ستيف إتش. هانكي

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

في كل سنة منذ العام 1975 كانت الولايات المتحدة تسجل عجزا تجاريا. هذا الأمر لا يبعث على الدهشة نظرا لأن الادخار في الولايات المتحدة كان اقل من الاستثمار.
وبالإمكان خفض العجز التجاري من خلال نوع من توافقية استهلاك حكومي أقل أو استهلاك شخصي أقل أو استثمار محلي خاص أقل. إلا أنكم سوف لا تعلمون بذلك من خلال الإصغاء إلى ما تنطق به فصاحة السياسيين ومجموعات المصالح الخاصة في واشنطن. فهناك الكثير من بينهم كان قصدهم القيام بعرض رجولتهم الميركانتلية ذات التجارية القومية البحتة.
ومن المؤسف له أن يكون هذا ما حدث. إذ لا ينبغي أن يكون حتى الخفض في العجز التجاري غاية أساسية من غايات السياسة الفيدرالية. والظاهر أن واشنطن تنتعش بفعل ما تشنه من “حروب” تجارية عديمة الفائدة تعود بالضرر على الولايات المتحدة وعلى شركائها التجاريين على حد سواء.
منذ أوائل سنوات السبعينيات ولغاية العام 1995 من القرن الماضي، كانت اليابان هي الدولة التي تشكل العدو التجاري لأمريكا. وكان الميركانتليون من ذوي النزعة التجارية القومية في واشنطن قد أكدوا بان الممارسات التجارية اليابانية غير العادلة هي التي تسببت في العجز التجاري الأمريكي وأن من الممكن أن يتم خفض العجز التجاري الثنائي الأمريكي مع اليابان في حال القيام برفع قيمة الين الياباني مقابل الدولار الأمريكي.
وحتى واشنطن كانت قد حاولت أن تقنع طوكيو بأن القيام برفع قيمة الين الياباني بشكل دائم سوف يكون لصالح اليابان. ولسوء الحظ، قام اليابانيون بالامتثال وتم رفع قيمة الين بحيث انتقل من 360 للدولار في العام 1971 إلى 80 في العام 1995.
وفي شهر نيسان 1995، أيقن وزير الخزانة الأمريكية روبرت روبن وبشكل متأخر عن الوقت المعتاد بأن الرفع الكبير لعملة الين قد تسبب في جعل الاقتصاد الياباني يغوص في مستنقع انكماشي. ونتيجة لذلك، قامت الولايات المتحدة بالتوقف عن لي ذراع الحكومة اليابانية حول قيمة الين. ولكن في الوقت الذي تم به الترحيب بهذا التحول في السياسة، كان الأوان قد فات تماما. وحتى في الأيام الحالية، استمرت اليابان في المعاناة من المأزق الذي خلقه رفع قيمة الين.
وبما أن الاقتصاد الياباني قد أصابه الركود، فان مساهمته في زيادة العجز التجاري الأمريكي قد هبطت، منخفضة من ذروتها في العام 1991 البالغة 60% تقريبا إلى ما يقارب 11% (أنظر الجدول المرفق).وبينما انخفضت مساهمة اليابان في زيادة العجز الأمريكي، ارتفعت مساهمة الصين في ذلك العجز من نسبة أكثر قليلا، من 9% في العام 1990 إلى ما يقارب 28% العام الماضي (أنظر الجدول المرفق). وبفعل هذه الاتجاهات، فقد حل اليوان، وهو عملة الصين، محل الين الياباني بكونه كبش فداء الميركانتليين.
وبشكل مثير للانتباه، هبطت المساهمة المركبة اليابانية-الصينية في زيادة العجز الأمريكي فعلا من ذروتها التي تفوق نسبة 70% في العام 1991 إلى نسبة 39% فقط في العام الماضي. وهذا الهبوط في المساهمة في ذلك العجز التجاري لم يعمل على إيقاف الميركانتليين عن الادعاء بأن الـيوان الصيني قد تم تقييمه تقييما متدنيا بدرجة كبيرة وان هذا الأمر قد عمل على خلق منافسة صينية غير عادلة وعجز تجاري ثنائي أمريكي مع الصين.


كان قد تم إقحامي في خلاف حول العملة الصينية منذ خمس سنوات عندما حضرت كشاهد أمام “اللجنة المصرفية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي” بتاريخ الأول من شهر أيار  2002. وكان الغرض من هذه الجلسات هو أن يتم البت، من بين أشياء أخرى، فيما إذا كانت الصين قد تلاعبت في سعر الصرف الخاص بعملتها.
ويشترط قانون الولايات المتحدة على وزارة الخزانة الأمريكية، بالتشاور مع صندوق النقد الدولي، أن تقوم بتقديم تقرير نصف سنوي في ما يتعلق بدول كالصين التي تقوم بجني ميزة تنافسية “غير عادلة” في التجارة الدولية من خلال التلاعب بعملاتها.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أخفقت في السابق في شهر أيار 2002 في تسمية الصين كـ”متلاعب في العملة”، ومنذ ذلك الوقت لم تقم بهذا العمل. وبما أن من الصعب أن يتم تحديد مصطلح “التلاعب بالعملة” فإن هذا الأمر لا يبعث على الاستغراب، وأنه، بناء على ذلك، لا يشكل مفهوما عمليا يمكن استخدامه بالنسبة لأي تحليل اقتصادي. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أقرت هذه الحقيقة في التقارير التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأمريكي في العام 2005.
ومع ذلك، فإن هذه الحقيقة لم تعمل على إيقاف السياسيين ومجموعات المصالح الخاصة في الولايات المتحدة وفي كل مكان آخر من الإصرار على أن الصين تقوم بالتلاعب باليوان.
وقام الحمائيون التجاريون، من كلا الحزبين السياسيين في الولايات المتحدة الأمريكية بالتهديد بفرض تعرفات جمركية على البضائع الصينية المستوردة إذا لم تقم بكين بتقدير ورفع اليوان بدرجة كبيرة. وقام هؤلاء الحمائيون حتى بالادعاء بأن الصين سوف تكون في حال أفضل إذا قامت بالسماح لعملتها اليوان بأن تصبح اكثر قوة مقابل الدولار الأمريكي!
من الواجب على السياسيين أن يتوقفوا عن سحق الصينيين بما يتعلق بسعر صرف عملة اليوان. وسيعمل ذلك على السماح للصينيين بالتركيز على مسألة العملة الهامة ومسائل التجارة، وذلك بأن يتم جعل اليوان قابلا للتحويل بالكامل وأن يتم احترام حقوق الملكية الفكرية ويتم الوفاء بمعايير الصحة والسلامة المتعارف عليها بخصوص صادراتهم.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 26 شباط 2008.

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

يقدم المفكر الحقيقي للعامة أفكارا جديدة حول نطاق واسع من المواضيع، بحيث يعبّر عن هذه الأفكار قبل وقت طويل مما يفعل معظم الناس. وهذا هو جوهر تعريف عالم نوبل للاقتصاد، فريدرك هايك، للمفكر. وفي مقالته المنشورة في مجلة جامعة شيكاغو للقانون عام 1949 “المفكرون والإشتراكية”، ألقى هايك الضوء أيضا على أن المفكرين في مختلف الأحول أهم مما يعتقد معظم الناس. وبرغم كل شيء، فهم يشكلون الرأي العام.
لقد كان الإقتصادي النمساوي هايك واحدا من المفكرين المفضلين بالنسبة لرونالد ريغان. وقد كان ريغان مفكرا حسب تعريف هايك. ريغان المفكر؟ يجيب كتاب “بقلم ريغان” (2001) على ذلك السؤال. ويحتوي هذا الكتاب، ذو المقدمة التوضيحية التي كتبها جورج شولتز، 259 مقالة كتبها ريغان بنفسه والتي تتكون بشكل أساسي من نصوص برامجه الإذاعية التي كانت تذاع لمدة خمس دقائق خمسة أيام في الأسبوع في أواخر السبعينيات. إن المقالات رائعة ومثيرة في اتساع وعمق موضوعاتها، وقد وضعت أساس إطار العمل الفلسفي لرئاسته.
ومن الجدير للذكر أن “يوميات ريغان” (2007) قد نُشرت للتو. وباستثناء الوقت الذي دخل فيه المستشفى ليتلقى العلاج بعد محاولة اغتيال فاشلة، فقد كتب ريغان يومياته كل يوم. وقد كانت مذكراته اليومية تحتل ما طوله نحو صفحة ومكتوبة بوضوح بخط ريغان. وكما هو الحال مع كتاب “بقلم ريغان”، فإن “يوميات ريغان” هي من أعمال ريغان التي كتبها بيديه، وليست مواد كتبها موظفوه نيابة عنه.
لا عجب أن ريغان بدا مسترخيا ومسيطرا على نفسه. فقد فكر في الأمور مليا. وبوصفه شخصا كان كبير الاقتصاديين في مجلس المستشارين الاقتصاديين خلال 1981-82، فقد رأيت بصيرته الفكرية مباشرة.
وكانت واحدة من مهامي السابقة تحليل تملك الأراضي من قبل الحكومة الفيدرالية وتقديم التوصيات حول ما يجب الفعل بها. وكان هذا عملا كبيرا. فهذه الأراضي واسعة بحيث تغطي مساحة تبلغ ستة أضعاف مساحة فرنسا.
وتمثل هذه الأراضي التي يُزعم أنها حكومية شذوذا اشتراكيا كبيرا في نظام أمريكا الرأسمالي. وكما هو الحال مع جميع المشاريع الإشتراكية، فإنها تُدار بشكل سيئ من قبل السياسيين والبيروقراطيين الذين يرقصون على أنغام جماعات المصالح الضيقة. وبالفعل، فإن الأراضي الأمريكية المؤممة تمثل أصولا تساوي تريليونات الدولارات، إلا أنها تولد صافي تدفقات مالية سلبية للحكومة. وقد قدمت توصياتي لاجتماع مجلس الأراضي الحكومية السنوي في رينو، نيفادا، في أيلول 1981. وكان عنوان كلمتي هو “خصخصوا تلك الأراضي”.
لقد أثارت خطبتي التي ألقيتها في رينو ضجة. فقد استشاط وزير الداخلية جيمس وات غضبا لأنه أراد أن يسلم الأراضي للدولة—مستبدلا نوعا من الاشتراكية بآخر.  ولا داعي للقول أنني ظننت أنني وقعت في ورطة. وعلى أمل تجنب أن أصبح أضحية سياسية، فقد أرسلت بسرعة تحليلي إلى الرئيس.
ولدهشتي، فقد استجاب ريغان فورا، ووقف إلى صفي. والأفضل من ذلك، فقد جعل بسرعة من عروضي سياسة للإدارة. كما جعل ريغان رسالته حول ميزانية السنة المالية 1983 علنية عندما صادق على خصخصة الأراضي الحكومية: “إن بعض هذه الأراضي غير مستخدمة وستكون ذات قيمة أعظم للمجتمع إذا تم تحويلها إلى القطاع الخاص. فسوف نوفر في السنوات الثلاث المقبلة 9 مليارات دولار باستبعاد هذه الممتلكات، بينما نحمي ونحافظ بالكامل على الحدائق العامة والغابات والبراري والمناظر الطبيعية القومية”.
لقد تبين أن ريغان كان قد فكر مسبقا بهذا الأمر. ويحتوي كتاب “بقلم ريغان”، على عدة مقالات حول الموضوع والتي تؤذن ببيانه السياسي. فإن تأملاته المتعلقة بالأراضي الحكومية تردد كتابات مفكر جيد آخر وهو آدم سميث.  وعلى الرغم من أن ريغان لم يقتبس عن سميث مطلقا، فإن منطقهما كان متشابها.
واختتم سميث كتابه “ثراء الأمم” (1776) بقوله “لا تبدو أي شخصيتين غير منسجمتين أكثر من شخصيتي التاجر والسيد”، حيث أن الناس يبذرون أموال الآخرين أكثر مما يبذرون أموالهم. وبذلك الاعتقاد، فقد قدر أن إنتاجية الأراضي التي تمتلكها الدولة تبلغ 20% فقط مقارنة بالممتلكات الخاصة. واعتقد سميث أن قطع الأراضي الرائعة في أوروبا هي “مجرد مضيعة وإضاعة للدولة من حيث كلا المنتج والسكان”.
وقد اوقفت المعارضة السياسية ريغان من الخصخصة. وبالتالي بقيت أراضي الولايات المتحدة المؤممة تستخدم بطريقة سيئة. ولكن ريغان المفكر كان محقا قبل وقت طويل!
© معهد كيتو، منبر الحرية، 21 تشرين الثاني 2007.

