جيفري برينن

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

1. مقدمة
هنالك شيء يثير عدم الرضا العميق، عندما يتعلق الأمر بعلماء اقتصاد، الذين يقدمون موضوع بحثهم بالإشارة المعتادة إلى روبنسون كروزو، الذي يواجه “مشكلة اقتصادية” لأن عليه أن يقرر كيف يخصص موارده المحدودة (بما في ذلك الوقت) بين استخدامات متنافسة. مع هذه التقدمة، يصبح أمراً سهلاً للغاية الانزلاق من مصفوفة كروزو إلى إطار يواجه فيه “المجتمع” أيضاً “معضلة اقتصادية”، ثم القفز، لا شعورياً، من تحليل تعظيم الفائدة الفردية إلى اهتمام مباشر بتعظيم القيمة للمجتمع.
ما يظل خارج هذا السياق التدريسي البداغوجي هو التفاعل بين أشخاص مختلفين الذين يتألف منهم المجتمع. الأفراد يواجهون خيارات في إطار اجتماعي يكون فيه وجود وسلوك الأشخاص الآخرين، جنباً إلى جنب مع المؤسسات التي تحد من سلوكهم، أكثر أهمية بكثير من العوائق الفيزيائية التي تمثلها الطبيعة. الاقتصاد، هو، أو يجب أن يكون، حول سلوك الأفراد في المجتمع.
مثل هذا السلوك ليس بالضرورة “اجتماعياً” بمعنى أن يعترف الأفراد بمؤثرات متبادلة في تفاعلات مباشرة بين مختلف الأطراف. السلوك الشخصي في المجتمعات الكبيرة الحديثة قد يكون غير شخصي، كما يتجسد ذلك في الأنماط المثالية للأسواق المتنافسة. في القضايا المحددة، جميع المساهمين يستجيبون لأطر خارجية مقررة سلفاً: لا يمارس أي شخص نفوذاً مباشراً على غيره. إن نتائج الاعتماد المتبادل والمعقد بين جميع العاملين في الميدان، ليست متوافرة كمواضيع اختبار لأي واحد منهم.
وفي الحالات المحددة، أو في أطر عامة أكثر، حيث يعتبر جزء على الأقل من السلوك “الاجتماعي” بشكل محدد، فإن القواعد التي تنسق أفعال الأشخاص هي مهمة وضرورية لأي فهم لعملية الاعتماد المتبادل. الأشخاص نفسهم، مع الدوافع والقدرات نفسها، سوف يتفاعلون لتوليد مجموعة من النتائج التي تختلف تحت ظروف مختلفة، مع تداعيات مختلفة تماماً بالنسبة لمصالح كل مشترِك. إن تخصيص وقت وطاقة إنسان ما سوف يكون مختلفاً في إطار تكون فيه المكافآت مرتبطة بحسن الأداء، عما سيكون عليه في إطار يتقرر بمواصفات ومقاييس أخرى. ومنذ القرن الثامن عشر، على الأقل، وبالأخص منذ آدم سميث، فإن نفوذ الأحكام (أسماها سميث بـ”القوانين والمؤسسات”) على النتائج الاجتماعية كانت مفهومة، وهذه العلاقة كانت الأساس لمفهوم مركزي في علم الاقتصاد والاقتصاد السياسي، وبالأخص كما استنبط من جذوره الكلاسيكية.
إذا كانت القوانين تؤثر على النتائج، وإذا كانت بعض النتائج “أفضل” من أخرى، فإن مما يتبع ذلك القول، وإلى المدى الذي يمكن فيه اختيار القوانين، بإن دراسة وتحليل القوانين والمؤسسات المقارنة، تصبح موضوعاً يستحق منا كل الاهتمام. فبدون فهم كيف أن الأفراد الذين يشكلون النظام الاجتماعي يتفاعلون، وكيف أن مجاميع قوانين مختلفة تؤثر على تلك التفاعلات، فإن من المستحيل على المشاركين إحداث تغييرات ذات قيمة في القوانين القائمة حالياً، أو حتى أن تسلك بحكمة فيما يتعلق بالحفاظ على تلك القوانين التي أثبتت حيويتها في تفعيل المجتمع تفعيلاً جيداً ومقبولاً.
ما هي النصيحة التي نستطيع تقديمها لأنفسنا في مجتمعاتنا، حيث نقف أمام فوائد ومزايا التعاون من جهة، واحتمالات النزاع من ناحية أخرى؟ أية نواحي من حياتنا الاجتماعية يتوجب التخلي عنها؟ أين هي “قوانين النظام الاجتماعي”—الترتيبات المؤسسية التي تحكم تفاعلاتنا—والتي تقودنا إلى التفاعل سلبياً تجاه بعضنا بعضاً؟ أين هي القوى التي تدفع باتجاه التوافق، والتي يمكن تعبئتها؟ أية قوانين—وأية مؤسسات—يجب علينا أن نكافح من أجل الحفاظ عليها؟
هذه الأسئلة تمثل مجال التحقيق الذي نسميه “الاقتصاد الدستوري السياسي” (من وحي علماء الاقتصاد الكلاسيكيين، الذين كانت مثل هذه الأسئلة مركزية في تفكيرهم). إنها أسئلة مهمة حتى وإن كان يتم تجاهلها على نطاق واسع في الأبحاث الحديثة. وهي لا تسأل في فراغ فكري تحليلي تام. فلقد أشغلت في الواقع عقول بعض أعظم المفكرين في التراث الغربي. مما يدعو إلى الأسف أن كثيراً من الحكمة المتراكمة قد سقط بين الشقوق. مثل هذه الأسئلة كثيراً ما تعتبر أيديولوجية فكرية، بحيث أن الأجوبة هي ببساطة مسألة آراء ووجهات نظر، يتساوى فيها رأي ما مع الرأي الآخر. هنالك مجال كبير، بكل تأكيد، لوجود خلافات يمكن قبولها. ولكن هنالك أيضاً إجراءات تتعلق بتوجيه الأسئلة وطريقة للتحليل تتضمن مجموعة من الشروط يمكن في إطارها إجراء الحوارات.
الأسئلة نفسها، والإجراءات المناسبة للسؤال عنها، وطريقة التحليل المتصلة بها، هي ما يشكل أجندة هذا البحث. إن هدفنا في هذا البحث هو هيئة المشجب الذي تعلق عليه فيما بعد القبعات المختلفة. وبشكل محدد، سوف نقدم تشخيصاً لأنماط مختلفة من التفاعلات، بداية بعبارات مجردة. ولسوف نبين بشكل مجرد أيضاً الطرق التي تكون بموجبها القوانين والمؤسسات ذات علاقة بطبيعة التفاعلات التي تسود، ومن ثم سوف نذكر مختلف أنماط التفاعلات، في أطر اجتماعية مختلفة تكون في أحيان كثيرة مرتبطة بها. وأخيراً سوف نبحث بإيجاز القوانين بشكل عام، وأن نربط بين بعض الدروس التي نستفيدها منها إلى المسرح الاجتماعي-السياسي-الاقتصادي الذي هو، بطبيعة الحال، اهتمامنا الرئيسي.
