إدوارد كرين

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

“هل تعلم انني عندما أسأل الناس عن رأيهم في أهداف أمريكا اليوم لا أجد عندهم أي فكرة عن الموضوع؟ لا نعرف ما الذي نحاول تحقيقه. وأنا أعتقد بأنه سواء في الحياة الشخصية أو في الشأن الوطني، يجب أن يكون لدينا بعض الأهداف.” (السيناتور هيلاري كلينتون، من حديث إلى قناة الـ إم. إس. إن. بي. سي.، في 11 أيار 2007).
رأي هيلاري كلينتون يتعارض مع رأي مؤسسي أمريكا، ففكرة أن يكون لدى الأمة الأمريكية “أهداف” كما لدى الأفراد هي فكرة غريبة عنهم بالكامل. بالنسبة إليهم تتلخص التزامات الحكومة في “الحفاظ على حقوقنا البديهية في الحياة، والحرية والسعي إلى السعادة.” هذا التأكيد على أولوية الفرد هو جوهر الاستثناء الأمريكي الصحيح.
الأهداف القومية هي تلطيف للتعبير عن السلطة الوطنية السياسية المركزة. وقد كان العالم القديم مليئاً بالأهداف القومية، ومعظمها خبيث، ومفهوم الأهداف القومية لا يختلف خارج أمريكا عنه كما اقترح أخيراً داخل أمريكا، لكن السيدة كلينتون مصرة على ترويج هذا المفهوم إذ قالت في خطاب حملتها الانتخابية في نيو هامبشير أنه “مجتمع نشترك فيه جميعاً” أكثر من “مجتمع مِلكية”، واستشهدت مراراً بفكرة أن الأمريكيين يريدون “أن يكونوا جزءاً من شيء أكبر من أنفسهم.”
وكان لهيلاري حليف آخر غير اعتيادي يشاركها الإحباط من عدم وجود أهداف قومية، هو حركة المحافظين الجدد، أو لنسمها حركة “العظمة القومية” وهي المجموعة السياسية الأقوى في الولايات المتحدة اليوم. ودعا منظّرو المجموعة مثل بيل كريستول وروبرت كيغين إلى تلبية رغبة الرئيس جورج بوش بـ”القتال حيثما دعت الضرورة في أي مكان في العالم” اعترافاً بـ”جزء أساسي من العظمة القومية.”
ديفيد بروكس وهو كاتب عمود في صحيفة “نيويورك تايمز”، من أكبر مناصري المحافظين الجدد المفوِّهين. فهو يعصر يديه في مقال له في الـ”ويكلي ستاندرد” قائلاً “إن الأمريكيين تخلوا عن سعيهم إلى العظمة القومية في كل ناحية.” وكيف له أن يصف ذلك الهدف؟ يقول: “الطموح الفردي وقوة الإرادة يعززان قضية العظمة القومية. ومن خلال جعل الأمة عظيمة، يستطيع الأفراد أن يضموا اهتماماتهم الضيقة إلى المشروع القومي الأكبر.” ويستمر قائلاً: “في النهاية يمكن للغاية الأمريكية أن تجد صوتها في واشنطن فقط.”
يبدو أن السيدة كلينتون وجدت في شخص بروكس رفيقها الروحي إن لم يكن الرفيق المرشح للانتخابات في المستقبل.
وهناك الكثير من الروابط بين السيدة كلينتون والمحافظين الجدد فثمة خاصية أخرى تشاركهم بها وهي الخلط في استخدام الحكومة الفيدرالية—كما لو أنه لا توجد قيود دستورية على السلطة الفيدرالية! ومع ما هو معروف عن المحافظين الجدد من دفعهم الأمريكيين إلى الحرب في العراق إلا أنه غالباً ما يتم التغاضي عن مدى دعوة سياساتهم المحلية إلى مبادرات فيدرالية نشطة.
سيطرة الحكومة الفيدرالية على التعليم تحت شعار “لن يترك أي طفل” هو مشروع للمحافظين الجدد، كذلك المبادرة المبنية على الإيمان التي مولت المنظمات الدينية المحلية. لقد دعا بروكس أخيراً إلى تشكيل “لجنة العائلات المزدهرة”، يقول: “اجمعوا الاقتصاديين والناشطين الدينيين وعلماء النفس في غرفة واحدة لبحث كيفية قيام الحكومة بتخفيف الضغط عن العائلات المكافحة”، وهذه طبعاً الحكومة نفسها التي استطاعت بعد ثلاثة أيام أن تكتشف أن إعصار كاترينا قد خلَّف مشكلة صغيرة في نيو أورليانز!
في كتابها “نحتاج إلى قرية” (القرية هي الحكومة الفيدرالية) تقترح السيدة كلينتون على الحكومة تمويل أشرطة فيديو عن العناية بالطفل “يمكن تشغيلها باستمرار في مكاتب الأطباء والعيادات والمستشفيات ومكاتب السيارات أو أي مكان آخر يجتمع فيه الناس للانتظار.”
الحكومة الموسعة ستكون مشروعاً دائماً لأولئك الذين يخضعون الأفراد للأهداف القومية الجماعية. كان مؤسسو أمريكا يدركون جيداً هذا الخطر، لذلك قدموا دستوراً بسلطات متعددة—ولذلك فهي محددة، كما قال توماس جيفرسن: “الدستور وضع على أساس أن كل السلطات التي لا يفوضها للولايات المتحدة، لا يحظرها بالتالي على هذه الولايات. انها سلطات محفوظة للولايات أو للشعب، وأي خطوة خارج هذه الحدود الموضوعة حول سلطات الكونغرس هي استيلاء على مجال غير محدود من السلطة وغير قابل لأي تعريفات.”
يبدو أن السيدة كلينتون تتبع بخطورة الطريق المشؤوم للمحافظين الجدد، وهدفها الاستيلاء على المجال غير المحدود.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 1 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

