رجا كمال

peshwazarabic21 نوفمبر، 20100

كان يفترض أن يكون عام 2006 بالنسبة للبنان عاماً مميزاً فائقاً. كانت التوقعات من الناحية الاقتصادية بأن تسجَّل أرقامٌ قياسية بحضور مليوني سائح—وهي موارد يحتاجها لبنان لدعم الثقة في شعب مصدوم. لسوء الحظ لم يتحقق أي من تلك التوقعات. وبدلاً من ذلك فقد كان لبنان المسرح لحرب مكلفة استمرت شهراً كاملاً بين إسرائيل وحزب الله، كما أنها الآن ميدان لنزاع خطير واصطفاف خطرٍ شبيهٍ بالحرب الأهلية بين السنّة والشيعة التي تجري في العراق. شوارع بيروت تبدو على شفا كارثة. ولكن من المهم أن نتذكر بأن مشاكل لبنان ليست من صنع محلي. إنها عالمية في طبيعتها—سواء في نشأتها أو في حلولها.
جذور الصراع هي في جوهرها شخصية. لقد كانت الحرب في لبنان في شهر تموز الماضي كنوع من المبارزة الشخصية الذاتية بين أيهود أولمرت في إسرائيل وبين حسن نصر الله زعيم حزب الله. كان أولمرت تواقاً إلى إثبات أن انعدام خبرته العسكرية ليست مانعاً أمام قيادته، بينما أراد نصر الله أن يحرز العظمة والسمعة اللتين تتأتيان من مقارعة إسرائيل، وهي أقوى القوى في المنطقة. بيد أن هذه الحرب الشخصية الذاتية تجاوزت بكثير النزاع المباشر. إن النتائج المضطربة لتلك الحرب عرّضت أولمرت إلى التحقيق البرلماني في إسرائيل، كما أنها أعطت نصر الله القوة والحافز لاكتساب المزيد من النفوذ في لبنان، وإلى مزيد من اصطفاف الشعب. اليوم نصر الله يستغل تلك المكاسب استغلالاً تاماً. إنه وبمعونة مالية من طهران يحاول تغيير الديناميكية السياسية في لبنان لصالحه.
كانت الحرب الأهلية اللبنانية في عقد السبعينات حرباً في غالبيتها بين المسيحيين والمسلمين. أما اليوم فإن لبنان على ما يبدو هو منقسم نصفياً على الحكومة برئاسة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة والمعارضة التي يرأسها حسن نصر الله. ففي الداخل يحظى السنيورة بتأييد غالبية المسيحيين، والسنّة، والدروز. أما نصر الله فإنه يستند إلى تأييد الشيعة وبعض الجماعات المسيحية وغيرهما من الجماعات المؤيدة لسوريا والتي تتلهف لاسترجاع مواقعها السياسية التي خسرتها عندما أُرغمت سوريا على مغادرة لبنان في عام 2005.
هذه السياسات الداخلية المعقدة تزداد تعقيداً نتيجةً للعلاقات الدولية والتعاطف والمصالح الإقليمية. خارجياً فإن فؤاد السنيورة يحوز على تأييد الغرب—الولايات المتحدة وفرنسا في طليعتها—ومعظم الحكومات العربية السنية بما في ذلك المملكة العربية السعودية. أما المؤيد الرئيسي لحسن نصر الله فهو إيران ومعها سوريا وكيلتها.
لم يكن السنّة والشيعة في لبنان في يوم من الأيام أبعد عن بعضهم بعضاً مما هم عليه الآن. إنهم يتجهون نحو انقسام سياسي شبيه بذلك الذي كان يفصل بين البروتستانت والكاثوليك في إيرلندا الشمالية في أوج صراعهما في عقد السبعينات. ومع تسلح حزب الله هذا التسلح الشامل، فإن طموحات نصر الله للسيطرة تملك القدرة على تدمير لبنان. وقد أعطى قبل أيام بياناً أعلن فيه بأنه يملك القدرة على قلب حكومة السنيورة. لقد أصبحت دوافعه تتبلور شيئاً فشيئاً.
الحالة في لبنان أصبحت الآن يائسة إلى درجة تتطلب توجهات سياسية جديدة. التوترات المستمرة بين طهران وواشنطن تتفاعل على أرض لبنان. ونتيجة للمكاسب التي حققها شيعة العراق في أعقاب “تحرير العراق” فقد وجد الشيعة اللبنانيون الآن الفرصة للهيمنة على لبنان وإدخال إيران الثيوقراطية الدينية. لا يجب أن يسمح لذلك بأن يقع.
وكما هو الحال في العراق، فإن إيران الآن تستخدم حزب الله للنيل من استقرار لبنان كما هي مستمرة في السعي لزيادة نفوذها السياسي. لقد قاوم السنّة وحلفاؤهم المسيحيون في لبنان بنجاح تلك المحاولات حتى الآن. اللعبة التي تقوم بها طهران وحزب الله خطيرة جداً.
إن شعبية حزب الله التي اكتسبها بعد حرب الصيف ضد إسرائيل قد ذوت الآن في العالم العربي السنّي. السنّة في لبنان الآن يشككون في ولاء الشيعة: هل هم لبنانيون وتصادف كونهم شيعة، أم أنهم شيعة تُفرض عليهم السياسات من إيران؟ إذا ما أُرغمت الحكومة على الانهيار نتيجة جهود نصر الله ومؤيديه، فإن لدى لبنان الكثير من العناصر التي تهدد بجعله عراقاً آخر مع إمكانياتٍ قاتلة جداً بالنيل من استقرار شرقي البحر الأبيض المتوسط. كما أن إمكانيات وقوع الاضطرابات يمكن أن تجر بعض شعوب الخليج العربي إلى الاقتراب أكثر إلى إيران مع تواجد مجتمعات شيعية كبيرة.
إن تغيير النظام في العراق والمستنقع الذي حلّ محله منذ ذلك الحين قد أفاد إيران وحلفاءها الشيعة. حزب الله هو أحد أولئك المستفيدين. إن جهود نصر الله الأخيرة لقلب الحكومة اللبنانية إنما يخدم كمؤشر ومذكر للفشل الأمريكي في العراق وفي غضون ذلك فإن لبنان ينزف دماً بغير قدرة على وقفه. إن من الضرورة بمكان أن تطالب المجموعة الدولية بتجريد حزب الله من السلاح وأن تُنفِّذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي يزيل عملياً قدرة إيران وسوريا على إبقاء جنوب لبنان كساحة عسكرية مفتوحة لحرب استنزافٍ بالوكالة ضد إسرائيل. ولا يجب أن يُقبل أي شيء أقل من ذلك.
© معهد كيتو،منبر الحرية، 14 شباط 2007.

