أحمد محمد صالح

peshwazarabic19 نوفمبر، 20100

أشار تقرير “الاتحاد الدولي للاتصالات” التابع للأمم المتحدة والذي نشر فى أبريل الماضي، إلى إن 23% فقط من سكان الأرض يستخدمون الانترنت. وزاد عدد مواقعها على نحو متسارع ليبلغ حاليا ثمانين مليونا، في حين كان بالكاد 500 في عام 1994. ورافق هذه الزيادة نمو لافت للمدونات الالكترونية والمواقع الشخصية التي يتولى أفراد تزويدها بالمعلومات. والظاهرة التي لفتت نظر الجميع، أن الدين يزداد حضوره بقوة على شبكة الويب خاصة المدونات الدينية، التى تحول أصحابها إلى فاعلين دينيين ينافسون رجال الدين فى الديانات الكبرى، وسيكون صعبا على هؤلاء أن يسترجعوا مكانتهم التقليدية ! فحتى وقت كتابة المقال إذا دخلت جوجل وكتبت Religious سوف يظهر لك أكثر من 223 مليون صفحة ويب مرتبطة بالدين بشكل أو بأخر. فالدين أصبح هوسا معولما يطل علينا من أهم منتج من منتجات الحداثة… الإنترنت ! ونذكر القارئ بتعداد عام 2009  للمنتسبين لكل دين، حيث
يوجد:2 مليار مسيحي، و 1.5مليار مسلم، و900 مليون هندوسي، و400 مليون بوذي، و24 مليون سيخ، و16مليون يهودي وغيرهم، كلهم اتجهوا إلى الإنترنت، ونقلوا إليها أفكارهم وهواجسهم ومشاكلهم وصراعاتهم . وحسب إحصاء أجري سنة 2004، وجدت الديانات الكبرى نفسها على الإنترنت على قدم المساواة مع ملل ونحل جديدة، أو ملل موغلة في القدم لكن الإنترنت أتاح لها الانبعاث من جديد وظنت نفسها ديانة كبرى. فالطائفة “الرائيلية” التي شغلت العالم منذ بضع سنوات، كان لها 5مواقع على الإنترنت، مقابل 29506 موقع للمسيحية، و1791 موقعا إسلاميا و732 موقعا بوذيا،و305 مواقع للكنيسة السيونتولوجيه، لكن الجميع على الإنترنت !
الاستعمال الدينيِ للإنترنتِ
من يبحر فى الإنترنت الآن يلاحظ فيض متزايد من البرامج والمنتجات والخدمات التي تحمل الطابع الديني المباشر والصريح أو ضمني الغير مباشر . بل تحولت إلى سوق ضخم سلعتها الأساسية الإيحاء الدينى، سواء بطرق تقليدية أو مبتكرة النوع، فمنذ أكثر من عقدين استخدمت الإنترنت كفضاء إليكتروني تجري فيه الطقوس الروحية والمعتقدات والممارسات الدينية التقليدية. ويمكن تتبع الاستعمال الديني للإنترنت منذ أوائل الثمانينات، حيث النشرات الدينية، ومنتديات النقاش المرتبطة بالمؤسسات الدينية، وخلال هذه الفترة نفسها ظهرت مجموعات المناقشة الدينية على الشبكة  Usenet، و سعى العديد مِنْ متحمّسي الحاسوبِ الدينيينِ الآخرينِ من الأديان المختلفة على تشكيل مجموعاتَ مناقشة على الإنترنتَ خاصة بمعتقداتهم. وفى نفس الوقت بدأ الهواة الدينيين للكمبيوتر استكشاف “سبل جديدة فى الإنترنت لاستخدامها للتعبير عن مصالحهم الدينية”، ونمت بشكل مطرد حتى منتصف الثمانينات، فزادت فى التسعينات أعداد المجموعات والقوائم البريدية والنشرات الإخبارية وقوائم العناوين الدينية على الإنترنت. و عموما بدأ اهتمام الرأي العام بالأشكال الدينية على الإنترنت يتزايد منذ أن نشرت مجلة Technopagans مقالا عام 1995 عن الفضاء الإليكتروني المثير، وبعدها فى عام 1996 نشرت مجلة التايم مقالا عنوانه ” الله على شبكة الويب ” ومن وقتها اعترفت وسائل الأعلام بأن هناك شيئا جديدا ومثيرا يحدث على الإنترنت، حيث تزايد استخدامها فى الممارسات الدينية، ونشر الأفكار والنصوص والتراث الديني. ويمكن القول بأن الدين ظهر في مختلف الشبكات الحاسوبية بأشكال وأنماط متعددة، ومنذ التسعينات أصبح ملمح مميز للخطاب العام للمجتمع المعلومات الجديد. والإنترنت نقصد بها هنا تكنولوجيات شبكات الكمبيوتر بما فيها الويب والمنصات الأخرى مثل غرف الدردشة والبريد الإليكترونى، ومنتديات الحوار، الخ تلك الأشكال الإنترنتيه، أما مصطلح ” الدين على الخط”  “religion online” فهو يصف كافة الممارسات الدينية التقليدية والغير تقليدية والمحادثات والحوارات الدينية، والنصوص كما تظهر على شبكة الإنترنت. و يمكن حصر الأنشطة الدينية الأكثر انتشارا على الإنترنت فى جمع المعلومات والأخبار الدينية، والتواصل الديني مع الآخرين، وأنشطة الدعوة والتبشير، وتقديم المشورة الدينية والفتاوى، والصلاة، والحج الافتراضي، والتجارة الإليكترونية الدينية.
والإنترنت الديني له جانب إيجابي واضح فى توفير النصوص القديمة، وجعلها فى متناول الجميع، بحيث أصبحت جميع الأديان تعيش حولنا، ووفرت فرصة غير مسبوقة للنفاذ (عبر صفحات الويب، وغرف الدردشة، وقوائم المناقشة، والبريد الالكتروني) إلى التجارب الدينية لمئات الملايين من الناس من كل بلد من بلدان العالم، والاهم من ذلك أنها تقدم لنا صورة عن ممارسات وأفكار ومشاعر وطقوس المؤمنين سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات الدينية، أو مستوى المجموعات والطوائف الدينية الجديدة التى أحدثها الإنترنت وجمع بين أعضائها في الجهات الأربع من العالم بعد أن كانوا فرادى مشتتين ومنعزلين عن العالم وعن “إخوانهم في الدين والملة”.
