peshwazarabic

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

منذ انهيار الحرب الباردة بعد سقوط المعسكر الاشتراكي في العقد الأخير من القرن الماضي، وصعود ما يعرف بالعالم الجديد، ينحكم العالم، في مجمله، إلى السياسة الأمريكية وحراكها في كل مكان، بحيث ينعكس هذا الحراك في كل خطوة أميركية، سواء أكانت ذات اتجاه سلبي أم ايجابي. هذا الواقع يجعل العالم، دائما، مشدودا إلى الرئاسة الأمريكية، ومن سيكون على رأسها، وهو الواقع نفسه الذي يدفع العالم إلى تقويم دوري لهذه السياسة في عهد هذا الرئيس أو ذاك، وهو أمر لا يحظى به أي رئيس آخر في أي بلد في العالم. لذا اكتسب، ولا يزال، الرئيس الأمريكي أوباما، في العام الأول على عهده، اهتماما استثنائيا في التقويم، وتعيين الايجابيات والسلبيات في هذه الفترة الزمنية، التي تؤشر عادة إلى مسار السنوات اللاحقة من عهده.
يرتبط التقويم لعهد أوباما الأول بالآمال أو الأوهام التي علقت على سياسته التغييرية الموعودة، في الداخل الأمريكي وفي الخارج العالمي. من الطبيعي أن تشكل هذه “الآمال” قياس النجاح والفشل، وتدفع إلى استعادة الثوابت الأمريكية. ترافقت حملة ترشيح أوباما مع وعود التغيير والخروج من المشكلات التي زج الرئيس بوش الولايات المتحدة بها. كان شعار التغيير تعبيرا عن حاجة موضوعية، في الداخل الأمريكي والخارج أيضا، وهو تغيير يفرضه حجم المشكلات البنيوية في الاقتصاد الأمريكي وحاجات المواطن، من مثل مشكلات البطالة والانكماش الاقتصادي وقانون الحماية الصحية.. وغيرها من المعضلات السائدة. أما خارجيا، فتنتصب في وجه الولايات المتحدة مسائل الحرب والسلم التي “تغرق” الولايات المتحدة في وحولها، من قبيل الحرب في أفغانستان والعراق، أو من قبيل التدخل في الصراع العربي الإسرائيلي ومشكلات البرنامج النووي الإيراني، وغيرها من القضايا المتصلة بصلب السياسة الأمريكية خارجيا. وهي جميعها معضلات، كان المجتمع الأمريكي والعالم الخارجي، يشكوان من سياسة الرئيس السابق في التعايش معها.
في خطابه عن “حال الاتحاد” الفيدرالي، يعترف الرئيس أوباما ببعض ما واجهه عهده حين يقول :”كانت حملتي الانتخابية مبنية على وعد التغيير، وشعار التغيير الذي يمكن أن نؤمن به .. والآن أنا أدرك أن هناك العديد من الأمريكيين ليسوا واثقين من أننا نستطيع أن نتغير أو نحقق التغيير.. حكومتنا تعرضت لبعض النكسات السياسية هذه السنة، وبعضها استحققناها..”. وهي اعترافات تخاطب المواطن الأمريكي بشكل أساسي، فيما تستوجب شعارات التغيير في السياسة الخارجية نظرة مدققة إلى ما يدخل في الثوابت الأمريكية التي تحكم كل عهد، أكان ديمقراطيا أم جمهوريا، والبناء على هذه الثوابت في رؤية الحقائق والأوهام التي علقت  على مشجبها آمال الكثير من القوى السياسية في العالم العربي، الرسمية وغير الرسمية. يكاد جميع القارئين بموضوعية لعهد أوباما الإقرار بالفشل أو المراوحة في مواجهة الملفات المتصلة بسياسة السلم أو الحرب في الشرق الأوسط، وهي معضلات تتناول الصراع العربي الإسرائيلي، الحرب في العراق، الملف النووي الإيراني، الحرب في أفغانستان، مكافحة الإرهاب… وغيرها الكثير، حيث لم تقدم السياسة الخارجية الأمريكية حلولا متقدمة للحد الأدنى من هذه المعضلات.
خلافا للأوهام التي علقت على التغيير في السياسة الأمريكية في الشرقالأوسط وسعيها لإيجاد حلول”عادلة”، ظلت سياسة أوباما ملتزمة ثوابت أميركية تعود إلى عقود من الزمن تتصل بقضيتين مركزيتين هما : حماية نفط الخليج وتأمين سلامة إنتاجه وتصديره إلى الخارج، وتثبيت مواقع الشركات الأمريكية في هذا المجال، والثاني التزام امن إسرائيل وحماية موقعها ومنع قيام تسويات على حساب مصالحها، ودوام تفوقها وهيمنتها على العالم العربي المحيط بها. في ضوء هاتين الثابتتين نقرأ ما تحقق على صعيد السياسة الأمريكية الخارجية لعهد أوباما. في الجانب الأول، وتحت حجة مكافحة الإرهاب، تسعى السياسة الخارجية إلى توظيف السياسات العربية، بل وتوجيهها، لجعل هذا الموضوع في رأس اهتماماتها، من دون أن تعالج الأسباب الموضوعية التي تجعل من العالم العربي أرضا خصبة لازدهار هذا الإرهاب. ونظرا للثقة الضعيفة بقدرة هذه الأنظمة على مواجهة هذا الملف، تحتل سياسة الوجود الأمريكي العسكري المباشر في أكثر من منطقة عربية أولوية حاسمة تجعل الولايات المتحدة قادرة على التدخل الفوري لمنع حصول أي خلل يؤثر على امن النفط في المنطقة، وهو موضوع لم يرد في خطابات أوباما أي وعد بانسحاب وخروج الجيوش الأمريكية من المنطقة. أما في الصراع العربي الإسرائيلي، فخلافا لكثير من الأوهام “الساذجة” حول تغيير أميركي لصالح إيجاد حل يعطي العرب والفلسطينيين حدا من الحقوق المشروعة، تراجعت السياسة الأمريكية عن الوعود، والتزمت سياسة إسرائيلية بالكامل، لا تقل في فجاجتها عن سياسة الرئيس بوش لجهة الانحياز المطلق للسياسة الإسرائيلية، برز في الموقف من الاستيطان الصهيوني والطلب إلى الفلسطينيين تقديم التنازلات، وبلغ أوج تعبيره في تجاهل الرئيس أوباما لموضوع الصراع العربي الإسرائيلي في خطابه عن حال الاتحاد.
مقابل هذه الثوابت الأمريكية خارجيا، تجب رؤية الثوابت التي تتحكم بالقرار الأمريكي وسياسة الإدارة الأمريكية. عل رغم الصلاحيات الواسعة للرئيس الأمريكي، إلا أن عوامل “خفية” تمثلها قوى مقررة تفرض نفسها على كل رئيس أميركي، من هذه الثوابت المؤسسات المتمثلة بالمجمعات الصناعية والعسكرية التي تحتاج إلى “مدى حيوي” لإنتاجها، وتصريف مخزونها تمهيدا لتجديده في ضوء ما استجد من تقنيات جديدة. من هنا، وخلافا لما يعتقده كثيرون، تبدو الحاجة إلى الحروب خارج الولايات المتحدة حاجة ضرورية وماسة لهذه المؤسسات، في وصفها شرطا لتطورها واستمرار تفوقها التقني على سائر الدول. لا تهتم السياسة الخارجية الأمريكية بحلول السلم في الغالب، بمقدار انشدادها إلى “حروب صغيرة” تساهم في تطوير وتجديد الصناعة العسكرية الأمريكية. أما القوى الأخرى المقررة للسياسة الأمريكية الخارجية، فهي الشركات الأمريكية العابرة للقارات والتي تشكل أخطبوطا حقيقيا يتحكم اليوم في الكثير من مصائر الشعوب. تقتضي مصالح هذه الشركات تحكما بالبنى السياسية للكثير من الأنظمة، وإقامة سلطات سياسية متوافقة مع مصالحها، وهي أمور تفسر الكثير من الانقلابات العسكرية أو التمردات التي تقف الشركات الأمريكية وراءها في أكثر من مكان في العالم العربي وسائر مناطق العالم.
لا تهدف هذه المقاربة إلى نعي أي إمكانية في تعديل السياسة الأمريكية عربيا، بمقدار ما تشير إلى أن العرب في إمكانهم التأثير على هذه السياسة والحد من انحيازها لصالح العدو القومي، وهو أمر ينجم عن مصادر القوة التي يملكها العرب، خصوصا منها المواقع المالية التي تلعب دورا في استقرار ما للسياسة العالمية عبر الأرصدة الموظفة في الخارج، أو من خلال النفط العربي الذي يظل يشكل نقطة القوة الأهم. لكن ذلك يستوجب سياسة عربية مختلفة وتضامنا على الحد الأدنى من هذه المصالح العربية.
© منبر الحرية ، 27أبريل /نيسان2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