peshwazarabic21 نوفمبر، 20100

الإسلام، وهو أحد أسرع الديانات السماوية انتشاراً في العالم، قد جوبه بالتحدي لتحديد معايشته مع الديانات الأخرى منذ 11 أيلول 2001. إن الهوية وفحص الذات قد أرغمت مسلمين عديدين في مختلف أنحاء العالم على دراسة توجه دينهم في خضم الإرهاب والتطرف اللذين ارتبطا بالإسلام خلال السنين الأخيرة.
هذا التحدي هو أقسى بكثير بالنسبة للمسلمين في بريطانيا. إنهم دعاة في الخطوط الأمامية يعيشون بين أمة تزداد شكوكها. إنهم يحاولون أن يشرحوا لماذا أن الإسلام لا يتفق مع الإرهاب وكيف أن الأحداث الرهيبة التي وقعت في تموز 2005 كانت نتيجة أفعال عدد من الأشخاص الفاسدين الذين اختطفوا دينهم وأساءوا إلى صورته. المقالات الأخيرة التي نشرت حول نمو الراديكالية بين الطلبة المسلمين في الجامعات البريطانية والمناقشات التي دارت حول الحجاب قد هيمنتا بشبحهما على الجالية المسلمة في بريطانيا. ومع ذلك فإن التحدي الأعظم الذي يواجه البريطانيين المسلمين هو في تحديد هويتهم كبريطانيين وهم في الوقت ذاته مسلمون وليسوا مجرد مسلمين يعيشون في بريطانيا.
المسلمون هم قادمون متأخرون نسبياً للمملكة المتحدة. معظمهم ما زالوا يتمسكون بقيم عائلية قوية التي تؤكد على التقاليد الثقافية التي تربطهم ببلدانهم الأصلية حيث كثيراً ما تكون السياسة متداخلة مع الدين. ولكن وحتى يتمكن المسلمون من الاندماج بنجاح في الثقافة البريطانية فإنهم يحتاجون إلى أن يكونوا صادقين ليس فقط مع دينهم ولكن أن يستطيعوا الاندماج أيضاً على الأقل في معظم وأهم القيم في الثقافة الأوروبية. إن تحقيق الهدف الأخير هو عملية تطورية تحتاج إلى الوقت والجهد.
قد يكون من المفيد للمسلمين أن يتفحصوا النجاح الذي أحرزه المهاجرون اليهود في الاندماج في الولايات المتحدة. ومثل كثيرين من المهاجرين إلى أمريكا الشمالية فقد كان لدى المهاجرين اليهود قضاياهم الخاصة بهوياتهم اضطروا إلى مواجهتها قبل حوالي القرن. لقد وصل معظمهم من أوروبا وكان على اليهود أن يتعلموا بسرعة كيف يصبحون أمريكيين مع الاحتفاظ بهويتهم اليهودية.
الذوبان في المجتمع الجديد كان يعني لهم عملية بطيئة من الابتعاد عن بلادهم القديمة ولكن مع ذلك فقد احتفظوا بالهوية الثقافية التي مكنت اليهود من الاحتفاظ بوحدتهم. وبتطور الجيل الثاني برز الأمريكيون اليهود ومعهم مجموعة جديدة من القضايا الداخلية والاستراتيجيات لتدبير أمورهم.
اجتماعياً، كان هنالك مقاومة مبدئية واجهت العائلات اليهودية المهاجرة من قبل السكان المحليين. وقد خفت حدة هذه المقاومة مع مرور الوقت—ولكنها لم تختفي كلياً. وقد تعود اليهود على مواجهة التمييز بين الحين والآخر ولكنه كان متواصلاً، ولكنهم تعلموا كيف يتحدونه بشكل موحد عن طريق إنشاء لجان عمل سياسية ومنظمات غير ربحية.
المسلمون الأوروبيون تحدروا من منابت أكثر تعددية وتباعداً، وما يجمعهم هو أقل إلى حد كبير ثقافياً مما كان يجمع المهاجرين اليهود في أوائل القرن العشرين وأواخر القرن التاسع عشر. لذا فإن الدين كثيراً ما يكون هو عنصر التوحيد الوحيد الذي يجمع بين المصريين والباكستانيين والصوماليين.
وحيث يأخذ المسلمون بإعادة النظر في أولوياتهم، فإنهم يستطيعون كذلك الاستفادة من النظر إلى تطور اليهودية في الولايات المتحدة. فبإدراكهم بأن التعاليم الدينية اليهودية قد تطورت لمواكبة التغيرات الاجتماعية الصادرة نتيجة نزوح جماهيرهم من مختلف أسقاع العالم إلى الولايات المتحدة، فقد أصبح الحاخامات في الولايات المتحدة أكثر مرونة تدريجياً وأخذوا يغيرون من رسالاتهم بحيث تتواكب مع مستلزمات وجودهم ضمن التجمعات الأمريكية.
يتوجب على المسلمين البريطانيين وغيرهم من المسلمين الأوروبيين النظر في الأخذ بهذا الأسلوب وأن ينتهجوا سياسة تجعلهم مستقلين عن أية سيطرة دينية من البلدان التي تحدروا منها. وعلى سبيل المثال يتوجب على المدارس الخاصة التي تدعوا إلى توجهات سياسية ودينية تتعارض مع القيم الغربية في التسامح أن لا تُشجع وأن لا تُؤيد من قبل الجاليات المسلمة. تلك المدارس تجعل الاندماج في المجموعات الأوروبية الأكبر أكثر صعوبة بالنسبة للأطفال المسلمين ومن شأنها أن تقود إلى مواجهات اجتماعية مع البلدان التي ارتضوها وطناً جديداً.
على القادة المسلمين أن يتفحصوا الحاجات المحلية التي تؤثر على رعاياهم وأن يكونوا القوة الدافعة لاندماج أقوى في المجتمع البريطاني. وعندما يتعرضون للاضطهاد يتوجب عليهم أن يتحدثوا مجتمعين بصوت واحد. وعندما تحل الفظائع بإخوانهم وأخواتهم في بلدان مثل دارفور، عليهم أن يكونوا أول من يتحدث ويستنكر.
الإسلام دين غني وعريق ولديه الكثير مما يُعطي. على المسلمين الأوروبيين أن يُتيحوا لدينهم بالتطور بشكل يتوافق مع قيم الوطن الأوروبي الذي أصبحوا مواطنين فيه. إنها فترة تأقلم ولا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها.
إن اندماجاً ناجحاً هنا سيكون له انعكاسات إيجابية وتداعيات على مستوى العالم. لقد وُجه اللوم إلى المسلمين بشكل عام بسبب أحداث 11/9 وكذلك الهجمات التي وقعت في لندن. لقد كان ذلك خطأً يؤسف له. يجب أن لا يُعتبر بليون مسلم مسؤولين بسبب عمل قام به 19 قاتلاً. ومع ذلك فإن كثيراً من المسلمين في أوروبا يواجهون الآن تحدياً في تحديد وإعادة صياغة تفسيرهم لدينهم. إنها فرصة يتوجب الأخذ بها.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 17 كانون الأول 2006.

