peshwazarabic

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

هل هبط الدولار أم صعد اليورو؟ ذلك، من غير ريب، هو الشيء نفسه والذي يتم النظر إليه من جوانب مختلفة. ولكن، قد يتم في أحيان كثيرة جدا النظر إلى الموضوع من مجرد جانب واحد. فعند النظر إلى عملة الدولار الأمريكي وحدها فسوف يقوم الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين بإلقاء اللوم على بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بخصوص خفض أسعار الفوائد. ولكن، عندما يتم النظر من الجانب الآخر، قد يتساءل المرء لماذا لم تقم بنوك مركزية أخرى بخفض أسعار فوائدها.

لا تعتبر العملة الصاعدة بحكم الضرورة علامة تشير إلى وجود قوة اقتصادية. فقبل وأثناء الكساد الاقتصادي الذي حدث في العام 2001، قام الدولار الأمريكي بالصعود بشكل حاد. وبدءا من شهر آذار 2000 ولغاية كانون الثاني 2002، كان المؤشر التجاري المرجح لقيمة الدولار مقابل 26 عملة قد صعد بنسبة وصلت 10.5 % بينما كان سوق الأسهم والاقتصاد في حالة تعثر.

وفي الرسم البياني الذي تم عرضه في صحيفة “الايكونوميست”، العدد 5–11 آب 2007، تم الإثبات بأن “الدول التي كانت عملاتها قد كسبت الكثير ]مقابل الدولار[ هي اقتصادات ذات عملات أسعار فوائدها مرتفعة مثل تركيا والبرازيل ونيوزيلندا، أو أنها دول منتجة للسلع مثل كندا، أو مزيج من كليهما مثل أستراليا”.

قد تقوم أسعار الفوائد المرتفعة بدعم عملة معينة لمدة وجيزة من خلال جذب “أموال هاربة” دولية. إلا أن أسعار الفوائد المرتفعة بإفراط، كتلك الموجودة في تركيا والبرازيل، تعتبر من الناحية النموذجية أحد أعراض السياسة النقدية المعرضة للتضخم التي تتطلب علاوة شديدة المخاطر.

وفي كندا، كان الصعود المذهل في الدولار الكندي قد ارتبط بشكل وثيق بأسعار النفط أكثر من ارتباطه بأسعار الفائدة بالرغم من أن بنك كندا قام فعلا برفع أسعار الفوائد في شهر تموز، تماما قبل أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي بتحريك أسعار الفائدة نحو الهبوط.

وفي الوقت الذي تكون فيه أسعار النفط والذهب تحلق عاليا، سيكون بإمكان مصدري النفط والذهب—مثل كندا—أن يقايضوا سلعهم مقابل تكنولوجيا وخدمات أمريكية إضافية. مثل هذه “الشروط التجارية” المحسنة سوف تعمل على صعود الطلب العالمي بالنسبة لموجودات دول منتجة للسلع، ووفقا لذلك، على صعود عملاتها.

وبطريقة مماثلة، تقوم عملات الدول المصدرة للسلع بالهبوط عندما تهبط أسعار تلك السلع. فعندما هبطت أسعار النفط في أوائل العام 1986، وفي أواخر العام 1998، وفي العام 2001، هبط الدولار الكندي بدرجة كبيرة، حتى وإن كانت أسعار فائدة البنك المركزي السائدة في كندا أعلى منها في الولايات المتحدة.

ماذا عن اليورو؟ في الوقت الحالي، تعتبر أسعار الفائدة التي قام البنك المركزي الاوروبي بتحديدها هي تقريبا نفسها كما في الولايات المتحدة. إلا أن ذلك يشكل أمرا جديدا تماما. وبعد شهر حزيران 2006، توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة، لكن البنك المركزي الأوروبي استمر في دفع أسعار الفائدة نحو الصعود. ونتيجة لذلك، ضاقت الفجوة بين أسعار الفائدة الأمريكية والأوروبية في أول الأمر، ثم بعد ذلك اختفت لدى قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالإراحة. وبشكل لا يبعث على الذهول، قام اليورو بالصعود.

وقد عمل الصعود الأخير في اليورو على إشراك أعمال مراهنات على توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يقوم قريبا بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، بل أيضا بأن لا يحذو البنك المركزي الأوروبي حذوه. ومع ذلك، كان البنك المركزي الأوروبي على الدوام يقوم باتباع حركات أسعار فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي بالرغم من كونها حركات بطيئة تماما. ولم يقم البنك المركزي الأوروبي بالبدء في خفض أسعار الفائدة لغاية شهر أيار 2001، أي بعد قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بذلك بخمسة شهور. ولم يقم البنك المركزي الأوروبي بوضع أسعار فائدة فوق نسبة 2% لغاية شهر كانون الأول 2005، أي بعد قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بذلك بسنة واحدة.

وفي الأحداث التي وقعت في الماضي بخصوص أسعار النفط المرتفعة في الأعوام 1974 و1980 و2000، قامت كافة البنوك المركزية الكبرى برفع أسعار فوائدها بشكل جماعي. وكان ذلك ينتهي على الدوام بحدوث كساد عالمي، يعقبه وبشكل متأخر، حدوث تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة. وبعد الارتفاع الحاد في النفط في الفترة الممتدة ما بين شهر آب وتشرين الثاني 1990، عندما كان سعر الفائدة على أرصدة البنوك فوق 8%، أخفق البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بشكل كبير إلى ما بعد سنة واحدة من انتهاء الكساد.

يجب على أولئك الذين يطالبون بأسعار فائدة بنوك مركزية مرتفعة عند ارتفاع أسعار النفط أن يدركوا بأن مثل تلك السياسات قد أدت في الماضي إلى أسعار فائدة تراوحت ما بين 1%–2% بعد سنتين أو ثلاث سنوات (وكانت على سبيل الجدال منخفضة جدا ومتأخرة جدا) من حدوث انتكاسات صناعية عالمية خفضت أسعار النفط تخفيضا شديدا.

وفي هذه المرة، كان بنك الاحتياطي الفيدرالي هو السبّاق في التخلي عن توجه قديم واهن، وبشكل أحادي الجانب. وكان ذلك قد أثر بشكل واضح على أسعار الصرف. وبالرغم من ذلك، فان هذا لا يعني بالضرورة بأن هناك بنوك مركزية أخرى قامت باتباع مسار أكثر حكمة وعقلانية.

هناك جانبان لكل سعر صرف عملة. وربما قد حان الوقت بالنسبة للجانب الآخر، وبشكل بارز من جانب البنوك المركزية في أوروبا وكندا والمملكة المتحدة لكي تقوم بأخذ دورها في خفض أسعار فوائدها حتى وإن قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بعدم المشاركة بذلك.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 5 شباط 2008.

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

يصيب الجوع المزمن حوالي 850 مليون شخص في العالم، بينما يتسبب الجوع والفقر معاً بحصد أرواح 250 ألف شخص يومياً. لتذكيرنا بهذه المأساة غير المقبولة، قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بالاحتفال بيوم الغذاء العالمي الشهر الماضي رافعة شعار “حق الحصول على الطعام”.

لكن، كان يجب على المنظمة التركيز على الحقوق التي تهم “المزارعين الذين لا يملكون أراض وسكان الأحياء الفقيرة في المدينة والأشخاص شديدي الفقر” وإعطاؤهم حق التملّك ونقل الملكية والحق بالمتاجرة بحرية محلياً وعالمياً.

النوايا الحسنة ليوم الغذاء العالمي فشلت في تحديد الأسباب الحقيقية للجوع، والمجاعات والفقر. وتساءل المدير العام للمنظمة جاك ديوف “إذا كان عالمنا ينتج طعاماً كافياً لإطعام جميع السكان، فلماذا هناك 854 مليون شخص لا يزالوا ينامون ومعدهم فارغة؟” الجواب هو سياسات الحكومات الهدّامة.

باسم المزارعين الذين يعيشون حياة الكفاف والجائعين، قامت حكومات كثيرة بالسيطرة على الزراعة فقط لتدميرها وتركها بلا أرباح. هيئات تسويق الغذاء والعوائق التجارية لحماية الإنتاج الوطني والتعرفة الجمركية العالية كلها جعلت المزارعين أشد فقراً وقللت المحاصيل الزراعية وآذت المستهلكين.

