سواميناثان إس. أنكليساريا إيار

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

أصبحت اقتصاديات كل من كوريا الجنوبية، وتايوان، وسنغافورة وكأنها معجزة—إذ تنمو بمعدل 8 في المائة سنوياً—وذلك بتنفيذها التقسيم المناسب للعمل، والذي ركز فيه كل من القطاعين العام والخاص على العمل الذي يقوم به على أفضل نحو. حيث ركزت الحكومة على القانون والعدالة، وزادت من مساحة الأراضي المزروعة (ثورة خضراء)، وحسنت البنية التحتية. في حين زاد القطاع الخاص من حجم التصنيع والخدمات.
عندما بدأت الهند بعملية الإصلاح قبل 15 عاماً مضت، توقعت شخصياً تقسيماً مماثلاً للعمل. لكن ذلك لم يحدث في الهند. وكان إنجاز القطاع الخاص فيها أكثر من المتوقع. أما قطاع البرمجيات فيها فهو على المستوى العالمي، وأصبحت الصناعات تنافسية أخيراً: نمت الصادرات بأكثر من 30 في المائة سنوياً لثلاث سنوات متتالية. وتقوم الشركات الهندية بعمليات استحواذ أجنبية بأعداد وفيرة وتصبح أيضا شركات متعددة الجنسيات—تاتا ستيل، وبهارات فورج، ورانباكسي هي بعض الأمثلة على ذلك.
غير أن الحكومة على أية حال، فشلت بشكل بائس في التقسيم الجديد للعمل. فقد أصبح الفساد أسوأ مما كان عليه، كما ازدادت اللامبالاة. واندفع المجرمون بالمئات إلى الهيئات التشريعية المركزية، وتلك الخاصة بالولايات، وإلى مجالس الوزارات. ولم يعد بمقدور المحاكم إدانة أي شخص واسع المصادر رغم جميع التوسلات. وتوفي كل من هارشاد ميهتا (الذي ترأس فضيحة سوق البورصة في الهند عام 1992)، ورئيس الوزراء السابق ناراسيمها راو بسبب الشيخوخة قبل أن تنتهي قضاياهما.
ويشكل الركود الزراعي مشكلة خطيرة. لقد اعتادت الهند أن تصدر الحنطة، لكنه الآن تستوردها. أما البنية التحتية، فعلى الرغم من إجراء تحسينات مهمة عليها، إلا أنها متخلفة إلى حد كبير عن مثيلاتها من البلدان.
فكيف إذاً استطاعت الهند تحقيق معدل نمو قياسي في السنوات الأخيرة؟ لأن القطاع الخاص تولى على عاتقه الكثير من الأدوار الحكومية التقليدية، وأنقذ الوضع.
لقد كانت الكهرباء منذ فترة طويلة حكراً على الدولة، وكانت مجالس كهرباء الدولة مفلسة عندما بدأ الإصلاح في عام 1991. ولجأت إلى منتجي طاقة مستقلين مثل إنرون، ولكن ذلك تحول إلى إخفاق تام. فيكف إذا تعمل الهند على إنتاج طاقة تكفي لنمو اقتصادي قياسي؟
حسناً، عملت محطات توليد الطاقة القديمة على تحسين مصانع التحميل الخاصة بها. بيد أن السبب الرئيسي تمثل في أن الشركات قررت أنها لا تستطيع الاعتماد على إمدادات الحكومة، وأنشأت مصنعاً للطاقة لتلبية حاجاتها الخاصة قدرته 20 ألف مليون واط، إضافة إلى فائض بإمكانها بيعه. وبتولي الشركات دوراً كانت تؤديه الحكومة أساسا، انتعشت الصناعة.
لنأخذ في الاعتبار الموانئ. كانت تتم معالجة عملية الشحن على نحو غير فاعل في الموانئ الرئيسية التي تملكها الحكومة. وكان وقت التحميل أطول بعشر مرات من مثيله في سنغافورة، وكانت السفن تنتظر قرابة 25 يوماً من أجل التنزيل. أما اليوم، فقد انخفض وقت التحميل والانتظار لأنه سُمح للشركات، الهندية والأجنبية، بإنشاء مرافئ للحاويات في الموانئ الرئيسية، مما حوّل كفاءتها. وفي الوقت ذاته، سهلت ولاية غوجارات عملية تطوير 49 ميناءً صغيراً، مملوكة من قبل القطاع الخاص بشكل رئيسي، وهناك ولايات أخرى تتبع خطاها. وعملت الموانئ التي أنشأت لتلبية حاجة الشركات الكبيرة على تغيير معنى الشحن بشكل جذري. وتعالج الموانئ التي أنشأت لتلبية حاجة شركة ريلاينس إيندستريز عدداً من عمليات الشحن، أكبر من أي ميناء رئيسي فيما عدا فيشاكاباتنام.
