بمبادرة من مشروع منبر الحرية استضافت جامعتي سيدي محمد بن عبد الله بفاس والقاضي عياض بمراكش في الثاني عشر و الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، المفكر المصري والخبير في الدراسات الشرق أوسطية البروفيسور طارق حجي. وألقى المحاضر السابق في جامعات مرموقة غربية، محاضرتين بنفس العنوان “قيم التقدم قراءة نقدية في النموذج العربي”.الأولى بقاعة شعبة اللغة العربية بكلية الآداب بفاس فيما احتضنت قاعة الندوات بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش المحاضرة الثانية.
محاضرتي حجي…حضور طلابي كثيف
ألقى البروفيسور طارق حجي في كل من كلية الآداب ظهر مهراز بفاس وكلية الحقوق بمراكش محاضرتين بعنوان قيم التقدم قراءة نقدية في النموذج العربي”. وقد ثمن مسؤولو الجامعتين مبادرة مشروع منبر الحرية . تجسد ذلك في استقبال رئيس جامعة فاس السيد السرغيني فارسي وعميد كلية الآداب الدكتور عبد الرحمان طنكول وعميد كلية الحقوق بمراكش للبروفيسور طارق حجي وفريق مشروع منبر الحرية.
وسواء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر مهراز بجامعة فاس أو بكلية الحقوق بمراكش فقد حرص المسؤولون على الحضور في منصة التقديم، حيث ألقى كل من عميدي كلية فاس ونظيره بمراكش كلمتي ترحيب ثمنا فيها مبادرة مشروع منبر الحرية، كما تم التركيز على دور الثقافة في عملية التغيير والإصلاح والدمقرطة. حضر في منصة المحاضرة أيضا رئيس مشروع منبر الحرية الدكتور نوح الهرموزي الذي عرف بالمشروع وأهدافه وأشكال اشتغاله واستعداده للتعاون مع كل الفعاليات العلمية والأكاديمية. كما شكر المساهمين في استضافة النشاط من رئاستي الجامعتين إلى عمادة الكلية قبل أن ينتقل إلى التعريف بالمحاضر ونشاطاته وتوجهاته الفكرية الداعمة لليبرالية والحرية والديمقراطية.
حجي في محاضرتي فاس ومراكش: يرسم خارطة التقدم ويشرح أسباب التخلف….
استفاد من محاضرتي فاس ومراكش ما يقرب من أربعمائة طالب من مختلف شعب الكليات. انطلق البروفيسور حجي في محاضرته المعنونة “قيم التقدم: قراءة نقدية للنموذج العربي” من تعريف التقدم والتخلف. وقال لم يعد بالإمكان الحديث عن المفهومين بطريقة عفوية. بعد أن صارت مقاييسهما عالمية.
ومن ثم فإن الاختباء وراء الخصوصية مجرد محاولة للتهرب من مواجهة الواقع المتسم بغياب قيم من قبيل: تقديس الوقت… والإيمان بفعالياتِ العملِ الجماعي… والاهتمام البالغ بالموارد البشرية، والتعليم القائم على الإبداع (وليس التلقين)، وإشاعة روح توخي الكمال والتميّز والسعي الدؤوب للإتقان… ورسوخ فكرة عالميةِ المعرفة والعلم. وأضاف حجي أن الذين يعتبرون أن الحضارة إنتاج غربي ويقومون بالبناء على ذلك لرفضها واهمون، لأن الحضارة في مستواها الحالي إنسانية التكوين، شاركت فيها جميع الأجناس البشرية. عزا حجي مشاكل التقدم في العالم العربي في جزء كبير منها إلى الاعتقاد الخاطئ بوقوف الآخر وراء كل المشاكل. وتساءل لماذا لا يتآمر هذا الغرب على باقي الشعوب. مجيبا بأن الاستقلالية تنبع من الداخل. وأورد النموذج الياباني الذي تخلى بعد الحرب العالمية الثانية وحادثتي ناكازاكي وهيروشيما عن الصراع بالسلاح إلى الصراع بالمنتجات التي اكتسبها بالتقنية الغربية ذاتها. من جهة أخرى أكد حجي أن ثالوث التخلف العربي يكمن في مجموعة من الأفكار الخاطئة، بفعل غياب ثقافة المؤسسات وسيادة ثقافة الأشخاص، وغياب تأسيس فعلي لمفهوم الدولة التي تنبني على مفهوم المواطنة، والاكتفاء بالاستهلاك عوض الإبداع.
وركز الحاضرون نقاشهم على مفهوم القيم وخلفياتها الفلسفية والاجتماعية، وقدرتها على تغيير الواقع وسبب استمرار المجتمعات العربية في الدوران في حلقة مفرغة منذ مئات السنين، فيما تعرف بلدان أخرى في زمن أقل تطورات متسارعة.
وفي جوابه على بعض المداخلات قال حجي “إن التعددية هي من أهم منابعِ الإبداعِ والإبتكارِ والتجديدِ والتجويد” وأضاف أن “الإنسانيةَ تحولت مع تطورِ مسيرةِ تمدنها من “التسليم بأن التعددية من معالمِ الإنسانيةِ الأساسيةِ” إلى “الإعتقادِ بأن التعدديةَ من مصادر ثراءِ الإنسانيةِ” .