تمنع هذه العوائق المزارعين من بيع إنتاجهم بربح، وبالتالي تجعل كلاً من المزارع والمستهلك يعانون من الجوع. أثناء أزمات الغذاء والمجاعات، يصبح الضرر الذي تسببه العوائق الاعتباطية على الصحة والحياة واضحاً. أثناء المجاعة التي حدثت في كينيا السنة الماضية، كانت المحاصيل ذات وفرة في الجزء الغربي من البلاد، بينما كان الناس متضورين جوعاً في الشمال. هذا شيء ليس نادر الحدوث، وللأسف سيتكرر إلى أن يُسمح للأسواق بالعمل وأن تتحرر من سياسات الحكومات.

كما أن العوائق التجارية تمنع المزارعين من الوصول إلى التكنولوجيا الزراعية، كالمبيدات والسماد والبذور المهجنة التي يمكنها أن تحد من العمل الشاق إلى حد كبير وتحسين المحاصيل الزراعية. ففي الموسم الزراعي الواحد يستغرق المزارعين الموجودين في جنوب الصحراء الكبرى ما بين 60 و120 يوماً لتنظيف الحقل من الأعشاب الضارة.

في الحقيقة، لا يوجد مكان يضع تعرفة جمركية لاستيراد المنتوجات الزراعية أعلى من تلك التي في جنوب الصحراء الكبرى حيث معدل ارتفاع الأسعار وصل 33.6%—أي بعيدة عن متناول من هم في أمسّ الحاجة إليها؛ وهم الـ70% من الناس الذين يعيشون من إنتاج الأرض.

يكلف السماد الإفريقيين ستة أضعاف السعر العالمي. قام رؤساء الدول والحكومات لأكثر من 40 دولة ممن هم أعضاء في الاتحاد الإفريقي بالموافقة على “إجراء فوري لإزالة الضرائب والتعرفات الجمركية عن السماد ومواده الأولية”، وذلك في قمة أبودجا في حزيران 2006. وقد مضى أكثر من سنة وما زال لا يوجد هناك أي تقرير يدل على التحسّن، وما زالت العوائق التجارية على كل المنتوجات من بين الأعلى في العالم.

يصيب الجوع كل قطاعات الحياة—من دون غذاء كاف، يصبح الناس غير قادرين على العمل وعلى تربية عائلاتهم وعلى الذهاب إلى المدارس، وأيضاً غير قادرين على مقاومة الأمراض. إن أفضل طريقة للوصول إلى الأمن الغذائي هي التأكيد على حرية الناس وحقهم في تأمين الغذاء لأنفسهم ولعائلاتهم. ويتوجب على الحكومات ليس فقط وقف التدخل بالزراعة ووهم الاكتفاء الذاتي، بل يجب عليها أيضاً أن تدرك أن الإنسان يكون أكثر قدرة ومسؤولية عندما يكون حراً.

الحق في التملّك وتبادل الأموال سيشجع المزارعين على استثمار وقت ومال أكثر في أرضهم. وسيزداد عدد المزارعين الذين يستخدمون التكنولوجيا الزراعية إذا كانوا واثقين من أنهم سيحصلون على عوائد من استثمارهم. التملّك الآمن للأرض سيتيح أيضاً للمزارعين أخذ قروض بنكية باستخدام أرضهم كضمان. هذا سيتيح لهم الاستثمار لتحسين عملهم الزراعي، للبدء بمشاريع جديدة أو ببساطة توفير الصحة الجيدة والتعليم والرفاه لعائلاتهم.

إن دعم حقوق الملكية وتمكين الناس من العمل في مشاريع من أجل بيع المنتجات والخدمات سيقلل من الجوع بشكل كبير. قد تبدو هذه السياسات غير مرتبطة بموضوع الغذاء، لكنها مرتبطة جداً بحريّات المزارعين لإنتاج الطعام وجني المال. وبالمقابل، فإن التدخل المستمر من الحكومات والوكالات العالمية ترك المزارعين جوعى وغير منتجين، مما يتسبب أيضاً بملايين الجوعى من الناس.

منظمة الأغذية والزراعة على حق عندما تقول “إنه على الحكومات خلق بيئات ملائمة وآمنة ومستقرة وحرة ومزدهرة، بحيث يقوم الناس بإطعام أنفسهم بكرامة”. لكن، هذا يعني زيادة سيطرة الناس على حياتهم وأرضهم وعملهم، دون سيطرة الحكومات.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 29 تشرين الثاني 2007.

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

تنزيل أغانٍ غير مرخصة من شبكة الإنترنت شيء رائع. الموت من دواء مزيّف ليس كذلك.

لكن، القرصنة وتطبيق القانون بشكل غير فعال يعطيانك شيئاً، وأيضاً يعطيانك شيئاً آخر—هناك حكومات كثيرة ومجموعات إنسانية ستقول لك إن هذا شيء جيد.

البرازيل وكينيا وتايلندا ومنظمتا “أكسفام” و”أطباء بلا حدود” ومنظمة الصحة العالمية يقولون إن براءات الاختراع تحرم الفقير من الأدوية المهمة، وإنه يجب إلغاؤها باسم الصحة العامة.

في الحقيقة، هذه الامتيازات هي التي جلبت هذه الأدوية إلى الوجود، بالإضافة إلى الملايين من المنتجات الأخرى، منها الرائعة ومنها العادية: شعار “المرضى قبل الامتيازات” سيؤذي الفقراء أكثر من غيرهم وذلك بحرمانهم من الاختراعات الجديدة.

لنقل إنك في فرقة موسيقية غير معروفة تعزف في الحانات. ألّفت بعض القطع الموسيقية التي أعجبت جمهورك. فجأة تم تسجيل أغانيك وترخيصها باسم شخص آخر من دون ذكر اسمك ومن دون أن يدفعوا لك مقابل التأليف. كيف ستشعر؟

لو كنت باحثاً أو اكاديمياً وقدّمت بحثاً في مؤتمر. وبعد بضعة أشهر، ترى دراسة منشورة في إحدى المنشورات تشمل أغلب ما قلته—منهجك العلمي والمعلومات والنتائج والاستنتاجات. كيف ستشعر؟

أنت اخترعت آلة يمكنها أن توفر في استهلاك الوقود ما نسبته 35%، وأنت تقوم ببيعها مقابل دولارات قليلة لأنه ليس لديك شبكة تسويق واسعة، أو لأنه ليس لديك القدرة على الإنتاج بكميات كبيرة. ثم، بعد بضعة أشهر، تجد آلتك مع بعض التغيير في التصميم والشكل الخارجي قد تم تسجيلها باسم شخص آخر، وبيعها بسعر عالٍ من دون ذكر اسمك. كيف ستشعر؟

كيف سيشعر المستهلكون عندما يحصلون على منتجات مزيّفة ومقلّدة؟ إذا اشتريت كتاب أو قرصاً مدمجاً غير مرخّص، واتضح أنه من نوعية سيئة، تكون فقط قد خسرت مالك. لكن، إذا اشتريت دواء غير مرخّص، فقد تخسر صحتك—وحتى حياتك.

اكتشفت كينيا هذا العام 20 ألف جرعة من دواء مزيّف للملاريا (ديو كوتكسين)، وهو واحد من أدوية كثيرة مزيّفة في سوق خارج عن السيطرة، حيث يموت 35 ألف شخص بسبب الملاريا سنوياً. الدواء المزيّف، وهو غالبا من الصين، لا يفشل في علاج المرض فحسب، بل يزيد من مقاومة الجسم للدواء، فيزيد حالة المرضى سوءاً.

تقول منظمة الصحة العالمية إن الدواء المزيّف الذي يباع في إفريقيا يصل إلى ما نسبته 30%، وإن تزوير الدواء هو تجارة عالمية يبلغ قيمتها 32 بليون دولار وفي نمو سريع.

كما أن الدول الفقيرة ليست الوحيدة التي تعاني. بعد عيد الميلاد المجيد من هذا العام، أصبحت مارشيا بيرجييرون الضحية الأولى في كندا لأدوية مزيفة تم شراؤها عبر الانترنت. حسب قول المحقق من مقاطعة بريتيش كولومبيا في سبب الوفيات المشتبه بها: الأدوية القادمة من أوروبا الشرقية تحتوي على الألمنيوم والزرنيخ.

وفي الولايات المتحدة، تسببت الأدوية المزيّفة لأمراض فقر الدم والسكري والكولسترول المطروحة في الأسواق في سحب كميات ضخمة من السوق في السنوات القليلة الماضية.