2. مبررات الأحكام

إن عنوان هذا البحث هو مبررات الأحكام، وسوف نبحث أسباباً كثيرةً بالتفصيل كلما تقدمنا في البحث. ولكن أولاً، يجب بحث السبب الجوهري من بين جميع الأسباب، على الرغم من أنه قد بحث باستفاضة في كتب أخرى. إننا نحتاج إلى قوانين في المجتمع لأنه بدونها، تصبح الحياة كما وصفها لنا ثوماس هوبز المفكر الإنجليزي قبل أكثر من ثلاثة قرون مضت: “معزولة، فقيرة، بشعة، وحشية وقصيرة”. رومانسي فوضوي فقط هو الذي يظن بأن هنالك انسجاماً طبيعياً بين الناس من شأنه إزالة جميع النزاعات في غياب القوانين والأحكام. إننا نحتاج إلى الأحكام للعيش معاً لسبب بسيط هو أنه في غيابها، سوف نتقاتل بكل تأكيد. سوف نتقاتل لأن رغبة الفرد في شيء ما سوف يسعى إليه شخص آخر. الأنظمة تحدد المساحات الخاصة التي يمكن في إطارها لكل منا مواصلة رغباته ونشاطاته.
ربما تكون أفضل وسيلة، وأكثرها شيوعاً في الدلالة على احتمالات النزاع هذا بين الأفراد، والوسائل الممكنة لحل تلك النزاعات، هي معضلة السجناء الكلاسيكية. أنظر إلى المصفوفة (1-1) الذي تكون فيه الأعداد في كل خلية تمثل مزايا ذات قيمة إيجابية لكل من الشخصين (أ) و(ب)، مع معرفة أن الرقم إلى اليسار يشير إلى الميزة لصالح (ب)، والرقم على اليد اليمنى لصالح (أ). لاحظ أن هنالك صفاً وعاموداً للسيطرة. أو بعبارة أخرى، هنالك فقط مرة واحدة لأداء اللعبة: (أ) الذي يختار بين الصفوف، سوف يختار الصف 2، وبشكل مستقل عما يمكن أن يتوقعه حول ما سيكون عليه اختيار (ب). ومثل ذلك (ب)، الذي يختار بين الأعمدة، سوف يختار العامود 2. ونتيجة لهذه الاختيارات المنفصلة، فإن الحل يقع في الخلية رقم 4. هنالك في هذه المصفوفة رسالة واضحة وبسيطة: بالنسبة لمجموعة الأشخاص المشتركين في هذه العملية، هنالك حاجة إلى نظام، ملزم اجتماعياً، والذي يمنع الأفراد من التصرف بشكل يؤدي في النهاية إلى النتيجة التي تم وصفها في الغرفة 4، وهي نتيجة لا يرغب فيها أي من الجانبين.

عدة نقاط تستحق الملاحظة من هذا المثل البسيط. أولاً، وكما ذكر سابقاً، لا يستطيع (أ) ولا (ب) بمفردهما تقرير نتيجة التفاعل الاجتماعي. النتيجة تتأتى من سلوك الفريقين كليهما، سواء سمي ذلك السلوك نتيجة لتوقعات الفرد في تعظيم الفائدة لنفسه وبدون الركون إلى أحكام، أو نتيجة التمسك بنوع من النظام أو العادات.
ثانياً، إن إمكانية الاتفاق حول نوع من الأحكام أو العادات تكون قائمة ما دام أن هيكل التفاعل يظل باقياً كما وصف في المصفوفة. أو بعبارة أخرى، ليس من الضروري أن تكون ميزة اللعبة متناسقة، كما هو مبين. كل ما هو مطلوب هو أن تكون الدرجة الترتيبية للخلية أو الغرفة مطابقة كما تم وصفها لكل من الفرقاء المعنيين. فما دام أن (أ) يصنف الغرف 3، 1، 4، 2 و(ب) يصنفها 2، 1، 4، 3، فإن النتائج تظل قائمة. وبالتالي، نستطيع، إذا رغبنا، مضاعفة الأرقام إلى (أ) بمقدار مائة، بينما نبقي الأعداد لـ(ب) كما هو مبين، وبدون تعديل الهيكل الأساسي للتفاعل.
ثالثاً، حتى هذا الرسم التوضيحي البسيط يبين مسألة تطبيق الأحكام، على الرغم من إمكانية الوصول إلى اتفاق عام حول الرغبة في تطبيقها. لنفترض بأن (أ) و(ب) قد اتفقا على اختيار الصف 1 والعامود 1، وبالتالي يهيئان لنتيجة متوقعة في خلية رقم 1. فإذا كان (أ) يتوقع من (ب) التمسك بالاتفاقية، فإن (أ) يستطيع نفسه ضمان نتيجة أفضل باختيار الصف 2 بدلاً من الصف 1 كما تم الاتفاق عليه. كذلك، يستطيع (ب) اختيار العامود 2 وتحسين مركزه، إذا كان يتوقع أن يختار (أ) الصف 1. لذا فإن أية أحكام أو أنظمة تضمن مردوداً أعلى، إذا تم احترامها من قبل جميع الأشخاص، هي عرضة للمخالفة بدوافع عقلانية شخصية، من قبل بعض أو جميع الفرقاء للتفاعل الذي جرى فيما بينهم. الموضوع ليس أن المخالف هو منحرف أو غير عقلاني في تصرفاته. وفي الحقيقة، فإن مثل هذه الافتراض يجب أن يُعكَس. ففي غياب إجراءات تنفيذية فعالة، فإن التمسك بالأحكام، وليس بالابتعاد عنها، يتطلب من الأشخاص التخلي عن المنافع القصوى المتوقعة، على الأقل لأن مثل هذا السلوك المقترح هو عادة مُصاغٌ في النظريات الاقتصادية الحديثة.
إن مشكلة التفاعل بين السجناء هو مَثَلٌ غايةً في التبسيط، ولكننا نعتقد بأنه يحوي في كينونته معظم العناصر المطلوبة لفهم القضايا المركزية للنظام الاجتماعي، ألا وهي كيفية التوفيق بين سلوك أشخاص وراء تصرفاتهم دوافع مختلفة، من أجل خلق أنماط من النتائج تكون مقبولة لدى جميع المشاركين. زميلنا غوردن توللوك، كان صائباً عندما سمّى كتابه حول الموضوع: المشكلة الاجتماعية، وبالتالي التأكيد على مدى وجودها. وعندما تُعمَّمْ، سوف تتخذ المعضلة ملامح هيكلية عالية التعقيد. وعندما نوسع التحليل ليشمل أشخاصاً عديدين، والذين قد يتصرفون بشكل منفرد، في جماعات أو كوحدة مشتركة، من خلال الدوائر الحكومية، وإزاء خيارات عديدة تشمل عدة مستويات من تقرير الاختيارات، فليست هنالك أية قيود على عدد الأطر المتفاعلة المثيرة للاهتمام والتي يمكن إخضاعها للدراسة.
إن هدفنا في هذا البحث، مع ذلك، ليس إعطاء أمثولة حتى لجزء صغير من تلك التفاعلات. فمن الآن فصاعدا، فإن نقطة انطلاقنا ستكون فهم المعضلة العامة التي تدعو إلى ضرورة وجود أنظمة أو مجموعة من الأنظمة، التي تحدد القيود المناسبة على سلوك الأفراد والمجموعات والسلوكيات العامة. وفي الأقسام المتبقية من هذا البحث، سوف نعزل معالم الأنظمة في عدد من التفاعلات المعتادة، كوسيلة لتقديم بحث الأنظمة في الإطار الاجتماعي-السياسي.
