الانتخابات الأخيرة تشكل نكسة لعملية السلام الهشة، وقد تكون مأساة للفلسطينيين، الذين من الممكن أن يكونوا الخاسر الأكبر فيها. ومع ذلك، فإن الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية يجب أن يتواصل في الوقت الراهن.
من المؤكد أن حماس سوف تشكل الحكومة، والقادة في بلدان مجاورة مثل مصر، حيث تتواجد جماعات إسلامية قوية، يشعرون بعصبية متزايدة إزاء ذلك.
هل حماس تنمّي توجهاً أصولياً خطراً، من شأنه إخراج العملية السلمية عن سيرها إلى أجل غير مسمى، وتضيف إلى عدم الاستقرار في المنطقة؟
على الرغم من الانتخابات التي جرت بدعم قوي من حكومة الولايات المتحدة، فقد شعر كثيرون بأنه كان من الواجب تأجيلها –بمن في ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الاضطراب في المنطقة لم يكن مؤاتياً لإجراء انتخابات عقلانية. كان متوقعاً أن يكون أداء مرشحي حماس جيداً، ولكن لا أحد تنبأ لها بانتصار ساحق.
نتيجة الانتخابات جاءت إلى حد ما بسبب الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية، وغياب نتائج ظاهرة من عملية السلام، والبطالة العالية في صفوف الشبان من شعب فلسطين. لقد تم النظر إلى حماس كحل يائس لما رأوه وضعاً يائساً لا رجاء فيه.
والآن، تسعى الأسرة الدولية لرسم إجابة مناسبة على خط حماس التاريخي المتشدد ضد حل سلمي مع إسرائيل. منذ اتفاقيات أوسلو، والولايات المتحدة والعديد من البلدان الأوروبية، تقدم المساهمات لدعم احتياجات السلطة الفلسطينية اليومية. لقد أصبح ذلك الخبز والزبدة التي تدعم معظم النشاطات الحكومية، الهادفة إلى مساعدة القطاعات الأكثر حاجة بين الشعب الفلسطيني.
وَقْف هذا الدعم من شأنه أن يؤدي إلى نتيجتين: أولاً، داخلياً، سوف يخلق مزيداً من التعاطف مع حماس والمزيد من تقوية صورتها كحكومة للمستضعفين. سوف يقوي مركزها السياسي ويدفعها أبعد فأبعد عن عملية السلام. ثانياً: عزل حماس الآن سوف يزيد من عداء العالم العربي للغرب. وقد يترجم هذا إلى مساعدات مالية إضافية من شأنها زيادة قوة حماس. سوريا وإيران وجماعات إسلامية عديدة من المرجح أن تحل محلَّ معظم ما سوف يتوقف من دعم الولايات المتحدة وأوروبا، وبالمقابل تحقيق نفوذ سياسي.
عندما تجد نفسها في السلطة، سوف تسرع حماس في إدراك الحقائق السياسية والاقتصادية. الحكم من الداخل سوف يكون له بعداً مختلفاً كلياً.
سوف تفهم حماس بأنها لا تستطيع العمل بدون المساعدات المالية الهائلة التي كانت تنصب إلى السلطة من المجموعة الدولية. فإذا انتفت هذه المساعدة الحيوية، فإن حماس لن تستطيع أن تدفع لخدمات القطاع العام. كما أن ذلك سوف يصيب بالشلل الاقتصاد الهش الذي عانى من تدهور عام منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت في أيلول عام 2000.
الأمل هو في أن تدرك قيادة حماس بأنها في حاجة إلى أن تصبح جزءً من المجموعة الدولية، وأن تفهم، مثل معظم العالم العربي، بأن إسرائيل موجودة لتبقى.
يتوجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إعطاء حماس فسحة قصيرة من الزمن لتعيد التفكير في سياساتها المتشددة. ومثل ذلك سوف يتيح للحكومة الجديدة الخروج من زهو الانتصار إلى واقع السياسة.
فإذا فشلت حماس في تغيير أهدافها المتشددة، فإن عملية السلام في الشرق الأوسط سوف تتعرض للفشل.
في تلك الحالة يتوجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إيجاد حل بديل للمساعدات، من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين وتجاوز حماس في عمل ذلك.
بروز حماس كقوة سياسية مرشح لأن يأخذ أياً من المسارين. ومع أنه من غير المحتمل ذلك، فإن حماس قد تفاجئ المجموعة الدولية وتبرز كشريك قوي في السلام. هذا الاحتمال يجب أن يدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إعطاء حماس فرصة للتيقظ وتغيير المسار.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 5 آذار 2006.