لكن الأطراف المذنبة ليست مجرد أشخاص يسعون للثراء السريع: الحكومات أيضاً لها صلة بالأمر. بعضها لا يحمي الملكية الفكرية والبعض الآخر يعاني من الفساد الكبير ولا يفرض قوانينه بالقوة، والبعض يقرر أنه سيخالف التراخيص ويصنع نسخه الخاصة.

تعتبر تايلندا منذ وقت طويل مأوى للتقليد التجاري وتنتج حقائب ماركة غوتشي وساعات رولكس مزيّفة. لكن، الحكومة أيضاً أصدرت رخص إلزامية لتقليد الأدوية الغربية المرخصة، مدّعية أن الفقراء بحاجة إلى أدوية رخيصة: واحدة من بين محاولاتهم لتقليد دواء للإيدز أدّت إلى زيادة مقاومة جسم المريض للدواء مما أذى المرضى وساعد على انتشار المرض.

والآن تقترح منظمة الصحة العالمية اتفاقية لإزالة الامتيازات من الشركات بحيث تسيطر الجهات الرسمية على الأبحاث والتطوير، وكل ذلك بحجة تخفيض الأسعار.

تحب الحكومات في أنحاء العالم أن تلعب دور البطل وذلك بالوعد بتخفيض الأسعار: بتحديد الأسعار أو بخرق الامتيازات، لكن، نادراً بتخفيض الضرائب!

تفرض جنوب إفريقيا ضريبة مبيعات مقدارها 14% على الأدوية، وفي إندونيسيا تصل الضرائب إلى أعلى من 20%، والموزع الحكومي في إثيوبيا يفرض “عادةً ما بين 20% و40% كمبلغ إضافي على سعر الجملة للأدوية المستوردة” كما تبيّن تقارير منظمة الصحة العالمية.

إذا أرادت حكومة ما تخفيض أسعار الأدوية، أو الأرُز، أو الملابس، أو السماد، أو ماكنات الزراعة أو أي شيء ضروري للحياة وللنمو الاقتصادي، فأول ما يجب فعله هو إزالة الرسوم على الواردات والضرائب عن المبيعات التي تضر الفقراء أكثر من غيرهم، وليس إزالة الامتيازات. فالعقود المدنية للملكية الفكرية، مثل سندات الملكية، تعزز التجديد والابتكار والنمو، بالإضافة إلى الحريات السياسية والشخصية.

يدّعي النشطاء بأن إلغاء تراخيص الدواء سيضر بالأخص شركات الأدوية الكبيرة—هذا صحيح، لكنّ الفقراء هم من سيتضرر أكثر من المنتجات السيئة ومن الركود الاقتصادي.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 14 تشرين الثاني 2007.

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

إن الهبوط العالمي في البورصة الصيف الماضي قد قضى على تريليونات من الدولارات. وقد كان أصحاب الأسهم الأغنياء الأكثر تأثراً، لذا انخفض عدم التكافؤ العالمي في الدخل بشكل كبير.

ومع هذا فإن فقراء العالم لا يحتفلون!

ولمَ لا؟ لقد أقلقت التباينات المرتفعة في الدخول المحللين عبر العالم لسنوات عديدة. وتنشر صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيات تعبّر عن قلق عظيم من نتائج مكتب إحصاء السكان الأمريكي بأن أجور الأغنياء في أمريكا ترتفع بشكل أسرع من أجور الفقراء.

ويخاف السياسيون الآسيويون من أن النمو السريع والتفاوتات المتزايدة في الدخول سوف تجعل التوترات الاجتماعية أكثر سوءً. ففي الهند، يبقى 300 مليون شخص فقراء حتى مع دخول عدد من الأشخاص في قائمة مجلة فوربز لأصحاب المليارات العالميين.

وتجد دراسة حديثة لبنك التنمية الآسيوي بعنوان “عدم التكافؤ في آسيا”، أن نيبال والصين قد شهدتا أعظم ارتفاع في حالات عدم التكافؤ في القارة. ويقول إفزال علي، كبير اقتصاديي البنك، إن التفاوتات المتزايدة في آسيا قد تؤدي إلى خلل في التماسك الاجتماعي وإشعال شرارة الحرب الأهلية.

إن الهبوط في البورصة يقدم تجربة طبيعية لاختبار هذه الدراسة. وبحلول منتصف شهر آب، خسر أغنى خمسة هنود بمجملهم أكثر من 10 مليار دولار. وبلغ مجموع خسائر جميع المساهمين الهنود 52 مليار دولار، وهو ما يساوي تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لبنغلادش. ولم يكن بإمكان حتى أكثر الضرائب “دراكونية” أن تقلص الثروة بهذه الدرجة.

ولكن هل يحتفل الهنود الفقراء؟ هل خفّف انخفاض معدل التفاوتات في الدخول من التوترات الاجتماعية وليّن الماويين الهنود أو جعل المسلحين في كشمير أقل تسلحا ورغبة في القتال؟

وقد قلص الهبوط في وول ستريت حالات التفاوتات في الدخول بين الولايات المتحدة وإفريقيا. فهل أصبح الإفريقيون أكثر سعادة أو أقل ميلا للنزاع المدني؟

وحتى افتراض هذا سيكون أمرا سخيفا. إلا أن المفهوم يتضمن تحليلا أكبر.

يعتقد كثير من المحللين أن المجتمع يصبح أسعد عندما تنخفض التفاوتات في الدخول ويصبح أقل سعادة عندما ترتفع هذه التفاوتات. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. ففي أوقات الركود الاقتصادي، تنخفض الأرباح بشكل أسرع من الأجور، لذا تتحسن التفاوتات في الدخل. لكن الفقراء لا يستمتعون بفترات الركود لأنهم لا يريدون أن يفقدوا وظائفهم. فهم يفضلون ازدهارا اقتصاديا عندما ترتفع الأرباح بشكل أسرع من الأجور على الرغم من أن التفاواتات في الدخل تزداد أيضا.

وفي الهند، تعتبر الولايات مثل بيهار وأوريسا فقيرة جدا بينما تعد ماهاراشترا وغوا ولايتين غنيتين. ولكن بينما يغتاظ الاقتصاديون من تفاوت الدخول، فإن فقراء بيهار وأوريسا لا يفعلون. فهم يعرفون أن آلامهم لا يسببها الأغنياء في الولايات الأخرى بل مالكو الأراضي المحليون والعصابات الإجرامية والسياسيون. ويقلق الفقراء من التفاوت في الدخول عندما تبقيهم الطبقات المحلية المسيطرة في الأسفل. ولكنهم لا يرغبون في إفقار الصناعيين في الولايات الغنية، بل يريدون فقط أن يصبحوا هم أنفسهم أغنياء. فأسواق البورصة تجذب الوظائف والاستثمار، لذا يرحب الفقراء بها.

إن جل ما يريده الفقراء هو فرصة للارتقاء. ويستطيع كثير من الهنود المدنيين الحصول على التعليم والكهرباء والاتصالات وقد جنوا مكاسب كبيرة. ولكن مئات الملايين يفنون حياتهم في القرى من دون مدارس محترمة أو مراكز صحية أو طرق أو كهرباء أو هواتف. ولا يمكنهم الوصول بسهولة إلى المحاكم أو الحكم الجيد.

ويصل معدل التغييبية 25% بالنسبة للمعلمين في الهند، والنسبة أعلى بالنسبة لموظفي الصحة. كما تعد النسبة الأعلى في المناطق القروية النائية: فلا يرغب أي معلم يعيش في المدينة بأن يوظف هناك. وتصل الأمية إلى 65%، ونصف أولئك الذين ينهون تعليمهم المدرسي يُعدون أميين فعليا. كما أن أربعة من كل خمسة أطفال يعانون من فقر الدم، هذا بالإضافة إلى انعدام الكهرباء أو وجودها بشكل متقطع بحيث أن أكشاك الإنترنت القروية تستمد الطاقة من ألواح الطاقة الشمسية.

وبعد عقود من الاستقلالية ومليارات الدولارات من الدعم الأجنبي، يبقى التكافؤ في الفرص حلما في معظم الدول النامية. ويكمن الخطأ في الحكومات ووكالات التنمية ولا يرتبط كثيرا بنشوء الطبقة الصناعية وشركات برامج الحاسوب.