لكن الجانب الآخر للإنترنت فتح الباب على مصراعيه للتعرف على الانتقادات والآراء المخالفة، ليغير كثير من “المؤمنين والأتباع” دياناتهم بسرعة بعد أن ظلوا سنين متمسكين بها، فمنهم من “ارتدوا وكفروا” بدين آبائهم وأوطانهم واعتنقوا أديانا جديدة، ومنهم من فضلوا العيش بلا دين، مثل ما وقع لطائفة “المورمون” وطائفة “هيكاري” باليابان وللكنيسة “السيونتولوجية” بالولايات المتحدة الأميركية وطوائف أخرى. والسبب واضح، فالويب يتيح الانتقال السريع للأفكار والتحليلات والرسائل بين ملايين الناس بنقرة واحدة لا غير. وصار مستحيلا على موقع إلكتروني ديني أن يكون بمنأى عن النقد والتجريح والتشهير وإعلان الحرب الافتراضية، وما عليه إلا أن يرد على مهاجميه أو يعلن الهزيمة. وبهذا سرعان ما تحول ابتهاج “الأديان الجديدة” بفتوحات الإنترنت إلى هدية مسمومة تصيب عقيدتهم فى مقتل ! وبفضل هذا الفضاء الواسع استطاعت كثير من المواقع الجهادية الإسلامية والمواقع المتشددة والمتطرفة المرتبطة بالإسلام، أن تشن غاراتها عن طريق الكر والفر والاختفاء والظهور والانتقال من موقع إلى موقع آخر في الشبكة الإلكترونية دون عناء. فالإنترنت الدينى أتاح الفرصة لجماعات الإرهاب باسم الدين لتحويل الإنترنت لمساحة حرب إضافية، وأصبحت ملاذا للجماعات الأصولية بكافة أشكالها وانتماءاتها، واستوطنت فيها كافة الأقليات الدينية فى العالم للدفاع عن حقوقها الدينية، و أصبحت الإنترنت أيضا، واجهة للمؤسسات الدينية الدولية والإقليمية والمحلية، ومنبرا ليس فقط للمراجع الدينية من منطلق أنهم أوصياء على الدين والعقيدة، بل لكل من يريد أن يعبر عن هواجسه الدينية وتوجهاته. و بسهولة يلحظ الزائر للمواقع الدينية صراع الأيديولوجيات العقائدية وهى تطلق مشاعر العداء والكراهية المكبوتة بكافة أشكالها وألوانها. وتكشف الاستخدامات الدينية المعاصرة للإنترنت عن حالة مخيفة من التصنيف يمارسها البعض ضد البعض الآخر. وتنبع عادة حالة التصنيف التي تمارس ضد الآخر الدينى نتيجة عدم معرفة بالآخر وجهل تام بشؤون حياته. فهؤلاء كفرة، وهؤلاء مؤمنين، وهؤلاء صالحون،  وهؤلاء منحلون، وهؤلاء ملحدون، إلى آخر  قائمة التصنيف الديني. وإذا كانت الإنترنت قد فتحت آفاقا جديدة للعلنية والمكاشفة، فإنها عمقت من خلال التحيزات الأيديولوجية والنيات العدائية المسبقة حدة الخلاف والعداء ليس بين الأديان فقط، بل أيضا بين المذاهب الدينية داخل الدين الواحد. فالإنترنت أشركت الكثيرين في النقاش الدينى، لكنها أشركتهم بأطرهم الفكرية والأيديولوجية المسبقة التى لا تهدف سوى تحقير الآخر الدينى أو إلى إبادته، بدون شروط الحوار العقلاني الواعي الذي يستهدف التسامح والتعايش مع الجميع.
المؤسسات الدينية والإنترنت
أن الآثار الاجتماعية للإنترنت من المرجح أن تكون عميقة على كافة المستويات، وأننا بدأنا توا نقدر النتائج الدينية المترتبة على هذه التغيرات الناشئة نتيجة التواصل بين التكنولوجيات، والأديان ! فبمجرد تبنى المؤسسات الدينية للإنترنت يحدث أثار جذريه للمؤسسة، وتتغير أنماط الاتصال الديني بها، رغم أن العالم مازال في المراحل الأولية لهذه الثورة، ومع ملاحظة أن المؤسسات الدينية دائما متخلفة عن غيرها من المؤسسات الأخرى عندما يتعلق الأمر بتوظيف التكنولوجيا الجديدة، فالدين ومؤسساته ذات طبيعة تحفظية، الفاتيكان كان له موقعه الخاص منذ سنة 1997، الا أن البابا جان بول الثاني، هو من أرسل أول رسالة إلكترونية لخمسين راهبا بنقرة واحدة على فأرة الحاسوب، يوم 22 نوفمبر عام 2001، يعنى بعد إنشاء موقع الفاتيكان بأكثر من 4 سنوات. فالتأخير الملاحظ فى استجابة مؤسسة دينية كبيرة كالفاتيكان لظاهرة الإنترنت الدينى، يعكس التوجس والحذر الذي حكم سلوك المؤسسات الدينية من الوسيلة التواصلية الجديدة، واحتاج الأمر في البداية إلى تجميع المعطيات وتوسيع الاستشارة والنظر بين المسئولين الدينيين للخروج بموقف واضح ورسمي من شبكة الويب. فأصدر الفاتيكان بهذا الخصوص وثيقتين متتابعتين سنة 2002، الأولى عن “الكنيسة والإنترنت” والثانية بعنوان “الأخلاق والإنترنت”. وأشارت الوثيقتان إلى محاسن الويب ومساوئه، فهو من جهة وسيلة تربوية وتثقيفية جيدة، ووسيلة من وسائل التعارف والتحاور، ولكنه بالمقابل يمكن أن يكون أداة للفساد والإفساد والاستغلال والاستبداد.وارتبكت كثير من المؤسسات الدينية وهي تبدأ نشاطها في محيط الويب الواسع، وبدا لأول الأمر أنها أدركت أهمية الوسيلة الإعلامية الجديدة، لكنها “مارست أنشطتها دون ان تملك المهارات اللازمة “، كأنها كانت تريد حجز المكان ثم النظر في استعمالاته من بعد. و ظنت تلك المؤسسات أن الإنترنت يتيح لها أن تعظ الناس كما تعظهم بطريقتها المعتادة في الكنائس والمساجد والمعابد، في حين أن “الوعظ الويبي” يحتاج إلى مهارة إعلامية حديثة لا يملكها الوعاظ والمتحدثون والمرشدون الدينيون، ولا يزال كثير منهم إلى اليوم مفتقرين إليها.
الدراسات الأكاديمية لظاهرة الإنترنت الدينى
مع كل تطور تكنولوجي تنبثق تحديات جديدة أمام الباحثين والمفكرين، وخاصة الأكاديميين فى العديد من الفروع العلمية، حيث زاد اهتمامهم فى السنوات الأخيرة لمتابعة ودراسة الأشكال الدينية الوليدة على شبكة الإنترنت، و لم تكن دراساتهم معزولة عن المنهج العلمي لعلوم الاجتماع والاتصال واللاهوت والدراسات الدينية، والفلسفة وعلم النفس والسياسة وغيرها من العلوم، التي أضافت الكثير من المعلومات القيمة حول طبيعة الأشكال الدينية على الويب في البيئات المختلفة. والانترنت كوسيلة اتصال تحمل سمات فريدة، يمكن أن تغيير السياق العالمي للتدين في الدراسات الأكاديمية التي تعمل على الدين، حيث توفر فرصا لدراسته من جميع جوانبه، سواء النصية، والتاريخية، أو الدراسات الميدانية. فالثورة الاتصالية الجارية من المرجح أن تغيير وجه الدين عن طريق تغيير في السياق الاجتماعي الذي يتفاعل فيه. ومن المهم ان نسعى الى فهم كيف ولماذا يحدث هذا التغيير؟!
