إن حرية التعبير هي جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطي، هذا إذا سلمنا مع جون لوك أن العقد الاجتماعي المبرم بين الأفراد هو عقد اجتماعي وليس عقدا حكوميا وبالتالي فالجميع يخضع فيه للقانون حاكما كان أو ومحكوما، وليست هناك أي سيادة للحكومة ولكن السيادة للشعب يمارسها في إطار الحرية المقيدة بالقانون، وفي حال طغيان الحكومة أو عدم التزامها بواجبها يبقى للمواطنين الحق في مقاومة الطغيان والتعبير عن ذلك بكل الطرق والوسائل.
وتعد مواقع التواصل الاجتماعي أحد طرق التعبير الحديثة والتي كان ولا زال لها تأثير لا يستهان به في أحداث الثورات والتحولات الإستراتيجية الأخيرة التي شهدها العالم العربي، وفي الوقت الذي وجدت فيه الشعوب العربية وخاصة فئة الشباب من هذه المواقع المتنفس الوحيد للتعبير عن مواقفها وأرائها بكل حرية، واجهت في الوقت نفسه حملة شرسة من الأنظمة القمعية التي لم تتوان عن متابعة واضطهاد الآراء والأفكار.
ويعد رائف بدوي المحامي والمدون الشاب السعودي الحالم بمجتمع ديمقراطي ومنفتح احد ضحايا المتابعة القضائية بسبب مواقفه على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة بعد تأسيسه لموقع “الليبراليون السعوديون” وهو الموقع الذي طرح من خلاله العديد من القضايا التي اتهم بسببها على أنها تمس بالنظام العام.
وكان من بين ابرز المواضيع التي طرحت للنقاش بالموقع اعتراضه على ممارسات الشرطة الدينية أو ما يعرف ب ” هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وأيضا إشارته إلى خطر الإرهاب والأفكار المتطرفة التي أصبحت تسيطر على توجه بعض الجامعات السعودية مما قد يجعلها وكرا محتملا للإرهابيين، هذا بالإضافة إلى حديثه عن عيد الحب بعد أن أصدرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحذيرات قبل عيد الحب من الاحتفال به معلنة عن إنزال العقوبات في حق كل المحلات التي ستبيع “المحرمات” التي يحتفل من خلالها بهذا العيد كالورود الحمراء والدباديب، الأمر الذي جعل رائف بدوي يدون بجملة “هنيئاً لكل شعوب الأرض بعيد الحب، وهنيئاً لنا نحن بهيئة الأمر بالمعروف معلمتنا الفضيلة والحريصة دائماً على أن يكون جميع أفراد الشعب السعودي من أهل الجنة”، وهي من بين التهم التي وضعت على لائحة الاتهامات التي حوكم على ضوئها المدون الشاب.
اعتقل رائف بدوي يوم 17 يونيو/ حزيران 2012 بعد إعلان شبكة الليبراليون السعوديون نيتهم في جعل يوم 7 ماي/أيار يوم الليبرالية في السعودية، وعقد مؤتمر في هذا الإطار، وهو المؤتمر الذي تم إلغائه فيما بعد ب”نصيحة” من قبل السلطات.
وحسب مركز الخليج لحقوق الإنسان فقد حكمت المحكمة الجزائية بجدة بتاريخ 29 يوليو/تموز 2013، على رائف بدوي بالسجن لمدة 7 سنوات و 3 أشهر بالإضافة إلى 600 جلدة وغلق الموقع الالكتروني ” الشبكة الليبرالية السعودية” بعد إدانته بالتهم التالية:
1. ثبوت حد الردة ولكن بنطقه الشهادة أن لا اله إلا الله، تم استبدال عقوبة الموت بالعقوبات المبينة أعلاه.
2. إنشاء موقع الكتروني يحمل اسم “الليبرالية”.
وبسقوط حد الردة عن رائف بدوي تبقى التهمة الموجهة له هي الليبرالية، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة إهانة في حق كل ليبراليي العالم وفي حق الليبرالية كفكر وكحركة وعي اجتماعي وسياسي ينادي بإعلاء قيمة الحرية والديمقراطية والعيش المشترك في ظل احترام الآخر .
وعلى هذا الأساس تدين كل الحركات الليبرالية والجهات الحقوقية قرار سجن المدون رائف بدوي، كما يدين مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكم على رائف بدوي، حيث أن إدانته تستند فقط على عمله المشروع و السلمي في الدفاع عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في السعودية على:
1. الإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن مدافع حقوق الإنسان رائف بدوي؛
2. ضمان السلامة الجسدية والنفسية وأمن رائف بدوي؛
3. ضمان و في كل الظروف أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية قادرون على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من العقاب، وفي حرية من كل تقييد بما في ذلك المضايقة القضائية.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة السعودية بإبداء الاهتمام الخاص بالحقوق والحريات الأساسية المكفولة في إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دولياً ولا سيما المادة 6، الفقرة ج والتي تنص على انه:
لكل شخص الحق ، بمفرده وبالاشتراك مع الآخرين:
ج) دراسة ومناقشة وتكوين واعتناق اﻵراء بشأن مراعاة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مجال القانون وفي التطبيق على السواء، وتوجيه انتباه الجمهور إلى هذه الأمور بهذه الوسائل وبغيرها من الوسائل المناسبة.
والفقرة 2 من المادة 12 التي تنص على:
تتخذ الدولة جميع التدابير اللازمة التي تكفل لكل شخص حماية السلطات المختصة له، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، من أي عنف، أو تهديد، أو انتقام، أو تمييز ضار فعلا أو قانونا، أو ضغط، أو أي إجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته أو ممارستها المشروعة للحقوق المشار إليها في هذا الإعلان.
يرجى الكتابة فوراً بالإنكليزية أو بالعربية:
للإعراب عن بواعث قلقكم الشديد حول سجن المدافع عن حقوق الإنسان رائف بدوي والمطالبة بإطلاق سراحه فوراً؛ 1.
لحث السلطات في المملكة العربية السعودية للتوقف فوراً عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. .2
يرجى بعث مناشداتكم الآن إلى:
جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
مكتب جلالة الملك
الديوان الملكي، الرياض
المملكة العربية السعودية
الفاكس: +966 1 403 3125
سمو ولي العهد، ووزير الدفاع والطيران
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود
وزارة الدفاع والطيران، طريق المطار
الرياض 11165
المملكة العربية السعودية
الفاكس:
+966 1 401 1336
*باحثة في العلوم السياسية من المغرب
منبر الحرية، 08 غشت/أغسطس 2013