peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

يقدم المفكر الحقيقي للعامة أفكارا جديدة حول نطاق واسع من المواضيع، بحيث يعبّر عن هذه الأفكار قبل وقت طويل مما يفعل معظم الناس. وهذا هو جوهر تعريف عالم نوبل للاقتصاد، فريدرك هايك، للمفكر. وفي مقالته المنشورة في مجلة جامعة شيكاغو للقانون عام 1949 “المفكرون والإشتراكية”، ألقى هايك الضوء أيضا على أن المفكرين في مختلف الأحول أهم مما يعتقد معظم الناس. وبرغم كل شيء، فهم يشكلون الرأي العام.
لقد كان الإقتصادي النمساوي هايك واحدا من المفكرين المفضلين بالنسبة لرونالد ريغان. وقد كان ريغان مفكرا حسب تعريف هايك. ريغان المفكر؟ يجيب كتاب “بقلم ريغان” (2001) على ذلك السؤال. ويحتوي هذا الكتاب، ذو المقدمة التوضيحية التي كتبها جورج شولتز، 259 مقالة كتبها ريغان بنفسه والتي تتكون بشكل أساسي من نصوص برامجه الإذاعية التي كانت تذاع لمدة خمس دقائق خمسة أيام في الأسبوع في أواخر السبعينيات. إن المقالات رائعة ومثيرة في اتساع وعمق موضوعاتها، وقد وضعت أساس إطار العمل الفلسفي لرئاسته.
ومن الجدير للذكر أن “يوميات ريغان” (2007) قد نُشرت للتو. وباستثناء الوقت الذي دخل فيه المستشفى ليتلقى العلاج بعد محاولة اغتيال فاشلة، فقد كتب ريغان يومياته كل يوم. وقد كانت مذكراته اليومية تحتل ما طوله نحو صفحة ومكتوبة بوضوح بخط ريغان. وكما هو الحال مع كتاب “بقلم ريغان”، فإن “يوميات ريغان” هي من أعمال ريغان التي كتبها بيديه، وليست مواد كتبها موظفوه نيابة عنه.
لا عجب أن ريغان بدا مسترخيا ومسيطرا على نفسه. فقد فكر في الأمور مليا. وبوصفه شخصا كان كبير الاقتصاديين في مجلس المستشارين الاقتصاديين خلال 1981-82، فقد رأيت بصيرته الفكرية مباشرة.
وكانت واحدة من مهامي السابقة تحليل تملك الأراضي من قبل الحكومة الفيدرالية وتقديم التوصيات حول ما يجب الفعل بها. وكان هذا عملا كبيرا. فهذه الأراضي واسعة بحيث تغطي مساحة تبلغ ستة أضعاف مساحة فرنسا.
وتمثل هذه الأراضي التي يُزعم أنها حكومية شذوذا اشتراكيا كبيرا في نظام أمريكا الرأسمالي. وكما هو الحال مع جميع المشاريع الإشتراكية، فإنها تُدار بشكل سيئ من قبل السياسيين والبيروقراطيين الذين يرقصون على أنغام جماعات المصالح الضيقة. وبالفعل، فإن الأراضي الأمريكية المؤممة تمثل أصولا تساوي تريليونات الدولارات، إلا أنها تولد صافي تدفقات مالية سلبية للحكومة. وقد قدمت توصياتي لاجتماع مجلس الأراضي الحكومية السنوي في رينو، نيفادا، في أيلول 1981. وكان عنوان كلمتي هو “خصخصوا تلك الأراضي”.
لقد أثارت خطبتي التي ألقيتها في رينو ضجة. فقد استشاط وزير الداخلية جيمس وات غضبا لأنه أراد أن يسلم الأراضي للدولة—مستبدلا نوعا من الاشتراكية بآخر.  ولا داعي للقول أنني ظننت أنني وقعت في ورطة. وعلى أمل تجنب أن أصبح أضحية سياسية، فقد أرسلت بسرعة تحليلي إلى الرئيس.
ولدهشتي، فقد استجاب ريغان فورا، ووقف إلى صفي. والأفضل من ذلك، فقد جعل بسرعة من عروضي سياسة للإدارة. كما جعل ريغان رسالته حول ميزانية السنة المالية 1983 علنية عندما صادق على خصخصة الأراضي الحكومية: “إن بعض هذه الأراضي غير مستخدمة وستكون ذات قيمة أعظم للمجتمع إذا تم تحويلها إلى القطاع الخاص. فسوف نوفر في السنوات الثلاث المقبلة 9 مليارات دولار باستبعاد هذه الممتلكات، بينما نحمي ونحافظ بالكامل على الحدائق العامة والغابات والبراري والمناظر الطبيعية القومية”.
لقد تبين أن ريغان كان قد فكر مسبقا بهذا الأمر. ويحتوي كتاب “بقلم ريغان”، على عدة مقالات حول الموضوع والتي تؤذن ببيانه السياسي. فإن تأملاته المتعلقة بالأراضي الحكومية تردد كتابات مفكر جيد آخر وهو آدم سميث.  وعلى الرغم من أن ريغان لم يقتبس عن سميث مطلقا، فإن منطقهما كان متشابها.
واختتم سميث كتابه “ثراء الأمم” (1776) بقوله “لا تبدو أي شخصيتين غير منسجمتين أكثر من شخصيتي التاجر والسيد”، حيث أن الناس يبذرون أموال الآخرين أكثر مما يبذرون أموالهم. وبذلك الاعتقاد، فقد قدر أن إنتاجية الأراضي التي تمتلكها الدولة تبلغ 20% فقط مقارنة بالممتلكات الخاصة. واعتقد سميث أن قطع الأراضي الرائعة في أوروبا هي “مجرد مضيعة وإضاعة للدولة من حيث كلا المنتج والسكان”.
وقد اوقفت المعارضة السياسية ريغان من الخصخصة. وبالتالي بقيت أراضي الولايات المتحدة المؤممة تستخدم بطريقة سيئة. ولكن ريغان المفكر كان محقا قبل وقت طويل!
© معهد كيتو، منبر الحرية، 21 تشرين الثاني 2007.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018