من السهل أن ينغمس المرء في تعقيدات تكنولوجية فيما يتعلق ببرنامج الرئيس الأمريكي الخاص لمراقبة الإرهاب. في جوهره، فإن البرنامج يُدخل إشرافاً إلكترونياً لا مبرر له على المكالمات الهاتفية الدولية ورسائل البريد الإلكتروني—حتى تلك التي تبدأ في الولايات المتحدة وتنتهي في داخلها. لقد تم تطبيق ذلك البرنامج بشكل سري في عام 2001، بيد أن جريدة النيويورك تايمز كشفت النقاب عنه بعد أربع سنوات من تطبيقه، وقد تم توسيع ذلك البرنامج من قبل الكونغرس في آب من العام 2007 في “قانون حماية أمريكا”.

يجري التفاوض بين الكونغرس والبيت الأبيض بعد التمعن في هذه القضية الدستورية المهمة: من هو الذي يقرر ما إذا كان البرنامج يرسم توازناً صحيحاً بين الحقوق المدنية والسلامة الوطنية—أي هل يتعارض القانون مع التعديل الرابع الذي يمنع التفتيش “غير المعقول”؟

لقد كان موقف إدارة بوش ثابتاً ومتصلباً. وقد أعرب عن ذلك الموقف ألبرتو غونزاليس النائب العام السابق على الوجه التالي: المادة 2 من الدستور تقول “إن السلطة التنفيذية هي موكولة إلى الرئيس” وهو “القائد العام للقوات المسلحة”. تلك السلطة، وفق ما ذكر غونزاليس، تتغلب على أي عمل يقوم به الكونغرس في زمن الحرب.

المفترض أنه إذا دعت مصلحة الأمن في زمن الحرب اتخاذ إجراءٍ ما، فإن الرئيس يستطيع من جانب واحد أن يضع الأمريكيين تحت المراقبة في أي مكان، وتوقيف المواطنين الأمريكيين إلى أجل غير مسمى، وتفتيش سجلات المكتبات، ومخاطبات الأمن القومي، وسجون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وتصريحات “المحاربين الأعداء”، والمحاكم العسكرية وتقنيات التحقيق التي قد تكون مخالفة لالتزاماتنا بموجب المعاهدات.

يقول القاضي روبرت جاكسون بأن الأمر ليس كذلك، مؤيداً بذلك ما جاء في قرار محكمة الاستئناف الأمريكية عام 1952 في قضية (يانغستون آند تيوب) والذي حجب عن الرئيس هاري ترومان سلطة وضع اليد على معامل الفولاذ. وكتب جاكسون يقول: عندما يتخذ الرئيس إجراءً بموجب تفويض من الكونغرس “تكون سلطته في حدها الأعلى”. ثانياً، في حالة أن الكونغرس لم يعط السلطة كما لم يحجبها، “تنشأ حالة من الغموض تكون فيه سلطة (الرئيس) والكونغرس متوازية، أو يكون فيه توزيع السلطة غير مؤكد”. ثالثاً، ولكن، عندما يتخذ الرئيس إجراءات تكون غير مطابقة لإرادة الكونغرس، سواء صراحة أو ضمناً، “فإن سلطته تكون في حدها الأدنى”.