3. أحكام الألعاب
عندما تذكر كلمة “أحكام”، فإنها أكثر ما تكون ارتباطاً بالألعاب. وسوف يكون مفيداً بحث الأحكام في الألعاب المعتادة—ألعاب صالونات البريدج المرفهة، أو الرياضة مثل التنس أو كرة السلة. جميع الألعاب لها قوانين تبين الحدود التي تجري الألعاب في أطرها—الأفعال المسموح بها للاعبين، الأدوات المستخدمة، وسائل فض الخلافات، الطريقة التي يتم بواسطتها تقرير من هو الفائز، وهكذا وهكذا.
ولدى بحث الألعاب العادية، فإننا لا نجد أقل صعوبة في التمييز بين أحكام اللعبة من حيث هي، وألعاب اللعبة في إطار تلك الأحكام. اللعب يتم من خلال تلك الأنظمة، بيد أن اللعب نفسه لا يشكل جزءً من تلك الأحكام. الأحكام تقدم الإطار للعب تلك المباراة، وأنماط عديدة من اللعب يمكن أن يتم ضمن أحكام محددة. وخلافاً لذلك، فإن نمطاً معيناً من أداء اللعبة هو ذو نهاية أو مغلق. وفي الحقيقة فإن من الأمور المشوشة أننا في الاستعمالات الدارجة، نستعمل كلمة “لعبة” في الإشارة إلى تركيبة الأحكام، وأيضاً إلى اللعب ضمن الأحكام المقررة لها.
وفي إطار اجتماعي–سياسي، فإن التمييز نفسه ينطبق بين أحكام التفاعل الاجتماعي وبين أنماط السلوك التي تتم ضمن تلك الأحكام. التمييز هنا هو غالباً ما يكون أكثر صعوبة منه في الألعاب العادية، وبحث الأخير مفيد بسبب ذلك على وجه التحديد. إن صحة التمييز بين الأنظمة والسلوك ضمن الأحكام بشكل عام مع ذلك، ينطبق على جميع أطر التفاعل. إطار اللعبة العادية، كذلك، يساعد البحث في موضوع قريب ولكن منفصل بين اختيار استراتيجية اللعب ضمن مجموعة من الأنظمة المحددة، واختيار الأنظمة نفسها. فاختيار مجموعة من لاعبي البوكر بين نوعين مختلفين منها، يختلف تماماً عن اختيار لاعب فرد ضمن أحكام النوع الواحد؛ بين الطي أو البقاء في طلب كرت إضافي.
إن التمييز الموازي في الإطار الاجتماعي–السياسي يجب التأكيد عليه. من الضروري فصل العملية التي يتم من خلالها تقرير الأحكام، عن العملية التي من خلالها تستنبط أحكام لأفعال محددة ضمن تلك الأنظمة. أيضاً، التمييز أكثر صعوبة بعض الشيء في الإطار الاجتماعي، بسبب التداخل المعقد بين الأنظمة التي تحدد القيود على السلوكيات الفردية، والأنظمة التي تحدد القيود على الاعبين السياسيين، الذين قد يشتركون في نشاطات تشتمل على تغييرات في المجموعة الأولى من الأنظمة. وبعبارة أخرى، الأغلبيات التشريعية قد تكون في سلوكها ضمن حدود القانون (الدستور السياسي) الذي يُقيّدُ سلوكهم أنفسهم بالنسبة لتغيير الأنظمة التي تقيّد سلوك الأشخاص بصفتهم الشخصية. لذلك، يجب أن يكون الإنسان حذراً في إيجاد تمييز بين اختيار أنظمة، وبين اختيار استراتيجيات ضمن الأنظمة، تكون قابلة للتطبيق في الحالة التي تواجه وحدة محددة بدقة لاتخاذ القرارات. على سبيل المثال، إذا كان نظام من أنظمة البناء يسمح بحرق الأعشاب في الأراضي التي نملكها، فإننا نتصرف ضمن حدود القانون عندما نقرر حرق كومة من القش في يوم محدد. صدور تشريع يمنع حرق الأعشاب هو بمثابة تغيير في القوانين التي نحن ملاك الأراضي نتبعها. بيد أن المشرعين في إصدارهم لهذا التشريع يتصرفون ضمن أنظمتهم الخاصة بهم، والتي تتألف من تصويت الأغلبية البسيطة. إذن، الميزة الأساسية لبدء بحثنا بالحديث عن لعب عادية معروفة، هي أن مستويي الخيار واضحان تلقائياً.
استخدام الأنظمة في المباريات العادية قد يكون مضللاً من بعض النواحي. فالألعاب العادية مصممة لكي تجعل اللعب ضمن قوانين اللعبة مثيراً. أي أن اللعب بحد ذاته هو هدف يشارك فيه جميع المشاركين المحتملين. المعضلة الأساسية التي قدمنا لها سابقاً، والتي تكون فيها الأحكام مرغوبة لأنها تؤدي إلى تفادي نتائج غير مرغوب فيها، تكون غير واضحة في التعامل مع الألعاب العادية.
وحيث ننقل الاهتمام إلى الأطر التي تتم فيها التفاعلات الاجتماعية–السياسية، لا حاجة إلى أي شيء يوازي التمتع باللعب، من حيث هو لعب، والمغانم التي تُعطى للاعبين الأفراد، لا حاجة لأن تصمم كمقابل من أجل جعل اللعب مثيراً. ليس هنالك من حاجة إلى هدف مشترك في أنظمة الاجتماع والسياسة. هنالك اعتراف بأن الأفراد يملكون أهدافهم الشخصية المقررة، خطط حياتهم، وهذه لا تحتاج إلى كونها مشتركة لجميع الناس. في هذا الإطار، الأحكام لها مُهمة تسهيل التفاعلات بين الأشخاص، والذين يرغبون في أشياء مختلفة تماماً. ولبحث هذا الجانب، فإن أفضل شيء هو الانتقال إلى إطار بديل.
4. أحكام الطرق
أحكام الطرق، وهي استخدام معروف آخر للتعابير في هذا المجال، ليست مصممة و/أو أنها لم تتطور على أساس أية مواصفات لأهداف الأشخاص الذين يستخدمون الطريق. لمستخدمي الطرق أهداف تتراوح وتختلف اختلافاً كبيراً—النشاط التجاري، التمتع أو الجمع بين هذا وذاك—وهي التي تفرض شق الطرق المختلفة، والسرعة ونوع المركبة. أحكام الطرق تخدم هدف السماح للأشخاص بانتهاج مجالاتهم المختلفة والمستقلة، والتي قد تتنازع في غياب الأحكام. هذه الأحكام لا تعني بأن أهداف مستخدمي الطرق يجب أن تُلخص في هدف واحد مواز لهدف التغلب في الألعاب العادية.