يفتقد العرب للأسف للقدرة على تحويل التحديات إلى فرص والاستفادة منها لتحويلها أيضا إلى مغانم، على عكس كل من إسرائيل وإيران، اللتان تتقنان فن التملّص من الالتزامات والمراوغة، والاهم من ذلك تحويل التحديات إلى فرص ومكاسب بيّنة.
وربما يعود ذلك إلى عدم وجود دولة عربية قائدة، والى الافتقار لسياسة خارجية قوية وفعّالة تعرّف الصديق والعدوّ والحليف والخصم والمنافس والمهدد، والى غياب التصور الواضح لقدراتنا الذاتية من جهة ولطبيعة دورنا إضافة إلى افتقارنا الشديد لتصور موضوعي واضح عن مدى قدرات “الآخر” دون التهوين أو التضخيم من شأنه.
من الواضح أنّ إسرائيل تعاني مؤخرا وفي موقف حرج جدا على المستوى الدولي في مواجهة الدفع باتجاه تحقيق عملية سلام فعّالة. ونحتاج إلى أن نكمل الطوق عليها بما استطعنا من وسائل وأدوات ولا ندعها تفلت منها، وهي تعرف أنّها باتت في موقع لا يحتمل وتسعى للتفلّت من هذا الوضع إما بشن حرب ما وإمّا بخطوة تعيد خلط كل الأوراق. وللأسف في الوقت الذي ندعو فيه إلى تحقيق هذا، هناك بعض الأطراف التي توفّر بخطواتها الرعناء، لأجندات خارجية أو لخطأ في الحسابات -إذا أحسنّا الظن بها- المنفذ الذي تحتاجه إسرائيل للهروب إلى الأمام وآخرها قضية صواريخ “سكود” المستجدة في لبنان.
لا شك أنّ الملف النووي الإيراني بات يثير مخاوف العديد من القوى الدولية والإقليمية في ظل التطور الحاصل فيه من جهة، وفي ظل عدم الشفافية الإيرانية حول النوايا الحقيقة من الوصول به إلى هذا المستوى. وتعدّ العقوبات الوسيلة الوحيدة المتوافرة إلى الآن في وجه التصعيد الإيراني، وكما قال الرئيس أوباما في قمّة الأمن النووي، فالمأمول  أن تجعل العقوبات تكاليف الاستمرار في البرنامج النووي أكبر بكثير من الفوائد التي يمكن جنيها. لكنّ الملاحظ أنّ مسالة العقوبات تحتاج إلى جهد كبير والى إجماع دولي وإقليمي في التنفيذ حتى تحقق الفعاليّة المرجوّة منها، وهنا بالذات تتوافر عناصر دور عربي فاعل.
الولايات المتّحدة بحاجة إلى إقناع ثلاث جهات أساسية بضرورة تطبيق عقوبات قاسية (وذات أظافر) لمواجهة التصعيد الإيراني ولمعاقبتها على تجاهلها المجتمع الدولي وازدرائها لقرارات مجلس الأمن السابقة، وذلك بعد أن ضمنت الموقف الروسي عبر مساومات طويلة:
1- الصين: إذ تزوّد إيران الصين بحوالي 11%من وارداتها النفطية، كما تبلغ حجم التجارة الثنائية بينهم 23.3 مليار دولار، وهو الأمر الذي دفع الصين إلى أن تحتل صدارة قائمة شركاء إيران التجاريين في شهر آذار الماضي وتنتزعها من الإتحاد الأوروبي. إضافة إلى الاستثمارات الصينية الضخمة في قطاع الطاقة الإيراني وآخرها اتفاق بقيمة حوالي 5 مليارات دولار في نهاية العام 2009 لتطوير المنطقة 11 من حقل “جنوب فارس” الغازي. ومخاوف الصين في الملف الإيراني تتعلق بالأمن الاقتصادي للبلاد وبأمن الطاقة أكثر من كونه موقفا أيديولوجيا.
2- الدول المجاورة لإيران: وخصوصا تركيا العضو غير الدائم في مجلس الأمن حاليا، واللاعب الجديد العائد إلى الساحة الإقليمية. فتركيا خامس اكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا. وقد تجاوز حجم المبادلات التجارية بينهما العائم الفائت الـ 10 مليار دولار، كما أنّ أنقرة تعتمد بشكل كبير على موارد الطاقة الإيرانية من النفط والغاز الذي يصل إلى تركيا بواسطة أنبوب يحمل يوميا ما بين 18 إلى 25 مليار م3 من الغاز. وتخاف تركيا من أن تؤدي العقوبات إلى تقويض الاستقرار الإقليمي والإضرار بالعلاقات الثنائية المباشرة في الوقت الذي يتم فيه تجاهل مصالحها كما حصل سابقا في الملف العراقي خلال الحروب السابقة.
3- الدول الفاعلة: الهند والبرازيل ولديها مصالح مشتركة أيضا.
المفتاح الأساسي لدى كل هذه الأطراف يكمن في النفط والمال. والجهة الوحيدة القادرة على لعب دور قوي وفاعل ومؤثر في هذا المجال هي الدول العربية ولا سيما الخليجية التي تتمتع بالنفط والمال، بشرط أن يتم اللعب في هذا الإطار بمبدأ توزيع الأدوار المدروس ووفق خطة موحدة.
فالصينيون ليسوا أيديولوجيين، وتديرهم عقلية الربح والخسارة، ولديهم هامش واسع من المناورة، وتمتلك المملكة السعودية وهي أكبر مصدّر للنفط إلى الصين القدرة على إقناع بكيّن بالموافقة على العقوبات القاسية عن طريق سياسة التطمين و/أو الإغواء، وذلك عبر ضمان تعويض أي نقص من الممكن أن يطرأ على الواردات النفطية الصينية بسبب العقوبات المفترضة على إيران، وأيضا عبر إمكانية بيعها النفط بسعر أقل من ذلك الذي تعرضه إيران.
وباستطاعة الإمارات أيضا المساهمة بشكل حقيقي وفعّال في تطبيق العقوبات من خلال الرقابة الصارمة على التجارة الثنائية مع إيران التي بلغ حجمها حوالي 12 مليار دولار العام 2008، سيما وان دبي تعدّ المصدر الأول لعبور المواد الممنوعة إلى طهران عبر تجارة الترانزيت إلى جانب جهات أخرى مثل ماليزيا واندونيسيا والصين وهونغ كونغ.
كما تستطيع قطر على سبيل المثال تعويض تركيا أو مدّها بما يكفي من الغاز فيما يتعلق بالمخاوف من أمن الطاقة، دون أن ننسى مقدرة دول الخليج مجتمعة على دعم هذه الدول المترددة أو التي تبحث عن مساومات مقابل الموافقة على دعم عقوبات قاسية على إيران، عبر الاستثمار المباشر فيها أو من خلال منحها الأولوية في المشاريع الضخمة الداخلية أو المشتركة، علما أنّ هذه الخطوات سيكون لها فوائد ضخمة على المستوى البعيد، منها على سبيل المثال:
أولا: تعزيز العلاقات العربية- الصينية والخليجية- الصينية مما من شانه أن يؤدي إلى التخلي تدريجيا عن سياسة الحليف الأوحد (أمريكا) باتجاه تعدد الحلفاء (أمريكا-روسيا- الصين- أوروبا)، بما لذلك من فوائد يمكن استغلاها على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو حتى العسكري.
ثانيا: بناء العلاقات العربية-التركية الصاعدة حاليا، على أسس متينة وثابتة من المصالح الراسخة والمشتركة عبر مشاريع اقتصادية بفوائد متبادلة بما يدعم مشروع السياسية الخارجية التركيّة لأحمد داوود اوغلو، ويمهّد لتحالف مع تركيا قائم على معطيات حقيقية وليس على مجرّد عواطف وأهواء وردود فعل آنيّة.
ثالثا: استعراض مدى فعالية القدرات العربية وحاجة الآخرين إليها، والمساهمة الفعّالة في تحقيق رغبة المجتمع الدولي بما يخدم المصالح العربية بطبيعة الحال.
ومن هنا، باستطاعة العرب مقايضة تحرّكهم هذا بمطالبة المجتمع الدولي والدول الكبرى وأمريكا تحديدا الضغط على إسرائيل في عدد من الجهات في هذا الوقت بالتحديد، ليس أقلّه في الملف النووي لتل أبيب حيث يمكن:
1- المطالبة بالضغط على إسرائيل للانضمام لمعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي (NPT) والتي ستسمح عندها بالتمهيد لعمليات تفتيش، وهو ما يتوافق مع دعوة الرئيس الأمريكي في قمّة الأمن النووي في واشنطن بضرورة انضمام جميع الدول إلى هذه المعاهدة.
2- إعادة إحياء مشروع شرق أوسط خال من الأسلحة النووية عبر تحرّك دبلوماسي عربي متكامل.
وهو ما يتطلّب على الأقل، أن تنفض مصر عنها الصدأ الذي أصاب سياستها الخارجية التي لا تتناسب حاليا مع متطلبات المرحلة والتحديات الجسيمة التي تواجهها المنطقة، كما تتطلّب من المملكة العربية السعودية اعتماد سياسة خارجية شرسة وليس محافظة، ومن سوريا توظيف الأوراق المتوافرة لديها لهذا الغرض وليس لغرض خدمة مشاريع خارجية.
ويمكن للمشروع الدبلوماسي العربي عبر هذا المثلث مدعوما بجهود الدول الأخرى هنا أن يشرح الفوائد التي يجنيها المجتمع الدولي من هذه الخطوة التي من شأنها أن تعطي مصداقية للتحركّ الدولي على الجبهة الإيرانية، فيما يخص ازدواجية التعامل، كما من شأنها أن تضمن المصالح الأمريكية في شرق أوسط مستقر وآمن وتسهل مهمة الأمريكيين وتؤمن مصالح اللاعبين الدوليين بمن فيهم الروس والصينيين والأوربيين، وإلا فانّ الأمور قد تتطور باتجاه حرب مع إيران ليس من الواضح عمّا إذا كان هناك احد يريد أن يغامر بتحمّل تكاليفها الإقليمية والعالمية، أو باتجاه مواجهة سباق تسلّح نووي في أكثر منطقة متوترة في العالم، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على مصالح الجميع.
© منبر الحرية ،26أبريل /نيسان2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