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

قضية جوهرية تواجه أولئك الذين يسعون إلى تهدئة آخر جولة من النزاع في الأراضي الفلسطينية: كيف يمكن لحماس بأن تصبح وسيط قوة في زمن تتعرض فيه إلى مقاومة من قبل المجموعات الإقليمية والدولية؟
الاهتمام الأساسي يُركز على نوعية الحياة اليومية البائسة التي يُعاني منها الفلسطينيون، وكذلك اليأس السياسي الذي يستهلك نفوسهم.
إن نشوء حماس هو نتيجة مباشرة للفشل الذريع الذي مُني به الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسلفه ياسر عرفات بالتفاوض والتوصل إلى أوضاع أفضل لشعبهم تستند إلى أسس اقتصادية صلبة.
الانهيار قد نشأ عن الجمع بين حكومة فاشلة غارقة في الفساد وفشل إسرائيل في دعم وتنمية شرعية السلطة الفلسطينية. وقد أدت النتيجة إلى نشوء عدم الثقة والإحباط واليأس الذي ساعد في نهاية الأمر إلى وصول حماس إلى السلطة.
عندما نتأمل في الذكرى الأربعين لحرب 1967 العربية الإسرائيلية فإننا نستذكر التدهور المتواصل في الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني. ففي عام 1968 كان متوسط دخل المواطن العادي الإسرائيلي عشرة أضعاف متوسط دخل المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة اللذين كانا قد احتُلا في ذلك الوقت. واليوم فإن الناتج المحلي الاجمالي للفرد الإسرائيلي هو أكثر من 20 ضعف الفلسطيني. كما إن أكثر من 60% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر.
في غزة وهي قلب الصراع الأخير، فإن الوضع هو الأسوأ. ففي تقرير صدر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي/البنك الدولي، تبين أن 75% من سكان غزة يُعتبرون فقراء وأن أكثر من 40% منهم عاطلون عن العمل. وخلافاً للاقتصاد الإسرائيلي المزدهر، فقد فشل الاقتصاد الفلسطيني في إحراز التقدم. الأوضاع الرهيبة يُمكن تفسيرها جزئياً كنتيجة للإغلاق الاقتصادي والجغرافي الذي فُرِضَ على قطاع غزة وهو من أكثر المناطق اكتظاظاً في العالم.
الفجوة الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية سوف تتسع وفق التقديرات. هذا التفاوت الاقتصادي قد ساهم في تغذية الشعور العميق بالإحباط واليأس على مستوى شخصي عميق بين الشباب الفلسطيني، بحيث أشعل الغضب وأثار العواطف التي بدورها تُشعل العنف، بحيث أصبح ذلك الشباب هدفاً طبيعياً للتجنيد في منظمات متشددة مثل حماس.
ربما تكون الفرصة الذهبية المضاعة في عقد السبعينات والثمانينات عندما كانت إسرائيل تسيطر بشكل تام على الضفة الغربية وغزة. كان يتوجب على إسرائيل استثمار موارد كافية في الاقتصاد الفلسطيني بهدف رفع المستويات الاقتصادية فوق تلك القائمة في البلدان العربية المجاورة. لو تم مثل ذلك لكان استثماراً حكيماً، لأنه كان سيجلب مزايا مقارنة للشعبين كليهما. الحوافز الاقتصادية والتنموية المركَّزة كان بإمكانها تحسين نوعية الحياة وإيجاد قفزات نوعية كبيرة على مستوى المعيشة. فالرفاهية هي أفضل سلاح لمجابهة التشدد والتعصب. ربما كان باستطاعة وارين بافيت وغيره من الرياديين الاستثمار لا في إسرائيل وحدها ولكن في رام الله والخليل ونعم، كذلك في غزة!
إن أكثر مصادر بعث الأمل والحياة الطبيعية للفلسطينيين تكمن في دفع مباشر للعجلة الاقتصادية التي توقفت عن الحركة إلى درجة خطيرة من البُطء. إنها لحظة مفصلية للفلسطينيين. هذا سوف يكون السلاح الأعظم الذي يمكن بواسطته تهميش التشدد من الداخل. فالفلسطينيون يحتاجون إلى أن يفهموا بأن وطناً مُستقراً يقوم على عاملين أساسيين اثنين: حكم القانون والنظام بالإضافة إلى اقتصاد سليم وشفاف. إنهم يحتاجون إلى المساعدة الدولية في كلا الهدفين في آن معاً، وفي الحال.
لقد حل الرئيس محمود عباس وزارة حماس وأعلن حكومة الطوارئ. ومن الأمور الحتمية أن تقوم المجموعة الدولية بالتقدم نحوها ومساعدتها. مساعدات عاجلة وكثيفة هي ما تحتاج إليه لضمان بقائها. وحيث تخرج حماس كقوة متشددة ترفض المهادنة، يتوجب على المجموعة الدولية بشكل عاجل مساعدة السلطة الفلسطينية للوقوف في وجهها. التردد في فعل ذلك قد يكون خطوة إلى الوراء وأمراً خطراً وله ثمن باهظ.
إن النجاح الاقتصادي التاريخي الذي حققته إسرائيل ما بين العام 1950 و1965 يرجع إلى حد كبير إلى تدفق رؤوس الأموال الأجنبية عليها وبشكل رئيسي من الولايات المتحدة التي سمحت لإسرائيل بالاستثمار في المشاريع الداخلية. وقد بلغت المساعدات في بعض السنوات إلى ما يقارب أكثر من 25% من ناتجها القومي الاجمالي وقد أتاح ذلك القيام ببرامج استثمارية كبيرة التي أبقت التنمية موازية لتدفق السكان المهاجرين ولتوسيع الاقتصاد. الفلسطينيون الآن يحتاجون إلى تدفق رؤوس أموالٍ مماثلة والتي من شأنها أن تسمح لهم بتطوير وإنضاج اقتصادهم وخلق فرص عملٍ يحتاجون إليها احتياجاً كبيراً. أما البدائل لذلك فهي معتمة.
ستستمر الأنباء السيئة في القدوم من الشرق الأوسط. تشدد حماس وتطرفها هو ظاهرة خطيرة. إنها تحمل في طياتها خطر القضاء على استقرار المنطقة على المدى القريب وتأخير الوصول إلى حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى البعيد. إن ضمان اقتصاد فلسطيني سليم هو ذو أهمية كبرى. دعوا الناس تعود إلى العمل. دعوا الناس تعود إلى الشعور بالارتياح والأمن الشخصي والمالي. فإن من شأن ذلك إعادة حدٍ أدنى من الشعور بالأمل والتطلع إلى المستقبل.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 20 حزيران 2007.

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

تحتل إيران مجددا واجهة ومركز مسرح الأحداث الدولية. إذ تواصل إدارة أحمدي نجاد تصعيدها و الدفع نحو رد فعل عالمي قد لا يخلو من هجمة عسكرية. خلال ذلك، يواصل الرئيس أحمدي نجاد تعزيز سلطته ليظهر بمظهر الرئيس الأقوى منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وما تصعيد التوتر بين إيران والمجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي سوى مظهر آخر من العسكرة الفعلية للنظام الإسلامي. وقد أصبح هذا التوجه واضحا جدا غداة  القمع الوحشي للإحتجاجات الشعبية التي تلت الانتخابات الرئاسية المزوّرة في حزيران (يونيو) الماضي.
لقد صمم هذا القمع للقضاء المبرم، وإلى الأبد، على الحركة الديمقراطية الواسعة، وتأسيس نظام عسكري بدلا عنها. فقد أسس أحمدي نجاد وحلفاؤه سيادتهم على حساب النخب الدينية للتغطية عن سلطة الخميني القائد الأعلى، وعلى مختلف المجالس الحاكمة ذات الغالبية الدينية.
لقد تغيرت مجموعة من المعطيات مع انتخاب أحمدي نجاد عام 2005. فبالرغم من أن السلطة السياسية مركزة بين يدي القائد الأعلى — إلا أن أحمدي نجاد أستخدم سلطاته الإدارية ليقوم بتعيين الموالين له في الحكومة المركزية وحكومات المحافظات، فضلا عن منحهم المناصب الرئيسة، الاقتصادية منها والتربوية.
كما أنه أولى أهتماما خاصا بهيئات الشرطة الأساسية، واستبدل قادتها الكبار، وحوّل الموارد الاقتصادية إلى أتباعه الموالين له – ومن بين هؤلاء شركة خاتم النبيين التي فازت بأول عقد لها بقيمة العديد من المليارات من الدولارات لتطوير أحد الحقول النفطية. وعلى مدى السنوات القليلة القادمة، ستمتد سيطرة قوات الأمن لتهيمن على الجيش، والإعلام، وجميع نواحي الاقتصاد الإيراني.
كما أن عسكرة النظام الإسلامي قد أتسعت لتحكم قبضتها على السياسة الخارجية للبلد. فموقف المواجهة المتزايد الذي تتخذه إيران بشأن برنامجها النووي إنما يعكس مصالح قوات الأمن في إبقاء إيران معزولة متغطرسة – فتطبيع العلاقات مع الغرب، ولا سيما مع الولايات المتحدة، يعبر تهديدا قويا لبقاء النظام ودورهم القوي.
سيكون الشرق الأوسط  أول من يعاني من هذه السياسة الخارجية العدائية، سيما وأن النظام يستغل الفراغ الإقليمي من القوى الموازية، وغياب القوى القومية العربية المهيمنة.  ولم يكن سقوط صدام حسين مجرد ضربة أخرى للقومية العربية، بل أنه أعطى لإيران فرصة ذهبية لبسط نفوذها إلى ما وراء حدودها. حيث أعطى التغيير السياسي في العراق فرصة لظهور سيطرة شيعية، و التي تبدو اليوم في انسجام تام مع القيادة الإيرانية. لكن هذه الفرصة الأولية للتأثير قد تفاقمت لتصبح نفوذا لا يُنكر، توّسع بشكل دراماتيكي وغير مقصود مع إعادة تشكيل الحكومة في العراق.
كما أن هذه التغيرات قد مكّنت إيران أيضا من توسيع دورها في الإقليم. فهي الآن قادرة على ممارسة نفوذها السياسي الإستراتيجي على البلدان العربية ذات الكثافة السكانية الشيعية الكبيرة.
فعلى سبيل المثال، لقد برز شيعة لبنان كقوة متحدية بمساعدة من إيران. كما أن ميزان القوى قد تحوّل لصالح إيران كدولة ذات نفوذ قوي. وبتطوير برنامجها النووي القادر على إنتاج الأسلحة النووية، هناك إمكانية متزايدة لإيران بأن تزيد من تهديدها للاستقرار في المنطقة.
كما أن الشيعة في العالم العربي اليوم – الذين كانوا يعاملون عادة كمواطنين من الدرجة الثانية من قبل بعض الحكّام السنة المسيطرين – ينظرون إلى إيران كسلطة سياسية ومعنوية. فبالنسبة للعديد من العرب الشيعة، تتمتع طهران بأهمية تضاهي أهمية الفاتيكان للكاثوليك.
وقد استغلّ أحمدي نجاد هذه المشاعر الدينية بذكاء. إذ لا يستطيع المرء أن يجادل أن الفائز الوحيد في حرب العراق عام 2003 هي إيران.   فقد حصدت انتصارا دون إراقة قطرة دم واحدة، مستفيدة من الدين، ممثلة دور المدافع عن الشيعة. فالهوية الدينية الشيعية قد انتشرت الحدود السياسية العربية وتخللتها. فكانت هذه الهوية أقوى من أن تقف بوجهها أية حدود سياسية. إن معطيات الأمور تتغير بسرعة لصالح إيران.
في غضون ذلك، لا يأبه النظام الإيراني العقوبات الاقتصادية العالمية، على الرغم من أن الناس في إيران لا يزالون يعانون سياسيا واقتصاديا، و التهميش التام لحقوق الإنسان. أما العقوبات العشوائية الجديدة فمن شأنها أن تزيد الطين بلّة، فتزيد من معاناتهم، وتقوي شوكة النظام.
تبرز الحاجة هنا إلى ضرورة إيجاد صيغة مزدوجة للتعامل مع إيران، تركّز على حقوق الإنسان وتوجّه العقوبات الاقتصادية نحو القادة السياسيين والعسكريين. ربما سيحظى ذلك الأمر بانتباه أحمدي نجاد وتمهد الطريق الطويل لاستعادة موازين القوى في المنطقة.
*رجا كمال : عميد  كلية هاريس لدراسات السياسات العامة في جامعة شيكاغو.كريم باكرافان هو أستاذ مشارك زائر في العلوم المالية في جامعة دي باول.
© منبر الحرية، 31 دجنبر/كانون الأول2009

