عزة الحاج سليمان

تعتبر الحقوق السياسية جزءا أساسيا من حقوق المواطن، وتتضمن عدة أشكال من الحقوق كالتعبير عن الرأي وحرية المعتقد السياسي والمشاركة في الوظائف العامة.... وشكلت فكرة الانتماء للأحزاب جزء أساسيا من طبيعة الممارسة السياسية، خاصة بعد تكريس حق تأسيس الجمعيات المدنية...

عزة الحاج سليمان17 نوفمبر، 20100

كثرت في السنوات الأخيرة الأحداث والمواقف التي تعرض موضوع المحاكم الدولية في الأوساط العربية، كوسيلة بديلة عن المحاكم الوطنية لتحقيق عدالة لا تثق الأطراف المعنية في الوصول إليها، في ظل القوانين والأنظمة القضائية المحلية. وهذا يأتي بموازاة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في العام 1998 في إتفاقية روما بحضور 120 دولة، والتي دخلت موضع التنفيذ في الأول من تموز/يوليو 2001  بعد أن صادقت عليها 60 دولة، وما زالت تشهد ارتفاعاً في عدد الدول التي تنتمي إلى هذه الاتفاقية حتى أصبحت 110 دول في 9 تموز/يوليو 2009. بدأ الاهتمام الدولي بمحاكمة الجرائم الخطيرة بعد الحرب العالمية الثانية حيث تمت محاكمة الضالعين بهذه الجرائم في تلك الحقبة السياسية. وفي ظل ازدياد الجرائم ذات الطابع الدولي والجرائم الارهابية والحروب والانتهاكات بحق الشعوب، ازداد الاهتمام الدولي أو حتى الداخلي بهذا النوع من العدالة الدولية. فما هو مفهوم هذه المحاكم وما هي الغاية منها؟ وكيف ترانا، نحن المواطنين العرب، نتلقاها ونواجهها أو نخضع لها؟
نشير في البداية إلى الجرائم الدولية التي تعد الأشد خطراً والتي تهدف المحاكم الدولية إلى ملاحقة مرتكبيها، وهي: جرائم الإبادة وجرائم العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، حسب صلاحيات المحكمة الدولية الجنائية التي حددت أركانها. ويمكن أن تتوسع هذه اللائحة حسب صلاحيات كل محكمة خاصة على حدة.
تهدف المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي وإلى مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني ومن خلال تعزيز التعاون الدولي، كما جاء في ديباجة النظام الأساسي لاتفاقية روما، وذلك بما لا يتناقض مع نظام الامم المتحدة، وهي بالتالي تهدف إلى وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم، التي تمس الأسرة الدولية، من العقاب. وتعتبر هذه المؤسسة محكمة دولية دائمة ومستقلة، على خلاف المحاكم الخاصة التي تنشأ في ظل أزمة معينة ولملاحقة المجرمين في حالة خاصة دون غيرها، وتنتهي صلاحياتها بانتهاء مهمتها.
قبل إنشاء هذه الهيئة الدولية، كانت معاقبة مرتكبي هذه الجرائم تتم من خلال محاكمات خاصة، مثل محكمتي طوكيو ونورنبورغ بعد الحرب العالمية الثانية، أو المحاكم الجنائية الخاصة التي تتأسس لمعاقبة جرائم ارتكبت في ظرف معين ولحالة خاصة، مثل محكمة روندا أو يوغوسلافيا السابقة أو سيراليون أو غيرها…
إلا أن تأسيس محاكم دولية خاصة بقي إجراء معتمداً ولو بعد تأسيس المحكمة الدائمة المذكورة، خاصة في ظل ارتكاب جرائم من هذا النوع في الدول التي لم توقع على إتفاقية روما، وغالباُ ما يتم ذلك من خلال قرار في مجلس الأمن، ضمن نطاق الأمم المتحدة إذاً. هذا مع العلم أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، رغم أن دوراً أساسياً أعطي لمجلس الأمن في تحريك الدعوى في ظل تلكؤ الدول عن ذلك أو تهربها من خلال رفض التوقيع على هذه المعاهدة. نذكر مثالاً على ذلك المحكمة الخاصة بلبنان لملاحقة مرتكبي اغتيال الرئيس الاسبق للحكومة.