تعج الولايات المتحدة بالكثير من التساؤلات عن الأوضاع في العالم العربي والإسلامي. ففي سلسلة محاضرات لي في مدن أمريكية مختلفة حول أوضاع الشرق الأوسط والمسألة الفلسطينية كان أهمها مؤخرا في مدينتي دينفر وبولدر في ولاية كولورادو، بدأت أرى عالما أكثر تساؤلا حول العلاقة مع العالم الإسلامي والعربي. في تلك المدينتين فوجئت بالأعداد الضخمة المكونة من مئات الحاضرين الذين جاءوا للاستماع عن ”العالم العربي على مفترق الطرق.“ التعطش الأمريكي للتساؤل يعكس الفراغ الذي يعيشه الشعب الأمريكي بعد حربي العراق و أفغانستان. فالسؤال المبسط الأول الذي سرى مثل النار في الهشيم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١: ”لماذا يكرهوننا،“ بدأ يتراجع الآن أمام سيل من الأسئلة منها ”هل قامت السياسة الأمريكية بشيء يساهم في الكراهية بين الشرق والغرب؟“.
بعد كل محاضرة  جاءني من يقول” لا اعرف إلى متى سيبقى ممثلوا الشعب الأمريكي رهائن للسياسة الإسرائيلية“، وجاء آخر يتساءل عن الشبان الذين يقتلون من الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق: ”هل نقاتل هناك من اجل إسرائيل أم من اجل أمريكا“. بدأت أرى في عقول ووجوه الأمريكيين ما يؤكد أنهم بدأوا يسأمون من طبيعة السيطرة التي تمارسها جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل على صناع القرار. وكما قال سفير سابق ” هناك سيطرة على نظامنا السياسي من قبل أقلية صغيرة  من اجل مصالح ضيقة وعسكرية وغير إنسانية، هذا يأخذنا نحو كارثة.“
الواضح أن حرب أفغانستان والعراق ثم حربي ٢٠٠٦ في جنوب لبنان ثم حرب غزة في فلسطين أثاروا التساؤلات في الولايات المتحدة عن سياساتها الإقليمية. بل كانت مرافقتي إبان احد البرامج تكرر على مسامعي: ”كنت منذ خمس سنوات من اشد المؤيدين لإسرائيل، الآن اختلف الموقف“. سألتها لماذا؟ فقالت: الحرب في العراق وفي أفغانستان وحرب غزة جعلتني أتساءل. يجب أن لا نتدخل هكذا، يجب أن لا نكون مؤيدين لطرف ضد الآخر. لم أكن اعرف في السابق أن إسرائيل تضطهد شعبا أخر، كنت اعتقد أن هذه الأقوال دعاية عربية فقط، والآن اكتشف أن الأمر ليس كذلك.“ .
هذه التغيرات هي بداية شعور ينتشر بين الأمريكيين مفاده أن إسرائيل أصبحت عبئا كبيرا وان احتلالها يسمم العالم العربي والإسلامي وان سعيها لمصادرة القدس يفجر الصراع بين الشرق الإسلامي والعربي من جهة وبين الغرب من جهة أخرى. هناك نمو في الجمعيات الأمريكية واليهودية أيضا التي تعي خطورة استمرار الاحتلال في فلسطين. في إحدى الندوات وقفت إسرائيلية من مؤيدي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني تشرح كم تعاني في إسرائيل من الملاحقة لأنها تقول برأي آخر.  هناك تنامي للشعور بأن مصلحة الولايات المتحدة لم تعد تتطابق مع مصلحة إسرائيل، وان مصلحة إسرائيل لم تعد تتطابق وعقلية الليكود واليمين المستمر في سياسة الاستيطان ومصادرة القدس.
لكن من جهة أخرى هناك هجوم كبير على الرئيس أوباما من قبل جماعات الضغط الإسرائيلية التي استطاعت في السابق أن تسقط مرشحين وتبرز آخرين. ففي قناعة جماعات الضغط مجرد انتخاب أوباما أثار جميع هذه التحفظات والآراء المعارضة بين قطاعات من الشعب الأمريكي. إن حصول بعض التغير في الرأي العام الأمريكي يجعل أنصار إسرائيل واليمين أكثر استعدادا للتصعيد ضد أوباما مع السعي لإيقافه مهما كلف الأمر.
وبينما يزداد الصراع حدة على ارض فلسطين، تزداد حكومة تننياهو انحدارا نحو اليمين. إن المغالاة ستكون صفة ملازمة للسياسة الإسرائيلية في المرحلة القادمة. لكن العالم من جهة أخرى لن يعترف لإسرائيل بالقدس عاصمة موحدة أبدية، ولن يقبل باحتلالها واستيطانها وحصارها وقمعها لشعب آخر. رويدا رويدا هناك تغير. هذه التغيرات قد توصل إسرائيل للحظة صدام مع الولايات المتحدة ومع جزء كبير من العالم الغربي. قد لا يكون هذا في المدى القريب، لكن بوادره في طور التكوين. إن إنضاج هذه الظواهر تتطلب جهدا عربيا منظما في العالم وفي الولايات المتحدة لا نجده الآن.
المصدر: الأوان
© منبر الحرية،14 أبريل /نيسان 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