إن دراسة بنك التنمية الآسيوي محقة تماما في استنتاج أن الحكومات الآسيوية يجب أن تفعل المزيد لتحسن تكافؤ الفرص. حيث أن الحرمان الفظيع من الوصول إلى المنشآت الأساسية على مستوى القرى يؤسس عدم تكافئ في الفرص ويحول دون ارتقاء الفقراء. وفي المناطق الحضرية، ازدادت الفرص على مر العقود وتحسن التطور الاجتماعي والدخل. ولكن التسهيلات في القرى—وبعض الأحياء الفقيرة في المدن—مثيرة للشفقة بحيث أصبحت هذه الأماكن أشراك للفقراء.

وإنني أشعر بغضب شديد لأن 300 مليون هندي يبقون فقراء. كما أشعر بغضب، ليس لأن بعض الهنود قد أصبحوا من أصحاب المليارات بل لأن كثيرا آخرين لم يصبحوا كذلك. ومثل الناس في أنحاء العالم، فإنني وأبناء بلدي لا نريد رؤية زوال الثروة. فما نريده هو فقط أن نصبح أنفسنا أغنى.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 31 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

ما هي أهمية الحرية بالنسبة للتجارة؟ من ناحية، إن الأشخاص في البلدان الحرة أغنى بشكل واضح من الناس في الاقتصادات ذات الحريات المقيدة، كما أظهرت الدراسات المكثفة للبيانات من 141 دولة والتي أجراها معهدا فريزر الكندي وكيتو الأمريكي. لقد أردنا أن نقيس في معهد بروني ليوني في إيطاليا مدى الحرية الاقتصادية التي يتمتع بها الإيطاليون مقارنة بالأوروبيين الآخرين. وقد كانت النتائج مذهلة: حيث أن معدل حرية الاقتصاد الإيطالي يبلغ نصف الحريات الاقتصادية التي يتمتع بها معظم الدول المتحررة في أوروبا في ثمانية قطاعات اقتصادية رئيسية وهي: الكهرباء والغاز الطبيعي والاتصالات ونقل السكة الحديد والنقل الجوي وخدمات البريد والمهن الحرة وسوق العمل. وتتلازم هذه النتائج مع الأداء الاقتصادي المتعثر والدخل الشخصي المنخفض: حيث يقل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في إيطاليا عن معدل المنطقة الأوروبية بما يزيد عن 2000 دولار.
وقد أظهرت دراستنا المفصلة أن القطاعين الأكثر تحررا في اقتصاد إيطاليا هما قطاع الكهرباء (بمعدل تحرر 72% مقارنة ببريطانيا) وقطاع النقل الجوي (بمعدل تحرر 66% مقارنة بإيرلندا). أما القطاعان الأقل تحررا فهما قطاع خدمات البريد (بمعدل تحرر 38% مقارنة بالسويد) وقطاع الاتصالات (بمعدل تحرر 40% مقارنة ببريطانيا). وتقع معظم القطاعات—أي خمسة من ثمانية—بين 40% و60%، مما يثبت أن إيطاليا قد نالت بجدارة سمعتها الاقتصادية بأنها مجرد دولة شبه متحررة.
لم تركز دراستنا فقط على عدد الشركات الموجودة في قطاع ما، إنما أيضا على ما إذا كانت الأسواق قابلة للتنافس، أي على ما إذا كان الدخول الحر إلى السوق أو الخروج منه يقيًدهما القانون. والتحدي الأساسي لتحرير السوق هو إزالة أي عوائق قانونية أو نظامية أو مالية تتعلق بدخول السوق. وفي حين يمكن أن تشير ظاهرة الشركات المسيطرة على السوق أو الأرباح الفائقة انعداما في التحرر، فقد تكون أحيانا نتيجة لعملية السوق ببساطة. فعلى سبيل المثال، ينشأ عادة احتكار مؤقت لأن الابتكارات التكنولوجية أو الإدارية أو المالية أو اللوجستية أو التصنيعية لشركة ما هي التي أنشأت السوق في المقام الأول. ولا تعد حصة السوق والأرباح التي تفوق المستوى الطبيعي قياسات تمثيلية جيدة للتنافس. فالسوق الحرة فعلا ليست السوق التي لا يوجد فيها احتكارات على الإطلاق. بل هي السوق التي يمكن فيها التغلب على الاحتكارات بوجود عروض أكثر تنافسية. وبكلمات أخرى، ما يهم فوق كل شيء ليس المنافسين الفعليين فحسب، بل المنافسة المحتملة أيضا. ويجب أن تكون العوائق القانونية لدخول السوق—أي القيود المفروضة على المنافسة الفعلية والمحتملة—محل تركيز لأي دراسة لتحرير السوق.
لماذا يعد تحرير السوق أمرا مهما جدا. لأن الأسعار يجب أن تُحرر حتى تقوم بعملها وهو: إخبار الحقيقة عن أحوال العرض والطلب. وبينما قد يكون أمرا مسلما أن التحرر يُخفض الأسعار ويحسن من حماية المستهلك، فذلك ليس الحال دائما. بالطبع ثمة أمثلة كثيرة—مثل النقل العام—حيث تكون الأسعار التي تحددها الدولة أقل بشكل زائف وحيث يمكن لتحرير السوق أن يرفع من الأسعار المدفوعة مقابل الخدمات لأن سعر الخدمات يعود للمنتفعين وليس دافعي الضرائب بشكل عام. وتؤدي الأسعار الأعلى الجديدة إلى كفاءة أعظم وتخفض من إعادة توزيع الدخل الاكراهية. وبشكل مشابه، يمكن في الحقيقة للإفراط فيما يسمى بحماية المستهلك أن يلحق الضرر بالمستهلكين على المدى الطويل.
لسوء الحظ، يشجع كثير من مناصري تحرير السوق، وبشكل ملحوظ القادة السياسيون في الاتحاد الأوروبي، التحرر بمفرده تقريبا من خلال الوعود بأسعار أقل. وعن طريق تشجيع وجهة نظر خاطئة عن كل من طبيعة تحرير السوق وإنجازاته المحتملة، فقد أوجد الاتحاد الأوروبي توقعات ومن ثم أحبطها. ويمكن للارتباك فيما يتعلق بأهداف التحرير أن يكون مدمرا للذات.
ويجدر النظر إلى قطاعات الاقتصاد الإيطالي حيث تقدمت عملية تحرير السوق بشكل كبير يكفي لإعطاء نتائج هامة مع مرور الوقت، أي الكهرباء والنقل الجوي. وقد تم تحرير القطاع الأول في إيطاليا بعيدا عن متطلبات التعليمات الأوروبية، مما أدى إلى إعطاء الدولة واحدا من أكثر أسواق الكهرباء ديناميكية في أوروبا القارية. وعلى وجه التحديد، فقد تبعت إيطاليا سياسة تفكيك الملكية في شبكة الكهرباء، بحيث سمحت بذلك للتنافس الحر والمنصف بين المزودين المختلفين. وتعتبر شركة “إينيل” الآن، التي تعد شركة الاحتكار السابقة في الدولة، كيانا يختلف جذريا عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. وعلى الرغم من أن الحكومة تحتفظ بنحو 30% من أسهم “إينيل”، فقد أصبحت شركة كفؤة ومنافسة تعمل في الاسواق الأوروبية. أما من ناحية أخرى، فإن النقل الجوي تنظمه التعليمات الأوروبية بشكل كبير بسبب طبيعته الخاصة. وتبين أن ذلك كان من حظ إيطاليا. لأنه عدا ذلك، كانت الدولة ستبقي القطاع على الأرجح مغلقا أمام المنافسة الحقيقية من أجل حماية الناقل الوطني، “أليتاليا”، وهي شركة عليها ديون كثيرة تسيطر عليها النقابات العمالية النافذة بشكل كبير.
لقد تم إظهار تحرير السوق مرارا وتكرارا على أنه الطريق إلى الازدهار. ولكن حتى ينجح ذلك، يجب إبلاغ الناس بالمنافع الحقيقية لاقتصاد السوق، وهو ما يعني فهم أن الأسعار الحرة لديها دور مهم في المجتمع الحر، وهو التنسيق الطوعي للتفاعل البشري. ولأجل أن يكون تحرير السوق ناجحا، يجب أن يفهم المواطنون ما هي العواقب المتوقعة. وفي ذلك الصدد، فإن مناصري الأسواق الحرة والكفؤة ينتظرهم بالتأكيد عملا كثيرا.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 10 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

إن الهبوط العالمي في البورصة الصيف الماضي قد قضى على تريليونات من الدولارات. وقد كان أصحاب الأسهم الأغنياء الأكثر تأثراً، لذا انخفض عدم التكافؤ العالمي في الدخل بشكل كبير.

ومع هذا فإن فقراء العالم لا يحتفلون!