ويعتبر قطاع الاتصالات أكبر وأفضل الأمثلة على تولي القطاع الخاص الدور التقليدي للحكومة بنجاح. ففي أعوام الثمانينيات، كان عليك أن تنتظر لأكثر من سبع سنوات للحصول على هاتف باشتراك حكومي. أما المنافسة الخاصة اليوم فتعمل على توصيلك فوراً. وتضيف الهند نحو 5 مليون مشترك في الهواتف الجوالة شهرياً، كما أن أسعار الاتصالات فيها من أدنى معدلات الأسعار في العالم.
كما تعمل الشركات حالياً على تحديث مطارات مومباي ودلهي، وسوف تبني مطارات أخرى أيضاً. وتبني الشركات الخاصة في الوقت الحاضر عدة طرق برسم عبور. لقد طورت الحكومة فكرة العجز عن السداد للطرقات، وقد رسا العقد على المزايد الذي طلب أدنى إعانة لرسم عبور الطريق. ولكن، هناك الآن عدد من المزايدين ممن هم على استعداد لدفع رسم بدلاً من طلب إعانات.
هناك ثورة خضراء أخرى يقوم بدفعها القطاع الخاص وليس القطاع العام. وقادت ريلاينس إيندستريز الطريق إلى المناطق الريفية في بنجاب بعمليات تضمنت كافة تفاصيل عملية الزراعة والبيع—إذ تدير سلسلة تبدأ من البذور والمحاصيل إلى التصنيع وعمليات البيع في الأسواق النشطة. ونوّعت آي. تي. سي. (وهي تكتل هندي كبير) أعمالها من صناعة السجائر إلى الرقاقات الإلكترونية، والأكشاك الريفية المحوسبة من أجل المعلومات الزراعية ولشراء المنتج. كما تنشئ ماهندراس، وتاتاس، وشريرامس متاجر ريفية كبيرة. كما تدفع تريفيني، وهي مجموعة للسكر، مستحقات قصب السكر مباشرة في حسابات بنكية زراعية، وتصدر بطاقات ائتمانية بحيث يستطيع المزارعون السفر إلى الأسواق دون حمل سيولة، وهذه نعمة في ولاية أوتار براديش الحافلة بالعصابات. وتوفر هذه الشركات بذوراً وشجيرات جيدة النوعية للمزارعين، مع تقديم ضمانات بإعادة الشراء بسعر جيد. وهكذا تؤدي الشركات مهمة ضمان السعر، وهي المهمة التي كانت الحكومة رائدة بأدائها فيما مضى من خلال الأسواق التي تديرها بنفسها.
تغطي هذه المبادرات جزءاً صغيراً فقط من البلاد. ولكنها تحدث حركة في بحيرة كانت ستكون راكدة بخلاف ذلك. وبهذه الطريقة، أغلقت الشركات الفجوة التي خلقها إخفاق القطاع العام بالقيام بدوره التقليدي. ولكن في مجال تطبيق القانون والعدالة الرئيسي، لا يبدو أن ذلك ممكناً. واعتقد شخصياً أنه إذا وجد عرض منافس للقيام بدور الشرطة، أو تم ربط الأداء بمؤشرات، فإن ذلك سيعمل على تحسين النتائج فعلياً. غير أن السلطة الكلية للسياسيين تتدفق من سيطرتهم على الشرطة والإدارة، لغاية غير قانونية نموذجياً، وهم يعارضون إجراء أية إصلاحات على النظام الفاسد المحتضر.
إن العدالة السريعة الوحيدة الموجودة في الهند تأتي من المجموعات الماوية، والتي تعمل في ضواحي عديدة من الهند على عقد محاكمها الخاصة، وإصدار الأحكام، وفرض الجزاءات فوراً. إن هذا الأمر لا يمثل عملية الخصخصة التي أفضّلها. ولكن، يبدو أنها الأمر الوحيد الذي سنحصل عليه.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 25 أيلول 2006.

