الأزمات الاقتصادية

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

كما يعرف كل إنسان، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً دراماتيكياً في السنوات القليلة الماضية. وقد ساهم ارتفاع أسعار الأرز مساهمة كبيرة في ارتفاع الأسعار، حيث بلغ ضعف ما كان عليه منذ بداية العام. ومع إدراكنا لذلك، فإن الأسواق المستقبلية للأرز والتي ندرك بأنها متشعبة وهشّة تدل على أنه لا يوجد في الأفق نقص حاد في كميات الأرز المتاحة.
وبالنظر إلى الاضطرابات التي أحدثتها أزمة الغذاء، وزيادة حجم التغطية الإعلامية حول نقص كميّات الأرز والذعر السياسي الذي نشأ بسبب سياسات الأرز—فإن هذه الأخبار من أسواق الأرز المستقبلية تبدو مغايرة للأحداث.
إن اقتصاديات أسواق السلع تقدم لنا مفتاحاً لحل هذا اللغز. إن الكلفة الصافية لملء المستودعات تساوي نسبة الفائدة يُضاف إلى ذلك تكلفة التخزين الفعلية ناقص “المحصول الملائم.”
المحصول الملائم يدفعه الطلب التحوطي للتخزين. عندما يكون المحصول التحوطي صفراً يكون السوق في حالة “تحميل كامل،” وفي هذه الحالة فإن الأسعار المستقبلية تتجاوز الأسعار الآنية، وتكون المستودعات مليئة بتلك السلع.
وعلى الخلاف من ذلك، عندما يكون الطلب التحوّطي لسلعة ما عالياً تكون الأسعار الآنية قوية وتتجاوز الأسعار المستقبلية، وتكون المستودعات في مثل تلك الحالة منخفضة بأكثر من المعتاد.
في معظم البلدان، فإن إنتاج الأرز والتجارة به يخضعان إلى مجموعة كبيرة من القوانين والأنظمة. الدعم الذي يُقدّم إلى مُنتجي الأرز وإلى مستهلكيه هو دعم واسع. والتعرفة على الاستيراد والتصدير شائعة مثلما هي شائعة الكوتات الخاصة بالاستيراد والتصدير.
كثير من تلك السياسات تتأتى عن منطق تأمين الطعام، والرغبة في الاحتفاظ بجزء كبير من إنتاج الأرز في الوطن. ونتيجة لذلك، فإن أسواق الأرز مُجزأة وتوجد فيها فروق واسعة في الأسعار (مكيّفة في ضوء النوعية ونفقات النقل) بين البلدان.
ليس غريباً إذاً أن نجد بأن جزءاً صغيراً نسبياً—فقط 6-7%—من الإنتاج العالمي للأرز هو ما يتم تصديره.
وحتى نفهم الاختلالات، وعدم الكفاءة والأعباء الاقتصادية والمالية الناتجة عن تدخل الحكومة في إنتاج الأرز في إندونيسيا والتجارة به، كل ما علينا فعله هو قراءة العدد الحالي من “نشرة دراسات إندونيسيا الاقتصادية” التي خرجت لتوها من المطابع. هذا العدد الخاص من النشرة مكرّس لسياسات الأرز الإندونيسية، وبعض من النتائج في هذا العدد يعطينا فكرة عن الموضوع:

  • تُنفّذ الحكومة سياسات من شأنها رفع أسعار الأرز المحلي في إندونيسيا من أجل حماية المزارعين وتخفيض نسب الفقر. هنالك مشكلة منبثقة عن سياسة الحكومة هذه: ألا وهي أن النتائج الميدانية تفشل في دعم تلك النظرية. وفي الحقيقة، وكما جاء في النشرة، فإن أسعار الأرز العالية تضر الغالبية العظمى من الإندونيسيين—ربما 80% منهم.
  • تحليل مفصّل للمعلومات الخاصة بإنتاج واستهلاك الأرز يدل على أن التقديرات المتعلقة بالفوائض والعجز هي تقديرات لا يُعتمد عليها. وفي الحقيقة فإنها من عدم الدقّة بحيث لا يمكن تقرير ما إذا كان هنالك فائض أم عجز. هذا أمر مثير لأن تقديرات الفوائض والعجز هي تماماً الأسس التي تعتمد عليها الحكومة في تقرير حجم الاستيراد الرسمي. وبإيجاز، فإن عدم مصداقية البيانات الخاصّة في الإنتاج والاستهلاك هي بكل بساطة تجعل استراتيجيات التخزين المرحلية، وغيرها من الخيارات والتي يقترحها الداعون إلى التخطيط المركزي، أمراً غير ذي جدوى.
  • وإذا كان كل ما تقدم ليس مثيراً للقلق بشكل كافٍ، فإن “نشرة دراسات إندونيسيا الاقتصادية” تقدم لنا من الدلائل ما يُظهر بأن تعاظم دور الديمقراطية البرلمانية في إندونيسيا قد زاد من القوة السياسية للمزارعين والمصنعين الزراعيين. هذه الحقيقة، جنباً إلى جنب مع اعتناق البرلمانيين للحمائية التجارية، قد أعطت قوّة للذين يؤيدون حماية صناعة الأرز.

والآن، وحيث أن الحكومات في البلدان المستهلكة للأرز قد قرعت جرس الإنذار، فإننا نشاهد تدافعاً لتقديم إجراءات أكثر تدخلاً وحلول ثبت فشلها من قبل مؤيدي التخطيط المركزي، ومزيد من الصفقات التجارية التي يتم التعاقد عليها بين الحكومات.
هذا يعني محاولة معالجة المشاكل التي سببتها الاختلالات الضخمة التي أوجدها تدخل الحكومة في أسواق تجارة الأرز عن طريق إدخال مزيد من الاختلالات. وإن من شأن ذلك دون شك تعظيم المشاكل الناشئة حالياً عن أزمة الأرز.
إن قوانين وأنظمة الأرز تسير الآن في الاتجاه الخاطئ. إنها تُعيدنا إلى قوانين الذرة البريطانية. كانت تلك القوانين قائمة على أساس تحكم حكومي شبه كامل في الزراعة البريطانية في مطلع القرن التاسع عشر.
لحسن الحظ، أن ذلك الكابوس قد أُزيل في عام 1846. لقد تم إلغاء تلك القوانين بفضل جهود ريتشارد كوبدين، وجون برايت، والرابطة المناوئة لقوانين الذرة. وقد أدى ذلك إلى تنمية التجارة الحرّة واستيراد الغذاء بأسعار منخفضة وإلى ارتفاع كبير في مستويات معيشة البريطانيين.
ما يحتاجه الأرز اليوم ليس مزيداً من التدخل الحكومي ولكن صيغة حديثة لما قامت به الرابطة المناوئة لقوانين الذرة.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 20 حزيران 2008.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

يخطط السيناتور باراك اوباما والسيناتورة هيلاري كلينتون للقيام بتثبيت “أزمة الرهن  العقاري” بطرق ستعمل على تفاقم الأمور ليصبح الوضع اكثر سوءا إلى درجة كبيرة.