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

فجأةً، وبعد فترة من الطريق المسدودة، يشهد الشرق الأوسط موجة من المحاولات تهدف إلى تنشيط الجهود من أجل إيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي طال أمده.

الرئيس بوش، ونائب الرئيس ديك تشيني، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد تجولوا في المنطقة على أمل إعادة إحياء عملية السلام. هذا الجهد الأخير لم يؤدّ إلى أكثر من مجرد استعراض للنوايا الطيبة وفرصة لالتقاط الصور.  التسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين على ما يبدو تثبت بأنها هدف صعب المنال. وفي الحقيقة، فإن الكثيرين يعتقدون بأن انعدام القيادة الفعالة في الطرفين هو الذي يؤدي إلى الجمود الحالي. ولكن قد تكون هنالك أسباب ديموغرافية أخرى نادراً ما يتم التطرق إليها.

كثيرون يكتبون معربين عن رأيهم بأن انعدام التقدم هو نتيجة لعدم فعالية محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، وايهود أولمرت، رئيس وزراء إسرائيل. عباس الذي لا يملك أي سلطة حقيقية على غزة غارق في تحدياتٍ سياسية واقتصادية محلية في الضفة الغربية. أولمرت من جهته فاقد للشعبية إلى حدّ كبير. ومع ذلك، وفي المرحلة الحالية، فإن ضعفه هو مصدر قوته. فالإسرائيليون يعون بأن بديلاً مثل زعيم الليكود بنيامين نتنياهو، سوف يؤدي إلى مزيد من إشعال الأوضاع. لذا فإن أولمرت سوف ينجو على المدى القصير.

إن انعدام التقدم سوف يكون أيضاً بسبب بعض التغيرات الديموغرافية بعيدة المدى. الطرفان كلاهما على ما يبدو يعتنقان أسساً دينية متزايدة كحافز لسياسة أحدهما تجاه الآخر. وربما أكثر مدعاة للفزع هو أن هذا الحماس الديني قد يكون متمحوراً حول التغيرات الديموغرافية التي تجري في إسرائيل. هذه التغيرات قد تُثبت بأنها الأشد تحدياً أمام واضعي السياسة الذين يسعون إلى إيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

عنصران ديموغرافيان بارزان يؤثران على سياسات إسرائيل: ازدياد القطاع الأرثوذكسي المتطرف من السكّان والهجرة المُعاكسة لعلماء إسرائيل ومفكريها وباحثيها.

إن نسبة المواليد العالية ضمن المجتمع الهاريدي (الشديد التديّن) يزيد من نفوذهم السياسي. ووفق إحصاءات الحكومة الإسرائيلية، فإن اليهود الهاريديين يُنتجون 7.6 أطفال لكل امرأة أي ثلاثة أضعاف نسبة زيادة السكّان كمجموع. وفي مجتمع منقسم سياسياً كما هو الحال في إسرائيل، فإن من شأن ذلك أن يُتيح لحزب ديني صغير بممارسة سلطة قوية على حكومة ضعيفة نسبياً. ومؤخراً على سبيل المثال، وافق أولمرت على توسيع مستوطنة غيفات زئيف شمال القدس. وقد جاء قراره نتيجة للضغط الذي مارسه حزب شاس الديني، وهو تآلف يميني التوجهات يُشارك في الحكومة ويُهدد بانهيار حكومة أولمرت إذا لم تستجب لمطالبه بالتوسع.

يتوقع الديموغرافيون استمرار نمو القطاع الديني اليميني من السكّان. إن ميزتهم الديموغرافية خلال العقود القادمة سوف تعطيهم نفوذاً سياسياً أوسع فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية. ويشارك في هذه الظاهرة التوجه الديني اليميني في إسرائيل، وحركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان وغيرها من الحركات الدينية على امتداد العالم.

وبالإضافة إلى ارتفاع نسبة الخصوبة بين السكّان المتدينين، فإن إسرائيل تواجه زيادة غير مسبوقة في هجرة العلماء الإسرائيليين ومفكريها وباحثيها إلى الخارج والذين يميل معظمهم إلى العلمانية.

وقد قدر البروفيسور دان بن ديفيد من جامعة تل أبيب بأن إسرائيل قد خسرت ما مقداره “عشرات في المائة” من خيرة علماء إسرائيل. وقد توصل بن ديفيد إلى نتيجة مفادها أن الهجرة إلى الخارج تتصل بالرواتب المتدنية نسبياً التي تدفعها إسرائيل، وكذلك شح تمويل مختبرات الأبحاث. وأضاف إلى ذلك قائلاً “إن الحروب الشاملة واستمرار الإرهاب قد كلفا ثمناً كبيراً في الأرواح، وكذلك في الأمراض النفسية”. حتى هذه اللحظة، فإن نسبة العلماء الإسرائيليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة تبلغ حوالي 25 بالمائة من مجموع العلماء الإسرائيليين.

وبينما تواجه القطاعات الأكثر تعلماً والأكثر علمانية في المجتمع الإسرائيلي الضغوط وتهاجر إلى الخارج، فإن اليمين الديني يواصل نموه محلياً.