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، شرع الرئيس الأمريكي “وودرو ويلسون” في العمل لكي يجعل العالم ديمقراطيا. ومنذ ذلك الوقت، دأب الرؤساء الأمريكيون بالسير على قرع طبول تلك المثالية “الويلسونية”. وبالفعل، يتم تنفيذ معظم السياسة الخارجية الأمريكية تحت ذريعة نشر الديمقراطية إلى بقية دول العالم، وقد تكون مثل هذه الذريعة في بعض الحالات اعتقادا حقيقيا. وبناء عليه، فان استخدام الرئيس الأمريكي (الحالي) “جورج دبليو. بوش” لتلك الحجة بخصوص ارتباطات أمريكا الخارجية لا يعتبر استخداما جديدا أو غير عادي. وقد يكون منطقيا أن تكون رسالة وكالات المخابرات الأمريكية بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية الـ(سي. آي. إيه.) والتي تم ذكرها مؤخرا هي أن يتم “دعم الديمقراطية وأن يتم الحفاظ على وإدامة الدول الديمقراطية المسالمة”.
إن معظم الشعوب، بما في ذلك الشعب الأمريكي، سوف تصيبهم الدهشة إذا علموا بان كلمة الـ“ديمقراطية” لا وجود لها في وثيقة “إعلان الاستقلال” الأمريكية (1776) أو في “دستور الولايات المتحدة الأمريكية” (1789) أو في تعديلاته العشرة الأولى التي تعرف باسم “لائحة الحقوق” (1791). كما انه ستصيبهم الصدمة إذا عرفوا سبب عدم وجود كلمة الـ”ديمقراطية” في الوثائق التأسيسية للولايات المتحدة الأمريكية. وعلى النقيض لما تقوم الدعاية السياسية الأمريكية بتوجيه جمهور الناس كي يتم تصديقها، فقد أبدت الشخصيات التي أسست أمريكا—أي الآباء المؤسسون—شكوكهم وقلقهم تجاه الديمقراطية. فقد كانوا على وعي وإلمام بالشرور التي تصاحب الطغيان والذي هو في هذه الحالة طغيان الأغلبية. وقد ذهب أولئك الذين قاموا بصياغة الدستور الأمريكي إلى مسافات أبعد من ذلك كي يضمنوا بان لا تكون الحكومة الفيدرالية الأمريكية معتمدة على إرادة الأغلبية، وبالتالي أن لا تكون ديمقراطية.
وقد عمل الدستور الأمريكي الأصلي على توطيد حكم القانون وعلى تثبيت الحدود التي تقيّد الحكومة. كما عمل ما يقارب نسبته 20 في المائة من هذا الدستور على وضع بنود لأشياء لا يجوز للحكومة الفيدرالية ولحكومات الولايات أن تقوم بعملها. وهناك نسبة أخرى تبلغ 10 في المائة من هذا الدستور لها علاقة بالمنح التي يتم التصرف بها للسلطات. وكذلك تتناول معظم مواد الدستور، والتي تقارب نسبة 70 في المائة منه، مفهوم أولئك الأشخاص الذين صاغوا الدستور والذي يتعلق بالواجب الرئيسي الموكول له وهو: أن يتم إخضاع الولايات المتحدة وحكومتها لحكم القانون.
والدستور الأمريكي هو، بشكل أساسي، عبارة عن وثيقة بنائية وإجرائية تضع بنودا خاصة بأولئك الأشخاص الذين يجب عليهم أن يمارسوا السلطة وكيف يتوجب عليهم أن يمارسوها. وقام الدستور بتقسيم الحكومة الفيدرالية إلى فرع تشريعي وفرع تنفيذي وفرع قضائي وتم تصميم كل فرع بهدف ضبط وتدقيق بقية السلطات نظرا لان المؤسسين لا يريدون أن يعتمدوا على أصحاب الأصوات الانتخابية فقط كي يتم ضبط وتدقيق سلطة الحكومة.
ونتيجة لذلك، فقد تم منح المواطنين القليل من السلطة من ناحية اختيار المسؤولين الفيدراليين. فالرئيس وأعضاء الهيئة القضائية ومجلس الشيوخ لم يجرِ انتخابهم بالتصويت المباشر من قبل الشعب، بل يتم فقط انتخاب أعضاء مجلس النواب عن طريق التصويت المباشر من الشعب. ولا يعتبر الدستور الأمريكي بمثابة تركيبة أو صيغة ديكارتية (نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي ديكارت) تهدف إلى هندسة اجتماعية بل هو عبارة عن شيء يهدف إلى حماية المواطنين الأفراد من الحكومة. وباختصار، فقد تم تصميم الدستور لكي يحكم الحكومة وليس ليحكم الشعب.
كما قامت لائحة الحقوق أيضا بتثبيت حقوق الشعب ضد أية انتهاكات تقوم بها الدولة. والمطالبة الوحيدة لدى المواطنين على الدولة، بموجب لائحة الحقوق، هي بخصوص إجراء المحاكمات من قبل هيئة محلفين. أما بقية حقوق المواطنين فهي عبارة عن وقايات من الدولة.
وإذا كان أولئك الذين صاغوا الدستور لم يقوموا بتبني الديمقراطية، فما الشيء الذي قاموا هم بالتمسك به؟ من ناحية المواطن العادي، اتفقوا على أن الغاية من أية حكومة هو أن يتم تأمين ثلاثية “جون لوك” الخاصة بالحقوق للمواطنين وهي حق الحياة وحق الحرية وحق الملكية. وقد كتبوا عن الحرية كتابات مكثفة وبليغة. كما كتب، على سبيل المثال، جون آدمز عن ذلك أيضا قائلا بأنه “في اللحظة التي يتم بها إدخال الفكرة التالية إلى المجتمع وهي أن حق الملكية ليس مقدسا كقدسية القوانين الإلهية وانه لا توجد هناك قوة قانون ولا عدالة عامة تقوم بحمايتها، عندئذ سوف تبدأ الفوضى والطغيان”.
وفي غالب الأحيان تتحدث أفعال المؤسسين بصوت أعلى من أقوالهم. فقد تولى المحامي المتميز أليكسندر هاملتون كثيرا من القضايا الشهيرة بدافع من المبدأ الذي يحمله. فعلى سبيل المثال، وبعد الحرب الثورية التي قامت ضد القوة الاستعمارية وهي بريطانيا العظمى، قامت ولاية نيويورك بسن إجراءات صارمة ضد “الموالين” (لبريطانيا) وضد الرعايا البريطانيين. وقد اشتملت تلك الإجراءات على “قانون المصادرة” (1779) و”قانون الاستدعاء” (1782) و”قانون التعدي على الغير” (1783). وقامت جميع هذه القوانين بإدخال الاستيلاء على الملكية فيها.
وبحسب وجهة نظر هاملتون، فان هذه القوانين أوضحت الفارق المتأصل بين الديمقراطية والقانون. وحتى وإن كانت تلك القوانين تلقى شعبية على نطاق واسع، فأنها قامت بالاستهزاء من المبادئ الأساسية لقانون الملكية. وقام هاملتون بتحويل آرائه إلى أفعال من خلال التطبيق التام لقوة القانون. كما أنه قام، لكي يواجه أعمالا عدائية عامة هائلة، بالدفاع وبشكل ناجح عن أولئك الذين تم الاستيلاء على ممتلكاتهم في ولاية نيويورك بموجب التشريعات الثلاثة.
لقد تم تصميم الدستور الأمريكي بغرض تأييد وتعزيز قضية الحرية وليس قضية الديمقراطية. ولكي يتم تطبيق ذلك، قام الدستور بحماية حقوق المواطنين الأفراد من الحكومة ومن زملائهم المواطنين. وللوصول إلى هذه الغاية، وضع الدستور قواعد واضحة لا لبس فيها وقابلة للتطبيق بهدف حماية حقوق الأفراد. وبالنتيجة، فان نطاق وقياس سلطة الحكومة قد تم تحديدهما بشكل صارم.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 27 آذار 2007.

