إيمان الشافعي

peshwazarabic21 نوفمبر، 20100

(الإسلام هو الحل )، و الديمقراطية  شعار ترفعه الجماعات الإسلامية الساعية للاستحواذ  على دور كبير و فاعل  في الحياة السياسية والاجتماعية  في البلدان العربية. والجماعات الأخرى المسلحة التي تسعى سعياً حثيثاً للوصول إلى السلطة
لكن أي من الجماعتين لم يوضحا بعد ماذا تعني لهم هذه العبارة .
هل تعتبر الديمقراطية بالنسبة إلى هذه الجماعات مجرد وسيلة تسعى من خلالها للهيمنة أو الوصول إلى الحكم ؟، أم أنها تطرحها كأجندة متكاملة تحتوي الوسيلة والقيم التي تتكئ عليها؟
هل شعار “الإسلام هو الحل”، بزعم البعض أنها أجندة متكاملة، يمكن أن يحقق ما تصبوا إليه الديمقراطية؟ وماذا لو تعارض شعار الديمقراطية مع شعار “الإسلام هو الحل”.. فعلى أي من الشعارين سوف تراهن تلك الجماعات  ؟
من أكبر المشكلات التي تواجهها أكثر الجماعات الإسلامية في تحقيق مبدأ الديمقراطية، تشدد بعض الحركات المنضوية تحت إطار الإسلام السياسي في التزامها بالديمقراطية “كآلية” لتنظيم العمل السياسي والحركي، لكنها ترفض الاعتراف بالديمقراطية كروح ومحتوى ومفهوم وتذهب إلى حد مواجهة المفاهيم الحديثة التي تتأسس عليها. فهي تضع نفسها في منطقة تبرز خلالها الآلية لتنفصل عن المحتوى، رغم أن الآلية ليست سوى وسيلة يستحيل أن تنفصل عن محتواها، وإذا ما انفصلت فستصبح هي الهدف ويتم تجاهل المحتوى، بالتالي سوف يتم التفريط بالكثير من القضايا المرتبطة بالمحتوى، كقضايا حقوق الإنسان، على حساب الزعم بأن آلية الديمقراطية هي التي تعبّر عن مفهوم الديمقراطية.
و بالرغم من الشعبية الكبيرة لهذه الجماعات في العالم العربي، و دورها البارز على الساحة السياسية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة مع حزب الله في جنوب لبنان وحماس في فلسطين، ووصول بعض أعضاء الجماعات الإسلامية إلى مجلس الشعب المصري و حركة طالبان في أفغانستان. إلا أن هذه الحركات لم تحقق اندماجاً حقيقياً في المنظومة الأيدلوجية و الاجتماعية لهذه الدول، بل تحركت متفردة منفصلة عن هذه المنظومة بل ورسخت صداماً كبيراً و تشرذماً لأبناء الوطن الواحد. و هنا لا يمكن تحميل طرف واحد المسئولية كاملة فالأيدولوجية المعمول بها في هذه الدول هشة إلى الدرجة التي لا تمكنها من التماذج بين الليبرالي و الإسلامي، و تقبل التعددية الفكرية كما في التجربة التركية مثلاً التي حققت النموذج المتفرد في العالم الإسلامي لهذا الانسجام، و قدمت تجربة انتخابية لا يمكن أبداً مقارنتها بالتجارب الانتخابية المماثلة في العالم العربي و هنا أسئلة تطرح نفسها.
لماذا هذا الخوف والهلع الليبرالي من مستقبل حركات الإسلام السياسي؟ هل هو خوف مرتبط بتدخل سياسي في الأمر لعرقلة مكاسبها السياسية، والانتخابية، والتحريض ضدها ؟، أم هو خوف واقعي يستند إلى متبنيات فكرية ونظرية ووقائع على الأرض ؟وهل يرغب الإسلاميون في الاعتراف بأن الإسلام هو أفضل الحلول ولكنه ليس الحل الوحيد؟
يجب أن نقرر أولاً حقيقة أن السجال الدائر بين علمنة الدولة وتطبيق الشريعة الإسلامية هو في حقيقته سياسي وصراع على السلطة، وليس خلافا فكريا وفلسفيا والذي أدى لتفاقم هذا الصراع هو انخراط بعض الجماعات الإسلامية في السياسة أكثر من اهتمامها بتغيير فكر المجتمع و تفعيل دورها به ،  فانحدار هذه الجماعات في منعطف الصراعات السياسية كان بمثابة بداية النهاية لعدد كبير منها، فالسياسة وحدها تتكفل بخلق النزاعات و الخلافات، فممارسة السياسة في الدين بإخضاع الإسلام إلى مطالب السياسة والمصلحة والصراع، وممارسة الدين في السياسة عن طريق بقاء موقع قوي فيها باسمالمقدس، هي التي  أججت هذا السجال بين الليبرالي و الإسلامي .
تتبنى الأحزاب الإسلامية التي تسعى إلى السلطة الدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية، والتأكيد على حرية التعبير، والحرية الدينية، وحرية المؤسسات في إطار مرجعية إسلامية. ويتقبل معظم الليبراليين في الدول العربية فرض قدر من القيود على الحقوق المدنية والسياسية، ولكن ما يخشاه هؤلاء الليبراليون هو تزايد تلك القيود بشكل كبير في ظل نظام إسلامي، ومن تلك الإشكاليات التي تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية رغبة الإسلاميين في تقديم حق المجتمع على حق الفرد؛ فمن الناحية الفلسفية يجد الإسلاميون أنفسهم في مشكلة فيما يتعلق بقدرة الفرد على الاختيار، كما أن لديهم الاعتقاد بأن المجتمع لديه ما يعلو على الفرد.