اجتمعت منذ ايام مجموعة “الجدال الثقافي العربي واثره على جهود التواصل بين الولايات المتحدة والعالم العربي” لدراسة العديد من المسائل التي تفرق بين العالم العربي والولايات المتحدة. اطلق على المجموعة اسم مجموعة مالطا لانها جمعت منذ ٢٠٠٣ في مالطا مثقفين عرب ومثقين امريكيين لتبادل الرأي والمعرفة.  وقد قاد المجموعة سؤال اساسي:   ماهي الاسباب التي دفعت بالولايات المتحدة والعالم العربي الى طريق التصادم؟ كان اخطر ما وقع هو بالتأكيد احداث الحادي عشر من سبتمبر ونتائجها المباشرة على العالمين الاسلامي والغربي، اذ دخلت الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت في حربين كبيرتين الاولى في افغانستان والثانية في العراق، وذلك بالاضافة الى حروب صغيرة في مناطق مختلفة في العالم ضد القاعدة. ولقد دفع هذا الوضع بالعلاقة العربية الامريكية الى مأزق ، وهو ذات المأزق اليوم في العلاقة الايرانية الامريكية . اذن نحن امام صراع يتطلب تفسيرا واجابات.
لكن الاهم بأن هذا اللقاء الاخير الذي عقد في مركز كارتر في مارس ٢٠١٠ في مدينة اتلانتا الامريكية بدأ بمفاجأة من العيار الثقيل: حضور الرئيس السابق جيمي كارتر والقاءه كلمة نقدية تجاه اسرائيل ومستوطناتها وتوسعها واحتلالها للقدس والضفة والجولان. ركز كارتر على ضرورة ان تتوقف اسرائيل الان والا فات الاوان. كلمة كارتر التزمت بأهمية حل الدولتين، لكنها لم تغلق الباب امام فقدان هذا الاحتمال وبروز احتمال الدولة الواحدة. لكن هذا سيخلق صراعات جديدة في ظل الرفض الاسرائيلي لمبدأ المساواة بين العرب واليهود في الارض الواقعة بين نهر الاردن والبحر المتوسط.
هكذا تحولت هذه الجرأة في الطرح للرئيس كارتر والذي يخرج عن المسار الامريكي العام الى بداية لنقاش الفوارق بين الرؤية الامريكية و العربية. وقدم ايضا اندرو يونع الذي عمل ممثلا للولايات المتحدة في الامم المتحدة قبل ان يستقيل نتاج ضغط من اللوبي المؤيد لاسرائيل بسبب لقاءه عام ١٩٧٩ مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في نيويورك. وتحدث فوكوياما مقدما تحليلا عالميا على قدر كبير من الاهمية عن دور الدولة في منطقة الشرق الاوسط، كما تحدث رضوان السيد طارحا رؤيته للفوارق والتصادم بين الشرق العربي والغرب الامريكي. وتحدث حسن منيمنة منظم اللقاء ثم ديفيد بلانكين هورن  رئيس مؤسسة القيم الامريكية ومفكرين اخرين عن اهمية هذا الحوار والابعاد التي يمكن ان تحقق تقدم. لقد اكتسب اللقاء بعدا شموليا وثقافيا في عمقه.
لكن الاساس في هذا اللقاء هو اهمية الوعي الصريح بالابعاد التي تفرق بين الولايات المتحدة من جهة وبين العرب من جهة اخرى.  فهناك نظرة تبلورت في العالم العربي بأن السياسة الامريكية في معظم الاحيان تصب مباشرة بمصلحة اسرائيل. فقد نجحت اسرائيل على مدار العقود باستخدام نفوذها في الولايات المتحدة لجلب الدعم لتوسعها و لاحتلالها. لهذا فحتى اليوم تمثل المسألة الفلسطينية احد اهم اسباب التصادم الامريكي العربي والاسلامي الامريكي. المسألة الفلسطينية هي اكبر صخرة مانعة بين الحضارتين والثقافتين.
لكن هناك قضايا اخرى لا بد من التعرف عليها تلقي الضوء على تاريخ الاختلاف بين الولايات المتحدة والعالم العربي. ففي التاريخ دعمت الولايات المتحدة شاه ايران ضد مصدق، لكنها انتهت بثورة الخميني، ودعمت الولايات المتحدة اسرائيل ضد القومية العربية وعبد الناصر فانتهت بالحركات الاصولية، ودعمت المجاهدين الافغان ومجموعات بن لادن فانتهت بالطالبان والقاعدة، ودعمت الولايات المتحدة غزو اسرائيل للبنان عام ١٩٨٢ او غضت النظر عنه والذي استهدف إجتثاث منظمة التحرير من لبنان فانتهت بحزب الله في جنوب لبنان. كما انها اعاقت وفق الرغبة الاسرائيلية حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية  المنتخبة برئاسة حماس فأنتهى الامر بسيطرة حماس على غزة. لائحة  قصر النظر الامريكية طويلة. فالدولة الكبرى في العالم تتعامل مع السياسة في الشرق الاوسط انطلاقا من هموم وحسابات  مباشرة تأتي من تأثيرات محلية وانتخابية وإسرائيلية. لقد ضاعت العلاقة العربية الامريكية في حمى الحسابات الضيقة وانتهى بنا الامر الى صدام اكبر كما هو حاصل في السنوات القليلة الماضية.
لكن اسباب المواجهة  بين العالم العربي والولايات المتحدة في هذه المرحلة اخذت بعدا ثقافيا يضاف على البعد السياسي.  فهناك ثقافة رافضة للولايات المتحدة كمصدر للثقافة العالمية ومصدر لطرق الحياة الجديدة. أذ اصبح الانقسام العربي العربي بين اسلامي وغير اسلامي وبين قومي واقل قومية وبين مؤيد لحل الدولتين ورافض لحل الدولتين في فلسطين احد مصادر الاختلاف حول التعامل مع الولايات المتحدة.  هذا التناقض هو الاخر يصب في الصراع الاوسع حول دور الولايات المتحدة الاقليمي.
ان تغير العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي يتطلب  تغير قواعد اللعبة الامريكية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي.  جوهر التغير يبدأ في فلسطين، فهي النقطة المركزية التي سببت الانقطاع الثقافي والمعنوي بين العالمين وهي التي وضعت الولايات المتحدة في كفة والعالم الاسلامي في كفة اخرى .  ان الرفض الاسلامي للولايات المتحدة ينطلق اساسا من الصراع العربي الاسرائيلي. فهناك شعور قديم جديد يزداد تأصلا ويزداد عمقا في العالم الاسلامي بأن الولايات المتحدة ستؤيد اسرائيل مهما فعلت تجاه العرب.  ان هذا الجانب المؤثر على العلاقة الامريكية العربية بحاجة لحل حقيقي وصادق والا ازدادت العلاقة تأزما وتلونت بأبعاد يصعب التنبؤ باثارها.
المصدر: الاوان
© منبر الحرية، 25 مارس/آذار 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

تثير سلسلة من التطورات الاخيرة تساؤلات حول منطلقات الامن الاسرائيلية والتي اعتمدتها إسرائيل منذ نشوءها.  فمنذ بدايتها قامت اسرائيل على عقيدة أمنية تفرض على محيطها ان يتراجع امامها بسبب تفوقها العسكري ومقدرتها على نقل الحرب الى المناطق العربية. هذا اساس معظم حروب اسرائيل مع العرب. اما الاساس الثاني فهو الالتصاق بدولة كبرى فتتحول إسرائيل الى حامي مصالح تلك الدولة وقوة ضاربة بأسمها.  في البداية  تحالفت اسرائيل مع بريطانيا ثم مع فرنسا واخيرا مع الولايات المتحدة خاصة بعد حرب ١٩٦٧.   ان قلة عدد سكان أسرائيل نسبة لعدد سكان العالم العربي جعل اسرائيل تؤمن بأستخدام القوة المفرطة في التعامل مع العالم العربي.  لكن هناك تغيرات تجعل هذه العقيدة بصورتها القديمة في مأزق.
ان العقيدة الاسرائيلية الامنية هي التي تعود وتساهم في اضعاف اسرائيل.  فمن فرط استخدام القوة وشن الحروب برزت في العالم العربي قوى اكثر تشددا واكثر استعدادا للتمادي في المواجهة مع اسرائيل.  هكذا يسير العالم العربي كما رأينا في حرب غزة  في ٢٠٠٩ وفي الحرب ضد حزب الله في ٢٠٠٦ نحو نمط من المواجهة اكثر جذرية و عنفا وقوة. ان استمرار هذا الاتجاه في الساحة المحيطة بإسرائيل وضمن صفوف الشعب الفلسطيني يهدد الاساس الذي تقوم عليه فرضيات الامن الاسرائيلية بل يعرضها للخطر.  الشعب الفلسطيني من جهة والشعوب المحيطة بأسرائيل من جهة اخرى في طريقها لموجة جديدة من المواجهة  وذلك في ظل استمرار اسرائيل في استيطانها وتوسعها واهانتها للعالم العربي والاسلامي من خلال تهويد القدس.  وقد يفرض هذا الوضع  على اسرائيل سعيا لخيار الحرب  وذلك في محاولة منها لاستعادة سطوتها الاقليمية وقدرتها على اخافة الدول والمجتمعات المحيطة. سيكون من الافضل ان تسعي اسرائيل باتجاه تسوية حقيقية وعادلة. لكن هذا ليس مطروحا في هذه المرحلة.
ويعتمد الامن الاسرائيلي على عوامل اخرى. فأحد اهم اسس الامن الاسرائيلي منذ حرب ١٩٦٧ هو الاعتماد على الولايات المتحدة كدولة كبرى.  فالموقف الامريكي المؤيد لاسرائيل هو جزء لا يتجزأ من أمن اسرائيل. لكن دور الولايات المتحدة  ضعف كثيرا في المنطقة في السنوات القليلة الماضية، و سوف يستمر في التراجع لاسباب كونية واقليمية مرتبطة ببروز الدور الصيني والروسي ودول اخرى. لقد دخلت الولايات المتحدة بنزاعات في المنطقة. كما ان اسرائيل تستمر في احراج الولايات المتحدة في مجالات عدة من اهمها الاستيطان وتهويد القدس وانشاء مساكن جديدة للمستوطنين. اضافة الى هذا تنشأ بين اليهود الامريكيين تساؤلات حول تهور السياسة الاسرائيلية. كل هذا يساهم في ضرب بعض اهم مرتكزات الامن الاسرائيلي. ان السياسة الاسرائيلية الاستيطانية والعسكرية تتحول كل يوم الى عبئ على الولايات المتحدة وعلى قواتها الموجودة في العراق وافغانسنات والشرق الاوسط.
ان الضعف الراهن في مرتكزات العقيدة الامنية الاسرائيلية سيجعل اسرائيل تمعن في سياسة اكثر تهورا، بل كلما أقتربت إسرائيل من اكتشاف ضعف مرتكزاتها الامنية كلما ازدادت تهورا ورفضا للتعامل مع الواقع والاعتراف به. هذا واضح في سياسة نتنياهو في  فلسطين والقدس كما نجد لهذه السياسة تعبيرا واضحا في عملية دبي الاخيرة وفي سياسة اسرائيل تجاه تركيا. اسرائيل في هذه المرحلة في تخبط. فقيادتها اليمينية ضعيفة انتخابيا، وطريقها لكسب الاصوات في الانتخابات اصبحت تعتمد علي التصعيد والتهور ونشر الكراهية. لهذا تمعن إسرائيل في الاستيطان، وتعلن عنه ابان زيارة نائب الرئيس الامريكي بايدن، وتذهب الى دبي، وتهدد تركيا بسبب مواقفها، وتهدد بشن الحرب على ايران. ان منطقتنا ستهشد الكثير في المرحلة القادمة في جبهات الصراع العربي الاسرائيلي. التاريخ لم ينتهي، بل بالكاد نجده قد بدأ.
المصدر: الاوان
© منبر الحرية، 15 مارس/آذار 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

