غوستافو كورونيل

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

حيث أن الانتخابات الرئاسية تقترب شيئاً فشيئاً، فإن على شعب فنزويللا وجيرانهم أن يجروا مقارنة بين سجل هوغو شافيز وبلاغته الخطابية. ففي عام 1998 استغل شافيز الاستياء الشعبي العام ورشح نفسه للرئاسة على أساس برنامج قوي لمكافحة الفساد وتمكن بذلك من هزيمة إنريكيه سالاس رومر، حاكم ولاية كارابوبو السابق، الذي كان مديراً في منتهى المقدرة والكفاءة ولكن كان يُنظر إليه بأنه ينتمي إلى الطبقة المتميزة. وبعد مرور ثماني سنوات تظل وعود شافيز غير متحققة وقد تداعت الديمقراطية مفسحة المجال أمام نظام استبدادي جُعل فيه النظام الانتخابي تحت سيطرته التامة.
يسيطر على آلات التصويت شركة اسمها سمارتماتيك، ولها تاريخ ضبابي. ويتألف المجلس الانتخابي من مجلس إدارة يتألف أعضاؤه من مناصري شافيز. سجل الناخبين لا يمكن الاعتماد عليه: 39000 ناخباً أعمارهم تزيد على المئة سنة—ويبدو أن سيدة على قائمة المنتخبين يبلغ عمرها 175—وهنالك 62 شخصاً يتشاركون بنفس الاسم ونفس تاريخ الولادة.
ونتيجة لتجمع مداخيل بترولية غير مسبوقة وأدنى درجة من الشفافية الحكومية، فقد وصل الفساد في فنزويللا إلى ارتفاع قياسي لم يسبق له مثيل. وبتكبد دين داخلي جديد حصل شافيز على ما يقارب 25 بليون دولاراً في أموال إضافية تم صرفها على ما يناسب أهواءه. تلك الأموال بالإضافة إلى مبيعات البترول قد وضعت أكثر من 200 بليون دولاراً في خزائن الحكومة، ولكن هنالك أقل القليل من الدلائل على حسن استخدام أي منها في مشاريع أشغال عامة أو برامج اجتماعية فعالة.
الغالبية العظمى من ذلك المال لا يعرف مصيره، وقد بُدد القسم الأعظم منه أو استولى عليه البيروقراطيون وعصابات التجار القراصنة. شافيز يبدد المال في الخارج لامتلاك الأسلحة ولتصدير ثورته التي يدفعها العسكريون ضد أمريكا، وفي فنزويللا نفسها ينفقها على الدعايات السياسية وعلى ترويج البرامج الاجتماعية الشعبية القائمة على عطايا مباشرة إلى الفقراء.
منذ عام 2003 فإن الإنفاق والالتزامات المالية الخارجية قد التهمت ما يقارب 30 بليون دولاراً. فقد اشترت فنزويللا أسلحة من روسيا وإسبانيا وغيرهما من البلدان بقيمة 5 بليون دولاراً؛ وأكثر من 3 بليون في سندات من الأرجنتين، كما أنفقت فنزويللا حوالي عشرين بليون دولاراً في دعم للمحروقات ومِنح ووعود ببرامج لبلدان أخرى في المنطقة وبالأخص إلى كوبا وبوليفيا.
إن جهود شافيز غير الموفقة للوقوف في وجه نفوذ الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية لم يكن له من أثر سوى تبديد المال الفنزويللي. فمنذ عام 2000 أخذت فنزويللا بتقديم البترول إلى حكومة كوبا بدعم تبلغ تكاليفه 2.2 بليون دولاراً سنوياً. كذلك فإن حملة شافيز غير الناجحة للحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي قد كلف فنزويللا أكثر من بليون دولاراً في التزامات مالية قطعها إلى الحكومات التي طلب مساعدتها للحصول على المقعد. وقد ركز شافيز إنفاقه الداخلي على تعزيز سلطاته السياسية. وقد أعطت الحكومة مبالغ طائلة من خلال برامج اجتماعية، اسمها مسيونيس، تعطي الفنزويلليين الشعور الواهم بالرخاء على حساب البرامج الهيكلية المستدامة على المدى الطويل في حقول التعليم والصحة. وقد أساء شافيز استعمال أموال البنك المركزي الفنزويللي، كما قَبِل تمويلاً خارجياً لحملته الانتخابية الرئاسية ومنح عطاءات حكومية غير تنافسية، وترك شركة البترول التي تملكها الحكومة في حالة تراجع.
الفساد يشمل وزراء حكوميين، وقضاة في المحاكم العليا، ومدراء في المجالس الانتخابية، وحُكّام الولايات، ومحاميين حكوميين، وضباط عسكريين، وأصحاب البنوك، وصناعيين مؤيدين للحكومة. وهنالك اليوم ما لا يقل عن ثلاث موازنات حكومية متوازية تقوم جنباً إلى جنب، وواحدة منها فقط تعتبر رسمية وتخضع لـ”التدقيق” من قبل المجلس الوطني، والذي هو بدوره يتألف كلياً من أتباع شافيز. أما الموازنتان الأخريان فهما تحت الإشراف المباشر لشافيز نفسه. إن فقدان الشفافية والمحاسبة وغياب الرقابة المؤسسية وضعف من يتولون البيروقراطية في المراكز العليا قد أدى ذلك كله إلى درجات عالية من تفشي الفساد.
نتائج هذا الوضع المأساوي واضحة: فعلى الرغم من مداخيل البترول الطائلة تقف فنزويللا اليوم في أسفل سُلم الدول في أمريكا اللاتينية. إن التصنيفات التي وضعتها منظمات دولية مثل مؤشر الفساد الخاص بمنظمة الشفافية العالمية، وتقرير الحرية الاقتصادية في العالم لمعهد فريزر، ومؤشر التنمية الإنسانية للأمم المتحدة، ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية، جميعها تُظهر فنزويللا في وضعٍ متردٍّ.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 2 كانون الأول 2006.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018