ادعى اوباما بان قانونه المسمى بـ”قانون إيقاف الاحتيال” سوف يعمل على إيقاف “سماسرة الرهن الذين يقومون بخداع مقترضين من ذوي الدخل المتدني لقبول قروض ليس بإمكانهم تحملها.” ويقدم ذلك القانون، على وجه الدقة، وعدا بان يتم “إيقاف الصفقات التي تتم بغرض ترويج الاحتيال والمخاطرة.”

يرغب اوباما في مليارات لا تحصى ولا تعد لإنشاء “صندوق لمساعدة الأفراد في إعادة تمويل رهوناتهم ولتقديم مساعدات شاملة إلى أصحاب المنازل البريئين… وسيتم الدفع إلى الصندوق، بشكل جزئي، من قبل غرامات متزايدة يتم فرضها على المقرضين الذين يتصرفون بلا مسؤولية.” وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اقترحت كلينتون بان يتم إنشاء صندوق مماثل من أموال سرية، بدأ بمبلغ 5 مليارات دولار إلا انه سرعان ما ارتفع إلى 30 مليار دولار. ومن المؤكد أن يقوم هذا النهج بمناشدة السياسيين والبيروقراطيون، الذين سيكون لديهم تسلية عظيمة عند القيام بتحديد من هم أصحاب المنازل أو المدن التي ستحصل على المساعدة المالية!

يعترف اوباما بان “هناك بعض المقترضين قاموا أيضا بالكذب للحصول على الرهونات أو للمشاركة في مضاربات غير مسؤولة”. فالمشكلة تكمن في انه ليس بمقدور أي فرد أن يميز بشكل سهل الكذابين والمضاربين من أصحاب المنازل “البريئين”.

كما يقوم اوباما أيضا بدعم قانون ينص على ترك قضاة الإفلاس ليقوموا بإعادة كتابة اتفاقيات الرهن وفق أهوائهم. وفي حال تمرير هذا القانون، فان من المتوقع أن يحدث ذعرا جماعيا نحو محاكم الإفلاس وذلك للاستفادة من هذه الفرصة.

فما الخلل الرئيس في كل ذلك؟ إن أي شيء يعمل على زيادة مخاطرة خسائر القروض سوف يزيد بشكل حتمي معدلات الفوائد. ولهذا السبب تقوم السندات الرديئة بدفع معدلات فوائد مرتفعة أعلى من سندات الخزينة طويلة الأجل. فلو تركنا الرهونات كي يعاد كتابتها من قبل أهواء القضاة، فإننا بذلك سنقوم بتحويل الرهونات إلى سندات رديئة، وبهذا سوف نعمل على زيادة معدلات فوائد الرهونات بشكل كبير.

أما هيلاري كلينتون فلديها نهجا اكبر يعتبر اشد قسوة. فهي ترغب أن يكون هناك تأجيل قانوني لسداد الدين بمدة 90 يوما بالنسبة لحجوزات الرهن العقاري. وبعد أن يتم إعطاء مستفيدين يتم انتقاؤهم مدة ثلاثة اشهر إضافية للعيش بأجرة مجانية، سيقوم هذا الإجراء بإسقاط تراكم هائل من طلبات لم يتم تنفيذها بعد لمنازل تم حبس رهنها في السوق في الحال، مع حدوث صخب مؤذٍ وخطير.

كما ترغب أيضا في إملاء “تجميد أتوماتيكي” على معدلات الفوائد التي يتم فرضها على الرهن العقاري ذي معدلات الفائدة القابلة للتعديل، بحيث يتم الإبقاء على معدلات فوائد لتكون دون المعدلات التعريفية في السوق وذلك لمدة “5 سنوات على الأقل، أو لغاية أن يتم تحويل الرهونات إلى قروض قابلة للتحمل.”

ومرة أخرى، هناك ما يقارب من نصف حجوزات الرهن قد تمت على رهونات انبثقت بفعل هبوط أسعار المنازل وليس بفعل معدلات الفوائد المرتفعة. وحتى بالنسبة للرهن العقاري ذي معدلات الفائدة القابلة للتعديل، فان معدل الفائدة سيعاد ضبطه بعد سنتين بالاستناد إلى سعر الليبور لمدة سنة واحدة. وقد هبط ذلك المعدل إلى نسبة 2.8 في المائة، الأمر الذي يعني بأن المدفوعات الشهرية المتصاعدة التي تتم على رهونات عقارية ذات معدلات فائدة قابلة للتعديل سوف تكون اقل من نسبة 10 في المائة، وليس بنسبة 30 في المائة التي تدعي بها. ويكمن الخطر الحقيقي في أسعار المنازل عندما تهبط دون حجم القرض، حيث يقوم الكثيرون عندئذ بالخلاص من الرهن بصرف النظر عن معدل الفائدة.

وفي حال قيام الكونغرس الأمريكي بالتصرف بشكل عشوائي تجاه تجميد معدلات فائدة الرهن كما ترغب كلينتون، فسوف يبدأ المقرضون بوقاية أنفسهم ضد المصادفة التي يتم بها قيام المشرعون بعمل الشيء ذاته مرة ثانية في يوم ما. ويعني ذلك انهم قد ينظرون إلى الرهونات باعتبارها استثمارات عالية المخاطر، وبناء عليه، سوف يجد المقترضون المستقبليون بأن الرهونات قد أصبحت شحيحة وغالية الثمن.

