peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

منذ الزحف على إفريقيا في القرن التاسع عشر، اعتدنا على التدخل الغربي، مع ان زوال الاستعمار كان يفترض أن يكون نهاية لذلك، لكن بعد مغادرة القبعات النسيجية والبدلات الضيقة إفريقيا، وُلد استعماريون جدد: المنظمات غير الحكومية الموجودة هنا لحفظ إفريقيا من كل شيء، من الغذاء المعدَّل وراثيا الى العولمة!
تتكون المنظمات غير الحكومية من جماعات المستهلكين، الفرق الإنسانية، ومؤسسات التنمية الخيرية، التي توحدت في الاعتقاد ان الحضارة الصناعية الحديثة، والأرباح والمنافسة ليست أخلاقية. من وجهة نظرهم، ستتم خدمة الافراد، خصوصا في الدول النامية، بشكل افضل بواسطة الانظمة الشاملة وتدخل الدول الذي يفضل إعادة توزيع الثروة على الدينامية التي اثْرت الغرب وبعض الدول الآسيوية مثل تايوان، واليابان وكوريا الجنوبية.
لكن على الرغم من ادعاءاتها بأنها تمثل مصالح الفقراء، جاءت عدة فئات فقط من المنظمات غير الحكومية المسجلة بالأمم المتحدة من الدول النامية، والأغلبية الساحقة من الولايات المتحدة الامريكية، والكثير من بريطانيا، وفرنسا وألمانيا.
لهذه المجموعات تأثير يفتح الطرق لأبعد من حجمها. العديد من الدول الأفقر ليس لديها المقدرة على تشكيل سياساتها الخاصة بالخدمات الاجتماعية مثل الصحة، لذلك فهي تتعاقد بشكل فرعي مع منظمة الصحة العالمية والتي استُعمرت من منظمات غير حكومية عملت كاستشاري سياسات يلعب دورا كبيرا في تشكيل النصائح الفنية للدول الأعضاء مع أن “خبراء” المنظمات غير الحكومية يعملون بشكل خاطئ وباستمرار.
خذ مثلا مرض الايدز. بسبب عدم إمكانية الشفاء، الطريقة الوحيدة لمواجهة انتشار الوباء تفضيل استخدام الوسائل الوقائية لوقف تزايد عدد الإصابات سنويا. بالطبع، المعالجة ضرورية لكن ليس لدرجة استثناء الوقاية. ومع ذلك، ضغطت المنظمات غير الحكومية بشدة للحصول على معظم الأموال العامة من اجل صرفها على برامج المعالجة الدوائية للذين أصيبوا فعلا، مع ان الدول الاشد إصابة لا يوجد بها أطباء وعيادات لإدارة الدواء.
خضعت منظمة الصحة العالمية للضغط، وهكذا استمرت الإصابات بالزيادة وأصبحت المعالجة غير منظمة.
حصل شيء مشابه بالملاريا: سيطرت دول من الهند الى جنوب إفريقيا بنجاح على الملاريا بواسطة رش داخل البيوت بالـ دي دي تي. روّج ناشطو البيئة والمنظمات غير الحكومية لقصص مرعبة وغير منطقية من الولايات المتحدة الامريكية للسيطرة على المبيد وضغطوا من اجل حظره. فأوقفت منظمة الصحة العالمية التوصية باستخدامه في التسعينات وحظر بشكل فعال. فازدادت الملاريا عالميا. وحديثا، اعادت جنوب إفريقيا انتاج مبيد الرش الـ دي دي تي، وانخفضت الحالات!
أخافت المنظمات غير الحكومية الغربية ايضا المستهلكين الأوروبيين، ودفعتهم لعدم شراء المحاصيل المعدلة وراثيا التي تزرع في إفريقيا، وصعّبت الامر على المزارعين الذين يصدرون للاتحاد الأوروبي من اجل إعالة أنفسهم.
كما عملت المنظمات غير الحكومية على مستوى الحكومات المحلية ايضا، من خلال النصائح المباشرة للحكومات الافريقية. واهتمت الحملة الأخيرة بالعلاقة بين الملكية الفكرية والصحة العامة. إذ جادل الناشطون لعدة سنوات بأنه، وللتطور البطيء جدا من ادوية الامراض الاستوائية بالدول الافقر، منعت براءات الاختراع ذلك، وهذا ظلم موروث حسب ادعائهم.
استخدم الناشطون هذا الادعاء لدفع منظمة الصحة العالمية لعقد معاهدة للابحاث والتطوير الطبي يحدد بموجبها البيروقراطيون، وليس الاسواق، ما هي الأمراض التي سيتم إجراء بحوث عليها. وأملوا انه لو استثنيت الارباح من المعادلة، فإن ذلك سيدخلنا الى عهد خيالي جديد تنفجر فيه قنبلة من الادوية الرخيصة التي ستتوفر مجانا للفقراء بغض النظر عن حقيقة ان عمليات الأبحاث والتطوير التي قادتها السوق أنتجت الأغلبية الساحقة من العلاجات المتاحة في الدول الغنية والفقيرة بتكلفة بسيطة—او بدون تكلفة—على دافعي الضريبة. ستضعف هذه المعاهدة ايضا حقوق الملكية الفكرية، وستمكن أي حكومة من نسخ الادوية المرخصة، وتزيل الحوافز الى الابحاث والتطوير الابتكارية.
لقد حققت المنظمات غير الحكومية ذلك بالضغط على الحكومات الافريقية في منظمة الصحة العالمية: المتشابهات بين أدب حملات المنظمات غير الحكومية والموقف الرسمي لكينيا، المؤيد الرئيسي لهذا المخطط، كثيرة وليست محض مصادفة.
بالطبع، حكومة كندا لديها أسبابها الخاصة لدعم هذا المخطط، لحماية صناعتها الدوائية وتحويل اللوم في فشلها الخاص في الرعاية الصحية على الاجانب مثل الشركات الدوائية الدولية!
كان لأعضاء المنظمات غير الحكومية المنادين بالسياسة الدولانية تأثير كبير على الرأي العام، وعلى أيديولوجيات الامم المتحدة والحكومات الافريقية، على الرغم من ان مقترحاتهم لم تعمل في بلادهم؛ في الغرب. وقبل ان نأخذ بنصائحهم، يجب ان نقرأ الوصفة بعناية، وبخلاف ذلك سنعاني من آثار جانبية خطيرة.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 7 تشرين الثاني 2007.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018