لكن هذه المشكلة هي ناتجة عن المسافة الفاصلة بين النظرية و التطبيق فالنص الإسلامي وضع نظرية شاملة تصلح لأي زمان و مكان و لم يضع خطة تفصيلية واحدة يمكن اللجوء إليها كاستراتيجية أيدلوجية لإدارة الدولة و لو فعل ما كان نصاً صالحاً لكل زمان و مكان، و من هنا تبدأ الإشكالية بين استيعاب المتشددون في هذه الجماعات للنص و بين إمكانية تطبيقه كما استوعبوه ،  و ما نحتاجه كشعوب عربية من هذه الجماعات هو تبني برنامج ديمقراطي حقيقي مؤسس على مبررات إسلامية دينية ودنيوية, شخصياً أعتقد بوجودها . ما يهمنا ليس تجميل الماضي والدفاع عنه إلى درجة التصميم على إحيائه,وإنما بناء المستقبل, بمعنى تحسين ظروف حياة الناس المادية , الأخلاقية والاجتماعية. يهمنا أيضاً أن نعلم أن ما يحدث في الواقع هو ليس نتيجة حتمية لسيادة فكرة على المجتمع أو على غيرها من الأفكار, إنما هو نتيجة تلاقح الأفكار في إطار مجتمعي واقعي .
هنا من الممكن أن يتم التزاوج بين الفكرة والواقع الذي من الممكن أن يكون مناقضاً في بعض جوانبه لهذه الفكرة , ولمن يرى في ذلك خيالاً غير قابل للتطبيق فلينظر لحزب العمال البريطاني ذو الأصول اليسارية في مجتمع معولم وامبريالي, وللحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا مع ازدياد معدلات التحلل الخلقي وتصاعد المادية هناك , بل لينظر إلى حزب العدالة والتنمية ذو الأصول الإسلامية والذي يتباهى أعضاؤه بتدينهم في مجتمع يكاد يكون السفور والتعري أحد أهم ما يميزه عن بقية المجتمعات الشرقية. تتعامل كل هذه الأحزاب مع الواقع دونما حرج, وأيضاً دونما خجل من نظرياتها الفكرية التي وصلت بهاالسلطة ، إنها الديمقراطية الضمان الأوحد لتتم عملية التلاقح بين الفكرة والواقع بصورة سلمية وعلمية، لا شك في أن نظام الدولة الديمقراطية الحديثة لا يرى في الدولة مركزاً فكرياً عقائدياً يستطيع عبره أن يجسد ذاته, وإنما هو نظام يعمل على تسيير شؤون الناس, كل الناس بما تقتضيه المصلحة الجمعية. وكل من يستطيع أن يتكيف مع هذه الحقيقة يستطيع, بل ينبغي, أن يساهم في بناء تلك النظم أياً كان موقعه فيها، فهل تستطيع الحركات الإسلامية المعاصرة تفهم تلك الحقيقة ؟، هل يمكن لها أن تبلور الحرية الدينية الموجودة في النص الديني لتحولها لواقع يمكنها من التعاطي و الاندماج مع مجتمعاتها ؟  أو ستظل خارجة عن النسق ؟
© منبر الحرية ، 3 ماي /أيار 2010

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

في دولنا العربية نحظر تولى المناصب القيادية بالمؤسسات القومية بعد سن الستين، و تخرج كثير من توصيات المؤتمرات على التأكيد على هذه النقطة لإعطاء فرصة للكوادر الشابة لتولي هذه  المناصب، و ضخ دماء جديدة في شرايين مؤسساتنا المتصلبة فيما يعرف اصطلاحياً ب ( تداول السلطة ) ،  لكن هل منا من توقف عند عبارة  ستون عاماً قليلاً ليسأل ماذا تعني تحديداً لمسئول في منصب قيادي؟!
رجل زادت خبرته التراكمية بصورة طردية مع زيادة أعباءه الصحية التي ستؤدي بدورها إلى خلل غير مقصود في إدارته لمنصبه، و خاصة إذا كان يعاني من أمراض الشيخوخة و هذا من بديهيات الطبيعة.
و طبقاً لعلم الفسيولوجيا فالشيخوخة هي عملية بيولوجية حتمية تمثل ظاهرة من ظواهر التطور أو النمو التي يمر بها الإنسان، إذ أنها تعني مجموعة من التغيرات المعقدة في النمو والتي تؤدي مع مرور الزمن إلى تلف التركيب العضوي في الكائن الحي وبالنهاية إلى موته.
ولقد اختلفت الآراء كذلك في الوقت الذي تبدأ فيه الشيخوخة.
وتتخذ الإحصائيات سن الخامسة والستين قاعدة الشيخوخة، حيث تفترض أن معظم جماعة المسنين توجد فوق هذه السن ولا توجد تحتها.
وكلمة المسن في اللغة تعني:  الرجل الكبير ، ولذلك يقال أسنّ الرجل إذا كبر.
وفي الاصطلاح :  هو كل فرد أصبح عاجزاً عن رعاية وخدمة نفسه إثر تقدمه في العمر وليس بسبب إعاقة أو شبهها، وإن كانت بعض المنظمات الدولية تعرفه تعريفا إجرائيا تسهيلا للتعامل فتقول المسن هو (من تجاوز عمره الستين عاما).
و يوجد عدة تصنيفات للمسن ومنها:
المسن الشاب والذي يبلغ من العمر 60-74 سنة.
المسن الكهل والذي يبلغ من العمر 75-84 سنة .
من العمر 84 سنة  فأكثر . المسن الهرم والذي يبلغ
وتختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافا كبيرا، حتى في الوثائق الدولية. فهي تشمل : (كبار السن) و (المسنين)، و(الأكبر سنا). و(فئة العمر الثالثة) و (الشيخوخة)، كما أطلق مصطلح (فئة العمر الرابعة) للدلالة على الأشخاص الذين يزيد عمرهم على 80 عاما.