البرنامج السري لمراقبة الإرهاب، يقع في الفئة الثالثة: فقد اتخذ الرئيس إجراءاته في وجه منع قانوني محدد ضمن قانون مراقبة المخابرات الخارجية. معظم الرؤساء، عندما يظنون بأن قانوناً ما أصبح قديماً أو عديم الجدوى، أو غير حكيم، فإنهم يطلبون من الكونغرس تعديل أو إلغاء القانون. الرئيس بوش اتخذ الطريق الأقصر: فقد حاول على مدى سنوات إلغاء قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية بنفسه عن طريق تجاهل بنوده.

إن ادعاءات الرئيس الزائفة بسلطاتٍ تنفيذية غير محدودة هي الآن تدور في مكانها. فمؤخراً في جملة من القرارات—قضية حمدي ضد رامسفيلد (2004)، قضية رسول ضد بوش (2004)، وقضية حمدان ضد رامسفيلد (2006)—رفضت محكمة الاستئناف مرة أخرى فكرة أن السلطة التنفيذية تستطيع أن تفعل ما تشاء في زمن الحرب، بغض النظر عن استشارة الكونغرس. ونتيجة لذلك، فقد جُرت إدارة بوش مذعنة مستغيثة بتفويض الكونغرس، لقانون معاملة الموقوفين (2005)، وقانون اللجان العسكرية (2006)، وكانون حماية أمريكا (2007)، والآن مشروعي قانونين لإعادة تفويض برنامج مراقبة الإرهاب.

ربما أن الكونغرس سوف يتخذ الخيارات السياسية الخاطئة عندما يُعيد النظر في البرنامج. إذا كان الأمر كذلك، فإن من المحتمل جداً أن يُقدّم تحدٍّ دستوري من قبل إحدى مجموعات الحقوق المدنية أو أكثر من مجموعة. بيد أن صدور أحكام خاطئة من قبل الكونغرس، سوف يكون من الصعب تحديها على أسس دستورية تحت قاعدة ما نص عليها قرار المحكمة في قضية (يانغستون). ذلك، أن سلطة الرئيس تكون “في أوجها” عندما يتصرف بتفويض صريح من الكونغرس.

إن ما يعنيه ذلك، بطبيعة الحال، هو أن الالتزام بالدستور لا يحمينا دائماً من القوانين الرديئة. ومع ذلك، وحتى إذا كان الدستور غير كافٍ كمرشد، فإنه بكل تأكيد مُرشد ضروري.

لسنوات عديدة، كنا نغامر بفقدان حقوق مدنية مهمة من خلال عدم التصدي للتجاوزات التي ترتكبها السلطة التنفيذية. ربما أننا ما زلنا نواجه ذلك الخطر. ولكن وبفضل وسائل الإعلام، والمحاكم، و—مؤخراً—معارضة أصبحت أكثر نشاطاً في الكونغرس، فقد استسلمت الإدارة أخيراً إلى القبول بطيف من الرقابة من قبل الكونغرس، حتى وإن كان التدقيق القضائي ما زال غير كافٍ.

إن ادعاءات الرئيس الزائفة فيما يتعلق بسلطات غير محدودة، هي الآن، موقوفة. إن ذلك يشكل السابقة الدستورية الصحيحة، حتى إذا ما نتج عنها في نهاية الأمر نتائج سياسية خاطئة. وعلى المدى الطويل، فإن السابقة هي أكثر أهمية من أحكام السياسة المؤقتة. وقد أعربت القاضية ساندرا أوكونر عن قرارها في قضية حمدي، واضعة يدها على المبدأ الأساسي الذي تنطوي عليه: “مهما كانت السلطة التي يتصورها الدستور الأمريكي بالنسبة للسلطة التنفيذية… في زمن الحرب، فإنها بكل تأكيد تطرح تساؤلات حول أدوار فروع الحكومة الثلاثة؛ عندما تكون في الميزان قضايا الحريات المدنية للأفراد”.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 21 أيار 2008.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018