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

إن الهبوط العالمي في البورصة الصيف الماضي قد قضى على تريليونات من الدولارات. وقد كان أصحاب الأسهم الأغنياء الأكثر تأثراً، لذا انخفض عدم التكافؤ العالمي في الدخل بشكل كبير.

ومع هذا فإن فقراء العالم لا يحتفلون!

ولمَ لا؟ لقد أقلقت التباينات المرتفعة في الدخول المحللين عبر العالم لسنوات عديدة. وتنشر صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيات تعبّر عن قلق عظيم من نتائج مكتب إحصاء السكان الأمريكي بأن أجور الأغنياء في أمريكا ترتفع بشكل أسرع من أجور الفقراء.

ويخاف السياسيون الآسيويون من أن النمو السريع والتفاوتات المتزايدة في الدخول سوف تجعل التوترات الاجتماعية أكثر سوءً. ففي الهند، يبقى 300 مليون شخص فقراء حتى مع دخول عدد من الأشخاص في قائمة مجلة فوربز لأصحاب المليارات العالميين.

وتجد دراسة حديثة لبنك التنمية الآسيوي بعنوان “عدم التكافؤ في آسيا”، أن نيبال والصين قد شهدتا أعظم ارتفاع في حالات عدم التكافؤ في القارة. ويقول إفزال علي، كبير اقتصاديي البنك، إن التفاوتات المتزايدة في آسيا قد تؤدي إلى خلل في التماسك الاجتماعي وإشعال شرارة الحرب الأهلية.

إن الهبوط في البورصة يقدم تجربة طبيعية لاختبار هذه الدراسة. وبحلول منتصف شهر آب، خسر أغنى خمسة هنود بمجملهم أكثر من 10 مليار دولار. وبلغ مجموع خسائر جميع المساهمين الهنود 52 مليار دولار، وهو ما يساوي تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لبنغلادش. ولم يكن بإمكان حتى أكثر الضرائب “دراكونية” أن تقلص الثروة بهذه الدرجة.

ولكن هل يحتفل الهنود الفقراء؟ هل خفّف انخفاض معدل التفاوتات في الدخول من التوترات الاجتماعية وليّن الماويين الهنود أو جعل المسلحين في كشمير أقل تسلحا ورغبة في القتال؟

وقد قلص الهبوط في وول ستريت حالات التفاوتات في الدخول بين الولايات المتحدة وإفريقيا. فهل أصبح الإفريقيون أكثر سعادة أو أقل ميلا للنزاع المدني؟

وحتى افتراض هذا سيكون أمرا سخيفا. إلا أن المفهوم يتضمن تحليلا أكبر.

يعتقد كثير من المحللين أن المجتمع يصبح أسعد عندما تنخفض التفاوتات في الدخول ويصبح أقل سعادة عندما ترتفع هذه التفاوتات. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. ففي أوقات الركود الاقتصادي، تنخفض الأرباح بشكل أسرع من الأجور، لذا تتحسن التفاوتات في الدخل. لكن الفقراء لا يستمتعون بفترات الركود لأنهم لا يريدون أن يفقدوا وظائفهم. فهم يفضلون ازدهارا اقتصاديا عندما ترتفع الأرباح بشكل أسرع من الأجور على الرغم من أن التفاواتات في الدخل تزداد أيضا.

