عندما تطل مراحل التغيير الكبرى حاملة التحولات على مجتمعات من الصعب أن تصمد أنظمتها، يتحول ذلك، في جانب منه، إلى صراع حول التأقلم مع التغيير. بل يدخل المجتمع في فترات من التدمير الجزئي أو الشامل تعبيراً عن التغيرات والغضب المصاحب لها.... .
عندما تطل مراحل التغيير الكبرى حاملة التحولات على مجتمعات من الصعب أن تصمد أنظمتها، يتحول ذلك، في جانب منه، إلى صراع حول التأقلم مع التغيير. بل يدخل المجتمع في فترات من التدمير الجزئي أو الشامل تعبيراً عن التغيرات والغضب المصاحب لها.... .
تتشكل الأوضاع العربية من حولنا في ظل صراع يزداد حدة بين قوى محلية وإقليمية وذلك كمحاولة لتثبيت مواقع الفرقاء قبل بروز تشكيل جديد للمنطقة العربية. لكن صراع اليوم ينطلق بصورة أكبر من قناعة عند معظم الأطراف بإمكان إضعاف وإن أمكن إلغاء الطرف الآخر من المعادلة من أجل فرض شروط التسوية......
يزداد وضع منطقتنا تعقيداً، بسبب حروب جماعية تدمّر البنى التحتية لأوطان بكاملها. فمنذ ثورات الربيع العربي وما لحقها من ثورة مضادة، انكشفت هشاشة الوضع العربي. وقد مثّلت عاصفة الحزم نقطة تحوّل في التعامل مع جانب من الحروب الدائرة في المنطقة..... .
حولت الدولة العربية تدخلها الثقافي وآلية عقوباتها إلى أداة لمصادرة حقوق النشطاء السياسيين، ولكن أيضاً لمصادرة المخالفين واعتقالهم بتهم مختلفة، كإثارة الفتنة والانحراف والإلحاد والتطرف والانتماء إلى جماعات دينية غير مرخصة رسمياً، وتهديد الأمن القومي.....
في عام 2015 لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، والنظام العربي لن ينتصر من خلال تمسكه بما مضى ورحل. إن الانتصار الوحيد الممكن للنظام العربي مرتبط بمدى نجاحه في تبني حلم الشعوب العربية المرتبط بالمستقبل وبالحريات والديمقراطية والشفافية والتنمية والنزاهة والعلاقة المتكافئة بين الدولة والمجتمع.... .
كانت ثورات الربيع الديمقراطي بالنسبة للأنظمة الاستبدادية العربية العريقة بمثابة كابوس رهيب، لم تعرف خلاله أعين المخابرات العربية الراحة أو النوم ولو لدقيقة، فالوقت ثمين هنا والقرارات والمخططات تطبخ في رمش الأعين. من كان يظن أن هذه الأنظمة العسكرية القوية ستنهار أمام الحشود السلمية بتلك الطريقة التي شهدناها بها؟.... .
إن الاستقرار العربي لن يعود إلينا في زمن قريب، وأن المستقبل يحمل في طياته صراعاً طويلاً حول صيغ جديدة للعدالة والحقوق. من الصعب أن نستهين بما وقع في سورية والعراق خاصة عندما قام تنظيم «داعش» بتحدي «سايكس بيكو» وكسر الحدود. التفاصيل)...
أكد باحثون عرب ومغاربة خلال“دورة أكاديمية ابن رشد للحرية والديمقراطية“المنعقدة بضاية الرومي نواحي الرباط أن الحريات السياسية والاقتصادية والإعلامية ضرورة لا مفر منها من أجل بناء مجتمعات على أرضية مؤسساتية سليمة. الدورة التي ينظمها المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، انطلقت السبت الماضي وتمتد إلى 19من ديسمبر/كانون الأول الجاري وتعرف مشاركة عدد من الفعاليات القيادية العربية، ويؤطرها أكاديميون وباحثون وخبراء عرب ومغاربة في سياق سلسلة من الدورات التكوينية التي يعتزم المركز تنظيمها لفائدة فعاليات مدنية وسياسية عربية.
وفي سياق إشكالية العلاقة بين الحرية الاقتصادية والسياسية، لاحظ عثمان كاير، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجود مفارقة واضحة بين مستويات الحرية والديمقراطية بالعالم العربي.وقال كاير أن بعض الدول العربية التي يمكن وصفها بغير الديمقراطية، تحتل مواقع متقدمة في سلم الحريات الاقتصادية، في حين أن دول متقدمة في سلم الديمقراطية والحكامة تظل متأخرة في سلم الحريات الاقتصادية. وبخصوص تداعيات هذه المفارقة، اعتبر كاير أن تحقيق شكل من الحرية الاقتصادية بمعزل عن الديمقراطية أسس لمجتمع استهلاكي دون وعي بالحرية في شموليتها. ومن جهة ثانية يساهم انحسار تأثير التحولات السياسية والديمقراطية على منسوب الحرية الاقتصادية بسبب ثقل البيروقراطية وسطوة الإدارة، وتجاوزها أحيانا للسلطة الديمقراطية الناشئة.
