كيفية دعم المرأة العربية في العمل السياسي

خالد وليد محمود16 نوفمبر، 20100

شهدت العقود الاخيرة الماضية اعترافاً متزايداً بالدور الذي تضطلع به المرأة العربية في المجتمع خاصة في ظل الجهود الدولية المتمثلة في الإعلان العالمي لحقوق الانسان و الرامية الى انهاء التمييز ضد المرأة و ضمان مشاركتها الى جانب الرجل في عملية التنمية بكافة اشكالها .
و تتفق جميع دول العالم على ان مكانة المراة على الصعيد المجتمعي السياسي و الاقتصادي والثقافي و الاجتماعي و مشاركتها في صنع القرار تمثل مؤشرا على مستوى التنمية في اي مجتمع . فقضية المرأة من المفاصل الأساسية في عملية التغيير الاجتماعي والتنمية الشاملة الهادفة إلى بناء مجتمع ديمقراطي حر متوازن.
إلاّ أن هناك عوامل تحد من مشاركة المرأة رغم أنها تشكل نصف المجتمع و اهم هذه العوامل التنشئة الاجتماعية و الموروث الثقافي الضاغط على الاسرة بسبب عملية التحول الاجتماعي و آليات السوق و ضعف دعم النخبة النسائية للقواعد النسائية .
و رغم توقيع العديد من الدول على الاتفاقيات الخاصة بالمرأة و تمكينها من المشاركة لا سيما في صنع القرار، إلا أن ذلك لا يكفي بمعزل عن الموائمة بين الالتزامات الدولية و التشريعات الوطنية .
ورغم مرور عقود على بدء المشاركة السياسية للمراة العربية ، الا ان هذه المشاركة لا تزال ضعيفة ،  ويظهر ضعف تمثيل المراة ومشاركتها في الحياة السياسية،  من خلال ضعف تمثيلها في الحكومات والبرلمان والنقابات والاحزاب السياسية . وترجع مشاركة المراة في الهيئات الحكومية الى قرارات عليا نصت على ضرورة تمثيل المراة في الحكومات وفي الهيئات المختلفة .
ان مناقشة واقع المرأة و دور المجتمع المحلي في دعم المرأة العربية وتعزيز دورها في العمل البرلماني يقودنا بالضرورة إلى مناقشة عدد من المفاهيم منها :
    المساواة : تعني تشابه العلاقة في مناحي الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ، و بالتالي عدم استحواذ الرجل على مصادر القوة الاقتصادية ( الملكية ) و السياسية ( القوة و اتخاذ القرار ) .
    التجانس وانواعه ( الجندر ):
– التجانس البيولوجي : و هوالنظر الى المرأة كجنس بيولوجي ( ربة منزل ) دون مشاركة في الحياة السياسية و البرلمانية و المجال العام ، سواء في العمل أو الانتخاب او الجمعيات و  الهيئات الخيرية .
– النوع الاجتماعي : و هو النظر الى المراة كفرد في المجتمع و فق دور يحكمه     الزمان و المكان و بالتالي تكون شريكة للرجل ، و يكون لكل منهما عمله ورغباته واتجاهاته ، و العلاقة بين الرجل و المراة تكون قابلة للتغيرحسب المفهوم و الثقافة السائدة
    التنمية : و هي عملية تغير اقتصادي سياسي تهدف الى :
– رفع مستوى الوعي التربوي و الصحي و الثقافي لدى جميع الافراد و الجماعات في المجتمع .
– العدالة الاجتماعية و المساواة بين الذكور و الاناث، فالمرأة تقع تحت وطأة الاجر غير المتساوي للعمل.
– توزيع الموارد؛فالمرأة لا زالت مهمشة وهي الضحية الاولى للبطالة.
– تحسين نوع الحياة .
– الاهتمام بالمجموعات المهمشة و الفقيرة ، و تشكل النساء الغالبية من هذه النسبة.
– رفع مستوى الدخل لدى الافراد .
– زيادة الدخل القومي و اعادة توزيعه .
– تفعيل مشاركة النساء .
    المشاركة : تشمل مجمل النشاطات التي تهدف الى :                            – التاثير على القرارت التي تتخذها الجهات المهمة في صنع القرار السلطات (التنفيذية، التشريعية ، الاحزاب ، الجمعيات ) .و تشمل هذه النشاطات :
– التصويت لانتخاب الممثلين و المشاركة في الحملات الانتخابية للمرشحين ، و نشاطات المجتمع المحلي .
و بهذا يمكن تعريف المشاركة على أنها :
– السلوك المباشر و الغير مباشر الذي بمقتضاه يلعب الفرد دورا في الحياة السياسية في المجتمع .
– قدرة التاثير على اتخاذ القرار و تحقيق الاهداف .
– نشاط يقوم به الافراد بصفتهم الشخصية بهدف التاثير على صناعة القرار.
– سلوك، وليست مجرد اتجاهات المواطن نحو السلطة .
    التمكين : هو العمل الجماعي في المجموعات المهمشة لمواجهة العقبات و التمييز التي تقلل من اوضاعهم وتصادر حقوقهم . و تمكين المراة من اتخاذ القرار و المطالبة بالحصول على الحقوق و الخدمات و هذا مرتبط بعملية التنمية .
•    العوامل المحددة لمشاركة المرأة العربية
وجود المرأة في المواقع القيادية، او اصدار القوانين والتشريعات ليست هي العامل الرئيسي بقدر بقدر ما هي اقترانا بالعوامل التي تحدد المشاركة ومن ضمنها:
1-الحالة الثقافية: دور الثقافة السائدة من منظومة القيم والمعتقدات والاتجاهات التي تؤثر في السلوك.
