كارولين بوين

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

عرض الاجتماع السنوي الثامن عشر لليوم العالمي للماء نفس المشاكل القديمة واستمر في رفضه للحلول العملية. و كالعادة، قضى مليار شخص يوم 22 آذار (مارس) دون ماء نظيف، بالإضافة إلى عدم حصول ثلث البشرية على مرافق صحية ملائمة كما سيموت حوالي ثلاثة ملايين ونصف مليون رجل وامرأة وطفل من الأمراض الناجمة عن ذلك. مع ذلك لا يزال كثير من الساسة و المنظمات غير الحكومية یفضلون الأيديولوجيا على الأفكار ویرفضون ما يقدمه القطاع الخاص إلى فقراء العالم.   غالباً ما يدعي الناشطون أنهم يدافعون عن الفقراء ضد الشركات التي تريد تعظيم أرباحها. لكن هذه الفكرة أقرب إلى العقيدة الجامدة منها إلى الواقع. بالنظر إلى أن أقل من 10 بالمائة من إدارة الماء في العالم هي في أيدي القطاع الخاص فإن من الصعب أن نفکر كيف يمكن لوم الشركات علی العرض السيئ.
الواقع أن الحكومات هي التي تدير الماء بطريقة سيئة وتسيء تخصيصه وتعطيه لمحسوبيها لأغراض سياسية ولجماعات الضغط القوية النافذة مثل المزارعين. بينما يظل الفقراء في المناطق الريفية أو في الأحياء الفقيرة المعدمة غير قادرين على الحصول على الماء. لا تتوقف الجماعات المناهضة للخصخصة عن الترديد أن الماء يجب أن يتم تأمينه من قبل الحكومات، لكنها تتجاهل أن الحكومة هي أكبر أعداء الفقراء.   من جانب آخر، تدعي حركة التنمية العالمية وجماعات مماثلة أخرى أن القطاع الخاص لم يفعل شيئاً يذكر للفقراء، وأنه لم يوصل الماء إلا إلى ثلاثة ملايين شخص في البلدان النامية على مدى السنوات الخمسة عشرة الماضية. لكن هذا الرقم لا يأخذ في الاعتبار أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، حيث حدثت طفرة في إدارة القطاع الخاص للماء وفي عدد الأشخاص الذين يحصلون على الماء منذ التسعينيات. ففي الأرجنتين على سبيل المثال انخفضت أسعار المياه في المناطق المدارة من قبل القطاع الخاص، وارتفع عدد الأشخاص المزودون بالماء، وانخفض عدد الإصابات بالأمراض المعدية وعدد الوفيات بين الأطفال.
كما أن الناشطين المناوئين للخصخصة أمعنوا في تشويه إدارة القطاع الخاص للمياه بالتركيز على الشركات متعددة الجنسيات مع تجاهلهم في الوقت نفسه لشركات توفیر الماء الصغيرة التي أوصلت المياه إلى أشخاص تخلت عنهم حكوماتهم. في كثير من المدن الإفريقية يباع الماء في قنينات بلاستيكية إلى عابري السبيل، في حين أن 500 شركة صغيرة من شركات تزويد المياه في باراغواي تؤمن الماء إلى نصف مليون شخص باستخدام الصهاريج أو عبر شبكة الأنابيب. تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن “أكثر من نصف السكان في معظم المدن في البلدان النامية يحصلون على خدمات المياه الأساسية من موردين خارج مصلحة المياه الحكومية القائمة. ”
منظمة الصحة العالمية، شأنها شأن الناشطين، تتجاهل هؤلاء المورِّدين “غير الرسميين” للماء. فهي ترفض اعتبارهم أطرافا تساهم في تحسين خدمات الحصول على الماء، على اعتبار أنهم غير خاضعين لجهاز تنظيمي ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم، وتزعم أنهم عاجزين عن خدمة أعداد كبيرة من المستهلكين.   عجز لا يقره مئات الملايين من الأفراد الذين يعتمدون على هذه شركات للتزود بالماء. بالنسبة للكثير، تمثل هذه الشركات الفرق بين الحياة والموت.