كانت إسرائيل تاريخياً قلقة حول ما يتعلق بالنمو السكاني لعرب إسرائيل، والخطر الذي يشكلونه للهوية اليهودية للدولة. وعلى الرغم من أن هذا ما زال قائماً، فإن اللهجة الدينية المتصاعدة للنقاش السياسي هو نتيجة أخرى للتغيرات الديموغرافية. تلك التوجهات تشير إلى أن الوقت قد لا يكون إلى جانب من يرغبون في تحقيق السلام. ومع ازدياد المتطرفين الدينيين، فإن الكادر الجديد من السياسيين سوف يكون أقل استعداداً لتقديم التنازلات.

في الشرق الأوسط وحيث أن الدين له اليد العليا في النقاشات السياسية، فإنه يصبح عائقاً أمام السلام. ومع تلك التوجهات الديموغرافية، يصبح من الضروري اتخاذ الإجراءات الآن نحو السلام. غداً قد يكون متأخراً.

© معهد كيتو، منبر الحرية، 1 نيسان 2008.

peshwazarabic16 نوفمبر، 20101

في وقت قريب سيقوم الكونغرس الأمريكي بمناقشة القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس بوش ببيع أسلحة متطورة بمبلغ 20 مليار دولار إلى عدة دول عربية. هذه الصفقة كان قد تم عرضها من قبل البيت الأبيض على أنها إحدى السبل الخاصة بنشر الاستقرار في الشرق الأوسط الذي يتعرض للتهديد من قبل مطامع إيران ومن خلال بروز الإرهاب. وينبغي على الكونغرس أن يرفض هذا البيع تماما استنادا إلى كون التسليح الذي سيقدم إلى العالم العربي لا يعتبر من المصلحة المثلى للمنطقة ولا هو من مصلحة الولايات المتحدة.
وعلى ما يبدو فان الافتقار إلى الاستقرار هو الذي سوف يهيمن على الشرق الأوسط، فكل بقعة من بقاع العالم العربي عبارة عن مجموعات مختلفة من معضلات متزايدة، حيث يشكل الركود الاقتصادي، ونشوء النزعة الأصولية والإرهاب، وتآكل الحريات الشخصية مسائل من المسائل الساخنة. كما أن الرخاء الاقتصادي الذي يشهده معظم العرب يزداد سوءا حتى مع ارتفاع أسعار النفط التي سجلت أرقاما قياسية.
وفي حال استثناء النفط والغاز الطبيعي من الوفورات المتنوعة التي توفرت لدى ما نحن نسميه ونحدده على أنه العالم العربي بسكانه البالغين 350 مليون نسمة، فإن ناتجهم المحلي الإجمالي سوف يبلغ أقل من ناتج فنلندا، والتي هي دولة يبلغ عدد سكانها اكثر بقليل من خمسة ملايين نسمة. وعند استبعاد عدد قليل من الجيوب المعزولة في العالم العربي، فقد أخفقت دوله بشكل يدعو إلى الشفقة في اللحاق بالنمو الاقتصادي الذي شهدته معظم دول العالم الأخرى. فالعالم العربي ليس بحاجة إلى إدخال أسلحة سوف تعمل على إطلاق سباق تسلح إقليمي وعلى إضافة المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
والى جانب المبيعات المعروضة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي بوش، هناك قوى عظمى أخرى تعمل على التصعيد في عملية تكديس السلاح. فالفرنسيون منهمكون في متابعة بيع أسلحة إلى ليبيا بمبلغ 400 مليون دولار، والروس يقومون بالتفاوض حول صفقة أسلحة ذات أرقام قياسية ليتم عقدها مع الجزائر وهم مستمرون في الاستكشاف والتحري عن بيع أسلحة إلى إيران. هذه الأمور تحدث في المنطقة في الوقت الذي يبلغ التوتر ذروته في كل أنحائها. فلو كان هناك جزء من العالم لا يحتاج إلى مزيد من الأسلحة، فإن ذلك الجزء هو الشرق الأوسط.
والسؤال الجوهري الذي يتم طرحه هنا هو لماذا تحتاج هذه المنطقة إلى هذه الأسلحة المتطورة ومن هم الذين سوف تتم محاربتهم؟ هل هي إيران؟ فمن غير المرجح أن يكون كذلك. كما أن ليس من مصالح إيران المثلى أن تتورط عسكريا في عمليات حربية مع المملكة العربية السعودية أو مع الكويت أو مع الإمارات العربية المتحدة. وسوف لا تسمح الولايات المتحدة ولا الحلفاء الغربيون الآخرون بحدوث ذلك، وإيران تعرف ذلك. أما الشيء الذي تقدر إيران على فعله وترغب في عمله فهو أن تقوم بدعم حركات قتالية تعمل على إثارة القلق والاضطراب في كافة أنحاء العالم العربي. ويشكل العراق ولبنان حالة تقع في صميم هذا الموضوع.
هذه المبيعات من الأسلحة التي يتم عرضها على الدول العربية تعتبر أداة خاطئة للاستعمال في مكافحة مثل تلك الحركات. فالتهديد الحقيقي الذي تواجهه الكثير من الدول العربية يكمن في التطرف الديني المحلي وفي الإرهابيين المقاتلين. فشراء أسلحة من اكثر الأسلحة تطورا في السوق بقيمة 20 مليار دولار، أو حتى بقيمة 100 مليار دولار سوف لن تجعل التطرف العنيف يختفي. لكن القيام بإصلاح النظام التعليمي والسماح للسوق بالازدهار هو الذي سيقوم بعمل ذلك. يجب أن يتم تحرير التجارة وان تتم حماية الحقوق وان يتم تحديث التعليم. هناك الجامعات العربية التي تقوم بشكل منسجم بتخريج طلبة يواجهون صعوبة في إيجاد مكان لهم للعمل في اقتصاد معولَم يتصاعد أكثر فأكثر. هؤلاء الخريجون العاطلون عن العمل سوف يكونون ممتعضين ويائسين وسيتحولون إلى أهداف بحيث يتم تجنيدهم من قبل مجموعات متطرفة.
هناك حاجة شديدة لإجراء تغييرات في السياسة التعليمية بحيث تسمح للمواطنين مستقبلا بالتنافس بشكل فعال على المستوى العالمي، وان تكون تغييرات مستندة إلى نظام تعليمي سليم يقوم بتركيز منهجه الدراسي على الرياضيات والعلوم، وليس على الدراسات الدينية. وينبغي على الطلبة العرب أن يتعلموا كيف يفكرون بدلا من أن يتعلموا ماذا سيفكرون.
هذه هي الأزمنة المقلقة في الشرق الأوسط. فبيع أسلحة متطورة سوف يعمل فقط على إشعال وضع متفجر. فمن الناحية التاريخية، قام الكونغرس الأمريكي بالاستجواب، وفي أحيان أخرى بالاعتراض على بيع الأسلحة إلى دول عربية على أساس أن تلك الأسلحة تعرض وجود إسرائيل للخطر. فهي قد شكلت مسرحا سياسيا لكثير من أعضاء الكونغرس لإظهار دعمهم وتأييدهم لإسرائيل مع إدراكهم بأن إسرائيل لم تكن معرضة للخطر على الإطلاق. أما في الوقت الحالي، فينبغي على الكونغرس أن يحول دون إتمام البيع لأن عمل ذلك سيكون عملا صحيحا وأخلاقيا. فالعرب هم بحاجة إلى مساعدة ودعم جديين بما أنهم يقومون بالمناورة تجاه التحديات الضاغطة التي تواجههم. ويجب أن لا تكون الأسلحة مدرجة على تلك القائمة.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 5 كانون الأول 2007.

