peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

هل احتاج الشعب الإيراني إلى ثلاثة عقود من الزمن لتدرك حقيقة (ثورتها الإسلامية)، وبأنها لم تكن سوى انتقال بين أنظمة استبدادية بألوان مختلفة.
فثورة الخميني لم تكن إلا استمرارا وتكريسا لنظام دكتاتوري ولكن بصورة دينية-طائفية، توهم الشعب الإيراني بداية بمختلف أطيافه ( من فرس، كرد، عرب، آذريين، بلوش وغيرهم) بقدوم ساعة الخلاص والانفراج الديمقراطي وطي ملف القمع وكبح الحريات والانفتاح على كافة المكونات التي ساهمت مباشرة في اسقاط نظام الشاه، لكن زعيم الثورة انقلب مباشرة على كل الوعود والاتفاقيات المبرمة قبل الثورة وكشف بعجالة عن الوجه الاستبدادي (لثورته) وبدأ بحملة تصفيات واعتقالات للمعارضات السابقة وخاصة القوميات غير الفارسية، ثم عزز من آلياته القمعية ومؤسساته الحامية لها وغلفها بستار ديني على خلفية مذهبية (ولاية فقيهية) حالمة بامبراطورية ايرانية جديدة على اسس مذهبية بدأت تمتد في المنطقة وسخرت أجندتها ولوجستياتها في الملفات الحساسة والأكثر سخونة مثل( فلسطين،لبنان، العراق، افغانستان) ودعم الحركات الارهابية لمصلحتها والقيام بحملة تصفيات واغتيالات لخصومها السياسيين.
ولأن الانظمة المستبدة والقمعية تسعى دوما للتغطية على أوضاعها الداخلية المعلقة بكل تناقضاتها، فتقوم بخلق عدو ( خارجي) بل أعداء متربصين بالوطن ولذلك على الجميع التأهب والاستعداد للمعركة الكبرى وتعليق كل شيء وذلك لإلهاء الشعوب وهدر طاقاتها. وتقدم ذلك العدو في صورة الشيطان المهدد للوطن. وإضفاء صبغة دينية مقدسة على ( جهادها ) وتعبئة شعوبها لخدمة هذه الثقافة من خلال شعارات تحريمية براقة ( الجهاد في سبيل المقدسات الدينية خارج ايران، محاربة الشيطان الأكبر أميركا، القضاء على اليهود ورميهم في البحر ووووو)، الدخول في بازار المساومات الدولية للتطوير النووي من خلال أجندتها الاقليمية وعلى حساب دماء تلك الشعوب في سبيل الوصول لصفقات ومصالح ذاتية تدعم من نزعتها التوسعية وزيادة تدخلاتها الاقليمية.
هذا القناع والوجه الخارجي في صورة ( امبراطورية الخير) والمنقذ للمقدسات ومن خلال التصريحات النارية من حين لحين لأحمدي نجاد،كان يقابلها استبداد وقمع داخلي مع الارتفاع في مستوى البطالة والفقر بالاضافة للقمع الديني ذو اللون الواحد، فجاءت الانتخابات الاخيرة وعمليات التزوير التي حصلت والتشكيك في نزاهتها واعتراض ونشاطات التيار الاصلاحي، فكانت القشة بل الشرارة التي كشفت ذلك الكم من التناقضات والاحتقان داخل المجتمع الايراني التي حاولت المؤسسات الدينية والعسكرية للنظام تجميل وجهها واضفاء صبغة ( ديمقراطية دينية) عليها لامتصاص نقمة الشعب وكذلك التباهي بالنموذج الديمقراطي في الحكم. علما بان الصراع هو بين تلك المؤسسات ورموزها الدينية ضمن اطار ( مبادئ الثورة الاسلامية) و لا توجد بالاساس ديمقراطية دينية لأن الدولة كلها مختزلة في ولاية الفقيه وتوابعها،لأن جميع المرشحين ينتمون اليها ولكن صراع المصالح وزيادة حدة التناقضات بين تلك المؤسسات من دينية وعسكرية وأمنية وكان أخرها الانتخابات الاخيرة، التي عبرت بوضوح عن ما يعانيه المجتمع الايراني في الداخل وهذا ما لمسناه على شاشات التلفاز والمشاركة الكثيفة لكافة فئات الشعب الايراني في التظاهرات،وتلك الملايين التي خرجت الى الشوارع لتعبر عن غضبها ودعوتها الى التغيير ولم يكونوا فقط من انصار الموسوي الذي تفاجئ بهذا الغضب العارم والرغبة الجامحة لتغيير هذا النظام،فكانت ردود الفعل عنيفة من قبل النظام فرأينا كيف كان القمع والتعامل مع الشارع عنيفا ودمويا وكان هناك خوف من امتداد التظاهرات الى كافة ايران، فمنعت التغطية الاعلامية والتلفزيونية واوعزت للباسيج والحرس الثوري بالتدخل وقمع المتظاهرين وهي ثقافة (ثورية) للقمع تخرج أحمدي نجاد نفسه من لدنه بعد أن شارك في عمليات تصفية واغتيالات ومنها على سبيل المثال (اغتيال المعارض الكردي عبد الرحمن قاسملو في فيينا عام 1989 بعد وعد ايراني ببدء مفاوضات مباشرة،لكنها خانت الاتفاقية وكان نجاد من اللذين ساهموا في تلك الجريمة وهناك دعوى قضائية ضده في النمسا). إن العالم يترقب بكل اهتمام التطورات الاخيرة في ايران نظرا لتداخلات السياسة الايرانية وتفرعاتها في العالم وفي الشرق الاوسط خصوصا.
© منبر الحرية، 18 سبتمبر/أيلول 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018