إن شركات توريد الماء غير الرسمية مختلفة الأشكال والأحجام لكن قاسمها المشترك هو تأمين الماء مقابل تحقيق الربح. يعتبر عملاء هذه الشركات من بين أفقر الناس، ومع ذلك فإنهم مستعدون لدفع المال في سبيل حماية عائلاتهم من الأمراض، وفي سبيل الاستفادة من وقتهم على نحو أجدى من البحث عن میاە نظيفة.   إن نجاحات شركات الخدمة الخاصة في تأمين الماء في مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا تدحض الزعم القائل إن الفقراء أفقر من أن يدفعوا المال مقابل الماء، وإن القطاع الخاص ليس لديه حافز لخدمتهم. الواقع أن الفقراء في الغالب يدفعون أموالاً في سبيل الحصول على الماء تفوق ما يدفعه أهل المناطق المزدهرة التي تتمتع بموارد مياه “رسمية”.
في دراسة للبنك الدولي لمدن أمريكا الجنوبية تبين أن المياه التي تنقلها الصهاريج تكلف في المتوسط ما بين أربع مرات إلى عشر مرات زيادة على أسعار الماء التي تتقاضاها الشبكات العامة. في منطقة كيبيرا، وهي من أفقر أحياء نيروبي ويعيش فيها حوالي مليون شخص، تباع كل صفيحة ماء سعة 20 لتراً تقريباً بأربعة أضعاف متوسط سعر الماء في كينيا.   يجدر بالناشطيين الذين يكتفون باتهام القطاع الخاص بأنه يضع الأرباح قبل الأفراد أن يضعوا نصب أعينهم ثلاثة أمور:  الأول هو أن شركات توريد الماء ستتوقف عن توريد الماء وتأمين الصحة إذا لم تحقق الربح. الثاني هو أن الحكومات هي الملومة بالدرجة الأولى عن الأسعار المرتفعة للماء لأنها تقيد عرض الماء من طرف القطاع الخاص أو تجعله مخالفاً للقانون. الثالث والأخير هو أن الأفراد يشترون الماء من الموردين طواعية، ويكون في الغالب أمامهم مجال الاختيار بين مجموعة من شركات التوريد. وواقع توريد الماء في العالم يدعوا إلى قراءة نقدية للمقاربة الكلاسيكية.
مصر
تحسن وضع الماء والصحة بصورة عجيبة في مصر منذ الثمانينيات، خصوصاً في المناطق الريفية. مع ذلك فإن الافتقار إلى مياه الشرب النظيفة والعوامل الصحية المناسبة يساهم في 17 ألف حالة وفاة بين الأطفال كل عام في مصر، وهذه النسبة تشكل 20 بالمائة من بين وفيات الأطفال.
الأردن
رغم أن الأردن هي واحدة من أكثر المناطق جفافاً على الكرة الأرضية، إلا أنها تستفيد من تغطية شبه شاملة للمياه والمرافق الصحية. لكن الأردن يواجه صراعاً في سبيل زيادة المحافظة على الماء وتحسين الكفاءة، خصوصاً في مجال تخفيض تسرب الماء والعدادات الرديئة و تسرب المياه في الخزانات.
الجزائر
يعتبر معدل الحصول على الماء الصالح للشرب مرتفعاً نسبياً في الجزائر، حيث تصل النسبة إلى 88 بالمائة من السكان في المدن و 82 بالمائة من السكان في المناطق الريفية. لكن معدلات التغطية في انخفاض مستمر منذ منتصف التسعينيات، حيث هبطت من التغطية شبه الكاملة في المدن و 88 بالمائة في المناطق الريفية في عام 2002. ألقي اللوم على نقص المياه على غياب الاستثمار في أنظمة الماء، وقِدم شبكات التوريد وسوء الإدارة.
المغرب
رغم أن جميع السكان تقريباً في المدن المغربية يتمتعون بالحصول على مياه الشرب المأمونة، إلا أنه لم يكن هناك تحسن يذكر بالنسبة لساکنة المناطق الريفية، حيث أن 59 بالمائة فقط من السكان في تلك المناطق كانوا يتمتعون بالحصول على الماء في عام 1987 وعام 2004.
موضوع اليوم العالمي للماء لهذه السنة هو الجودة، وبالتالي فإن السماح لشركات توريد الماء بالعمل ينبغي أن يكون من الأولويات. بعد ذلك تستطيع هذه الشركات امتلاك الموارد والأراضي والبنية التحتية ومن ثم توسيع نطاق أعمالها، بحيث تخدم عدداً أكبر من الناس بأسعار أدنى وماء أنظف. هذه المشاريع الصغيرة، وليس الوعود الفارغة من الحكومات، هي التي تستطيع تحسين توريد الماء للفقراء في أسرع وقت ممكن.
© منبر الحرية، 28 مارس/آذار 2010

