحال، وبعيداً عن لغة وسلوك بعض القوى هنا وهناك ومحاولاتها الحثيثة لاستثمار واستغلال إعلان تبني تنظيم القاعدة لجبهة النصرة الإرهابية أخيراً، لا يمكن للمجتمع السوري المتنوع بفسيفساء حضارية جميلة عمرها آلاف السنين، أن يقبل بفكر وسلوك هذين التنظيمين العنيفين المخالفين للحياة، ولروح الطبيعة الإنسانية الفطرية السوية.. وهذا المجتمع نفسه -(بطائفته الأكبر التي ينتمي إليها التنظيمين الجهاديين المذكورين) والذي رفض ويرفض أي نوع من أنواع الاستبداد والفساد السياسي- سيرفض ويواجه أيضاً كل محاولات زجه في لعبة “تديين” السياسة، وتسييس الدين، والعزف على وتر المقدسات الدينية الإسلامية، واستغلال هموم ومشاكل الناس لتحقيق مآرب سلطوية تحت غطاء المقدس الديني..

وهذا المجتمع السوري الحي والمتفتح لا ينقصه مزيداً من العنف والدم والقتل اليومي، فلا جبهات نصرة وغيرها، ولا تخرصات ظواهري أو زرقاوي أو جولاني.. وخلافه من أئمة القتل ورموز الاستبداد القاعدي السلفي الجدد القادمين من مجاهل التاريخ الملوث بثقافة الطغيان الديني، وسلوكيات “الملك العضوض” الدموية..  وهذا النوع من الفكر الديني المرتكز على فتاوى “تطهير عرقي ومذهبي” قديمة تستحضر في كل حين، أخطر من فكر وسلوك الاستبداد العلماني ذاته، لأنه يتغطى بنصوص مقدسة، ويتلطى وراء شعارات دينية تحظى باحترام وتقدير الناس، ولكنها تلهب فقط عقول الضعفاء والمساكين وقليلي المعرفة والوعي… ولهذا فسوريا لا تركب فيها إطلاقاً هذه الحالة النمطية الجامدة من العقلية الدينية المتخشبة.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها  أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي والوجودي.. والشعب السوري هو نفسه (بكل مكوناته)  يرفض هذا الاتجاه السياسي العنفي الدموي، وسيواجه –وهو يواجه حالياً- هذا الخيار الدموي الآخر المقابل لخيار بقاء كل أنواع الاستبداد السياسي، وبالتأكيد سيسقط أبناء “سوريا-المقاومة” هذا السلوك الماضوي العنفي الطائفي المقيت.. لتكون سوريا المستقبل، دولة حرة مدنية ديمقراطية تعددية، وليست دولة دينية أو طائفية.. دولة مقاومة وممانعة حقيقية، حاضنتها شعبية واسعة، وليست نخبوية ضيقة.

وفي ظني يجب أن يحاول ويسعى ويشتغل السوريون –قبل غيرهم باعتبارهم أم الصبي كما يقال- جاهدين لكي لا تأتي هذه التسوية السياسية الكبرى المنتظرة على أحر من الجمر من قبلهم، على حسابهم وحساب سوريا الحضارة والمستقبل والخير والسلام والجمال والحرية، سوريا السيادة والدور والمكانة، سوريا الاستقرار الوطني والمجتمعي الطبيعي، لتعود أجمل وأحلى مما كانت..

 

ولهذا ينبغي أن يعمل ما تبقى من مكونات المجتمع المدني والأهلي السوري ذي التوجه والأفكار والسلوكيات المعتدلة والوسطية (وهم بالمناسبة غالبية هذا الشعب العظيم المؤمن بقيامة سوريا المستقبل المضيء) لكي تكون التسوية المرتقبة على حساب تلك الفئات والجماعات والتنظيمات والشخصيات والرموز والهيئات المعروفة المتطرفة داخلاً وخارجاً.. فلا إرهاب ولا تطرف ولا استبداد ديني أو علماني، بل وسطية وحرية وعدالة ومساواة، ودولة قانون ومؤسسات.

من هنا نؤكد مجدداً على أن الصراع  السياسي والجيواستراتيجي على سوريا، وتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وتضارب الأجندات العربية والدولية، الجاري على حساب الدم السوري المسفوح على تراب هذا الوطن، لا يجب أن يطول، بل يجب وضع حد له، من خلال مشاركة السوريين أنفسهم بتقرير مستقبلهم دون غيرهم.. ومع اعترافنا –كما ذكرنا سابقاً- بوجود أخطاء كبيرة ارتكبها النظام في تأخره بعمليات الإصلاح والتغيير، ولاحقاً في طريقة وآلية معالجته لأزماته المتلاحقة، (كنتيجة طبيعية لترهل كثير من مفاصله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع أنه كان محققاً للاستقرار والأمن لسوريا والمنطقة عموماً)، ولكن كل ذلك لا يجب أن يجعلنا نغض النظر عن وجود تيارات وقوى أساسية في سوريا الآن تتحرك وتسعى بقوة، وتريد أخذ البلاد إلى مكان آخر بما سيؤدي حتماً إلى حدوث مزيد من التطور السلبي في مفاعيل هذه الأزمة، وسيراكم أكثر فأكثر من أعمال العنف ويزيد من تعقيد واشتعال المشكلة والأزمة الوجودية السورية.

وفي النهاية، لن نقدم جديداً عندما نعيد ونؤكد على أن تداول السلطة في سوريا سلمياً، يجب أن يتحقق في القريب العاجل عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع وليس عبر العنف والقهر والغصب والإكراه، بما يعني:

–                 أن يكون للقوى والتيارات السياسية والمجتمعية السورية السلمية، الحق ذاته في المساهمة والمشاركة في إدارة وحكم البلد..

–                 ويعني أن استعادة السلطة أو الاحتفاظ بها يأتي فقط عبر برامج سياسية واقتصادية مقنعة للناخبين، لا عبر تزوير انتخابات، أو تضليل للشعب، أو ممارسة القمع بأشكاله لإرعاب الخصوم السياسيين..

ولكن متى سيتحقق هذا المناخ أو الواقع العقلاني السلمي؟! هل بمزيد من الدماء والقتل الممارس، وإرجاع المجتمع السوري لعهود وأزمنة الماضي العتيق؟..

أين العقل من ذلك كله؟ لا عقل أبداً؟

*كاتب سوري

منبر الحرية، 07 يونيو/حزيران 2013

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018