وفى مسح علمى عن الدراسات التى تناولت ظاهرة ” الدين على الخط”  “religion online” حدد هوجسغارد واربورغ عام (2005) فى دراستهما، ثلاث موجات من تلك الدراسات.  الموجة الأولى سعت الى كشف ما هو جديد ومختلف بين الممارسات الدينية على الانترنت مقابل الممارسات الدينية التقليدية الغير متصلة بالإنترنت. ومالت هذه الدراسات إلى الوصفية، وسعت الى تقديم دراسات إثنوجرافيه عن الطوائف الدينية على الانترنت. والموجة الثانية ركزت على اكتشاف الشروط والأوضاع خاصة تلك المرتبطة بظهور المعتقدات والقيم والأنشطة الدينية على الانترنت، وكانت تميل الى البحث عن كيفية تأثير الاتصال المعتمد على الويب على المستخدمين فى تحديد واستكشاف تصورات الهوية الدينية، والمجتمع والثقافة وممارسة الطقوس والشعائر. ويعتقد المؤلفان اننا دخلنا الموجة الثالثة من البحوث التى تتناول بالدراسة ظاهرة ” الدين على الخط”  “religion online” حيث ابتعدت عن المحددات التكنولوجية التى تؤثر على تشكيل ظاهرة الدين على الإنترنت، وركزت اهتمامها فى الإجابة عن الأسئلة الآتية :
• ما هي الشروط الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على المشاركة في المجتمعات الدينية الافتراضية، وكيفية تحديد الهوية الدينية على الإنترنت ؟
• إلى أي مدى تعتبر عملية بناء الهوية الدينية على الانترنت عملية اجتماعية، ونشاط انعكاسي تدمج فيه  الأدوات والمعلومات من المصادر الموجودة على الانترنت وتلك الموجودة في الواقع الفعلي خارج الإنترنت ؟
• كيف يمكن ان تؤثر الممارسات الدينية فى المجتمعات الدينية الافتراضية على الممارسات الدينية الواقعية  خارج الإنترنت، ليس فقط فى العبادات والطقوس والشعائر، وإنما في هياكل السلطة والنفوذ في المؤسسات الدينية؟
ونزعم إن هذه الأسئلة تنير لنا الفهم بطريقة ما، لأن كلّ وقفة سؤال يقدم لنا سلسلة من الاحتمالات المثيرة، وتعرضنا لطرق جديدة للتفكير، وفهم التغييرات التي تحدث حولنا، لكن هناك أسئلة أهم طرحت  منذ عدة سنوات ولم تستطيع تلك الدراسات الإجابة عنها، وهى :
هل الإنترنت الديني يستطيع أن يجعل الأديان علي حدّ سواء ويزداد التسامح بين أصحابها، وتتقارب أكثر؟ هل سوف يتفق أصحابها أو سيتباعدون ؟ كان هناك دفع عظيم في السنوات الأخيرة لإثارة التشابهات بين الأديان المختلفة، بدلا من اختلافاتها. هل تنجح الإنترنت في تقديم الأديان المختلفة إلى العديد من الناس ؟ وهل الناس سيكونون أحرار لاختيار دينهم من بين الخيارات المطروحة ؟ إذا كان الأمر كذلك، ما معني الجوهر العميق للمعتقد الديني إذا تحولت الأديان للاختيارات المجرّدة؟ هل تجعل الإنترنت الأمر أكثر سهولة علي الأديان لجذب وتجنيد الأعضاء الجدّد، أو تصعب الموقف، بسبب عدد الخيارات المتوفرة؟ هل يمكن أن تتماثل وتندمج الأديان ؟ إلى أي مدى سيقوم الويب بتغيير الأديان وطقوسها وشعائرها، ورغم صعوبة الإجابة، نزعم بمشروعية الأسئلة المطروحة، وأن مجرد المحاولة العلمية للإجابة عنها من قبل الدراسات الأكاديمية يستلزم أن يكون العالم كله منخرطا في الإنترنت، ومتحررا من الأمية الإلكترونية، وهذا الشرط غير متوفر في معظم دول العالم حتى الآن.
© منبر الحرية، 04 نوفمبر/تشرين الثاني2009

peshwazarabic19 نوفمبر، 20100

غضب التكفيريون في مصر غضبا عارما لمنح جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية هذا العام 2009  للدكتور سيد القمني والدكتور حسن حنفي ، واتهامهما بإهانة الدين ورموزه ، وطالبوا بإقالة وزير الثقافة، واتهموه بتعمد استفزاز مشاعر المصريين، ولم تتوقف الحملة عند حد التصريحات أو التراشق عبر الفضائيات، بل تعدتها إلى ساحات القضاء حيث أقام أحدهم دعوى قضائية ضد وزير الثقافة وشيخ الأزهر مطالبا بنزع الجائزة من القمني وحنفي، وأصدرت ما يسمى بجبهة علماء الأزهر وهي جمعية أهلية غير رسمية، تهاجم الأزهر ورجالاته ” بيانا بعنوان “إلى الأمة صاحبة الشأن في جريمة وزارة الثقافة”. وتطور الأمر ووصل السجال إلى برنامج من برامج التوك شو بثته فضائية “المحور” المصرية الجمعة 10 يوليو وكان ضيوف البرنامج : رئيس جبهة علماء الأزهر، والأستاذ صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة وأحد أعضاء لجنة جائزة الدولة التقديرية، وأعتذر دكتور سيد القمنى بسبب مرضه. وكانت بداية النقاش ساخنة وقاطعة ، حيث أكد رئيس جبهة علماء الأزهر، إن الجائزة التى حصل عليها القمنى هى ثمن لما طالب به من إلغاء القرآن الكريم كدستور للأمة، واعتبره مرتداً، إضافة إلى تأكيده على أن أعضاء اللجنة التى اختارته لهم منهج مختلف ودين آخر غير الإسلام. ورد عليه الأستاذ صلاح عيسى مؤكدا أن استضافة الدكتور رئيس جبهة علماء الأزهر ليحكم بالكفر عليهم يعنى تحريضا ودعوة لقتلهم والتربص بهم، مثلما حدث مع دكتور فرج فودة، وأن جبهة علماء الأزهر لم تقرأ للقمنى أياً من كتاباته. ورد الدكتور بانفعال أنه لا يقرأ كتابات “الزبالة دول”، معتبرا أن الإسلام والقرآن تحولا على يد هؤلاء إلى أرخص البضائع التى ينتهكها أى صعلوك. وأعلن الرجل بأنه المتحدث باسم الله، وقال ” مش أنا اللى كفرته.. الله كفره”!.. ثم توجه مقدم البرنامج إلى الدكتور سيد قمنى عبر التليفون وطالب القمنى بحزم بأن يرد علي من يتهمونه بالكفر وسب النبي؟ وبدون قصد او بقصد قدم البرنامج فقرة تحريض وتكفير علنى للدكتور سيد قمنى والدكتور حسن حنفي ! وهذا الموقف يستدعى ان نقف باهتمام عند علاقة الإعلام بالتكفيريين ؟
بداية ثقافة تكفير التفكير وختان العقول، والإفتاء بقتل المفكرين” الخارجين عن القطيع، ظاهرة يفيض بها التراث الفكري العربي، وبالأخص الخطاب التكفيري الموجه للمبدعين والمثقفين والفلاسفة. و من ناحية أخرى يبين لنا التاريخ ان التكفيريين غالبا ما يعتقدوا أنهم وكلاء الله على الأرض، وأنهم أوصياء على عقول البشر، والمدافعين عن عقائدهم ، وحراس الحقيقة المطلقة، ومن حقهم التفتيش عما في الصدور، وهم دائما ما يؤلبون عوام الناس على المثقفين والمبدعين والفلاسفة، مستنفرين الهوس الديني والأخلاقي لدى عامة الناس. ويعتبر الفكر التكفيري من أقبح أنواع العجز الفكري في عصر المعلومات، فجوهر البنية السيكولوجية للتكفيريين تنبع من إحساس بالعجز تجاه الآخرين عموما وخاصة المثقفين والمبدعين والفلاسفة المتميزين بالذكاء والقدرة على التحليل. والأغلب وراء هذا الخطاب التكفيري السعي للمحافظة على موقعهم الذي يعتبره التكفيريون حكرا عليهم فقط فهم الذين يحللون ويحرمون، وينطقون بالحقيقة، وما على العوام والجموع وبقية القطيع إلا السماع والطاعة، وعدم المناقشة والسؤال لأنهم حراس العقيدة ، أصحاب الحقيقة المطلقة !
