تخريب الممارسة الديمقراطية: الكويت كنموذج

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

على وقع طبول العملية الانتخابية المحمومة في الكويت والسباق الملتهب للوصول إلى خمسين كرسي أخضر تحت قبة البرلمان الكويتي، تتأوه الديمقراطية الكويتية التي نتغنى بها منذ ولادة الدستور الكويتي، وليس غريبا أن تكون الديمقراطيات في بلاد الغرب أكثر نضجا على مر سنين الممارسة الديمقراطية الحرة عندهم وتكتسب نضجا أكثر. إلا أنها على خلاف ذلك في الكويت، فالنضج الديمقراطي كان أكثر واقعية في بداية انتقال الكويت إلى بلد مستقل يؤمن بالممارسة الانتخابية الحرة، لكنه وكمؤشر بياني آخذ بالهبوط ويكاد ينعدم هذا النضج في السنوات الأخيرة حينما بدأت تعلو أصوات النشاز الانتخابية التي تنتكس على نغماتها الديمقراطية المثالية التي ننشدها كمجتمع خليجي.

الديمقراطية الكويتية، وهي جزء من ديمقراطية خليجية ناشئة، لن يستقيم لها حال، وأدوات تخريبها بمرور السنين تنضج وتفرض نفسها كواقع سيء لبلد ارتضى الديمقراطية كنظام سياسي. فالمال السياسي لتخريب الانتخابات البرلمانية أصبح واقعا لا مفر منه بهدف تجيير رموز مختارة من المرشحين والدفع بها إلى قبة البرلمان وما يصاحب آلية هذا المال السياسي من شراء ذمم الناخبين والناخبات واستغلال حاجة شرائح كثيرة من المجتمع الكويتي لهذا المال نتيجة أوضاع اقتصادية واجتماعية مهزوزة لدى البعض تسهل عملية شراء ذممها مقابل هذا المال السياسي، حتى أصبحت الشعارات الانتخابية لكثير من النخب السياسية التي تؤمن بالديمقراطية كممارسة حضارية نزيهة في العملية الانتخابية القائمة: (الكويت ليست للبيع) أو (الوطن ليس للبيع).

ومن أدوات التخريب الانتخابية التي فرضت نفسها كواقع سيء في هذه الممارسة الانتخابية الديمقراطية ما يسمى بـ”الانتخابات الفرعية” للقبائل والعوائل، على الرغم من تجريم القانون الكويتي لها، وهي أداة تخريب جديدة أطلت برأسها في انتخابات الفصلين التشريعيين الأخيرين للبرلمان الكويتي؛ أداة من شأنها تهميش وقتل كل كفاءة ترغب خوض هذه الممارسة الانتخابية، لكنها تصطدم بهذا الواقع المتخلف لتخريب الممارسة الانتخابية بما يسمى بالانتخابات الفرعية بين وجهاء القبائل التي تسبق العملية الانتخابية الرئيسية، فيتم تزكية وانتخاب عدد محدود من المرشحين ولا يحق لغيرهم ممن ليس لهم حضوة أو قبول عند وجهاء القبائل أن يتقدموا بالترشيح، بل ستتم مقاطعة أي مرشح يشذ عن إجماع القبيلة ووجهائها. وبذلك تعود ممارسات جاهلية بعيدة عن روح المجتمع الذي يتطلع إلى ممارسة ديمقراطية ناضجة.

أدوات التخريب الانتخابية لا تقف عند هذا الحد، بل هي تبدأ في الأساس من نظام انتخابي يشجع على مثل هذه الأدوات التخريبية لها. فالنظام الانتخابي كتقسيمة للدوائر الانتخابية في الكويت لم يكن منظما لممارسة انتخابية نزيهة. فقد مر هذا النظام الانتخابي بتقسيمات عديدة بدأت بتقسيمة عشرية للدوائر، ثم تم تعديلها إلى خمس وعشرين دائرة انتخابية هي أسوأ من الأولى، ثم التعديل الأخير إلى خمس دوائر جميعها كانت البيئة الخصبة لنمو هذه الأدوات التخريبية التي أشرنا لها في المقال.

يحسب للكويت كونها سباقة إلى نظام سياسي حر يحتكم إلى الشعب في تشريعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي جميع مجالاته، إلا أن الممارسة الديمقراطية تحتاج إلى مراجعة جادة لتجريدها من أدوات تخريبها.

© معهد كيتو، مصباح الحرية، 7 أيار 2008.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018