جمهورية العسكر والدولة الفاشلة

حواس محمود11 نوفمبر، 20100

منذ أواسط الخمسينيات ومرورا حتى السبعينيات وإلى حد ما في الثمانينيات سيطر نمط  من الحكم اتسم بأنه نمط عسكري انقلابي شمولي توتاليتاري ديكتاتوري استبدادي ، هذا النمط في معظم  مناطق سيطرته -سواء في القسم الآسيوي للمنطقة العربية أو القسم الأفريقي منه- جاء تحت شعارات تحرير فلسطين والوحدة العربية والدفاع عن مصالح الجماهير وتخللت بعض الشعارات الاشتراكية أو الإسلامية في خطابه  ، لكنه لم يحقق لا الأهداف التي انطلق منها ولا الشعارات التي تشدق بها بقيت فلسطين تحت الاحتلال ولم تسد القوانين الإسلامية الحقيقية في العدل والشورى والمساواة بل كانت تلك الشعارات مجرد حجج وتبريرات واهية لكي تفرض شرعيتها المزيفة على مقاليد الحكم والتحكم بمصائر الملايين من الشعوب العربية البسيطة المغلوب على أمرها وتم فرض أحكام الطوارئ والأحكام العرفية وزج في السجون والمعتقلات  ولا يزال العديد من المناضلين والشرفاء والمدافعين عن الوطنية الحقيقية والديمقراطية -كأسلوب حياة وطريقة حكم هدف نبيل للسلم والعدل والإخاء.
ومع مرور الأعوام استفحلت أزمة هذا النمط من الحكم وتكشفت أوراقه فلا الحر ية تحققت بل ساد القمع وكممت  الأفواه وفتحت السجون والمعتقلات لخيرة أبناء الشعب والوطن ، ولا الإسلام طبق بقيمه وعدالته وروحه السمحة والنبيلة ولا الاشتراكية تحققت إذ ساد الفقر والفساد والتهميش والقهر الاقتصادي بامتياز ، ولا الوحدة تحققت بل سادت التجزئة والتمزق وفرضت الدولة القطرية العربية قوانين صارمة على حرية حركة البضائع والمنتوجات بأنواعها وكذلك على حرية تنقل الأشخاص بين حدود الأمة العربية الواحدة في اللغة والتاريخ والجغرافية والمصير والتحديات المشتركة.
إذن هذا هو حال الدولة القطرية العربية ومع ذلك لا زلنا نسمع من يمجد بهذه الأنظمة وكأنها قد حققت لشعوبها جنات الفردوس وشعوبها ترفل في بحبوحة ونعيم
وتغيرت الشعارات تحت نفس المضامين والممارسات ولكن بأثواب وألبسة ومكياجات كثيرة ومتنوعة فمن التقدمية والرجعية الى الصمود والتصدي والدول العميلة الى الممانعة والاعتدال والله أعلم بما ستتفتق عقلية إعلام هذه الأنظمة بأي  مقولات وشعارات قادمة و كلها تساهم في إبقاء هذه المجتمعات تحت رحمة الغرب وحركيته الاستغلالية ومصالحه واستراتيجياته واستفادته من التقانة والعولمة وحرية السوق .. الخ
للأسف لا نجد إلا القليل من الأقلام  التي تتناول ظاهرة الدولة العربية بعد رحيل المستعمر الغربي وانتشار الفساد والخراب في الإدارت الحكومية والخاصة الأمر الذي لا يبشر  بأي خير للشعوب العربية بل تنبؤ بأحداث كثيرة ووخيمة ستدفع شعوب المنطقة ضريبة قاسية وستلفي نفسها وهي واقعة في صحراء قاحلة وقد جفت ينابيع الثروة والمال ولم يعد الندم ينفع وعندها فقط ستدرك ماذا عملت هذه الأنظمة بمصائرها ولكن بعد فوات الأوان.
المطلوب من النخبة الانطلاق من  روح المسؤولية والتنبيه عن المخاطر القادمة جراء فشل الدولة العربية المسماة الحديثة وهي دولة حديثة بالاستيراد والاستهلاك لا بالإنتاج والاستثمار وبخاصة الاستثمار البشري الذي هو أغلى وأهم استثمار وبعيدا عن التحجج بالشعارات الثورية والعبارات الطنانة  والجمل الرنانة لأن النوم الإيديولوجي مخادع وطويل ومخيب للآمال فهل من استفاقة قبل أن يدلهم الظلام الدامس.
© منبر الحرية، 31 يوليو/تموز 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018