التكفيريون وعصر المعلومات
والغريب ان التكفيريين لا يدركون ان عصر المعلومات أعلن وفاة احتكار الحقيقة ! وحول أعدادا متزايدة من الناس ليصبحوا ليس فقط مستهلكين للمعلومات، لكن أيضا مرسلين للمعلومات بحكم حقّهم الشخصي. وساعدت تقنيات المعلوماتية على رفع المستوى الثقافي والفكري لعامة الناس، ومنعت نخبة ثقافية محدودة من احتكار المعلومات. والمعلومات الدينية أيضا، لا يمكن أن تحتكر في عصر المعلومات من قبل المحترفين الدينيين، فكلّ شخص عنده فرصة الآن بأن يكون مرسل، و مستلم، ووسيط للخطاب الديني. فظهر الكثير من الأشخاص ذوى الخلفية الشعبية، وأصبحوا زعماء دينيين، يعظون ويبشرون برسالة الهداية، ليس فقط لبسطاء الناس، بل يلتفوا حولهم آخرين، وأولئك الأتباع يمكن أن يستديروا بسهولة ويرسلون الرسالة إلى الآخرين. ضمن هذه الحالة، نجد السلطة والقوّة التقليدية المسيطرة على المؤسسات الدينية ورجالها ستميل إلى الضعف والتحول ! وفي عملية العولمة الدينية، تظهر السوق الدينية الموجهة من قبل المستعمل، إلى جانب نظام المنتج الموجه ! والأخير يعنى تحديدا، استمرار السلطة الدينية التقليدية في المحافظة على تعاليم وشعائر وتقاليد كل دين، فيقوم الكهنة، والشيوخ والرهبان، الوعاظ، والقساوسة والحاخامات بترجمة وتفسير وتأويل المعلومات الدينية إلى المؤمنين، و على المؤمنين فقط أن يقبلوا تلك الترجمة وذلك التفسير والتأويل، فهو دورهم الوحيد المقبول في هذا الوضع، وعلى الجانب الآخر نجد السوق الدينية الموجهة من قبل المستعمل، ونعنى بها استجابة الشخص لقيمه الشخصية وأحاسيسه ومشاعره، وأفكاره واختياراته، ويفكر مليا، ويختبر ويجرب تلك العناصر التي يجدها مناسبة وأكثر جاذبية من كتلة الأديان المتنافسة المعروضة عليه من خلال تكنولوجيات المعلومات والاتصال ! وهذا السلوك من منظور نظام المنتج الموجه مركزيا، يقيم كعدم جدية دينية واستخفاف، أو تردّد وضعف في الإيمان ويصل إلى حد التكفير، لكنه منطقي فقط من وجهة نظر المستعمل الديني، الذي يجد حقه في المحاولة لاختيار أفضل البدائل القائمة على المنطق والعقل! وعلى هذا الأساس تصبح الفروق بين المرسل للمعلومات الدينية، وبين مستقبل المعلومات الدينية، فروقا غير واضحة وغامضة، حتى الفروق ذاتها بين الزعيم الديني، والتابع الديني، من المحتمل أيضا تصبح غامضة جدا، وغير مميزه في عصر المعلومات ! حيث يخسر المحترفين الدينيين سلطتهم وهيبتهم التقليدية . وأصبح المؤمنون العاميّون الآن عندهم القدرة المتزايدة على الوصول للمعلومات الدينية والاستفادة منها، حتى تلك المعلومات الباطنية او الأسرار في بعض الأديان الغير مسموح لأحد معرفتها ماعدا رجال الدين المخوّلين خصّيصا. خلاصة القول ان عصر المعلومات يؤدّي إلى انعدام المسافة بين المحترفين الدينيين والأتباع العاميّين، ولم يعد ذلك حالة استثنائية أن نجد ناس عاديين يمتلكون فهم أعمق لفلسفة الأديان أكثر من الكهنة، والشيوخ والرهبان، الوعاظ، والقساوسة، والحاخامات ! و على الأرجح هذه النزعة ستَتَنَامَي في المستقبل، ففي مجتمع المعلومات عموما ستزول الفروق بين أهل الخبرة المتخصصين والأفراد العاديين ! ومعنى هذا التطور أنّ الأديان التاريخية التقليدية،والأديان السماوية من المحتمل ان تجد صعوبة لتطوير أنظمة لتدريب أجيال جديدة من المحترفين الدينيين. ولن يستطيع اى مذهب او مجموعة داخل اى دين إدّعاء الشرعية الدينية الفريدة، أو إدعاء ملكية الحقيقة المطلقة  ! بل يتزايد أعداد الناس في عصر المعلومات الذين ينظرون إلى الخطاب الديني في اى دين من خلال منظور نقدي، ورؤية نسبية !
التكفيريون والإعلام
في عصر الإعلام والسموات المفتوحة والإنترنت لا يستطيع أى دين السيطرة على قصصه او رموزه !؟ في الماضى كانت السلطة الدينية تستطيع تقريبا ان تتحكم في كيف ؟ وأين ؟ومتى ؟ تظهر الأفكار والرموز والادعاءات والأسرار الدينية على السطح، وكان في إمكانها حماية تراثها من نصوص ورموز مقدسة، وتفاسير وشرائع من التفحص والنقد العلمانى. اليوم القيادات الدينية من كافة الأديان لا تستطيع السيطرة على أى انتهاك للرموز الدينية التى تمتلئ بها الإنترنت والفضائيات وبقية وسائل الإعلام، نتيجة لعمليات العولمة، والممارسات الإعلامية الفورية البصرية، بل لم يعد في إمكان السلطات الدينية الاحتفاظ بأسرارهم الخاصة، وتحديدا أسرار الانحرافات والفساد في المؤسسات الدينية ! وتقريبا كل الذي نعرفه حول القيم والروحانيات والمعتقدات الدينية للآخرين نعرفها اليوم من أجهزة الإعلام المختلفة بما فيها الإنترنت، وربما يكون لدينا الوقت والاهتمام للتفحص والحفر بعمق في عقائدهم وممارساتهم الدينية، لكن هل في الإمكان ان نقيم ونصنف معتقدات الآخرين الدينية بدون أن نتأثر بالمعلومات المتعمدة التى حملتها لنا وسائل الإعلام عن معتقداتهم ؟! الحقيقة لقد أصبحت وسائل الإعلام في مركز التجربة الدينية لكل الأديان، وفي نفس الوقت أصبح الدين جزء جوهري من الثقافة الإعلامية التى تجعلنا نستكشف طرقا متنوعة للممارسات الروحية والدينية.
