أسعار البنزين في المنظار

peshwazarabic8 نوفمبر، 20100

تبدو أمريكا في حالة من الفزع المذهل بشأن ارتفاع أسعار البنزين. ويعتقد مقدمو البرامج الإذاعية والمدافعون عن الفقراء في التلفزيون ان أعمال الشغب الواسعة باتت وشيكة وان مدنا كاملة ستحترق ما لم يفعل السياسيون شيئا لإنقاذ أمريكا من الليل الاقتصادي الحالك والطويل الذي خيّم علينا. في الحقيقة، ان أسعار البنزين اليوم تأخذ من محفظات جيوبنا عضة اقل مما كان عليه المعيار في الحرب العالمية الثانية.
على سبيل المثال، دعونا ننظر إلى عام 1955، وهو عام يقترن لدى غالبيتنا بالسيارات الكبيرة، والمحركات الضخمة، والوقود الرخيص—أيام المجد الآلي، إذا جاز التعبير. كان البنزين يباع بتسع وعشرين سنتا للغالون. ولكن الدولار الواحد عام 1955 كان يساوي أكثر من الدولار اليوم. فلو استخدمنا دولارات اليوم، لكان سعر البنزين دولارا وست وسبعون سنتا للغالون عام 1955.
ولكن البنزين اليوم يكلف ثلاث دولارات للغالون، إذن فنحن أسوأ حالا مما كان عليه الحال عام 1955، صحيح؟ كلا. لأننا كنا عام 1955 أفقر مما نحن عليه اليوم، إذ كان للدولار وست وسبعين سنتا تأثيرا اكبر على المصروف اليومي (بمعنى أنها كانت تمثل جزءا واسعا من الدخل) من الدولار وست وسبعين سنتا اليوم. إذا ما عدلنا أسعار البنزين ليس مع التضخم فحسب، بل مع التغييرات في معدل الدخل الاستهلاكي لكل فرد (والذي يعرف بالدخل ناقصا الضرائب)، فعليها (أي أسعار البنزين) ان تكلف اليوم خمسة دولارات وسبع عشرة سنتا للغالون الواحد لكي يكون لها نفس تأثير التسعة وعشرين سنتا في عام 1955.
دعونا نأخذ عاما آخرا مقترنا لدينا بأسعار البنزين الواطئة—عام 1972، العام الذي سبق حصار النفط العربي. كان البنزين يباع بست وثلاثين سنتا للغالون الواحد. وإذا ما عدلناه مع التضخم، فان السعر في الواقع كان دولارا وست وثلاثون سنتا في عملة اليوم. وإذا ما عدلناه ثانية في التغييرات التي يُحدثها في معدل الدخل الاستهلاكي للفرد، فيجب ان يكون السعر 2.66 دولارا للغالون لكي يكون له نفس تأثير اليوم.
هل كنا أحسن حالا عندما كنا نقود (سياراتنا) إلى محطة الوقود عام 1972 مما نحن عليه الآن؟ كلا، لان سياراتنا تحصل على مسافة ميلية اليوم أفضل بـ60 إلى 70% مما كانت عليه عام 1972 (22.4 ميلا للغالون الواحد مقابل 13.5 ميلا للغالون). وهذا يوازن أكثر من زيادة الـ10.5% في أسعار البنزين المكيفة وفقا للتغير في التضخم والدخل منذ ذلك الحين إلى الآن.
الآن دعونا ننظر إلى العام 1981، العام الذي تولى فيه رونالد ريغان الرئاسة. بيع البنزين بدولار وثمانية وثلاثين سنتا في ذلك العام، وهي تساوي 2.72 دولارا بعملة اليوم. وإذا ما سويَتْ وفقا للتغير الذي تحدثه في معدل الدخل الاستهلاكي للفرد، فعلى هذه الأسعار ان تكون 4.30 دولارا لكي يكون لها تأثير مساو. يمكن ان تكون هناك ثلاثة أسباب جعلت أسعار البنزين تبدو مرتفعة جدا في نظرنا اليوم. أولا، ان العديدين منا لا يثمنون التأثير الطويل الأمد الذي يمتلكه التضخم على الأسعار. ثانيا، ان العديدين لا يقدّرون مقدار الزيادة في دخلنا بالنسبة للأسعار. وأخيرا، ما زلنا نتذكر عام 1998 جيدا، وهو العام الذي واجهنا فيه أوطأ أسعار للبنزين منذ عام 1949. اذ بيع البنزين عام 1998 بـ1.03 دولارا للغالون، وهي توازي 1.21 دولارا للغالون الواحد في قياسات اليوم. سعر اليوم اكثر من ضعف ذلك، والناس يكرهون الزيادة في السنوات العديدة الماضية، وذلك لأنهم يعتقدون ان أسعار عام 1998 كانت طبيعية. ولكنها لم تكن كذلك.
الآن دعونا نضع الزيادة في أسعار اليوم على أساس المصروفات الحقيقة. ان الأسرة المتوسطة تنفق 136 دولارا للبنزين في كل شهر أكثر مما كانت في عام 1998، و114 دولارا في الشهر أكثر مما كانت تنفق عام 2002. ولكن، صدّق او لا تصدّق، ان الدخل الاستهلاكي الحقيقي (المعدل وفقا للتضخم) لكل أسرة قد تزايد بشكل أسرع حتى من أسعار المضخات؛ بمبلغ 800 دولارا في الشهر منذ عام 1998، و279 دولارا في الشهر منذ عام 2002.
وفقا لذلك، فان الأمريكيين، من حيث المعدل، مازالوا متقدمين اقتصاديا على اللعبة.
لا احد يحب أسعار البنزين العالية. ولكنها ليست سيئة على النحو الذي يعتقده معظم الناس. تذكّروا ذلك ولا تنسوه في المرة القادمة عندما يبدأ احد السياسيين او المدافعين عن الفقراء بتوزيع المعزقات.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 26 تموز 2006.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018