peshwazarabic16 نوفمبر، 20101

على الرغم من الجهود الحقيقية الحثيثة التي يبذلها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لإصلاح المملكة وتحديثها، إلا أن ممارسات الرجعية التي يمارسها المناهضون للحضارة الحديثة هي في الواقع ممارسات فضيعة وضيعة تثير الإشمئزار. وما قضية علي حسين سباط، مقدّم البرامج اللبناني السابق، إلا مثالا على قولنا هذا. سباط مواطنٌ لبناني كان يقدّم برنامجا تلفزيونيا مباشرا، يُبث من لبنان ويغطي منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية وهو مسلمٌ أيضا. وكان خلال بث برنامجه، يتلقى الاتصالات من بعض الأفراد الذين يتصلون به، ويقدم لهم النصح والمشورة، كما يقوم ببعض التنبؤات حول مستقبلهم.
في مايو (أيار) عام 2008، وخلال قيامه برحلة للحج والعمرة إلى مكة، ألقت الشرطة الدينية السعودية القبض عليه واتهمته بالشعوذة و انتزعت منه الاعترافات وحوكم بلا محام للدفاع عنه. واستُخدِم اعترافه، الذي أ ُخذ بالإكراه، ضده وحُكم عليه بالإعدام في المدينة المنورة في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. وقد يُنفّذ الحكم في أي يوم من هذه الأيام.
وما تزال منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى تطالب بالإطلاق الفوري لسراح سباط وغيره من المعتقلين المتهمين بمثل هذه “الجريمة.” وأيا كان ما يعتقده المرء حيال برنامج سباط التلفزيوني، فمن غير المعقول أن يُعدم  لتهمة كالتي أدين بها هذا الرجل. وإن لم يوقَف هذا القتل، فإن تراب السعودية سيُضرّج بجريمة: جريمة قتل. وستخلِّف هذه الجريمة أرملة ثكلى وخمسة أطفال. لا بد أن يمنع تنفيذ الإعدام.
توضّح هذه القضية، بما لا يقبل الشك، القوة الهائلة التي تتمتع بها الشرطة الدينية في السعودية. فالملك عبد الله يواجه معركة صعبة في كفاحه ضد المتطرّفين: ليس فقط  الإرهابيين من تنظيم القاعدة الذين يقتلون الأبرياء، بل الشرطة الدينية والقضاء الذين يقتلون الأبرياء أيضا. كلما أقدم الملك على إصلاح الدولة، أعترض المتطرفون طريقه. على سبيل المثال، قبل شهور قليلة، عندما افتتح الملك جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وهي أول جامعة مختلطة في السعودية، واجه موجة عاصفة من الانتقادات التي أثارها رجال الدين. وفي آخر المطاف، أفتتحت الجامعة، وما كان من الشيخ سعد بن ناصر الشثري إلا أن قدّم استقالته من هيئة كبار علماء الدين. لا شك أن تلك كانت خطوة بالاتجاه الصحيح. مع ذلك، وكما تبرهن قضية سباط والآخرين الذين حكموا بالإعدام بتهم “الارتداد” أو “السحر،” فإن مقاومة المتطرّفين ما زالت مستمرة. ولكن الفرصة لا تزال سانحة أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن يتخذ قرارا شجاعا، كما فعل عندما جابه رجال الدين في الجدل المتعلق بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا. غير أن الملك ومؤيديه يحتاجون إلى العمل بحزم للحد من قوة المتطرفين وقدرتهم على تنفيذ اعتقالات غير القانونية، وتوجيه الاتهامات الباطلة، وانتزاع الاعترافات بالإكراه، وإقامة محاكمات غير عادلة، ولا سيما تلك التي تتكلل بارتكاب جرائم القتل (أي أحكام الإعدام). وما سباط والآخرون إلا أضحيات وقرابين بشرية يذبحها المتطرفون لا لشيء، سوى لإدامة قوتهم وسطوتهم.
ولكن ماذا سيأتي بعد؟ إعدام طفل يقرأ كتاب ’هاري بوتر‘؟ لقد خلق الحوار الإيجابي الذي بدأ بين إدارة أوباما ومعظم العالم الإسلامي فرصة لواشنطن لكي تعبّر عن قلقها حول مصير سباط. فكثيرا ما تحدّث الرئيس أوباما عن التزامه بحقوق الإنسان فعليه إذن أن يُشجّع الملك عبد الله بن عبد العزيز على اتخاذ موقف من أجل العدالة ووضع حد للأضحيات البشرية.
كما تقع على عاتق لبنان مسؤولية الدفاع عن مواطنيها وحمايتهم والمطالبة بسلامتهم. إن لحكومة رئيس الوزراء سعد الحريري علاقات خاصة مع العائلة الحاكمة في السعودية. لذلك، تحتاج هذه الحكومة، بوصفها حكومة تمثّل بلدا عربيا ديمقراطيا يمتلك صناعة قوية في مجال البث الإعلامي، تحتاج  أن تبيّن أنها ستدعم حرية التعبير – و لا سيما فيما يخص علي حسين سباط والآخرون.
على العاهل السعودي الملك عبد الله أن يُظهر شجاعته عبر مجابهة المتطرفين وإطلاق سراح علي حسين سباط وإعادته إلى لبنان. وإن فعل ذلك، يجب أن يحظى بدعم من جميع أمم العالم الأخرى.
© منبر الحرية، 01 يناير/كانون الثاني 2010