وفي الهند، تعتبر الولايات مثل بيهار وأوريسا فقيرة جدا بينما تعد ماهاراشترا وغوا ولايتين غنيتين. ولكن بينما يغتاظ الاقتصاديون من تفاوت الدخول، فإن فقراء بيهار وأوريسا لا يفعلون. فهم يعرفون أن آلامهم لا يسببها الأغنياء في الولايات الأخرى بل مالكو الأراضي المحليون والعصابات الإجرامية والسياسيون. ويقلق الفقراء من التفاوت في الدخول عندما تبقيهم الطبقات المحلية المسيطرة في الأسفل. ولكنهم لا يرغبون في إفقار الصناعيين في الولايات الغنية، بل يريدون فقط أن يصبحوا هم أنفسهم أغنياء. فأسواق البورصة تجذب الوظائف والاستثمار، لذا يرحب الفقراء بها.

إن جل ما يريده الفقراء هو فرصة للارتقاء. ويستطيع كثير من الهنود المدنيين الحصول على التعليم والكهرباء والاتصالات وقد جنوا مكاسب كبيرة. ولكن مئات الملايين يفنون حياتهم في القرى من دون مدارس محترمة أو مراكز صحية أو طرق أو كهرباء أو هواتف. ولا يمكنهم الوصول بسهولة إلى المحاكم أو الحكم الجيد.

ويصل معدل التغييبية 25% بالنسبة للمعلمين في الهند، والنسبة أعلى بالنسبة لموظفي الصحة. كما تعد النسبة الأعلى في المناطق القروية النائية: فلا يرغب أي معلم يعيش في المدينة بأن يوظف هناك. وتصل الأمية إلى 65%، ونصف أولئك الذين ينهون تعليمهم المدرسي يُعدون أميين فعليا. كما أن أربعة من كل خمسة أطفال يعانون من فقر الدم، هذا بالإضافة إلى انعدام الكهرباء أو وجودها بشكل متقطع بحيث أن أكشاك الإنترنت القروية تستمد الطاقة من ألواح الطاقة الشمسية.

وبعد عقود من الاستقلالية ومليارات الدولارات من الدعم الأجنبي، يبقى التكافؤ في الفرص حلما في معظم الدول النامية. ويكمن الخطأ في الحكومات ووكالات التنمية ولا يرتبط كثيرا بنشوء الطبقة الصناعية وشركات برامج الحاسوب.

إن دراسة بنك التنمية الآسيوي محقة تماما في استنتاج أن الحكومات الآسيوية يجب أن تفعل المزيد لتحسن تكافؤ الفرص. حيث أن الحرمان الفظيع من الوصول إلى المنشآت الأساسية على مستوى القرى يؤسس عدم تكافئ في الفرص ويحول دون ارتقاء الفقراء. وفي المناطق الحضرية، ازدادت الفرص على مر العقود وتحسن التطور الاجتماعي والدخل. ولكن التسهيلات في القرى—وبعض الأحياء الفقيرة في المدن—مثيرة للشفقة بحيث أصبحت هذه الأماكن أشراك للفقراء.

وإنني أشعر بغضب شديد لأن 300 مليون هندي يبقون فقراء. كما أشعر بغضب، ليس لأن بعض الهنود قد أصبحوا من أصحاب المليارات بل لأن كثيرا آخرين لم يصبحوا كذلك. ومثل الناس في أنحاء العالم، فإنني وأبناء بلدي لا نريد رؤية زوال الثروة. فما نريده هو فقط أن نصبح أنفسنا أغنى.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 31 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

إن الهبوط العالمي في البورصة الصيف الماضي قد قضى على تريليونات من الدولارات. وقد كان أصحاب الأسهم الأغنياء الأكثر تأثراً، لذا انخفض عدم التكافؤ العالمي في الدخل بشكل كبير.

ومع هذا فإن فقراء العالم لا يحتفلون!

ولمَ لا؟ لقد أقلقت التباينات المرتفعة في الدخول المحللين عبر العالم لسنوات عديدة. وتنشر صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيات تعبّر عن قلق عظيم من نتائج مكتب إحصاء السكان الأمريكي بأن أجور الأغنياء في أمريكا ترتفع بشكل أسرع من أجور الفقراء.