peshwazarabic9 نوفمبر، 20100

يصيب الجوع المزمن حوالي 850 مليون شخص في العالم، بينما يتسبب الجوع والفقر معاً بحصد أرواح 250 ألف شخص يومياً. لتذكيرنا بهذه المأساة غير المقبولة، قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بالاحتفال بيوم الغذاء العالمي الشهر الماضي رافعة شعار “حق الحصول على الطعام”.

لكن، كان يجب على المنظمة التركيز على الحقوق التي تهم “المزارعين الذين لا يملكون أراض وسكان الأحياء الفقيرة في المدينة والأشخاص شديدي الفقر” وإعطاؤهم حق التملّك ونقل الملكية والحق بالمتاجرة بحرية محلياً وعالمياً.

النوايا الحسنة ليوم الغذاء العالمي فشلت في تحديد الأسباب الحقيقية للجوع، والمجاعات والفقر. وتساءل المدير العام للمنظمة جاك ديوف “إذا كان عالمنا ينتج طعاماً كافياً لإطعام جميع السكان، فلماذا هناك 854 مليون شخص لا يزالوا ينامون ومعدهم فارغة؟” الجواب هو سياسات الحكومات الهدّامة.

باسم المزارعين الذين يعيشون حياة الكفاف والجائعين، قامت حكومات كثيرة بالسيطرة على الزراعة فقط لتدميرها وتركها بلا أرباح. هيئات تسويق الغذاء والعوائق التجارية لحماية الإنتاج الوطني والتعرفة الجمركية العالية كلها جعلت المزارعين أشد فقراً وقللت المحاصيل الزراعية وآذت المستهلكين.

تمنع هذه العوائق المزارعين من بيع إنتاجهم بربح، وبالتالي تجعل كلاً من المزارع والمستهلك يعانون من الجوع. أثناء أزمات الغذاء والمجاعات، يصبح الضرر الذي تسببه العوائق الاعتباطية على الصحة والحياة واضحاً. أثناء المجاعة التي حدثت في كينيا السنة الماضية، كانت المحاصيل ذات وفرة في الجزء الغربي من البلاد، بينما كان الناس متضورين جوعاً في الشمال. هذا شيء ليس نادر الحدوث، وللأسف سيتكرر إلى أن يُسمح للأسواق بالعمل وأن تتحرر من سياسات الحكومات.

كما أن العوائق التجارية تمنع المزارعين من الوصول إلى التكنولوجيا الزراعية، كالمبيدات والسماد والبذور المهجنة التي يمكنها أن تحد من العمل الشاق إلى حد كبير وتحسين المحاصيل الزراعية. ففي الموسم الزراعي الواحد يستغرق المزارعين الموجودين في جنوب الصحراء الكبرى ما بين 60 و120 يوماً لتنظيف الحقل من الأعشاب الضارة.

في الحقيقة، لا يوجد مكان يضع تعرفة جمركية لاستيراد المنتوجات الزراعية أعلى من تلك التي في جنوب الصحراء الكبرى حيث معدل ارتفاع الأسعار وصل 33.6%—أي بعيدة عن متناول من هم في أمسّ الحاجة إليها؛ وهم الـ70% من الناس الذين يعيشون من إنتاج الأرض.

يكلف السماد الإفريقيين ستة أضعاف السعر العالمي. قام رؤساء الدول والحكومات لأكثر من 40 دولة ممن هم أعضاء في الاتحاد الإفريقي بالموافقة على “إجراء فوري لإزالة الضرائب والتعرفات الجمركية عن السماد ومواده الأولية”، وذلك في قمة أبودجا في حزيران 2006. وقد مضى أكثر من سنة وما زال لا يوجد هناك أي تقرير يدل على التحسّن، وما زالت العوائق التجارية على كل المنتوجات من بين الأعلى في العالم.

يصيب الجوع كل قطاعات الحياة—من دون غذاء كاف، يصبح الناس غير قادرين على العمل وعلى تربية عائلاتهم وعلى الذهاب إلى المدارس، وأيضاً غير قادرين على مقاومة الأمراض. إن أفضل طريقة للوصول إلى الأمن الغذائي هي التأكيد على حرية الناس وحقهم في تأمين الغذاء لأنفسهم ولعائلاتهم. ويتوجب على الحكومات ليس فقط وقف التدخل بالزراعة ووهم الاكتفاء الذاتي، بل يجب عليها أيضاً أن تدرك أن الإنسان يكون أكثر قدرة ومسؤولية عندما يكون حراً.

الحق في التملّك وتبادل الأموال سيشجع المزارعين على استثمار وقت ومال أكثر في أرضهم. وسيزداد عدد المزارعين الذين يستخدمون التكنولوجيا الزراعية إذا كانوا واثقين من أنهم سيحصلون على عوائد من استثمارهم. التملّك الآمن للأرض سيتيح أيضاً للمزارعين أخذ قروض بنكية باستخدام أرضهم كضمان. هذا سيتيح لهم الاستثمار لتحسين عملهم الزراعي، للبدء بمشاريع جديدة أو ببساطة توفير الصحة الجيدة والتعليم والرفاه لعائلاتهم.

إن دعم حقوق الملكية وتمكين الناس من العمل في مشاريع من أجل بيع المنتجات والخدمات سيقلل من الجوع بشكل كبير. قد تبدو هذه السياسات غير مرتبطة بموضوع الغذاء، لكنها مرتبطة جداً بحريّات المزارعين لإنتاج الطعام وجني المال. وبالمقابل، فإن التدخل المستمر من الحكومات والوكالات العالمية ترك المزارعين جوعى وغير منتجين، مما يتسبب أيضاً بملايين الجوعى من الناس.

منظمة الأغذية والزراعة على حق عندما تقول “إنه على الحكومات خلق بيئات ملائمة وآمنة ومستقرة وحرة ومزدهرة، بحيث يقوم الناس بإطعام أنفسهم بكرامة”. لكن، هذا يعني زيادة سيطرة الناس على حياتهم وأرضهم وعملهم، دون سيطرة الحكومات.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 29 تشرين الثاني 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018