علم الاقتصاد للمواطن: الجزء الرابع

peshwazarabic5 نوفمبر، 20100

هناك أغنية شائعة تقول: “إذا أردت أن تكون سعيداً لبقية حياتك فإياك أن تتزوج من امرأة جميلة”!
لقد اتُّهم الميكانيكيون بفرض أسعار أعلى على النساء للقيام بإصلاح أعطال تقع على الطرق. شركات الطيران تفرض أسعاراً أعلى على رجال الأعمال من تلك التي تفرضها على السياح. شركات استئجار السيارات والفنادق كثيراً ما تفرض أسعاراً أقل في عطل نهاية الأسبوع. وكثيراً ما تفرض شركات النقل أسعاراً أقل على كبار السنّ والطلبة. وبائعات الهوى يفرضن أسعاراً أعلى على المجندين في الجيش من تلك التي تُفرض على زبائنهن المعتادين. محطات البنزين على الطرق ما بين الولايات تفرض أسعاراً أعلى عن تلك التي تُفرض في داخل الولايات. ما الذي نفهمه من كل هذا التمييز؟ هل يتوجب علينا إبلاغ النائب العام بما يجري؟
حقيقة أن البائعين يفرضون على الناس أسعاراً مختلفة لما يبدو أنها منتجات متماثلة، هو أمر يتصل بنظرية تعرف بـ”مرونة الطلب”، ولكننا لن ندخل هنا في مجمل التعابير الاقتصادية المختلفة.
دعنا نفكر بالبدائل. لنأخذ النصيحة التي تتضمنها الأغنية التي ذكرتها أعلاه حول عدم أخذ امرأة جميلة كزوجة. السيدات الجميلات مرغوبات، وهنّ محط الأنظار ويجري وراءهن رجال عديدون. المرأة الجميلة لها بدائل كثيرة عنك، وبالتالي فإنها تستطيع أن تفرض عليك متطلبات عديدة. المرأة البيتية لها بدائل قليلة جداً عنك، ولا تستطيع بسهولة استبدالك. لذا، فقد تكون أكثر لطفاً ودماثة معك بحيث تفعل ما يسميه علماء الاقتصاد بـ”التعويض عن الفروقات.”
الموضوع كله يتعلق بالبدائل للبضائع والخدمات المشار إليها واستعداد المشتري لدفع ثمن أعلى. رجال الأعمال المسافرون يملكون مرونة أقل في خياراتهم بالنسبة للنقل الجوي من تلك المتوفرة للسائحين. السيدات عموماً يجدن بدائل أقل للقيام بإصلاح سياراتهن المعطلة. الرجل في الغالب قد يكون أكثر قدرة على إصلاح العطب أو ربما يكون أكثر استعداداً للمخاطرة بالمشي في انتظار سيارة مارة تقبل بنقله. بائعة الهوى قد ترى بأن البحّار في فرصته الشاطئية يملك خيارات أقل. ناهيكم عن حاجته الجامحة لخدماتها من الشخص الذي يعيش في المنطقة. والسائقون المسافرون من مدينة إلى أخرى سوف يكون لديهم معلومات أقل حول أسعار بنزين أرخص من السكّان المحليين.
ويبدو أن رجال السياسة يتجاهلون فكرة البدائل، ونعني بذلك أنه عندما يتغير سعر مادة ما فإن الناس سوف يستجيبون لذلك بالسعي لشراء بدائل أرخص. مدينة نيويورك رفعت الرسوم على السجائر بحيث جعلت ثمن علبة السجائر سبع دولارات. ماذا كانت النتيجة؟ لقد نتج عن ذلك قيام سوق سوداء مزدهرة.
في عام 1990 عندما فرض الكونغرس ضريبة عالية على اقتناء اليُخوت والطائرات الخاصة والسيارات المرتفعة الثمن، صرح السيناتور تيد كينيدي ورئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ يومئذ جورج ميتشل، كيف أن الأغنياء سوف يضطرون في النهاية إلى دفع حصتهم العادلة من الضرائب. بيد أن باعة اليخوت أوضحوا في تقاريرهم أنه قد جرى انخفاض في المبيعات بلغت 77 بالمائة كما أن صانعي اليخوت استغنوا عن 25000 عامل يعملون في منشآتهم. ماذا جرى؟ إن كينيدي وميتشل افترضا ببساطة بأن الأغنياء سوف يسلكون نفس السلوك بعد فرض الضريبة الباهظة مثلما كانوا يفعلون قبل ذلك، وأن الفرق الوحيد هو أن أموالاً أكثر سوف تدخل في صناديق الحكومة. لم يكونوا يملكون أية فكرة عن قانون المرونة في الطلب، أي أن الناس لا يستجيبون سلباً لتغير الأسعار. الحقيقة هي أن الناس يستجيبون والمسألة الوحيدة القابلة للنقاش هي كمية الاستجابة وعلى امتداد أية فترة.
إن نظرية المرونة ليست مقتصرة على ما يُعتبر عادة شأنا اقتصاديا؛ إنها تنطبق على جميع أطياف السلوك الإنساني. عندما يسأل والد طفله: “كم من العطايا يجب أن أسلب منك حتى تسلك سلوكاً سوياً؟” هذا سؤال يتعلق بالمرونة بالفعل. وبكلمات أخرى كم يجب أن تبلغ العقوبة حتى يقلل الطفل من سوء سلوكه؟ ومن السهل هنا أن نرى كيف أن نظرية المرونة تنطبق على إنفاذ القانون أيضاً: ماذا يجب أن نفعل لتأكيد المحاسبة والعقاب حتى نجعل المجرمين يرتكبون جرائم أقل؟
النظرية الاقتصادية تنطبق على ذلك بشكل عام. بيد أن كيان المجتمع فيما يتعلق بحقوق الملكية يؤثر في كيفية تطبيق تلك النظرية. الشيءُ ذاته صحيح بالنسبة لنظرية الجاذبية. فبينما أن القاعدة تنطبق عليها بشكل عام، إلا أن ربط مظلة هبوط إلى شيء سائر في الهبوط يُؤثر على كيفية انطباق قانون الجاذبية. مظلة الهبوط لا تلغي قانون الجاذبية، كما أن قوانين حقوق الملكية لا تلغي قوانين العرض والطلب.