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

دخلت زيمبابوي جحيم التضخّم المفرط. إذ ارتفع التضخم في آذار الماضي أكثر من 50 في المئة من الحد الشهري الذي يُوصَف بأنه تضخّم مفرط. والإعلان رسمياً عن محنة وعذاب زيمبابوي، يتضمن الإشارة إلى التضخم المفرط الذي حدث في ألمانيا في عامي 1922 و1923، حين بلغت نسبة التضخّم الشهري 32400 في المئة. واختيار الإشارة إلى تجربة ألمانيا “أمر غريب نوعاً ما”. ومع ذلك، سُجّل أكبر تضخم مفرط شهري عالمياً في هنغاريا في تموز عام 1946، وكان أعلى باثنتي عشرة مرة من الذروة الشهرية في التضخّم المفرط لألمانيا. لكن كما هي الحال في الإحصاءات والمعلومات المالية والاقتصادية، أسقطه السجلّ الهنغاري في ما سماه المؤلف جورج أورويل “ثغرة في الذاكرة”. وهذا الأمر يوصلنا إلى تضخم مفرط آخر، كان أكثر قسوة من الذي حصل مع ألمانيا، حدث في يوغوسلافيا خلال التسعينات من القرن العشرين ولم يتم تسجيله في الوعي العام، إلاّ من قبلي، بصفتي مستشار نائب رئيس يوغوسلافيا بين عامي 1990 و1991، إذ حذّرت في حينه من عاصفة مقبلة.
والقصّة أن بين الأعوام 1971 و1991، كانت نسبة التضخم المسجلة سنوياً في يوغوسلافيا هي 76 في المئة، وتجاوزت هذه النسبة فقط زائير والبرازيل.
لكن الأمور أصبحت أكثر سوءاً بعد ان اكتشفت حكومة رئيس الوزراء أنتي ماركوفيتش الفيدرالية في 7 كانون الثاني 1991 أنه تحت سيطرة سلوبودان ميلوسوفيتش، أمر البرلمان الصربي “البنك المركزي الصربي” (البنك المركزي الإقليمي) سراً أن يُصدر 1.4 بليون دولار على شكل ائتمان مالي إلى أصدقاء ميلوسوفيتش.
وتلك السرقة غير القانونية كانت تساوي أكثر من نصف الأموال الجديدة التي كان يخطط البنك المركزي اليوغوسلافي لإصدارها في عام 1991، ما نَسف خطط حكومة ماركوفيتش المتأرجحة لتطبيق إصلاح اقتصادي، وعزز تصميم قادة كرواتيا وسلوفينيا على الانفصال عن جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية الاشتراكية.
وبلغ التضخم المالي ذروته في كانون الثاني عام 1994، عندما بلغت النسبة الرسمية الشهرية للتضخم 313 مليون في المئة، أي أعلى بأربع درجات من التضخم المفرط المسجل في ألمانيا في العشرينات من القرن الماضي، لكنه أقل من السجل الهنغاري. واستمر التضخم المفرط في يوغوسلافيا لمدة 24 شهراً، أي أقل بشهرين من التضخم المفرط الذي حدث في الاتحاد السوفييتي في مطلع العشرينات من القرن العشرين. وكانت النتائج مُدمِّرة على الاقتصاد المحلي. وقبل أن يقوم الـ”ناتو” بضرب يوغوسلافيا في عام 1999، كان جنون ميلوسوفيتش النقدي دمّر الاقتصاد تماماً، ثم أشعل الحرب، مطبقاً “سياسة قديمة للاحتفاظ بالسلطة”.
وخلال فترة الـ24 شهراً من التضخم المفرط، انخفض دخل الفرد الواحد بما يفوق الـ50 في المئة. وأُجبر الناس العاديون على استنزاف مدّخراتهم من العملة الصعبة. ولم يستطع الناس شراء الطعام من السوق الحرة، وتجنّبوا المجاعة “إما بالوقوف في الصفوف الطويلة أمام مخازن الحكومة من أجل التموين غير المنتظم بسلع متدنية النوعية، أو من خلال الاعتماد على الأقارب الذين كانوا يعيشون في الريف”. ولمدة طويلة أُغلقت محطات البنزين كلها في بلغراد، عاصمة يوغوسلافيا، باستثناء واحدة كانت تقدّم البترول للأجانب وأفراد السفارات. وأمضى الناس وقتاً كبيراً في أسواق الصرافة السوداء، حيث كانوا يتاجرون بأكوام هائلة من العملة المحلية، التي لا قيمة لها تقريباً، مقابل الحصول على مارك ألماني واحد أو دولار واحد.
وادعى ميلوسوفيتش أن “اليوغوسلاف كانوا ضحايا التأثيرات الخارجية”. وكان يكرر قصّته التي تقول أن التضخم المفرط والصعوبات الناتجة عنه كان سببها الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على البلاد بين أيار عام 1992 ونيسان 1993.
وفي الواقع، إن آلية ميلوسوفيتش النقدية استخدمت بإفراط لتمويل حروبه. إذ استخدم أكثر من 80 في المئة من موازنة يوغوسلافيا لصالح القوات العسكرية وقوات الشرطة. وبحلول كانون الأول عام 1993، كان ما نسبته 95 في المئة من الإنفاق الحكومي العام تُموّلها العملة التي تم طباعتها حديثاً.
ولا شيء يخبر هذه القصة الرهيبة أفضل من تخفيض قيمة الدينار اليوغوسلافي، مرات عدّة. إذ بين عام 1991 ونيسان عام 1998، خفضت قيمة الدينار 18 مرة (ثلاث منها تجاوزت 99 في المئة)، وأزيل 22 صفراً من تلك الوحدة الحسابية. وحوّل التضخم المفرط الورقة المالية من فئة 500 بليون دينار إلى “عملة صغيرة لا قيمة نقدية لها، قبل أن يجف حبرها”. وبهدف معرفة النتيجة على السكان المحليين، تخيّل عزيزي القارئ قيمة حساباتك المصرفية بالدولار، ثم حاول تحريك الفاصلة العشرية 22 منزلة إلى اليسار، وحاول أن تشتري شيئاً ما!
يذكر ان الأذى المالي الذي سببّه ميلوسوفيتش لم يكن شيئاً جديداً. فالملوك الصرب القدامى كانوا مشهورين بأنهم “لصوص مال”. ففي القرن الرابع عشر، زوّر الملك مليوتين عملة فضية فينيسية في مدن نوفوبوردو وبرزرن، الموجودتين الآن في كوسوفو. وكانت العملة المزوّرة تحتوي على سبع أثمان الفضة الموجودة في العملة الأصلية، لاحقاً منعت فينيسيا تداول هذه العملة المزورة.
وفي كتابه “الكوميديا الإلهية” شجب دانتي، الكاتب الإيطالي الشهير، ملك راسكيا ووصفه بـ”المزوّر”.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 26 حزيران 2007.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