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

أذهلَ قاض ٍ سعودي مؤخرا العديد من السعوديين، كما صَعَقَ الرأي العام العالمي، من خلال إتمامه عقد زواج بين طفلة تبلغ من العمر ثمان سنين ورجلٍ عمره سبعة وأربعون عاما. فقد ذكّر ذلك الحُكم الرأي العام بممارسة مقيتة لطالما كانت متوارية عن الأنظار، وبعيدة عن النقد العام والمناقشة العلنية.
لم تكن تلك القضية فريدة من نوعها. فهناك قضية أخرى في اليمن هزّت الرأي العام مؤخرا، حيث طالبت طفلة تبلغ من العمر عشرة أعوام المحكمة بالطلاق، بعد أن أجبرها والداها على الزواج من رجل يبلغ الثلاثين من العمر، استغّل هذا الامتياز الذي حصل عليه بموجب عقد الزواج ليغتصبها وينتهك شرفها. إنه لمن المخزي أن يُسمح بحدوث مثل هذه “الزيجات” القسرية الفاضحة. ومع ذلك، فإن المطلعين على الأنظمة التعليمية في العالم العربي لم يتفاجأوا.
إن الأنظمة التعليمية المخزية التي تقمع التفكير النقدي السليم هي التي جعلت مثل هذه الممارسات الرجعية تتواصل دونما رادعٍ، تتحصن خلف النظرة الدينية المحلية الضيقة الغير الخاضعة للتحقيق. إن مثل هذه الأحكام  و نظيراتها  في العربية السعودية ما هي إلا نتائج للنظام التربوي الفاشل.
لقد فشلت بعض المجتمعات العربية، وبشكل بائس، في خلق أجيال معدّة أعدادا جيدا، لتكون قادرة على اللحاق بركب العالم بشتى مجالاته. فالمناهج التربوية الدينية في السعودية، التي تزاوج إستظهار النصوص وحفظها عن ظهر قلب مع القبول السلبي للممارسات القبلية بلا نقد ولا مراجعة، هي التي أدت إلى تخلف البلاد. فهي لا تهيأ الطلبة لمواكبة  الحداثة والسير  في ركبها، ولا تأهلهم للإسهام الفعّال والمنتج في المنظومة الاقتصادية العالمية.
وعلى الرغم من سيل المليارات تلو المليارات من أموال النفط التي تُنفق على النظام التعليمي العام، لا يزال الطلبة السعوديون يقبعون وبشكل مستمر في أدنى المراتب ولا سيما في الرياضيات والعلوم.  والمذنب الأكبر الذي يتحمل وزر هذا الأمر هو القمع؛ قمع التفكير النقدي، فضلا عن قلة التعاطي مع الرياضيات والعلوم. فالمحصلة هي ضياع استثمار كبيرٌ  في البنى التحتية للتعليم العالي وعدم إتيان أكله. يبدو الأمر كما لو أن الدولة قد اشترت أحدث  جهاز الحاسوب، ولكنها أهملت برنامج الاستعمال المناسب لتشغيله.
تفشل معظم الأنظمة التربوية العربية في إعداد خريجيها للحياة العملية الإنتاجية. فيتخرج في كل عام آلاف الطلبة من الجامعات بشهادات في الشريعة الإسلامية أو الأدب العربي. ولكن السواد الأعظم من هؤلاء الخريجين سيلتحق بصفوف البطالة، أو سيشعل مناصب لا تناسبه، أو يوَظّف في القطاع الحكومي المترهّل، مما يسهم أيضا في ضعف الأداء الحكومي الذي يعاني مسبقا من عدم الكفاءة. لقد أُضعفت وروح المبادرة والاستقلال و التفكير الذاتي التي تعتبر الدعائم الأساسية لإذكاء روح المقاولة والممارسة الديمقراطية. فلا عجب إذن من أن يقوم القضاة بالحكم على الفتيات البريئات بمثل هذه المصائر المفجعة.
على العربية السعودية وغيرها من الدول العربية أن تنظر إلى سياسات الولايات المتحدة والهند التي حوّلت التعليم وجعلت منه قوة فاعلة وأساسية في تحقيق النمو الاقتصادي.
أوضحت كلاوديا غولدن ولورنس كاتز من جامعة هارفارد أن العائدات الاقتصادية للاستثمارات التعليمية هي عائدات ضخمة. إذ يكسب خريجي الجامعات، في الأنظمة التعليمية الموائمة لسوق العمل، عائدات جيدة جراء استثماراتهم للمال والوقت اللازمين. كما أن رغبة الأمريكيين في الاستثمار في الرأسمال البشري، نخبة كانوا أم عامة الشعب، حفّزت الإزهار الأمريكي وسارعت وتيرته. ولكن المفتاح لم يكن كمية الاستثمار فقط، بل في التفكير النقدي الموضوعي الذي جعله ذلك الاستثمار ممكنا. وعلى العكس من ذلك، نجد أن العربية السعودية تُغدقُ الإنفاق على التعليم العام المجاني، بهدف إدامة نوع من المعتقدات الدينية التقليدية التي يقوم بتدريسها معلمون ضعفاء الإعداد.
لقد أدى استثمار الهند في التعليم إلى انتشال مئات الملايين من البشر من حالة الفقر المدقع عبر نمو اجتماعي حقيقي مثير للإعجاب.  فقد قالت رئيسة الوزراء الهندية الراحلة إندريا غاندي: “إن التعليم هو قوة مُحررة، وفي عصرنا هذا هو قوة دفع صوب الديمقراطية أيضا، فهو يتخطى حواجز الطبقات والفرق والطوائف، مما يخفف من حدة التباينات التي تُفرَضُ بالولادة و عبر إكراهات أخرى ” غير أن تلك القوة المُحرِّرَة لم تكن تلقى تمويلها من الدولة فقط، كما لاحظ جيمس تولي من جامعة نيوكاسل في بحثه الميداني وفي كتابه الأخير الموسوم  الشجرة الجميلة. فقد استثمر الفقراء بشكل كبير من مواردهم الشحيحة ليؤمّنوا التعليم الملائم لأطفالهم. فكانت إحدى ثمار هذا التعليم الموجه صوب المهارة والتفكير النقدي هي نمو الصناعات التكنولوجية المتطورة في الهند، وهو فرصة لم يكن أحدا يحلم بها قبيل أعوام قليلة.
إن المهمة التي تواجه العديد من البلدان العربية هي الإقرار بأهمية التعليم وأولويته على التدريس المجرد. وليس السر في إنفاق المزيد من المال. فالكيمياء لم تفشل نتيجة نقص في الاستثمار في الأكاديميات المتخصصة بعلم الكيمياء. والمناهج التربوية التي تركّز على الحفظ والاستظهار و النقل لا بد من إصلاحها لكي تسمح بالتفكير النقدي الدي يعتبر عنصرا أساسيا للتخلص من براثن التخلف.  كما أن هذا الأمر نفسه ينطبق على تخلّف النظام القضائي و على التخلف الاقتصادي. فالإصلاح العميق والمتأني – الذي لا يقتصر على الجانب المالي فحسب بل يضع نصب عيناه  التفكير النقدي الحر – يمكن أن ينتج قضاة حكماء. أما الاستظهار فلا ينتج و يكرس سوى التخلف.
* تنشر هذه المقالة بتعاون مع صحيفة ذي ديلي ستار.
© منبر الحرية، 16 مايو 2009