2-التنشئة الاجتماعية : يلعب الموروث الاجتماعي والقيم الاجتماعية والمعتدات دورا تتناقله الاجيال.
3-الارادة السياسية لصانع القرار ، تكتسب اهمية خاصة من خلال التشريعات والقوانين وتفعيلها.
4-المنظمات النسائية وضرورة تفعيلها.
5-القدرات الشخصية والكفاءة والخبرة.
6-الاحزاب السياسية حيث ان نسبة المشاركة فيها متدنية جداً
التمكين بمعناه المبسط يعتمد على توسيع طاقات الفرد والجماعات وبالتالي توسيع الخيارات وبالتالي رفع سقف الحرية، ولكن هناك علاقة بين الخيارات المحدودة والفقر مثلا فما قيمة ان تملك الحرية في شراء دواء ولا يوجد معك قرشا مثلاً.
كان لا بد من توضيح هذه المفاهيم للحديث عن مؤسسات المجتمع المحلي عموما ، و الهيئات النسائية على وجة الخصوص، و دورها بالغ الاهمية في صياغة الخطط و البرامج التي من شانها ان تدعم حضور المراة في الحكم المحلي .
•    المجتمع المدني
المجتمع المدني هو نقيض المجتمع العسكري ، و هو مستقل في تنظيم حياته المدنية . و قد ارتبط المجتمع المدني بالمجتمعات الديمقراطية الانتقالية ، كما انه جاء ردا على سلطة الحزب الواحد الحاكم بايجاد مرجعية اجتماعية خارج الدولة .وتضمن المجتمع المدني ما يلي :
– التشديد على الفصل بين الدولة ومؤسساتها و المجتمع و مؤسساته المجتمعية .
– ينطوي على المشاركة الطوعية للافراد في العمل الجماعي .
– يتطلب وجود تعددية سياسية تضمن حق هذه الجماعات في الاعلان و التعبير عن عن نفسها و حقها في المشاركة السياسية .
– يتكون المجتمع المدني من النقابات المهنية و العمالية و الجمعيات النسائية و الاتحادات والاندية الثقافية و الاحزاب السياسية .
تستطيع المراة من خلال مؤسسات المجتمع المدني تطوير ذاتها و مواجهة مهامها و النهوض بواقعها و تطوير اوضاعها و بلورة مفهوم المواطنة لديها .
•    كيف تمكن منظمات المجتمع المدني المراة :
– تشجيع المشاركة .
– ادارة العملية الانتخابية من خلال المناظرات و المحاضرات و الندوات .
– مراقبة العملية الانتخابية من خلال الجمعيات ذات الاختصاص .
– توعية المراة حول حقوقها السياسية .
– التشجيع على القيام بحملات التوعية للسكان خاصة اهمية التصويت .
– تنظيم الحملات لتشجيع الناخبين على تسجيل انفسهم في السجلات الانتخابية .
•    أما من العوامل المساعدة في تمكين المراة :
– المشاركة في عملية الانتخاب و الترشيح.
–  تنمية الوعي في معرفة آليات العمل الانتخابي.
– الاهتمام بتحقيق التوازن بين المراة في الريف و الحضر .
– ان تبذل الهيئات النسائية جهدا في اسناد المراة ودفعها للمشاركة .
-الاهتمام بالمستوى التعليمي للمراة كاداة يمكن من خلالها احداث عملية التغيير الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و بالتالي منح المراة سلطة اضافية داخل الاسرة .
# لذلك فان اقبال المراة و متطلبات مشاركتها في العمل السياسي شهد تطوراً ايجابياً للاسباب التالية :
•نمو الوعي الاجتماعي و ارتفاع المستوى التعليمي .
•تطور التجربة الديمقراطية و مؤسساتها .
•دور مؤسسات المجتمع المدني المتنامي .
•زيادة مشاركة المراة في الانشطة الاقتصادية و الاجتماعية .
وبناء على ما تقدم، يمكن القول أنه وعلى الرغم من  أهمية دور المرأة في الحياة السياسية، وشمولية هذا المفهوم،إلا  أن الملاحظ للمراقب  أن سلطة الرجل ما زالت تؤثر على قرار المرأة ، ولتلافي ذلك لا بد من توعية المرأة سياسيا بالمعنى الواسع للتعبير، بما يكسبها احتراما لمواطنتها ودورها وثقة بقدرتها على الفعل والتغيير، كذلك لا بد من التوعية الانتخابية وتوعيتها ايضا بالفرص التي تمنحها لها العملية الديمقراطية لفرض خياراتها الحياتية الخاصة بها والتحرر من عبوديتها في الخيار والقرار، إضافة إلى التوجه إلى القضاء على الأمية عند النساء في التعليم من جهة وفي الوعي لحقوقها القانونية والسياسية والاجتماعية من جهة أخرى، كما تتحمل الأحزاب دوراً في التصدي لنظرة الموروث المتمثلة بمعاملة المرأة على أنها الأضعف في شتى نواحي الحياة، كما لا بد من وضع آلية مبرمجة تؤمن القدرة على اختراق بعض العادات والأعراف والتقاليد لتبديد المفاهيم الخاطئة عن مكانة المرأة ودورها في البناء والتطور، وهذا يستدعي وضع استراتيجية مستندة إلى الحجج العقلية لمواجهة العقلية الرجعية التي رسخت في الأذهان.
© منبر الحرية، 24 دجنبر/كانون الأول2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018