استنتج لارس جونونج وإيوين دريا (2010) في دراستهما أن الموقف المتشائم الذي اتخذه معظم الاقتصاديين الأمريكيين من اليورو خلال الفترة 1989 – 2002 “كان قد نشأ على الأرجح نتيجة ميل الاقتصاديين الأمريكيين إلى اعتبار اليورو مشروعا سياسيا  دوافعه غامضة يقوم على قاعدة مؤسسية منقوصة.” لو كان معظم الاقتصاديين الأمريكيين يعتقدون أن اليورو هو مشروع سياسي، إلى حد كبير، فقد كانوا على صواب في اعتقادهم هذا. حين نقرأ قصص ظهور اليورو، فإن من الواضح أن السياسة، وليس الاقتصاد، هي سيدة الموقف (براون 2004؛ مارش 2009).
لكن هذه النظرة الواقعية (التي تقول بهيمنة “السياسة”) لا تشجع الفرد على اتخاذ موقفً متشائم ولا متفائل من اليورو. انطلاقا من خبرتي كمستشار في إصلاحات العملة في أوروبا في تسعينيات القرن العشرين، لاحظت بصورة مباشرة أن العامل المهيمن هو السياسة أي أنها هي المحدد الرئيس، وأحيانا بعض الاعتبارات الشخصية، وليس اقتصاد مناطق العملة المثلى. كما لاحظت أن الأمر  يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات جيدة رغم ذلك.
في إستونيا، التي أنشأت عملة مستقلة في عام 1992، كان الهدف القومي المهيمن هو الخروج من منطقة الروبل، وبصورة أشمل، الخروج من دائرة نفوذ موسكو. كانت أكثر الطرق ملائمة لإنجاز هذا الهدف وبشكل سريع هي إنشاء مجلس للعملة. وكان المحرك الرئيس لقيام ليثوانيا بإصلاحات مماثلة لعملتها عام 1994 هو دور رئيس الوزراء أدولفاس سليزيفيكيوس Adolfas Slezevicius. حيث كان منجذبا لفكرة  مجلس العملة، لأنها كانت سبيلاً لتهميش محافظ البنك المركزي، وفرض الانضباط في المالية العامة على الحزب الذي ينتمي إليه (وهو حزب العمل الديمقراطي)، الذي كان يسيطر على البرلمان. وفي بلغاريا، أدى تضخم مفرط عام 1997 إلى هياج شعبي عنيف يطالب بأموال سليمة ومجلس للعملة، وهي فكرة ترددت في الأوساط المهنية منذ عام 1991. والواقع أن ترجمة هزيلة (باللغة البلغارية) لبحث قديم كنت قد كتبته عام 1991 (هانكي وشولر 1991)، قد احتلت قائمة الكتب الأكثر رواجاً في صوفيا أثناء فترة التضخم المفرط. كذلك أنشأت البوسنة والهرسك مجلساً للعملة في عام 1997. وقد كان هذا البند مفروضاً بحكم اتفاقية ديتون – باريس للسلام، وهي معاهدة دولية وقعت في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1995. أما جمهورية الجبل الأسود، فرغم انتمائها آنذاك لإتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية إلى جانب الصرب، إلا أنها تخلت عن الدينار اليوغوسلافي واستعاضت عنه بالمارك الألماني في تشرين الثاني (نوفمبر) 1999. هذا القرار الجريء من ميلو ديوكانوفيتش (الذي كان رئيساً للجمهورية في ذلك الحين) كان جزءاً من إستراتيجية سياسية لتثبيت استقلال الجبل الأسود. كانت السياسة، وليس الاقتصاد، العامل الرئيس وراء قرار الجبل الأسود بتبني المارك الألماني، شأنه في ذلك شأن إنشاء اليورو.
لقد شعرت بسعادة كبيرة لوجود منطق سياسي وتأييد شعبي لإصلاحات العملة التي كنت أنادي بها.  لكن تهميش النقاط الاقتصادية الدقيقة لم تؤثر عليّ. جميع البلدان المذكورة آنفاً مستمرة حتى اليوم في السياسات النقدية التي وضعتها في تسعينيات القرن الماضي. (تحولت جمهورية الجبل الأسود إلى اليورو حين حل اليورو محل المارك الألماني.) وتم إتباع هذه السياسات إلى حد كبير لأسباب سياسية، لكنها استمرت لأنها حققت النتائج الاقتصادية القوية التي كانت مرجوة منها.
تستند آرائي حول أسعار صرف العملات إلى التمييز بين (ثلاثة أنظمة)، وهي نظام الأسعار المثبتة تثبيتاً تاماً، ونظام السعر المعوم تعويماً تاماً، ونظام ارتباط العملة. نظام أسعار الصرف الثابتة ونظام أسعار الصرف المعومة هو نظام تهدف السلطة النقدية من خلاله إلى تحقيق هدف واحد فقط في كل مرة. رغم أن نظامي سعر الصرف الثابت والمعوم يبدو عليهما الاختلاف، إلا أنهما عضوان في عائلة السوق الحرة نفسها. يعمل النظامان دون ضوابط على تبادل العملات، وهما من آليات السوق الحرة اللازمة في تعديلات ميزان المدفوعات. في نظام الأسعار المعوّمة، يضع البنك المركزي سياسة نقدية، لكن سعر الصرف يعمل من تلقاء نفسه. معنى ذلك أن القاعدة النقدية يتم تقريرها محلياً من قبل البنك المركزي. وحين يكون سعر الصرف ثابتاً، هناك احتمالان: إما أن يحدد مجلسُ العملة سعرَ الصرف، ويعمل عرض العملة من تلقاء نفسه، أو “يتدلور” البلد ويستخدم الدولار الأمريكي أو عملة أجنبية أخرى لتكون بمثابة عملته المحلية، ويعمل عرض العملة كذلك من تلقاء نفسه. من منظور أي بلد معين، يعتبر الاتحاد النقدي من قبيل منطقة اليورو شبيهاً بالدلورة (أي التحول لاستخدام الدولار). نتيجة لذلك فإن القاعدة النقدية للبلد (في ظل نظام سعر الصرف الثابت) يتم تحديدها من قبل ميزان المدفوعات، وتتحرك على أساس تناظر “واحد لواحد” مع التغيرات في احتياطياتها الأجنبية (بمعنى أن التغير في أي عنصر في المجموعة الأولى يكون مناظراً لعنصر واحد في المجموعة الثانية). حين يكون سعر الصرف ثابتاً أو معوماً فإن من غير الممكن وجود حالات من التضارب بين السياسة النقدية وسياسة أسعار الصرف، ولا يكون هناك مجال لأن تُطِل الأزمات في ميزان المدفوعات برأسها القبيح. الواقع أن نظام سعر الصرف الثابت ونظام سعر الصرف المعوم هما نظامان يتمتعان باستقرار كامن، على نحو تتصرف فيه قوى السوق بصورة آلية لإعادة التوازن إلى الحركات المالية وتجنب الأزمات في ميزان المدفوعات.
معظم الاقتصاديين يستخدمون كلمة “ثابت” وكلمة “مرتبط” على أنهما تعبيران متطابقان أو شبه متطابقين بخصوص أسعار الصرف. بالنسبة إلي، هذان النظامان يعتبران ترتيبين مختلفين تماماً لإدارة أسعار الصرف. أنظمة العملات المرتبطة هي أنظمة تسعى فيها السلطة النقدية إلى تحقيق أكثر من هدف واحد في الوقت نفسه. وغالباً ما تستخدم ضوابط الصرف في هذه الأنظمة، ولكنها ليست من آليات السوق الحرة فيما يتعلق بتعديلات ميزان المدفوعات. أنظمة العملات المرتبطة هي في جوهرها أنظمة عدم استقرار، وتفتقر إلى الآلية الأوتوماتيكية اللازمة لإحداث التعديلات في ميزان المدفوعات. كما تتطلب أنظمة العملات المرتبطة بنكاً مركزياً لإدارة كل من أسعار الصرف والسياسة النقدية. في ظل نظام من هذا القبيل، تشتمل القاعدة النقدية على عناصر محلية وأخرى أجنبية.
على خلاف أنظمة الأسعار المعومة والثابتة، تؤدي أنظمة العملات المرتبطة، بصورة دائمة، إلى تضارب بين السياسة النقدية وسياسة أسعار الصرف. على سبيل المثال، حين تصبح الحركات الرأسمالية الداخلة “مفرطة” في ظل نظام ارتباط العملات، غالباً ما يسعى البنك المركزي لتعقيم الزيادة الناشئة في العنصر الأجنبي في القاعدة النقدية من خلال بيع السندات، وبالتالي تقليص العنصر المحلي في القاعدة. وحين تصبح الحركات الخارجة “مفرطة” غالباً ما يسعى البنك المركزي إلى التعويض عن النقص في العنصر الأجنبي الداخل في تركيب القاعدة النقدية من خلال شراء السندات، وبالتالي زيادة العنصر المحلي في القاعدة النقدية. تندلع الأزمات في ميزان المدفوعات حين يبدأ البنك المركزي في التعويض أكثر فأكثر عن النقص الواقع في العنصر الأجنبي من خلال القاعدة النقدية المخلوقة محلياً. حين يحدث هذا، فإنها ستكون مسألة وقت قبل أن ينتبه مضاربو العملات إلى التناقضات بين سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية ويفرضون وضعاً يؤدي إلى تخفيض قيمة العملة، أو ارتفاع أسعار الفائدة، أو فرْض الضوابط على تبادل العملات، أو الأمور الثلاثة معاً.
أثناء الاستعدادات لإطلاق اليورو، كنت مسؤولا في إحدى صناديق التحوطhedge fund ، إلى جانب أعمال أخرى، وبالنظر إلى آرائي حول أنظمة أسعار صرف العملات، فإن تلك الفترة منحتني فرصا كثيرة للدخول في تداولات مربحة. لاحظت أن آلية أسعار الصرف Exchange Rate Mechanism (ERM ) هي نظام من أسعار الصرف المرتبطة (ضمن هوامش محددة) بين البلدان الأوروبية. وحين يعاني ’نظام ارتباط العملة‘ من مشاكل في بلد معين، فإن ما يحدث في العادة هو ارتفاع أسعار الفائدة في ذلك البلد، أو تتراجع قيمة عملته، أو الأمران معاً. من هذا المنطلق، كنت إما أقوم ببيع الودائع في بلد ذي عملة “ضعيفة”، أو التداول على المكشوف في عملات أوروبية أخرى ضد المارك الألماني. وكمثال على طريقتي في التفكير (وفي التداول)، كتبت في كانون الثاني (يناير) 1992 ما يلي:
خلال الشهر المقبل، سيدفع المارك الألماني الجنيهَ الإسترليني إلى أدنى مستوياته في نطاق “آلية أسعار الصرف” ERM. لمواجهة هذا الاحتمال، هناك أربعة استجابات بريطانية ممكنة في مجال السياسة النقدية. الأولى، هي السماح بتراجع قيمة الإسترليني لتصل إلى حوالي 2.5 مارك ألماني، والسماح في نهاية الأمر بانخفاض أسعار الفائدة قليلاً. الثانية، هي الدفاع عن الإسترليني واستعادة سعر صرف مركزي مقداره 2.95 مارك ألماني للجنيه من خلال رفع أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية تامة لتصل إلى 11.5 بالمائة. الثالثة، هي التفاوض في سبيل أن تكون هناك إعادة توجيه في ’آلية أسعار الصرف‘ ERM لتسير بمحاذاة الخطوط التي نقترحها (أي القيم التي يقترحها صندوق التحوط الذي كان يعمل فيه المؤلف). الرابعة، هي إعادة فرض القيود على تبادل العملات (لا سمح الله).
مهما كانت القوة المنطقية للخيار الأول والثالث، إلا أننا نعتقد أن البريطانيين استثمروا قدراً كبيراً من رأس المال السياسي في “آلية أسعار الصرف” ERM واعتماد السعر المثير للسخرية بمقدار 2.95 مارك ألماني للجنيه، وأن هذا الاستثمار سيدفعهم ولو على مضض إلى اختيار الخيار الثاني ورفع أسعار الفائدة. ننصح ببيع ودائع آذار (مارس) للإسترليني لثلاثة أشهر، وننصح بأن تكون نقطة التوقف هي 90 (صالح في أي وقت) (هانكي 1992).
وكما تبين فيما بعد، كان هذا التداول مربحاً. لكن حكمي بخصوص الإجراء الذي تتخذه بريطانيا بشأن الجنيه الإسترليني جعلني أفَوِّت فرصة التداول الكبير يوم الأربعاء الأسود، أي السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 1992، حين عوّمت الحكومة سعر الصرف، أي أنها من الناحية العملية خفضت قيمة الجنيه بدلاً من رفع أسعار الفائدة أكثر من ذي قبل.
مع ذلك كانت هناك خسائر مرتبطة بالرهانات ضد الارتباط في “آلية أسعار الصرف” ERM. كان أبرزها ما وقع في نهاية تموز (يوليو) 1993، حين تعرض السعر المرتبط في فرنسا، المسمى الفرنك القوي franc fort، لضربة موجعة (سولتزر 1993). نتيجة لذلك تم توسيع النطاق الضيق (أي التغير في الهوامش) من 2.25 بالمائة إلى 15 بالمائة حول الأسعار الرئيسية.
كنت أعتبر اليورو سليماً من الناحية التقنية، لأنه يتطلب سعراً ثابتاً للصرف بدلاً من الأسعار المرتبطة بين البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، لكن آرائي حول السياسة النقدية بخصوص اليورو كانت متشائمة بصورة عامة أثناء فترة الاستعداد لإطلاقه. كان الأساس الذي يقوم عليه رأيي المتشائم هو الفكرة القائلة أن اليورو القوي من شأنه على المدى الطويل أن يتطلب دولة مركزية قوية، كما أشار روبرت مونديل (2000). وفي حين أنني أتفق مع تشخيص مونديل، إلا أنني لم أكن أعتقد، أن الدولة المركزية القوية هي أمر مرغوب فيه، وما زلت لا أعتقد ذلك، فبالنسبة لي، يمثل الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية طبقات إضافية من الناحية السياسية والبيروقراطية من شأنها إعاقة التحرر الاقتصادي الأوروبي الذي تدعو الحاجة إليه بصورة ماسة.
وفي حين أنني متشكك بخصوص العملة المشتركة لأوروبا، إلا أنني فضلت التوحيد الأوروبي للعملة من خلال مجالس العملة (هانك وولترز 1990). ولم أكن وحيداً في ذلك. أثناء اجتماع في أيار (مايو) 1990 في برلين الشرقية مع كارل أوتو بول، رئيس البنك المركزي الألماني، أكد لي أنه يشاركني النظرة نفسها (مارش 2009، 131) وشجعني على المضي قدماً. إن مثل هذا المنهج في توحيد العملة، حيث يكون المارك الألماني هو العملة الرئيسية، كان سيعطي أوروبا استقراراً نقدياً، وفي الوقت نفسه كان بإمكانها أن تتجنب الزيادة التدريجية في سلطات الدولة والسلطات البيروقراطية التي صاحبت اليورو.
* ستيف هانكي هو أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور. وهو كذلك زميل أول في معهد كيتو في واشنطن العاصمة، وعضو في المجلس الاستشاري الدولي للبنك الوطني الكويتي، وعضو في المجلس الاستشاري المالي للإمارات العربية المتحدة، والرئيس الفخري لمجلس إدارة مجموعة فريدبيرج ميركانتايل Friedberg Mercantile Group في تورونتو. وقد عمل كاقتصادي أول في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس رونالد ريغان خلال العامين 1981 – 1982، وكان مستشاراً اقتصادياً لعدد من الحكومات. تشتمل آخر كتاباته على عمود منتظم في مجلة فوربس Forbes وعلى بحث بعنوان زمبابوي: من التضخم المفرط إلى النمو (2009).
‏مراجع:
‏Bogetic, Zeljko, and Steve H. Hanke. 1999. Cronogorska Marka. Podgorica,
‏Montenegro: Antena M.
‏Brown, Brendan. 2004. Euro on Trial: To Reform or Split Up? New York: Palgrave
‏Macmillan.
‏Hanke, Steve H. 1992. The Walters Critique. Friedberg’s Commodity and Currency
‏Comments, 26 January.
‏Hanke, Steve H. 1996/7. A Field Report from Sarajevo and Pale. Central Banking
7(3).
‏Hanke, Steve H., Lars Jonung and Kurt Schuler. 1992. Monetary Reform for a
‏Free Estonia: A Currency Board Solution. Stockholm: SNS Förlag.
‏Hanke, Steve H. and Kurt Schuler. 1991. Teeth for the Bulgarian Lev: A Currency
‏Board Solution. Washington, D.C.: International Freedom Foundation.
‏Hanke, Steve H. and Kurt Schuler. 1994. Valiutu taryba: pasiulymai lietuvai.
‏Vilnius, Lithuania: Lietuvos Laisvosios Rinkos Institutas.
‏Hanke, Steve H. and Alan Walters. 1990. “Reform Begins With a Currency
‏Board.” Financial Times, 21 February.
‏Jonung, Lars, and Eoin Drea. 2010. It Can’t Happen, It’s a Bad Idea, It Won’t
‏Last: U.S. Economists on the EMU and the Euro, 1989-2002. Econ Journal
‏Watch 7(1):4-52. Link
‏Marsh, David. 2009. The Euro: The Politics of the New Global Currency. New Haven:
‏Yale University Press.
‏Mundell, Robert. 2000. The Euro and the Stability of the International Monetary
‏System. In The Euro as a Stabilizer in the International Economic System, ed.
‏Robert Mundell and Armand Clesse, p. 57-84. New York: Springer.
‏Sulitzer, Paul-Loup. 1993. Scénario-fiction pour une journée de cocaigne: Hunt,
‏Hanke, Goldsmith, Tsutsumi et les autres… Paris Match, September 2.
* أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي، جامعة جونز هوبكنز، بالتيمور، ميريلاند
ترجمة: عبد الله غيث
‎© منبر الحرية،3 أكتوبر/تشرين الأول 2010
تشتمل المنشورات التالية على نقاط اقتصادية دقيقة، واستخدمت كمراجع ومخططات لإصلاحات العملة في البلدان المذكورة بجانبها: إستونيا (هانكر وجونونج وشولر 1992)، ليتوانيا (هانك وشولر 1994)، بلغاريا (هانك وشولر 1991) البوسنة والهرسك (هانك 1996/1997)، الجبل الأسود (بوجيتيك وهانك 1999).