إن التسليم بمقولة ( التاريخ يعيد نفسه ), قد لا يكون صائبا في أغلب الأحيان لكن الحالة التركية الراهنة تجعلنا نسلم ببعض الأدلة التاريخية التي تتكرر بصور مختلفة.
فعندما هرب (شاه سليمان) –جد السلطان عثمان- من بطش جنكيزخان من مناطق توران وخراسان إلى مناطق تركيا الحالية, لم يخطر لذلك الرجل بأن حفيده سيصبح سلطانا ذا شأن وعلى تلك المكانة والشهرة والنفوذ, لكنه تحقق بالفعل وحكم العثمانيون وأحفادهم المنطقة,بل ووسعوا في احتلالهم و حكمهم إلى قسم كبير من أوربا الشرقية( هذا عدا المناطق والدول العربية التي حكموها قرونا من الزمن),وكانت الخلافة الإسلامية عثمانية طيلة تلك الفترة إلى وصلت الحالة بهم إلى ( الرجل المريض) –بعد الحرب العالمية الأولى. كانت تركيا في ذلك الوقت مهددة بالانقسام ومستسلمة لشروط الدول الكبرى المنتصرة في الحرب, وأقرت بذلك في اتفاقية سيفر 1920 . لكن ظهور كمال أتاتورك غير في الموازين, فبفضل حنكته السياسية استطاع أن ينقذ تركيا ويتفق مع الفرنسيين والانكليز وكذلك مع الروس( السوفيت الجدد), ويلغي الاتفاقية السابقة ويخرج منتصرا في حربه مع اليونان ويعقد اتفاقية جديدة لصالحه في لوزان بسويسرا عام 1923 .
اليوم يبدو أن الأحفاد الجدد( ومنهم حزب اردوغان)  بدأوا  يشعرون بذلك الحنين إلى ارثهم التاريخي, خاصة بعد فشل مشروعهم السابق ( تركيا الكبرى) – بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق- وتغيير الموازنات والتحالفات الدولية بعد سقوط  نظام صدام.
فتركيا التي تقدم نفسها بوجوه متعددة مستفيدة من موقعها الجيوسياسي وعضويتها في الناتو, لا تقف عند حدود ( علمانيتها) التي تدعيها منذ كمال أتاتورك رغم غلبة الشعور والتعصب القومي على المجتمع التركي, وتحاول الانضمام إلى الاتحاد الأوربي رغم عدم التزامها بشروط الاتحاد( قضايا حقوق الإنسان, قبرص والقضية الكردية….), لهذا فهي تسعى جاهدة بأخذ العديد من المبادرات ومحاولة لعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط من خلال القضايا العربية والإسلامية وتساعدها في ذلك ظروف دول الجوار التي تتفق فيما بينها على القضية الكردية( وخطرها) المزعوم وتساهم دول عربية في إفساح المجال لتركيا رغم وجود إجماع عربي على التحفظ على دور إيران وتركيا في القضايا العربية.
ولعل الطموح التركي بدأ يأخذ حجما أكبر, فالسيطرة على منابع الثروات المائية( نهري دجلة والفرات) وإقامة أضخم السدود عليها, وإقامة أفضل العلاقات الإستراتيجية مع إسرائيل, عضويتها في حلف الناتو, لعب دور الوسيط والمصالحة في العديد من القضايا مثل المباحثات الغير المباشرة بين سوريا وإسرائيل, تدخلها المستمر في شؤون دول الجوار, بل وحتى احتلال( لواء اسكندر ون السورية), وأخيرا محاولاتها الحثيثة في تسلم الملف الفلسطيني وأخذ المبادرة من إيران التي تتحكم جيدا بهذه القضية من خلال أجندتها الإقليمية.
ترى هل تستطيع تركيا حمل هذه السلة من التناقضات ؟ كيف بمقدورها التوافق بين علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل التي تحتل أرضا عربية وإسلامية وبين التزامها الديني في الدفاع عن الشعب الفلسطيني؟ كيف تبرر علمانيتها وإسلاميتها ودفاعها عن المظلومين, وهي لا تطبق ذلك في داخلها مثل( قضية أكثر من عشرون مليون كردي مسلم محرومين من كافة الحقوق, قضية قبرص, تهديداتها وتدخلها في العراق تحت ذريعة حماية التركمان….) . رغم ادعاء تركيا العلمانية, إلا أن الجزء الأكبر من المجتمع التركي ذو طبيعة إسلامية محافظة ومتعصبة قوميا وخير دليل على ذلك نتائج الانتخابات البرلمانية وسيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي بالأغلبية عليها, وهذا ما يثير الدهشة والتناقض والشك في العديد من التوجهات التركية, وكذلك سوف تدفع تركيا فاتورة تناقضاتها في تعاملها مع قضايا المنطقة, ولن يكون سهلا أخذ مبادرة وملف هام من دولة أو ( إمبراطورية مذهبية) مثل إيران والتي تملك أوراقا أكثر حسما من تركيا (اللهم إذا غيرت تركيا في حلفائها مثل إسرائيل), لكن الحلم شيء والواقع العملي شيء آخر, فمهما ادعت تركيا حرصها وبكائها على الشعب الفلسطيني, لن تكون على حساب علاقاتها الإستراتيجية مع إسرائيل, والكلام لن يكون سوى في إطار الشعارات والمزايدات واللعب بالعاطفة وكذلك الدعاية الانتخابية لحزبها في الداخل. لكن الذي يثير الدهشة هو هذا التطبيل والتهويل من قبل البعض في الإعلام العربي وكيل المديح لأردوغان وموقفه في دافوس والذي كان انسحابه بسبب عدم السماح له بالكلام واختصار الوقت وليس بسبب حرب غزة, وإذا كان أردوغان بالفعل حريصا على الشعب الفلسطيني لماذا لا يقوم  بقطع علاقاته مع المحتل الإسرائيلي؟!
إن الحلم بسلطنة عثمانية جديدة على أنقاض هذا الكم من التناقضات في السياسة التركية يبدو مستحيلا وليس هذا فقط , بل سوف تكشف يوما بعد يوم الوجه الحقيقي لهذه الأقنعة المزيفة والتي تتفنن في وضعها دولا أخرى مثل إيران التي تقمع شعوبها( من عربية, كردية, أذرية..) وتنفق الملايين لدعم أجندتها الإقليمية لحساب مصالحها ورهاناتها واتفاقياتها على حساب دماء الآخرين, وتحتل جزرا عربية(الإمارات) وتهددهم دائما (دول الخليج العربي), وبالمقابل تقدم نفسها بصورة المخلص والحريص والصديق للعرب والمدافع عن قضاياهم المصيرية, فكيف يكون ذلك؟؟ اعتقد بأن سياسة النعامة لن تمر بهذه البساطة على شعوبنا التي تعلم كل شيء في هذا العصر المتطور من التكنولوجيا والإعلام وسرعة إيصال ومعرفة الخبر.
© منبر الحرية، 26 فبراير/شباط 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