ويخاف السياسيون الآسيويون من أن النمو السريع والتفاوتات المتزايدة في الدخول سوف تجعل التوترات الاجتماعية أكثر سوءً. ففي الهند، يبقى 300 مليون شخص فقراء حتى مع دخول عدد من الأشخاص في قائمة مجلة فوربز لأصحاب المليارات العالميين.

وتجد دراسة حديثة لبنك التنمية الآسيوي بعنوان “عدم التكافؤ في آسيا”، أن نيبال والصين قد شهدتا أعظم ارتفاع في حالات عدم التكافؤ في القارة. ويقول إفزال علي، كبير اقتصاديي البنك، إن التفاوتات المتزايدة في آسيا قد تؤدي إلى خلل في التماسك الاجتماعي وإشعال شرارة الحرب الأهلية.

إن الهبوط في البورصة يقدم تجربة طبيعية لاختبار هذه الدراسة. وبحلول منتصف شهر آب، خسر أغنى خمسة هنود بمجملهم أكثر من 10 مليار دولار. وبلغ مجموع خسائر جميع المساهمين الهنود 52 مليار دولار، وهو ما يساوي تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لبنغلادش. ولم يكن بإمكان حتى أكثر الضرائب “دراكونية” أن تقلص الثروة بهذه الدرجة.

ولكن هل يحتفل الهنود الفقراء؟ هل خفّف انخفاض معدل التفاوتات في الدخول من التوترات الاجتماعية وليّن الماويين الهنود أو جعل المسلحين في كشمير أقل تسلحا ورغبة في القتال؟

وقد قلص الهبوط في وول ستريت حالات التفاوتات في الدخول بين الولايات المتحدة وإفريقيا. فهل أصبح الإفريقيون أكثر سعادة أو أقل ميلا للنزاع المدني؟

وحتى افتراض هذا سيكون أمرا سخيفا. إلا أن المفهوم يتضمن تحليلا أكبر.

يعتقد كثير من المحللين أن المجتمع يصبح أسعد عندما تنخفض التفاوتات في الدخول ويصبح أقل سعادة عندما ترتفع هذه التفاوتات. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. ففي أوقات الركود الاقتصادي، تنخفض الأرباح بشكل أسرع من الأجور، لذا تتحسن التفاوتات في الدخل. لكن الفقراء لا يستمتعون بفترات الركود لأنهم لا يريدون أن يفقدوا وظائفهم. فهم يفضلون ازدهارا اقتصاديا عندما ترتفع الأرباح بشكل أسرع من الأجور على الرغم من أن التفاواتات في الدخل تزداد أيضا.

وفي الهند، تعتبر الولايات مثل بيهار وأوريسا فقيرة جدا بينما تعد ماهاراشترا وغوا ولايتين غنيتين. ولكن بينما يغتاظ الاقتصاديون من تفاوت الدخول، فإن فقراء بيهار وأوريسا لا يفعلون. فهم يعرفون أن آلامهم لا يسببها الأغنياء في الولايات الأخرى بل مالكو الأراضي المحليون والعصابات الإجرامية والسياسيون. ويقلق الفقراء من التفاوت في الدخول عندما تبقيهم الطبقات المحلية المسيطرة في الأسفل. ولكنهم لا يرغبون في إفقار الصناعيين في الولايات الغنية، بل يريدون فقط أن يصبحوا هم أنفسهم أغنياء. فأسواق البورصة تجذب الوظائف والاستثمار، لذا يرحب الفقراء بها.

إن جل ما يريده الفقراء هو فرصة للارتقاء. ويستطيع كثير من الهنود المدنيين الحصول على التعليم والكهرباء والاتصالات وقد جنوا مكاسب كبيرة. ولكن مئات الملايين يفنون حياتهم في القرى من دون مدارس محترمة أو مراكز صحية أو طرق أو كهرباء أو هواتف. ولا يمكنهم الوصول بسهولة إلى المحاكم أو الحكم الجيد.

