تيموثي لينش

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

إفشاء حقيقة جمع وكالة الأمن القومي سراً بيانات المكالمات الهاتفية لملايين الأمريكيين جاء على خلفية اقتراح المدعي العام غونزاليس ان للرئيس «صلاحية تنفيذية متأصلة» للتنصت على المكالمات المحلية في الولايات المتحدة من دون ضمان. كان ذلك الادعاء ضمن سلسلة من المزاعم الدستورية غير الطبيعية التي لجأت اليها ادارة بوش خلال الحرب على الارهاب. وبين هذه الادعاءات: سلطة إبقاء الأمريكيين على الاراضي الأمريكية واحتجازهم من دون تهم أو محاكمات طوال فترة تلك الحرب، وسلطة تجاوز القوانين التي تتعارض مع أي من التدابير التي يريد الرئيس اتباعها في الحرب على الارهاب.
وهناك مبدأ عام يقف خلف كل هذه الادعاءات هو أن سلطة الرئيس لا بد أن تُترك من دون قيود، لا يراقبها سوى حسن نية السلطة التنفيذية والاحتمالات البعيدة لمحاكمة الرئيس.
الأكثر إثارة للدهشة أنه حتى عندما كان الرئيس يستنزف الدعم المحافظ في بعض الشؤون، كالهجرة والإنفاق، استمر المحافظون في دعم مزاعمه الدستورية المريبة. ولطالما احتفى اليمين بـ”قوة السلطة التنفيذية” الهاميلتونية، لكن نظرية الرئيس الواسعة للسلطة التنفيذية تفوق ذلك بكثير. فهي تتقرب من كابوس جيمس ماديسون الذي تجتمع فيه السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الأيدي ذاتها، في حال سماها ماديسون “التعريف الأكيد للطغيان”.
وعلى رغم ذلك، فإن القياديين المحافظين استجابوا بهزء لأي محاولات لتحجيم قوة بوش. في آذار كتب محررو صحيفة “وول ستريت جورنال”، بعدما لاحظوا محاولات الكونغرس العرجاء لاستعادة الاشراف على الرقابة التي تتولاها السلطة التنفيذية: “فلنتمنَ أن عندما يندب أحد ملوك العاصمة (الرئاسة الامبراطورية) في المرة المقبلة، ينفجر الجميع بالضحك. ما كنا نشاهده هذا الأسبوع هو مجموعة من الاقزام الليليبوتيين في كابيتول هيل وهم يربطون إدارة بوش التي كثيراً ما تشبه غوليفر”.
وبعد شهر أوشك المدعي العام لغوليفر، اثناء شهادته أمام الكونغرس، أن يتطرق الى نظرية الادارة حول صلاحية السلطة التنفيذية في تطبيق الرقابة بلا ضمانات على المكالمات المحلية للأميركيين، رافضاً في الوقت ذاته أن يؤكد وجود برنامج كهذا أو ينكره. في ذلك اليوم، أصدرت وزارة العدل ما يمكن أن يطلق عليه “التوضيح غير التوضيحي” لشهادة غونزاليس: “يجب ألا تفسر شهادة المدعي العام اليوم على أنها تقترح وجود برنامج محلي أو عدم وجوده.”
يثق المحافظون بأن جورج دبليو بوش لن يسيء استخدام السلطات التي لديه. ولكن، قبل سنوات قليلة فقط أدركوا أن ليس كل رئيس أهلاً للثقة غير المشروطة. عرفوا أن الرئاسة يمكن أن يمسكها رجال مرتشون فاسدون جداً، لا يثنيهم شيء عن الاحتفاظ بالسلطة. ورأوا الرئيس بيل كلينتون على هذا النحو سواء بانصاف أو بظلم، ونددوا به بعبارات شديدة. ودان المحافظون، بمن فيهم محررو الصحيفة، سوء استخدام مئات من ملفات (اف. بي. آي) والانتهاكات المزعومة لسلطاته خلال فضيحة (ترافلغيت). وبدأ مرشح آخر باسم كلينتون، يقود استطلاعات الرأي في تسمية الديمقراطيين، فاعتنقوا بلا تردد نظريات السلطة التنفيذية التي ستسمح لكل رئيس بالتجسس على الأمريكيين من دون رقابة واحتجازهم من دون محاكمة.
في الاجتماع السنوي للجنة العمل السياسي المحافظ في شباط الماضي، حاز العضو السابق في الكونغرس بوب بار، وهو محافظ عتيد ومدير سابق لمحاكمة الرئيس في محاولة إزاحة الرئيس كلينتون من منصبه، على استقبال فاتر جداً، عندما حذر من اخطار الرئاسة الامبراطورية. كان خصمه في المناظرة، فيت دن، مهندس قانون المواطنة، أكثر ارضاء للجمهور. قال دن للجمهور: “لدى الحركة المحافظة شكوك موضوعية بالسلطة الحكومية، ولكن لسوء الحظ احياناً تحتاج هذه الشكوك الى الرضوخ.” وتحتاج كلمة أحياناً الى اعادة نظر لتصبح (من الآن فصاعداً).
بدأ البنتاغون يسمي الحرب على الارهاب “الحرب الطويلة” التي على عكس الحروب الأخرى لن تنتهي بمعاهدة سلام عبر طاولة ديبلوماسية، بل ستأخذ عقوداً من الزمن، وعندما يتحقق النصر، قد لا نعرف في شكل أكيد أننا ربحنا. إن السلطات فوق الدستورية التي نتحملها اليوم ستتوافر لجميع الرؤساء في المستقبل، سواء كانوا أخلاقيين أم لا، ونظامنا الدستوري برمته يتنكر للفكرة القائلة أن انتخاب الرجال الجيدين هو رقابة جيدة على سوء استخدام السلطة. وللحفاظ على هذا النظام، تحتاج هذه البلاد بشدة، الى انبعاث “الشكوك الموضوعية” للمحافظين.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 4 تموز 2006.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018