وحول سؤال الخصوصية والكونية في العلم قال حجي “إن المجتمعات العربية بقيت بعيدة إلى حد بعيد عن مزايا عالمية المعرفة بسبب التدهور الكبير في مؤسساتها التعليمية ومراكز البحث العلمي كنتيجة لخضوع هذه المؤسسات والمراكز للحياة السياسية في هذه المجتمعات وهو ما جعل هذه المؤسسات والمراكز، يقول حجي، منقطعة الصلة بحركة العلوم في العالم كما سلبت روح الإبداع منها وحولتها إلى كيانات راكدة تفرز تعليماً لا علاقة له بالعصر والحياة ومنقطع الصلة بحركة البحث العلمي في كل مجالات العلوم التطبيقية والإجتماعية وكانت الترجمة النهائية لذلك هو الغياب العربي المطلق في دوائر الإنجازات العلمية والبحوث المتألقة في كل مجالات العلوم التطبيقية ودوائر بحوث العلوم الإجتماعية على السواء” ..
ركزت المداخلات التي أعقبت محاضرة حجي على بعض محاورها من قبيل الأسس الأساسية لتغيير واقع حال المجتمعات العربية، وفي تدخل لعميد الكلية السيد عبد الرحمان طنكول ثمن محاضرة حجي واعتبرها مفيدة لطرحها مقاربات جديدة تركز على أهمية مجتمع المعرفة وإنسانية المنتوج الحضاري الإنساني. وأبرز أحد الأساتذة الجامعيين دور المبادرة الفردية في ذلك فيما استفسر الطلبة عن مفهوم القيم وأهميتها في التغيير وأسبقية القيم على الواقع في كل تغيير اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي.
مسؤولو جامعتي فاس ومراكش : تذكار لحجي واستعداد للتعاون المستقبلي
استقبل السيد السرغيني فارسي رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله على هامش محاضرة الدكتور طارق حجي، كل من البروفيسور طارق حجي والدكتور نوح الهرموزي والأستاذ عزيز مشواط بحضور نائب رئيس الجامعة السيد الملهم البقالي، والأستاذ الجامعي بكلية الآداب الدكتور يوسف تيبس. بعد الترحيب والتعارف، ثمن رئيس الجامعة مبادرة مشروع منبر الحرية وشكر البروفيسور المحاضر. كما قدم رئيس الجامعة للبروفيسور حجي تذكارا يحمل رمز الجامعة عربون شكر وامتنان. وفي كلمته، أعرب المحاضر الروفيسور حجي عن سعادته البالغة بالمحاضرة في جامعة فاس التي اشتغل فيها مدرسا للقانون الجنائي خلال سنوات السبعينات. وفي مراكش استقبل السيد عميد كلية الحقوق والعلوم القانونية البروفيسور المحاضر ووفد مشروع منبر الحرية وعرض عميد الكلية التطورات التعليمية المتسارعة في المغرب وآفاق البحث الأكاديمي رؤيته العلمية للبحث العلمي والأكاديمي معتبرا أن” مثل هذه المبادرات يجب تشجيعها . من جهة أخرى أبدى العميد انفتاحه على كل مبادرات التعاون الداعمة للبحث العلمي.
وعرض رئيس الجامعة رؤيته العلمية للبحث العلمي والأكاديمي معتبرا أن استثمار العنصر البشري والطاقات العلمية التي تزخر بها الجامعة كفيل بتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بجودة التعليم. من جهة أخرى أبدى انفتاحه على كل مبادرات التعاون الداعمة للبحث العلمي. وركز الدكتور نوح الهرموزي بدوره في كلمته على استعداد منبر الحرية للتعاون في إطار انفتاح المنبر على الفعاليات المدنية والأكاديمية في كافة البلدان العربية. وانتهى اللقاء باتفاق الجانبين على تدارس سبل تطوير مبادرات التعاون وتبادل الخبرات.
تغطية إعلامية لمحاضرة حجي…حوارات صحفية بإذاعات وجرائد وطنية
أعد فريق التنظيم الساحة الإعلامية لتغطية حضور البروفيسور حجي إلى المغرب بشكل ملائم. وهكذا تم إعداد ملصق للإعلان عن المحاضرة نشرته الصحف المغربية. وتم استدعاء وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة لتغطية المحاضرة. وحظي حضور البروفيسور حجي إلى فاس بتغطية إعلامية واسعة حيث نشرت أكبر الصحف المغربية خبر المحاضرة وحاورته أكبر صحيفتين مغربيتين وهما المساء والأحداث المغربية.
كما نشرت إذاعة “مفم سايس” الواسعة الانتشار خبر النشاط المنظم بالجامعة على امتداد خمسة أيام في نشرتها الصباحية المخصصة للمواعيد الثقافية.
واستضافت حجي إذاعات وطنية ومحلية. وخصت إذاعة ميدي 1 الدولية البروفيسور باستضافة خاصة على أمواج برنامج أصداء ثقافية لمدة 15 دقيقة للحديث عن توجهاته الفكرية والتي عكستها بشكل كبير محاضرته بالجامعة.واستضافته أيضا إذاعة مفم سايس لمدة ساعة ونصف للحديث عن محاضرته بفاس. ووصل عدد وسائل الإعلام التي نشرت مواد إعلامية حول محاضرة حجي إلى أكثر من 10. لمزيد من التفاصيل حول التغطية الإعلامية لمحاضرة حجي بفاس انظر الملف الإعلامي .
[nggallery id=3]