حقوق الملكية تشير إلى من يملك السلطة الوحيدة لتقرير كيفية استخدام تلك الثروة. تسمى حقوق الملكية جماعية عندما تقرر الحكومة استخدامات هذه الثروة. وتكون فردية عندما يكون الفرد هو الذي يملكها وله وحده الحق في تقرير كيفية استخداماتها. إن حقوق الملكية الفردية تضفي كذلك على المالك حق الاحتفاظ بِـ وتملك وبيع ومنع الآخرين من استخدام ما يملك.
قد تكون حقوق الملكية محددة تحديداً دقيقاً أو غير دقيق. وقد يكون تطبيقها رخيصاً أو غالي الثمن. هذه وغيرها من العوامل تلعب دوراً مهما في النتائج التي نلاحظها. دعنا ننظر إلى بعض منها.
إن مالك منزل له مصلحة أكبر في مصير منزله من المستأجر. ومع أنه لن يكون موجوداً بعد خمسين إلى مئة سنة من الآن، فإن استخدامات بيته المستقبلية تؤخذ في الحسبان عند تقرير سعر البيع. وهكذا فإن ملاك المنازل يبدون اهتماماً أعظم في العناية وصيانة المنزل من المستأجر. إحدى الوسائل التي تمكن مالك المنزل من جعل المستأجر مشاركا في اهتمامات صاحب الملك هي أن يطلب منه دفع مبالغ تأمين.
وإليكم هنا سؤال تجريبي يتعلق بحقوق الملكية. أية وحدة اقتصادية يحتمل أن تعطي اهتماما أكبر لرغبات عملائها وتسعى لتحقيق أكثر وسائل الإنتاج كفاءة؟ هل هي الكيان الذي يسمح أصحاب القرار فيه بأن يحتفظوا لأنفسهم بالمكاسب المالية نتيجة إرضاء عملائهم والسعي لأساليب إنتاج أكثر كفاءة، أو هل هو الكيان الذي لا يستحق أصحاب القرار فيه المطالبة بأية مزايا مالية؟ فإذا أجبت بأنها الكيان الأول، أي الكيان الذي يتوخى الكسب، اذهب إلى عريف الصف.
وبينما توجد هنالك خلافات منهجية بين الكيانات القابلة للربح وتلك التي لا تتوخى ربحا، فإن أصحاب القرار في كليهما يحاولون تعظيم المداخيل. صاحب القرار في كيان لا يتوخى الربح سوف يسعى في الغالب لتحقيق مكاسب عينية، مثل سجاد فاخر وساعات عمل مريحة وإجازات طويلة ومحاباة للزبائن. لماذا؟ فعلى النقيض من نظيره الذي يتوخى الربح، فإن المكاسب المالية نتيجة السلوك الكفء لن تكون له. كذلك فإن صاحب القرار في كيان لا يقوم على الربح لا يستطيع أن يربح لنفسه المزايا كما لا يتكبد الخسائر، فهنالك ضغط أقل عليه لإرضاء عملائه وللسعي لانتهاج أقل وسائل الإنتاج كلفة.
تغييرات ضريبية
ربما تقول: “بروفيسور ويليامز، بالنسبة للكيانات التي تبغي الربح فإنها في بعض الأحيان تملك سجادا فاخرا كما يتوفر لديها حساب جار كبير، وتنتهج سلوكا مماثلا لأولئك الذين يعملون بالكيانات غير الربحية.” إنك على حق، ومرة أخرى القضية هي قضية حقوق ملكية. الضرائب تغير هيكلية الدخولات المتأتية عن حقوق الملكية. فإذا كانت هنالك ضريبة على الربح فإن أخذ المنافع نقدا يصبح أكثر كلفة. وتصبح أقل كلفة نسبيا أخذ بعض من تلك المكاسب بأشكال غير نقدية.
وليس المدراء وحدهم هم الذين ينتهجون مثل هذا السلوك. ولنفترض أنك في رحلة عمل. تحت أي من السيناريوهات يتوقع منك أن تنزل في فندق سعره 50 دولارا في الليلة وأن تأكل البيرغر كنج؟ السيناريو الأول هو عندما يعطيك رئيس عملك مبلغ 1000 دولارا ويقول لك احتفظ بما يتبقى لك من هذا المبلغ. السيناريو الثاني هو عندما يقول لك أن تقدم له قائمة محددة بالمصاريف التي تكلفتها وانه سوف يعيد إليك مبلغا يصل إلى 1000 دولارا كحد أعلى. بالحالة الأولى فإنك تأخذ لنفسك الربح في إيجاد أرخص وسيلة للقيام بالرحلة، وفي الحالة الثانية فإنك لا تفعل ذلك.
هذه الأمثلة هي مجرد لمحة عن التأثير الذي تمليه حقوق الملكية على تخصيص الموارد. إنها أحد أكثر المواضيع أهمية في مضمار الموضوع الجديد نسبيا في مجال القانون والاقتصاد.
هذا المقال بالتنسيق مع مجلة فريمان (نيسان 2006).
© معهد كيتو، منبر الحرية، 15 شباط 2007.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018