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

قد لا يكون الاستقرار كل شيء، ولكن يمكن اعتبار كل شيء آخر غير كافٍ بدونه. لقد تعلمت تركيا هذا الدرس وجلبت الاستقرار والنمو. وقد أنتجت هذه التطورات الإيجابية، المقترنة مع الخصخصة الواسعة ومناخ الاستثمار الدولي الذي شجع على المجازفة، طفرة غير مسبوقة فى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا. هذه أنباء طيبة، ولكن ينبغي وضعها في المنظور الصحيح.
لم تكن تركيا منفردة في ذلك: فلقد ارتفع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل ملحوظ على صعيد عالمي على مدى الثلاث سنوات الأخيرة. وتأتي الأخبار الأكثر واقعية عندما يبحث الشخص في تفاصيل ما يجعل اقتصاد ما تنافسيا، وهو قياس هام في أعين المستثمرين الأجانب. ومن الواضح أنه، وفي حين توفر إمكانات كبيرة لدى تركيا، فإن الأعمال التجارية والعمال فيها مثقلون بأعباء نظام قانوني دون المعايير وبيروقراطية ضخمة تنتج الكثير من الروتين الحكومي ووجود نظام ضريبي لا يشجع على العمل في الاقتصاد الرسمي. تؤثر هذه العوامل السلبية على حصول تركيا على ترتيب منخفض نسبيا في الدراسات التي تقيس التنافسية. فعلى سبيل المثال، تحتل تركيا المرتبة الثالثة والثمانين (أقل بقليل من مولدافيا وكينيا) في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2007.
سلكت إستونيا هذا الطريق، فلننظر إلى إنجازاتها. منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، تخلصت إستونيا من الروبل الروسي وبدأت في إصدار عملتها الخاصة بها (كرون) في عام 1992 عن طريق إنشاء مجلس للعملة: اصدار الكرون المدعوم دعما كاملا باحتياطيات العملة الاجنبية والممكن تحويله بدون قيود بأسعار ثابتة تبلغ 15.65 لكل يورو. كما سنت إستونيا أيضا مجموعة واسعة من إصلاحات السوق الحرة، بما في ذلك إدخال نظام ضريبي بسيط وثابت. ولا عجب في أن تتبوأ إستونيا خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة المرتبة الثانية عشرة من ضمن قائمة أكثر الاقتصادات حرية في العالم (أعلى مرتبة توصلت إليها أي دولة شيوعية سابقة)، وأن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى عشرة أضعاف منذ عام 1992، ليصل إلى 12900 للفرد هذا العام.
لدى تركيا، وبالنظر إلى شعبها وموقعها وتاريخها، إمكانات اقتصادية كبيرة ويمكنها أن تجري تحسينات هائلة في قدرتها التنافسية. وتكمن المشكلة في عدم تحقيق هذه الإمكانية بسبب تاريخها المليء بالسياسات الاقتصادية المشكوك فيها وعملتها غير المستقرة. وكمثال على ذلك، إن إنتاجية القطاع العام في تركيا أقل من نصف إنتاجية القطاع العام في سنغافورة. وكذلك، وحسب تقرير “بدء الأعمال لعام 2007” الصادر عن البنك الدولي، الذي يقيّم 175 دولة، تحتل سوق العمل في تركيا المرتبة 146 من حيث الصعوبات التي تواجهها الأعمال التجارية والشركات في توظيف العمال وتسريحهم، ومن حيث ارتفاع الضرائب المرهق على الأجور.
إن أفضل طريقة تتبعها تركيا من أجل تحديث وتحسين القدرة التنافسية لديها هي تنفيذ، ومن جانب واحد، مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية “المصنوعة في تركيا”. لقد دعى الاقتصاديون الليبراليون، منذ آدم سميث، الدول أن تقوم، وبشكل منفرد، بتبني السوق الحر وسياسات التجارة الحرة لسبب بسيط هو أن تلك السياسات صحيحة من حيث المبدأ والممارسة. كما جادلوا ضد مبدأ المعاملة بالمثل، الذي يلزم الدولة على خفض القيود التجارية مع الدول الأخرى التي تحذو حذوها فقط. ومن ناحية عملية، إن الممارسة الأحادية لسيادة القانون وسياسات السوق الحرة شائعة وتعمل بشكل جيد. ولا يوجد مثال لذلك أفضل من سنغافورة.
نالت سنغافورة استقلالها في عام 1965، وفعليا، طردت سنغافورة من اتحاد مدته سنتين مع ماليزيا. وفي ذلك الوقت، كانت سنغافورة متخلفة جدا، وفقيرة، وكان لديها مصدر قوة واحد فقط هو موقعها الاستراتيجي. لقد كانت سنغافورة بقعة صغيرة على الخريطة في جزء خطير من العالم، كما كان سكانها يتكونون من مجموعة متنوعة من المهاجرين مع تاريخ من التوترات الطائفية. إلا أنه كان لديها قائد قوي ذو رؤية واضحة لكيفية تحديث بلده.
استبعد (لي كوان يو) صراحة الاستجداء وقبول المساعدات الأجنبية من أي نوع. وتضمن مبدأه الرئيسي لتنظيم الحكومة السير بصرامة دون أي هدر أو فساد. ولتنفيذ هذا المبدأ، عين (لي كوان يو) موظفين من الدرجة الأولى فقط في الخدمة المدنية، كما دفع لهم أجورا مرتفعة من الدرجة الأولى. المبدأ الآخر الذي احتضنه (لي يو) هو منافسة دول العالم الأول، والذي تحقق من خلال الضرائب القليلة، والحد الأدنى من تقييد الأعمال والتجارة الحرة. وأخيرا، أصر على الأمن الشخصي والنظام العام وحماية الممتلكات الخاصة. وليس بالمستغرب أن تكون سنغافورة اليوم واحدة من أغنى الدول وأكثرها تنافسية في العالم.
بالرغم من أن الاستقرار شرط ضروري للرخاء والازدهار، إلا أنه لا يتحقق إلا مقابل ثمن في دولة لها تاريخ طويل من عدم الاستقرار النقدي. وهذا هو السبب في كون معدل الفائدة في تركيا من أعلى المعدلات في العالم، فهي مرتفعة لدرجة قاسية وغير مستدامة. لن يؤدي مجلس العملة التقليدي، على غرار مجلس عملة إستونيا، إلى تثبيت سعر صرف الليرة (مثلا، إلى اليورو أو الدولار) على شكل معقول فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تعديل مشكلة معدل الفائدة الحقيقية في تركيا.
يتحتم على تركيا أن تجري الإصلاحات اللازمة لتحقيق مكانة كبيرة. سيكون التحدي الذي تواجهه هو تعيين أشخاص من أجود النوعيات في المناصب الرئيسية وتحديد الطريق لهم بصرامة. لا ينبغي الاستخفاف بهذا التحدي. ولو كان التاريخ دليلا، ستتلاشى القوة الدافعة للإصلاح مع الزمن.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 22 أيار 2007.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

