peshwazarabic5 نوفمبر، 20100

لوهلة الأولى، بدا هبوط أعوام 2001-2003 في معدلات الفائدة الأمريكية وكأنه قد حرّر السلع: إذ ان النمو في الناتج والعمالة قد تسارع على نحو بطيء، وبقي التضخم ضمن النطاق المريح للمجلس الاحتياطي الفيدرالي، تحت الـ2%. وعلى كل حال، بحلول منتصف عام 2004، أدرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي ان نسبة التضخم كانت تزحف إلى الأعلى، بعد ان وصلت إلى القاع عام 2003. وهكذا فقد رفع (أي المجلس) الكلفة المالية قصيرة الأمد، على نحو بطيء ولكنه ثابت. ارتفعت نسبة الاحتياط الفيدرالي مجددا إلى 5%. ليس بالضرورة ان يكون إحكام الضبط قد انتهى. على هذا النحو، على الأقل، قرأ وول ستريت تحذير بن بيرنانكي، مدير مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الخامس من حزيران حول الأسعار.
ان الخط المعياري لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هو قيامه بالنظر إلى كافة مؤشرات التضخم. بعد قول هذا، لا يخفى على احد ان المقياس المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو القياس الجوهري لنفقات الاستهلاك الشخصي. وقد ارتفع هذا المقياس، الذي يتقصى ما ينفقه الناس بشكل عام (باستثناء الطعام والطاقة)، في العام المنصرم، ارتفع بواقع 2.1% فقط. بينما فاقت هذه النسبة الهدف غير الرسمي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ذي الـ2%، فهي ما زالت واطئة بما فيه الكفاية بالنسبة للمجلس ليدّعي باحتواء التضخم. وعلى كل حال، فان مقاييس التضخم الأخرى تتحدى ذلك التشخيص الحميد. ارتفعت نفقات الاستهلاك الشخصي التي تتضمن الطعام والطاقة، على سبيل المثال، بـمستوى 3% في العام الماضي. كما ان مؤشر أسعار المستهلك، المستند على سلة ثابتة من البضائع والخدمات (بما فيها الطاقة والطعام)، قد ارتفع إلى 3.6%.
علاوة على ذلك، هنالك أسباب جيدة للاعتقاد بأن مؤشرات أسعار الحكومة، مع المكونات المتقلبة من الطعام والطاقة او بدونها، تعطي إشارات تضخم ضعيفة على نحو مصطنع. على سبيل المثال، ان الازدهار الأخير في أسعار الإسكان لا يظهر مطلقا في مؤشر أسعار المستهلك. ان ما يسمى بـ”الإيجار المكافئ للمالك” يستخدم كبديل لكلفة ملكية المساكن. لم يتماش هذا المقياس مع أسعار المساكن.
إذا ما نظرنا إلى بيانات السوق الحقيقية، مثل تلك التي ينتجها سوق السلع، فان صورة التضخم قد تغيرت بشكل دراماتيكي. في العام الماضي ارتفع سعر الذهب إلى 51% وسعر النفط الخام إلى 35%. أما المؤشرات التي تتضمن أسعار تصفية السوق بالنسبة لنطاق واسع من السلع الزراعية والصناعية قد ارتفع أيضا بشكل كبير. كما ان مؤشر مكتب أبحاث السلع لـثلاثة وعشرين سلعة قد ارتفع إلى 15% مما كان عليه قبل عام. وسواء نظرنا إلى إحصاءات الحكومة، او إلى أسعار السوق، من الواضح جدا ان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد ضغط على دواسة تسريع الائتمان المالي بشكل أكثر شدة ولوقت أطول.
وكما أشرت في عمودي الصحفي في الثامن من أيلول لعام 2003 في مجلة فوربز، فان إحصاءات الحكومة، مثل نفقات الاستهلاك الشخصي ومؤشر أسعار المستهلك، قد تراجعت وراء أسعار السلع. بناءا على ذلك، أتوقع المزيد من الارتفاعات في مقاييس التضخم الحكومية والمزيد من إحكام مجلس الاحتياطي الفيدرالي. إذا كنت لم تتبع نصيحة الاستثمار التي ذكرتها في ذلك العمود، فافعل ذلك الآن: تخلّص من السندات التقليدية واستبدلها بسندات خزينة محصنة ضد التضخم. ضع 10% من محفظتك المالية في السلع، والذهب هو الاختيار المثالي.
ان معدلات الفائدة الواطئة والأرباح الزائدة بشكل مفرط قد أنتجت تشوهات ولاتوازنات أخرى. ان هؤلاء الذين تتلمذوا في نماذج دورة الأعمال التجارية التي طوّرها فريدرك هايك في الثلاثينيات (من القرن العشرين)، يعرفون ان معدلات الفائدة المنخفضة بإفراط تنجم عن فجوة كبيرة بين المدّخرات والاستثمار. لا يرغب الناس في تأجيل الاستهلاك ان كان الرجوع إلى المدّخرات ضئيلا، أما مستخدمو رأس المال فهم ميالون إلى تمويل المشاريع الهامشية عندما تكون كلفة المال منخفضة. ومما لا شك فيه ان إجمالي المدخرات كان 16.7% من الناتج القومي الإجمالي عام 2000. وبحلول عام 2005، تدهورت إلى 13.8% من الناتج القومي الإجمالي. اما إجمالي الاستثمار (أي الاستثمار قبل استخراج استهلاك رأس المال) بوصفه نسبة مئوية من إجمالي الناتج، فبدأ عند 20.7% وانتهى عند 20% خلال هذه الفترة. وبالتالي، فان فجوة المدخرات-الاستثمار قد انتفخت من (-4%) من إجمالي الناتج القومي إلى(-6.25%).
على المستوى القومي، تلك المدخرات ناقصة الاستثمار في الولايات المتحدة يساوي صافي الاستثمار الأمريكي الخارجي. وهذا بدوره يساوي الموازنة في الحساب الجاري الأمريكي، والذي هو الفرق بين صادرات أمريكا ووارداتها بشكل عام. إذا ما فاق الاستثمار المحلي مجموع مدخرات الأمريكيين، كما يفعل الآن، ستكون الواردات اكبر من الصادرات، وسنحصل على رأس مال أجنبي لتمويل الفرق. وبعبارة ابسط، إن عجزنا التجاري المتزايد هو دالة للتفاوت السلبي بين مدخراتنا ومعدلات الاستثمار.
السياسيون، وكما هو متوقع، يلومون الصينيين لعجزنا التجاري. ولمَ لا؟ مَن مِن السياسيين الأمريكيين قد خسر الانتخابات بواسطة لوم الأجانب على مشكلة وقعت في أمريكا؟ توقعوا المزيد من اللكمات الصينية، والمزيد من السياسات التجارية الحمائية، ودولاراً متزايد الوهن.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 7 آب 2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018