جملة من التساؤلات والتناقضات يثيرها ويطرحها خطاب وزيارة الرئيس اوباما للرياض والقاهرة و تحتاج للمزيد من التأملات والتحليلات. فعلى الرغم من وصف الخطاب بالصفحة الجديدة من العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي كما ذكرت سفيرة الولايات المتحدة في الكويت السيدة جونز، ووصفه بعض المحللين والساسة الأمريكان بأنه خطاب تصالحي مع العالمين العربي ولإسلامي فلابد من الوقوف عند الكلمة “التصالحي”, التصالح مع من مع الأنظمة؟ أم مع الشعوب؟
فإذا كانت الأنظمة بأغلبها صديقة للولايات المتحدة وتتسابق على كسب ودها فهل تحتاج إلى مصالحة؟ فلابد أن يكون التصالح مع الشعوب العربية والإسلامية . فإذا كان التصالح مع الشعوب فلابد أن تتوجه السياسة الأمريكية لأنصاف الشعوب والوقوف بجانبها لا أن تقف بجانب الاستبداد و الانتهاكات المتتالية لحقوق الإنسان، فهل يعقل أن يبدأ الرئيس زيارته من الرياض وينتهي بالقاهرة العاصمتان المعروفتان بخروقاتهما و تجاوزاتهما لحقوق الإنسان.
فهنا تختفي القيم الديمقراطية الأمريكية وتقفز بدلها المصالح الأمريكية، وليس غريبا على السياسة الأمريكية هذه الازدواجية والتناقض، فالساسة الأمريكان كلهم برجماتيون عمليون، ففي الفلسفة البرجماتية لا دخل للأخلاق في عالم المصالح. إذا الخطاب لغة قديمة بمفردات جديدة والهدف منه التخفيف من الضغط الشعبي على الحكومات المستبدة.
ومرة أخرى يتناقض الرئيس مع القيم الديمقراطية التي تدعو الولايات المتحدة الى نشرها في العالم، حينما قال أن الحرب على العراق كانت خطأ وأقول له نعم يا سيادة الرئيس إنها خطأ لو لم يكن هناك نظاما ً دكتاتوريا مستبدا ً كالنظام المقبور ، فهل الإبقاء على الدكتاتوريات يا سيادة الرئيس من الصواب ؟ فإزالة نظام دكتاتوري بغيض ليس خطأ ً ياسيادة الرئيس . بل الإبقاء على الأنظمة الدكتاتورية ودعمها وإسنادها هو الخطأ بعينه، وليس من الضروري أن تزال الأنظمة الدكتاتورية بالحرب ولكن على الاقل وهذا أضعف الايمان أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطا ً على تلك الانظمة وان تحملها على عدم انتهاك حقوق مواطنيها.
واني أعتقد اعتقادا ً جازما أن الرئيس أوباما بكلمته هذه عن العراق كان يغازل المتشددين والطائفيين العرب الذين وقفوا ولا زالوا يقفون ضد العملية السياسية الجارية في العراق، لأن ما يجري في العراق يفتح الباب على مصراعيه لمطالبتهم أي ( الحكام العرب) بالديمقراطية والحرية والتعددية السياسية ومعنى ذلك زوال الأنظمة الحالية.
وفي الختام تبقى كلمة الرئيس اوباما خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح وإن كان إختيار المكان غير موفق، وهي بديل جيد عن المواجهة واستعمال القوة وتبقى الشعوب العربية والإسلامية تنتظر ما سيترجم من هذه الكلمة من أفعال على الواقع وسيبقى الشعب العراقي هو الآخر ينتظر جدية تطبيق الاتفاقيات الموقعة بينه وبين الولايات المتحدة ومدى جدية الحكومة الأمريكية في دعم القيم الديمقراطية في العراق والضغط على أصدقائها من دول المنطقة في عد م تحميل العراق وشعبه آثام وخطايا النظام السابق .