وتستخدم الأمم المتحدة مصطلح (كبار السن) وهو التعبير الذي استخدم في قراري الجمعية العامة 47/5 و 48/98. ووفقا للممارسة المتبعة في الإدارات الإحصائية للأمم المتحدة، تشمل هذه المصطلحات الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر، (تعتبر إدارة الإحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي أن (كبار السن) هم الذين بلغوا من العمر 65 سنة أو أكثر، حيث أن سن الـ 65 هي السن الأكثر شيوعا للتقاعد).
وأشار تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة عن المسنين 1973م، والذي وضع بناءا على قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 2842 إلى وجود اختلاف في الأفراد بالنسبة لشيخوختهم، فالبعض تبدأ عليه مظاهر الشيخوخة في سن 45 سنة بينما تبدو لدى البعض في سن 75 ويبقى أغلب الناس فوق سن 65 سنة في بيوتهم ويعتبرون قادرين نسبيا على رعاية أنفسهم بالرغم من تناقص قدراتهم،
ومن الآثار المصاحبة للتقدم في العمر قلة حركة المسن مما يزيد من نقص المرونة. كل هذه العوامل تؤثر على حركة المريض، وتعوقها خاصة في منطقة الرقبة والجذع والحوض ويؤدي أيضا إلى تهديد توازنه، ومع تقدم السن يقل سمك غضاريف المفاصل وتتآكل وتصبح حركتها مؤلمة.
أما التغيرات الجسمية غير المرئية فمنها ارتفاع ضغط الدم والإصابة بمرض السكر وغير ذلك من الأمراض غير المرئية:
عدم سهولة الانتقال من مكان لآخر
الشعور بالإرهاق والتعب الدائم
الإحساس  المتزايد بالألم
فقد القوة والاحتمال
عدم القدرة على التركيز
وأما التغيرات النفسية أهمها القلق والخوف.
ومن أبرز مظاهر التغيرات العقلية نجد النسيان وضعف الذاكرة .
فيما يؤدي المسنون وظيفة اجتماعية حيوية، تتمثل في أبسط صورها في تقديم خبراتهم وإرشادهم لمن حولهم في كافة جوانب الحياة.
و في الوقت ذاته لا يعني ما قيل سابقاً عن الأمراض التي تصيب المسنين أن عليهم قصراً التقاعد في منازلهم، و لكن و بكل تأكيد هناك دور كبير عليهم أن يؤدونه بما يتناسب و المرحلة العمرية التي يمرون بها وهو التوجيه و الإرشاد للقيادات الشابة ممن تتوفر فيهم مقومات القيادة الرشيدة، وهذه الفلسفة التي نراها للأسف غائبة عن كثير من مؤسساتنا العربية فالخوف يتصدر الموقف من نقل خبرة الكبار للصغار و هذا خوف فسيولوجي طبيعي يجب قهره بقوانين صارمة تنظم هذه العلاقة في إدارة الهيئات و المؤسسات المختلفة في مجتمعاتنا العربية .
من خلال ما سبق كيف نتصور حال  أمم و شعوب يقودها حكام في سن قد تخطوا هذا السن الموضوع لإدارة شركات و مؤسسات كبرى بهذا الرصيد من التأثرات النفسية و العقلية البيولوجية السابق ذكرها، و التي من شأنها أن تؤثر على قدرة الحاكم على الإلمام الكامل بمشاكل شعبه، و تؤثر على اتخاذه قرارات تحافظ على كرامة محكوميه نظراُ لطبيعة هذه المرحلة التي يسيطر عليها الاستكانة و الخوف من الدخول في مخاطر أنفاق استرداد الكرامة الوعرة و الميل للسير في أمان خلف أذناب بائعي رايات السلام المزعوم .
فيما نرى أن كراسي السلطة في أوطاننا إرث مستحق  غير قابل للاسترداد،  و لا نعلم لماذا لم تأخذ الدساتير في دولنا العربية بعين الاعتبار تقدم العمر و ارتباطه بالقدرة والكفاءة على تسيير أمور البلاد وشئون العباد و اقتصرت في سن القوانين المرتبطة بسن التقاعد لعامة الشعب أليس أولى بالحاكم أن يتبع ؟!.
© منبر الحرية ، 22 ماي /أيار2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

الموقف الإيراني الدولي ينفخ في جذوة الخلافات العربية  المشتعله بين الحين والآخر بتصريحات تستفز الجانب العربي في مغازلة للإدارة الأمريكية الجديدة، هدفها الرهان على ردود أفعال كلا الطرفين .
هذه الحالة من التناغم و التنافر في العلاقات الإيرانية العربية نغمة ليست جديدة الإيقاع على هذه العلاقة الإجبارية الأزلية بين الطرفين، و لكنها أصبحت نغمة أكثر حدة و توتر في ظل التصعيد الإيراني لمناقشة ملفات لا حاجة لفتحها في الوقت الراهن، و التدخل المقصود في  الأزمات العربية التي لعبت إيران دور كبير في تفاقمها، بل و كان لها دور أكبر في نشوب بعضها من الأساس ،   بالإضافة لسياسة افتعال الأزمات وحرب الحناجر التي تنتهجها إيران بحدة مع الجانب العربي في الفترة الأخيرة .