بتاريـخ 14 آب 1997، وبعد وقت قصير من انهيار العملة التايلندية (البات) يوم 2 تموز، قامت اندونيسيا بتعويم عملتها (الروبية). هذا القرار دفع سـتانلي فيشر، نائب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى الإعلان الصريح بقوله بان: “إدارة صندوق النقد الدولي ترحب بالقرار الذي تم اتخاذه في وقته المناسب من قبل السلطات الاندونيسية وإن تعويم الروبية، المقترن بوجود أساسيات قوية في اندونيسيا والمدعوم من قبل سياسات مالية ونقدية تتسم بالحذر، سوف يسمح للاقتصاد الاندونيسي بالاستمرار في أدائه الاقتصادي المثير للإعجاب في السنوات العديدة الأخيرة.”
وخلافا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فان الروبية الاندونيسية لم يتم تعويمها فوق بحر من السكون، بل إنها هبطت هبوطا سريعا ومفاجئا من 2.700 روبية للدولار الأمريكي الواحد في زمن التعويم إلى مستويات منخفضة قاربت 16.000 روبية للدولار الأمريكي في العام 1998. وهكذا، فقد لحقت اندونيسيا بركب الاضطرابات العاصفة للازمة الآسيوية الهائلة.
وبحلول أواخر شهر كانون الثاني 1998، أدرك الرئيس سوهارتو بان الدواء الذي وصفه صندوق النقد الدولي لم يحقق النجاح، ولهذا فقد قام بالبحث عن رأي ثاني. وفي شهر شباط من نفس العام تم استدعائي كي أقدم ذلك الرأي الثاني وان ابدأ العمل في سبيل الخير كمستشار خاص للرئيس سوهارتو. ومع انه لم يكن لدي أية آراء حول حكومة الرئيس سوهارتو فقد كان لدي فعلا أفكارا محددة حول المسألة المطروحة للبحث. وبعد المناقشات المفتوحة الاعتيادية في المنزل الخاص بالرئيس سوهارتو، قمت بالاقتراح، كترياق واقي، بان يتم عمل مجلس نقد تقليدي تكون الروبية بموجب هذا المجلس قابلة بالتحويل بالكامل إلى الدولار الأمريكي وفق سعر صرف ثابت. وفي ذلك اليوم الذي وصلت به هذه الأنباء إلى الشارع ارتفعت الروبية ارتفاعا شديدا بنسبة وصلت إلى 28 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي. وقد عملت هذه التطورات على إغاظة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النقد الدولي.
وتلا ذلك شن هجمات قاسية على فكرة مجلس النقد وعلى “المستشار الخاص”. وتم إبلاغ الجنرال سوهارتو بعبارات لا غموض فيها، من قبل كل من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون، ورئيس صندوق النقد الدولي مايكل كامدوسو، بان عليه إما أن يقوم بصرف النظر عن فكرة مجلس النقد أو أن يفقد مبلغا مقداره 43 مليار دولار أمريكي ستكون كمساعدة خارجية. كما انه كان أيضا على دراية بان أيامه كرئيس لاندونيسيا سوف تكون معدودة إذا لم يتم استقرار الروبية.
كذلك، قام أخصائيو علم الاقتصاد أيضا بالانضمام إلى محاكاة ذلك. فقد تم بالفعل تقديم نصف الحقيقة مع اللاحقيقة التي يمكن أن يتم تخليهما ضد فكرة مجلس النقد. وبحسب رأيي الشخصي، فان هذه الإشاعات الكاذبة المضللة للجمهور التي تكررت مرارا قد تم إعطاؤها أهمية زائدة بوجود دعم كامل خاص بمجلس النقد الاندونيسي (والذي تلقى تغطية إعلامية ضئيلة جدا) من قبل أربعة علماء اقتصاد حائزين على جائزة نوبل في علم الاقتصاد هم: جاري بيكر وميلتون فريدمان وميرتون ميلر وروبيرت موندل.
لماذا إذن كل هذه الضجة الكبرى حول مجلس نقد خاص باندونيسيا؟ على الفور، استوعب عالم الاقتصاد ميرتون ميلر اللعبة الكبرى، حيث كتب، عندما كنت أنا والسيدة هانكي نقيم في فندق شانغريلا في جاكرتا، قائلا بان معارضة إدارة كلينتون لمجلس النقد “لم تكن لأنها سوف لن تحقق النجاح، بل لأنها سوف تحقق هذا النجاح، وإنهم، إذا تحقق ذلك النجاح سوف يقومون بالالتصاق والتعلق بسوهارتو.” وهناك الكثير من هذه المناقشات نفسها قد تم التصريح بها من قبل رئيس الوزراء الاسترالي الأسبق بول كيتينغ حيث قال: “لقد قامت وزارة الخزانة الأمريكية بشكل مدبر تماما باستخدام الانهيار الاقتصادي كذريعة للتسبب في طرد الرئيس سوهارتو.” وقد تدخل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق لورنس ايغلبيرغر ليشخص تشخيصا مماثلا لتلك المسألة حيث قال: “لقد كنا أذكياء نوعا ما بحيث أننا قمنا بدعم صندوق النقد الدولي عندما كان يقوم بقلب نظام حكم [سوهارتو]، أما الطريقة التي كان علينا أن نسلكها إن كانت حكيمة أم لا فهذا شأن آخر. فانا لا أقول بان السيد سوهارتو يجب أن يبقى في الحكم، لكنني أود أن أتمنى لو انه قد ترك الحكم وفق شروط تختلف عن ذلك السبب الذي تسبب صندوق النقد الدولي بطرده خارج الحكم.” وحتى مايكل كامدوسو لم يكن بمقدوره أن يجد أي خطأ أو تقصير في هذه التقييمات. فقد صرح علنا، بمناسبة حصوله على التقاعد، بقوله متفاخرا: “لقد قمنا نحن بخلق الظروف التي أجبرت الرئيس سوهارتو على ترك منصبه.”
ولكي يتم خلع الرئيس سوهارتو، كان من الضروري أن يكون هناك خدعتان. الخدعة الأولى عملت على إدخال تلفيق لموقف عام عدائي مفتوح من قبل صندوق النقد الدولي تجاه مجالس النقد. وهذه الخدعة كانت مطلوبة لكي يتم إقناع سوهارتو بأنه يتصرف بشكل راديكالي متطرف وانه، في حال استمراره على هذا النحو، سوف يكون الثمن باهظا. وقد تطلب عداء صندوق النقد الدولي أن يتم إجراء استدارة كاملة في الاتجاه وسريعة كما يلي: قبل اقل من سنة واحدة على الضجة الاندونيسية، قامت بلغاريا (حيث كنت اعمل لديها مستشارا للرئيس ستويانوف) بتركيب مجلس نقد بتاريخ 1 تموز 1997 بموافقة حارة وحماسية من قبل صندوق النقد الدولي. وفي البوسنة والهرسك (حيث قمت بنصح حكومة هذه الدولة حول تنفيذ مجلس النقد) تمت متابعة هذا الالتماس وفق تفويض “اتفاقية دايتون للسلام” وبدعم من صندوق النقد الدولي بتاريخ 11 آب 1997.
وبعد أن غادر سوهارتو بوقت قصير، انكشفت خدعة مجلس نقد صندوق النقد الدولي بحيث أصبحت شفافة. وفي 28 آب 1998، أعلن مايكل كامدوسو بان صندوق النقد الدولي يود أن يعطي روسيا ضوءا اخضرا لو أنها ستختار أن تتبنى مجلس النقد. وقد أعقب ذلك اجتماع لم يتم التعريف به إلا قليلا عقد بتاريخ 16 كانون الثاني 1999 في مكتب مايكل كامدوسو لدى مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن العاصمة. وقد ضمت المجموعة التي حضرت ذلك الاجتماع كبار شخصيات صندوق النقد الدولي ووزير مالية البرازيل بيدرو مالان ومدير السياسة النقدية لبنكها المركزي فرانسيسكو لوبيز. وقد كان ذلك الاجتماع هو الذي قام به مايكل كامدوسو بتقديم اقتراحه بان تقوم البرازيل بتبني مجلس النقد!
الخدعة الثانية عملت على إدخال قصة انتشرت على نطاق واسع وهي أنني قمت بالاقتراح بان يتم تحديد أسعار صرف الروبية وفق مستويات مغالى فيها بحيث يتمكن الرئيس سوهارتو وأصدقاؤه الحميمون من سلب ونهب احتياطيات البنك المركزي. لقد كان هذا السيناريو التصوري المتمثل “بـأن يتم أخذ الأموال والهروب بها” بمثابة مسمار الدولاب الذي عمل على تسهيل حركة حملة إدارة كلينتون ضد سوهارتو ولقد كان من المقصود أن يتم “التأكيد” على أن نوايا سوهارتو مراوغة، وبان يتم حشد دعم سياسي دولي ضد فكرة مجلس النقد وبغرض أن يتم طرد سوهارتو.
أما قصة أسعار الصرف المغالى فيها فقد تمت إحاطتها بهالة مقدسة من قبل صحيفة الوول ستريت جورنال بتاريخ 10 شباط 1998. فقد نقلت هذه الصحيفة قائلة بان بيتر غونثا [رجل الأعمال الثري والمقرب من ابن سوهارتو آنذاك] قام باستدعائي إلى جاكرتا وأنني قمت بتجهيز ورقة عمل خاصة بالحكومة أوصي بها بان يتم ضبط سعر صرف الروبية مقابل الدولار الأمريكي بسعر 5.500. ولقد كان هذا الأمر جديدا بالنسبة لي بما أنني لم أقم بمقابلة بيتر غونثا ولم أتعرف عليه، كما أنني لم أقم بكتابة أية تقارير حول اندونيسيا أو تقديم أي اقتراح خاص بسعر صرف الروبية.
وعلى الفور، حاولت أن أقوم بتصحيح هذا التلفيق والفبركة وكانت العملية صعبة وبطيئة وفي النهاية كانت غير مقنعة. وبالرغم من أن صحيفة الوول ستريت جورنال قامت يوم 14 شباط (من نفس السنة) وعلى مضض بنشر تصحيح نصف مطبوخ أو نصف ناضج إلا أن الضرر كان قد وقع فعلا.
لقد تم تكرار النسخة الأصلية للتلفيق والفبركة التي صدرت بالفعل عن صحيفة الوول ستريت جورنال (أو بعض المتغيرات من هذه الفبركة) في كل مجلة وصحيفة كبرى في شتى أنحاء العالم واستمر صداها في الترديد لغاية هذه الأيام حتى فيما يسمى بالكتب والمنشورات العلمية. فعلى سبيل المثال، أكد “لي كيوان يي” في مذكراته في العام 2000، بعنوان: من العالم الثالث إلى العالم الأول، قصة سنغافورة: 1965-2000، بأن: “بامبانغ—ابن الرئيس سوهارتو—قام في أوائل شباط 1998 بإحضار ستيف هانكي وهو بروفيسور أمريكي في علم الاقتصاد من جامعة جونز هوبكنز كي يقابل الرئيس سوهارتو ليبلغه بان الرد البسيط على القيمة المنخفضة لصرف الروبية هو أن يتم إنشاء مجلس النقد.” هذا القدر الضئيل من المعلومات المضللة كان بمثابة دهشة مفاجئة لي بما أنني لم يكن لدي أي اتصال مع بامبانغ سوهارتو مطلقا. لكن السياسيين لم يكونوا هم فقط الذين أخفقوا في “تقصي الحقائق” بالنسبة لتأكيداتهم. ففي كتاب لثيودور فريند عام 2003: المصائر الاندونيسية، تمت كتابة اسمي بشكل خاطئ وتم بعد ذلك المضي قدما بقوله بأنني “قمت بتقديم مشورة إلى عائلة [سوهارتو] لكي تقوم بتثبيت سعر الصرف بـ5.000.”
إن عملية ضبط هذا السجل ليكون بشكل موثوق قد تعقدت من قبل أولئك الذين ينسجون ويغزلون لدى صندوق النقد الدولي، وهم في حقيقة الأمر منشغلون كانشغال النحل الصغير في إعادة كتابة تاريخ السجل النقدي الماضي للتغطية على أخطاء صندوق النقد الدولي، وتمثل اندونيسيا اكبر الأخطاء الفادحة التي تم ارتكابها. وللوصول إلى هذه النتيجة، قام صندوق النقد الدولي في العام 2001 بإصدار ورقة عمل مكونة من 139 صفحة تحت عنوان: “اندونيسيا: تحليل مفصل لازمة مصرفية: سنتان من العيش تحت الخطر 1997–1999.” وقام المؤلفون بإدخال نسخة معدلة باسم “تصحيح سياسي” في مسلسل مجلس النقد لتؤكد، من بين أشياء أخرى، على أنني قمت بتقديم مشورة إلى الرئيس سوهارتو كي يتم تثبيت سعر صرف الروبية مقابل الدولار بـ5.000. وقد أخفقت هذه الرواية الكاذبة على المستوى العلمي التي تضمنت 115 حاشية في توثيق ذلك التأكيد أو الجزم نظرا لأنه، بكل بساطة، ليس بالمستطاع أن يتم القيام به. وهذا الإصدار الرسمي الذي صدر عن صندوق النقد الدولي الخاص بهذه الأحداث قد تجنب بشكل ملحوظ أن يشير إلى أية مراجع لأعمال لي أو لمقابلات قمت بها والتي تستند إلى خبرتي وتجربتي في اندونيسيا.
ولا يعتبر هذا المسلسل وتلاعباته أمرا فريدا من نوعه في عالم السياسة. فقد يكون، بالرغم من كل ذلك، من المفيد، بعد أن يتم الكشف عن الزمن وعن الأحداث، أن يتم تقويم الحقائق عندئذ وفي الوقت الحالي. هناك بلدان أخرى كالصين مثلا تمر حاليا ببعض أهواء العلاجات المماثلة. لهذا دعونا نأمل بأنه لن يكون عليهم ولن يكون علينا جميعا أن نقوم بدفع الثمن في وقت لاحق عن مثل تلك الأخطاء الفادحة.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 26 شباط 2007.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

