عن قمم المصافحة العربية… قمة الدوحة الأخيرة نموذجا

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

تنقسم القمم على خلفية الهدف المرجو منها إلى ثلاثة أقسام،1. قمة مصارحة و هي الأبدى بين القمم،2. قمة مصالحة هي تعلن بصراحة عن وجود خلافات تسعى لحلها
و كلاهما تؤتى منهما الثمار، 3. قمة مصافحة و بوس اللحى و هي التي لا تؤت ثمار لبذور لم تغرس قط.
هنا يجب الحديث عن جدوى القمم العربية و أهمية انعقادها بشكل دوري.
القمة هي الآلية الكبرى التي تعتمد المحور السياسي و الاقتصادي و الأجتماعي و انعقادها بشكل دوري ضروري لإدارة الملفات المستجدة على كافة المحاور السابقة.
و لكن هل القمم العربية تفعل هذا الدور المنوط بها ؟
يتضح هذا من خلال مقارنة بين القمة الأفريقية و القمة العربية اللتان بدأتا دوريات انعقادهم في نفس الوقت، في حين انعقدت 39 قمة أفريقية انعقدت 21 قمة عربية حقيقة لا تحتاج لتعليق ! و في مقارنة أخرى بين قمة انشاص عام 46 التي خرجت بنتائجها غير المعلنة عن حضور سبع دول عربية و قرار ظل طي الكتمان حتى عام 48.قمة 63 التي لفت فيها الرئيس المصري عبد الناصر أنظار العالم العربي عن خطورة تحويل مياه نهر الأردن لصالح إسرائيل، هذه قمم سجلت في ذاكرة التاريخ فماذا عن قمة الدوحة الأخيرة؟!
إدارة الخلافات بدلاً من المصالحة العربية !
تمثيل عربي على أعلى المستويات و غياب الشقيقة الكبرى !
تمسك بمبادرة السلام العربية المطروحة على طاولة المفاوضات لست أعوام على التوالي بشكل لم يعد يصلح للتصديق عليها أو إغفالها !
صعود سوداني.. هبوط فلسطيني !
المصالحة العربية كانت عنواناً عريضاً لهذه القمة و خيار لا بديل عنه لدول الحضور و الخلافات كانت أعمق من قمة لم تتعدى الملاسنة و بوس اللحى إلى عرض حقيقي للمشكلات و محاولة البحث لها عن حلول فخرجنا بأضعف الإيمان على لسان الرئيس السوري الأكثر صراحة في هذه القمة معلناً إدارة الخلافات أضعف الإيمان.
ما عن القضية الفلسطينية التي كانت محوراً لكل القمم العربية السابقة فقد توارت كثيراًُ في هذه القمة خاصة و لم يحدث تصالح فلسطيني فلسطيني كما كنا نأمل قبل انعقاد هذه القمة.
و كان غياب الشقيقة الكبرى الحدث الذي لم نجد له مبرراً مقنعاً عن هذه القمة التي حرص جميع الزعماء العرب على التواجد فيها لماذا ؟ هل هكذا تعاقب الشقيقة الكبرى أشقائها الأصغر ؟! ما هي الرسالة التي توجهها مصر بهذا الغياب و إلى من؟
غياب مصر في أجواء تصالحية كما يبدو للوهلة الأولى غير مبرر و لكن من يجيد قراءة ما خلف الكواليس يجد أن الشقيقة الكبرى أرادت بهذا الغياب عقاب الأشقاء الصغار على عرقلة سعيها في حلول بعض القضايا الأقليمية و التلاسن الإعلامي الذي طالها و لكن هل في السياسة يوجد كبير و صغير أم أن من يتحمل دوره يستحق الاحترام ؟ و هل الغياب الطريقة المثلى لحل الخلافات ؟
تعاني منطقة الشرق الأوسط من فراغ في الأدوار الأقليمية و تكالب من بعض الدول على سد الثغرات دون تحديد للأدوار و من هنا بدأت المشكلة التي أججتها قطر بدورها الكبير في زيادة مساحة الخلاف الفلسطيني الفلسطيني و محاولتها دحض الدور المصري في إدارة ملف غزة، دعم التدخل الإيراني في الملفات العربية الساخنة في الوقت الذي مازالت مصر تعمل بنظام اقليمي عربي يحافظ على آليات الجامعة العربية و لا يقبل التدخل في شئون القطر العربي التي تتحمل العبء الأكبر في حلها إلا في صورة أدوار تكميلية و ليست تدميرية لدورها و سيادتها التاريخية.