لماذا صرحت إيران منذ عدة أشهر على لسان مستشار بارز لآية الله على الخامنئي أن البحرين المحافظة الإيرانية الرابعة عشر ؟
لماذا تصعد هذا الملف المفتوح منذ عام 1970 و له سوابقه التاريخيه حسب الزعم الإيراني؟، وما معنى التلويح لدول الخليج بالصمت إزاء هذه القضية حتى تسقط إيران من حساباتها المطالبة بحقها في الجزر الإماراتية الثلاث في الوقت الحالي ؟
لماذا جاء رد الفعل المغربي عنيفاً واستثنائياً  في دعمه للمنامة ؟
ماذا تعني الزيارات المعلنة وغير المعلنة للرئيس العراقي جلال طالباني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد ؟
لماذا تدعم إيران البشير ؟
هل المنافسة غير المعلنة بين أحمدي نجاد وشمعون بيريز للتغلغل في أمريكا اللاتينية تعد دليل على نجاح السياسة الإيرانية في تحقيق أهدافها؟ وهل ثمة تهديد للمنطقة إذا صحت هذه الفرضية؟
الامتداد الشيعي في الدول العربية يمثل بيت القصيد في التوتر العربي الإيراني. والهاجس التاريخي هو الخلفية التي تستند عليها إيران في التبرير لأطماعها في الجزيرة العربية التي كانت تحت النفوذ الفارسي ثم استقلت عنه منذ أربعة قرون تقريباً حيث استولى عرب عتبة- آل خليفة- على الجزيرة، وطردوا الفرس منها واستقلو في حكمها .
و السؤال الذي يطرح نفسه منذ حرب تموز 2006 في جنوب لبنان و تصاعدت حدته بعد حرب غزة لماذا الآن تفتح هذه الملفات القديمة  ؟
الحقيقة أنه كما أشرنا آنفاً فمغازلة البيت الأبيض في ثوبه الجديد هي اللعبة النارية  الإيرانية الجديدة،  لكن اللعب بالنار لابد أن يؤذي في أقل خسائره المحتملة  أصابع من يحمل جذوتها ، لكن إيران ترى أنه قد حان وقت إعادة التوازنات في القوى السياسية في المنطقة العربية مهما كان الثمن المبذول لذلك .
وفيما يبدو فمساعي إيران لذلك ستؤتي ثمارها، فحضور إيران مؤتمر دولي حول أفغانستان بدعوة من واشنطن، ومن ثم سعيها للتفاوض معها بالرغم من التعنت البادي في الموقف الإيراني تجاه الملف النووي و عدم التزامها بقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير،  يعني أن إيران استطاعت أن تمتلك أوراق ضغط جيدة لتسوية الملفات المفتوحه بينها و بين أمريكا. وإذا أحسنت استغلالها فور جلوسها على مائدة المفاوضات ، وفي ظل حالة الانقسام العربي تجاه التعامل مع الملف الإيراني وعدم وجود أجندة عربية موحدة من الأصل للتعامل مع القضايا العربية المشتركة أو مواجهة الأطماع الدولية، فسيظل التخوف من تسوية الملف الإيراني الأمريكي على حساب إعادة توازنات القوى في المنطقة لصالح إيران قائماً، والمد الشيعي في المغرب و العراق ومصر والسودان سيلعب دوراً أكثر خطورة في حرب طائفية إيرانية عربية عربية لن يسلم من نيرانها أحد، وستكون الأخطر على أمن المنطقة، ومما لا يخفي على أحد أن  تاريخ الحروب المذهبية دائماً هو الأعنف منذ عرفت الأرض لغة القوة .
لذا نجد المغرب وهي ليست دولة من دول الجوار الإيراني ولا مستهدفة في طموحاتها الاستعمارية ولا توازناتها الدولية، تأخذ موقفاً معادياً لها بقطع العلاقات بين البلدين في رسالة تحذير ليس المقصود بها إيران وحدها، ولكنها أيضاً تحمل في طياتها رسالة  قوية وجهتها الدولة المغربية لنشطاء التيار الشيعي بالمغرب وحتى داخل الجاليات المغربية المتواجدة في أوروبا .
والتخوف المصري من المد الشيعي الذي أعلن عنه الشيخ يوسف القرضاوي منذ عدة أشهر، وتصاعد حدة لهجة الخطاب السياسي بين إيران الشيعية،  و السعودية  السنية، و الدعم الإيراني للشيعة في العراق، و لكل الفصائل المسلحة المعادية للحكومات يبدو جلياً في لبنان  و فلسطين، ورأينا ثمرة هذا الدعم في حرب  حزب الله الأخيرة في جنوب لبنان و حرب غزة الأخيرة مع إسرائيل  بدعم إيراني لحماس.
فإلى متى ستظل إيران تلعب دور نافخ الكير في المنطقة  ساقطة من حساباتها  دماء آلاف الضحايا من المدنيين؟
إلى أي مدى يمكن للهاجس الشيعي الإيراني أن يشعل فتن طائفية داخل الدول لتتحول لمذابح كبرى ؟
و هل هذا كله من أجل استعادة الإمبراطورية الساسانية في إطار جديد لنموذج فارسي أكثر تطوراً يحمل كل وسائل التكنولوجيا ويسعى للتفوق في امتلاك كل أسلحتها ؟
إلى أي مدى  سيمتد الهاجس الطائفي و التاريخي الفارسي الشيعي  ليلتهم كل الأعراف والقواعد الإنسانية و احترام المذاهب  المفروض بين الدول الإسلامية ؟
© منبر الحرية، 03 فبراير/شباط 2010

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

تنقسم القمم على خلفية الهدف المرجو منها إلى ثلاثة أقسام،1. قمة مصارحة و هي الأبدى بين القمم،2. قمة مصالحة هي تعلن بصراحة عن وجود خلافات تسعى لحلها
و كلاهما تؤتى منهما الثمار، 3. قمة مصافحة و بوس اللحى و هي التي لا تؤت ثمار لبذور لم تغرس قط.
هنا يجب الحديث عن جدوى القمم العربية و أهمية انعقادها بشكل دوري.
القمة هي الآلية الكبرى التي تعتمد المحور السياسي و الاقتصادي و الأجتماعي و انعقادها بشكل دوري ضروري لإدارة الملفات المستجدة على كافة المحاور السابقة.