ومن جهة أخرى توقفت الباحثة التونسية آمال قرامي عند تحليل جندري لأسباب الاختلافات والتمايزات بين الرجل والمرأة حيث دعت إلى ضرورة دسترة حقوق النساء و المطالبة من خلال حملات المناصرة والضغط بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي بالدستور باعتبارها ضمانة لتفعيل النصوص الدستورية ووضع آليات ناجعة لتحديد التأويلات غير المرغوب فيها تلك التي تعتمد تبعية النساءوفقا لمرجعية تقليدية لا تؤمن بالمساواة بين الرجال والنساء والتي تستعمل الفتاوى وعدد من النصوص الدينية لإبقاء النساء في مرتبة دونية .كما دعت إلى تجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الدستور و الشريعات المناسبة الأخرى، وضمان التطبيق العملي لهذا المبدأ من خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى بالإضافة إلى ضرورة تحقيق مبدأ التناصف في المجالس المنتخبة.
وبخصوص الشق الإعلامي، توقف الباحث عزيز مشواط عند الأسس الفلسفية لحرية الإعلام حيث ضرورة استحضارمختبرين أساسيين عند تناول الموضوع ، الأول مرتبط بالمختبر السياسي والصراع الذي خاضته البشرية للتخلص من الحكم الشمولي والاستبدادي، والمختبر الثاني يتعلق باجتهادات المفكرين والفلاسفة انطلاقا من عصر الأنوار وإرادة تجسيد مركزية الإنسان وتمجيده والبحث عن عقد اجتماعي يستمد شرعيته من داخل المجتمع وليس من أي سلطة أخرى خارجية. وبخصوص علاقة حرية وسائل الإعلام بالتحول الديمقراطي، استعرض مشواط ثلاث اتجاهات نظرية الأول يقر بهذه العلاقة الإيجابية، في حين يرى الاتجاه الثاني أن التأثير الإيجابي لوسائل الإعلام لا يتم إلا ضمن الديمقراطيات القائمة،أما الاتجاه الثالث فيقر بضرورة الحذر، خاصة يقول الباحث وأن وسائل الإعلام قد تكرس الحكم الديمقراطي كما قد تكرس الحكم الشمولي. لذلك، يضيف ذات المتحدث، لا بد أن تستند وسائل الإعلام إلى حركية وديناميكية المجتمع المدني الذي يمكن أن يشكل حاميا لها عندما تتهدها فرص عودة النظام الشمولي إلى احتكار وسائل الإعلام.
خلص المشاركون في المؤتمر الدولي حول “الجهوية ورهانات الديمقراطية المحلية بالمغرب” المنتهية أشغاله أمس الأحد بمراكش إلى أن مبدأ التفريع واللاتركيز الذي تبنته التجارب الجهوية الإنسانية يمكن أن يحل مشكلة تدبير الاختلاف بمختلف مستوياته كما أبرزوا أن الجهوية بمختلف تطبيقاتها يجب أن تهدف إلى ضمان الحريات الفردية المشجعة على الازدهار والتماسك الاجتماعي. المؤتمر الذي نظمه منبر الحرية بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل ما بيم 28 و30 من نونبر الجاري عرف مشاركة عدد من الباحثين والخبراء المغاربة والأجانب.
برامولي يحذر من تناقضات الجهوية الفرنسية
وفي سياق استعراض التجربة المتناقضة لنموذج الحهوية الفرنسية اكد الفيلسوف الاقتصادي جيرار برامولي على ضرورة الاستفادة من أخطاء النموذج الجهوي الفرنسي حيث اعتبر ان التقطيع الجهوي يجب ان يستجيب للتطلعات الثافية العامة لا أن ينحص في بعده الاقتصادي والجبائي فحسب. وتبعا لذلك يقول برامولي، فإن التقطيع الجهوي الراهن بفرنسا يلزمه إعادة النظر في التقسيم الجهوي عبر استحضار نموذج الحقبة الملكية التي تجاهلها صناع القرار في فرنسا. وأضاف برامولي أن مبدأ اللاتركيز قد يعيد للجهات الفعالية المفقودة التي كانت تتمتع بها في الماضي وهو ما يجب ان ينتبه له صناع القرار في المغرب لأن “الوقوف على تناقضات النموذج الفرنسي قد يساهم في تفادي تكرار أخطائه بحكم تاثر نموذج التقطيع الترابي المغربي بالتجربة الفرنسية”
كالينا: التجربة الالمانية نموذج غير مكتمل
وفي السياق ذاته، اعتبر الباحث الالماني أندرياس كالينا أن النموذج الفدرالي الألماني يقوي التماسك الاجتماعي والسياسي في زمن العولمة والتحديات المجتمعية. لكنه أضاف “أنه الضروري تطوير هذا الإطار من اجل دعم الشرعية وعملية الدمقرطة. وحول إيجابيات النموذج قال كالينا أنه بالنظر إلى بنيته الثلاثية يستطيع النظام الفدرالي أن يردم الهوة بين صناع القرار و المواطنين كما يمكن في المستويات الدنيا من توفير فضاءات التاسيس لأدوات إضافية لممارسة الديمقراطية. كما اعتبر النظام الفدرالي بنية مناسبة للتعاطي مع التنوع الاجتماعي والسوسيواقتصادي والإثني والديني في بلد متفاوت الانتماءات. وللاختيار الفدرالي لأهمية بالغة للدولة ذاتها حيث يمكنها من الاستقرار والاستمرارية . لكن ذلك لا يمنع من ضرورة الالتفات إلى إلى التحديات والسلبيات التي تعترض هذا النموذج باعتباره تجربة غير مكتملة يمكن استحضارها لا أقل ولا أكثر.
