يريد الرئيس بوش مساعدة الأولاد في المدارس العامة الفاشلة. هذا حسن. يريد فعل ذلك من خلال إعطائهم قسائم فيدرالية للالتحاق بالمدارس الخاصة. ولكن هذا شيء سيء.
الرئيس على حق في تفضيله للخيار أمام الآباء والمنافسة بين المدارس. ان للحرية التعليمية تاريخ طويل ولامع يعود إلى أثينا القديمة—الأثينيون أعطونا الديمقراطية (بالرغم من شكلها غير المتطور) ومعظم الثقافة الغربية.
ليس هذا بالشيء الهيّن عندما نعتبر ارث إسبارطة القديمة، رائدة النظام التربوي الذي تديره الدولة، اسما لفرق كرة القدم في المدارس الثانوية.
ولكن إذا ما تناولتَ بالدراسة الخمس وعشرين قرنا اللاحقة من التاريخ التربوي، فستصل إلى نتيجة لا مفر منها: ان تمويل الحكومة للمدارس الخاصة يجلب معه سيطرة حكومية—وكلما ارتفع مستوى التدخل الحكومي، كلما أصبحت المشكلة أكثر جدية.
هولندا مثال جيد. ففي عام 1917، كان الهولنديون في عراك سياسي محتدم حول محتوى مدارسهم الحكومية. فلم تستطع المجاميع السياسية والدينية المختلفة الاتفاق على المنهج الرسمي (الا يبدو هذا مألوفا؟).
وبدلا عن سفك الدماء، توصلوا الى فكرة ألطف وأكثر اعتدالا: هي ان يمولوا أي مدرسة عليها طلب شعبي واضح. فيحصل الكاثوليك على مداس كاثوليكية، ويحصل الكالفينيون على مدارس كالفينية، وهلم جرى. عملت الفكرة كالسحر. وبعيدا عن تقسيم وبلقنة الجمهور، كما يخشى نقاد أسلوب اختيار المدارس الحديث، قامت حرية وتنوع التربية والتعليم بتفتيت الصراع الذي تسبب فيه النظام التعليمي الحكومي.
لحدّ الآن كل شيء على ما يرام، ولكن مع التمويل الحكومي، جاءت السيطرة الحكومية. اليوم، الحكومة هي التي تحدد مستلزمات تراخيص المعلم، وهي التي تحدد مستويات الرواتب، وتبت في طرد المعلمين، وتحدد جوهر المنهج الدراسي، وتحدد مدى الإنفاق، وتجعل من غير الشرعي اخذ مبالغ إضافية فوق مبلغ القسيمة، وتمنع تحقيق الأرباح في المدارس الخاصة. بعبارة أخرى، فان مدارس هولندا الخاصة “المستقلة” قد فقدت استقلالها.
في الحقيقة، مثلما هرب المتطهرون—البيوريتانيون—من كنيسة انجلترا المؤسسة، اعرف العديد من المعلمين الهولنديين الذين جاءوا إلى أمريكا للهرب من غطاء التدخل الحكومي في مدارس بلدهم الخاصة.
هنالك عدة طرق لتخفيف هذا الانتهاك التنظيمي. ان العمل على مستوى الولاية وليس على مستوى الأمة، على سبيل المثال، يمكن ان يلجم “مختبر” الفيدرالية. فالولايات التي أوغلت في تحجيم استقلالية المدارس الخاصة يحتمل ان تنفِّر وتطرد الآباء والمشاريع، مما ينتج رد فعل اقتصادي من شأنه ان لا يشجع الإفراط في التدابير التنظيمية. ان انعدام هذا العامل المخفف على المستوى القومي هو سبب رئيس لمعارضة مقترح الرئيس الفيدرالي للقسائم.
من الحلول المثلى للمشكلة التنظيمية هي تجنب استخدام أموال الحكومة على الإطلاق. هنالك قوتان محركتان تقفان خلف الرغبة في تنظيم المدارس التي تمولها الحكومة: معارضة الدفع للتعليم الذي ينتهك اعتقاداتنا، والرغبة في المساءلة. ان الحوافز الضريبية التعليمية على مستوى الولاية تتصدى لكلا الاهتمامين بشكل أكثر فاعلية من القسائم او الاحتكار الحكومي الموجود.
ان أمريكا في حرب ثقافية دائمة حول المناهج الدراسية في المدارس العامة، كالتفكير بـ”التصميم الذكي”، والصلاة المدرسية، والتعليم الجنسي، وانتقاء الكتب المنهجية، الخ. لقد أزال البرنامج التعليمي الهولندي الخاص الكثير من هذا الصراع، ولكن ليس كله. وفي الوقت الحاضر، هنالك عدم ارتياح في بعض أنحاء السكان الليبراليين عموما بشأن بعض المدارس الإسلامية الخاصة—ولا سيما في ذروة جريمة قتل مخرج الأفلام ثيو فان غوك الدينية الحافز. ولكن إذا ما تم تحجيم الوصول إلى المدارس الإسلامية الخاصة، فان المسلمين الهولنديين المطيعين للقانون سيعانون كثيرا. انه موقف خسارة-لخسارة، متأصل في تمويل الحكومة للتعليم.
ان الحوافز الضريبية تتجنب لعبة المجموع الصفري هذه. ان برنامج حافز ضريبي متكامل في التعليم يتكون من جزأين: حافز للآباء ليستخدموه في نفقاتهم، و حافز للأفراد والمشاريع التجارية التي تتبرع لمنظمات تمويل المنح الدراسية. الجزء الأول يساعد العائلات ذات الدخل المتوسط على دفع النفقات الدراسية لأبنائهم، أما الجزء الثاني فيضمن ان تحصل العائلات ذات الدخل الواطئ أيضا على الموارد التي تحتاجها للمساهمة في سوق التربية.
في ظل هذا النظام، لن يكون الفرد مجبرا على تمويل أي شيء قد يعترض عليه. تتضمن الحوافز الشخصية الناس الذين ينفقون أموالهم على أنفسهم، وتسمح حوافز التبرعات لدافعي الضرائب باختيار منظمة تمويل المنح الدراسية التي يرفدونها بتبرعاتهم. ولا تستخدم أية أموال حكومية.
ان المساءلة لدافع الضرائب تحت ظل الحوافز الضريبية اكبر بكثير من التعليم الحكومي او قسائم التعليم الخاص. ان كنت لا تحب الطريقة التي تنتهجها احد منظمات تمويل المنح الدراسية في تخصيص أموالك، فبإمكانك إعادة توجيه تبرعاتك نحو مكان آخر.
لذا، بينما كان الرئيس محقا في تفضيل الاختيار الأوسع للآباء والاستقلالية الأكبر للتربويين، هناك طرق لتحقيق تلك الأهداف أفضل من التوسع الخطير للتدخل الفيدرالي في مدارسنا. لنترك السلطة التعليمية للولايات وللناس—الذين يكفل لهم الدستور والتعديل العاشر هذا الحق.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 21 تموز 2006.