peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

مازلنا غير قادرين على البوح، بصوت عال، بآرائنا ورغباتنا، مازلنا لا نستطيع كشف ذواتنا أمام الآخرين بحرية، فهواجس الخوف والريبة تجاه الآخر تستحوذ على مشاعرنا، فتكتم افواهنا، إلا إلى الذين نعرفهم ونطمئن اليهم، وهم قلة، وليست هذه حرية نتمتع بها، والحرية المضمونة في الدستور لا تهديء من قلقي حين أرغب بالتعبير عن رأيي أمام الآخرين لكنني أخشى أن يكون احدهم مختلفا عني، يختلف معي في الرأي، في العقيدة، في المذهب، بل حتى في المذهب نفسه ثمة مخاوف لانه لم يعد مذهبا موحدا، فللاختلاف في العراق ضريبة قاسية جدا، تسلب حياتك منك لانك مختلف، لأن لك هوية أخرى حتى وإن كنت قد ورثتها عن  آبائك، أو كنت رافضا لها.
لم يعد اختلافنا رحمة، كما كان يتباهى الرسول العربي بأمته التي تختلف، فيكون اختلافها رحمة، لكنه بات علينا نقمة، هنا في العراق، نحن امة تعلمت كيف تختلف لتدمن القتل على مذبح النقاء المزيف والفرقة الناجية ووهم الانتماء والهوية المقدسة، لكنها نست أو تناست بتعمد غريب جدا، إن الدين جاء من أجل الإنسان، من أجل حياته، من أجل كرامته وحريته، وليس من أجل بضعة أوهام، تمسخ العقول وتفسد الأخلاق، فتجعل من القتل طقسا للتقرب منها.
ليس الاختلاف في الدين وحده، يمثل أزمتنا الوحيدة، فثمة الاختلاف في السياسة، فقد تطبعت أحزابنا وميليشياتنا بطابع الصراع الطائفي والفرقي، وانتقلت عدوى الاختلاف إليها، والمشكلة ليست في التعددية ذاتها، لا في تعدد الفرق والطوائف دينيا، ولا في تعدد الأحزاب والميليشيات سياسيا، إنما في تقبلها وتعايشها، أحدها للآخر، وليس في صراعها ورفض بعضها البعض، فيما ندفع نحن ثمن صراعين مريرين هما؛ الصراع الديني من جهة والصراع السياسي من جهة اخرى، وقد خطت دماؤنا التي سفكت باسميهما اللافتات والشعارات التي يكتبونها أو ينادون بها.
نحن بلا حرية، والسقوط الذي مثل عهدا جديدا، ما زال تاريخا للسقوط وليس النهوض، فالحرية لا تعيش مع المخاوف، ونحن مازلنا خائفين، لأننا ما زلنا ندفع ثمن اختلافاتنا، ولم نتعلم كيف نختلف دون ان نشعر برغبة في القتل او الانتقام، أن نتعلم كيف نتعايش مع اختلافاتنا، أن نحتفي بهذه الاختلافات، لأنها ستمنحنا الحرية والنهوض لعهد جديد.
© منبر الحرية، 13 فبراير/شباط 2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018