peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

أطلقت واشنطن بالون اختبار حول وضع قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) كقوة لحفظ السلام في الضفة الغربية. ونقلت صحيفة الجيروساليم بوست خبراً مفاده أن قائد حلف الناتو السابق، الجنرال جيمز جونز، وهو حالياً المبعوث الخاص لإدارة بوش إلى الشرق الأوسط، يتولى طرح هذه الفكرة على مختلف البلدان الأوروبية.

إنها فكرة رديئة بشكل صارخ. فإذا كان لمبادرة جونز خيط فضي، فهو أن واضعي السياسة الأمريكية على الأقل، لا يفكرون بضم قوات أمريكية ضمن تلك القوة. وعلى ما يبدو فإن واشنطن تعتقد بأن جلد الذات أقوى بين الشعوب الأوروبية مما هو عليه بين الشعب الأمريكي. ومع ذلك، فإن المرء يحتار فيما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تستطيع مقاومة الدعوة التي لا مفر منها من سائر أعضاء الناتو، بوجوب تكافؤ التضحيات وبأن تمارس الولايات المتحدة قيادة الحلف.

وحتى إن استطاعت الولايات المتحدة تجنب الانغماس مباشرة في مغامرة مهمة حفظ السلام، فإن الاقتراح ينطوي على مشاكل خطيرة. إنه سوف يضع قوات الناتو في وسط ربما هو أكثر المناطق اضطراباً في شرق أوسط مفعم بالاضطرابات. أشار جونز، كما تقول الأنباء، بأن وضع قوات الناتو سوف يكون مؤقتاً، بحيث يعطي للقوات الإسرائيلية فرصة الانسحاب من الضفة الغربية، كمرحلة من مراحل اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. بيد أن إسرائيل والولايات المتحدة، قد تعلمتا من خلال تجارب مريرة، بأن الإجراءات العسكرية “المؤقتة” في الشرق الأوسط تصبح عادة التزامات بعيدة المدى.

الأسوأ من ذلك، أن القوات الأجنبية في الضفة الغربية سوف تشكل أهدافاً مثالية بالمعنى الحرفي والرمزي معاً بالنسبة للراديكاليين الإسلاميين. الراديكاليون سوف يصورون وضع تلك القوات، دون شك، كاحتلالٍ إمبريالي غربي آخر للأراضي الإسلامية، وسوف يستخدمون تلك المقولة لتجنيد المزيد من المقاتلين في صفوف المنظمات الإرهابية. وأسوأ من ذلك، فإن أفراد قوات حفظ السلام، سوف يصبحون أهدافاً لبنادق وقنابل الراديكاليين.

حتى لو سعوا لأن يكونوا محايدين كقوة حفظ سلام، فإنهم، كأمر حتمي، سوف يجدون أنفسهم وسط المنافسات والصراعات في الأراضي الفلسطينية. ماذا سوف يفعلون، على سبيل المثال، إذا تجدد العنف بين أتباع حماس ومؤيدي فتح؟ أو إذا شن مقاتلو حماس هجمات جديدة ضد المستوطنات الإسرائيلية؟ لا يوجد شيء يمكن أن يكون تدخلاً عسكرياً محايداً. إن مجرد وجود قوة حفظ سلام يعمل لصالح بعض الفرقاء على حساب فرقاء آخرين. والفرقاء الذين يتم التدخل لغير صالحهم يصبح لديهم حافز قوي لمهاجمة قوة حفظ السلام.

يبدو أن واشنطن تعتقد بالفعل بأن جلد الذات هو أقوى بين الشعوب الأوروبية مما هو عليه بين الشعب الأمريكي!

لقد اكتشفت الولايات المتحدة هذه الحقيقة بكل مرارتها في لبنان، إبان عقد 1980. تدخلت القوات الأمريكية بداية كجزء من اتفاق يمكن القوات الإسرائيلية من إنهاء حصارها لبيروت الغربية. لم يكن لدى الولايات المتحدة أية نية للانحياز لهذا الجانب أو ذاك، في الحرب الأهلية اللبنانية التي كانت قائمة. بيد أن القوات الأمريكية أصبحت في فترة وجيزة متحالفة مع حكومة البلاد المسيحية وضد الفئات الإسلامية. وسرعان ما بدأت بارجة أمريكية بقصف القرى المسلمة المعادية، واشتبكت القوات الأمريكية في مناوشات مع الميليشيات الإسلامية. أدى ذلك العمل إلى الانتقام ووصل ذروته في الهجوم الذي شنته شاحنة ملغومة على البراكيّات السكنية للبحرية الأمريكية في بيروت، والذي قتل فيه 241 من رجال البحرية.

الناتو تغامر بمأساة مماثلة، إذا كانت من الحماقة بحيث تقحم نفسها في الأراضي الفلسطينية. إن اقتراح وضع مثل هذه القوات ليس بالجديد. فمنذ أكثر من ست سنوات قدم المعلق في صحيفة النيويورك تايمز توماس فريدمان فكرة مماثلة، بيد أن واضعي السياسة الأمريكية، لحسن الحظ، أسقطوا ذلك الاقتراح. يجب على إدارة بوش دفنه مرة أخرى آملين أن يتم ذلك بشكل نهائي.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 25 آذار 2008.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018