وقد فهم اوباما هذا الأمر. فهو يقول محذرا بأن “القيام بتجميد شامل مثلما تقترحه هيلاري سوف يدفع معدلات الفائدة نحو الذروة بالنسبة للأفراد الذين يحاولون الحصول على رهونات جديدة لشراء منازل أو لإعادة تمويلها.”

وهذا هو عين الصواب، إلا أن اقتراحه بترك القضاة يقومون بخفض معدلات الفائدة وحجم القروض سوف يدفع معدلات الفائدة إلى الذروة، ولنفس السبب تماما!

ويكمن قلق اوباما الرئيسي في أن مسألة الحصول على رهونات للمنازل بالنسبة للعائلات من ذوي الدخل المتدني كانت تجري بمنتهى السهولة إلى درجة كبيرة. وهو يخطط أن يضع حدا بحيث يتم إيقاف ذلك من خلال: تهديد المقرضين بدفع الغرامات وبالسجن؛ وبترك القضاة يقومون بتمزيق العقود وإعادة كتابة عقود جديدة.

ومما يدعو إلى السخرية أن أحد الأسباب التي وصلنا إليها ضمن هذه الأزمة الدائرة حاليا هو أن واشنطن قد أمضت عقود السنوات القليلة الماضية في انتقاد وتغريم المقرضين بسبب عدم قيامهم بإقراض أرباب المنازل من ذوي الدخل المتدني الذين لديهم سجلات ائتمان رديئة، وهي ممارسة سميت باسم “ريد لايننغ” (امتناع البنوك عن إقراض طبقة معينة من العملاء). أما في الوقت الحالي، فيخطط اوباما إلى معاقبة المقرضين عن طريق محاكم جنائية ومحاكم إفلاس، بشكل قد يؤدي إلى إعادة تلك الممارسة من جديد!

© معهد كيتو، منبر الحرية، 23 نيسان 2008.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

اختتمت البنوك المركزية العام بضخ سيولة ضخمة لتسيير عجلة الاقتصاد. ففي 18 كانون أول (ديسمبر) الماضي، ضخ البنك المركزي الأوروبي 502 بليون دولار (تساوي 130 في المئة من إجمالي الناتج المحلي السنوي لسويسرا)، في أسواق الائتمان. وأعلن مسؤولون في البنوك المركزية عن نيتهم مواصلة ضخ أموال “طالما تطلب الوضع ذلك”. بيد أن ضخ هذه السيولة الكبيرة تزامن مع أنباء مقلقة عن التضخم. فعلى أساس حساب سنوي، قفزت مؤشرات أسعار الاستهلاك والإنتاج في أمريكا لتشرين الثاني (نوفمبر) إلى 4.3 في المئة و7.2 في المئة، تباعاً. وحتى القياس المحبب لدى مجلس الاحتياط الفيدراليالأمريكي لقياس التضخم (مؤشر الأسعار الأساسية لنفقات الاستهلاك الشهري) ازداد 2.2 في المئة على امتداد السنة، فاخترق سقف التضخم البالغ 2 في المئة.

لكن تبين ان التضخم ليس ضمن نطاق السيطرة بعكس ما يؤكده بعضهم. فهبوط قيمة صرف الدولار أبرز منذ زمن طويل أن السياسة النقدية كانت رخوةً إلى حد كبير، وأن التضخم سيطل برأسه البشع في النهاية.

هذا التطور لم يقلق دعاة الحمائية التجارية في واشنطن، الذين ابتهجوا لرؤية الدولار يخسر نحو 30 في المئة من قيمته امام اليورو على امتداد السنوات الخمس الماضية. فبالنسبة اليهم، تشكل إعادة تقويم أعلى للعملة الصينية في مقابل الدولار وفك ارتباط عملات أخرى به، الجائزة الكبرى.

وكما يراها دعاة الحمائية، فإن الدولار الضعيف سيخلق مفاجآت كبيرة بالنسبة الى العجز في ميزان التجارة الأمريكي. فهذه سياسة اقتصادية سيئة، وهي أكثر سوءاً من الناحية السياسية المحضة. ففي الاقتصادات المفتوحة، يعتبر فقدان التوازن في الموازين التجارية دليلاً على القدرات في صافي الادخارات، وليس على تغييرات في قيمة صرف العملات. ويكفي تذكر العجز الكبير في الميزان التجاري منذ 1980، من دون أن يتأثر بالتذبذبات في أسعار صرف الدولار.

إذاً، ما هو الحل؟ حان الوقت لتتخذ إدارة بوش إجراءات للوصول الى دولار قوي بدلاً من القاء الخطب حول الموضوع، من طريق تشجيع تدخل منسق ومشترك تؤديه البنوك المركزية الرئيسة في سبيل تقوية الدولار ووضع سقف له.

إن ضعف الدولار الحالي ظاهرة دورية. فأزمة العقارات دفعت بمجلس الاحتياط الفيدرالي الى خفض الفوائد على موجودات الدولار نقطة مئوية كاملة منذ آب (ربما كان ذلك اكبر مما يجب). وعادةً، ينتعش الدولار كلما انتعش النمو وكلما فُرضت إجراءات نقدية تقييدية. بيد أن أسواق تبادل العملات الأجنبية يمكن أن تعاني حماساً غير عقلاني ومؤثراته المصاحبة التي تقود إلى ما هو أبعد من الهدف المنشود. هذا بالضبطالسبب الذي يجعل الدولار محاصراً. فإذا كانت الحكومة الأمريكية تؤمن حقاً بأنه يمكن الحفاظ على دولار قوي ومستقر على المدى البعيد، يتوجب عليها أن تتدخل في القريب العاجل لتقويته.

لكن هناك تحفظاً حيال الموضوع. فبموجب العمليات الاعتيادية لمستوى الدولار العالمي، الذي كان سائداً منذ عام 1945، فإن الحكومة الأمريكية تحافظ على أسواق رأس المال المفتوحة، وتظل صامتة في شكل عام في أسواق صرف العملات الخارجية، في الوقت الذي تتدخل فيه الحكومات الأخرى في شكل يؤثر في نسب صرف العملات.

