آفاق اقتصاديات الدول العربية على ضوء الربيع العربي

منبر الحرية20 أغسطس، 20111
تعتبر الحرية الاقتصادية من بين أهم المؤشرات على مستوى الظروف والأوضاع السائدة في جميع الدول وبالخصوص في البلدان العربية. وإذا كان هذا المؤشر مترديا، فإنه سيعكس الحالة التي يعيش عليها هذا البلد. وما الحرية الاقتصادية والاجتماعية إلا مرآة لحالة سياسية يشوبها الكثير من النواقص......

تعتبر الحرية الاقتصادية من بين أهم المؤشرات على مستوى الظروف والأوضاع السائدة في جميع الدول وبالخصوص في البلدان العربية. وإذا كان هذا المؤشر مترديا، فإنه سيعكس الحالة التي يعيش عليها هذا البلد. وما الحرية الاقتصادية والاجتماعية إلا مرآة لحالة سياسية يشوبها الكثير من النواقص والتي بلغت أوجها برد فعل عنيف واجهت به الحكومات العربية الثورات الشعبية إبان ما أصبح يطلق عليه بالربيع العربي.

على المستوى النظري، لقد كان النقاش دائما مثيرا بين من يشجع الحرية الاقتصادية (من بين هؤلاء نجد آدم سميث ونظرية اليد الخفية التي تسير الاقتصاد بشكل “طبيعي”) المبنية على المبادرة الخاصة و اقتصاد السوق، ومن لا يشجع هذه الحرية الاقتصادية أو من يدافعون على التخطيط الاقتصادي الممركز (planification économique centralisée) الذي تلعب فيه الدولة دور المتحكم الوحيد في كل وسائل الإنتاج (من بين هؤلاء نجد كارل ماركس) بعد انطلاقهم من تجارب الأزمات الاقتصادية العالمية التي برروها بمساوئ الحرية الاقتصادية.

تغيرات المحيط الدولي إبان أزمة المديونية التي عرفها العالم :

في السنوات 1970 و 1980 عادت العديد من الدول إلى نهج وإتباع المبادئ الأولى للحرية الاقتصادية وذلك بإيعاز من بعض المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي مقابل قروض تمويلية لبرامج التصحيح الهيكلي (Programmes d’Ajustement Structurel) التي طبقتها العديد من الدول التي كانت تعاني من مشاكل في ميزان الأداءات.

وهكذا، نرى أن الحرية الاقتصادية عادت بقوة عبر “اتفاقية واشنطن” (Consensus de Washington) التي تنص على ثلاثة مبادئ أساسية في الحرية الاقتصادية وهي: تحرير ورفع القيود على الاقتصاد (dérégulation) وتحرير التجارة الداخلية والخارجية (libéralisation) والخوصصة والحد من دور الدولة في الاقتصاد الوطني (privatisation). كما تعززت هذه الاتفاقية عالميا بسقوط جدار برلين وتشتت الإتحاد السوفياتي رمز الاقتصاد الممركز.

غير أن هذه السياسات الاقتصادية المتبعة في جل الدول العربية لم تكلل بالنجاح وخصوصا على مستوى تحسين مستوى معيشة السكان. وخير دليل على هذا الفشل الذريع للسياسات الاقتصادية العربية نجد مؤشر التنمية البشرية التي يسهر عليه برنامج الأمم المتحدة للتنمية ( PNUD ou Programme des Nations Unies pour le Développement) رغم بعض الشوائب والانتقادات التي وجهت لهذا المؤشر من قبل العديد من المسؤولين الذين لم يعجبهم ترتيب بلادهم بالاعتماد على هذا المؤشر.