ولمَ لا؟ لقد أقلقت التباينات المرتفعة في الدخول المحللين عبر العالم لسنوات عديدة. وتنشر صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيات تعبّر عن قلق عظيم من نتائج مكتب إحصاء السكان الأمريكي بأن أجور الأغنياء في أمريكا ترتفع بشكل أسرع من أجور الفقراء.

ويخاف السياسيون الآسيويون من أن النمو السريع والتفاوتات المتزايدة في الدخول سوف تجعل التوترات الاجتماعية أكثر سوءً. ففي الهند، يبقى 300 مليون شخص فقراء حتى مع دخول عدد من الأشخاص في قائمة مجلة فوربز لأصحاب المليارات العالميين.

وتجد دراسة حديثة لبنك التنمية الآسيوي بعنوان “عدم التكافؤ في آسيا”، أن نيبال والصين قد شهدتا أعظم ارتفاع في حالات عدم التكافؤ في القارة. ويقول إفزال علي، كبير اقتصاديي البنك، إن التفاوتات المتزايدة في آسيا قد تؤدي إلى خلل في التماسك الاجتماعي وإشعال شرارة الحرب الأهلية.

إن الهبوط في البورصة يقدم تجربة طبيعية لاختبار هذه الدراسة. وبحلول منتصف شهر آب، خسر أغنى خمسة هنود بمجملهم أكثر من 10 مليار دولار. وبلغ مجموع خسائر جميع المساهمين الهنود 52 مليار دولار، وهو ما يساوي تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لبنغلادش. ولم يكن بإمكان حتى أكثر الضرائب “دراكونية” أن تقلص الثروة بهذه الدرجة.

ولكن هل يحتفل الهنود الفقراء؟ هل خفّف انخفاض معدل التفاوتات في الدخول من التوترات الاجتماعية وليّن الماويين الهنود أو جعل المسلحين في كشمير أقل تسلحا ورغبة في القتال؟

وقد قلص الهبوط في وول ستريت حالات التفاوتات في الدخول بين الولايات المتحدة وإفريقيا. فهل أصبح الإفريقيون أكثر سعادة أو أقل ميلا للنزاع المدني؟

وحتى افتراض هذا سيكون أمرا سخيفا. إلا أن المفهوم يتضمن تحليلا أكبر.

يعتقد كثير من المحللين أن المجتمع يصبح أسعد عندما تنخفض التفاوتات في الدخول ويصبح أقل سعادة عندما ترتفع هذه التفاوتات. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. ففي أوقات الركود الاقتصادي، تنخفض الأرباح بشكل أسرع من الأجور، لذا تتحسن التفاوتات في الدخل. لكن الفقراء لا يستمتعون بفترات الركود لأنهم لا يريدون أن يفقدوا وظائفهم. فهم يفضلون ازدهارا اقتصاديا عندما ترتفع الأرباح بشكل أسرع من الأجور على الرغم من أن التفاواتات في الدخل تزداد أيضا.

وفي الهند، تعتبر الولايات مثل بيهار وأوريسا فقيرة جدا بينما تعد ماهاراشترا وغوا ولايتين غنيتين. ولكن بينما يغتاظ الاقتصاديون من تفاوت الدخول، فإن فقراء بيهار وأوريسا لا يفعلون. فهم يعرفون أن آلامهم لا يسببها الأغنياء في الولايات الأخرى بل مالكو الأراضي المحليون والعصابات الإجرامية والسياسيون. ويقلق الفقراء من التفاوت في الدخول عندما تبقيهم الطبقات المحلية المسيطرة في الأسفل. ولكنهم لا يرغبون في إفقار الصناعيين في الولايات الغنية، بل يريدون فقط أن يصبحوا هم أنفسهم أغنياء. فأسواق البورصة تجذب الوظائف والاستثمار، لذا يرحب الفقراء بها.

إن جل ما يريده الفقراء هو فرصة للارتقاء. ويستطيع كثير من الهنود المدنيين الحصول على التعليم والكهرباء والاتصالات وقد جنوا مكاسب كبيرة. ولكن مئات الملايين يفنون حياتهم في القرى من دون مدارس محترمة أو مراكز صحية أو طرق أو كهرباء أو هواتف. ولا يمكنهم الوصول بسهولة إلى المحاكم أو الحكم الجيد.

ويصل معدل التغييبية 25% بالنسبة للمعلمين في الهند، والنسبة أعلى بالنسبة لموظفي الصحة. كما تعد النسبة الأعلى في المناطق القروية النائية: فلا يرغب أي معلم يعيش في المدينة بأن يوظف هناك. وتصل الأمية إلى 65%، ونصف أولئك الذين ينهون تعليمهم المدرسي يُعدون أميين فعليا. كما أن أربعة من كل خمسة أطفال يعانون من فقر الدم، هذا بالإضافة إلى انعدام الكهرباء أو وجودها بشكل متقطع بحيث أن أكشاك الإنترنت القروية تستمد الطاقة من ألواح الطاقة الشمسية.

وبعد عقود من الاستقلالية ومليارات الدولارات من الدعم الأجنبي، يبقى التكافؤ في الفرص حلما في معظم الدول النامية. ويكمن الخطأ في الحكومات ووكالات التنمية ولا يرتبط كثيرا بنشوء الطبقة الصناعية وشركات برامج الحاسوب.

إن دراسة بنك التنمية الآسيوي محقة تماما في استنتاج أن الحكومات الآسيوية يجب أن تفعل المزيد لتحسن تكافؤ الفرص. حيث أن الحرمان الفظيع من الوصول إلى المنشآت الأساسية على مستوى القرى يؤسس عدم تكافئ في الفرص ويحول دون ارتقاء الفقراء. وفي المناطق الحضرية، ازدادت الفرص على مر العقود وتحسن التطور الاجتماعي والدخل. ولكن التسهيلات في القرى—وبعض الأحياء الفقيرة في المدن—مثيرة للشفقة بحيث أصبحت هذه الأماكن أشراك للفقراء.

وإنني أشعر بغضب شديد لأن 300 مليون هندي يبقون فقراء. كما أشعر بغضب، ليس لأن بعض الهنود قد أصبحوا من أصحاب المليارات بل لأن كثيرا آخرين لم يصبحوا كذلك. ومثل الناس في أنحاء العالم، فإنني وأبناء بلدي لا نريد رؤية زوال الثروة. فما نريده هو فقط أن نصبح أنفسنا أغنى.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 31 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

