الليبرالية كدواء ناجع للعالم العربي

حواس محمود11 نوفمبر، 20100

الحالة الواقعية في العالم العربي بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤشر إلى وجود مخاض تحت السطح وأحيانا يخترق السطح ليظهر بقوة مبينا حاجة العالم العربي لتيار فكري يستطيع استيعاب كل التوجهات الأيديولوجية الأخرى ضمن سياقه العام.
و يتبين من خلال البحث و الملاحظة الدقيقتين أن لا تيار يستطيع أن يقود قاطرة العالم العربي إلى الأمام إلا الليبرالية. فالليبرالية بمفهومها الديمقراطي الواسع متركزة على حرية الفرد واعتباره اللبنة الأساسية لأي بناء قادم بأساسات فكرية قوية ومتينة لا تهزها رياح العواطف أو زلازل الأحداث الطارئة وهنا لا بد من الإشارة إلى مفهوم الليبرالية
فبحسب أحد التعريفات: الليبرالية هي فلسفة/فلسفات اقتصادية وسياسية ترتكز على أولوية الفرد، بوصفه كائنا حرا.
فمقولة الحرية هي المقولة المركزية التي يستند عليها كل البناء المذهبي لليبرالية، وانطلاقا من هذه المقولة يتم تحديد طبيعة رؤيتها لمختلف مجالات الكينونة الإنسانية:
فالليبرالية من الناحية الفكرية تعني “حرية” الاعتقاد والتفكير والتعبير، ومن الناحية الاقتصادية تعني “حرية”  الملكية الشخصية، و”حرية” الفعل الاقتصادي المنتظم وفق قانون السوق. وعلى المستوى السياسي تعني “حرية” التجمع وتأسيس الأحزاب، واختيار السلطة.. وهكذا نلاحظ أن مقولة الحرية لا تشكل فقط مبدأ من جملة مبادئ، بل هي مرتكز لغيرها من المبادئ.
فالواقع الاجتماعي العربي يتطلب من القوى الليبرالية والقوى اليسارية التي تلبرت أن تضع نصب أعينها مشكل القمع والفساد وان تنشر بين كافة فئات وقطاعات الجماهير ثقافة الإصلاح والديمقراطية وتبين خداع القوى المستلمة للسلطات التي رفعت شعار الإصلاح فقط لتساير موجة عالمية ولم يكن الإصلاح عندها مشروعا استراتيجيا. فقد تخلت عن هذا الشعار بمجرد أن تم تخفيف الضغط الخارجي وعادت لتمارس القمع والاضطهاد من جديد ومن المستغرب حقا وقوع التيارات الليبرالية في حالة من الخجل السياسي والضعف الفكري تجاه اتهامات الأنظمة الحاكمة في العالم العربي وإدعاءاتها لها بالعمالة للأجنبي وخيانة قضية فلسطين واللعب على الوتر العاطفي بالممانعة ورفع الشعارات الطنانة الرنانة لتلعب بها بعواطف الجمهور وتاركة قضايا المواطنين في غياهب النسيان والتجاهل لمدة تربو عن الخمسين عاما.
مشكلة الليبراليين العرب أنهم غالبا ما يخجلون من اتهامات الإسلاميين والقومويين عندما يطالبون بالديموقراطية ويواجهون بتهمة العمالة للأجنبي. على المدافعين على المذهب الليبرالي  أن يؤكدوا للسلطات الحاكمة أن الجبهات الخارجية ( اللعب على الوتر الخارجي فلسطين- العراق- الإمبريالية ..الخ) لن تحل شيئا ما لم تتحصن الجبهات الداخلية باحترام المواطن وإفساح المجال لحريته بالتعبير والمشاركة أو بالعقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة. ومن ميزات الليبرالية أنها تستوعب جميع التيارات الأخرى بينما هذه التيارات ( القومية – الماركسية التقليدية – الإسلامية السلفية) تفتقد هذه الميزة. وهذه ميزة الليبرالية التي لم تتمكن حتى الآن من تفعيل وتنشيط أفكارها في العالم العربي.
إن دور الليبرالية وتداعياته على العالم العربي يجب أن يطرح للنقاش خاصة بعد إخفاق التيارات التقليدية المذكورة في جميع المهمات التاريخية في العالم العربي سواء على الصعيد الداخلي ( غياب الحريات – الفساد- التخلف) أو الخارجي ( بقاء قضية فلسطين على حالتها الأزموية بدون حل وكذلك بعض الأراضي العربية المحتلة من عام 1967 وبقاء العلاقات العربية العربية في نقطة الصفر وكذلك العلاقات العربية الإقليمية والعلاقات العربية الدولية.
© منبر الحرية، 23 فبراير 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018