ويصل معدل التغييبية 25% بالنسبة للمعلمين في الهند، والنسبة أعلى بالنسبة لموظفي الصحة. كما تعد النسبة الأعلى في المناطق القروية النائية: فلا يرغب أي معلم يعيش في المدينة بأن يوظف هناك. وتصل الأمية إلى 65%، ونصف أولئك الذين ينهون تعليمهم المدرسي يُعدون أميين فعليا. كما أن أربعة من كل خمسة أطفال يعانون من فقر الدم، هذا بالإضافة إلى انعدام الكهرباء أو وجودها بشكل متقطع بحيث أن أكشاك الإنترنت القروية تستمد الطاقة من ألواح الطاقة الشمسية.

وبعد عقود من الاستقلالية ومليارات الدولارات من الدعم الأجنبي، يبقى التكافؤ في الفرص حلما في معظم الدول النامية. ويكمن الخطأ في الحكومات ووكالات التنمية ولا يرتبط كثيرا بنشوء الطبقة الصناعية وشركات برامج الحاسوب.

إن دراسة بنك التنمية الآسيوي محقة تماما في استنتاج أن الحكومات الآسيوية يجب أن تفعل المزيد لتحسن تكافؤ الفرص. حيث أن الحرمان الفظيع من الوصول إلى المنشآت الأساسية على مستوى القرى يؤسس عدم تكافئ في الفرص ويحول دون ارتقاء الفقراء. وفي المناطق الحضرية، ازدادت الفرص على مر العقود وتحسن التطور الاجتماعي والدخل. ولكن التسهيلات في القرى—وبعض الأحياء الفقيرة في المدن—مثيرة للشفقة بحيث أصبحت هذه الأماكن أشراك للفقراء.

وإنني أشعر بغضب شديد لأن 300 مليون هندي يبقون فقراء. كما أشعر بغضب، ليس لأن بعض الهنود قد أصبحوا من أصحاب المليارات بل لأن كثيرا آخرين لم يصبحوا كذلك. ومثل الناس في أنحاء العالم، فإنني وأبناء بلدي لا نريد رؤية زوال الثروة. فما نريده هو فقط أن نصبح أنفسنا أغنى.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 31 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic6 نوفمبر، 20100