أحكام الطرق تجلب مَعْلَماً آخر لاهتمامنا. نجاعة مجموعة الأحكام لا تتوقف على مقارنة بين مستوى مهارات أولئك الذين يستخدمون الطرق. مجموعة الأحكام قد تُفَضّلُ لأنها تتحمل تعايش السائق الجيد والسيء على الطريق، وهي ظاهرة لا تنطبق على الألعاب العادية. لأحكام الطرق فعل اجتماعي، ألا وهو تسهيل تحقيق أهداف جميع الأشخاص الذين يستخدمون هذه البنية—وبغض النظر عن ماهية تلك الأهداف. ويُحكم على هذه القوانين بموجب قدرتها على تحقيق هذا المعيار.
وبنفس هذه الطريقة، فإن الأحكام التي تُقيِّد التفاعل الاجتماعي–السياسي—العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الأشخاص يجب أن تُقيَّم في نهاية الأمر في ضوء قدرتها على تحقيق الأهداف المختلفة لجميع الأشخاص في المجتمع. هل تسمح تلك الأحكام والأنظمة للأفراد بمتابعة أهدافهم الخاصة، وفي إطار يتوقف فيه تحقيق تلك الأهداف على التفاعل، وبطريقة يحقق فيها كل فرد الحد الأقصى من نيل أهدافه مشروطاً بإتاحة حرية مساوية للآخرين لتحقيق أهدافهم بدورهم؟ التركيز على المثل المتعلق بأحكام الطرق يتيح لنا التعرف على مَعْلَمٍ آخر، كثيراً ما يفوتنا. الأحكام توفر لكل مشترك التنبؤ مسبقاً حول سلوك الآخرين. هذه المعرفة المسبقة تأخذ شكل المعلومات أو الحدود المعرفية حول سلوكيات أولئك المشتركين في التفاعل.
على سبيل المثال، لنفترض أنه في بلد صغير نامٍ، السيارات ظاهرة جديدة وقليلة العدد. وقد تواجد في هذا البلد نفوذان: نفوذ فرنسي وآخر بريطاني، بحيث أن أوائل مستخدمي الطرق كانوا يستخدمون الجانب الأيمن أو الأيسر في سواقتهم. وبتزايد عدد السيارات، فإن غياب أنظمة مقررة يخلّف المشاكل. التأقلم المنفرد من قبل كل سائق عندما تتلاقى سيارتان، ودون أن يعرف أي منهما كيف سيتصرف الآخر، ينتج عنه نمط من النتائج مشابهة للعيش في الأدغال التي وصفها هوبز. جميع الأطراف سوف يكونون في وضع أفضل إذا أقروا أحكاماً، أية أحكام.
المصفوفة (1-2) تدلل على هذه القضية. اللعبة هنا هي في جوهرها لعبة تنسيق من حيث أن النظام القائم يخدم أهدافاً إعلامية. كل واحد من الفريقين يعطي القدرة على التنبؤ حول نوايا الطرف الآخر، وكيف سيكون سلوكه. ولا يهم، افتراضاً، ما إذا كان النظام الذي يتم إقراره ينطوي على استخدام اليد اليمنى أو اليد اليسرى في قيادة السيارة، ما دام أن النظام يؤدي إلى سلوك متوازٍ. في مثل هذه الحالة، قد يكون هنالك دور للحكومة في الإعلان عن النظام. التاريخ، مع ذلك، قد يفعل هذا أو ما هو أحسن منه، إذ أن المواثيق والعادات الاجتماعية كثيراً ما تقرر أنظمة السلوك المناسبة.
التفاعل المبين في المصفوفة (1-2)، يختلف عن القضية الأوسع والمبينة في مصفوفة اللعبة (1-1)، من حيث الأهمية النسبية لمحتوى التنبؤ في النظام، وما يتبع ذلك من تطبيق. المصفوفة (1-2) تصف لعبة هي في جوهرها مسألة تنسيق؛ المكاسب الرئيسية تتأتى عن إقرار نظام، أي نظام، وليس هنالك إلا أقل القليل من الفائدة التي تُجنى من التخلي عن النظام. كما هو مبين في المصفوفة، مع ذلك، هنالك بعض الكسب من التخلي، ومن هنا تنشأ أهمية التنفيذ. إذا كان (أ) يعرف، على سبيل المثال، بأن (ب) سوف يتَّبِعُ دائماً نظاماً متفقاً عليه، عندها فإن (أ) سوف يجد فائدة بين الحين والآخر من الخروج المنفرد عن النظام المقرر. بيد أن الإغراء لخرق القانون، عندما يُقرّ، ليس دائم الوجود مثلما هو الوضع عليه في إطار لعبة معضلة السجناء.

لعبة تنسيق مجردة (ليست مبينة في شكل مصفوفة هنا) تكون فيها الفائدة المتأتية عن الخروج الفردي عن الأنظمة المقررة، غائبة تماماً، واحدة لا يكون فيها أية مشكلة بالنسبة لتطبيق النظام، وبعض مثل هذه التفاعلات موجودة بكل تأكيد. إذ يمكن التفكير بعامل اللغة في مثل هذه الحالات. فجميع الأفراد في المجتمع لهم مصلحة في استخدام كلمات يفهمها الآخرون. إذ هنالك قوة طبيعية تعمل على خلق لغة وقواعد لغوية مشتركة. والوصف ذاته ينطبق على لغة السلوك والإتيكيت، حيث يكون الهدف الظاهر من السلوك هو نقل معنى من نوع معين للآخرين.
معالم مهمة أخرى غامضة في كل من قضية تفاعل السجناء، أو تفاعل المعلومات–التنسيق، في المصفوفتين (1-1) و(1-2). كلاهما موجه تجاه الخيار النهائي بين القانون وانعدام القانون. الخيار الثاني قد يشتمل على خيار بين قانونين أو نظامين، بعد أن تكون أبعاد اللعبة قد تمت، أي في اللحظة التي توافق فيها جميع الأطراف على الحاجة إلى وجود نظام.
تمعَّن إذن في حالة تكون فيها المسألة هي خلاف بين قوانين مختلفة، حتى وإن احتفظنا بالفرضية بأن هنالك تناسق وتماثل في الفائدة التي تُعطى للاعبين. “اللعبة” الموصوفة هنا هي في حقيقتها “جزء من اللعبة” المبينة في المصفوفة (1-2).

أنظر في المصفوفة (1-3) التي تجري “ضمن” الخلية 1 من المصفوفة (1-2). خيارات الفريقين كليهما في هذه الحالة ليست في إقرار نظام وأقلمة سلوك بدون نظام. الخيارات هنا هي التي تواجَه في مجموعة الأنظمة البديلة وكما هو مبين في المصفوفة (1-3)؛ فالنظام الذي يصنف على (قُد السيارة على اليمين) يسيطر على النظام الذي (نظام قُد السيارة يساراً). من المهم هنا أن يكون هنالك نظام (كما هو مبين في المصفوفة 1-2)، ولكن مسألة “أي نظام”، هي أيضاً مهمة. وبسبب التناسق في الكسب بين اللاعبين، فإن كليهما—إذا أعطيا الحق الدستوري في الاختيار—سوف يختاران نفس النظام.