إن الرهانات الدولية في ظل العولمة أضحت مرتبطة بشكل أقوى بالقضايا الاجتماعية, وأقل تفاعلاً مع الاستراتيجيات السياسية والعسكرية, والفاعلون الاجتماعيون أكثر حضوراً على الساحة الدولية حيث المجال الدولي لم يعد حكراً على الحكومات وحدها, بل هو فضاء عمومي تتداخل فيه كل من الحكومات والأفراد والمنظمات غير الحكومية, والذي يعبر عن نوع من التصالح ما بين الإنسانية والواقع الدولي.
وهناك منظور جديد للأمن بدأ يفرض نفسه متجاوزاً الإعتبارات الترابية والإقليمية والعسكرية, فالتحديات الجديدة جعلت مفهوم الأمن شمولياً ومتعدد الأبعاد وأكثر التصاقاً بالحياة الاجتماعية, وهذا ما جعل برنامج الأمم المتحدة للتنمية يتبنى فكرة “الأمن الإنساني” فالأمن لم يعد يقاس بمدى تقليص التهديدات, بل بمدى الاستجابة للحاجيات الأساسية للإنسان.
ونتيجة للظروف الناتجة عن اختلال التوازنات الاجتماعية وتزايد الاعتماد المتبادل بين مختلف القطاعات الإقتصادية والإجتماعية, تم التعجيل بالتفكير في مبدأ إدارة شؤون الدولة والمجتمع كنمط لتجديد أساليب الحكم وتفعيلها بشكل أفضل من خلال صياغة أشكال جدية في المشاركة , قائمة على التضامن والنهوض بالاحتياجات الأساسية للمواطن.
ومن الواضح بقدر ما هناك قوة في طموحات المشاريع الكونية على كافة الصعد إلا أن هناك قصور _ إلى حد ما _ حين تتجسد في الواقع .
فعندما نتكلم عن المضامين الجديدة للأمن العالمي هناك كثير من التساؤلات تطرح:
تاريخيا هل تم تحقيق الأمن العالمي؟
المضامين الجديدة للأمن العالمي هل متفق عليها عالمياً ؟
هل يمكن مقابلة منظور السيادة الوطنية بمواطنية كونية شبه مكتملة ؟
وإذا كان هناك أنماط معقدة من أنسنة الواقع الدولي, فهل نكون قد انتقلنا من منظور كلاسيكي يدافع بقوة عن عدم التطابق بين حقوق الإنسان والسياسة الدولية إلى نوع من التجاوب الفعلي والمستمر وغير المستقر بينهما ؟
هل مرجعية المضامين الجديدة للأمن العالمي ستنمو بسرعة واقعية السياسة الدولية؟
عندما يتم التكلم عن المضامين الجديدة للأمن العالمي يجب علينا الأخذ بعين الأعتبار حالتين :
1- الأمن العالمي القائم على العلاقة بين الإنسان والطبيعة ( البيئة ) .
2- الأمن العالمي القائم على العلاقة فيما بين الإنسان وأخيه الإنسان من جهة والدول فيما بينها (الأمن السياسي) من جهة أخرى .
فيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة هناك تحديات تواجه الأمن العالمي, وقد يكون التضامن العالمي لإيجاد حلول لمواجهة التحديات في هذا الصدد أكثر إمكانية منه على صعيد الأمن السياسي بين الدول. والعقد الاجتماعي هو أساس شرعية القانون في المجتمعات البشرية, وفي النظام الدولي التقليدي, الدول تتمتع بقدر من الحرية والسيادة, ولا توجد أي سلطة فوقها, ولا قانون دولي إلا ما تختاره على أساس اتفاقيات أو معاهدات تم مناقشتها بحرية تامة أو أعراف تم قبولها ضمنياً, فحرية الدولة لا تحدها سوى حرية الدول الأخرى, وإذا كانت الحالة الطبيعية قد تم تجاوزها في النظام الداخلي فليس الأمر كذلك في النظام الدولي حيث القوة هي المقياس الوحيد للتصرف, على الرغم من أن الأمور قد تغيرت مع ظهور المنظمات غير الحكومية إلا أن علاقة القوة داخل هذه المنظومة ستبقى موجودة.
وإذا كان هناك حرص على المصلحة والسلطة والأمن القومي, إلا أنه على الجانب الآخر هناك تشديد على الحق والعدالة ومراقبة الحكام والتركيز على حقوق الإنسان, وهذا ما نجده في الصراع الفكري التاريخي بين هوبز الذي يرفض منح حقوق الإنسان أي اعتبار دولي باعتبار الأمن القومي هو وحده الذي يمنح المعنى للمصالح الوطنية. وبين غروسيوس الذي كان مناصراً للمواطنة العالمية ولنظام عادل يسمو فوق كل السلطات والسيادات.
على صعيد المضامين الجديدة للأمن العالمي هناك إشكالية على مستوى تأقلم الضوابط القانونية مع القضايا أو المشكلات العارضة, فكيف يتم معالجة قضايا في ظل غياب قواعد قانونية تضبط هذه الأوضاع العارضة, مثل قضية اللحوم الملوثة هرمونيا التي انقسم حولها الرأي العالمي بين الولايات المتحدة وكندا من جانب والمجموعة الأوروبية من جانب آخر.
هناك كثير من القضايا الشائكة التي تطرح علامات استفهام حول إمكانية الاتفاق عليها خاصة على الصعيد الثقافي , والخلاف الدائر ما بين منظمة الصحة العالمية ومصر حول ختان الإناث يعبر عن واقع هذه التناقضات, حيث تعارض منظمة الصحة العالمية هذه العملية من منطلق الدفاع عن حقوق الإنسان وتحديداً حقوق المرأة , بينما تدافع مصر عن موقفها من منطلق التمتع بالحقوق الثقافية الخصوصية للمجتمعات التي كرسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
الجانب الاستراتيجي والمصلحي ما زال فاعلاً وحاضراً بقوة, وكثيراً ما تتحول حقوق الإنسان إلى أداة لضغط الأقوياء على الضعفاء, وهو ما يخلق التداخل بين ما هو دولي وما هو إنساني, وبالتالي من الطبيعي أن ينعكس ذلك فيما بعد على الأمن العالمي.
إن الأمن العالمي التي بدأت تتضح معالمة يوماً بعد يوم يجعلنا أكثر تفاؤلاً بمستقبل التعاون الدولي, وسيبقى القانون الدولي دعامة لهذا المستقبل وهنا نتساءل :
كيف يمكن للقانون الدولي أن يتطور؟
هل يمكن للقانون الدولي أن يتطور إلا في ظل الحياد السياسي الذي يسمح له بالمحافظة على استقلاليتة ؟هل ذلك ممكن ؟ تاريخياً هل تم تحقيق ذلك؟
© منبر الحرية، 18 فبراير/شباط 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

تراجعت شعبية التنظيمين الإسلاميين، حماس وحزب الله، في أوساط البلدان ذات الأغلبية المسلمة، رغم وجود بعض الجيوب التي تؤيد كل من التنظيمين في الشرق الأوسط.
ففي استطلاع للرأي أجراه مشروع غلوبال آتيتديودز التابع لمركز أبحاث بيو Pew Research Center   في الفترة بين الثامن عشر من مايو (أيار) والسادس عشر من يونيو (حزيران) من عام 2009 الماضي، لقيت حركة حماس، بعد مرور أربعة أعوام على فوزها بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية، استحسانا أو تقييما إيجابيا نسبيا بلغ (56%) في الأردن، و(52%) في مصر. أما الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، فكانت نسبة تأييدهم لحركة حماس أقل من ذلك، حيث ارتفعت نسبة المتحفظين على حماس في الأراضي التي تسيطر عليها هذه الحركة، ففي غزة كانت نسبة المؤيدين لحماس من المستطلعة آراؤهم 37% فقط، مقارنة بنسبة 47% في الضفة الغربية.