يواجه المستشارون الاقتصاديون لمرشّحي الرئاسة الأمريكية معضلة عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات الضريبية. فلكي يرتفع الدخل الحكومي إلى حده الأعلى، يجب أن تكون نسبة الضريبة منخفضة على الفقراء والأغنياء معاً، لأن الفقراء ليس لديهم المال، والأغنياء يمكنهم دائماً أن يجدوا طريقة للتهرب من دفع نسب ضريبية عالية. وبنفس الوقت، فإن الطبقة المتوسطة، ولأسباب مفهومة، لن تساند فكرة أن تدفع ضريبة أكثر من الأغنياء!
وقد كتب وارن بافيت، ثاني أغنى رجلٍ في البلاد، مقالة مؤخراً ذكر فيها أن معدل نسبة الضريبة على دخله كان 17.7 بالمائة فقط، في الوقت الذي دفعت فيه سكرتيرته 30 بالمائة على دخلها! وأثناء الحملة الانتخابية لعام 2004، تم الكشف عن أن متوسط نسبة الضريبة لجون كيري (أغنى رجل ترشح للرئاسة في التاريخ الأمريكي) وزوجته كان 12 بالمائة فقط، وهي نسبة أقلّ بكثير مما يدفعه معظم الأمريكيين من الطبقة الوسطى!
إن العديد من الساسة اليساريين واتباعهم في الإعلام مشغولون في التشدّق بأن على الأغنياء أن يدفعوا أكثر. ولكن عندما تدقق في اقتراحاتهم المتعلقة بزيادة الضريبة على الأغنياء، تجدها على الدوام تتضمن زيادة الضرائب بشكل كبير على أولئك الذين يحاولون أن يصبحوا أغنياء، لكنها بالكاد تطال الأغنياء أنفسهم، مثل عائلة كينيدي أو عائلة كيري. ولاختبار حسن النية في أيّ اقتراح برفع الضرائب على الأغنياء، فأنا أستعمل مثال كيري، إذ أعود إليه وأنظر إلى ما دفعه لأرى إن كان لذلك أثر عليه وعلى زوجته (لاحظ أن أعلى 1 بالمائة من أصحاب المداخيل يدفعون 37 بالمائة من المجموع الكلي لضريبة الدخل).
إن الجدل السياسي حول وضع سياسة ضريبية تساعد على النمو الاقتصادي، بدل إعادة توزيع الضريبة، جدل بسيط. فاستطلاعات الرأي العام خلال العقود القليلة الماضية تبين، وبشكل ثابت، أن أكثر الأمريكيين يعتقدون أن لا أحد يجب أن يدفع أكثر من 25 بالمائة من دخله للحكومة.
وأسباب هذا أن أكثر الأمريكيين يعتقدون أنه من غير العدل أن تأخذ الحكومة أكثر من رُبع دخلِ أي فرد، وهناك كثير من الأمريكيين من غير الأغنياء ممن يعتقدون بأنه من الممكن لهم أن يصبحوا أغنياء ذات يوم—وذلك بالعمل لحسابهم، أو بتحقيق النجاح في مجال الترفيه أو الرياضة، أَو حتى الفوز باليانصيب! وأكثر الأمريكيين (بخلاف العديد من الأوروبيين) لا يستاؤون من الأغنياء؛ بل يعجبون بهم ويريدون أن يكونوا مثلهم. لذلك، يميل المرشّحون الذين يطالبون بالنمو الاقتصادي إلى تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات من أولئك الذين يطالبون بإعادة التوزيع.
إذا كنت مستشاراً لمرشّح جمهوري، يجب عليك أن تلاحظ أن أكثر الناخبين في قاعدة الجمهوريين لا يهتمون بفرض ضريبة أعلى على الأغنياء؛ بل بتخفيض الضرائب التي يدفعونها هم أنفسهم وإلى كبح جماح الصلاحيات الاستبدادية لدائرة ضريبة الدخل. وفي الانتخابات العامّة، قد يصوّت البعض لصالح مرشّح أو مرشحة لأنهم يعِدونهم بجعل الأغنياء يدفعون أكثر، لكن من المؤكد تقريباً أن مثل هؤلاء الناخبين سيصوّتون لصالح مرشح ديمقراطي على أية حال. ومن غير المحتمل لمرشح جمهوري أن يكسب الأصوات بلعب لعبة صراع الطبقات، لأن هذا سيقوّض قاعدته بالتأكيد.
إن الجدل الاقتصادي لصالح عدم رفع نسب الضريبة على الأغنياء أكثر إلحاحاً، لأن نسب الضريبة العالية يمكنها تحطيم فرص خلق الثروة، وبنفس الوقت، فهي لن تضمن أن الأغنياء سيدفعون أكثر. فإحدى الميزات لكونك غنياً جداً أنك تتمتع بخيارات في الطريقة التي تستلم فيها دخلك، ومن أين تكسبه، وأي جزء منه يخضع للضريبة. والعديد من السويديين والفرنسيين الأغنياء هاجروا من بلدانهم الأصلية تهرباً من دفع الضريبة. عندما يهاجر الغني، فإن حكومته تحصل على لا شيء. وعندما يظن الناس أن معدلات الضريبة عالية جداً، فانهم يميلون إلى تفضيل الراحة على العمل، والاستهلاك على التوفير والاستثمار، وهذا بدوره سيؤدي إلى أن تصبح عوائد الحكومة أقل.
لقد حاول الاقتصاديون حساب نسبة الضريبة المثلى لكل شريحة دخل. وإذا كنت ممن يعتقدون أن الأغنياء يجب أن يدفعوا جزءاً أكبر من دخلهم من ذلك الذي يدفعه الفقراء، فأنت ستواجه مشكلة: فعندما تزيد نسبة الضريبة، فإن الحوافز للبحث عن طرق قانونية، أو غير قانونية، لتفاديها تنمو معها؛ وكلما زاد غنى الشخص، أصبح من الأسهل عليه أن يتجنب الضريبة. لذلك، إذا كان هدف الحكومة على المدى الطويل هو زيادة الدخل المتأتي من الضريبة، يجب عليها احتساب نسب منخفضة على ذوي الدخل المنخفض ونسب أعلى على الطبقة المتوسطة، ثم العودة لنسب أقل على الطبقة الغنية جداً.
السبب في هذا أن فرض مستوى ضريبة أعلى على الأغنياء سيدفعهم إما إلى التوقف عن التوفير أو إلى نقل مدخراتهم من شريحة الضريبة العالية. والتوفير بما ينتجه من أثر على الاستثمار هو ما يسميه الاقتصاديون بالتشكيل الرأسمالي، والتشكيل الرأسمالي الأكبر يمكن ترجمته إلى وظائف أكثر ورواتب أعلى. وهكذا، إذا فرض بلد ما نسب ضريبةٍ عالية جداً على الأغنياء، يصبح نموه الاقتصادي أبطأ.
وسياسياً، فإنه من غير المقبول أن تكون نسبة الضريبة على ذوي الدخول المتوسطة أعلى من تلك المفروضة على الأغنياء جداً بشكل واضح، لكن فرض نسبة ضرائب عالية جداً على الأغنياء له أثر مدمّر.
إن المخرج الوحيد من المعضلة هو التحول إلى نسبة متوسطة ثابتة أو نظام ضريبي مربوط بالاستهلاك، تحكمه ضوابط باستثناءات أو خصميّات لذوي الدخل المنخفض. ومرشّحو الرئاسة الذين يتمتعون بالحكمة سيقترحون سياسات كهذه—أما أنصاف الآلهة فلن يفعلوا ذلك.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 24 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