هنالك نقطتان تستحقان البحث حول التفاعل الموصوف هنا. أولاً المواثيق الاجتماعية التي تأتي إلى الوجود تاريخياً، وتتخذ وضع “القانون غير المدوَّن”، لا تفرز بالضرورة أفضل الأنماط التي يمكن تصور نتائجها. بعض المحللين الاجتماعيين المحدثين (بشكل خاص هايك وأتباع مدرسته)، يبدون إيماناً واضحاً في تطور القوى الاجتماعية والثقافية بحيث تتمخض عنها أنظمة كفؤة. لا يبدو أن هنالك أي سبب للتنبؤ بأن تلك القوى سوف تضمن دائماً اختيار أفضل القوانين. في مثلنا مثلاً، فإن نظام “قيادة اليسار” قد تصبح الغالبة والأكثر استخداماً—وبالأخص إذا كانت التغييرات من نطاق خارجي من شأنها تغيير المزايا النسبية لأنظمة مختلفة مع الوقت. لن يكون عندها سوى القليل من الضغط، أو حتى لن يكون أي ضغط تطوري بالمرة لقيام أنظمة أكثر كفاءة. هذا الاحتمال ينبهنا إلى الحاجة، بين المرحلة والأخرى، لإعادة النظر في مجموعة الأنظمة البديلة، وأن ننظر إلى الأنظمة نفسها كأهداف للخيار تكون قابلة للتغيير وإعادة الصياغة، وفق أطر الحالات الاجتماعية التي يخلقونها. هذا الاحتمال يثير اهتمامنا لإمكانية لعب دور من قبل الحكومة بمجموعها الكُلّي، ألا وهو تسهيل الانتقال من قوانين قديمة إلى قوانين جديدة. و”الحكومة” في هذا الإطار يمكن الإشارة إليها بصيغ مختلفة—كمجلس وطني معين بالتوافق، أو جماعة كاملة من الفاعلين من ذوي العلاقة، أو، في آخر الطرف الآخر شكل من اشكال الدكتاتور–الملك، وما دام أن المكاسب في هذا المثل متوازية، فليس هنالك أية ميزة معينة لمن يختار القوانين، ولكن ربما يكون مهماً أن يكون هنالك شخص أو جماعة، أو عملية معينة يوكل إليها اختيار الأنظمة المناسبة.
ثانياً، الانتقال من “القيادة من جهة اليسار” إلى “القيادة من جهة اليمين” قد لا يكون أمراً مرغوباً فيه، على الرغم من هيمنة الأخيرة في المصفوفة. فإذا كان ينظر إلى الأنظمة بصفة كونها تقدم المعلومات التي تُمكِّن اللاعبين من التكهن بتصرفات بعضهم بعضاً، فإن ما يتبع ذلك هو أن أي تغيير في الأنظمة يدمر المعلومات. فإذا كان النظام الذي يقول (“القيادة من جهة اليمين” أو “القيادة من جهة اليسار”) يقرَّر مجدداً كل صباح بشكل عشوائي، فإن ذلك يعني عدم وجود أية أنظمة على الإطلاق. وحتى تكون فاعلة، تحتاج الأنظمة إلى الاستقرار. فإذا كانت الأنظمة خاضعة للتغييرات المستمرة، فإن المعلومات التي تعطيها تصبح لا قيمة لها. كل لاعب لا يعد يعتبر بأن الآخرين سوف يتقيدون بالقوانين المرعية، حتى لو كان هو مُلهمٌ بها، لأنه لا يمكن أن يعرف بأن الآخرين سيعرفون بأنه يعرفها. وعندما يكون اللاعبون يلعبون بأنظمة عفا عليها الزمن، فإن أياً منهم لن يكون له الحافز للعب بالأنظمة الجديدة.
هذه المقولة تُشير إلى أن هنالك ميلاً طبيعياً نحو المحافظة في المجال الدستوري. مجرد إظهار أن الحالة (أ) ستكون افضل من الوضع القائم، بمجرد أن تتحقق حالة (أ)، ليس كافياً للدليل على أن الانتقال من الوضع القائم له ما يبرره. فرياضياً، القمة الـ”محلية” قد تكون عالمية بمجرد تحقيق القمة المحلية.
إن الاعتراف بهذه الحقيقة يكشف النقاب عن تمييز بين “التصميم الدستوري” و”الإصلاح الدستوري”. في التصميم الدستوري حيث لا تكون هنالك أنظمة فعالة قائمة مسبقاً، كل ما هو مطلوب هو الاختيار بين نظام يؤدي إلى مجموعة معينة من النتائج، والنظام الذي يؤدي إلى مجموعة بديلة. النظام الذي يؤدي إلى مجموعة النتائج المفضلة هو النظام المفضل. ولكن عندما يتعلق الأمر بتغيير نظام قائم، كما هي الحالة في الإصلاح الدستوري، فإن النظام الذي يحقق أفضل مجموعة من النتائج، ليس بالضرورة الأفضل.
النقاش هنا يعطي بعض القوة لدعاة التطور التدريجي الاجتماعي الذين يكرهون حماس دعاة خلق الدساتير. فإلى المدى الذي توجد فيه أنظمة مستقرة ومقبولة، فإن من الأفضل للمجتمعات عدم محاولة التغيير. الاعتراف بهذا القول لا يقودنا مع ذلك إلى وجهة النظر القائلة بأن الإصلاح المتعمد للأنظمة القائمة لن يكون مرغوباً فيه في جميع الأحوال.
المقولة هذه إنما تنبهنا فقط إلى الحاجة للأنظمة المتعلقة بالإجراءات التي يمكن بواسطتها تغيير الأنظمة القائمة، وبالأخص للتأكد بأن تغيير الأنظمة لا يجب أن يتم مرات عديدة متتالية، ودون الأخذ بالاعتبار ثمن المراحل الانتقالية. الألعاب التنسيقية الأساسية في المصفوفة (1-2) و(1-3)، مبسّطةٌ في بعد مهم آخر. وبغض النظر عن النزاع المتجدد دوماً بين الفرد ومصلحة “المجتمع”، والذي يستدعي موضوع إلزامية التنفيذ، هو الاختلاف بين الأفراد أنفسهم حول اختبار النظم التي يرغبون فيها. هذا الصراع الممكن قد طُمس عمداً في الألعاب التنسيقية التي بحثت حتى الآن. فليس هنالك خلاف بين اللاعبين الاثنين في ترتيب الخانات في المصفوفة.

أنظر، مع ذلك، في مثل آخر يظل ضمن القواعد العامة لقوانين القيادة. لأسباب سبق شرحها، هنالك فائدة واضحة من وجود نظام ما؛ الإطار مطابق لذلك الذي وصفناه في خانة “القيادة من جهة اليمين”-“القيادة من جهة اليسار” ولكن لنفترض أن هنالك قانونين ممكنين لتنظيم السلوك في المنعطفات، وليس بالإمكان إلا اختيار واحد منهما. نظام يقول “إعطاء الأولوية لجهة اليمين”؛ الثاني يقول “إعطاء الأولوية لجهة اليسار”. المصفوفة (1-4) أعلاه تبين هذا المنحى. لاحظ بأن الترتيب المتسلسل للخانتين موضوع البحث، يختلف ما بين (أ) و(ب)، مع (أ) مفضلا كثيراً النظام الأول أي “إعطاء الأولوية لجهة اليمين”، و(ب) مفضلاً كثيراً النظام الثاني، أي افسح الطريق إلى اليسار. مثل هذه الخلافات في الترتيب قد تحصل، على سبيل المثال، إذا ظن (أ) بأنه في صباح معظم الأيام سوف يتجه إلى المنعطف من يمين توجه (ب).