ثورة الهاتف النقال التي حولت العالم يمكن أيضاً تحويلها إلى ثورة مصرفية. تستخدم الهواتف النقالة في العديد من الدول للإيداعات والتحويلات على نطاق ضيق. هذا يمكن تحديثه ليصبح تصميم البناء الجديد للبنك في القرن الواحد والعشرين.
أكبر نموذج مصرفي محتمل، كما يسمى، هي الهند حيث تنمو توصيلات الهواتف النقالة بمعدل ضخم يصل إلى 6 مليون شهرياً. لا تزال توصيلات الهاتف النقال محصورة في المدن بشكل كبير، لكن السياسة الجديدة قدمت حوافز لشركات الاتصالات لتركيب أبراج الهواتف النقّالة في المناطق الريفية حيث يعيش 70% من الهنود. ويتوقع مزودو الخدمة أن يصل عدد التوصيلات إلى 500 مليون خلال خمس سنوات.
يمكن للهواتف النقالة أن تفتح حسابات افتراضية في بنوك افتراضية. ويمكنك أن تنظر إلى رصيد حسابك المصرفي النقال، وأن تصدر التعليمات عن طريق الرسائل الخطية. كما يمكن ضمان السرية من خلال كلمات السر المتعددة. حتى القرويين الذين لا يملكون هواتف نقالة يمكنهم أن يستخدموا—بالمجان—هواتف أصحاب المحال التجارية، الذين تطوروا، دون ذكاء، إلى أمناء صناديق حقيقيين في بنوك حقيقية.
عندما يدفع الزبون نقداً إلى صاحب المحل التجاري لإعادة شحن رصيده يكون ذلك بمثابة إيداع نقدي في حساب مصرفي افتراضي. يمكن للزبون أيضاً سحب مبلغ نقدي بالمجان حيث يقوم صاحب المحل بتحويل المبلغ من الحساب النقال للزبون إلى حسابه الخاص ومن ثم يدفع للزبون نقداً. ويمكن توسيع هذه العملية لتشمل تسديد الفواتير.
لكن إذا كان على شركات الاتصالات الهندية أن تقدم خدمات مصرفية عن طريق الهاتف النقال، ينبغي عليها أن تحصل على موافقة الجهة الرقابية، من بنك الاحتياطي الهندي، والذي يتخوف من أن تصبح البنوك أهدافاً لغسيل الأموال. لذلك يصر البنك على سياسة متشددة وهي: “إعرف عميلك”. يتغاضى بنك الاحتياطي عن المبالغ الصغيرة المحولة من خلال شبكة صاحب المحل، ولكنه لن يسمح لشركات الاتصالات بالتطور وتقديم حسابات مصرفية رسمية وإيداعات بالفائدة وخدمات مصرفية أخرى.
كما فعلت الجهات الرقابية على المصارف في دول مثل كينيا وجنوب إفريقيا، من المحتمل أن يصر بنك الهند الاحتياطي على شركات الاتصالات أن تتعاون مع بنك مرخص قبل تقديم خدمات مصرفية رسمية.
مع ذلك يوجد لدى بنك الاحتياطي الهندي سبب وجيه لتشجيع الخدمات المصرفية بواسطة الهاتف النقال، ولقد تحدث منذ زمن طويل عن الفكرة الخيالية بوجود حساب مصرفي لكل عائلة، حتى في المناطق الريفية. كان هذا أمل كاذب نظراً للتحديدات المفروضة على شبكة فروع البنك. لكن الخدمات المصرفية بواسطة الهاتف النقال يمكن أن تجعل الحلم حقيقة، حتى للقرويين الأميين. مثل هؤلاء الأميين لا يمكنهم التعامل مع المعاملات الورقية في بنك تقليدي، لكن يمكنهم إيداع وسحب النقود من خلال البطاقات الذكية التي يمكن إعادة شحنها بمساعدة أصحاب المحال التجارية.
بسبب إغراء الفساد، يمكن أن تنخفض المعونات المالية والتحويلات النقدية للفقراء إذا أودعت المبالغ مباشرة في حسابات المستفيدين النقالة مباشرة. فالكثير من الأموال المخصصة للفقراء لا تصلهم في هذه الأيام—وإنما “يشفطها” البيروقراطيون الفاسدون والمقاولون. الحسابات النقالة الآمنة قد تضمن أن لا تذهب الأموال إلا للمستفيدين المعنيين.
العمليات المصرفية التقليدية محدودة لأن قطاعات كبيرة من المناطق الريفية الهندية تفتقر إلى الكهرباء وحتى القرى التي تصلها خدمات الكهرباء، يصلها التيار لفترة تتراوح من ست إلى ثمان ساعات في الليل. لكن الهواتف الخلوية بإمكانها التغلب على هذه العقبة إذ تحتاج إلى القليل من الكهرباء ويمكن شحنها في الليل.
استخدمت شركات التسويق في المناطق الريفية البطاريات التي تعمل بالطاقة الشمسية منذ وقت طويل لتشغيل أكشاك الإنترنت في الأسواق. ويمكن لهذه البطاريات أن تشحن الهواتف الخلوية أثناء الليل، حتى بطاريات التراكتورات يمكن شبكها لشحن الهواتف الخلوية. إذاً بإمكان الهواتف الخلوية تقديم خدمات مصرفية إلى جميع المناطق الريفية في الهند.
تستخدم الهواتف الخلوية حالياً في التحويلات المالية. لقد هاجر الملايين من الريفيين الهنود إلى الدول المجاورة والخليج العربي بحثاً عن العمل ويرسلون تحويلاتهم المالية إلى الهند، لكن عائلاتهم في الهند هم على الأغلب أميين ولا تتوفر لهم سبل الوصول إلى المصارف.
تصل التحويلات المالية إلى كافة القرى في الهند عن طريق البريد، لكن العمولات عالية. الهواتف الخلوية تقوم بتحويل الأموال بطريقة أسرع وأرخص من النظام البريدي، باستخدام شبكة الإنترنت في أي محل تجاري.
هذه بداية جيدة، لكنها بحاجة إلى التطوير. وهذا يعني أن على الشركات إقامة مشاريع مصرفية جديدة عن طريق الهواتف النقالة، وعلى الجهات الرقابية أن تسمح لهم بذلك.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 22 آب 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018