نحو فك الارتباط بين واقعية المتطلبات الديمقراطية الداخلية وشعارية التحديات الخارجية

حواس محمود13 ديسمبر، 20100

دأب القول السياسي العربي  في صورة عامة منذ أكثر من خمسين عاما على الضرب على الوتر الخارجي: الامبريالية، الرجعية، الصهيونية، ومن ثم الاحتلال الأمريكي للعراق، العولمة، الهيمنة الغربية، صدام الحضارات ..الخ.
وتجاهل عن سابق إصرار وتصميم كل ما يتعلق بالداخل العربي من تنمية، إعلام، ثقافة، بحث علمي، بيئة، صحة، تكنولوجيا، وحريات التعبير، وحرية الصحافة، والأحزاب …الخ.
هذا هو المشهد الذي صيغت فيه التعابير والمقولات والشعارات التجييشية والتحريضية والشعبوية، ومن خلال إعلام إما رسمي لخدمة الأنظمة،  أو خاص مأجور ومدفوع الثمن من شركات ومقاولين وتجار يخدمون بشكل أو بآخر مصلحة الأنظمة العربية السائدة، وبخاصة تلك الأنظمة التي كانت تدعي الثورية والاشتراكية والتصدي والمجابهة والممانعة، إلى غيرها من التسميات الصارخة والفارغة كالطبل الأجوف في بحر من حراك وحركة عالمية تكنولوجية معرفية متسارعة الإيقاع.
بعد كل تطورات الحالة الإقليمية والعالمية، تأخذ الضرورة الموضوعية حاجتها إلى عملية فك الارتباط بين المتطلبات الديمقراطية الداخلية لكل دولة أو قطر في العالم العربي وشعارية التحديات الخارجية. بعد أن وصلت الدول العربية إلى حالة من الأزمة المتفاقمة المستعصية على الحل بفعل أن إفرازات الدكتاتورية هي التي أنتجت مرض الاستبداد المزمن، الذي وللأسف تشربت شعوب المنطقة من مياهها الآسنة فاستمرأت هذا الاستبداد وتحت وقعه الشديد ارتأت النوم العميق في سبات طويل طويل، بغض النظر عن التفكير في  أي نهضة أو نهوض أو مقاومة أو حركة أو تحرك أو هبة أو صعود.
ما نشهده الآن في بعض الدول العربية وما شهدناه في السنوات القليلة الماضية يؤشر بشكل واضح أزمة نظام الحكم العربي وأزمة الجماهير المستسلمة. نظام الحكم أزمته هي تأبيد الحكم وتوريثه، وأزمة الجماهير هي الرضوخ للأمر الواقع تحت ضغط القمع والفساد، ماذا حدث  في العراق، أليس الاستبداد الذي جاء بالاحتلال نقول ذلك بصورة مختصرة لنبتعد قليلا عن جدل الحدث العراقي وتشابكاته وتعقيداته الكثيرة، والسودان الذي وصل إلى درجة أن رئيس السودان نفسه يقر بأنه إذا صوت الجنوب السودانيون بالانفصال فإنه يكون أول المعترفين بالكيان الجديد، ماذا لو كانت السودان دولة ديمقراطية هل كان الجنوب السودانيون يفضلون الانفصال؟ لست ضد الاستقلال من حيث المبدأ، ولكنني أشير إلى غياب الديمقراطية التي تستوعب التنوع ضمن الوحدة، وفي اليمن لماذا الجنوبيون ينزعون للانفصال أليس الاستبداد نفسه الذي يدفعهم لذلك؟.
والبارحة عندما كان الكرد يطالبون بالحكم الذاتي والآن الفيدرالية، ماذا لو كانت العراق دولة ديمقراطية تحقق المساواة بين العرب والكرد، وتمنع الاستئثار بالقرار وتضطهد الأقليات والقوميات المتواجدة في العراق.
نحن نصل في النتيجة إلى الضرورة الموضوعية لفك الارتباط بين واقعية المتطلبات الداخلية بشتى المجالات، وشعارية التحديات الخارجية التي أضرت بالاستحقاق الداخلي وشوهت لوحة المجتمعات العربية وضربت البنى التحتية في دول العالم العربي، وجعلت العالم العربي يقف بامتياز في نهاية قاطرة التقدم والتطور في العالم.
© منبر الحرية،7 دجنبر/كانون الأول 2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018