اللاعبان الاثنان يفضلان أنظمة مختلفة، على الرغم من حقيقة أن كليهما يفضلان وجود نظام بدلاً من لا نظام. والخلاف حول أي نظام الذي يجب أن يطبق قد يُولّد تأخيراً ونزاعاً بين المشاركين، حيث أن كلاً منهما سوف يحاول تعظيم المزايا المتأتية عن تحديد المسارات التي يتضمنها الاختيار بين أنظمة بديلة.
إن المزايا المتفاوتة التي تنشأ عن أنظمة مختلفة، من قبل أشخاص متعددين، لا يجب أن يبالغ في أهميتها. فإلى المدى الذي تكون فيه الأنظمة قديمة العهد، وأن الأفراد يتوقعون أن يحتلوا في نطاقها مراكز مختلفة، في مراحل متلاحقة من اللاعبة، فإن من المتوقع أن يتوجه اللاعبون إلى الاتفاق على النظام الذي يجب تطبيقه، بسرعة تفوق كثيراً ما يتضمنه التحليل النظري البسيط. ففي المثل الذي قدمناه، إذا تنبأ اللاعبان بأن كلاً منهما سوف يتجه نحو المنعطف في بعض الأحيان من اليمين، وفي بعض الأحيان الأخرى من اليسار، فإن المصفوفة ستوضع بموجب (1-2) بدلاً من المصفوفة (1-4).
5. أنظمة السوق
كان هدفنا في القسمين 2 و3 التعريف بعناصر عدة من القوانين، من خلال أمثلة شائعة مستقاة من الألعاب العادية من ناحية، وأنظمة الطرق من الناحية الأخرى. ولكن، وكما لاحظنا، فإن اهتمامنا الرئيسي هو حول الأنظمة التي تحكم النظام الاقتصادي–السياسي. في هذا الجزء، سوف نُقدم نظام السوق، أو النظام الاقتصادي، وفي القسم 6 سوف نبحث في قوانين النظام السياسي.
في المثالين الاثنين السابقين، الحاجة إلى نظام كانت واضحة بشكل مباشر؛ لا يستطيع المرء أن يتصور ألعاباً عادية أو أنظمة مرور بدون وجود أنظمة. وفيما يتعلق بالتفاعل الاقتصادي بين الأفراد، وهو الأكثر أهمية، فإن الأنظمة التي تحكم سلوك الأفراد كثيراً ما يتم تجاهلها. علماء الاقتصاد أنفسهم كانوا مهملين بشكل فاضح في هذا المجال. إن تمرينات تحليلية معقدة حول أعمال السوق تتم في كثير من المناسبات بدون أدنى إشارة إلى الأنظمة التي يتعامل الأفراد في الأسواق ضمن إطارها. لم يكن آدم سميث واحداً من أولئك المتجاهلين؛ فقد أكّد على أهمية “القوانين والمؤسسات”، في النظام الاقتصادي.
إن التباعد والتخلي عن تأكيد سميث والعلماء الكلاسيكيين على النظام يظهر أكثر ما يظهر في تحليلات “فشل الأسواق” في اقتصاديات الرفاه، والتي تطورت في العقود الوسيطة من القرن الماضي، حيث ادّعت بأن الأسواق سوف تفشل عندما تقارن وتقاس بالأنماط المنمقة المستقاة من تمارين علماء الاقتصاد في المعادلات الرياضية. فقد تمت التحليلات وكأن القيود المؤسسية لا علاقة لها إطلاقاً بالطريقة التي يتفاعل فيها الأفراد ضمن هياكل السوق.
إن أهمية وجود الأنظمة ربما تتجسد بشكل واضح بالرجوع إلى المثل الدارج فيما يتعلق بالاستغلال المشترك للموارد، والذي يشار إليه أحياناً بـ”المأساة المشتركة”. إذا كان الافتراض هو تعظيم الفائدة القصوى للمستفيدين لشرح سلوك الأفراد، فإن المشترك سوف يكون مكتظاً ومستغلاً أكثر مما يجب. ويُدعى بأن السوق قد فشل في تكوين استغلال كفءٍ لاستغلال هذا المورد الشحيح. ومع ذلك، وكما أصبح واضحاً حتى الآن، فإن المشكلة لا تكمن في عمليات السوق، ولكن، في الأنظمة التي يعمل المستفيدون من خلالها. أي تغيير في الأنظمة، بحيث يتم استغلال هذا المورد الشحيح من قبل الأفراد ذوي الملكية الفردية، جنباً إلى جنب مع وجود قوانين لتنفيذ وحماية حقوق الملكية الفردية، سوف يزيل ذلك الفشل في استغلال المورد المتاح. المثل يدل على أن تحيُز علماء الاقتصاد المتمثل في النظر إلى النتائج بدلاً من الأنظمة التي أوصلت إلى تلك النتائج، كان سبباً في خلق حالة من الارتباك العميق. فإصلاح النتائج يتأتى من خلال إصلاح الأنظمة، وليس من خلال التلاعب بالنتائج مباشرة.
إن الاندفاع المعتاد لعلماء اقتصاد الرفاه كان يأخذ شكل تأييد الحكومة أو التدخل الجمعي في الأسواق. وهنالك إهمال مقارن واسع لأهمية النظم والقوانين في توجهات علماء الاقتصاد الذين يؤيدون مؤسسات السوق وتوجهاته. لقد اتجه أولئك العلماء إلى إهمال أهمية الأنظمة، تحت تأثير افتراض سطحي مفاده أن السوق سوف يصلح نفسه “بغض النظر عن القيود المؤسسية”.
الافتراض هو أن حلول الأسواق من القوة بحيث أنها قادرة على اجتياح أية قيود مؤسسية قد تكون قائمة. يبدو أنه كان هنالك بعض الخلط بين السلوك الاقتصادي الناشط ضمن قيود محددة، وإمكانية نشاط اقتصادي بدوافع شخصية تعمل على تعديل الأنظمة نفسها. ويبدو ممكناً تماماً أن تكون نتائج الأسواق ناجحة ضمن مؤسسات محددة، ولكن قد تكون تلك المؤسسات في الوقت ذاته غير واعية لأهمية التغيير بدون توجيه مباشر ومحدد يحث تلك المؤسسات على التغيير والإصلاح.
ونعود إلى مثل الملكية المشتركة، حيث يمكن أن توجد أسواق صيد السمك تعمل جيداً، وحيث يكون هناك توازن بين العرض والطلب لإحراز نتائج مجزية تماماً في التخصيص والتوزيع (مع اعتبار الحدود المؤسسية والموارد)، ولكن في الوقت ذاته، فإن غياب حقوق الملكية في مناطق صيد الأسماك، يفشل في تحديد مجموعة الأنظمة التي تكون في جميع الأحوال مثالية.