و لكن هل القمم العربية تفعل هذا الدور المنوط بها ؟
يتضح هذا من خلال مقارنة بين القمة الأفريقية و القمة العربية اللتان بدأتا دوريات انعقادهم في نفس الوقت، في حين انعقدت 39 قمة أفريقية انعقدت 21 قمة عربية حقيقة لا تحتاج لتعليق ! و في مقارنة أخرى بين قمة انشاص عام 46 التي خرجت بنتائجها غير المعلنة عن حضور سبع دول عربية و قرار ظل طي الكتمان حتى عام 48.قمة 63 التي لفت فيها الرئيس المصري عبد الناصر أنظار العالم العربي عن خطورة تحويل مياه نهر الأردن لصالح إسرائيل، هذه قمم سجلت في ذاكرة التاريخ فماذا عن قمة الدوحة الأخيرة؟!
إدارة الخلافات بدلاً من المصالحة العربية !
تمثيل عربي على أعلى المستويات و غياب الشقيقة الكبرى !
تمسك بمبادرة السلام العربية المطروحة على طاولة المفاوضات لست أعوام على التوالي بشكل لم يعد يصلح للتصديق عليها أو إغفالها !
صعود سوداني.. هبوط فلسطيني !
المصالحة العربية كانت عنواناً عريضاً لهذه القمة و خيار لا بديل عنه لدول الحضور و الخلافات كانت أعمق من قمة لم تتعدى الملاسنة و بوس اللحى إلى عرض حقيقي للمشكلات و محاولة البحث لها عن حلول فخرجنا بأضعف الإيمان على لسان الرئيس السوري الأكثر صراحة في هذه القمة معلناً إدارة الخلافات أضعف الإيمان.
ما عن القضية الفلسطينية التي كانت محوراً لكل القمم العربية السابقة فقد توارت كثيراًُ في هذه القمة خاصة و لم يحدث تصالح فلسطيني فلسطيني كما كنا نأمل قبل انعقاد هذه القمة.
و كان غياب الشقيقة الكبرى الحدث الذي لم نجد له مبرراً مقنعاً عن هذه القمة التي حرص جميع الزعماء العرب على التواجد فيها لماذا ؟ هل هكذا تعاقب الشقيقة الكبرى أشقائها الأصغر ؟! ما هي الرسالة التي توجهها مصر بهذا الغياب و إلى من؟
غياب مصر في أجواء تصالحية كما يبدو للوهلة الأولى غير مبرر و لكن من يجيد قراءة ما خلف الكواليس يجد أن الشقيقة الكبرى أرادت بهذا الغياب عقاب الأشقاء الصغار على عرقلة سعيها في حلول بعض القضايا الأقليمية و التلاسن الإعلامي الذي طالها و لكن هل في السياسة يوجد كبير و صغير أم أن من يتحمل دوره يستحق الاحترام ؟ و هل الغياب الطريقة المثلى لحل الخلافات ؟
تعاني منطقة الشرق الأوسط من فراغ في الأدوار الأقليمية و تكالب من بعض الدول على سد الثغرات دون تحديد للأدوار و من هنا بدأت المشكلة التي أججتها قطر بدورها الكبير في زيادة مساحة الخلاف الفلسطيني الفلسطيني و محاولتها دحض الدور المصري في إدارة ملف غزة، دعم التدخل الإيراني في الملفات العربية الساخنة في الوقت الذي مازالت مصر تعمل بنظام اقليمي عربي يحافظ على آليات الجامعة العربية و لا يقبل التدخل في شئون القطر العربي التي تتحمل العبء الأكبر في حلها إلا في صورة أدوار تكميلية و ليست تدميرية لدورها و سيادتها التاريخية.
فيما كانت كلمة د.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية نائباً عن الرئيس المصري رسالة عتاب موجهه حين قال ( نحن مع دعم الإعلام المسئول الذي يلتزم الحقيقة في مادته الإعلامية و ينأى بنفسه عن ترديد الشائعات )
و أشار في رسالة أخرى إلى ضرورة تفعيل آلية القمم المصغرة و فق قواعد جديدة حتى لا تتحول إلى آلية لنفخ جذوة الخلافات العربية المشتعلة.
في الوقت الذي تنتهج فيه مصر آلية الجولات المكوكية أو القمم الصغيرة لإيمانها بأنها تحل كثير من الخلافات التي لا يمكن طرحها على مائدة مفاوضات قمة مارس من كل عام.
فيما نتوقع جولة مكوكية قريبة لتصفية الخلافات تجمع أمير قطر و رئيس سوريا مع مصر و السعودية صاحبتا التمثيل الدبلوماسي الأقل في هذه القمة.
فيما تضمنت كلمة د. مفيد شهاب رسالة أخرى تطوي بداخلها طرح قضية التعريب في كلمة صريحة موجعه متطلعة للمستقبل ( إحدى جارات العالم العربي دخلت عالم الفضاء )
أما عن الملف الرئيسي لهذه القمة و هي مبادرة السلام فما جدوى هذه المبادرة التي يبدو بشأنها كل هذا الخلاف في ظل سياسة التهويد و الاستيطان الإسرائيلية ؟ و المرحلة الصعبة التي ستقبل عليها ملفاتنا العربية المفتوحة مع إسرائيل في ظل القيادة اليمينية المتشددة للحكومة الجديدة و حفائر المسجد الأقصى التي لم تتوقف ؟ و لكن هل سحب المبادرة مناسب في هذا التوقيت ؟ و ما هو البديل ؟
يقول المحللون السياسيون أنه في ظل تغير نظرة العالم الغربي لإسرائيل و تشكك أمريكا المعلن في إمكانية تحقيق تقدم في قضية السلام مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ستقدم هذه المبادرة العرب للعالم كدعاة سلام و ستصبح غطاء لمطالبنا المشروعة.
لكن الواقع له حديث آخر فنظرة العالم الغربي التي يشار بتغييرها لن تغير في مواقفه التي يتبناها تجاه العالم العربي الكثير لأن المسألة تدخل فيها التوازنات السياسية و الأقتصادية و لا مجال فيها للجانب العاطفي الذي يعول عليه المحللون في ضرورة التمسك بهذه المبادرة.