فيما كانت كلمة د.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية نائباً عن الرئيس المصري رسالة عتاب موجهه حين قال ( نحن مع دعم الإعلام المسئول الذي يلتزم الحقيقة في مادته الإعلامية و ينأى بنفسه عن ترديد الشائعات )
و أشار في رسالة أخرى إلى ضرورة تفعيل آلية القمم المصغرة و فق قواعد جديدة حتى لا تتحول إلى آلية لنفخ جذوة الخلافات العربية المشتعلة.
في الوقت الذي تنتهج فيه مصر آلية الجولات المكوكية أو القمم الصغيرة لإيمانها بأنها تحل كثير من الخلافات التي لا يمكن طرحها على مائدة مفاوضات قمة مارس من كل عام.
فيما نتوقع جولة مكوكية قريبة لتصفية الخلافات تجمع أمير قطر و رئيس سوريا مع مصر و السعودية صاحبتا التمثيل الدبلوماسي الأقل في هذه القمة.
فيما تضمنت كلمة د. مفيد شهاب رسالة أخرى تطوي بداخلها طرح قضية التعريب في كلمة صريحة موجعه متطلعة للمستقبل ( إحدى جارات العالم العربي دخلت عالم الفضاء )
أما عن الملف الرئيسي لهذه القمة و هي مبادرة السلام فما جدوى هذه المبادرة التي يبدو بشأنها كل هذا الخلاف في ظل سياسة التهويد و الاستيطان الإسرائيلية ؟ و المرحلة الصعبة التي ستقبل عليها ملفاتنا العربية المفتوحة مع إسرائيل في ظل القيادة اليمينية المتشددة للحكومة الجديدة و حفائر المسجد الأقصى التي لم تتوقف ؟ و لكن هل سحب المبادرة مناسب في هذا التوقيت ؟ و ما هو البديل ؟
يقول المحللون السياسيون أنه في ظل تغير نظرة العالم الغربي لإسرائيل و تشكك أمريكا المعلن في إمكانية تحقيق تقدم في قضية السلام مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ستقدم هذه المبادرة العرب للعالم كدعاة سلام و ستصبح غطاء لمطالبنا المشروعة.
لكن الواقع له حديث آخر فنظرة العالم الغربي التي يشار بتغييرها لن تغير في مواقفه التي يتبناها تجاه العالم العربي الكثير لأن المسألة تدخل فيها التوازنات السياسية و الأقتصادية و لا مجال فيها للجانب العاطفي الذي يعول عليه المحللون في ضرورة التمسك بهذه المبادرة.
كما أن هناك حقيقة لا تقبل الشك في أن هذه المبادره المثار حولها الخلاف لم تعد تصلح الآن حتى على مستوى إدارة الخلافات العربية بعدما اخفقت في تحقيق حلم المصالحة بالأقتراب من الملفات الرئيسية و الاتفاق على الحدود الدنيا لحلها و أصبح لزاماً علينا الآن تبني موقف عربي موحد وفق تصورات عربية جديدة تتفق و الموقف المتأزم الذي تمر به المنطقة و تتلامس مع المتغيرات العالمية الجديدة بتقديم أجندة أقتصادية و سياسية موحدة تجبر العالم على خيار السلام، تجبره لا تستجديه فهل نحن قادرون على تقديم مثل هذه الأجندة أم سنظل نتفق و نختلف حول عبارة السلام خيار إستراتيجي العبارة مطاطة التي تحمل أي معنى حقيقي و التي تبنتها الاتفاقية في أول بنودها ؟!!!!
© منبر الحرية، 31 مايو 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018