بيد أن هذه الظاهرة المتعلقة بالمحاكم الخاصة لم تكن لتبقى خاضعة للمؤسسات الدولية، بل أصبحت وسيلة لتنفيذ قرارات دولية بعيداً عن مجلس الأمن، ويظهر بذلك التطرف باستخدام مفهوم العدالة. ونذكر مثلاً عن ذلك محاكمة الرئيس العراقي الأسبق.
نشير هنا إلى أن الجرائم التي تسعى هذه المحاكم إلى مقاضاة مرتكبيها، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية، غالباً ما تتجاهلها الانظمة الداخلية للدول نظراً لاتخاذها الطابع الدولي. لذلك يجب على الدول الموقعة على اتفاقية روما أن تتخذ التدابير المناسبة لإدخال نظام المحكمة ضمن قانونها الداخلي بشكل لا يعيق دور هذه الهيئة. وذلك بغية تحقيق هدف المجتمع الدولي من جعل المحكمة الجنائية الدولية محكمة ذات صلاحية دولية.
وهذه الهيئة لا تتناقض مع سيادة الدول إذ إنها غير معنية بملاحقة جرائم في دول أو لمصلحة دول لم توقع على اتفاقية روما. كما وأنها لا تلاحق جرائم موضوع دعوى جنائية محلية في إحدى الدول الموقعة عليها. وهي تتكامل مع الأنظمة القانونية الداخلية للدول المنتسبة إليها والتي تلتزم بالمساعدة أو بالملاحقة على أراضيها.
ولكن يبقى لهذه المحكمة صلاحيات معينة ومجال واسع في تطبيق قواعدها يفترض على الدول المنتمية إليها احترامها، وذلك تحقيقاً للغاية التي أنشئت من أجلها وعدم خضوعها للسلطات المحلية التي ربما هي التي تخرق حقوق مواطنيها. فهي تسعى، من حيث المبدأ، إلى تحقيق المساعدات الانسانية والحماية الجسدية للأشخاص ومن خلال ذلك يتم تحقيق السلام الدائم. نذكر سابقة في تاريخ المحاكمات من حيث عدم الأخذ بعين الاعتبار الحصانة التي تحمي رؤساء الدول الذين لما تنته صلاحيتهم بعد. فقد صدر عن الغرفة التمهيدية الاولى للمحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني الذي رفض الالتزام بها.
نعود إلى إمكانية تحريك الدعوى العامة أمام هذه الهيئة الدولية. فإضافة إلى الوسيلة الأولى المتعلقة بطلب الدولة المعنية، فإن تحريك الدعوى العامة يتم في الحالات الأخرى، بناء على قرار صادر عن مجلس الأمن.
من هنا يطفو شيء من الشك حول إبعاد هذه المحاكمات عن السياسات الدولية والوقوع مجدداً في فخ الاستنسابية المرتبطة بمؤسسة دولية فقدت التمثيل العادل لشعوب العالم ووقعت تحت استئثار الفيتو الدولي وما يستتبع ذلك من خدمة للمصالح السياسية الدولية.
وقد شهدنا فراغاً كبيراً في تحقيق العدالة مثالاً على دور مجلس الأمن، نذكر منها ارتكاب اسرائيل جرائم في حروبها على لبنان أو على فلسطين، حيث رفض مجلس الأمن اتخاذ قرار لملاحقة هذه الأعمال. نلفت الانتباه إلى أن دولة لبنان لم تطلب ذلك رسمياً من المحكمة الدولية ولما تصبح بعد عضواً في اتفاقية روما.