بيسار: الجهوية رلفعة للحرية والتماسك
ومن جهته توقف الباحث بيير بيسار،مدير مركز الأبحاث الاقتصادية بسوسيرا عند التجربة السويسرية فرغم صغر البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الثمانية ملايين نسمة فإن عددالمحافظات يصل إلى 26 الفدرالية و2300 بلدية. ويشكل مبدا التكافؤ بين المكونات على مستوى القرار مبدأ أساسيا في التجربة السويسرية وهو ما يمثل مصدرا للفعالية والسلوك الاقتصادي المعقلن والتجديد في السياسات. كما يشكل أيضا رافعة الحريات الفردية المشجعة للازدهار اوالتناسق الاجتماعي.
الخبراء المغاربة : الحرية والنجاعة أساس الجهوية الناجحة
الباحثون المغاربة من جهتهم أكدوا على ضرورة تجاوز الاختلالات التي عرفتها التجربة الجهوية في المغرب، حيث أكد محمد الغالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش على ضرورة بناء الجهوية اعتمادا على الديمقراطية التشاركية خاصة وأن المشرع الدستوري المغربي اعتبرها خيارا استراتيجيا في توجيه الفعل العمومي من أجل استثمار فرص العرض/الطلب، والتحكم في مخاطره.
وفي سياق متصل أبرز عبد الواحد العمراني، الأستاذ الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس أهمية التضامن الترابي بين الجهات في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. أما أستاذ التاريخ محمد حاتمي فقد عاد إلى الجذور التاريخية لخيار الجهوية حيث رصد المظاهر الكبرى للجهوية قبل تكوين الدولة العصرية، وكيف يمكن للدولة ذات التوجه الجهوي المؤسساتي أن تستمد بعض مقوماتها من التاريخ المغربي. وعلاقة بالموضوع ذاته تناول الحسين اعبوشي،أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض مراكش تطور العلاقة بين الدولة والجماعات المحلية و بالجهات. أما إدريس لكريني- أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بمراكش فقد اعتبر أن الجهوية من أبرز السمات التي تميز الأنظمة السياسية والإدارية الديمقراطية المعاصرة؛ وهي وسيلة مثلى لإشراك الساكنة في تدبير شؤونهم من خلال مؤسسات محلية تحظى بصلاحيات وإمكانيات مادية دون المس بسيادة الدولة ووحدتها.
وفي محاولة لربط السياسات العمومية الترابية بمبادئ النجاعة والمسؤولية توقف عثمان كاير، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني عند ضرورة مقاربة السياسات الترابية على ضوء ثلاث مرتكزات أساسية: المسؤولية في تدبير السياسات العمومية المحلية، آليات المسائلة والمراقبة، وفرص وإمكانيات تحقيق النجاعة المطلوبة بترابط وتلازم بالسياسات العمومية الوطنية. وفي السياق ذاته دعا عبد الكريم بوخنوش، أستاذ القانون الإداري في كلية الحقوق بمراكش إلى ضرورة تقـويـة ركائـز عـدم التركيز الاداري على مستـوى الجهـة و الـذي سيسمح باعطاء هـذه الاخيـرة و سائل العمل الضـروري مـن خـلال اقـامـة شبكة من المصالح غير الممركزة تكون مخاطبا فعليا لممثلي الجهة بما سيساهم في تقوية و تسريع القرار على مستوى الجهــــة وعلاقة بالموضوع ذاته سلط صالح النشاط، أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية الضوء على الأهمية العلمية والاقتصادية والاجتماعية لمبدأ التوازن الاقتصادي، وتقدير مدى حاجة هذا الموضوع إلى بعض المداخل البحثية كمدخل سوسيولوجية المال العام، لتضييق الهوة بين وظيفة الميزانية والتنمية المجتمعية.
ما بدأ مع ثورات الربيع العربي فتح طريقاً في منطقتنا لا عودة عنه، فبلادنا العربية هي آخر واحات اللاديموقراطية المقرونة بغياب التنمية وتنوع الفساد في العالم وهي اليوم في عين واحدة من أعتى عواصف التغير والانتقال في الكوكب..... .