كما أن هناك حقيقة لا تقبل الشك في أن هذه المبادره المثار حولها الخلاف لم تعد تصلح الآن حتى على مستوى إدارة الخلافات العربية بعدما اخفقت في تحقيق حلم المصالحة بالأقتراب من الملفات الرئيسية و الاتفاق على الحدود الدنيا لحلها و أصبح لزاماً علينا الآن تبني موقف عربي موحد وفق تصورات عربية جديدة تتفق و الموقف المتأزم الذي تمر به المنطقة و تتلامس مع المتغيرات العالمية الجديدة بتقديم أجندة أقتصادية و سياسية موحدة تجبر العالم على خيار السلام، تجبره لا تستجديه فهل نحن قادرون على تقديم مثل هذه الأجندة أم سنظل نتفق و نختلف حول عبارة السلام خيار إستراتيجي العبارة مطاطة التي تحمل أي معنى حقيقي و التي تبنتها الاتفاقية في أول بنودها ؟!!!!
© منبر الحرية، 31 مايو 2009

peshwazarabic11 نوفمبر، 20100

في وصمة عار على جبين سلطتنا المصرية بعد رضوخها لمطالب سلطة الاحتلال الإسرائيلية من جهة، و الأصوات التي تشجع النزعة الفردية في حل أزمات الترسيم الحدودي المستعصية ، وفي إذعان  لتحقيق الظلال التي يرمي إليها  النصف الأول  لأحد الأمثال الشعبية المصرية ”  أنا و أخوي على ابن عمي و أنا و ابن عمي على الغريب ” و لأن هذا الغريب حتى الآن مازال في استطاعته تقليم أظافر الحكومة المصرية لتمثيل دور الساكت عن الحق ما دام لم يمسه أذى مباشر ملموس على اعتبار أن أهلنا في  غزة أولاد عم و ليسوا أخوات أشقاء لنا .
أما أهلنا في سيناء فتعتبرهم الحكومة المصرية فيما يبدو أبناء سفاح لا تعترف بأدنى حقوقهم .
نزعت مصر  لبناء الجدار  الفولاذي ليكون بمثابة كماشة لأهل غزة بالداخل، فهو من جهة و قمع إسرائيل من جهة و لا مفر العدو أمامكم و البحر وراءكم وفي نفس الوقت كان دافعاً قوياً لاستثارة مشاعر غضب أهلنا في سيناء اللذين يعانون الأمرين من إهمال الحكومة لهم و كأنهم يعيشون في دولة خارج الدولة فلسان حالهم يقول ” “الصهاينة أيام احتلالهم سيناء كانوا أحن علينا من حكومة مصر ”
ليس هذا زعم أو افتراض متخيل بل و بكل أسف واقع تقره الحقائق و الشواهد تعالوا نستعرض معاً الآثار السلبية للجدار العازل على أهل سيناء .
كثير من التقارير الإخبارية قد أفادت بأن مصر ستضخ كميات كبيرة من المياه المالحة في المنطقة الحدودية أسفل الجدار الفولاذي لإحداث تصدعات في الأنفاق، خاصة أن المياه المالحة تتسبب في صدأ أي معادن مستخدمة في الأنفاق، وتؤثر على تماسك التربة، وتجعل من شق أنفاق جديدة أمرا شديد الصعوبة على الغزاويين المحاصرين منذ أن سيطرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على غزة في يونيو 2007.
كما هو معرف أن مناطق الشريط الحدودي على الجانب المصري من أجود مناطق الزراعة التي استصلحت خلال السنوات العشر الأخيرة، وتعتمد بشكل رئيسي في ريها على المياه الجوفية المستخرجة من الآبار؛ حيث يتميز الخزان الجوفي في تلك المنطقة بعذوبته؛ لذلك يعتمد عليه أيضا بقية أهالي قرى سيناء في نقل المياه منه إلى قراهم للشرب بواسطة الشاحنات .
فيما تسود حالة من الترقب والحذر أوساط المزارعين في مناطق الحدود المصرية مع قطاع غزة خوفا من تبعات اعتزام مصر ضخ مياه البحر المالحة في باطن الأرض بالمنطقة الحدودية، ضمن الإنشاءات التي تقوم بها لبناء “الجدار الفولاذي” تحت الأرض على طول الحدود مع القطاع المُحاصر. مما سيؤدي بدوره  إلى شلل تام في حركة العمران الزراعي واستصلاح الأراضي، أما عن آثار المياه المالحة التي سيتم ضخها من أنابيب في باطن الجدار إلى الجانب الفلسطيني من الجدار الفولاذي لتنهار الأنفاق، والتي ستمتد آثارها إلى رفح والشيخ زويد والعريش، وهي مناطق زراعية خصبة، وكذلك إلى غزة، وسنصبح فيما بعد مطالبين بالبحث عن حل لهذه الكارثة البيئية إذا ما حلت بالمنطقة وإسرائيل هي المستفيد الوحيد من إحلال الخراب بتلك المناطق وتبويرها”.
في نفس الوقت كشف خبراء زراعيون في سيناء، أن تشبع الخزان الجوفي في تلك المناطق بالمياه المالحة سيؤدي إلى بوار الأرض الزراعية، وعودة مشهد التصحر، وهو ما يعني خسارة لا تقدر بثمن بعد كل هذه المراحل المتقدمة من استصلاح الأراضي الرملية، واستقرار الآلاف من العاملين فيها.
بالإضافة إلى تأكيد الخبراء الزراعيون على أن ملوحة طبيعية أصلا بدأت تواجه الخزان الجوفي في تلك المناطق منذ نحو عامين، وهو أمر متزايد بسبب النشع المتواصل للمياه كلما كثر حفر الآبار، وامتدت الرقعة الزراعية، ما يعني سرعة زيادة نسبة الملوحة إذا ما طغت مياه البحر بصورة كاملة على مياه باطن الأرض.