غير أن صائغي إتفاقية روما سعوا إلى إعطاء الدول فرصة لإبعادهم عن هذه الاستنسابية من خلال دخولهم في الهيئة (المحكمة الجنائية الدولية) وتوقيعهم على الاتفاقية ما يعطيهم حق المطالبة بالعدالة التي انتموا إليها. إلا أنه، من ناحية أخرى وفي حالة مشابهة للجرائم الاسرائيلية في لبنان، طالبت السلطة الفلسطينية بمعاقبة مرتكبي الجرائم التي نفذتها اسرائيل في غزة، غير أن صفة “السلطة الفلسطينية” أو “دولة فلسطين” غير المؤكدة رسمياً بمفهوم القانون الدولي العام، بقيت عائقاً أمام ملاحقة هذه الجرائم من المنظمة التي تسعى لحماية الإنسانية. نشير إلى ان الاجتهاد الدولي أعطى فلسطين صلاحيات الدولة في العديد من المواقف والحقوق.
إذاً، فإن القانون الدولي أعطى للدول حق تقرير معاقبة الجرائم التي ارتكبت على أرضها، بإعلان إرادتها عن ذلك من خلال انتسابها للمحكمة، أو بالعودة إلى مجلس الأمن مرة أخرى للمطالبة بإنشاء محكمة خاصة، في ظل منظومة الأمم المتحدة. وفي مواجهة ذلك، تظهر مشكلة إرادة الشعوب والدول ومدى تطابق هاتين الحالتين في ظل أنظمة لا تمثل شعوبها وتدعي الديمقراطية من خلال انتخابات تبعد كل البعد عن مفهوم الاختيار الحر والمعايير العلمية والقانونية والطبيعية والدولية للانتخابات الحرة والنزيهة.
هذا إذا سلمنا جدلاً أن قرار التوقيع على المعاهدة والالتزام بها أو طلب تشكيل محكمة دولية موجهاً إلى مجلس الأمن، صدر عن مؤسسة لها الصفة التمثيلية بغض النظر عن كيفية حصولها عليها. ولكننا نجد أحياناً أن القرار الصادر عن الدولة تم اتخاذه في ظل أزمات سياسية داخلية تطرح العديد من الإستفهامات حول شرعية الطرف الذي يتخذ هذا الاجراء، ومدى قبول الشعب له. هذا ما رأيناه عند الطلب من مجلس الأمن تشكيل محكمة دولية للنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري والازمات السياسية التي دارت في ظلها. أو ما نراه حالياً يصدر عن نظام الحكم العراقي بالتهديد بمحكمة دولية ضد طرف ما… مع العلم بأن الاطراف المتنازعة تتهم بعضها بشكل متبادل بارتكاب جرائم سواء داخلية أو جرائم دولية.
وقد واجهنا في عالمنا العربى انتهاكاً لهذه المفاهيم المنظمة دولياً من حيث المبدأ، خاصة في محاكمة الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين التي اعتبرت “عاراً في تاريخ المحاكم الدولية”، بغض النظر عن أحقية الشعب العراقي بالمطالبة  بالعدالة وتطبيق القوانين على ما اعتبر جرائم ارتكبت في ظل النظام الاسبق: فإن طبيعة إنشاء هذه المحاكمة وممارستها مهامها ينأى بها عن مفهوم “العدالة الدولية” التي يسعى إليها أو كما يفهمها القانونيون الجنائيون الدوليون، كمؤسسات دولية تسعي لمعاقبة منتهكي حقوق الشعوب، إذ اعتبروا أن أبسط شرط للحيادية لم يكن متوفراً من خلال وجود المحكمة على مسرح الحرب القائمة، وكونها قررت من مرجع لا يمثل المجتمع الدولي، بل سياسة إحدى الدول. فهذا المثل لم يكن ليعتبر إلا سابقة تتناقض مع مفهوم العدالة الجنائية الدولية، رغم الترحاب بها والتغني بنتائجها في بعض الأوساط السياسية العربية. فأين نحن من مفاهيم القانون العلمية، ومفاهيم العدالة الانسانية،  في دول خلطت العلم بالمصالح السياسية؟
إن المحكمة الجنائية الدولية تنظر إذاً في الجرائم الدولية الأكثر خطراً، وقد حددت لها مفاهيم وأركاناً انطلاقاً من احترام مبدأ الشرعية – شرعية الجرائم وشرعية العقوبة – القاعدة الأساسية في القانون الجنائي. وتلتزم كل محكمة خاصة بحدود الجرائم كما يتم وصفها في نظامها التأسيسي تطبيقاً للقاعدة نفسها.