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

إن انتخاب “باراك أوباما” رئيسا رابعا وأربعين للولايات المتحدة الأمريكية كان حدثا تاريخيا بالفعل. فسيصبح هذا الأمريكي الأفريقي الأصل، وابن المهاجر الكيني، في شهر كانون الثاني (يناير) الحالي زعيما لأقوى دولة في العالم. ويعتبر انتخاب “أوباما” دليلا على إن الولايات المتحدة سوف تظل ارض الفرص. وحسبما أشار إليه “أوباما” في خطابه الذي ألقاه في شيكاغو بعد فوزه في الانتخابات، سيتوجب حتى أولئك الذين يكرهون الولايات المتحدة أن يقضموا ألسنتهم وان يعترفوا بهذه الحقيقة.
منذ ميلاد “أوباما” عام 1961، شهدت الولايات المتحدة. الكثير من التغيرات. ولكن، ليس من بين هذه الأشياء التي تغيرت ما هو أكثر عمقا مما حدث عام 1964.
ففي خلال تلك السنة، وقّع الرئيس الأمريكي “ليندون جونسون” على تشريع الحقوق المدنية وجعل منه  قانونا. ويرى الكثيرون أن الحقوق التي منحها هذا التشريع هي التي مهدت الطريق أمام أبناء الأقليات، كـ “أوباما” للاندماج في الحلم الأمريكي وان يتسلقوا سلم السلطة.
وما بين انتخاب الرئيس الأمريكي “جون ف. كيندي”، أول رئيس كاثوليكي للبلاد، عام 1960، وانتخاب الرئيس المنتخب “أوباما”، أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي عام 2008، انتخب مواطنو الولايات المتحدة ثمانية رؤساء مختلفين من الناحية الإيديولوجية – يمثلون تطور الأمة ونضجها. هذه هي الديمقراطية الفاعلة.
مع ذلك، كان العالم العربي، خلال نفس الفترة، يبدو متقوقعا ومتشبثا بالماضي. فزعماء العالم العربي لا يشجعون أي تغيير قد يعمل على تهديد سيطرتهم على السلطة.
فمنذ عام 1970، عندما كان “أوباما” في التاسعة من العمر، والعقيد معمر القذافي يحكم ليبيا. وكان لقيادته لتلك الدولة نتائج محزنة. فهذه الأمة الغنية بالنفط لم تستخدم مواردها بشكل يخدم احتياجات ومتطلبات الليبيين، الحالية والمستقبلية.
وبالرغم من أن لدى ليبيا أعلى إجمالي ناتج محلي للفرد الواحد في إفريقيا، فان الغالبية العظمى من الناس لم يستفيدوا من إيرادات النفط الخاصة بهذه الدولة. وتقدر نسبة الليبيين العاطلين عن العمل بحوالي 30 بالمائة.
أما العقيد وأصدقائه المقربين فقد بددوا موارد الدولة الثمينة في الحصول على المعدات العسكرية ونشر الإرهاب في العالم العربي وما هو أبعد من العالم العربي.
وما جريمة القتل الحمقاء التي تم ارتكابها بحق ركّاب رحلة 103 لشركة “بان أميريكان” للطيران فوق لوكيربي باسكتلندا إلا مثالا على ترويج ليبيا للإرهاب. وبإمكان المرء أن يتصور منافع التنمية الطويلة الأمد التي ستعود على الشعب الليبي لو أن موارد البلاد قد استثمرت في مجال التعليم والبنى التحتية بدلا من استخدامها في المعدات العسكرية والإرهاب.
أما سوريا فهي مثال محزن آخر. فهي تخضع  لنفس نضام الحكم منذ عام 1971 عندما كان “أوباما” في العاشرة من عمره. أما هدف القائمين على الحكم فهو منذ ذلك الحين الإبقاء على نظام حكمهم. وقد استخدمت موارد البلد بطريقة غير ناجعة، في الداخل والخارج، في سبيل الإنفاق على جهاز المخابرات المتطور الذي هو مفتاح دعم وإسناد نظام الحكم.
إضافة إلى ذلك، كانت سوريا هي الحلقة الهامة التي تربط إيران بقيادة حزب الله في لبنان. وبالرغم من الموارد الطبيعية والبشرية المتنوعة والكبيرة الموجودة في سوريا فان الاقتصاد السوري كان يعمل بشكل ضعيف، مع وجود نسبة بطالة رسمية تقارب 10 بالمائة. وحسب اعتقاد معظم الأخصائيين الاقتصاديين العالميين فان النسبة الحقيقية للبطالة هي أكبر من ذلك بكثير.
والى جانب الإصلاح السياسي والاقتصادي المطلوب، فان لدى العالم العربي سجلاّ سيئا جدا في مجال حقوق الإنسان. فعلى مدى سنوات، قامت منظمة حقوق الإنسان “هيومان رايتس ووتش” بنشر تقارير أوضحت بالتفصيل الإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.
أما السودان، فقد كانت محط أنظار الصحافة مؤخرا، نتيجة للأعمال الفظيعة التي ارتكبتها الحكومة ضد مواطنيها في إقليم دارفور. وفي اليمن سعت فتاة يمنية تدعى “نجود علي” تبلغ من العمر 10 سنوات نحو الحصول على طلاق علني بعد أن أجبرها والداها على الزواج من رجل يبلغ 30 عاما قام باغتصابها والاعتداء عليها. وما قصة هذه الفتاة إلا واحدة من القصص المروعة التي ينبغي أن تثير غضب العالم بأكمله. كانت “نجود” قد حُرمت من طفولتها وبراءتها. وانه لأمر مشين أن تسمح الحكومة اليمنية بقيام مثل هذه الزيجات. ولا بد أن يتم تشريع وتنفيذ إصلاحات عاجلة تقوم بإنقاذ فتيات مثل نجود في المستقبل.
لا بد من إجراء التغيير.
إن لانتخاب “أوباما” إمكانية لإحداث تغيير، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل على المستوى العالمي أيضا. وينبغي على زعماء العالم العربي إعطاء قدر كبير من الأهمية إلى هذه الحماسة العالمية نحو زعامة “أوباما” والتغيير الذي يمثله. فإذا أراد الزعماء العرب الإبقاء على سيطرتهم على السلطة فسوف لن يكون أمامهم أي خيار سوى أن ينظروا من جديد نحو الإصلاحات المطلوبة في بلدانهم. وإن لم يقوموا بذلك فإنهم يعملون على زيادة المخاطر التي ستحيق بأوكارهم– التي قد تواجه في وقتٍ قريب جدا حركات مرعبة تطالب بالتغيير.

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

الانتخابات الأخيرة تشكل نكسة لعملية السلام الهشة، وقد تكون مأساة للفلسطينيين، الذين من الممكن أن يكونوا الخاسر الأكبر فيها. ومع ذلك، فإن الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية يجب أن يتواصل في الوقت الراهن.
من المؤكد أن حماس سوف تشكل الحكومة، والقادة في بلدان مجاورة مثل مصر، حيث تتواجد جماعات إسلامية قوية، يشعرون بعصبية متزايدة إزاء ذلك.
هل حماس تنمّي توجهاً أصولياً خطراً، من شأنه إخراج العملية السلمية عن سيرها إلى أجل غير مسمى، وتضيف إلى عدم الاستقرار في المنطقة؟
على الرغم من الانتخابات التي جرت بدعم قوي من حكومة الولايات المتحدة، فقد شعر كثيرون بأنه كان من الواجب تأجيلها –بمن في ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الاضطراب في المنطقة لم يكن مؤاتياً لإجراء انتخابات عقلانية. كان متوقعاً أن يكون أداء مرشحي حماس جيداً، ولكن لا أحد تنبأ لها بانتصار ساحق.
نتيجة الانتخابات جاءت إلى حد ما بسبب الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية، وغياب نتائج ظاهرة من عملية السلام، والبطالة العالية في صفوف الشبان من شعب فلسطين. لقد تم النظر إلى حماس كحل يائس لما رأوه وضعاً يائساً لا رجاء فيه.
والآن، تسعى الأسرة الدولية لرسم إجابة مناسبة على خط حماس التاريخي المتشدد ضد حل سلمي مع إسرائيل. منذ اتفاقيات أوسلو، والولايات المتحدة والعديد من البلدان الأوروبية، تقدم المساهمات لدعم احتياجات السلطة الفلسطينية اليومية. لقد أصبح ذلك الخبز والزبدة التي تدعم معظم النشاطات الحكومية، الهادفة إلى مساعدة القطاعات الأكثر حاجة بين الشعب الفلسطيني.
وَقْف هذا الدعم من شأنه أن يؤدي إلى نتيجتين: أولاً، داخلياً، سوف يخلق مزيداً من التعاطف مع حماس والمزيد من تقوية صورتها كحكومة للمستضعفين. سوف يقوي مركزها السياسي ويدفعها أبعد فأبعد عن عملية السلام. ثانياً: عزل حماس الآن سوف يزيد من عداء العالم العربي للغرب. وقد يترجم هذا إلى مساعدات مالية إضافية من شأنها زيادة قوة حماس. سوريا وإيران وجماعات إسلامية عديدة من المرجح أن تحل محلَّ معظم ما سوف يتوقف من دعم الولايات المتحدة وأوروبا، وبالمقابل تحقيق نفوذ سياسي.
عندما تجد نفسها في السلطة، سوف تسرع حماس في إدراك الحقائق السياسية والاقتصادية. الحكم من الداخل سوف يكون له بعداً مختلفاً كلياً.
سوف تفهم حماس بأنها لا تستطيع العمل بدون المساعدات المالية الهائلة التي كانت تنصب إلى السلطة من المجموعة الدولية. فإذا انتفت هذه المساعدة الحيوية، فإن حماس لن تستطيع أن تدفع لخدمات القطاع العام. كما أن ذلك سوف يصيب بالشلل الاقتصاد الهش الذي عانى من تدهور عام منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت في أيلول عام 2000.
الأمل هو في أن تدرك قيادة حماس بأنها في حاجة إلى أن تصبح جزءً من المجموعة الدولية، وأن تفهم، مثل معظم العالم العربي، بأن إسرائيل موجودة لتبقى.
يتوجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إعطاء حماس فسحة قصيرة من الزمن لتعيد التفكير في سياساتها المتشددة. ومثل ذلك سوف يتيح للحكومة الجديدة الخروج من زهو الانتصار إلى واقع السياسة.
فإذا فشلت حماس في تغيير أهدافها المتشددة، فإن عملية السلام في الشرق الأوسط سوف تتعرض للفشل.
في تلك الحالة يتوجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إيجاد حل بديل للمساعدات، من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين وتجاوز حماس في عمل ذلك.
بروز حماس كقوة سياسية مرشح لأن يأخذ أياً من المسارين. ومع أنه من غير المحتمل ذلك، فإن حماس قد تفاجئ المجموعة الدولية وتبرز كشريك قوي في السلام. هذا الاحتمال يجب أن يدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إعطاء حماس فرصة للتيقظ وتغيير المسار.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 5 آذار 2006.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018