وجه آخر من أنظمة السوق تستحق الاهتمام. ففي تحليلاتنا السابقة لأنظمة الطرق، وجدنا بأن الفعل الأساسي للأنظمة يتمثل في منع الأفراد من التغول على تصرفات الآخرين: الأنظمة هنا لها دور سلبي ألا وهو منع وقوع أضرار مسيئة. هذه هي أصلاً المهمة الرئيسية التي أوكلها هوبز إلى أنظمة المجتمع المدني لكبح جماح الفوضى. ولكن ضمن منظور سميث لنظام السوق، هنالك وجه إيجابي مهم للتفاعل الإنساني. فضمن وجهة نظر سميث للعالم، فإن توزيع الأعمال يولد مكاسب متبادلة نتيجة التعاون بين التجار، مكاسب يحصل عليها كل تاجر، ولكنها تتجاوز قدرة أي شخص واحد على فهمها فهماً تاماً. ففي كل مرحلة من المراحل المتتابعة في نظام تقسيم العمل، كل مشترك يستجيب لبيئته باستخدام قواه الخلاقة مباشرة في خدمة مصالحه، وبشكل غير مباشر، لخدمة مصالح الآخرين. إن تتابع مثل هذه الأفعال الخلاّقة يخلق نظاماً يعكس المزايا الضخمة المتأتية عن التعاون الإنساني، مثلما يقدم مجالاً لمزيد من الإنجازات الخلاقة. في كل نقطة من النقاط، يستطيع المرء تصور نظام السوق السائد، وأن يدرك طبيعة وحجم المكاسب من التعاون الإنساني في ظل تقسيم العمل. ولكنه لا يستطيع سلفاً معرفة طبيعة وحجم تلك المكاسب. أن يستطيع فعل ذلك يتطلب من المحلل أن يتحلى بجميع الخيال البنّاء، والمنتشر حالياً على اتساع جميع العوامل الاقتصادية.
أمران يتبعان وجهة النظر هذه. أولاً، هنالك شيء هو ليس بالضرورة بدون غاية بالنسبة لاختيار قواعد السوق. إذ كيف يمكنك اختيار القوانين في ضوء النتائج المحددة التي تؤدي إليها تلك الأنظمة، إذا كانت الطبيعة الدقيقة لتلك النتائج لا تكتشف إلا بعد أن تظهر؟ ثانياً، عندما تكون مؤسسات السوق محددة بشكل غير كاف، أو أن مجموعة أخرى من الأنظمة البديلة تطبق والتي لا تملك العناصر الإيجابية للسوق، فإن الأبعاد الحقيقية “للفشل” الطبيعي لا يمكن معرفتها جميعها. نستطيع الافتراض بأن العربة التي تعبئ التعاون البشري لم تكن تعمل بكامل قوتها—ولكن، ما كان يمكن أن يكون خلاف ذلك يظل في حيز التنبؤ والافتراض.
6. النظام السياسي

كثير من المحللين الاجتماعيين قد يتفقون بأن عمليات السوق تتم ضمن قواعد واضحة المعالم، وأن مثل هذه القواعد هي مواضيع مهمة للبحث. ولكنهم سيكونون أقل رغبة في تطبيق نفس الآراء إلى العمليات السياسية، بيد أن “خيارات” سياسية تظهر أيضاً نتيجة تفاعل العوامل الفردية ضمن مجموعة من الأنظمة المؤسسية، حيث يكون كل فاعل مقيداً بأفعال الآخرين. اللاعبون السياسيون يعملون في ظل قواعد واضحة المعالم تقريباً، وهم يتخذون خيارات بين أهداف متاحة أمامهم من أجل تعظيم مكاسبهم (والتي هنا، كما في أطر أخرى، تشمل أهدافاً أخلاقية بالإضافة إلى الأهداف الاقتصادية). المحك الأساسي هو ما إذا كانت مجموعة الأنظمة التي تحدد العلاقات بين أفراد مستقلين هي تلك المجموعة التي تقود الأفراد لتحقيق أفضل المصالح للآخرين، أو على الأقل، أن تمتنع عن إلحاق الأذى بهم.
هنالك طرق عدة للنظر إلى العمليات السياسية بنفس المعايير التي ننظر بها إلى الأسواق. الأولى والأكثر أهمية هنا هي النظر إلى العملية السياسية كنظام للتفاعل بين الأفراد والذي تنتج عنه النتائج الموازية. وجهة النظر هذه متوافقة مع عدد من الدوافع التي يمكن أن نعزوها إلى الأفراد، وأي عدد آخر من المقاييس والتي بواسطتها يمكننا تقييم القواعد المطبقة. أما الدوافع والمقاييس، فيمكن اختيارها من جعبة أدوات عالم الاقتصاد.
ما هو مهم هنا، مع ذلك، ليس الدافع وراء اللاعب، ولا المعايير التقديرية، إنما الاستعداد لفحص العملية السياسية بالمعايير العامة ذاتها التي نقيس بها الأسواق. الأفراد بتفاعلاتهم الموضوعية، وفق مجموعة من النظم (المؤسسات السياسية) لتحقيق تلك الأهداف، والتفاعل في النهاية، يؤدي إلى إقامة نتيجة محدددة ينتج عنها التوازن. فإذا كانت قدرات وأهداف الأفراد معروفة، فإن الطريقة الوحيدة لتغيير نمط النتائج يكمن في تغير الأنظمة. وتغيير الأنظمة بالمقابل سوف يُغيّر النتائج التي تنبثق عن أي مجتمع من الأفراد.
يجب أن ننبه القارئ هنا إلى الدقة الضرورية في التمييز بين الأنظمة والنتائج في الإطار السياسي. في أحد المستويات، فإن أنظمة اللعبة السياسية واضحة بشكل كافٍ: حكم الأغلبية؛ الانتخابات الدورية؛ القيود المختلفة على مقدرة الحكومة على الأخذ؛ وجود تقديم حساب متكامل حول نفقات الأموال العامة؛ التكوين الجغرافي للترتيبات الانتخابية، بما في ذلك إمكانية تقسيم الصلاحيات السياسية نفسها وفق الأنظمة اللامركزية، إلخ. ومع ذلك، فإن كثيراً من تلك المعالم نفسها تتكون من العملية السياسية. على سبيل المثال، التفاهمات فيما يتعلق بالمجال المناسب للنشاط العام، والتي لها قيمة دستورية مهمة، تتم إلى حد كبير بقرارات سياسية متواصلة. ومن هذا المنطلق، فإن التمييز بين الأنظمة والنتائج يميل إلى الغموض في الإطار السياسي.
يضاف إلى ذلك أنه ما دامت الأنظمة والقرارات ضمن النظم نفسها تنبثق عن عمليات سياسية متشابهة، فإن أهمية التمييز بينهما تبدو مبالغاً فيها. إنها في الحالات التي لا يكون التمييز فيها واضحاً أن تتعرض الأنظمة الأساسية في اللعبة إلى الخطر—ولهذا السبب علينا المحافظة على التمييز بين الأنظمة والنتائج ضمن الإطار السياسي.