واليوم، وخارج عدد قليل من دول شرق أوروبا المرتبطة باليورو، فإن بلداناً في آسيا وأمريكا اللاتينية وجزءاً كبيراً من إفريقيا والشرق الأوسط، تستخدم الدولار عملة رئيسة مشتركة. ما يجنبها استهداف معدلات صرف العملة. وعلى سبيل المثال، إذا أقدم البنك المركزي الكوري على خفض قيمة عملته المرتفعة من طريق شراء الين وبيع الوون، فإن الاول، وهو الأعلى قيمة، سيؤثر سلباً على اليابانيين.

بدلاً من ذلك، يجب الاحتفاظ بالدولار كعملة تدخّل مشتركة من البلدان الأخرى، ويعتبر من العبث، أن تتدخل الحكومة الأمريكية منفردة ضد أيٍّ من العملات الأجنبية لدعم قيمة الدولار بل من باب الجهل، لأن ذلك يتعارض مع الطريقة المقبولة التي جرى التعامل بها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي طريقة جلبت فوائد كبرى للولايات المتحدة وللاقتصادات العالمية.

ان توقيت التدخل المشترك هو الآن أفضل من أي وقت آخر. فقد أبدى أهم شركاء أمريكا التجاريين انزعاجهم بسبب تقهقر الدولار. وإذا اتخذ البنك المركزي الأوروبي، والبنوك المركزية في اليابان، وكندا، وبريطانيا وغيرها، زمام المبادرة، فإن من الحكمة للولايات المتحدة أن تتعاون معها، فالتدخل المشترك على هذا النطاق سوف يتجنب التدخلات ذات الأغراض المتناقضة. كذلك، فإن التدخلات الرسمية هي أكثر فعالية بكثير عندما تكون كل البنوك المركزية ذات العلاقة مشتركة في الموضوع، لأن الأسواق في تلكالحالة تتلقى إشارة أقوى بأن الحكومات الوطنية المختلفة ألزمت نفسها بصدقية.

التعاون حالة، كل طرف فيها رابح: التقويم المبالغ فيه في مستوى العملات الأوروبية سيخف، ومالكو الأرصدة الدولارية الكبيرة سيتفادون خسائر رأسمالية كبيرة، كما أن الولايات المتحدة ستنجو من خطر تضخم كبير ناتج من خفض عام لقيمة الدولار. لكن في انتظار ان توافق الصين على كل ذلك، فإن على الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية أن تؤيد سياسة الدولار القوي، من طريق إنهاء انتقادها الصين الذي ينطوي على مردود عكسي.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 17 شباط 2008.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

إن المشكلة المالية العالمية الناجمة عن أزمة الرهن العقاري هي نتيجة مباشرة نشأت بفعل عدم مسؤولية وعدم كفاءة الكونغرس الأمريكي والذي يعمل في الوقت الحالي على جعل الوضع السيء أكثر سوءا.

ولكي يتم فهم كيفية قيام الكونغرس بهذا العمل، دعونا نبدأ بالأمور الأساسية. فعلى مدى كثير من السنوات، كانت البنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي تقدم الرهون حريصة على أن تتأكد من أن الممتلكات العقارية التي يتم رهنها غير مغالى فيها وأن يكون للمقترض سجلا سابقا من الحساب الاستداني الجيد ودخلا كافيا للقيام بمدفوعات الرهن دون وجود عراقيل مخيبة للآمال، بما أن أصحاب البنوك لا يريدون أن تضيع أموالهم ولا أن تضيع أموال مودعي بنوكهم.

وعلى مدى الزمن، أصبحت المؤسسات المالية أكثر تخصصا. فبعضها تخصص في إصدار القروض والبعض الآخر تخصص في جمع رأس المال بغرض تمويل القروض. ثم بعد ذلك بدأت المؤسسات التي كانت جيدة في جمعها لرأس المال بشراء الرهون من تلك المؤسسات التي كانت جيدة في إصدارها. وهكذا، فقد بدأ التطوير في سوق الرهن الثانوية.

وكانت المشاكل قد بدأت بالعودة إلى العام 1938، وبخاصة إبان إدارة الرئيس روزفلت، بالرغم من أن الأدارة والكونغرس قد توصلا إلى فكرة “مثيرة للإعجاب” آنذاك، وهي أن يتم توسيع الملكية الإسكانية من خلال إشراك الحكومة. فقد قاموا بإنشاء “الجمعية الفيدرالية للرهن العقاري الوطني” والمعروفة بشكل أكثر شيوعا باسم مؤسسة “فاني ماي”، بغرض شراء الرهون من البنوك كما كانت تفعل الشركات الخاصة، ولكن باستخدام دولارات دافعي الضرائب. وكان لدى “فاني ماي” ميزة عظيمة على اعتبار أن بإمكانها أن تقترض الأموال من الحكومة الفيدرالية بشكل أرخص مما تستطيع المؤسسات الخاصة أن تحصل على أموالها. وهكذا، كانت مؤسسة “فاني ماي” قادرة على احتكار سوق الرهن الثانوية بسرعة تقريبا.

أما البنوك التي كانت جيدة في إصدار الرهون فقد حبذت هذا الترتيب لأنه وفر لها سوقا جاهزة يتم به إعادة بيع الرهون مع الحصول على الربح. وكما كان متوقعا، فقد هبطت مستويات ومعايير الائتمان على مدى السنوات لأن أولئك الذين قاموا بتسيير أمور مؤسسة “فاني ماي” لم يستخدموا أموالهم الخاصة بهم بل استخدموا أموال دافعي الضرائب وكانوا قادرين على تبرير سلوكهم الهائم بشكل متزايد على أساس أنهم يعملون “عملا صالحا اجتماعيا” بفعل تيسير الأمور على الناس لكي يشتروا منازل لم يكونوا (هؤلاء الناس) في واقع الأمر يتمتعون بمصداقية ائتمانية.

