لا شك أن لإيران موقعاً حيوياً واستراتيجياً في مجمل الخريطة الجغرافية والسياسية للمنطقة العربية والإقليمية المجاورة لها.. وهذا ما يدفعها باستمرار إلى محاولة لعب أدوار متعددة ومتنوعة ومتداخلة وأحياناً متناقضة (كما ظهر في تأييدها للأرمن على حساب شيعة أذربيجان) من حيث المحتوى والهدف والوسائل والأهمية في كل ما يتصل بسياسات وأحداث وتفاعلات المنطقة.. في وقت يتطلع جيران إيران إلى الأهمية الكبرى للأخذ بأسباب الحوار والتفاهم والتكامل بينهم وبين إيران، وخصوصاً منهم تلك الدول العربية المطلة على الخليج العربي.
أما في العصر الحاضر فقد تبوأت إيران هذا الموقع السياسي والديني المتقدم بعد اندلاع الثورة الإسلامية واستلام التيار الإسلامي الشيعي دفة القيادة منذ العام 1979م، من خلال هذا الزخم المعنوي الهائل الذي حظيت به قيادة ونهج قائد الثورة أية الله الخميني، والتفاف الشعوب الإيرانية حوله (على اختلاف مذاهبها واعتقاداتها وتنوعها الحضاري والأقوامي).
وقد حاولت الدول والقوى الكبرى بعد ذلك احتواء وإشغال تلك الثورة الفتية بحرب عبثية طويلة الأمد، ولكن إيران تمكنت في النهاية من الالتفاف على الظروف الدولية المحيطة لتحقق مستوى مهماً من الاستقرار والنمو والانفتاح السياسي عبر بناء شبكة علاقات خارجية وحياة سياسية واقتصادية مقبولة.