هذا مع العلم بأن مفهوم بعض هذه الجرائم التي تدخل ضمن صلاحية المحكمة الدائمة، تم تحديده بشكل مستمر عبر المحاكم الجنائية الخاصة التي شكلت والتي يطلب تشكيلها، إذ أعطيت تعاريف ضيقت أو وسعت إطار الجريمة حسب طبيعة المحكمة الخاصة وحسب أسباب إنشائها. من هنا نفهم المعايير المختلفة للمعاقبة والملاحقة والتي تتباين حسب الضرورات التي تطلبت إنشاء محكمة خاصة، والتي يمكن أن تكون موضوعية علمية تتعلق بطبيعة الافعال التي ارتكبت في الدولة طالبة المحكمة، كما يمكن أن تكون استنسابية تفصل على مقاسات غير موضوعية وتهدف مسبقاً إلى ملاحقة أشخاص محددين. وهنا تظهر الخطورة في اللجوء العشوائي للمحاكمات الدولية، التي أصبحت وسيلة التهديد السهلة وغير المبررة في المجتمعات السياسية العربية. فهل ترانا نفهم معنى وهدف القانون الدولي الجنائي أم أنه وسيلة تستخدم في ظل الافراط في الجهل والعشوائية؟
هذا مع العلم بأن القوانين الدولية لم تحدد بشكل حاسم مختلف المفاهيم التي يمكن مواجهتها في مثل هذه الظروف، ونأخذ مثلاً مفهوم الارهاب، وهو الفعل الأكثر مواجهة في ظل الجرائم الدولية، ما يترك إمكانية الخروج عن المعايير العلمية القانونية والعودة مجدداً إلى المعاني والأهداف السياسية لهذه الحالات. وذلك، خاصة  في ظل النزاعات الناشئة حول حق الشعوب بالمقاومة والمنظمات الارهابية المجهولة أو المعلومة المصادر والتمويل.
غير أننا من ناحية أخرى نلتمس بعض مؤشرات الموضوعية والمحافظة على السيادة، عندما تسعى الدولة طالبة المحكمة الخاصة إلى تطبيق قوانينها الداخلية عندما تنص على هذه الجرائم، كما هي الحال بالنسبة للمحكمة الخاصة بلبنان، لمعاقبة قتلة الرئيس الحريري.
إضافة إلى ذلك، فإن المحكمة الجنائية الدولية تظهر نوعاً من صمام الأمان من ناحية تحديد دورها في ملاحقة الجرائم الأكثر خطراً والتي عمدت في اتفاقية روما إلى تعريفها وتحديد أركانها وتطبيقها على الدول التي وافقت على الخضوع لأحكامها. وبذلك فإن الدول عند إنشاء اتفاقية روما قد عرّفت جرائم الإبادة وجرائم العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الانسانية، وأخضعتها لصلاحياتها دون غيرها من الأفعال المشبوهة الأخرى والتي يمكن أن تخضع لتوصيف قانوني مختلف.
وبالتالي لا بد من الإشارة إلى أن العدالة الدولية لا يمكن أن تكتفي فقط بنظام المحكمة الجنائية الدولية التي تعاقب الجرائم الأكثر خطراً، وتبقي للمحاكم الوطنية دوراً في ملاحقة المتهمين الموجودين على أرضها، وبذلك يظهر التكامل بين النظام الجنائي الدولي والوطني.