وفي العام 1968، قامت الحكومة الفيدرالية بـ”خصخصة” مؤسسة “فاني ماي” وبدأت بالطلب منها بأن تقوم بجمع رأس المال من أسواق القطاع الخاص. ولكن بما أن كل فرد كان على علم بأن الكونغرس سوف لن يسمح بإفلاس “فاني ماي” (وهو ضمان لا يتم بشكل صريح بل ضمنيا)، فإن موردي رأس المال من القطاع الخاص كانوا راغبين في تقاضي أجور من مؤسسة “فاني ماي” بمقادير أقل من المنافسين الآخرين لها نظرا لأن هؤلاء الموردين كانوا يشعرون—وهم على صواب—بأن المخاطر كانت أقل. وهكذا، فقد أصبحت “فاني ماي” هي المحتكر الفعلي في سوق الرهن الثانوية. ولكن بدلا من أن يقوم أعضاء الكونغرس بتفكيك مؤسسة “فاني ماي” وتحويلها إلى مؤسسة خاصة على نحو حقيقي، قاموا في العام 1970 بتبني شركة أخرى هي “فريدي ماك” لتكون المنافس لها.

وقد استمرت المؤسسات المالية التي قامت بإصدار الرهون بالسماح للمعايير بالهبوط نظرا لوجود مشترين اثنين. وبحلول العام 2002، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بعرض مقادير من الأموال غير محددة فعليا على البنوك بأسعار فائدة بلغت في بعض الأحيان حتى دون التضخم، وهكذا، فقد تم دعم الرخاء الإسكاني بشكل مصطنع بفعل إصدار ما نسبته 100 في المائة من الرهون إلى مقترضين لا يتمتعون بمصداقية ائتمانية.

وبإمكان البنوك التي قامت بإصدار الرهون أن تقوم بعرض بيع خداعي لهذه الرهون العقارية شبه الممتازة على مؤسستي “فريدي ماك” و”فاني ماي” اللتين ستقومان بوضعها في “مجمعات” من الرهون العقارية، وهي التي، بدورها، سوف تباع إلى صناديق استثمارية وإلى عامة الجمهور على كونها استثمارات “رفيعة الدرجة” تتميز بأدنى حد من المخاطر المالية.

إنها عبارة عن لعبة كراسي موسيقية يحصل بموجبها المشاركون في عمليات السوق بشكل ضمني على أموال دافعي الضرائب المدعومة بالإعانات، وطالما توفرت لديهم القدرة على تمرير المخاطر بسرعة إلى اللاعب التالي قبل أن يحدث التقصير النهائي والمحتوم في السداد، فإنهم سوف يظهرون كرابحين. وقد كان هذا الأسلوب الذي سمي بـ”خطة بونزي” أسلوبا مشهورا اتبعه بونزي في السابق بإعطاء ربح على مال شخص من مال شخص آخر، كما هي الحقيقة عندما كانت مؤسستا “فاني ماي” و”فريدي ماك” في السنوات الأخيرة موطنا لسلسلة من الفضائح الكبرى من الفساد المحاسبي والمالي. وكان السياسيون قد استفادوا من مناصب مجالس الإدارة في هاتين المؤسستين بغرض مكافأة أصدقاء سياسيين حميمين لهم (فكان رئيس مجلس إدارة “فاني ماي” الذي تم طرده من منصبه وتوجيه الاتهام له مديرا لإدارة وموازنة مكتب الرئيس بيل كلينتون). كما كانت مؤسستا “فاني ماي” و”فريدي ماك” كلتاهما بالفعل من أكبر المساهمين لحملات الكونغرس.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 9 كانون الثاني 2008.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20101