وفي ما يلي ترتيب الدول العربية حسب هذا المؤشر :

الرتبة عالميا حسب مؤشر التنمية البشرية لسنة 2010

البلد

84

الجزائر

55

 السعودية

39

البحرين

140

جمهورية القمر

147

جيبوتي

101

مصر

32

الإمارات العربية المتحدة

غير مصنف

العراق

82

الأردن

45

الكويت

غير مصنف

لبنان

53

ليبيا

114

المغرب

136

موريتانيا

غير مصنف

سلطنة عمان

غير مصنف

فلسطين

38

قطر

غير مصنف

الصومال

154

السودان

111

سوريا

81

تونس

133

اليمن

للإشارة، فإن تصنيف كل دول العالم حسب مؤشر التنمية البشرية IDH : Indice de Développement Humain ou HDI : Human Development Index)) يميز بين 4 مجموعات من الدول وهي :

– الرتبة 1 إلى 42 : تنمية بشرية جد عالية؛

– الرتبة 43 إلى 67 : تنمية بشرية عالية؛

– الرتبة 68 إلى 127 : تنمية بشرية متوسطة؛

– الرتبة 128 إلى 169 : تنمية بشرية ضعيفة.

من تزعم الثورات العربية؟ هل هم العاطلون الذي لا شغل لهم أم أنهم أشخاص نشيطون مشتغلون ومدمجون في سوق الشغل لكن همهم ليس ضمان خبزهم اليومي بل الإحساس بالعيش بكرامة ومواطنة كاملة؟ للإجابة عن هذا السؤال، يوضح الجدول أسفله نسبة البطالة في بعض الدول العربية :

نسبة البطالة في الدول العربية (%)

2009

2000

1990

البلد

10,21

29,5

19,75

الجزائر

10,46

8,15

 السعودية

9,44

8,99

8,04

مصر

12,93

13,7

18,8

الأردن

1,63

0,77

0,5

الكويت

9,1

13,4

المغرب

14,89

15,2

16,61

السودان

8,1

13,5

سوريا

13,3

15,7

16,19

تونس

وهكذا، يبين الجدول أن الدول العربية التي بدأت في الثورة لا تتوفر على معدلات بطالة مرتفعة : تونس، مصر وسوريا.

 EMBED Excel.Chart.8 \s

وبالتالي، فإن هذا الرسم يشير إلى أن نسبة البطالة في كل البلدان العربية تقارب %15 مما يؤكد أن المطالب سياسية وحقوقية أكثر مما هي اقتصادية.

مؤشر آخر يمكن الاعتماد عليه لوصف حالة الاقتصاد العربي ومستوى عيش مواطنيه. إنه الناتج الداخلي الإجمالي الفردي بالدولار الجاري (PIB par tête en dollars courants) لهذه الدول. وهكذا، يبين الجدول أسفله ترتيب الدول العربية حسب هذا المؤشر :

الناتج الداخلي الخام الفردي (بالدولار الجاري)

2009

2000

1990

البلد

3925,92

1800,01

2473,51

الجزائر

14744,6

9216,39

7689,19

 السعودية

18589,37

11889,97

9433,35

البحرين

1304,86

834,68

جيبوتي

2455,82

1566,42

1779,25

مصر

55081,04

34688,97

26621,51

الإمارات العربية المتحدة

2087,25

العراق

4199,49

1741,92

1199,7

الأردن

30959,82

17012,77

8588,14

الكويت

9054,19

4845,2

1028,99

لبنان

9371,3

7150,34

7013,42

ليبيا

2899,46

1300,57

1073,91

المغرب

976,26

431,07

619,39

موريتانيا

16255,17

8096,83

7169,11

سلطنة عمان

59989,82

28797,42

17425,81

قطر

1426,53

397,6

94,93

السودان

2678,41

1216,95

1014,82

سوريا

4170,93

2245,36

1657,93

تونس

1060,96

539,64

1046,18

اليمن

للإشارة، فإن البنك العالمي يقسم الدول حسب هذا المؤشر إلى المجموعات التالية :

– دول ذات دخل مرتفع

– دول ذات دخل متوسط-فئة عليا

– دول ذات دخل متوسط-فئة دنيا

– دول ذات دخل ضعيف

وهكذا، نرى أن الدخل المرتفع يحصل عليه مواطنوا دول الخليج العربي المصدرة للبترول. كما أن تحليل هذا الجدول يعتبر ناقصا في غياب مؤشر جيني الإحصائي (Indice de Gini) لمعرفة ما إذا كان هناك توزيع عادل لثروات هذه البلدان أم أن هناك نسبة قليلة من السكان تحتكر جزءا كبيرا من ثروات كل بلد على حدة.