كما أظهرت نتائج الاستطلاع نسبة محدودة جدا من التأييد لتنظيم حزب الله اللبناني الشيعي، فبينما أيد معظم الفلسطينيين (61%) وحوالي نصف الأردنيين (51%) حزب الله وكانت لديهم آراء إيجابية تجاهه، كانت هذه النتائج أقل إيجابية في مناطق أخرى، حيث بلغت نسبة المؤيدين لحزب الله في مصر (43%) فقط، وفي لبنان (35%). فكما هو الحال في التعاطي مع العديد من القضايا في لبنان، تباينت الآراء حول حزب الله كثيرا بحسب الانتماءات الدينية: فجميع اللبنانيين الشيعة تقريبا (97%) قدّموا آراءً إيجابية تؤيد حزب الله، أما المسيحيون فبلغت نسبة المؤيدين منهم لحزب الله (18%)، وبلغت نسبة اللبنانيين السُنّة (2%) فقط.
وفي تركيا، اختلفت النسب تماما، حيث أظهر الأتراك رفضا كبيرا للمجموعتين – 5% فقط من الآراء الإيجابية لحماس و3% لحزب الله. كما أن سكان عرب إسرائيل لم يظهروا استجابات عالية لا لحماس ولا لحزب الله، فقد حصلت الأولى على 21% فقط من التأييد، وحصل الأخير على 27%. وفي خارج منطقة الشرق الأوسط، كان العديد من المستطلعة آراؤهم في الباكستان، واندونيسيا، ونيجيريا، لم يتمكنوا من تقديم أي رأي حول هذين التنظيمين.
لم يكن هذا الفتور في تأييد الجماعات الاسلاموية بين الشعوب المسلمة منافيا أو مختلفا عن نتائج الاستطلاعات الأخرى التي قامت بها غلوبال آتيتديودز في السنوات القليلة الماضية، والتي أظهرت جميعا تراجعا في التأييد الشعبي للتطرف والتفجيرات الانتحارية بين أوساط الشعوب المسلمة. كما أن هذه الاستطلاعات نفسها أشّرت تراجعا ملحوظا في الثقة بأسامة بن لادن. فضلا عن ذلك، فإن استطلاع غلوبال آتيتديودز في الباكستان، وهو بلد يرزح الآن تحت وطأة العنف والتطرف — لعام 2009 قد كشف عن وجود رفضا متناميا للقاعدة ولطالبان على حد سواء.
كما أن نصيب القادة السياسيين المسلمين الذين شملهم الاستطلاع من التأييد لم يكن كبيرا هو الآخر، باستثناء الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان الأكثر شعبية. حيث حصل على نسبة تأييد (92%) في الأردن، و (83%) في مصر، وقالت الأغلبية أن لديهم ثقة بأن العاهل السعودي سيقوم بالشيء الصحيح في الشؤون العالمية. كما تلقى الملك نسبا ايجابية عالية نسبيا حتى خارج منطقة الشرق الأوسط، في باكستان 64% وفي إندونيسيا 61%. لكن العاهل السعودي لم يتلق نسبا عالية في تركيا حيث أعرب 8% فقط من الأتراك عن ثقتهم به. غير أن شعبيته بشكل عام قد تراجعت عما كانت عليه عام 2007.
على صعيد آخر، حصل قائد حزب الله حسن نصر الله على آراء إيجابية أقل. فقد عبّر 37% فقط من اللبنانيين عن ثقتهم بنصر الله، ولكن شيعة لبنان قد أعربوا وبالإجماع تقريبا، عن ثقتهم به (97%). كما حصل نصر الله على تأييد عال نسبيا في الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في الضفة الغربية، حيث قال 71% من المستطلَعين أنهم يعتقدون أن نصر الله سيفعل الشيء الصحيح في الشؤون الدولية.
وتراجعت الثقة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس منذ عام 2007، وعلى الأخص في البلدان المجاورة. ففي مصر، مثلا، حصل عام 2009 على نسبة 33% بينما كان قد حصل على نسبة 67% عام 2007، وفي الأردن حصل على 33% عام 2009 وكان قد حصل فيها على نسبة 53% عام 2007. وتراجعت نسبة تأييد عباس بين الفلسطينيين بشكل عام (من 56% عام 2007 إلى 52% عام 2009، وقد تراجعت هذه النسبة بشكل حاد بين أهل غزة حيث كانت 69% وأصبحت 51%.
أما الزعيمين الأفغاني حامد كارزاي والإيراني محمود أحمدي نجاد، فحتى قبل انتخابهم المصحوب بالكثير من الجدل العام الماضي، فلم يتمتعا بشعبية تُذكر في البلدان المسلمة التي أجري فيها الاستطلاع. كانت أعلى نسبة حصل عليها أحمدي نجاد هي في الأراضي الفلسطينية (45%) وفي اندونيسيا (43%). ولم يحصل كارزاي على ثقة  بنسبة 40% في أي بلد من البلدان المستطلعة، ففي الباكستان حصل على 10%، وفي تركيا 7%، وفي لبنان 7% فقط.
وكما ذكرنا آنفا، تراجع تقييم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بشكل عام في السنوات الأخيرة، حيث تلقى تأييدا قليلا بين أوساط المسلمين. ولكن 51% من الفلسطينيين أعربوا عن ثقتهم به، أما في نيجيريا فقد حصل على نسبة 54% من مسلمي البلد. في الباكستان، حيث يعتقد الكثيرون أن بن لادن مختبأ ً، لم يحصل على أكثر من 18% من التأييد. أما نسبة تأييده في تركيا فكانت 3% وفي لبنان 2% فقط.

أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فعلى الرغم من أن النسب التي حصل عليها هي أعلى من نسب تأييد الرئيس السابق جورج بوش، إلا أنها تراجعت أيضا. حيث أن 33% فقط في تركيا أعربوا عن ثقتهم به، ولكن هذه النسبة لا تزال أعلى من النسب التي حصل عليها محمود عباس، وحسن نصر الله، والملك السعودي، وأحمدي نجاد، وحامد كارزاي. ولا يزال الرئيس الأمريكي يتمتع بشعبية واسعة بين الشعوب ذات الأغلبية المسلمة، ولا سيما في اندونيسيا، حيث عاش عدة سنوات من طفولته، حيث 71% من الاندونيسيين المستطلعين عبروا عن ثقتهم به. وحصل أوباما على نسبة 81% بين مسلمي نيجيريا، و69% بين عرب إسرائيل، و65% بين اللبنانيين السُنّة.
* للإطلاع على تفاصيل الاستطلاع الأخرى أنظر:
www.pewglobal.org
© منبر الحرية، 10 فبراير/شباط 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

تخبو حدة المواجهة الفلسطينية الاسرائيلية ثم لا تلبث وأن تنفجر. اخر الحروب هي حرب غزة، ولكنها ليست الاخيرة.  ففي فلسطين يتواجد خمسة ملايين ونصف انسان عربي فلسطيني على الارض وذلك بالاضافة الى ملايين الفلسطينيين( بحدود الخمسة ملايين) الذين شردوا من بلادهم على مدى الستين عاما الماضية. يعيش في الضفة الغربية اكثر من مليونان ونصف فلسطيني بينما يعيش في غزة مليون ونصف في حالة حصار، و يعيش مليون وثلاثمائة الف فلسطيني عربي في اسرائيل الرسمية ويعدون مواطنون اسرائيليون( ناقصي الحقوق الوطنية والانسانية). ولو نظرنا لحالة الانسان العربي في فلسطين لوجدنا ان الذي يربط فلسطينيوا غزة بالضفة واسرائيل بفلسطينيي العالم هو الاضطهاد والشعور بالخسارة التاريخية للارض امام الة عسكرية اسرائيلية تسعى لاحلال مستوطنين يهود مكان سكان البلاد الاصليين، كما وتسعى لافقار ومحاصرة سكان البلاد الاصليين في احزمة من البؤس والفقر.  أن اساس الحركة الصهيونية لازال كما كان في السابق:  اخذ الارض من اصحابها والقيام بتهجيرهم الى مناطق عربية اخرى.
الحالة الاسرائيلية التي تمارس الاحتلال والحصار و المتواجدة على ساحل فلسطين و المتفوقة عسكريا علي العرب هي اقرب للحالة الاوروبية من حيث الدخل وقوة الطبقة الوسطى والامتيازات والاقتصاد والعلم الحديث وطريقة الحياة والرفاه.  من جهة اخرى نجد ان عالم الفلسطينيين يتكون من اسلاك شائكة وحياة شائكة، مناطق فقر وحصار وانتهاكات يومية وقمع واعتقال . في هذا يعيش الشعب الفلسطيني حالة فصل عنصري تفرضه أسرائيل في الحياة والامن وفي العمل والاقتصاد والاحتلال وطريقة الحياة  كما ويعزز هذا الفصل جدار كبير لم تجرؤ حتى جنوب افريقيا في السابق على تشييد مثيل له. ويقوم بحماية نظام الفصل العنصري الجيش الاسرائيلي بالاضافة الى نصف ميلون مستوطن وضعتهم اسرائيل في كل من القدس الشرقية والضفة الغربية  المحتلة.  من هنا ظلامية الموقف الراهن وصعوبته.
ان وضع كهذا قابل للاشتعال في اي وقت. صراع البلدين في بلد واحد او الشعبين في ارض واحدة متداخل مع صراع التحرر من الاحتلال. هذه مواجة بين الخمسة ملايين فلسطيني المتمسكين بالارض وهم يعيشون عليها وليس خارجها وبين الخمسة ملايين يهودي اسرائيلي الساعين لاخذ الارض وتهويدها.  هذا الصراع لم يتوقف ليوم في المائة عام الاخيرة ولكنه بالتأكيد لن يتوقف في العقدين او الثلاثة القادمين.
ان التركيز الكبير في الخطاب العربي على خلاف فتح مع حماس لا يغير من ان فتح وحماس تعبير لحركة مجتمع عربي مضطهد يواجه سياسة حصار وأقتلاع بوسائل مختلفة.  ان أسرائيل في وضعها الراهن ليست مستعدة للسلام مع الفلسطينيين  وذلك لانها تعرف جيدا ان السلام سيجعلها تدفع ثمنا لا تقوى الصهيونية على دفعه، أسرائيل لن تتخلى الان عن الاستيطان  وهي لن تتخلى عن النصف مليون مستوطن في القدس والضفة الغربية، كما انها غير قادرة على التعامل مع الفلسطينيين بعدالة و مساواة بما يعني ذلك من تعامل مع مشكلة اللاجئين بجدية ومسؤولية.  كما ان اسرائيل تواجه تحديا حقيقيا في مقدرتها التعامل مع يهود العالم، اذ تنظر اليهم بصفتهم مشروع هجرة وتجنيد للجيش وقتال ودعم مالي لبناء مزيد من المستوطنات في اراضي عربية محتلة.
لهذا من الصعب في هذه المرحلة الاجابة على السؤال: هل تقوم دولة فلسطينية أم دولة واحدة ديمقراطية لجميع الديانات، فالاجابة الان على السؤال: لا هذا ولا ذاك.  ان الامر الاساسي الان هو في كيفية تحدي الاحتلال والحصار والسعي لبقاء الفلسطينيين على الأرض في ظل تنمية المجتمع الفلسطيني. شعار اليوم هو المقاومة. لكن المقاومة لا يشترط ان تكون عسكرية، فأشكالها كثيرة وطرقها عديدة، وهي تعني في الجوهر تحدي التمدد الاسرائيلي وايقاف سعيه لابتلاع الارض وطرد السكان ومحاصرتهم مع العمل على تنمية قدرات المجتمع الفلسطيني ومؤسساته .
ان السلام لن يكون ممكنا بلا تغير كبير في المجتمع الاسرائيلي والرأي العام الاسرائيلي لصالح الاقتناع بأن مستقبل اسرائيل غير مضمون وغير ممكن في ظل الحرب والاحتلال.  ان مستقبل  إسرائيل الآمن يتطلب تغير جوهري في العقيدة الصهيونية تؤدي إلى مصالحة تاريخية تقوم على الحقوق والاعتراف بما قامت به الصهيونية بحق سكان البلاد الاصليين من العرب الفلسطينيين، لكن هذا سيتطلب من اسرائيل التعامل مع القضايا الحقوقية الاساسية الخاصة بالفلسطينيين كما حصل مع مجتمعات كثيرة تحررت من الاحتلال وكما حصل في جنوب افريقيا.  سيتطلب الامر صراعا مريرا قبل وصول الشعب الاسرائيلي لنتائج من هذا النوع.
المصدر: الأوان بتاريخ 08 فبراير 2010.
© منبر الحرية، 08 فبراير/شباط 2010