بلغت المعاهدة الدولية لحماية طبقة الأوزون عامها العشرين هذه السنة وما زالت تدّعي النجاح. ولكن هل هنالك فعلا سبب للاحتفال؟
لقد قدم مناصرو البيئة تنبؤات رؤيوية كثيرة على مدى العقود الماضية وعندما لم تحدث هذه التنبؤات صرحوا بأن إجراءاتهم الوقائية قد حالت دون وقوع الكارثة—مثلما حدث مع بروتوكول مونتريال لعام 1987 بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون (بروتوكل مونتريال). فالتنبؤات العديدة المرعبة والرهيبة بالإصابة بأوبئة سرطان الجلد وتدمير النظام البيئي وغيرها لم تتحقق. وبالنسبة لمؤيدي بروتوكول مونتريال، يعد هذا سببا لتهنئة الذات.
ولكن بالنظر إلى ما مضى يظهر الدليل أن استنزاف طبقة الأوزون كان تهديدا مبالغا فيه في المقام الأول وأن سلسلة المصائب الفظيعة لم تكن فعلا في الصورة أبداً. وبينما عاد أطراف المعاهدة إلى مونتريال للاحتفال بذكراها العشرين، وجب أن يكون هذا سببا للتأمل وليس للاحتفال، لاسيما لأولئك الذين يرون الأمر كقصة نجاح تتكرر بالنسبة للتغير المناخي.
وقد تمت المعاهدة في ضوء قلق مشروع ومبالغ فيه مصرحة بأن مركبات الكلوروفلوروكربون (التي كانت في ذلك الوقت غازا يستخدم على نطاق واسع) ومركبات أخرى آخذة بالارتفاع إلى الغلاف الجوي العلوي (ستراتوسفير) وتدمير جزيئات الأوزون. وتعرف هذه الجزيئات ككل بطبقة الأوزون. وهذه الجزيئات تقي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الفائقة التي تأتي من إشعاعات الشمس. وأدى بروتوكول مونتريال إلى حظر استخدام مركبات الكلوروفلوروكربون في معظم الدول المتقدمة بحلول 1996، بينما أُعطيت البلدان النامية تمديدا ولكنها تتعرض لضغوطات لتقليص استخدامها.
إذا ما الذي نعرفه الآن؟ قال تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعام 1998 أن “مسار (الاستنزاف) الأفقي الذي تم ملاحظته خلال الثمانينيات من القرن العشرين لم يعد مستمرا منذ عام 1991، ولكن إجمالي الأوزون العمودي كان ثابتا تقريبا…” وكان الوقت مبكرا جدا لعزو هذا إلى بروتوكول مونتريال حيث أشار ذلك التقرير ذاته إلى أن التركيزات الستراتوسفيرية للمركبات المضرة كانت لا تزال تتزايد في وقت كتابة التقرير. وفي الواقع، لم تبدأ بالانحسار حتى نهاية التسعينيات من القرن العشرين. وهذا يصادق على وجهة النظر، التي تعرضت لسخرية واسعة في وقت بروتوكول مونتريال، والقائلة بأن الانحرافات الطبيعية تفسر التذبذبات الحاصلة في طبقة الأوزون العالمية أكثر من استخدام الكلوروفلوروكربون.
والأهم من ذلك أن الزيادة واسعة الانتشار، التي أثارت المخاوف، في إشعاع الأشعة فوق البنفسجية على مستوى الأرض لم تتحقق أيضا. ويجب الأخذ في عين الاعتبار أن استنزاف الأوزون بحد ذاته لا يتسبب بعواقب على صحة الإنسان أو البيئة. ولكن القلق من أن طبقة الأوزون المتآكلة ستسمح لمزيد من إشعاعات الأشعة تحت البنفسجية المنبعثة من الشمس والمدمرة من الوصول إلى الأرض، هو الذي أدى إلى نشوء بروتوكول مونتريال. ولكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقر بأنه لم يتم اكتشاف أي اتجاهات طويلة الأمد مهمة من ناحية إحصائية، مشيرة في بداية هذا العام إلى أن “استنزاف الأوزون خارج المناطق القطبية كان ضئيلا نسبيا، لذا في كثير من الأماكن، يصعب فصل الزيادات في الأشعة فوق البنفسجية الناتجة عن هذا الاستنزاف عن الزيادات التي تسببها عوامل أخرى، مثل التغيرات في الغيوم والهباء الجوي.” وبكلمات أخرى، فإن تأثير استنزاف الاوزون على الأشعة فوق البنفسجية فوق المناطق المأهولة بالسكان يكون ضئيلا جدا بحيث يمكن أن يضيع بسهولة وسط ضجيج تغير الخلفية.
ولا حاجة للقول أنه إن لم ترتفع الأشعة فوق البنفسجية، عندها يكون لا أساس للمخاوف: وبالفعل لم يحصل التسارع المفرط في معدلات سرطان الجلد. على سبيل المثال، تظهر إحصاءات معهد السرطان الوطني الأمريكي أن حالات الورم الجلدي الخبيث ومعدلات الوفاة، التي أظهرت زيادة طويلة الأجل سبقت تأريخ استنزاف الأوزون، كانت آخذة بالاستقرار فعلا خلال فترة أزمة الأوزون المزعومة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُظهر أي نظام بيئي أو كائن حي قط التعرض لأي ضرر خطير بسبب استنزاف الأوزون. ويعد هذا الأمر صحيحا حتى في القارة القطبية الجنوبية، حيث تحصل في كل عام أعظم استنزافات موسمية للأوزون، والتي تسمى بثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية. كما ثمة قائمة طويلة جدا من الإدعاءات المنسية، مثل ذلك الإدعاء من كتاب آل غور في عام 1992 “أنه بفضل ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية يُبلغ الصيادون عن العثور على أرانب عمياء؛ ويصيد الصيادون سمك سلمون أعمى.”
ولم يساعد بروتوكول مونتريال في التخلص من هذه المشاكل، فهي لم تحدث في المقام الأول!
إن المتوازيات مع التغير المناخي مذهلة. ومجددا نحن نواجه مشكلة بيئية حقيقية ولكن مبالغ فيها. وفي كلتا الحالتين، فإن كل شيء مروع كان قد قيل للناس ليس صحيحا فعليا. ولا حتى آل غور غيّر الكثير. فإن ادعاءاته المتعلقة بالحيوانات العمياء قد استبدلت بتأكيدات مريبة مكافئة لتلك الادعاءات في فلمه عن الاحتباس الحراري، الذي يشمل تنبؤات بحصول ارتفاع هائل في مستوى البحر من شأنه أن يمحو جنوب فلوريدا ومناطق ساحلية أخرى.
ربما يلتقي، بعد عقود من الآن، المشاركون في بروتوكول كيوتو (المعاهدة المتعلقة بالتغير المناخي التي تم صياغتها بعد بروتوكول مونتريال)، ويهنئون أنفسهم لأن أيا من تأكيداتهم المخيفة لم تتحقق. ولكن كم سيُنفق في سبيل حمايتنا من المشاكل التي لا نعاني منها في المقام الأول؟
© معهد كيتو، منبر الحرية، 17 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

