منذ فترة و أنا أتابع بعض الأفراد ذوي الميول الاشتراكية على تويتر. في الآونة الأخيرة لاحظت أن هناك دعوات كثيرة لوضع قانون يحدد الحد الأدنى للأجور، والرقم المتداول يبدو أنه حوالي ٢٠٠ دولار في الشهر.
أول رد فعل بديهي هو أن الحد الأدنى شيء جيد لأنه يحمي العمال من جشع من يعينهم و ملاك محل أعمالهم. لكن هل هناك عواقب أخرى، و بالأحرى هل هناك عواقب تضر بالعمال المغلوب على أمرهم؟
الإجابة هي نعم!
لكن قبل أن استكمل، دعوني أقول بدون أي تشكيك في نواياي بأنه من المؤكد أنه بالفعل هناك أصحاب أعمال من هم جشعون. من المحتمل أنهم كلهم أو أكثرهم جشعين. فهذه المقالة ليست للدفاع عنهم و أنا لست مأجور منهم. هدفي الوحيد هو حماية حقوق العمال و ليس الضرر بهم. و كما أن هذا هو دافعي، فأنا متأكد أن دافع الاشتراكيين هو أيضا حماية حقوق العمال، لكني أعتقد أنهم لم يدرسوا موقفهم جيدا وأتمنى أن يقرأوا هذه المقالة جيدا و يفكروا بها جيدا إن كانوا حقا مهتمين بحقوق العمال.
ما هي تداعيات قوانين الحد الأدنى للعمال؟
باختصار:
أولا: لماذا، مثلا، ٢٠٠ دولار؟ لماذا لا تكون أكثر من هذا؟ ماذا عن العمال الذين يعملون و ينتجون لملاك أعمالهم بأكثر من ذلك بكثير؟ ما الذي سيرغم أصحاب الشركات أن يدفعوا أكثر؟ فهم سيدعون أنهم يدفعون طبقا للقانون! فأول مشكلة أنه بوضع هذا الحد الأدنى للأجور من الصعب جدا إرغام مالكي الأعمال من رفع الأجور. البعض قد يقول أنه إذن من الواجب في تلك الحالة أن نرفع الحد الأدنى أكثر. و الرد على هذا في النقطة التالية .
ثانيا: إذا كان الحد الأدنى مرتفع أكثر من اللازم لدرجة أن الدخل لصاحب الشركة أقل من العائد، من هو العامل الذي يعمل بالحد الأدنى. أي أنه يخسر من هذا العامل. فماذا نتوقع أن يفعل صاحب الشركة هذا (الذي هو أصلا من المفترض أنه جشع و لا يهتم بحق الآخرين في الحياة الكريمة)؟ بمنتهى البساطة لن يعين أحدا للوظيفة من أصله! قد يريد أن يدفع ١٠٠ دولار فقط و ليس ٢٠٠ دولار. تحت قانون الحد الأدنى لن يقوم هذا الشخص بتعيين أحد من أصله. و بهذا بدلا من أن يحصل العامل على ١٠٠ دولار، في هذه الحالة يحصل على لا شيء! بدلا من أن يكون له عمل (حتى لو كان بأقل من الرقم الذي يستحقه) سيكون هذا العامل بلا عمل و لا حتى نصف الحد الأدنى من الأجر!
ثالثا: هذا سيؤدي بالكثير من صاحبي الشركات أن يفضل أن لا يعينه من أصله! وهذا سيؤدي إلى ازدياد في نسبة البطالة و أيضا ركود الاقتصاد! و بركود الاقتصاد، المجتمع كله يخسر أكثر و الفقر يزيد. و بهذا يقل العائد من الضرائب و كل المشاريع القومية و الاجتماعية التي يهدف إليها الإشتركيين سوف تتأثر كثيرا وتكون إما دنيئة الجودة أو حتى مستحيلة التحقيق.
رابعا: قوانين الحد الأدنى قد تعمل في بعض الدول المتقدمة. لكن في دول فقيرة أو متعثرة اقتصاديا، هذه القوانين تزيد من المشاكل فقط. و هذا لأن في الدول المتقدمة الاقتصاد عادة ما يكون جيدا جدا لتحمل أي تباطؤ في زيادة معدلات العمالة. أضف إلى هذا أن الشركات عادة ما تكون ثرية جدا (لكن هناك أيضا الكثير من الشركات التي تفشل بسبب الحد الأدنى). أما في الدول المتعثرة (مثل مصر) فيجب أن نتجنب مثل هذه القوانين لحين أن يستقر الاقتصاد و تنمو الموارد. فماذا نفعل إذن؟ هذا سيكون موضوع مقالة أخرى، لكن يكفي أن نقول أنه عن طريق النقابات مثلا يمكن الضغط على أصحاب الشركات أن يزيدوا من الأجور كما هو يتناسب مع القطاع و الشركة المعنية. لابد أيضا أن نتذكر أنه بالرغم من أن أصحاب الشركات غالبا ما يكونون جشعين ، لكنهم لا يمكن أن يستثمروا أو يزيدوا من دخولهم من غير مساعدة العمال. فإذا، هم لهم مصلحة أن يبقون على العمال بل وأن يجعلوهم سعداء لكي يزيد من دخلهم (لا لحبهم للعمال!).
المشكلة أيضا، إذن، تنحل عن طريق التوعية العامة لملاك الشركات!!!! ليس فقط للعمال! لكنه من المؤكد أن قوانين الحد الأدنى لن تؤتي بالثمار المتوقع لها حتى ولو كانت تبدو جيدة سطحيا.
© منبر الحرية،20 يونيو/حزيران 2011
قوانين الحد الأدنى قد تعمل في بعض الدول المتقدمة. لكن في دول فقيرة أو متعثرة اقتصاديا، هذه القوانين تزيد من المشاكل فقط. و هذا لأن في الدول المتقدمة الاقتصاد عادة ما يكون جيدا جدا لتحمل أي تباطؤ في زيادة معدلات العمالة. أضف إلى هذا أن الشركات عادة ما تكون ثرية جدا . أما في الدول المتعثرة فيجب أن نتجنب مثل هذه القوانين لحين أن يستقر الاقتصاد و تنمو الموارد.....
One comment
mahmoud
22 أغسطس، 2011 at 11:33 ص
وجهة نظر جيده جدا