7. أهمية الأنظمة
الحجة الأولى لدراسة الأنظمة تعتمد على الاعتراف بالدور الذي تقوم به الأنظمة في فرز نتائج متوازية أو نمط من النتائج لمجتمع من المشاركين الاجتماعيين يتمتعون بقدرات وأهداف. لقد جهدنا في توضيح أن التفاعل الذي يجري بين الأفراد أنفسهم ضمن أي مجتمع من المجتمعات قد يُولِّدُ العديد من النتائج الاجتماعية، رهناً بالأحكام التي تكون مرعية ومطبقة. ولكن فقط تلك النتائج الاجتماعية التي تكون مقبولة وذات جدوى هي تلك التي ينتج عنها توازن ضمن ترتيبات مؤسسية، ولهذا السبب، فإن من التضليل بحث جميع النتائج الاجتماعية التي يمكن تصورها واختيار أحدها كمثال لما هو أنسب في تقييم مستقل للمعايير. فالترتيبات المؤسسية تقيّد مجموعة النتائج ذات الجدوى بشكل لا يقل أهمية عن القيود الفيزيائية الأساسية التي تحدد آفاق المنتجات المرغوبة.
لئلا نُتهم بأننا نبني إنساناً من قش هنا فلننظر في الأبحاث المعتادة حول توزيع العدالة أو “الإنصاف” في دوائر السياسة العامة. الإجراء المعتاد هو دراسة جميع توزيعات الناتج العام التي تكون متفقة مع العطاء الأولي للقدرات الإنتاجية، مع الخسارة الضرورية في الإنتاج المتأتية عن إعادة التوزيع (على الرغم من أنه في بعض الحالات، يتم تجاهل الأمر الأخير).
بيد أن السؤال الدستوري الطبيعي هو: كيف لنا أن نتأكد بأن الاختيار “الأفضل” سوف يتم عبر العملية السياسية؟ سوف يكون من الأجدى، بكل تأكيد، أن نحدد مجموعات بديلة من الأنظمة السياسية، وأن نتفحص التوزيعات التي تتأتى عنها. فإذا لم يتبين بأن أياً منها تتناسب مع “الأفضل”، عندها يجب أن نصل إلى قناعة بأن “الأفضل” ليس ممكنا.
إن أي مروِّج للدستور يُصر على دراسة الأنظمة لأنه يسعى إلى ضم جميع القيود ذات الصلة ضمن تحليلاته. ولكن، أن تُترَك القيود المؤسسية جانباً ليس أقل خطأ، من الناحية التحليلية، من تجاهل القيود على القدرات الإنتاجية لعناصر الاقتصاد، أو إهمال القيود الناتجة عن شح أساسي في الموارد.
الحجة الثانية لدراسة الأنظمة هي مستقاة من الطبيعة ولها أبعاد مختلفة. فالاختيار بين الأنظمة، كونها مطبقة على امتداد سلسلة طويلة من الأفعال، وتكون فيها حظوظ كل لاعب غير مؤكدة، ينطوي على بعض الخصائص الخاصة التي تكون غائبة من إطار الاختيار ضمن الأنظمة التي يكون فيها موقف كل لاعب من اللاعبين محدداً بشكل دقيق. وبشكل محدد، هنالك نزوع طبيعي لتعارض المصالح بين اللاعبين، ولكن ذلك يميل إلى الاعتدال الكبير عند اختيار الأنظمة، وبالتالي توسيع آفاق الاتفاق فيما يتعلق بالأحكام والأنظمة بينهم.
هنالك، مع ذلك، بُعد آخر للحجة المعيارية والداعية إلى الاهتمام بالأنظمة بدلاً من النتائج. هذا يشمل الادعاء بأنه لا يستطيع المرء أن يُقيِّم النتائج إلا إذا توافرت المعلومات حول كيفية الوصول إليها. مثل هذا الادعاء يمكن تقديمه على أساس أن العملية هي في جذورها ذات علاقة معيارية، أو على أساس أن المعلومات في العملية بدورها تقدم معلومات حول النتائج، والتي بدونها يكون صعباً أو مستحيلاً القيام بأي تقييم.
أنظر في مثل بسيط. لنفترض بأن نتيجة اقتصادية معينة قد قُدمت يكون فيها (أ) مالكاً لخمس تفاحات وست حبات برتقال، بينما يملك (ب) عشر تفاحات وتسع حبات برتقال. إن تقييم هذه النتيجة يعتمد جزئياً على معرفتنا بمعلومات حول كيفية حدوث ذلك. لنفترض بأننا وجدنا بأن ما حدث هو نتيجة أخذ (أ) لست برتقالات كانت في الأصل في حوزة (ب). وإذا افترضنا بأن ملكية (ب) الأصلية تثبت شرعية امتلاكه لها، فإن النتيجة تصبح غير جذابة لأنها كانت نتيجة سرقة ارتكبها (أ)، لأن (أ) من خلال هذه النتيجة كان قد ارتكب مخالفة للأنظمة المرعية.
وبالطريقة ذاتها، فإن نتيجة أية مسابقة—سباق ركض مثلاً قد لا يكون لها أي مغزى معياري: أية نتيجة تكون مقبولة ما دام أن الأنظمة عادلة ويتم التقيد بها. ومن ناحية أخرى، مع أن النتائج تكون عادة ذات صلة، يمكن أن تكون العملية الموصلة إليها ذات أهمية أيضاً. رجل بريء يحكم عليه خطأ بجرم، قد يجد راحة في معرفة أن المحاكمة كانت عادلة تماماً، وإن كان طاقم المحلفين قد أخطأ في تقرير الحقائق. كذلك، فإن شخصاً مذنباً قد يجد ميّزة في مجريات محاكمة صحيحة تماماً، على الرغم من أن النتيجة هي أمر مفروغ منه. في الحالتين كلتيهما، العملية والنتيجة لها علاقة بالأهداف المعيارية.
الأنظمة يمكن أن تكون لها علاقة بمعنى آخر—ليس بسبب أن العمليات تتم بموجب أنظمة معينة، بل لأن التمسك بأنظمة معينة يقدم معلومات حول النتائج. هذه هي الحالة بشكل خاص عندما تكون عناصر النتيجة المتوخاة في كفاءة أدائها.
وبشكل محدد وإذا كان توزيع التفاح والبرتقال بين الشخص (أ) والشخص (ب) قد تم نتيجة تبادل حُرّ بين الفريقين، من نقطة البدء، وإذا افترضنا بأن التفاح والبرتقال يتمتعان بخصائص “السلع الفردية” المعتادة، فإننا نستطيع الافتراض بأن نتيجة التوزيع كانت كفؤة، أو على الأقل، أنها تراعي معيار باريتو في التجارة. ففي غياب معلومات حول كيفية التوصل إلى النتيجة النهائية، لا يوجد أي سبب يدعو إلى افتراض الكفاءة. وفي الحقيقة، وما لم يكن المحلل يملك القدرة على قراءة عقول الأشخاص المعنيين، وأن يستخلص مع ذلك الفائدة المرجوة لكل سلوك، فإنه لن تكون المعرفة ممكنة مطلقاً.
حقيقة أن النتائج تظهر من عملية تحكمها أنظمة محددة هي التي تقدم معلومات حول الوضع المعياري للنتيجة، والذي لن يكون ممكناً في غياب ذلك. وهنا توعز الأهمية المعيارية للنتيجة لا للعملية، بيد أن العملية تقدم دليلاً على طبيعة النتيجة.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 2 نيسان 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018