وازعم هنا انه رغم أهمية الدور الإعلامي في فضح التكفيريين، فأن أهداف أخرى لهم تتحقق بنجاح شديد من خلال التركيز الإعلامي على خطاب التكفير ، حيث تصل رسالة التكفير للجميع ! وأزعم أيضا أنه بتلك الضجة الإعلامية التي تحدث حول قضايا التكفير يتم تحقيق واستكمال جميع أهداف التكفيريين الإستراتيجية ، فالاحتكام إلى الرأي العام المهووس دينيا، والتأثير عليه قد يعزز أفعال التكفيريون ! ويعزز أيضا الفعل الإرهابي. والتكفيري عادة يعتبر وسائل الإعلام هى سلاحه الرئيسي، وإنها تلعب دورا محوريا لصالحة عندما تغطى قضايا التكفير تغطية واسعة، فالتكفيريون يريدون الشهرة ، والإعلام، والإعلان المجاني عنهم الذي توفره لهم وسائل الإعلام عند تغطيتها لقضايا التكفير، ويصبحون بعدها شخصيات معروفة، وصورهم وأحاديثهم منتشرة، وهى بمثابة اعتراف رسمي وإعلامي بوجودهم، ولا يستطيع أحد ان يتجاهلهم، وبعدها يصبح اى حديث عن عدم الحوار معهم ليس له معنى. فالمقابلات الإعلامية الحية مع التكفيريون تعتبر جائزة ومكافأة لهم عن أفعالهم. فوسائل الإعلام عندما تجرى مقابلات حية وأحاديث صحفية مع التكفيريين ، تقدم لهم الفرصة لكى يتفهم الجمهور الأسباب والدوافع التى دفعتهم لذلك، فينشأ تفهم مادح لأسبابهم، و توفر وسائل الإعلام بدون قصد لعامة الناس الذين على استعداد للتجاوب مع أسباب ودوافع التكفيريين الفرص الكاملة للتعاطف معهم وتفهم أسبابهم، وهنا يظهر العنف والقتل ضد الآخر المختلف، خاصة، وأن قطاع عريض من المجتمع المصرى أكثر غلوا وتشددا بالدين من حكومتة. وهذا لا يلغي مسؤولية الحكومة التى غضت الطرف عن إغراق المجتمع بسيل من الفتاوى الدينية، وتخويفه من اي فكر ناقد، وشحنه بقدر هائل من التعصب والكراهية. ولن تنجح أى محاولة للتغيير، الا بتدخل ودعم جدى من الحكومة.
وفي نهاية تلك العجالة، لا يسعنا ألا إن نضم صوتنا إلى البيان الذي أصدره عدد من المثقفين المصريين والعرب يشجبون فيه حملات التكفير ضد المفكرين والمثقفين، ويدعون الدولة المصرية إلى تحمل مسؤوليتها في الوقوف بوجه شيوع التكفير وحماية المفكرين المصريين.
© منبر الحرية، 3 أيلول/سبتمبر 2009

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

قرأت الكثير من المدح والاستحسان لمسرحية قهوة سادة، وانتهزت أول فرصة، وقضيت أمسية رائعة مع حضور جماهيري كبير ملء القاعة. وذكرني هذا العرض الرائع بمسرحية الفرافير لكاتبنا العظيم الراحل يوسف إدريس، وإذا كانت الفرافير تعتمد فى بنيتها على مشاركة الجمهور والممثلين في العرض، فأن قهوة سادة كان الممثلون أشبه بفرافير يوسف أديس، وأنفعل معهم الجمهور الكبير احتجاجا على أوضاع المجتمع. وبهرني الإتقان والإيقاع المكثف السريع لمشاهد العرض الذي قدمه مجموعة من الشباب الصاعد الواعد بقيادة خالد جلال مخرج العرض، الذى صرح لوسائل الإعلام ان اختيار فكرة “سرادق العزاء” الذي يشرب فيه المعزون قهوة سادة على روح المتوفي، المقصود به في عرضنا رموز النهضة المصرية في كل المجالات، ومن هنا جاء اسم المسرحية التى كشفت سلبيات الوطن، فعبر 90 دقيقة تمكن 35 ممثلا وممثلة يرتدون ملابس “الحداد” من تجسيد إفرازات ظواهر أزمة رغيف العيش، غياب صلة الرحم، انحدار مستوى اللغة، الهجرة غير الشرعية، البطالة، الغلاء، جشع رجال الأعمال، خلجنة الأعمال الفنية، الفتاوى المجهَّلة، كل هذا بسخرية لاذعة، جعلتنا نضحكك حتى البكاء. ولفت نظرى اختفاء الحجاب من على رؤوس الممثلات ! ما عدا واحدة منهن لبست الطرحة السوداء بالطريقة المصرية.
وجاءت ملابس الحداد فى البدل والفساتين السوداء الأنيقة للممثلين والممثلات تحقق عدة أهداف فى ضربة واحدة كما يقولون ! فهى تعمق فكرة سرداق العزاء، وتذكرنا بالزمن الجميل لشياكة وأناقة وجمال ملابس المصريين، كما تظهرها الأفلام المصرية القديمة، وحفلات أم كلثوم فى تليفزيون الأبيض والأسود، علاوة على ذلك جاءت أناقة ملابس الممثلين والممثلات لتصدمنا أيضا بالفوضى والفجاجة والقبح فيما يلبسه المصريون الآن ! ورصدت عدة كتابات سواء كانت فى المطبوعات الورقية او على الإنترنت واقع الشارع المصري حيث تنتشر الملابس السعودية والإيرانية والماليزية والباكستانية والهندية واليمنية، تسير جنبا إلى جنب، حيث تسود العشوائية والفوضى التى يجمعها ملمح واحد فى ملابس المصريين الآن وهو اللباس الشرعى كما يتوهم العقل الجمعى : دشاديش و سراويل أفغانية وباكستانية وخليجية قصيرة مع شماخ وعقال، غير اللحى الطويلة بين الرجال. و جلابيب وعبايات خليجية مع الحجاب والنقاب، علاوة على النقاب المزدوج، والنقاب الأعور، والشادور الإيراني والإسدال الباكستاني للنساء.
والأغرب تجد المصريين نساء ورجال، شباب وبنات يلبسون خليطا عجيبا ضد الذوق العام يجمع النشاز والقبح والفجاجة، فهذا يلبس البنطلون الجينز والعقال والشماخ الخليجى او قطعة قماش بيضاء على الرأس ، وآخر يلبس السروال الأفغانى وطاقية فلاحى او صعيدى فوق الرأس. وأنتشر أيضا ارتداء بنطلون الجينز الضيِّق بين الفتيات، مع الحجاب الملون والمزركش على الشعر، والقمصان القصيرة التي تظهر من وقت لآخر البطن فتظل الواحدة منهن تشد القميص عليها كل ثانية، بينما غطاء الشعر الطويل المتعدد الألوان يغطى رأسها، مع مكياج مستفز على الوجه، فهى حالة من الفصام يعيشها المجتمع المصرى فيما يتعلق بمسألة غطاء الرأس، الذي يتناقض مع سلوك معظم الفتيات اللاتي يرتدينه. وهذه الفوضى فى ملابس المصريين، أصبحت ثقافة سائدة، وفى نفس الوقت تعتبر إهانة شديدة لمصر، لأن الأمر أصبح صورٍ كاريكاتوريةٍ لفقدان الهوية الوطنية المصرية التي تعد الأزياء واحدة من مكوناتها.