حدث شيء كبير في أسواق العملات في 1 تموز، ولكن إذا كنت من قراء وسائل الإعلام الشائعة العامة فقط، فلربما يكون الحدث قد فاتك. ففي ذلك التاريخ، جعلت روسيا الروبل قابل للتحويل كلياً، ولأول مرة منذ 8 آب 1914. وبشكل أدق: فقد رفعت جميع القيود على دخول وخروج تدفقات الروبل من البلاد وأصبح ممكناً الآن الإتجار بالروبل بحرية في الأسواق الدولية، ويستطيع الأجانب الآن الاحتفاظ بودائع بالروبل في روسيا، كما في الخارج. لم يعد مطلوبا من المستثمرين الاحتفاظ بودائع، دون الحصول على فوائد عليها، في البنك المركزي (ودفع ضريبة ضمنية) عندما يستثمرون في أسواق روسيا بمداخيلها المحددة.
هل تسبب هذا التسهيل في هجوم على الروبل؟ كلا وبعيداً جداً عن ذلك. فعلى امتداد العام المنصرم، ارتفعت قيمة تبادل الروبل 6.3% مقابل الدولار، بما في ذلك ارتفاع 0.7% تم تحقيقه منذ تموز. هذا التوجه نحو الأسواق الحرة هو تطور إيجابي جداً في بلد عانى من فترة تحول قاسية، من الشيوعية إلى الرأسمالية. إن سوق رأس المال الروسي المتعاظم يبشر بأن يصبح أكثر عمقاً، وأكثر كفاءة، وأكثر اندماجاً كلياً بالأسواق الدولية. وباختصار، فإن التحول، من شأنه أن يدفع روسيا مراحل أخرى إلى الأمام نحو العولمة، وبالتالي تنشيط التدفقات الرأسمالية نحو الداخل، وإلى المزيد من مكاسب الروبل أمام الدولار.
لماذا فات المراسلين نقل قصة الروبل؟ ذلك لأنهم قد قرروا في عقولهم بأن فلاديمير بوتين يجر بألباب روسيا إلى عهد التسلط القديم. إنهم لا يستطيعون حتى التصور—ناهيكم عن الكتابة—بأنه باستطاعة أحد رجال كي.جي.بي السابقين قيادة أي نوع من أنواع الليبرالية الاقتصادية.
وإذا انتقلنا من موسكو إلى باريس، فإننا نكتشف قصة عملة جديرة بلفت النظر. فمنذ ألقى الجنرال شارلز ديغول خطابه الشهير، في شباط 1965، والذي دعا فيه إلى إيجاد دور للذهب في نظام العملات الدولي، لم يكن سراً بأنه كان لدى فرنسا استراتيجية عملات دولية: أي نظام يناهض هيمنته الدولار الأمريكي هو نظام جيد. هذا يفسر، بطبيعة الحال، لماذا كان الفرنسيون من المتحمسين لوحدة النقد الأوروبية في عام 1999.
جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي منذ 2003، يروّجُ لوجهة نظر فرنسية عندما يقول بأن “اليوان” الصيني الرخيص قد أعطى للصين ميزة تجارية منافسة وخلق تشوهات وفقدان توازنات عالمية خطيرة.
إن المحافظين الجدد من دعاة الحماية في إدارة الرئيس بوش، تؤيدهم جماعات إقليمية ضيقة الأفق من ذوي المصالح الخاصة، قد وقعوا في هذه المصيدة الفرنسية. وفي الحقيقة، فإن الولايات المتحدة هي التي قادت الحملة لإرغام الصين على فك ارتباط اليوان بالدولار، والسماح بتعويم اليوان. فإذا ما تم ذلك، فإن الفرنسيين سوف يكونون قد حازوا على جائزتهم. ذلك أن البلدان الأخرى، التي تربط عملاتها بالدولار، والتي تشكل كتلة الدولار الآسيوية، سوف تقطع ارتباطها بالدولار، وعندها تتبعثر الكتلة شذر منذر. من شأن ذلك إرجاء هيمنة الدولار إلى الوراء، وزرع عوامل عدم الاستقرار فيما كان يعرف بكتلة الدولار الآسيوية، ويعيق تدفق الوفورات الآسيوية إلى الولايات المتحدة.
هنالك طريقة جدية يستطيع الصينيون بواسطتها تفويت الأمر على أنصار الحماية، الفرنسيين والأمريكيين، سواء بسواء: تطبيق سعر ثابت للمبادلات بين اليوان والدولار، وفي الوقت ذاته تطبيق نظام تحويل حرٍّ كامل. مثل هذا التغيير، سوف يترك الصين حيث هي تريد أن تكون، وبنفس النظام النقدي المعمول به في هونغ كونغ. سوف تظل كتلة الدولار الآسيوية متماسكة. أعتقد أنها فكرة سيئة شراء اليوان، على أمل أن الصينيين سوف يسمحون برفع رئيسي لقيمة اليوان. تطور نقدي آخر يستحق الاهتمام: فقدان الفرنك السويسري لموقعه كحصن آمن.
ربما تتوقع بأن الحرب في الشرق الأوسط وارتفاع أسعار النفط والذهب سوف يجعلان اللجوء إلى الفرنك موئلاً يحافظ على القيمة. يضاف إلى ذلك، أن الاقتصاد السويسري، يدفع بنمو قوي، وبطالة منخفضة، وتضخم منخفض، وفائض ضخم في ميزان المدفوعات. ورغم ذلك، فإن الفرنك السويسري، يجري التبادل به بأدنى سعر على امتداد ست سنوات مقابل اليورو، وبأدنى سعر على امتداد سنتين مقابل الإسترليني.
ماذا يمكن أن يفسر هذه الظاهرة المحيِّرة؟ انخفاض الفوائد في سويسرا (سعر المال لسنة يكلف 2%) قد جذب اقتراضاً واسعاً بالفرنك، من قبل الأفراد، والفعاليات الاقتصادية الصغيرة في شرق أوروبا (وبالأخص هنغاريا) وتركيا. بيد أن على أولئك المقترضين المدللين أن يسددوا أقساط قروضهم الفرنكية، بمداخيل محددة بـ”الفورنت” الهنغاري، والليرة التركية، وبالتالي خلق تناقض نقدي خطير. إنه تحطم قطار في انتظار أن يقع—وبالأخص عندما تكون عجلة القيادة مع مبتدئين غير متمرسين. وعندما يقع الانهيار، توقع أن يتبع ذلك ارتفاع حاد في قيمة الفرنك الفرنسي. بِعْ عقود البيع الآجل في اليورو/السويسري، في سوق التبادل السلعي في شيكاغو.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 11 أيلول 2006.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

هل هناك سبيل للخروج من مأزق الديون الذي تعاني منها أثينا؟، كيف وقعت اليونان في الفخ المميت الذي هي فيه الآن؟ الجواب هو: عن طريق الاستحقاقات التي لا تمويل لها. بعبارة أخرى، حين تعد شخصاً ما بأمر ما، ولا تأتي بالتمويل اللازم لذلك، فإنك سرعان ما تجد نفسك عالقاً في أزمة مالية عامة أو أزمة ديون.
هذا هو الوضع الذي انتهى به المطاف بالنسبة لليونان، وفي شباط (فبراير) استدعت الحكومة اليونانية عدداً من المستشارين الأجانب (من بينهم الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيجليتز)، وبدأت لعبة التقاذُف بكرة اللوم. وراح رئيس الوزراء باباندريو، الذي هو في الوقت نفسه رئيس الاشتراكية الدولية، يلقي اللوم على الجميع. في البداية اتَّهم المضاربين. ثم سارع إلى مهاجمة زملائه في الاتحاد الأوروبي. كما هاجم الألمان هجوماً شديداً، لأنهم وفقاً لباباندريو كانوا سبباً كبيراً في متاعب اليونان.
ومن المفارقة أنه بعد أن اعتبر اليونانيون أن الأجانب هم الملومين على جميع المتاعب التي تعاني منها بلادهم، استدعى اليونانيون أطباء أجانب. في هذه الحالة لم يكن الأطباء هم صندوق النقد الدولي فحسب، وإنما كذلك تم إشراك السياسيين والبيروقراطيين في الاتحاد الأوروبي. لكن ربما يتبين في نهاية المطاف أننا أمام حالة يقتل فيها الأطباء المريض.
لم يبدأ الأطباء بما كان يجدر بهم أن يبدأوا به، وإنما بدأوا ببرنامج تقشف على النمط المعهود من صندوق النقد الدولي. ووعدت الحكومة بتقليص الإنفاق العام. ورفعت الضرائب كذلك. وعلى خلاف جارتها بلغاريا، التي فعلت الشيء الصحيح تماماً حين رفضت زيادة ضريبة القيمة المضافة على المبيعات، فإن اليونان زادت من ضريبة المبيعات مرتين منذ الأزمة.
ماذا كان ينبغي على اليونان أن تفعل؟ كان ينبغي عليها أن تبدأ بفرقعة كبرى، بمعنى أن تقوم بعدد من الأمور في وقت واحد، على غرار ما فعلت نيوزيلندا. ففي عام 1984، تم انتخاب حكومة بزعامة حزب العمال بعد أن أدت حكومتا الحزب الوطني برئاسة روبرت مالدون Muldoon إلى إحداث فوضى شاملة في الاقتصاد. على مدى عقد كامل تقريباً أدخلت حكومتا مالدون نظاماً على النمط الاشتراكي في نيوزيلندا. ثم أدخل حزب العمال، في ظل وزير المالية روجر دوجلاس، إصلاحات هيكلية تركزت على التحرير والقدرة التنافسية. نتيجة لذلك مرت نيوزيلندا بثورة اقتصادية هائلة بعد انتخابات عام 1984، وينبغي على اليونان أن تتبنى نمطاً من الفرقعة الكبرى على غرار نيوزيلندا.
كان يجدر باليونان، كجزء من برنامجها في الفرقعة الكبرى، أن تعيد جدولة ديونها. لكن كان يجدر بها كذلك أن تطبق برنامجاً لضبط النفقات في المالية العامة على جانب العرض (أي زيادة عرض النقود المخصصة للاستثمار من خلال تخفيض الضرائب). وهذا يعني تقليص الإنفاق الحكومي، لكنه يعني كذلك تغيير النظام الضريبي.
تعاني اليونان في الوقت الحاضر من ضرائب مرهقة على الرواتب يدفعها أصحاب العمل (من شركات ومؤسسات)، وفي نهاية الأمر تدفعها القوة العاملة. كجزء من الفرقعة الكبرى، ينبغي على اليونان إلغاء مساهمة أصحاب العمل في ضرائب الرواتب، والتي تبلغ في الوقت الحاضر 28 بالمائة من الأجور (ويدفع الموظفون بصورة مباشرة نسبة أخرى مقدارها 16 بالمائة).
في الوقت نفسه، ينبغي على اليونان أن تجعل ضرائب القيمة المضافة منتظمة. في الوقت الحاضر توجد ثلاث معدلات ضريبية مختلفة على القيمة المضافة في اليونان. وهذا أمر طبيعي في أوروبا. أولاً، هناك الضريبة الاعتيادية على المبيعات، وضريبة أخرى أدنى بنسبة 50 بالمائة على فئات أخرى، وأخيراً ضريبة إضافية مخفضة بنسبة كبيرة للغاية. أقترحُ إلغاء الضريبة المخفضة، والأخرى المخفضة بصورة كبيرة للغاية، والإبقاء على ضريبة منتظمة واحدة فقط على القيمة المضافة وتكون أقل من النسبة الضريبية العليا الحالية، وهي 23 بالمائة.
إذا فعلت اليونان هذين الأمرين، سينتهي بها المطاف إلى توليد دخل يفوق ما تقوم بتوليده في الوقت الحاضر. وحتى لو استند ذلك على تحليل عادي ساكن، فإن من شأن ذلك وضع اليونان على نحو يسبق لعبة الإيرادات.
لكن الأمر المهم أكثر من ذلك هو أن هذا من شأنه كذلك تحقيق تخفيض لا يستهان به في تكاليف العمل في الاقتصاد بين عشية وضحاها. تبلغ مساهمة أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي حوالي 7.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. إذا ألغينا مساهمة أصحاب العمل فإن هذا سيؤدي إلى تخفيض مقداره 22 بالمائة في مبالغ الأجور الإجمالية في اليونان كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. من شأن ذلك أن يجعل الاقتصاد اليوناني أكثر تنافسية دون اللجوء إلى تخفيض العملة، الذي يزعم بعض المعلقين أنه أمر ضروري. من الواضح أن هذه التغيرات من شأنها كذلك تقليص الاستهلاك، وزيادة المدخرات، وتقليص مستوى الديون في اليونان.
اسمحوا لي أن أتقدم بتعليق حول تخفيض العملة. هناك بعض الناس الذين يشعرون بالقلق الشديد دون أن يفعلوا أي شيء ويقولون: “المشكلة مع اليونان هي أنها وضعت نفسها في إطار قيود اليورو، وليس بوسعها الآن تخفيض الدراخما. بالتالي فإن اليونان في مأزق. وليس هناك ما تستطيع عمله.”
لكن هناك أمر يستطيع اليونانيون القيام به. بإمكانهم تقليص إجمالي تكلفة العمالة بنسبة 22 بالمائة، بمجرد إلغاء مساهمة أصحاب العمل في ضرائب الرواتب. حتى نرى مقدار تخفيض العملة اللازم لتوليد صدمة تنافسية موجبة بهذا المقدار، لنفترض أن 50 بالمائة من التخفيض سيتم تمريره خلال الاقتصاد على شكل ارتفاع في معدل التضخم، وهو افتراض معقول بالنسبة لاقتصاد صغير ومفتوح مثل الاقتصاد اليوناني.
في هذه الحالة لا بد أن يكون مستوى تخفيض العملة في اليونان هو 44 بالمائة، حتى يكون معادلاً، من حيث القدرة التنافسية، للصدمة الموجبة التي يمكن أن تصاحب إلغاء مساهمة أصحاب العمل في ضرائب الرواتب.
بالتالي حين يتم إلغاء مساهمة أصحاب العمل في ضرائب الرواتب، تستطيع اليونان تعزيز قدرتها التنافسية. وسيكون هذا التعزيز مساوياً تقريباً لتخفيض العملة بنسبة 44 بالمائة. فضلاً عن ذلك، فإن جانب العرض الذي يتم توليده من خلال القدرة التنافسية لن يقترن بالأوضاع التي يمكن أن يستثيرها تخفيض العملة، وهي التضخم وحالات الإفلاس على نطاق واسع في القطاع الخاص.
من الواضح أنه لا اليونان ولا شركائها الدوليين يفكرون في عملية طوعية لإعادة هيكلة الديون، ناهيك عن إحداث فرقعة كبرى على جانب العرض، وهذا يجعل من المرجح أن تظل اليونان عالقة في الفخ. لا تدع أحدا يقول لك إنه ليس بمقدور اليونان أن تفعل أي شيء. لم يفُت الأوان بعد على تغيير المسار. بالإضافة إلى ذلك فإن بإمكان عدد من البلدان الأخرى التي تواجه الآن أزمة محتملة في الديون أن تحاول بالمثل اتخاذ منهج مماثل، وذلك بإعادة هيكلة الديون وتخفيض الضرائب على العمالة في سبيل تحسين القدرة التنافسية وحفْز عملية خلق الوظائف، وفي الوقت نفسه رفْع بعض ضرائب الاستهلاك للمحافظة على استمرار الدخل. أي أن هناك مخرج من المأزق اليوناني.
هذا المقال مقتبس عن ملاحظات ألقاها هانكي في منتدى السياسة لمعهد كيتو، بعنوان: “الأزمة الاقتصادية في أوروبا ومستقبل اليورو”، بتاريخ 11 أيار (مايو) 2010 في واشنطن العاصمة.
التعبير الأصلي باللغة الإنجليزية هو death spiral، وهو مصطلح مالي متخصص، يعني القرض الذي يعطيه المستثمرون إلى شركة معينة مقابل سندات قابلة للتحويل إلى أسهم بسعر محدد سلفاً (يكون في العادة أدنى من سعر السوق). من الممكن نتيجة لذلك أن يخسر المساهمون الأصليون سيطرتهم على الشركة، لأن أسهمها في العادة تهبط بصورة عجيبة بعد حصولها على قرض من هذا القبيل. ويستطيع المستثمرون أصحاب القرض بيع أسهم الشركة على المكشوف (في سبيل الضغط ودفع سعر السهم إلى الأدنى).
© منبر الحرية،29 تموز/يوليو 2010

