ومضت قمة الإصرار على التخلف

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

أضحى مشهد القمة العربية المنعقدة كل عام في احد الأقطار العربية مشهدا روتينيا مملا وخاليا من دواعي الاهتمام والمتابعة، وانتظار ما يتمخض عنها من مقررات وبنود. فالأحوال العربية على صعيد السياسة لم تتقدم بل تراجعت كثيرا. مشكلة الفلسطينيين مع إسرائيل  لا زالت موجودة والاتفاق الفلسطيني الفلسطيني لم يحصل بعد، والحالة العربية على مستوى الديمقراطية والتنمية والتحول ما زالت كما هي ، والإصلاح الذي كان يتفوه به القادة العرب بتأثير الضغط الأمريكي بقيادة بوش الابن لم يعد يذكر حتى على مستوى الصحافة ، وأحوال حقوق الإنسان تراجعت كثيرا وتمسكت القيادات العربية بثوابتها التخلفية، وتراجعت التنمية وهزل المجتمع المدني، وتدهورت الصناعة وتم تضييق الخناق على مستخدمي الانترنت وبخاصة المدونين وأودع بعضهم السجون ، كما وتشير تقارير التنمية البشرية والأممية إلى أن العالم العربي يأتي بالدرجة الأخيرة في كافة مؤشرات التنمية والتصنيع والبحث العلمي وبراءات الاختراع والمعلوماتية والمعرفة.
اليمن  مثقل بمشاكله  على الأقل مشكلة الجنوب ، والعراق في حالة صراعية بين الديمقراطية المنشودة وتدخل القوى الإقليمية لكبح جماح العملية الديمقراطية لكي تقي نفسها رياح غريبة قد لا تسرها لا بل قد تقلقها و تسقط عروشها المشيدة، والتي ترسخت بفعل المخابرات والقمع وثقافة الخوف والريبة والرعب ، إذن هذه القمة لم تأت بمعجزات مثلها مثل قمم الفشل العربية، قمم  الحفاظ على حالة الركود والتخلف في كافة الميادين والمجالات ، والجديد في هذه القمة هو أنها عقدت في سيرت بليبيا وترأسها العقيد معمر القذافي.
والقذافي له في كل قمة فكاهة أو طرفة قممية تثير نوعا من البهجة الساخرة والهرج الاستغرابي لدى الزعماء العرب، وهذا ما يتبدى عادة من قسمات وملامح القادة العرب والإعلاميين ، كما أن استقبال القذافي لوفد بعثي عراقي هو بحد ذاته كان نوعا  من التذاكي على العرب واستشفاف نوع من التدخل الدولي والإقليمي  الخفي في الانتخابات العراقية بدعم اياد علاوي لتسلم رئاسة الحكومة القادمة، والذي تقدم على المالكي بمقعدين وأثار تصرف القذافي هذا حفيظة الحكومة العراقية التي انسحبت من المؤتمر، ومن ثم عاودت الحضور مرة أخرى متمثلة بهوشيار زيباري بعد وساطات متعددة  ويشار إلى حديث يدغدغ مشاعر الشعوب العربية أطلقه القذافي في كلمته الافتتاحية قائلا: “المواطن العربي ينتظر الأفعال، الشارع العربي شبع من الكلام وسمع كلاماً كثيراً وأنا شخصياً تحدثت خلال أربعين عاماً في كل شيء، والمواطنون العرب ينتظرون منا، نحن قادة العرب، الأفعال وليس الخطب”.
والسؤال الهام والحساس الذي يجدر طرحه وتوجيهه إلى القادة العرب هو: الم تملوا من هذه الاجتماعات الروتينية المتكررة ؟ الم تفكروا بأن تعملوا شيئا جديدا ومتقدما لشعوبكم ؟  الم تستطيعوا على الأقل إزالة تأشيرات الدخول والرقابات الجمركية والحدودية على دخول الأشخاص والبضائع والكتب والصحف من دولة إلى دولة شقيقة أخرى ضمن العالم العربي ؟ الم تتمكنوا من تحديث إداراتكم وجامعاتكم وشوارعكم ومدنكم وعواصمكم ومرافق دولكم بعد أكثر من خمسين عاما من عقدكم لاجتماعات القمة؟  ، ألم تستطيعوا أن تطوروا التعليم وتنشطوا الثقافة وتفعلوا الفن لكي يرتقي بها إنسان العالم العربي ويكف عن الهجرة إلى بلاد ” الفرنجة ” التي لطالما عاتبتموها وانتقدتموها وهاجمتموها لاستصدارها قوانين تخالف منظومات مواطنيكم  عفوا -رعاياكم – القيمية والدينية والعقدية ؟
© منبر الحرية ، 21أبريل /نيسان2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018