وتعتبر تأكيدا واستجابةٌ طبيعيةٌ للفوضى التي تعم كل شيء! وتبرز حالة من العشوائية الذهنية و الاغتراب والتخبط العقلى بين المصريين، وتعكس تردى المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التى يعيش فيها المصريين. فملابس الشعوب ما هى إلا تعبيرا عن الشخصية والهوية. وكل مجتمع له كود أو شفرة اجتماعية وثقافية خاصة فى نمط الزى السائد فيه، يحددها المجتمع وليس الأفراد. وازعم أن تغلغل ثقافة الأصولية فى المجتمع المصري، فى الثلاثين سنة الأخيرة، وانتصار خطابها فى المناطق الريفية والأطراف العشوائية و بين الطبقات الفقيرة الأميّة، انتح حالة من الهوس الدينى بين المصريين، وأصبح العامل المحدد الأكثر تأثيرا على شفرة ملابس المصريين، فمن عادة المجتمعات المريضة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، أن تهرب من أمراضها بالتشدد والتطرف الدينى، ويظهر ذلك واضحا فى ملابس المصريين، خاصة بعد موجة الهجرة المصرية للعمل في الخليج، والتى عادت ومعها مظاهر الغلو الدينى والتشدد والتعصب وقيم التزمت، وحجب وعزل المرأة ، والمبالغة فى النزعة الذكوريه، وتفضيل الماضى،ونبذ العلم والتفكير العلمى، وتضخم النزعة العائلية والقبلية، وتنمية الروح القدرية، علاوة على الأفكار الدينية التى تهتم بالشكليات والقشور وتتجنب المواجهة الحقيقية لمشاكل المجتمع. فكان من الطبيعى ان تحمل معها عند عودتها ملابس المجتمعات الصحراوية المنغلقة، التى انتشرت فى مصر كلها تحت شعارات دينية، فتحول الموروث الاجتماعي القبلي لتلك المجتمعات فى العقل الجمعى المصرى الي قيم دينية خادعة ‏.‏ وأصبحت الشفرة الدينية فى ملابس المصريين تجارة وموضة وبزنس، ومنتشرة فى الفيديو الكليب والإعلانات.
منظور نفسي واجتماعي
عندما حللت دراسات علم النفس الاجتماعي ظاهرة اللباس الديني، وبدقة أكثر الزى الطائفي كشفت عن ان عمليات تقليد الزى هي نفسها التى تحدد نمط الزى السائد، عن طريق تقليد الآخرين، ومسايرتهم ؛ حتى يشبع الفرد رغبته فى التكيف الاجتماعي، والاتحاد مع الأفراد الآخرين من طبقته الاجتماعية ، وطائفته الدينية ! وتقود قوة التقليد الشعوري واللاشعوري الفرد بسهولة ضد حسه العام والمنطق لتبنى اللباس السائد. وان الفرد داخل المجتمع يسحب دائما إلى دوامة اللباس المرغوب من مجتمعة وطائفته، خوفا من الرفض الاجتماعي إذا لم يذعن ! وفي أول الأمر تعترض أعداد كبيرة من الناس على نمط وطريقة اللباس، لكنها تتبناها فى آخر الأمر نتيجة الضغط الاجتماعي الذي يمارس عادة برعونة شديدة ! ويصبح هذا اللباس مع الوقت ظاهرة بديهية بين الكثير من المعترضين. ولملابس المرأة حساسية خاصة في مختلف الثقافات، والضغوط الاجتماعية أشد تأثيرا على النساء وخاصة فى مسائل الملبس. والرجال أيضا يشعرون بضغط المجتمع على نمط لباسهم، وفى الأخير يستسلمون لقوته ! وثمة أيضا عنصر الرغبة في التمايز الفردي، والرغبة فى إعطاء الذات طابع متميز بالاندفاع نحو الاختلاف والتشدد فى الملبس للحصول على مقارنةِ اجتماعية مُرضية من خلال اللباس. وأي وضع جديد يسمح باختلافات طفيفة خاصة في الملبس، يزيد قيمة هذا اللباس اجتماعيا. ومن الناحية النفسية لا أحد يرغب النظر إليه كشخص عادى او متوسط، فكُلّ شخص يَعتقدُ بأنه مختلف عن كتلةِ الآخرين، وملابسه تُمكّنُه من تعزيز هذا الاعتقاد. وعلى الرغم أن المظهر الذي يكسبه اللباس الديني للفرد هو التميز، لكن غالبا ما يكون مظهر زائف على غير حقيقة شخصية الفرد. فالمراقب للطيور الداجنة لن يستطيع التفرقة بين الطاووس والديك الرومى والفراخ العادية، عندما ننزع عنها الريش فمظهرها سيكون متشابه إلى حد كبير. ومن الخطأ الافتراض بأن اعتماد زى معين سيؤدى تلقائيا إلى ارتفاع المكانة الاجتماعية للفرد بين أقرانه، فملابس الفرد لا توحده مع مجتمعه فقط ولكن فى نفس الوقت تفصله عنه أيضا !؟ فهى تشبع رغبته فى التوحد مع المجتمع ورغبته أيضا فى التفرد والتمييز بين أقران مجتمعة ! والزى الذي يعزز اللامساواة مثل الأزياء الدينية او الملابس الباهظة الثمن، غالبا ما تصبح تحدى للديمقراطية ومفهوم المواطنة، بل هو طعن فى الآخر المختلف اقتصاديا أو دينيا. ومن ناحية أخرى تقليد الملابس يمكن الطبقات الدنيا في تقليد الطبقات الغنية عن كثب، والاقتراب منهم في المظهر. وبالتالي يؤدى إلى درجة من الدمقرطة.
حتى الشعوب الفقيرة تحاول تقليد أزياء الدول الغنية، فالملابس مثل الأفكار تهاجر من دولة إلى أخرى، وفى الغالب تتأثر المجتمعات المأزومة بأفكار وأزياء المجتمعات الأكثر تقدما على المستوى الاقتصادي. وعلى المستوى الدينى تتأثر المجتمعات المأزومة دينيا بأفكار وأزياء المجتمعات التى تعتبرها عن وهم مجتمعات مقدسة ومنبع الرسالة الدينية . ونمط الزى يزدهر فى المجتمع اعتمادا على الجدة، وبطبيعة الحال المجتمعات التى تتحكم فيها العادات والتقاليد تنتشر فيها الأزياء الجديدة بصعوبة ! لكن إذا لامست تلك الأزياء الجديدة العادات والتقاليد والعرف، وينضوي تحت هذا ما يكشفه وما لا يكشفه الزى من جسد الرجل أو جسد المرأة، وما يلبس وما لا يلبس في كل مناسبة، فهى تنتشر بسرعة وكثافة، مع التأكيد ان الأزياء تكتسب مكانتها فى تلك المجتمعات من خلال التقليد، وليس لأنها جديدة ! وهنا تفقد الجدة بريقها. وحسن السمعة والاحترام المفترض فى الزى الديني يعزز دائما انتشاره. حيث تبين المعارف الحالية ان الناس يقلدون النمط الجديد من الملابس ذات السمعة الجيدة او هم على استعداد لذلك، وتعيش كثير من الأزياء لبعض الوقت اعتمادا على السمعة والهيبة والاحتشام، وإثارة الإعجاب بتسليط الأضواء عليه من خلال الإعلانات التجارية والبرامج الإعلامية ! حيث يجذب ذلك اهتماما واسع النطاق للعديد من الأسر. ويعتمد محترفى الدعاية للملابس على التسلسل، والتراكمية فى الإعلانات البريئة والغير مدركة من العامة، و تبدأ حملة الدعاية والتحدث نيابة عن زى معين على وشك أن يظهر. . فنمط الزى المثير للانتباه يعطى تميز فردى وتقدير ملفت. فالدعاة والوعاظ بزيهم المميز وسط حشود المستمعين يجسدون الشخصية المتميزة. والأزياء الدينية تنتشر تحت دعوات العودة إلى الأصالة مستغلة الدوافع الغريزية للطبيعة البشرية ، فيهرع الناس لدعم هذا الزى او ذاك دون فحص دقيق للدعاية وطبيعتها الجوهرية فى الخداع.
