ازداد الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 45% في السنوات الخمس الماضية؛ فقد عانت الحكومة من عجز في موازنتها في ثلاثة وثلاثين سنة من السنوات السبعة والثلاثين الماضية؛ فكانت كلف برامج البالغين تنتفخ وتفرض أعباء كبيرة على كاهل الأجيال القادمة من العمال الشباب.
من الواضح ان صانعي السياسة يعجزون عن إدارة “حكومة حكيمة مقتصدة،” كما نصح توماس جيفرسون في خطابه التنصيبي الافتتاحي. المشكلة الرئيسة هي أن قواعد الموازنة الفيدرالية قد تكدست لصالح توسع البرامج المستمر. ان أدوية الرعاية الصحية الباهظة والانفجار في الإنفاق الحكومي توضحان كيف ان انعدام السيطرات البنيوية يقود إلى زحف غير منتظم للإنفاق، والإنفاق والإنفاق.
تتم إدامة بعض الانضباطية، على مستوى الولاية، من خلال السيطرات الموازناتية المكثفة. فعلى سبيل المثال، ان لدى كل ولاية (ما عدا فيرمونت) متطلبا تشريعيا او دستوريا للقيام بموازنة موازنتها المالية. بالإضافة إلى ذلك، ان لدى قرابة العشرين ولاية نوعاً من الحد النهائي للايرادات او الإنفاق. فقد حدد دستور كولورادو نمو إيرادات الولاية عند حاصل جمع نمو السكان زائدا التضخم. أما الإيرادات الزائدة فوق الحد المقرر فتسترد إلى دافعي الضرائب. ان هذا النوع من الحد الأعلى في الموازنة هو ما تحتاجه واشنطن بالتحديد.
نادرا ما جرّب الكونغرس الحدود العليا في الموازنات. ان قانون غرام-رودمان-هولنغز لعام 1985 قد فرض سلسلة من الحدود والأهداف لانخفاض العجز على مدى خمس سنوات. فاذا لم تتم تغطية هدف العجز في عام معين، يقوم الرئيس بصورة أوتوماتيكية بقطع الإنفاق او منعه عن مجموعة واسعة من البرامج. استبدل الكونغرس قانون غرام-رودمان-هولنغز بقانون تفعيل الموازنة لعام 1990، والذي فرض حدا سنويا أعلى على حرية التصرف بالإنفاق، وجعل من الأكثر صعوبة توسيع برامج الحكومة.
أما إصلاحات الموازنة المالية الأكثر وضوحا فقد أخفقت في المرور. فقد اقترح مجلس الشيوخ عام 1982 تعديلا لموازنة الموازنة المالية في الدستور، وصوّت لصالحه 69 ضد 31، ولكن التعديل اخفق في الحصول على موافقة الثلثين في المجلس. اما في عام 1995 فقد اقترح المجلس تعديلا لموازنة الموازنة المالية بأغلبية 300 صوت ضد 132، ولكنه فشل بفارق صوت واحد في مجلس الشيوخ.
يسعى اصلاحيو اليوم نحو طرق تشريعية، وليس دستورية، للسيطرة على الموازنة المالية، والتركيز على سيطرة الإنفاق، وليس تقليل العجز، بسبب الإدراك بان العجز هو منتج عرضي لمشكلة الإنفاق المفرط.
يقوم النائبان جون كامبل (نائب عن ولاية كاليفورنيا)، وتود اكين (نائب عن ولاية ميزوري) بتقديم مشاريع قوانين لتضع حدا تشريعيا أعلى على النمو السنوي في إجمالي الإنفاق الفيدرالي. وستغطي هذه السيطرة ليس فقط حرية التصرف في الإنفاق في ظل قانون تفعيل الموازنة، بل برامج الحكومة أيضا. سيكون هذا مفهوما لان البرامج هي التي تدفع الحكومة صوب الأزمة المالية.
في ظل سيطرة الحد الأعلى، سيجري تحديد نمو الإنفاق مقارنة بنمو مؤشر مثل الناتج المحلي الإجمالي او الدخل الشخصي. من الخيارات الأخرى في قياس الحد الأعلى هو مجموع نمو السكان زائدا التضخم. على سبيل المثال، إذا تنامى السكان بنسبة 1% والتضخم بنسبة 3%، فان الإنفاق الفيدرالي يمكن إن ينمو إلى 4% كحد أعلى. ان سيطرة الحد الأعلى ستضمن أن الحكومة لا تستهلك حصة زائدة من الاقتصاد، مثلما ستفعل في ظل السياسات العامة المعتادة في واشنطن. إذا ما انتهت السنة المالية ولم يتم ضبط السيطرة، سيكون لزاما على الرئيس قطع الإنفاق الشامل، بواسطة النسبة المئوية المطلوبة لكي تسد حاجات الحد الأعلى. تمتلك قوانين غرام-رودمان-هولنغز، وقانون تفعيل الموازنة، آليات للحجز او المصادرة، ولكنها لا تغطي سوى أجزاء من الموازنة.
لن تحلّ سيطرة الحد الأعلى للإنفاق مشكلاتنا المالية. ولكنها ستوفر حماية ضد سيناريو الحال الأسوأ للمزيد من الإنفاق الذي يحدد الرئيس بوش حجمه، ولكن ذلك لن يضمن قيام الكونغرس بإتباع خطة إصلاح مرتقبة، مثل الخطة الجديدة من لجنة دراسة المجلس الجمهوري.
من المساوئ الأخرى للحد الأعلى للموازنة هي انه إذا ما قرر صانعو السياسة أنهم لا يريدون الالتزام بها، فإنهم يستطيعون إلغاءها. إذا ما كانت هناك سيطرة للحد الأعلى، فان المحافظين داخل الكونغرس وخارجه سيتوجب عليهم الدفاع عن رمز بارز من التقيّد المالي. وبمرور الوقت، سيسهم الوعي الشعبي والعرف الموازناتي في دعم تفعيل السيطرة.
يحتاج المحافظون إلى أفكار إصلاح جديدة ليلتفوا حولها. عند الذهاب إلى انتخابات عام 2006 والانتخابات الرئاسية الأولية لعام 2008، سيدّعي كل مرشح ان يكون مسؤولا ماليا، وسيعبر عن اهتمامات ومخاوف جدية حول الإنفاق المفرط والعجز. وسيكذب معظم المرشحين، أيضا.
ان وضع سقف للإنفاق، والذي هو اختبار فاصل لكافة المعتقدات المتعلقة بالموازنة المالية لكل مرشح، لهو فكرة إصلاح جديدة سيبدأ الكونغرس بالجدل حوله مباشرة. هل يجب استمرار موازنة الحكومة في النمو بسرعة تفوق سرعة نمو موازنة العائلة المتوسطة؟ ام على صانعي السياسة ان يقوموا ببعض المبادلات ويقطعوا برامج الأسبقيات المتأخرة؟ إذا كان القادة الجمهوريون يعتقدون بالخيار الثاني، فعليهم اعتناق سيطرة شاملة للحد الأعلى على الإنفاق الفيدرالي. ان القيام بهذا الشيء سيوقظ أيضا الدعم والتأييد من القاعدة المحافظة ذات التشكيك المتزايد.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 6 أيلول 2006.