أنامي نايتس

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

مع تفاقم الأزمة المالية وارتفاع معدلات البطالة، وتقلص الفرص المستقبلية، لا يزال الدخول في نقاش حول أهمية الهجرة يحتل بالكاد قائمة جدول الأعمال، وأمام هذا الوضع يسعى  السياسيون الشعبيون إلى التوصل إلى مكاسب سريعة من خلال إلقاء لائمة هذا الأمر على الأجانب. وهو الأمر الذي يضع الأطراف المسئولة أمام مواجهة خطر الاصطدام بحقل ألغام سياسي، كلما حاولوا تناول هذه القضية.
ولكن، على الرغم من أنه من الممكن تفهم التخوف من الخوض في هذا الموضوع، فإن هذا الموقف لا يعتبر وسيلة مثمرة، ولذا يجب الابتعاد عنه.  والمطلوب بجانب التصدي إلى حالات الانحياز وإساءة الفهم، إقامة حوار متنامي، والحديث هنا ليس عن حوار بين الدول الأوروبية بعضها البعض، بل حوار إقليمي.
وقد قاد الليبراليون الأوروبيون والعرب هذا التوجه في مواجهة  هذا النوع من أنواع الخلل. وذلك من خلال عقد مؤتمرين أحدهما في البرلمان الأوروبي في بروكسل والآخر في البرلمان المغربي في الرباط، ساهما في فتح مساحات جديدة من أجل التأسيس لحوار مشترك حول الهجرة وحول البعد الاجتماعي الاقتصادي لها علاوة على الجانب المتصل بحقوق الإنسان.
وعلى الرغم مما يثيره هذا العمل من مشاعر الفخر، فإننا نؤثر مع ذلك التحلي بالتواضع، ففي الكثير من الأحيان تنطلق مثل هذه  المبادرات ويصاحبها قدر كبير من الضجة الإعلامية ولكنها تدخل طي النسيان بمجرد اصطدامها بمشاكل التنفيذ على أرض الواقع.  وعلى هذا يتوجب علينا أن نبحث بالأحرى عن الكيفية التي تمكننا من  أن نضمن ألا تصبح هذه المبادرة مجرد حبر على ورق؟
حددنا نحن الليبراليون العرب والأوروبيون عدداً من العناصر الجوهرية من خلال “إعلان الرباط” وتتمثل فيما يلي:
•    الهجرة ظاهرة طبيعية ساهمت في تحقيق الحضارة الإنسانية وهي جزء لا يتجزأ من نظام العولمة في الوقت الحاضر.  ولكن معدلات الهجرة المهولة التي تتجاوز قدرة تحمل أي مجتمع  من حيث دمج القادمين الجدد فيه، قد تؤدي إلى العديد من المشكلات على المستويات المحلية.
•    وليس من شك أن قارة أوروبا التي بدأت تعاني من مظاهر الشيخوخة تحتاج في المستقبل القريب إلى قوة عاملة من الشباب ممن حصلوا على التعليم الجيد. ولكن الآليات الموضوعة في الوقت الحالي لتحقق هذا بالكاد ترتقي إلى المستوى المطلوب.
•    لذا نحتاج إلى مواجهة هذا الأمر وأن ننتبه إلى ضرورة إدخال التحسينات الهامة التي تعتبر مفيدة بالنسبة للجانبين.  وأوروبا في حاجة إلى تحقيق التحسن في هذا الصدد.
•    التعليم جوهري من أجل التوصل إلى قرارات ذات أساس سليم، ومن أجل رفع الوعي بالوضع الذي يواجه العديد من مواطني الدول التي لا تشهد تدفقاً من المهاجرين. ويؤدي الافتقار إلى التعليم إلى المخاطرة بتنفير الآخرين وإلى المساهمة في خلق روح من النزاع والتطرف.  ولكننا نحتاج إلى التركيز على قضايا التنمية والتعليم والديمقراطية وحقوق الإنسان وخلق الفرص والأمل بين البشر الذين يعيشون في المجتمعات التي يهاجرون إليها.
•    وبما يمثلونه من قيم جوهرية ليبرالية مثل التسامح والتعاون، ينادي الليبراليون العرب والأوروبيون بصوت واحد بالرفع من  مستويات التعليم العمومي، وباعتماد عرض الحقائق كما هي بخصوص هذه القضايا بدلا من عرض الأساطير والخرافات وذلك حتى نتمكن من التغلب على العواقب والمخلفات الوخيمة.
•    إن حماية حقوق المهاجر جزء لا يتجزأ من حماية حقوق الإنسان لذلك لابد من:
–   ضرورة احترام كافة الحقوق المادية والمعنوية للمهاجر، ومن ضمنها على وجه العموم الحريات والحقوق المدنية والثقافية والاجتماعية، وعلى وجه الخصوص الحق في التمتع والتعبير عن مقومات الهوية الذاتية للمهاجر وذلك في إطار الالتزام بالقيم السائدة في بلد الإقامة والقوانين الجارية بها.
–  ضرورة حماية المهاجر من كل أصناف التمييز بما فيها التمييز الاقتصادي والعنصري و كذا مراجعة كافة التشريعات القانونية  والإجراءات الحاملة للتمييز بين العمالة الأصلية والعمالة المهاجرة، مع ضمان حق العامل المهاجر في التدرج المهني والترقية واكتساب الخبرة في إطار العمل بمبدأ المساواة ومبدأ الحق والاستحقاق.
نرى أن هذا الأمر بدأ يتحقق من خلال مبادرتين: التفت الليبراليون الأوروبيون من خلال وثيقة “نقطة تركيز حزب الإصلاح الديمقراطي الليبرالي الأوروبي لسنة 2010: تحديات التغيرات الديمغرافية” وهي الوثيقة التي أبرزت عدداً من الموضوعات من بينها التركيب السكاني الذي يتسم بزيادة معدلات الشيوخ وعلاقته بالهجرة. المنتدى الطبيعي للتعاون والتنمية في منطقة البحر المتوسط وما حولها هو ما يعرف باسم “اتحاد دول البحر المتوسط” الذي أطلق سنة 2008 ولا يزال العمل قائم. لذا يحث الليبراليون الأوروبيون والعرب الاتحاد الأوروبي والبلدان العربية والإفريقية على أخذ هذه المبادرة مأخذ الجد مع تحقيق الاستفادة القصوى منها.
ويمكن أن يحقق أيضا من خلال تكريس التضامن الإقليمي بالشكل الذي يجعل من الهجرة قوة في خدمة الاستقرار والنمو والتنمية، سواء داخل بلدان المصدر أو داخل بلدان الاستقبال، وبالشكل الذي يجعل من بلدان جنوب المتوسطَ، جذابة ومؤهلة بما يكفي لامتصاص يد عاملة مرشحة باستمرار للهجرة غير المنظمة. ولاجتذاب دياسبورا عربية قادرة على حمل خبرة جديدة تساهم في انطلاق تنمية حقيقية.
* السيدة انيمي نييتس: هي عضو البرلمان الأوروبي ورئيسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الإصلاحي
* السيد محمد تمالدو: هو رئيس شبكة الليبراليين العرب
© منبر الحرية، 05 يونيو/ حزيران2010

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018