مخاوف من المستقبل
يجب أن ينظر إلي اللباس الدينى في سياق اجتماعي وتاريخي، حيث يختلط الدينى بالسياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالتاريخي. وهو رمز دينى لتحقيق مصالح سياسية نفعية ضيقة، حيث ترحب به تيارات التعصب والغلو كسلوك طائفى عنصرى، مستهدفين إلهاء وتحييد المجتمع عن قضاياه الحقيقية والزج به في متاهات قضايا هامشية يمثل مجرد طرحها إهدارا للطاقات الذهنية، وأن الجدل حول الزى او غطاء الرأس الطائفي المنتشر بين المصريين لا يعدو أن يكون المدخل لإعادة طرح الملف الديني ضمن إستراتيجية تراهن على نسف قواعد الدولة المدنية وإخراج مفهوم الدين عن سياق العقل والتنوير. وأمامنا ما يحدث فى دولة كبيرة فى المنطقة والتى يعتبرها تيار التعصب والغلو فى مصر نموذجا له، فقد نشر منذ فترة قصيرة خبر إقرار برلمان تلك الدولة قانون الزي الوطني الموحد، الذى لم يكتفى بالحد من حرية المواطنين الأساسية في ارتداء ما يشاءون من ملابس، لكنه جاء بما هو أقبح وبما هو عنصري، إذ فرض على الاقليات الدينية الموجودة ارتداء ثياب مختلفة عن الأزياء التي سيرتديها المسلمون طبقاً للقانون حتى يسهل على المسئولين والمتطرفين على السواء معرفة غير المسلمين وبالتالي معاملتهم طبقاً لدياناتهم. ويذكر القانون الجديد – بحسب وسائل الإعلام الغربية – بالنظام النازي الذي فرض على اليهود وضع نجمة داود على قمصانهم للتمييز بينهم وبين غير اليهود طوال فترة حكم أدولف هتلر في أوروبا في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين.
وأزعم ان القلق على مستقبل الوطن أمر مشروع خاصة وان المد المتشدد لم يتراجع ! بل يزداد شراسة رغم كل الجهود المبذولة ! وفى مصر الآن مقدمات وشواهد كثيرة لا تخطئها عين، ناتجة عن غياب المنظومة الاجتماعية الثقافية السياسية التى تصون الحريات الشخصية من كل أشكال التعسف الدينى، وتحمى الحريات العامة وتنشر ثقافة التسامح والحوار مع الآخر، وإذا لم تنجح مصر فى تفكيك ثقافة الأصولية المسيطرة على العقل الجمعى للمصريين، فمن حقنا ان نطرح السؤال التالى دون مبالغة وافتعال : هل يأتى وقت على مصر تتحول الشفرة الدينية فى ملابس المصريين إلى قانون زى موحد يفرق بين المواطنين حسب الدين!؟
© منبر الحرية، 19 نوفمبر/تشرين الثاني2009

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

لأول مرة تحل ذكرى نكبة 67 بعد بلوغي الستين عاما، ولم أكون متصورا بلوغها، واختبرت شعورا جديدا بأن العمر مجرد لحظات، وبدأ من حولي  يستغرب لدرجة الاستنكار، وقد يفغر فاه دهشة، ويتمنى لي طول العمر!؟، وكأني بلغت الستين فجأة، وبدون مقدمات. ونسوا بياض شعري وأنا في الثلاثين، وكان يزداد بياضا كلما اقتربت  من الستين! حتى لو فرضنا أننا تجاوزنا عمر الستين… فهل يعني هذا النجاة من الموت..؟ وهو الحقيقة المؤكدة للجميع. فالعمر مهما طال فهو قصير كما تقول الجملة الفلسفية.  ولدت في نفس العام الذي ولدت فيه إسرائيل، واحتلت فلسطين، وأعلنت فيه مبادئ حقوق الإنسان، وفي أعماق ذاكرتي خيالات عن نفسي وهى تحمل صورة عبد الناصر في شرفة منزل أسرتي  بالإسكندرية، كنت  طفلا لا يعي حين سمعت عبد الناصر في الأزهر معلنا الحرب، وأخذت اهتف مع الآخرين حنحارب! وكبرت مع صوته وصورته وأخباره التي أسمعها من أبى العامل البسيط الذي لا يقرأ أو يكتب، ولكنه مدرك للأحداث حوله، وعلى كورنيش الإسكندرية كان يحملني فوق كتفه لرؤية وتحية عبد الناصر في موكبه بمناسبة 26 يوليه، واشعر بدموع أبى تنساب على يدي، وادمع معه تحية لهذا القائد. كنت أنتظر خطبة وأحفظها، وأسمع مقال هيكل من الإذاعة كل أسبوع ليس بقصد الفهم لصغر سني، ولكنه بحكم الحماس الوطني الذي سيطر على الجميع في تلك الأيام، كم نحتاج هذا الحماس الآن لنلتف جميعا حول الوطن؟ وأستغرب الآن من الذين يشككون في نوايا هيكل نحو بلده، وفي الذين يحاولون تقليده بدون أن يملكوا قدراته معتمدين على كهف النفاق الذي يعيشون فيه.  وأبحث في أعماق ذاكرتي، فتحضرني صورة عبد الناصر وتيتو ونهرو في مؤتمر باندونج، وصورته وهو يفجر ويغير مجرى النيل استعدادا لبدء السد العالي وهو المشروع التنموي الوحيد الذي نجحت مصر في تحويله إلى معركة وطنية اجتمع عليها المصريين، وسمعت وقرأت ودرست وكبرت مع  تأميم القناة وقوانين الإصلاح الزراعي، ومجانية التعليم وإنشاء القاعدة الصناعية في مصر التي نبيعها الآن. وعاصرت شعارات القومية العربية والكرامة، والوحدة العربية، والإمبريالية والاستعمار، والدول الرجعية والدول المتقدمة وما إلى ذلك من مصطلحات  التي سادت تلك الفترة. وفي المرحلة الثانوية  بدأت أدرك أن لنا جنودا في اليمن، وان جيشنا لا يقهر، وسوف نلقي إسرائيل في البحر، وأننا صنعنا من الإبرة إلى الصاروخ الخ تلك الأوهام التي سيطرت على الناس وقتها.  