يبين هذا الرسم التحسن المتميز الذي عرفته سنة 2009 وذلك نظرا لعائدات دول الخليج المصدرة للبترول التي ارتفعت بشكل مثير بفضل ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

من الناحية الديموغرافية، فأنا أتذكر دائما ذلك الرجل التونسي الذي صرح لإحدى قنوات التلفزيون بأن المعول على الشباب، “أما نحن فقد هرمنا”. لذا، فإن أي حل لمشاكل البلدان العربية لابد عليها أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الفئة العمرية التي تشكل حجر الزاوية في البنية السكانية للبلدان العربية.

الآن، ونظرا لما يشهده العالم العربي من حراك ليس فقط على المستوى الشبابي بل على جميع الفئات العمرية، فإنه يجب على كل الأنظمة العربية التحرك لاحتواء الموقف وذلك بإدخال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الضرورية لذلك من قبيل إيجاد فرص لتشغيل العاطلين (شبابا كانوا أم كهولا)، تقسيم عادل للثروات، تعويض العاطلين، خلق أنشطة مدرة للدخل للسكان ذوو الدخل الضعيف،…. إلخ. لأن إقصاء المواطن العربي من البرامج والمعادلات الحكومية قد برهن على محدوديته في العديد من الدول :

– تونس : كثيرا ما وصفت بكونها تستقبل الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

– مصر لم تشفع لها سياحتها أمام زحف مواطنيها.

– ليبيا فرضت –بفضل فزاعة اسمها البترول والغاز الطبيعي- رغبتها على الدول الأوربية بإرغام إيطاليا بدفع مستحقات واجبات الاستعمار الإيطالي لليبيا وعلى إسبانيا وعلى سويسرا في قضية حنبعل القذافي ومستخدمه المغربي الأصل.

لكن، كل هذه المكتسبات على الصعيد الخارجي لم تشفع لهده البلدان أمام المد الجماهيري الذي لم ولن يطالب بأكثر من عيشة مواطنة وكريمة.

أية آفاق للاقتصاديات العربية ؟

هل يمكن أن نستنسخ التجربة الأوربية في الوحدة والتكامل بين الدول العربية؟ هذه الأماني تجول بخاطر كل الشعوب العربية ماعدا قادتها. فنحن نتمنى أن نرى مواطنا عربيا من المحيط إلى الخليج. لكن التضارب في المصالح العربية والنزاع العربي الإسرائيلي والموقف من القضية الفلسطينية بالإضافة إلى التدخل الأجنبي في بعض الدول العربية كلها أسباب لعدم تحقيق الحلم العربي.

وإذا كانت أوربا قد مرت بالعديد من المراحل من بينها :

1- تأسيس السوق الأوربية المشتركة بمقتضى معاهدة روما سنة 1957 بين 6 دول –في البداية- للسماح بحرية تنقل البضائع بين الدول الأعضاء.

2- التوقيع على معاهدة شنغن سنة 1997 والتي تسمح بتنقل الأشخاص بكل حرية ما بين فضاء الدول الموقعة على الاتفاقية.

3- إنشاء عملة واحدة هي الأورو ابتداء من يناير 1999 ووصل عدد هذه الدول إلى 25 دولة تتعامل بالأورو كعملة نقدية.

فإني أقترح أن تبدأ الدول العربية بالسماح بحرية الأشخاص، ثم تنتقل إلى البضائع، ثم إلى رؤوس الأموال الذي يستثمر في دول أخرى غربية وعند وقوع أية مشكلة يتم تجميد هذه الأموال وعدم الاستفادة منها بل وحرمان أصحابها منها.

المصادر

– International Monetary Fund (April 2011) : World Economic Outlook Database

– HYPERLINK “http://fr.wikipedia.org”http://fr.wikipedia.org

– HYPERLINK “http://www.heritage.org”www.heritage.org

– www.UNDP.org.

One comment

  • طاهر

    10 أبريل، 2013 at 9:04 ص

    عنوان المقال لا يعبر عن الاحصائيات الموجودة داخل المقال. فالاحصائيات المذكورة متوقفة عند سنة 2009، لكن لم نجد اي تحليل لاثر الربيع العربي على اقتصاديات الدول العربية ولا توجد ارقام لما بعد سنة 2011

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018