peshwazarabic10 نوفمبر، 20101

لقد أنتجت الأزمة  المالية – الاقتصادية لعام 2008 مادة دسمة للصحافة المالية، إن لم تنتج شيئا آخر. وتمثل قضية احتيال الخمسين مليار دولار المزعومة التي قام بها بيرنارد مادوف، ومسألة التأكيد بأننا نحتاج إلى رزمة محفزات كينيسية هائلة – كلما كَبرت كانت أفضل–، تمثلان اثنتين من أفضل المواضيع المحببة اليوم. فمن أجل أن يجعل الكتّاب تقاريرهم وآرائهم أكثر إثارة، كثيرا ما كانوا يحاولون الربط بين القصص التاريخية مع قصتي مادوف والحوافز المذكورتين.
كان ’جون لو‘ وشركة ’المسيسبي‘ التي أسسها عام 1717 وانهارت عام 1720، مرجعا معياريا مقترنا بمخطط ’بونزي‘ المزعوم الذي قام به مادوف – ويلخص مخطط بونزي بأنه عملية نصب تعتمد على دفع عائدات المستثمر الأول من الأموال التي يدفعها المستثمرون الآخرون. وفي الواقع، إن الرابط الواضح الوحيد بين شركة ’المسيسبي‘ لجون لو، وعمليات مادوف هو أن قيمتها  قد ارتفعت ومن ثم انخفضت. وعلى كل حال، فقد فشلت هذه الحقيقة في جذب الانتباه واستحقاق الإشارة.
ما يستحق الذكر هنا هو أن ’جون لو‘ كان اقتصاديا مرموقا، وهو خير سلفٍ لجون ماينراد كينيس، وطريقته الاقتصادية الكينيسية. والحق أن مقالي ’جون لو‘ الموسومين “مقال حول بنك الأراضي” (1704) و “المال والتجارة” (1705)، قد حازا الإعجاب والثناء الكبيرين من جوزيف شومبيتر، الذي كتب في كتابهتأريخ التحليل الاقتصادي: “كثيرا ما اعتقدت أن جون لو يشكل تصنيفا أو فئة بحد ذاته، فقد نفذ اقتصاديات مشاريعه ببراعة و عمق، نعم، وهو ما يضعه في الصفوف المتقدمة من منظّري السياسة المالية على مر العصور.”
إن ربط ’جون لو‘ بالاضطراب المالي والاقتصادي ليومنا هذا هو الربط بين ’لو‘ وكينيس. فمثل كينيس، اعتقد ’لو‘ أن الاقتصاد يمكن أن يحفّز، وأن معدلات النمو يمكن رفعها بشكل مستمر عبر السياسة النقدية الفاعلة، وسياسات معدلات التبادل والمال. وباختصار، أيد كلا هذين  الاقتصادييَن فكرة الحكومة الفعّالة التدخلية. بعد قول هذا، تجنب كينيس ذكر ’لو‘، عندما لاحظ أمثلة سابقة للأفكار الواردة في كتابه الموسوم النظرية العامة للتشغيل، والفائدة والمال (1936). ربما لم يشأ كينيس أن يقترن بنظام شركة ’المسيسبي‘ لجون لو—المشروع الضخم الذي انتهى به المطاف فاشلا.
ظهرت فرصة ’لو‘ في تنفيذ أفكاره بعد ما عرف أن صديقه المخلص دوك أورلينز قد أصبح وصيّا على عرش فرنسا. وفي عام 1710، هاجر هذا الاسكتلندي – أي ’لو‘—من لندن إلى باريس. كانت فرنسا حينها في مشكلة مالية. كانت تلك المشكلة المالية تعزى بشكل جزئي للتقصير في الالتزامات أو السندات، بين أسباب أخرى. وبالنتيجة، كان الوصي قابلا للتأثر بمقترحات جون لو.
وفي حزيران (يونيه) عام 1716، أطلق ’لو‘ أول مشاريعه الكبيرة. حينها كان البنك العام قد تأسس. فقام هذا البنك بإصدار عملة ورقية لم تكن مدعومة عينيا (بالذهب أو الفضة). بدلا عن ذلك، استخدمت سندات الحكومة لتدعم حوالي 50% من العملات  الورقية الصادرة عن البنك العام. وقد صادق العرش على هذا الوضع الاحتياطي الجزئي، ومنحت تلك العملة الورقية قوة الإبراء القانوني.
لقد شكّل هذا سبقا فكريا لجون لو لأن واحدة من أفكاره كانت تقول باستبدال الأنظمة البنكية المبنية على الغطاء العيني بأنظمة مبنية على الإئتمان. وبدلا من موازنة التزامات البنوك وتعهداتها (لكل الودائع والأموال) بأصول مكونة من الذهب والفضة، كانت الالتزامات والتعهدات توازن بالقروض. ويبين الجدول المرفق الفرق بين هذين النظامين.
ومن المثير للانتباه، أن النظام المالي الدولي اليوم يبدو وكأنه يشبه النظام المبني على الائتمان الذي تصوّره جون لو، إلى حد كبير. في الواقع، عام 1973 – بعد ثلاثمائة عام من ميلاد جون لو—غادر النظام المالي الدولي آخر آثار معيار الذهب.
وكانت مغامرة جون لو التالية هي تأسيس ’شركة المسيسبي‘  التي مُنحت حقوقا احتكارية للتجارة والتطوير في أراضي لويزيانا الفرنسية، وفي الأراضي الكندية. وعبر سلسلة من عمليات الشراء والاندماج، أصبحت شركة قابضة عملاقة سيطرت على إمبراطورية كبيرة من الشركات التجارية الفرنسية. بالإضافة إلى ذلك، سيطرت شركة المسيسبي على معظم المهام أو الوظائف المالية للعرش. وتضمنت هذه الوظائف الحق الحصري في سك العملة، وجباية كافة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وإدارة ديون العرش. وعندما جاء الأمر إلى إدارة الديون، أظهر جون لو مهارته وبراعته  في الإبداع.
لقد تم تأسيس شركة المسيسبي، جزئيا، لأجل تسهيل مقايضة الدين بما يعادله، تم خلالها إصدار حصص الشركة مقابل ديون العرش. وبالتالي، تمكن العرش من تفريغ كامل ديونه الباهظة. ولأجل أن لا يتفوق الفرنسيون على البريطانيين، اتبع البريطانيون قيادة جون لو، فسمحوا لشركة ’ساوث سي‘ بتولي مهام مجمل ديون الحكومة.
وبوجود فرص عائدات مدهشة، انتفخت باريس بالمستثمرين القادمين من شتى أنحاء أوروبا. وكما يؤشر الرسم البياني للشركة، ارتفعت أسعار أسهم شركة المسيسبي. وكذلك ارتفعت حظوظ جون لو. فمن بين أشياء عديدة، تم تعيينه مستشارا عاما للمالية – وهو المنصب الذي جعله رئيس الوزراء الفعلي لفرنسا.
تمكن ريتشارد كانتيلون (1680 – 1734)—وهو منظّر اقتصادي كبير ومؤيد للمال المدعوم عينيا – من تحقيق ثروتين عبر نظام شركة المسيسبي. الأولى، عندما ارتفع سعر أسهم شركة المسيسبي في السوق. أما الثانية فهي أن كانتيلون لاحظ خطأ مميتا في إستراتيجية ’لو‘ وهو: أن الزيادة في إصدار العملات  النقدية غير المدعومة بالغطاء العيني المطلوب لتهيئة أرضية تقف عليها أسهم شركة المسيسبي بواقع 9,000 ليفرا  للسهم الواحد. بناءا عليه، استنتج كانتيلون أن تحويل أسهم المسيسبي إلى نقود ، أو إضفاء الصفة النقدية (monetization) عليها سينتج تدفقا في العرض النقدي، وتدهورا حادا في قيمة ’الليفر‘ مقابل قيمة الجنيه الإسترليني. ونتيجة لذلك، اتخذ كانتيلون وضعا مضاربا أو مشككا (speculative position) ضد العملة الفرنسية – وهو عمل جعله يجني ثروة، وتسبب بقيام ’لو‘ بنفيه خارج فرنسا.
يحيلنا كل هذا إلى الحاضر، وإلى  الرابط بين ’لو‘ و ’كينيس‘. فبينما يتم تأمل إستراتيجيات رزم الحوافز الكبيرة، والتدخل الحكومي، ربما يكون من الجدير بالملاحظة التفكير بمصير نظام شركة المسيسبي لجون لو.
© منبر الحرية،15 أبريل /نيسان 2010

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018