المناقشات الحماسية حول ترشيحات الباكستان الرئاسية في شهر تشرين الأول هي كلها حول الانتخابات والقادة، بيد أن الرئيس الحالي والمرشح الوحيد وكذلك رؤساء الوزراء السابقين الذين يناورون من أجل احتلال مركزٍ ما جميعهم قد خذلونا في الماضي: الشرط الحقيقي لبقاء الباكستان هو الاستقرار والتقدم الاقتصادي.
الباكستان هي حليف رئيسي للولايات المتحدة، ولكنها أيضاً عنصر كبير في عدم الاستقرار الإقليمي، وهي تتأرجح على حافة كونها دولة فاشلة، يرأسها قائد عسكري ويعمّها الفساد والعنف السياسي والحزبي والتوترات الانفصالية.
من المدهش حقاً، أنه ما زال هنالك فرصة بأن تكون القاعدة الأساسية لحكم القانون قد ظلت حية إلى الحد الذي سوف يُأمِّن الاستقرار الذي تحتاج إليه الباكستان في إقامة اقتصاد مزدهر، وفي اقتصاد بالكاد أن يحافظ على بقاء البلاد.
يصنف اقتصاد الباكستان في موقع منخفض في أي معيار من المعايير، ومع ذلك فهنالك إشارات تدل على تحسنٍ تدريجي في الحرية الاقتصادية، كما يتبين من تقرير “الحرية الاقتصادية في العالم” السنوي الذي يصدره معهدا فريزر الكندي وكيتو الأمريكي: يضع التقرير معايير لقياس الانفتاح والمرونة والاستقرار وتدخل الدولة في اقتصادات 141 بلداً، ذلك لأن النشاطات الاقتصادية، وليست الحكومات، هي التي تخلق الازدهار.
لقد رأينا اندفاعاً غير متوقع هذا العام في موضوع المساءلة وحكم القانون عندما رفضت المحكمة العليا محاولة الحاكم العسكري “برويز مشرف” عزل قاضي قضاة الباكستان “افتخار محمد شودري”—وكان عاقلاً عندما احترم هذا القرار في وجه احتجاج شعبي.
إن مما يدعو إلى العجب أنه بعد ستة عقود من الاضطرابات والفساد ما زال هنالك أناس في مؤسساتنا يُؤمنون بالدفاع عن الدستور، وهذا يعطينا الأمل بأنه ما زالت هنالك أسس من القوة بحيث تمكننا من بناء دولة فاعلة عليها.
ولكن ذلك كله سوف يبقى نظريات سياسية شكلية إذا لم يعطى الباكستانيون الفرصة لتحسين أوضاعهم، وللعيش في حماية القانون، ولحماية حقوق الملكية الفردية.
مؤشر الحرية الاقتصادية يُحرر الجدل من النظريات والأفكار، وبالأخص تلك الفكرة المراوغة، ألا وهي الديمقراطية. هنالك ديمقراطية بالاسم وهي تعمل بشكل سيء بالنسبة لمواطنيها (مثل تركيا وبنغلادش) وهنالك أنظمة تخدم مواطنيها جيداً (سنغافورة، الكويت، أو، إلى حد ما، الصين).
من خلال التمسك بمعايير يمكن قياسها وتجنب النظريات السياسية، يجب أن لا يصيبنا العجب إذا وجدنا بأن الحرية الاقتصادية تفيد جميع المواطنين بما في ذلك المواطنين الفقراء: ذلك أن أفقر سكان سنغافورة أو سويسرا أو أمريكا يكسبون ضعفين ونصف الضعف أكثر مما يكسبه المواطن العادي الروسي والتركي أو السوري.
الأخبار السيئة هي أن باكستان يأتي ترتيبها في 101 من مجموع 141 بلداً، مسجلة 6 من مجموع 10، أي أسوأ من إندونيسيا وعلى مستوى موازٍ لإثيوبيا وهاييتي—بيد أن الأخبار الجيدة هي أنها زحفت إلى أعلى، منطلقة من 5.7 نقطة في العام 2006.
إننا في أمس الحاجة إلى تقدم كبير في حكم القانون وحقوق المُلكية (بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية، على الرغم من بعض التحسينات)، وتخفيض الحواجز التجارية والقضاء على الرشوة والبيروقراطية. المشاريع التي تديرها الدولة ما زالت تُكلف أموالاً طائلة وتخلق عدم الكفاءة والفساد والحمائية تماماً مثلما تفعل الأنظمة الحكومية: هنالك تقاليد موروثة عن تدخلات حكومة كثيفة وسيطرة حكومية تنساب في مفاصل الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى، يجب أن نعترف بحدوث تقدم في مجال تحرير الاستثمار في الصناعات، وإزالة بعض العوائق غير الظاهرة، والمتمثلة في العوائق أمام الاستيراد والسماح بعقد الصفقات الرأسمالية مع الأجانب. كما أن ضعف التمويل الخاص والائتمان بدءا بالتحسن في العام 2004.
وفي الحقيقة، فإن التعامل الاقتصادي في الباكستان أصبح أكثر سهولة منه في الهند: وتُظهر أرقام البنك الدولي في تقريره بعنوان “مزاولة الأعمال” والذي نُشر لتوه، بأن الباكستان في هذا المجال تقع في الترتيب 78 بينما الهند في ترتيب أدنى هو 120 من مجموع 178.
هذا التقدم البطيء هو جيد في الحقيقة في ضوء تاريخ الباكستان السياسي والاقتصادي الذي كان مرتبطاً بالدولة والحكومة: فمنذ الاستقلال، كانت فكرة التنمية الاقتصادية ذاتها لا تنفصل بتاتاً عن السيطرة الحكومية.
الموضوع الرئيسي في ترتيب الحرية الاقتصادية وفي تاريخ الباكستان هو مستوى تدخل الحكومة: تستطيع الحكومات أن تقدم قليلاً من الأمور الجيدة ولكنها في الوقت ذاته تستطيع أن تحدث أضراراً كبيرة. الحكومة لا تخلق شيئاً، ولا تنبت شيئاً بل إنها تستهلك فقط، وتعيش على ما ينتجه الناس وتنفق أموالهم: إنها تستطيع فقط أن تفعل جيداً إذا سمحت بخلق الثروة عن طريق ضمان السلم العام وحماية المواطنين.
ومع وجود عبء تاريخي ثقيل من السياسات والأداء المتأرجحين في الباكستان، فإن مؤشر الحرية الاقتصادية يعطينا الأدوات لتثبيت ما يسير في الطريق الصحيح وإصلاح ما يسير في الطريق الخطأ: اقتصاد فعال سوف يدعم المحاولات لتحقيق الديمقراطية وحكم القانون، وهما يدعمان بعضهما بعضاً في دائرة من التفاعل الحميد.
الرئيس الجنرال مشرف ورؤساء الوزارات السابقون بنازير بوتو ونوّاز شريف، جميعهم يدّعون بأنهم يجب أن يُعطوا فرصة أخرى. لكن المسألة هي ما إذا كان قادتنا سيئو السمعة يستطيعون رؤية أن الأدوات الاقتصادية هي أملهم الوحيد لإنقاذ البلاد والبقاء في الحكم.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 3 تشرين الأول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

توفي رجل يوغسلافيا القوي جوزيف بروس تيتو يوم 4 أيار 1980 وحضر جنازته العديد من السياسيين ووفود الدول أكثر من أي رجل آخر في التاريخ. رغم أن المارشال تيتو قد توفي إلا أن أفكاره لا تزال حية وجيدة!
قام تيتو بخطوته بالانفصال عن ستالين في عام 1948 وكانت ردة فعل موسكو سريعة إذ دمغت شيوعية تيتو بأنها “حركة تصحيحية”. أما السمة المميزة لسياسة تيتو الخارجية فكانت حركة عدم الانحياز والتي اعتبرت الرئيس اليوغسلافي تيتو (إلى جانب الرئيس المصري جمال عبد ناصر والرئيس الهندي نهرو) عضواً مؤسساً. في يوغسلافيا عرض الشكل الفريد لـ”اشتراكية السوق” اللامركزية فكرة الشركات التي يديرها العمال. وهذه الفكرة جذبت الانتباه وكذلك العديد من أتباع المعسكر حول العالم. إلا أن هذا النظام في يوغسلافيا فشل في توفير الوظائف لكل اليوغسلافيين، لأن المديرين العمال الاشتراكيين اعتقدوا أن الإضافات الجديدة للقوى العاملة هم “صيادو أرباح” وسوف يشاركونهم في حصتهم من كعكة الأرباح. ونتيجة لذلك واجهت يوغسلافيا مشكلة العمالة الزائدة المزمنة. لحل المشكلة وللتعتيم على الأخطاء في نظام إدارة العمال، جاء تيتو باستراتيجية اقتصادية بسيطة ولكن إبداعية. فقد فتح حدود يوغسلافيا—حسب المعايير الشيوعية على الأقل—وصدر العمالة الزائدة.
في أوائل السبعينيات، كان أكثر من مليون يوغسلافي، حوالي 11% من القوى العاملة، يعملون في دول غرب أوروبا. وبلغت تحويلات أولئك اليوغسلافيين بالعملات الصعبة (المارك الألماني بالدرجة الأولى) حوالي 30% من صادرات يوغسلافيا. “مكنسة تيتو” عملت كالسحر!

إندونيسيا مثل يوغسلافيا تصدر العمالة الزائدة. القوانين التي تحكم التوظيف في الشركات وممارسات الفصل من العمل خلقت سوق عمل غير فاعل. كما هو موضح في الجدول، حصل سوق العمل في إندونيسيا على المرتبة 140 من 175 في تقرير البنك الدولي “بدء الأعمال لعام 2007” (مرتبة واحدة فوق إيران). من الصعب على الشركات الإندونيسية توظيف عمال جدد كما أنه من المكلف فصلهم من العمل. تقدر القوى العاملة في سوق العمل بحوالي 70% وتعمل في قطاع اقتصادي غير إنتاجي، و11% من القوى العاملة عاطلة عن العمل، وحوالي 3 ملايين إندونيسي يعملون في الخارج بصفة شرعية، وحوالي مليون شخص آخرين على الأقل يعملون بصفة غير شرعية، وبلغت تحويلاتهم المالية إلى إندونيسيا في العام الماضي حوالي 3.5 بليون دولار على الأقل.
وكما استخدمت إندونيسيا “مكنسة تيتو” في تصدير عمالتها الفائضة إلى الخارج، استخدمت أيضاً دولاً أخرى مثل سنغافورة وأستراليا وماليزيا كـ”حاوية القمامة”، إذ يوجد أكثر من نصف مليون من العمال الإندونيسيين العاملين يعملون بعقود في ماليزيا، والجالية الإندونيسية المهاجرة في أستراليا تنمو بنسبة 10% سنوياً منذ عام 2001 . السبب؟ أنظر إلى الجدول المرافق؛ فقد جاءت إندونيسيا في مرتبة متدنية (61) في تقرير البنك الدولي لعام 2007 بالنسبة لمؤشر صعوبة التوظيف، وهو مكون لمؤشرات سوق العمل والذي يقيس القيود التي يواجهها أصحاب العمل عند توظيف العمال. الدول المجاورة وهي سنغافورة وأستراليا وإندونيسيا لم تواجه أياً من هذه القيود، ولذلك سجلت كل منها علامة صفر في مؤشر صعوبة التوظيف.
تقرير البنك الدولي لعام 2007 يذكر رواية مماثلة عن المقاييس التالية: جمود الساعات وصعوبة الفصل من العمل وكلفته. قوانين العمل الإندونيسية تفرض قيوداً ونفقات وإجراءات على الشركات أكثر مما تفرضه الدول المجاورة. في الواقع أي شركة إندونيسية تطلب موافقة طرف ثالث قبل أن تقوم بفصل العمال الفائضين عن الحاجة، وكل عملية فصل تكلف ما نسبته 108 أسابيع من راتب العامل (مقارنة بتكلفة صفر في الولايات المتحدة). سوق العمل الإندونيسية غير مرنة وغير قادرة على الاستجابة للضغوط التنافسية وخلق عدد كاف من فرص العمل.
إن عجز سوق العمل يشرح جزئياً الأداء العام لاقتصاد إندونيسيا الضعيف منذ انهيار الروبية عام 1997. لقد زاد الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إندونيسيا بمعدل ضعيف بلغ 1.18%، واستغرق سبع سنوات لكي يعود إلى مستويات ما قبل الأزمة. ليس بمستغرب أن تقوم إندونيسيا برمي عمالتها في دول تشهد أداءً جيداً في أسواق العمل واقتصاديات تنمو بشكل سريع. لقد آن الأوان لإصلاح أسواق العمل في إندونيسيا لكي يتم إعادة “مكنسة تيتو” إلى الخزانة.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 18 أيلول 2007.

