هل هناك بد من إعلام حكومي رسمي في مستقبل مصر الحرة؟

منبر الحرية8 مارس، 20110
لقد أثار التلفزيون الرسمي المصري نقم الكثير من المصريين أثناء ثورتهم ضد النظام السابق. فقد قام التلفزيون بالهجوم الحاد على شباب الثورة. ففي بعض الأحيان قال إنهم عملاء لإسرائيل و في البعض الأخر قال إنهم عملاء لإيران، و في البعض الأخر قال أنهم من تابعي القاعدة أو الإخوان المسلمين...
لقد أثار التلفزيون الرسمي المصري نقم الكثير من المصريين أثناء ثورتهم  ضد النظام السابق. فقد قام التلفزيون بالهجوم الحاد على شباب الثورة. ففي بعض الأحيان قال إنهم عملاء لإسرائيل و في البعض الأخر قال إنهم عملاء لإيران، و في البعض الأخر قال أنهم من تابعي القاعدة أو الإخوان المسلمين.
و كان هذا متوقع لأنه مؤسسة محكمة احكاما كاملا من قبل النظام السابق. فإنه كان أداة لفرض رؤية واحدة فقط لكل ما يحدث في مصر ما قبل و أثناء و ما بعد الثورة. فقبل الثورة كان التلفزيون الرسمي دائما يأخذ مواقف إما أن تكون مؤيدة للنظام أو مواقف توحي بأنه من غير النظام القديم سوف تنهار البلاد و تكون في حالة من الفوضى أو سقوطها في أيدي المتطرفين  و ما إلى ذلك.
أثناء الثورة كما ذكرت سابقا، كان التلفزيون الرسمي يدعي جميع أنواع الافتراءات ضد من كانو يعتصمون سلميا في الشوارع المصرية مطالبين بحريتهم. أما ما بعد الثورة فكان التلفزيون سريعا ما يؤيد الثورة في تغير كامل لسياسته السابقة.  و لكن سرعان ما أن استعاد أفراد النظام السابق زمام الأمور داخل هيئة التلفزيون و عاد لكي يشكك في الثورة أو في خطرها على أمن الدولة و الاقتصاد أو على أمن و أمان المواطن.
بإختصار كان التلفزيون المصري دائما ما يستخدم لخدمة مصالح الحكومة عامه و النظام خاصة.
السؤال الذي أريد أن أطرحه هو: ما هو مستقبل وسائل الإعلام ألحكومية ألرسمية؟ هل وجودها لابد منه؟ هل أضرارها أكثر أم أقل من إيجابياتها؟ هناك من لا يفكر كثيرا في هذا السؤال و تكون إجابته أنه من البديهي أن يكون هناك وسائل إعلام رسمية لأي حكومة مصرية مستقبلية. هؤلاء يقولون أن المشكلة كانت تقبع في فساد النظام و هذا أثر على وسائل الإعلام الرسمية و أنه مع تغيير النظام و إختيار نظام ديمقراطي جديد ستكون وسائل الإعلام الرسمية أكثر اعتدالا و حيادية. أي أن المشكلة كانت في أفراد الحكم و ليست في المؤسسات نفسها. و هذا في رأي أكثر ما في خطورة هذا الفكر.
نظريا، إعلام رسمي حكومي سيكون شريف طالما أن النظام شريف. لكن ما ياتناساه البعض هو أن تحت الضغوطات السياسية و الاقتصادية الخ سيكون أجهزة الإعلام الرسمية شديدة الإغراء لاستخدامها
“لطمأنة الجمهور”. أي إستخدامها لاغراض نبيله و بحسن نيه  لإضلال الشعب لطمأنته. و هذا مع إفتراض أن من بيدهم زمام الحكم هم أناس طيبين و  صالحين. فى ماذا لو لم يكونوا كذلك؟
فلنفترض أنهم أناس طيبين صالحين. هل هناك ما يدعو إلى ألإبقاء على وسائل إعلام رسمية في زمان القنوات الفضائية و الانترنت؟  هل من غير الحكومة لا نستطيع أن نأتي بالأخبار في زمن CNN و الجزيرة و الدستور  و المصري اليوم و الوفد و ألفيسبوك و تويتر؟ هل نحن بحاجة إلى حكومة لترفه عنا عن طريق الأفلام و المسلسلات؟ في عصر شركات الإعلام الخاصة التي لا يغمض لها جفن كي طبقينا  جميعا ملتصقين إلى التلفاز؟ هل نحن بحاجة إلى المزيد للالتصاق إلى التلفاز؟
و هذا تحت الافتراض أنه لن يستخدم لإضعاف  فكر شبابنا و أطفالنا و أفراد الشعب عامه.
فسرعان ما نرى أنه حتى لو استخدم لاغراض نبيلة (أغراض نبيلة من الممكن للكثير من أصحاب رأس المال الصالحين أن يوجدوا الكثير من وسائل الإعلام الخاصة التي تسعى لبث الوعي الثقافي و المعلوماتي بدون أي أغراض سياسية بحته) فإن الخدمات التي يقدمها يقدمها الكثير جدا من الجهات أللاحكومية الأخرى. فبهذا يقدم الإعلام المصري إلى حد ما خدمات لا أساسية. أضف إلى هذا إمكانية إستخدامه من جهة نظام مستقبلي فاسد لصالحه ضد الشعب، فسوف سريعا ما نرى أن وجود هيئات إعلامية حكومية تقدم القليل من الفائدة في عصرنا هذا بل و قد يستخدم لاغراض سياسية فاسدة و كريهة.
و أخيرا، يجب أن نتذكر أن مصر دولة نامية، لها تحديات إقتصادية  كبيره جدا و أن العبئ المالي على الحكومة و الشعب لا يمكن حصره، فلماذا إذن من عبئ أخر لا لازمة له؟
فدعونا نتخلص من هذه المؤسسات الإعلامية الحكومية التي لا تقدم و لا تؤخر. دعونا نتيح الفرصة كاملة للقطاع الخاص ليمدنا بالمضمون الإعلامي الذي نريده. فإن لم يفعلوا فسيفشلولأنه لن يكون هناك من يشاهد برامجهم أو مقالاتهم. ومنهم من سوف يمنح المضمون المطلوب فسينجحوا. فتكون إذن إرادة أفراد الشعب هي من يحكم ماذا يكون على شاشات التلفزيون و صفحات الجرائد و الانترنت. و لن تكون إرادة أفراد في الحكومة هي التي تحدد ماذا نسمع و ماذا نرى و ماذا نتعلم و ماذا نفكر و ماذا نؤمن به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018