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

الموقف الإيراني الدولي ينفخ في جذوة الخلافات العربية  المشتعله بين الحين والآخر بتصريحات تستفز الجانب العربي في مغازلة للإدارة الأمريكية الجديدة، هدفها الرهان على ردود أفعال كلا الطرفين .
هذه الحالة من التناغم و التنافر في العلاقات الإيرانية العربية نغمة ليست جديدة الإيقاع على هذه العلاقة الإجبارية الأزلية بين الطرفين، و لكنها أصبحت نغمة أكثر حدة و توتر في ظل التصعيد الإيراني لمناقشة ملفات لا حاجة لفتحها في الوقت الراهن، و التدخل المقصود في  الأزمات العربية التي لعبت إيران دور كبير في تفاقمها، بل و كان لها دور أكبر في نشوب بعضها من الأساس ،   بالإضافة لسياسة افتعال الأزمات وحرب الحناجر التي تنتهجها إيران بحدة مع الجانب العربي في الفترة الأخيرة .
لماذا صرحت إيران منذ عدة أشهر على لسان مستشار بارز لآية الله على الخامنئي أن البحرين المحافظة الإيرانية الرابعة عشر ؟
لماذا تصعد هذا الملف المفتوح منذ عام 1970 و له سوابقه التاريخيه حسب الزعم الإيراني؟، وما معنى التلويح لدول الخليج بالصمت إزاء هذه القضية حتى تسقط إيران من حساباتها المطالبة بحقها في الجزر الإماراتية الثلاث في الوقت الحالي ؟
لماذا جاء رد الفعل المغربي عنيفاً واستثنائياً  في دعمه للمنامة ؟
ماذا تعني الزيارات المعلنة وغير المعلنة للرئيس العراقي جلال طالباني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد ؟
لماذا تدعم إيران البشير ؟
هل المنافسة غير المعلنة بين أحمدي نجاد وشمعون بيريز للتغلغل في أمريكا اللاتينية تعد دليل على نجاح السياسة الإيرانية في تحقيق أهدافها؟ وهل ثمة تهديد للمنطقة إذا صحت هذه الفرضية؟
الامتداد الشيعي في الدول العربية يمثل بيت القصيد في التوتر العربي الإيراني. والهاجس التاريخي هو الخلفية التي تستند عليها إيران في التبرير لأطماعها في الجزيرة العربية التي كانت تحت النفوذ الفارسي ثم استقلت عنه منذ أربعة قرون تقريباً حيث استولى عرب عتبة- آل خليفة- على الجزيرة، وطردوا الفرس منها واستقلو في حكمها .
و السؤال الذي يطرح نفسه منذ حرب تموز 2006 في جنوب لبنان و تصاعدت حدته بعد حرب غزة لماذا الآن تفتح هذه الملفات القديمة  ؟
الحقيقة أنه كما أشرنا آنفاً فمغازلة البيت الأبيض في ثوبه الجديد هي اللعبة النارية  الإيرانية الجديدة،  لكن اللعب بالنار لابد أن يؤذي في أقل خسائره المحتملة  أصابع من يحمل جذوتها ، لكن إيران ترى أنه قد حان وقت إعادة التوازنات في القوى السياسية في المنطقة العربية مهما كان الثمن المبذول لذلك .
وفيما يبدو فمساعي إيران لذلك ستؤتي ثمارها، فحضور إيران مؤتمر دولي حول أفغانستان بدعوة من واشنطن، ومن ثم سعيها للتفاوض معها بالرغم من التعنت البادي في الموقف الإيراني تجاه الملف النووي و عدم التزامها بقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير،  يعني أن إيران استطاعت أن تمتلك أوراق ضغط جيدة لتسوية الملفات المفتوحه بينها و بين أمريكا. وإذا أحسنت استغلالها فور جلوسها على مائدة المفاوضات ، وفي ظل حالة الانقسام العربي تجاه التعامل مع الملف الإيراني وعدم وجود أجندة عربية موحدة من الأصل للتعامل مع القضايا العربية المشتركة أو مواجهة الأطماع الدولية، فسيظل التخوف من تسوية الملف الإيراني الأمريكي على حساب إعادة توازنات القوى في المنطقة لصالح إيران قائماً، والمد الشيعي في المغرب و العراق ومصر والسودان سيلعب دوراً أكثر خطورة في حرب طائفية إيرانية عربية عربية لن يسلم من نيرانها أحد، وستكون الأخطر على أمن المنطقة، ومما لا يخفي على أحد أن  تاريخ الحروب المذهبية دائماً هو الأعنف منذ عرفت الأرض لغة القوة .
لذا نجد المغرب وهي ليست دولة من دول الجوار الإيراني ولا مستهدفة في طموحاتها الاستعمارية ولا توازناتها الدولية، تأخذ موقفاً معادياً لها بقطع العلاقات بين البلدين في رسالة تحذير ليس المقصود بها إيران وحدها، ولكنها أيضاً تحمل في طياتها رسالة  قوية وجهتها الدولة المغربية لنشطاء التيار الشيعي بالمغرب وحتى داخل الجاليات المغربية المتواجدة في أوروبا .
والتخوف المصري من المد الشيعي الذي أعلن عنه الشيخ يوسف القرضاوي منذ عدة أشهر، وتصاعد حدة لهجة الخطاب السياسي بين إيران الشيعية،  و السعودية  السنية، و الدعم الإيراني للشيعة في العراق، و لكل الفصائل المسلحة المعادية للحكومات يبدو جلياً في لبنان  و فلسطين، ورأينا ثمرة هذا الدعم في حرب  حزب الله الأخيرة في جنوب لبنان و حرب غزة الأخيرة مع إسرائيل  بدعم إيراني لحماس.
فإلى متى ستظل إيران تلعب دور نافخ الكير في المنطقة  ساقطة من حساباتها  دماء آلاف الضحايا من المدنيين؟
إلى أي مدى يمكن للهاجس الشيعي الإيراني أن يشعل فتن طائفية داخل الدول لتتحول لمذابح كبرى ؟
و هل هذا كله من أجل استعادة الإمبراطورية الساسانية في إطار جديد لنموذج فارسي أكثر تطوراً يحمل كل وسائل التكنولوجيا ويسعى للتفوق في امتلاك كل أسلحتها ؟
إلى أي مدى  سيمتد الهاجس الطائفي و التاريخي الفارسي الشيعي  ليلتهم كل الأعراف والقواعد الإنسانية و احترام المذاهب  المفروض بين الدول الإسلامية ؟
© منبر الحرية، 03 فبراير/شباط 2010

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018