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

خلفت السياسة النقدية الأمريكية في السنوات الأخيرة توقعاً بأن بنك الاحتياط الفيدرالي سيُنقذُ المستثمرين، عندما تحدث فقاعات في الممتلكات، تؤدي إلى إنقاص قيمتها. والأزمة الأخيرة في سوق الرهن الثانوية هي نتيجة هذا التوجه الجديد على الأقل جزئياً. وأثرت الأزمة في شكل كبير، على أصحاب المنازل والمستثمرين.
وفي شباط 2007، اكتشفت الصحافة الشعبية الواسعة الانتشار القروض التحتية، عندما كشفت مؤسستان كبيرتان مسؤولتان عن إطلاق برنامج الإقراض، وهما “إتش إس بي سي” القابضة و “نيوسينتشري فايننشال”، النقاب عن خسائر متزايدة نتيجة تلك القروض. وبنك “إتش إس بي سي” شركة مالية عالمية متنوعة النشاطات. ومع أن هذه المؤسسة كانت من كبار المقرضين في السوق، فإن مجموع إقراضها التحتي لم يكن يشكل سوى جزء بسيط من مجموع موجوداتها الاستثمارية.
كانت “نيوسنتشري فايننشال” أقل حظاً بكثير من الأولى بسبب تركيز إقراضها على هذه الفئة المفعمة بالأخطار. وانهارت أسعار أسهمها، بعد اكتشاف أمرها في 8 شباط الماضي، ثم أشهرت إفلاسها في النهاية.
وواجه مقرضون آخرون في هذه السوق التحتية مصاعب. فتعاظمت المخاوف من انهيار سوق العقار، حتى من تراجع عجلة الاقتصاد، عندما أخذ المستثمرون يحسبون حجم الأزمة في سوق الرهن ومداها.
وكان في الإمكان توقع الأزمة قبل أكثر من عام على وقوعها. وكان أصحاب البنوك والمحللون، وحتى المسؤولون عن تنظيم التعامل، يعرفون أن هنالك فوضى تلوح في الأفق. وعندما تبينت معالمها، لم يكن من الصعب اكتشاف موطن الخلل.
واليوم، السياسة النقدية تُشجع الأخطار؛ فهي تستطيع خلقها إذا استخدمت السياسة لإنقاذ المستثمرين من أوضاع وحالات خطرة، والتزامات مالية غير حصيفة. وإذا أصبح المستثمرون يتوقعون استمرار تلك السياسة، سيُقدِمون عمداً، على تحمل أخطار إضافية، من دون المطالبة بمردود عالٍ يوازيها. وفي الواقع سيقرضون بفائدة لا مغامرة فيها، لمشاريع محفوفة بالمغامرة، أو، على الأقل، بنسب أقل مما يجب أن تكون عليه. وستحصل عمليات إقراض واستثمار محفوفة بالأخطار، ينتج منها سوء تخصيص في رؤوس الأموال.
إن الأخطار الجديدة في الأسواق المالية مردُّها إلى ما يمكن تسميته بـ”مبدأ غرينسبان”. وقد شرح آلن غرينسبان مبدأه بوضوح في خطاب ألقاه في 19 كانون الأول 2002. وأعرب عن رأيه بأن فقاعات الممتلكات لا يمكن اكتشافها، وأنه لا يجب في أي حال من الأحوال أن تستخدم السياسة النقدية لمعالجة نتائجها. بيد أنه يمكن اكتشاف الفقاعات، ويجب أن تسخّر الأدوات النقدية لمعالجة تداعياتها.
وأعلن المجلس الفيدرالي مسبقاً أنه لن يتخذ أي إجراء ضد الفقاعات، بيد أنه سوف يتخذ إجراءات قوية لإبطال نتائج انهيارها. وفي الواقع، يَعِدُ “المركزي” الأمريكي على الأقل، بإنقاذ جزئي للاستثمارات السيئة. والمنطق الذي كان وراء نظام ضمان الودائع ما زال قائماً: على واضعي السياسة حماية المستثمرين من الخسائر، بغض النظر عن حماقاتهم. أو، بعبارات غرينسبان “يجب على السياسة النقدية أن تخفف من تداعيات فقاقيع الممتلكات، عندما تقع، آملين أن يُسهِّل ذلك الانتقال إلى التوسع المقبل”.
في الإطار الحالي فإن “التوسع المقبل”، قد يمكن أن يعني “فقاعة الممتلكات المقبلة”. فإذا وعد البنك الفيدرالي بـ”تخفيف التداعيات من الحماسة غير العقلانية”، فمن المنطقي أن يشعر المستثمرون بالحماسة. وقد يتعرض المستثمرون لشيء من المغامرة وبعض الخسارة، مثل ما يقتطع من شهادة تأمين اعتيادية، ومع ذلك فإن الخسائر تكون قد خُفضت.
خفض الفيدرالي فائـــدة الخصــم لديه في شكل حاد، بعد انفجـــار فقاعات سوق الأسهم المالية في آذار عام 2000. وفي عيون الكثيرين، ذهبت الخفــوضات الى حد بعيد ودامت طويلاً جداً، ما أدّى إلـــى توســـع اقتصادي قوي، وإلى فقاعة الإسكان.
كم كان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي مخطئاً! إذا لم يكن غرينسبان قلقاً حول إعادة تصنيف نسب الفوائد، فلماذا يتوقع من بنوك الرهن العقاري وملاّك المنازل أن يقلقوا؟ كان منطقياً أن يُقرأ بين سطور تأملات رئيس المركزي، ما يشير إلى ضمان استمرار فوائد منخفضة. وصاحب المنزل على حق في تقرير موقفه في ضوء ما هو متوقع إذا أراد. ولكن، هل يحق للبنك المركزي أن يشجع على ذلك؟
إن سياسة نقدية تتضمن دعماً قوياً سينتج منها حقائق كثيرة، بما في ذلك فقاعات العقار، التي لها أثمان حقيقية وتحتوي على سوء توزيع لرأس المال. فعلى سبيل المثال، في قمة انتعاش التكنولوجيا والتيليكوم في آذار 2000، قدّم مجلس الاحتياط عدداً من الاقتراحات القوية لمكافحة الانكماش. وكان الانحياز للدعم مفهوماً في حينه. بيد أن انحيازاً مستمراً ضد الانكماش، وبأي ثمن، سيؤدي إلى تصاعد في أسعار التضخم. ومع انفجار كل فقاعة عقار، والخشية من الضغوط الانكماشية، على “المركزي” أن يخفف من إجراءاته. فمبدأ غرينسبان يعطي دعماً يصل إلى الضربة القاضية، التي تؤدي إلى دورة اقتصادية جديدة. عندها، ستثبت المكاسب التي تحققت في عهد غرينسبان ضد التضخم أنها كانت مؤقتة. إن المبدأ الذي ابتدعه سيكتب شهادة الوفاة لتراثه، وهو تراث يشمل من الآن فقاعة عقارات وما يتبعها من تداعيات.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 14 أيلول 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018