و كما هو معروف للجميع  أن استثمارات ضخمة في مجال الزراعة تم ضخها في تلك المناطق خلال السنوات الأخيرة لجودة تربتها وعذوبة مياهها الجوفية، واستطاع المستثمرون استصلاح مئات الأفدنة في المنطقة الحدودية وامتدادها وزراعتها بأجود أنواع الموالح والخضار، ويصدر المنتج من هذه المحاصيل إلى الخارج لجودته”فترى ماذا سيكون عليه الحال بعد خلط ما تبقى من المياه الجوفية بماء البحر.
أما عن تمييز السلطات المصرية ضد أهل سيناء فيبدو هذا جلياً في تعاملها مع أحداث السيول الأخيرة فيما كان يموت أهلنا هناك لم ترسل إليهم طائرة واحدة لانتشالهم من الغرق أو حتى إلقاء الطعام إليهم بعد أن أصبحوا في جزر منعزلة، في حين أن طائراتنا الحربية خرجت لتأمين دخول مشجعي المنتخب المصري في السودان، فيما يعتبر هذا السيل بمثابة ضوء خافت يشير إلى حقيقة ربما أغفلها الكثيرون، و هي أنه لا فرق بين الموت هنا أو في غزة .هذا السيل لم يعترف بالحدود المصطنعة بيننا وبين فلسطين بأرضي 48, حيث المنطقة موحدة جغرافيا, فتأتي مياه السيول عبر الوادي المشترك مدمرة سدود العدو الإسرائيلي، وكأنها غاضبه, لتلتقي مع وديان سيناء لتصب بوادي العريش . لقد وزع هذا السيل شهادات وفاة مجانية على الجميع و جعل للموت بينهم طعم آخر ، طعم لا يعرفه إلا من تذوق رهبته. موت بمرارة مفاجأة جبروت الطبيعة، و إهمال السلطات المعنية بتطبيق سياسة إدارة الأزمات حيال هذه المشكلة التي كشفت عن عدم وجود مثل هذه السياسة ضمن أطر حكومتنا المصرية .
و بالرغم من كل هذه الانتقادات الموجهة لإقامة هذا الجدار تواصل مصر الأعمال الإنشائية لبناء “الجدار الفولاذي” تحت الأرض على طول حدودها مع غزة لسد الأنفاق التي حفرها الغزاويون الذين يعتبرون هذه الأنفاق متنفسهم الوحيد في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ ثلاث سنوات ؛ ما أثار غضب سكان القطاع (نحو 1.5 مليون فلسطيني) و غضب الآلاف من أهلنا في سيناء و العريش .
بناء مثل هذا الجدار الذي ألحق الضرر بأبنائنا و أولاد عمنا قد ربط مصائرهم بصورة تلقائية ليصبح هذا الجدار تطبيقاً مغلوطاُ  لتقليد نابع من موروثنا الشعبي فيما يتنافى مع الأعراف الإنسانية .
* كاتبة صحافية مصرية
© منبر الحرية، 14 مارس/آذار 2010

peshwazarabic11 نوفمبر، 20100

هل أصبح العرب كعرائس الماريونيت دمية بلهاء رادخة في يد كل من يوجهها ؟
ماذ فعلت الكرة الطائشة في الملعب العربي ؟
هل الهرم المقلوب في ترتيب الأولويات العربية هو الذي سدد هذا الهدف في مرمى العرب المتصدع فأدى لشرخه ؟
لماذا تنفخ دولتان عربيتان في هذا الوقت جذوة النار المشتعلة لتزيدها اشتعالاً ؟
هل تندرج لعبة كرة القدم وغيرها ضمن الأنماط السلوكية السائدة في المجتمعات العربية ؟
هل القومية العربية خياراً مطروحاً لحل أزمة الهوية الثقافية ؟
في زمن الهرم المقلوب والمفاهيم المغلوطة تلوح حرب أهلية جديدة تدشنها وسائل الإعلام العربية التي برعت في القيام بهذا الدور منذ حرب أمريكا على العراق أو بمعنى أكثر دقة الغزو الأمريكي للعراق لأننا في هذا المقال تحديداً سنعول على دقة التعريفات وما سببه اللغط والتشويش المقصود وغير المقصود من انحراف على الصعيد السلوكي وتردي على الصعيد الفكري في بلادنا العربية، هنا سؤال يطرح نفسه بقوة هل الخلاف المثار حوله الجدل بين الدولتين يستند لصراع حقيقي جيوسياسي على الأرض أو فكري عقائدي أو حتى عرقي كسائر الحروب الأهلية الدائرة منذ أمد بعيد ؟! أم إنه صراع خالي من الهدف كقرع الطبول على الخواء ؟ هذا الطرح سأترك إجابته لقدح زناد عقولكم.
عندما نقزم الوطنية والهوية الثقافية لدولة ما ونجسدها في كرة طائشة تسير بها حيث شاءت ونجعلها الممثل الأمثل لشعوبها فماذا ننتظر ؟
إن كل مواطن عربي ممثل لبلده وفي مقدمتهم يأتي العلماء وأصحاب الفكر ورجال الدين والفنانون الحقيقيون، هؤلاء هم أصحاب الرتبة الأولى من السفراء فماذا إذا تجاهلنهم جميعاً وعتمنا على دورهم واتجهنا بكل ثقلنا التاريخي والسياسي لندعم أبطال جدد صنعناهم بجهل متعمد.
التصفيق.. حرب إعلامية متجددة
شعوبنا العربية قادرة بشكل غير مسبق على التحرك كعرائس الماريونيت أينما وجهت و لديها أيضاً قدرة فائقة على التصفيق والتهليل الذي يصنع في عصرنا المعجزات.