تقرير الأمم المتحدة، “حالة سكان العالم 2007″، يحذر من أن نصف سكان العالم سوف يسكنون في المدن بحلول عام 2008. صدمة، رعب! لكن هناك نقطة خطيرة في تقرير الأمم المتحدة: إنه يريد إبطاء التمدن من خلال تخفيض معدلات الولادة. المشكلة الوحيدة هي أنه لا يقدم سبباً مقنعاً لعمل ذلك.
منذ سنين وصندوق الأمم المتحدة للسكان يحاول تبرير وجوده عن طريق إصدار تقارير تدعي بأنه يجب علينا تخفيض معدلات الولادة لتحقيق “التنمية المستدامة”. بينما تبدو هذه الأفكار مغرية بالبديهة، إلا أنها غير مدعمة بدليل. لقد تحسنت معايير المعيشة الكونية في الواقع خلال القرن الماضي بشكل دراماتيكي على الرغم من أن عدد سكان العالم تضاعف أربع مرات تقريباً. وسوف تستمر هذه المعايير في التحسن في المعدلات الحالية والمستقبلية للسكان.
لا حاجة للحكومات في تغيير نمطنا في التكاثر. بالإضافة إلى ذلك، باستثناء البرامج القهرية والمشجوبة أخلاقياً مثل سياسة الطفل الواحد في الصين، ليس واضحاً فيما إذا كان باستطاعة السياسات السكانية للحكومة تغيير أعداد البشر على أية حال.
لنبدأ بالفكرة التي نوقشت كثيراً وهي “الاكتظاظ”. إذا أخذت الكثافة السكانية كمقياس للاكتظاظ السكاني فإن الهند ورواندا (تزيد كل منها ست مرات عن معدل الكثافة السكانية في العالم) سوف تكون مؤهلة لأن توصف بـ”المكتظة”. لكن بلجيكا “مكتظة” بشكل ملحوظ أكثر من رواندا؛ والبحرين، الدولة الغنية بالنفط، مكتظة أكثر من الهند بثلاث مرات؛ وموناكو، الغنية المتمدنة، أكثر دولة في العالم اكتظاظاً بالسكان، أكثر من المعدل العالمي بـ700 مرة.
تستحضر أفكار الاكتظاظ والازدحام في معظم العقول صور الأطفال الجياع، والأمراض التي لم تفحص بعد، ظروف المعيشة الحقيرة والأحياء الفقيرة المزدحمة. تلك المشاكل حقيقية في عالم اليوم لكن الاسم المناسب لها هو “الفقر الإنساني”.
رغم أن عدد السكان على هذا الكوكب قد ازداد بشكل ملحوظ خلال الـ200 عاماً الماضية، إلا أننا لم ننضب من الموارد، ولن نصبح بالتأكيد أكثر فقراً. أنظر إلى “الانفجار السكاني” في القرن العشرين: لقد تضاعفت أعداد البشر بين عام 1900 وعام 2000 أربع مرات، إذ قفز العدد من 1.6 بليون نسمة إلى ستة بلايين، لكن إجمالي الناتج المحلي العالمي للفرد تضاعف خمس مرات خلال نفس الفترة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إنتاج الغذاء كان يفوق النمو السكاني بثبات خلال هذه الأعوام نفسها، بينما أصبحت جميع الموارد الطبيعية من النحاس إلى الألمنيوم أرخص سعراً: ويمكن القول أقل ندرة.
هذه الاتجاهات توفر بعض الإجابات لهذا التساؤل وهو: لماذا حدث “الانفجار السكاني” في المقام الأول؟ لم يكن ذلك بسبب أن البشر أخذوا يتوالدون فجأة كالأرانب، بل كان بسبب أن البشر توقفوا أخيراً عن الموت كالذباب. لقد تضاعف المعدل الافتراضي للحياة من ثلاثين عاماً تقريباً إلى أكثر من ستين عاماً وانخفض معدل الوفيات بين الأطفال بشكل ملحوظ في مختلف أرجاء العالم. فقد واكب انخفاض معدل الوفيات زيادة في عدد السكان، رغم أن معدلات الخصوبة العالمية في تناقص مستمر منذ أعوام الستينيات.
لقد سبب هذا “الانفجار الصحي” “انفجاراً سكانياً” ويعود سبب هذه الموجة الصحية المستمرة في جزء كبير منه إلى التحسينات غير الاعتيادية وغير المسبوقة في معايير الحياة المادية وبشكل خاص على مدى العقود القليلة الماضية. إذ أصبح الغذاء أكثر رخصاً واستمرت التكنولوجيا الطبية في التطور.
مع ذلك، فإن مؤيدي الاستقرار السكاني منزعجون من أن الأعداد البشرية سوف تتضاعف أكثر خلال القرن المقبل ما لم تتخذ الحكومات الإجراء اللازم. لكن خططهم للسيطرة على السكان من خلال التخطيط العائلي (أي تحديد النسل) المفروض من الدولة ليس لها أساس علمي.
على الصعيد العالمي، لا توجد رابطة سببية بين توفر وسائل منع الحمل ومعدلات الخصوبة—معدل استخدام وسائل منع الحمل في الأردن مطابق لنفس المعدل في اليابان، لكن معدل الخصوبة في الأردن يفوق معدل الخصوبة في اليابان بثلاث مرات. في عام 1974 وضعت المكسيك برنامجاً وطنياً للتخطيط العائلي (تحديد النسل). البرازيل لم تنفذ مثل هذا البرنامج لكن خلال الخمسة والعشرين عاماً التي تلت، كانت معدلات الخصوبة في المكسيك والبرازيل متطابقة تقريباً.
الحقيقة هي أن التفضيل الأبوي هو العامل المحدد لحجم العائلة بين الناس الأميين في الدول الفقيرة، مثلما هو الوضع بين الناس المتعلمين في الدول الغنية. وعليه، فإن الخطط السكانية المضادة للولادة عبثية ما لم تتبع هذه الدول خطى الصين وتفرضه بالإكراه رغم نتائجه المخيفة.
على أي مستوى دخل مفترض—حتى مستويات الدخول المتدنية—اتجه الأبوان حول العالم نحو خيار العدد الأقل للأطفال منذ أعوام الستينيات، وكنتيجة لذلك، ربما يكون عدد سكان العالم أقل بكثير مما يتخيله المنذرون بالخطر السكاني وأن “الاستقرار السكاني العالمي” سوف يتحقق بدون التدخلات الحكومية الطارئة التي يروجون لها.
لحسن حظ كوكبنا المضطرب، فإن “الازدحام السكاني” ليس ذا مشكلة مع استمرار انتشار السياسات المعقولة والصحة والرخاء حول العالم واستمرار التطورات في مجالي الطب والتغذية.
لقد وجدت العبقرية البشرية تاريخياً الإجابات لمشاكل ندرة الموارد، والبشر هم الذين يبتدعون التكنولوجيات التي تتيح لنا توطين أعداد أكبر من البشر على هذا الكوكب.
من خلال تجاهلهم لقدرة الإنسان، يلقي المعادون للولادة اللوم على الفقراء لفقرهم ويروجون لحلول كاذبة. ما يحتاجه الفقراء هو الحرية الاقتصادية لكي يتمكنوا من رفع شأنهم وليس خطط الأمم المتحدة العقيمة.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 6 أيلول 2007.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

