*ستيف هانكي
ترجمة علي الحارس
تحسن المشهد الاقتصادي الإيراني منذ أن استلم حسن روحاني مقاليد رئاسة (الجمهورية الإسلامية في إيران) في أغسطس من العام الماضي، فقد تعهد عند تسلمه المنصب بإنجاز وعود ثلاثة: كبح جماح التضخم الذي خرج عن نطاق السيطرة في أيام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وتحقيق الاستقرار للعملة الوطنية (الريال)، والبدء بالمباحثات الرامية إلى إنهاء العقوبات التي أضرت بإيران منذ العام 2010؛ وقد استطاع روحاني أن ينجز هذه الوعود الثلاثة جميعها، ومن هنا قد يفترض البعض بأن الاقتصاد الإيراني، ومعه الشعب الإيراني، يمضي باتجاه حقبة أفضل من سابقاتها.
لكن ما يدعو إلى الأسف أن مؤشر البؤس يرسم صورة مغايرة، و(مؤشر البؤس) هو حصيلة إجمالية للتضخم وأسعار الفائدة ومعدلات البطالة منقوصا منها النسبة المئوية للتغير السنوي في إجمالي الناتج الوطني الفردي، مما يقدم صورة واضحة للظروف الاقتصادية التي يواجهها الإيرانيون.
الشكل: مؤشر البؤس في إيران (المصدر: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، وحدة الاستخبارات في مجلة الإيكونوميست، وحسابات البروفيسور ستيف هانكي من جامعة جونز هوبكينز)، (طريقة الحساب: مؤشر البؤس = معدل التضخم (بنهاية العام) + أسعار فائدة الإقراض في المصارف + معدل البطالة – النسبة المئوية الفعلية لتغير إجمالي الناتج الوطني الفردي)، (القيم التابعة للأعوام التي تلي العام 2011 مستمدة من صندوق النقد الدولي ووحدة الاستخبارات في مجلة الإيكونوميست).
وإذا لاحظنا الشكل السابق فيمكننا الخروج بلمحة خاطفة حول مستويات البؤس في إيران خلال الحقب الرئاسية الثلاث السابقة، ويضاف إلى ذلك شيء من التنبؤ بالمستويات المستقبلية في هذا البلد. ففي الحقب الرئاسية الثلاث السابقة كان الوضع الاقتصادي السيئ في إيران يعود في جزء كبير منه إلى عدم استقرار العملة وإلى التضخم المرتفع، وقد حدث الارتفاع الأكثر دراماتيكية في مؤشر البؤس أثناء (أكتوبر 2012)، حيث وصل معدل التضخم الشهري في ظل حكم أحمدي نجاد إلى (69.6%)، مما أدى إلى رمي إيران في هاوية التضخم المفرط لمدة وجيزة.
لقد حققت إدارة روحاني ما وعدت به تماما، لكن روحاني أصبح يصطدم اليوم بمعارضة شعبية للاقتطاعات التي اقترحتها إدارته في مجال الدعم الحكومي للوقود والكهرباء والغذاء، وهو دعم توسّع كثيرا في سنوات حكم أحمدي نجاد.
وإذا لم يكن جرس الإنذار يقرع بسبب احتمال عدم التمكن من تحقيق الوعود المقطوعة بشأن الاقتطاعات في الدعم الحكومي وغيرها من الإصلاحات الاقتصادية، فإن التنبؤات التي أصدرها صندوق النقد الدولي ووحدة الاستخبارات في مجلة (الإيكونوميست) تشير إلى أن مؤشر البؤس في إيران ربما سيبقى مرتفعا خلال الأعوام الأربعة القادمة؛ ومن المحتمل أن يستمر التضخم فوق (20%) خلال الأعوام القليلة القادمة، وإن كان قد استقر منذ نوبة التضخم المفرط في العام 2012؛ وفي غضون ذلك، من المتوقع أن يستمر انخفاض معدل نمو إجمالي الناتج الوطني، وارتفاع معدلات البطالة وأسعار فوائد الاقتراض.
على الرغم من النجاح الذي حققه روحاني في انتشال إيران من دوامة قاتلة، فإن الاقتصاد استقر في حالة من الركود التضخمي (ارتفاع التضخم وانخفاض معدل نمو إجمالي الناتج الوطني)، وإن تنبؤات مستويات مؤشر البؤس توحي بأن الإيرانيين سيظلون في وضع بائس لبعض الوقت.
* أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي، جامعة جونزهوبكينز
منبر الحرية، 02 يوليوز/تموز 2014