التصفيق له حكاية تاريخية قديمة، كان أداة من أدوات النصب السياسي والفكري، يستخدم لشحذ مشاعر الشعوب لتأييد زعيم ما ثم انتقل من المعارك السياسية دون أن يترك مقعده شاغراً بالطبع ليصيب بعدوته الأعمال الفنية والثقافية والرياضية  لرفع شأن عمل لا يستحق في مقابل أعمال أخرى، وكان محصوراً بالمسارح ودور عرض الفنون وملاعب الرياضة،  أما الآن فأصبح الباب مفتوحاً على مصراعيه والقنوات الشرعية للتصفيق كثيرة إضافة لما ذكرناه سابقاً تأتي الجرائد القنوات الإعلامية ومنتديات الإنترنت وهي وسائل تكتسب أهميتها كونها أكثر جذباً وأوسع انتشاراً، فنرى كيف أدارت أمريكا حملتها الدعائية لأوباما بذكاء ومهارة شديدة كان اللاعب الأكبر فيها الإنترنت.
إدراكنا لهذه الحقائق كفيل وحده لتفهم المشكلة بعودتنا لإرهاصاتها الأولية لندرك كنه المشكلة الحقيقي، اللعب على معاني القومية العربية وإحلاله بمفهوم الهوية الثقافية المتفردة لكل دولة وتقزيم هذه الهوية في لعبة تعبر عن نفسها ولا يمكن بحال من الأحوال أن تجسد معنى نفتقده جميعاً واستغل هذا الفقد بشكل بارع معنى الوطن.
الانتماء
نحن جيل لا نعرف معنى الانتماء، جاءت لعبة كرة القدم وبعض الفنانين لنجعلهم وطن ننتمي له ندشن له أغانينا الوطنية التي تحتل مكاناً كبيراً في القلب “خلي السلاح صاحي” ” ياويل عدو الدار.. حي على الكفاح ”  الأولى مصرية و الثانية جزائرية  رددناهما في معاركنا الكبرى التي تستحق والآن ندشنها لمواقع لا ترقى لهذا الشرف العظيم.
هنا سؤال يطرح نفسه بقوة لماذا لم ندشن أوبريت الوطن العربي إن كان هذا الشحن العاطفي غير مقصود ؟
هذا ليس اعترافاً ضمنياً بالاتفاق مع هذا السلوك الشاذ الذي أصبح سائداً وإنما دعوة للتأمل الذي هو البوابة الأولى للتغيير؟
تطالعنا صحف عربية كل يوم أن هذه الأزمة آتت أكلها بأن وحدت شعبا الدولتين للالتفاف حول زعمائهما متناسيين كل مشاكلهم الكبرى الداخلية والخارجية وأن هذا انتصاراً عظيماً حققته هذه اللعبة وقدمته هدية لشعوبها جزاءاً بما قدموه لها من قرابين وهدايا.
سنغض الطرف عن هذه النتيجة المقصودة بالطبع، ونناقش قضية سلوك سائد قديم يتجدد على مر العصور ” الغاية تبرر الوسيلة ” إن كان فرضاً هذه الغاية محمودة فهل الوسيلة مشروعة ؟
بنظرة على واقعنا العربي نجد أن هذه الوسيلة تكتسب شرعيتها من نمط سلوكي عربي سائد لم نفكر يوماً في محاولة تغييره و لم نقترب حتى من محاولة فهم أسبابه، كجمع التبرعات لهدف نبيل بطريقة غير شرعية، السرقة التي وجدنا لها المبررات مادامت الضرورة تدعو لذلك، وحتى على مستوى المواطن العربي البسيط نسمع جملة أصبحت مألوفة نصف بها أفعال لا تستحق كأن نقول: جيد أنه فعل كذا غيره لا يعمل، كأن من لا يعمل أصبح هو النموذج والخارج عنه بطل يستحق تصفيق عرائس الماريونيت.
الماريونيت.. عرائس فقدت بوصلتها
بالمناسبة كلمة قرابين في المحور السابق لم تكتب بشكل عشوائي هي معني مقصود فالأساطير العربية مازالت حية في وجدان الشعوب العربية ومن يترصد لململة هذه الشظايا الأسطورية سيجد ما نفعله الآن امتداد طبيعي لارتباط الوجدان العربي بمحاولة تجسيد المعاني الكبرى في حياتهم في أشياء مادية، كأن يجسدوا الإله في صورة الحاكم أو الانتماء الوطني المفقود في كرة قدم.
على أي حال اتفقنا أو اختلفنا على ما سبق فلن نختلف على أننا الآن أمام قوة لا يستهان بها درست الشخصية العربية بشكل عميق لتعي جيداً أن هذه الشعوب يحركها وجدانها بشكل استباقي لعقلها.
توجهنا هذه المرة بقوة اندفاع مشاعرنا الغاضبة لاتجاهات لا نراها ولم نقف مع أنفسنا وقت كاف لنرى أسباب هذا التوجيه وهل هو خارجي مدعوم بمساندة من الداخل ؟ أم هو عربي.. عربي ؟!
هل يمكن انحراف هذا الغضب ليتحول لسلوك فاعل في قضية كبرى، بطرح آخر هل الجيشان المصري والجزائري على استعداد لتحرير مقدساتنا المسلوبة ؟
وإن كان هذا الطرح فيه خلط لأوراق كثيرة لكن غايته نبيلة ووسيلته شريفة أيضاً.
هل العرب في طريقهم الآن لمسرح العرائس على استعداد لاستعادة خيوط اللعبة لإعادة توجيهها ؟ أم أنهم سيستمرون في لعب دور الماريونيت الذي لا يتناسب لشعوب لها تاريخها وعراقتها وانصهارات مشتركة  فكرية علمية فنية سابقة ؟
© منبر الحرية، 24 نوفمبر/تشرين الثاني2009

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018