كتب روبرت بارتلي، المحرر السابق الشهير لصحيفة الوول ستريت جورنال، بحثاً بعنوان “السنوات السبع السمينة”، جاء فيه ما يلي: “في 26 آذار 1976، صاغ هيرب ستاين عبارة أسماها “اقتصاديات العرض”. لقد كانت العبارة جديدة، ولكن مبادئها الأساسية قد توضحت في مقال نشره جود وانسكي في 11 كانون الأول 1974 بعنوان “لقد حان وقت خفض الضرائب”. وفي عام 1977، التحق بروس بارتلت للعمل مع جاك كيمب، المرشح للكونغرس، وأصبح يعرف لاحقاً بمروِّج المراحل الأولى لتخفيض الضرائب في عهد الرئيس ريغان.
وكتب بارتلت مؤخراً في صحيفة النيويورك تايمز يقول: “لقد مضى وقت طويل كان يتوجب خلاله إسدال الستار على عبارة [اقتصاديات العرض]. لقد أصبحت عبارة مضللة وشائعة، تقف عائقاً أمام السياسة الاقتصادية السليمة. لقد أصبحت هذه النظرية اليوم متلازمة مع هاجس تخفيض الضرائب، تحت جميع الظروف. لم يعد دعاتها في الكونغرس وخارجه يقتصرون في دعوتهم على تخفيض نسبة الضرائب الهامشية—أي ضريبة على كل دولار إضافي—كما فعلت النظرية الأصلية في توصيف مؤيدي اقتصاديات العرض. وبدلاً من ذلك، فإن دعاتها أصبحوا يؤيدون حتى اكثر تخفيضات الضرائب جدلية بالحماس والاندفاع ذاته. واليوم، أصبح شائعاً سماع دعاة تخفيض الضرائب يدّعون—بغير وجه حق—بأن جميع تخفيضات الضرائب ترفع الإيرادات”.
وإذا وضعنا جانباً تلك المسميات، فإن الملاحظات أعلاه لا تشتمل على ما هو جديد. ففي مقال نشر في تموز عام 2004، علق بارتلت، وكان مُحقاً في تعليقه، قائلاً: “إن الحجم الأكبر من التخفيضات منذ 2001، فيما يتصل بالإيرادات، قد ذهب بشكل إعفاءات ضرائبية وغيرها من الإجراءات التي لا تأثير لها على الحوافز المتصلة بالضريبة الهامشية”.
بطبيعة الحال، فإن التحايل في تخفيض الضرائب يُفقد من عائداتها. بيد أن روبرت فرانك، المعلق في صحيفة الوول ستريت جورنال، تصوّرَ بأن “داعية اقتصاديات العرض في السياسة الضرائبية، بروس بارتلت، أصبح يُقرُّ بأن تخفيض الضرائب على ذوي الدخول الكبيرة لا يؤدي إلى تعظيم مجمل إيرادات الضرائب”. بيد أن بارتلت لم يُُقرَّ بأنه فعل ذلك. فقد ارتفعت الضرائب ارتفاعاً ملحوظاً منذ تخفيضها عام 2003، وكانت معظم المكاسب من ذوي المداخيل الكبيرة، بما في ذلك الأرباح، وتعظيم رأس المال والعوائد.
عبارات يراد منها وصف أفكار معقدة في كلمة أو كلمتين، مثل تعبير الـ”كينزية”—نسبة إلى عالم الاقتصاد البريطاني كينز—كثيراً ما يساء استخدامها. بيد أن مثل تلك الاستعمالات الخاطئة لا يمكن وقفها. بمجرد أن يرفع بارتلت العلم الأبيض، شئنا أم أبينا، فإن تعبير “اقتصاديات العرض” سوف يستمر مستعملاً أو مساء استخدامه دون شك.
يقول بارتلت “السياق الذي كان فيه للعبارة معنى لم يعد قائماً، وبالتالي فقد أصبحت العبارة عائقاً أمام التواصل الفكري في الشأن العام”. ذلك السياق يشير إلى النقاش الذي دار حول نجاعة سياسة مختلطة، في وضع كان فيه التضخم من 15 إلى 20 في المائة، مع تراجع حاد في الأداء الاقتصادي، كما كان الحال عليه عام 1974-1975 و1980-1982. الشيء الجديد في نظرية اقتصاديات العرض هو ما أدخله حامل جائزة نوبل في الاقتصاد روبرت موندل، ألا وهو: (1) السياسة النقدية هي الأداة المناسبة لكبح جماح التضخم؛ و(2) يجب أن ينتقل التركيز في السياسة الضرائبية من نتائج حسابات الفترات القصيرة الامد (العجز) نحو تحسين الحوافز على المدى البعيد للعمل المنتج والاستثمار. القسم الأول هو في الواقع سياسة نقدية، وكلاهما لا ينفصلان عن كونهما ذوي علاقة بالتضخم والنمو الاقتصادي.
في بحث كتبته في خريف 2001 ونشرته مجلة معهد كيتو تحت عنوان “خليط من السياسة النقدية والمالية” قلت ما يلي: “في السنوات المبكرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما كانت سياسة الترشيد المالي في أوجها، كانت وجهة النظر السائدة بأن الدور الرئيسي للسياسة النقدية هو إبقاء سعر الفائدة منخفضاً. وكان يُنظر إلى التضخم في بادئ الأمر كأداة نافعة لتليين الاقتصاد مقابل نسبة منخفضة من البطالة. وفي أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي، عندما أثبت الدولار المنكمش بأنه أقل جاذبية مما هو متوقع، كان التضخم يُنظر إليه كقضية دائمة يجب أن تكافح بلا انقطاع عن طريق استخدام السياسات المالية والضرائبية (الضرائب الإضافية) وسياسات الرقابة على الأجور والأسعار. ولكن لم يكن يُنظر أبداً إلى ذلك من الزاوية النقدية المحضة”.
لقد كانت ملاحظاتي في سياق الخطأ السائد الذي أعطانا الضريبة الإضافية التي فرضها الرئيس ليندون جونسون عام 1968 وكذلك الرقابة على الأسعار التي فرضها الرئيس ريتشارد نيكسون في عام 1971. وما أن حلت سنة 1978 حتى أصبحت الأفكار الخاصة بـ”اقتصاديات العرض” شائعة حتى أنها وُصِف بـ”المثيرة للاهتمام” وأعربت الكتب الجامعية عن الرأي بأننا نحتاج بالفعل إلى إدارات مالية تعمل على العرض الكلي.
وأوضح السيد بارتلت قائلاً: “ما زلت أعتقد بأن [اقتصاديات العرض] هي العلاج الصحيح للمشاكل الاقتصادية التي واجهناها في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي. كما أنني أعتقد بأنها تنطوي على بعض الحقائق الجوهرية التي تكون صالحة في جميع الأزمان. بيد أن تلك الحقائق مثل الرأي القائل بأن نسب الضرائب الهامشية العالية هي مُسيئة للاقتصاد قد أصبحت الآن مقبولة من قبل الجميع”.
القول بأن نظرية اقتصاديات العرض هي مقبولة قبولاً تاماً تقريباً هو قول جيد ولكن ليس كافياً تماماً. فعندما تكون السياسة الضرائبية في معظم البلدان قريبة من الحد الأمثل كما هو الحال في هونغ كونغ، فإنني وبكل سرور سأتوقف عن الحديث حولها.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 6 آب 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018