فإذا كانت بذلك تسعى “دول القانون” إلى تأسيس مجتمع يرقى بالقانون ويرتقي به، فأين نحن الشعوب والدول العربية من هذه المنظومة، عندما تكون مؤسسات الدولة بذاتها خاضعة لحكم الطوائف أو الأطياف المختلفة التي تتألف منها الحياة السياسية الداخلية، أو لسلطة المال والسلطة والمحاصصات السياسية. نعطي مثلاً على ذلك ما بات معروفاً عن اعتقال الضباط الأربعة، المتهمين بالضلوع باغتيال رئيس الوزراء الأسبق، لعدة سنوات من دون دليل وبناء على تحقيقات أقل ما يمكن وصفها بأنها مشبوهة أو كاذبة، تطبيقاً لاستنسابيات خاصة وتحقيقاً لمصالح سياسية داخلية وربما خارجية، بغض النظر عن تورطهم أم لا بذلك.
وإذا كانت أركان الجرائم ضد الانسانية تتطلب، بناء على المادة 7 فقرة 2- أ من اتفاقية روما “هجوماً موجهاً ضد أي مجموعة من السكان المدنيين” مفسرة ذلك بأنه: ” نهج سلوكي يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار إليها في الفقرة الاولى ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، عملاً بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم أو تعزيزاً لهذه السياسة”،
فإن هذه الجريمة تتطلب ارتكاب أفعال متعددة ذات طابع دولي كما هي الحال في مختلف الجرائم الدولية، تمس مجموعة من المواطنين وتهدف إلى تحقيق خطة جرمية محددة، وليس بالضرورة أن يكون البلد في حالة حرب كما هي الحال في جرائم الحرب ولا أن تهدف إلى الاضرار بشعب او عرق أو طائفة … محدّدة كما هى الحال في جرم الإبادة. فإننا إذا نظرنا إلى جريمة اغتيال الحريري، ترانا نجد أنظار القانونيين متجهة إلى المحكمة الخاصة بلبنان وإلى الوصف الذي سيعطى لهذا الفعل: هل هو يجمع أركان الجريمة ضد الإنسانية، أو أنه عمل إرهابي مستقل، أو مجرد جريمة اغتيال تخضع بالتالي للمحاكم الداخلية ذات الصلاحية العادية، وبالتالي إلى ضرورة تشكيل محكمة دولية في ظل ذلك. وعلى هذا، ينتظر القانونيون المتخصصون ما سيصدر عن المحكمة الخاصة بلبنان، وإلى البصمة التي ستضيفها إلى القانون الجنائي الدولي من خلال الوصف الجرمي لمثل هذه الأفعال، وذلك كجزء من تطور الحياة القانونية الدولية التي تعتمد على الاجتهاد والعرف وإن لم تكن مصادر ملزمة ولكنها تبقى ذات قيمة معنوية. فاين هو لبنان بسياسته ومواطنيه من دور المحكمة التي أصبحت وسيلة التهديد الداخلية والتهكم بأمان الشعب، بدل أن تكون مصدراً للقانون والعدالة بغياب الدولة القادرة؟
في الخاتمة، وبعد تسليط الضوء على هذه المفاهيم والمؤسسات الدولية ودورها في حماية الأسرة الدولية من الأفعال الشائنة، نستنتج ضرورة التكامل بين الأنظمة الجنائية الدولية والداخلية، وكذلك ضرورة الدور المنوط بهيئة جنائية كالمحكمة الجنائية الدولية. وإذا كان من المستحيل فصل القانون الدولي عن السياسة الدولية، يبقى علينا أن نفهم مكامن الخطر ومصادر الثقة بهذه المنظومة، والتي ترتبط أيضاً بوعي الشعوب وارتقائها بممارسة ديقراطيتها. إن الثقة بهذه المنظمات هو السبيل الوحيد لتأسيس عدالة جنائية دولية تحمي الشعوب والمجتمع الدولي من ظلم أصحاب سلطة ما. تبقى المشكلة كامنة في الثقة بهذا المجتمع الدولي الذي تحوك مصيره سياسات الدول الكبرى والتي تبقى ضالعة بدور رئيسي، في إطلاق هذه الدعاوى. ويبقى للدول إمكانية نفاذها من هذا القرار في تنظيم شؤونها الداخلية واتخاذ قراراتها بما يتناسب مع إرادة شعوبها.
© منبر الحرية، 10 نوفمبر/تشرين الأول2009

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018