peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

ربما بات من غير المجدي أن يُطالَب المثقف بدور تاريخي، وأن يكون رسولا للحقيقة، ليس لان شريحة المثقفين أثبتت أنها عاجزة عن التغيير في مجتمعاتها، وأنها ليست النخبة الطليعية التي تقود المجتمع، والحديث هنا عن مجتمعات الشرق الأوسط، بل لان التاريخ لم يعد حاضنا للحقيقة، فليس ثمة تاريخ واحد، وبذا فالحقائق متعددة ولم تعد هنالك حقيقة واحدة مطلقة..
لكن المفارقة أن المثقف هو من يكتب التاريخ، هو من يريد أن يقول هنا الحقيقة فقط، لكن أي تاريخ وأية حقيقة، أنهما المرتبطان بالسلطة، أيا كانت سياسية، دينية، .. الخ. فهي من تملي عليه كيفية صياغة الأحداث وتوجيه حركتها، كما أن ما يخلفه التاريخ من ماض يقوم المثقف بتأويله وإعادة صياغته وكتابته، أنه يصنع التاريخ ويؤله لصالح السلطة التي يرتبط بها، لصالح الجماعة التي يمثلها، وما لا يستطيع المثقف أن يصنعه من التاريخ يستطيع تأويله، الصناعة للحاضر، والتأويل للماضي.
علاقة وظيفية بين المثقف والتاريخ، كتابة وتأويلا، وليس دورا تاريخيا يضعه في إطار الفعل الرمزي المنتظَر، الفعل الذي يُنتظَر من الأبطال والقادة والعظماء، لكن إذا لم يعد مطلوبا من المثقف أن يكون له دور تاريخي، أفلا ينبغي على الأقل أن يكون له حس تاريخي، أي أن تكون له القدرة على فهم التاريخ وطبيعته وحركته، قدرة تزوده بأدوات التحرر من أغلال السلطة التي يرتبط بها، وتمنحه دورا جديدا لكينونته كمثقف يمتهن التفكير الحر وسيلة لإعادة ترتيب العلاقات بين الأشياء.
لكن كيف نطور حسنا التاريخي؟ إنه يعتمد على:
–    كيف نقرأ التاريخ؟
–    كيف نفهم حركته؟
–    كيف نفهم شروطه الاجتماعية والاقتصادية؟
–    كيف نتجرد من مقدساتنا التي توجه وتؤول قراءاتنا للتاريخ؟
المثقف العراقي منذ نشوء العراق الحديث، أسهمت السلطة والسياسة في تكوينه، كيف يستطيع الآن بعد التغيير، أن يعيد صياغة رؤاه الثقافية وعلاقته مع السلطة؟ كيف يمكنه أن يقرأ تاريخه بعيدا عن هيمنة السلطة وتجاذبات الصراع السياسي..
ربما يلقي اتجاه “التاريخانية الجديدة” ضوءا كاشفا ومرشدا، على اقل تقدير، يسهم في تحديث رؤانا عن التاريخ، حين يركز على طبيعة الصراعات الأيديولوجية والقوى السياسية التي تهيمن على حقبة تاريخية، وتتحكم بالنتاج الثقافي، وحين تعد التاريخ شكلا من أشكال التمثيل الأدبي الذي يعتمد السرد وسيلة لإيصال الحقائق التي يريد تثبيتها، حقائق تصوغها بلاغة السرد، وحبكة الأيديولوجيا.
© منبر الحرية 03 أبريل /نيسان 2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018