وكان عام 64 هو نفس العام الذي مات فيه أبى وجدي وخالي، هو نفس العام الذي ماتت فيه معاني كثيرة في مصر انتهت بنكبة 67  التي قتلت الحلم المصري، كنت مراهقا في الثانوية العامة اسمع احمد سعيد في صوت العرب وهو يهلل بسقوط مئات الطائرات للعدو فأطير فرحا مع شباب الشارع. واكتشفت مع حالة الحرب  بنت الجيران  التي تبادلني الإشارات الضوئية  الغرامية مستغلين إظلام الغارات، وكأن مراهقتي  كانت انعكاس لمراهقة آلية اتخاذ القرارات في مصر، وبلغت ذروة المراهقة أثناء النكسة، وحصلت على الثانوية عام الانكسار، ودخلت الجامعة أثناء حرب الاستنزاف.  وبكيت وبكينا جميعا في البيت والشارع والمدينة، في مصر كلها، بكينا غير مصدقين الهزيمة التي لم نبك عليها بقدر بكاءنا على قرار تنحي عبد الناصر، فالهزيمة لا تهمنا بقدر ما يهمنا عبد الناصر، لأنه في اعتقادنا سوف يكون قادر على تعويض الهزيمة، كنت لا أتصور مصر بدون عبد الناصر. ومنذ تلك الفترة بدأت أدرك، وأقرأ شائعات عن مرضه، وسفره للاتحاد السوفيتي إلى أن توفي رحمة الله عليه، وكان وقتها يودع الملوك والرؤساء العرب في القاهرة. وعندما تخرجت من الجامعة، جندت في الجيش لسنوات طوال انتظارا لحرب أكتوبر 1973 التي اشتركت فيها وخرجت بعدها احمل أمال الشباب، وأغلقت على نفسي، وأكملت دراساتي العليا، وعينت مدرسا جامعيا 1982 حين قتل السادات، ومنذ هذا الوقت وصاحبنا الستيني يخزن أفكاره ويدون ما يراه من أحوال الوطن، وشعر انه لا مكان له في هذا الوطن، ولم يسع للهجرة أو العمل خارج مصر، بل جاءت دعوة ترشحه للعمل أستاذا جامعيا في أكبر جامعات الخليج، وهناك من رأى الوطن بعين أخرى، رأى الوطن وهو يهان، ولا يستطيع أحد شيئا، وكانت إهانة الوطن في تلك الدولة وغيرها من دول البترول اكبر كثيرا من إهانة الاستعمار والاحتلال، لأن في الثانية أفرزت قضية التحرير التي أجمعت مصر كلها على تحقيقها ونجحت في ذلك، أما في الأولى فان الوطن أصيب في صميم بنيانه القيمي بمرض الإذلال وأصبح ينهج سلوكيات العبيد، وهنا يحتاج الوطن إلى سبارتاكوس لكي يثور العبيد على أنفسهم أولا، لذلك قررت وأنا هناك مجرد عبد من العبيد أن اخرج من قوقعتي أو جحر الخوف والقرف، وقررت أن أصرخ وأصرخ حتى يسمعني الوطن.
وصاحبنا الستيني واحد من الذين أطلق عليهم السادات الأفندية، واحد من القلة المنحرفة والتي لها أغراض خاصة، وتثير القلاقل والفتنة، وتثير الناس، وتطلق الإشاعات، ويتكلمون بغوغائية، واحد من الذين يضخمون الأمور كما تقول الحكومة وتصف به دائما الذين لا يؤيدونها، إنني واحد من الأغلبية الصامتة التي إذا تكلمت سوف تقول نفس الكلام الذي أقوله ويمكن أكثر، أحيانا يصفون من يتكلم مثلي بأني عميل، يميني، ومفتوح ومقفول  وأحيانا شيوعي ورأسمالي وشمولي وليبرالي  في نفس الوقت  حسب مزاج  الحكومة – يعنى هي الديمقراطية -،  وفي اغلب الحالات تصفني الحكومة بأني يساري علماني كافر  اشتراكي مشاغب مهووس بل مهروش مجنون، وأحيانا إرهابي علماني  متطرف، من أعداء النجاح، حاقد ناقم  جاهل ينعق مثل البوم، له أهداف خاصة، وفي القلة النادرة توصف الحكومة من يقول نفس الكلام تهذيبا بأنه مثقف يبيع كلام أو مريض نفسيا، ومن الذين لا يعرفون الحقائق والمصالح العليا للوطن والحكومة نعذرهم لأننا كلنا مواطنين !
هل عرفتني الآن؟، أنا مواطن مهزوم، مهموم بالوطن مشغول به، اهمس مخاوفي بصوت عالي محبط ويأس ومتشائم من مستقبل الوطن، وجدت نفسي إما اكتب واخرج  من الجحر الأكاديمي، أو أصاب بالضغط الذي أصبت به فعلا وأصبح يهدد حياتي، واكتشفت أن معظم المواطنين مثلي، أصيبوا بالضغط. كنت اعتقد أنني انفخ في الهواء واكرر كلام الآخرين، وفوجئت أن هناك من يقرأ لي وهناك من يشجعني على التعبير عنهم، ويقرأ أفكاري ويشجعني عليها، وكانت فرحتي وأنا أستاذ الجامعة ولي طلبتي ومحاضراتي لا توصف لأن هناك من ينتظر أفكاري كل شهر  في الدوريات المطبوعة،  وقررت أن يسمع صرختي  الجميع، فأنا اصرخ، وهذا ليس عيبا لأني لا املك شيئا آخر إلا أن أصرخ بهموم الوطن بل يجب أن نصرخ جميعا حتى يسمعنا الحكام إذا سمعوا، فالمثقفين وظيفتهم تشجيع وتنظيم هذا الصراخ، فلا حل أمامنا إلا الصراخ. والصراخ بصوت واحد جميعا قد يسقط قوى الظلام والفساد والإفساد، بل يجب أن نصرخ، لأن الكلام العاقل الهادئ الرزين لا يصلح في حالتنا،  فالهدوء    والعقل  في عرض هموم الوطن ترف ما بعده ترف، لأننا  على وشك الموت والخروج من التاريخ، على وشك التنازل الكامل عن الكبرياء الوطني بعد أن ضاع معظمه في الخليج. يجب أن نصرخ حتى يعرف حكامنا ذلك وبعدها نستعمل الهدوء والعقل كما يقولون. قد أكون مجنونا فالمجانين في الوطن فاضت بهم الشوارع والمستشفيات، أنا كل ذلك، و إذا قرأت  كلامي ستجده نفس كلامك الذي تقوله في سرك ومع أصدقائك، ومتأكد انك سوف تصفني بأني وطني مهموم  مثلك بالوطن.
© منبر الحرية،06 تموز/يوليو  2010

منبر الحرية3 نوفمبر، 2010

 أستاذ جامعى، تبين سيرته العلمية أن تخصصه الأكاديمى فى اجتماعيات التنمية الريفية ، وتحديدا فى التغيير المعلوماتى والمعرفى للريفيين ، لكن مع تطور الوسائل الجديدة لتبادل المعلومات، وظهور “التخصصات الثقافية المتغيرة ” ، أصبح من السهولة تغيير التخصص والاهتمامات بين المفكرين والمثقفين والأكاديميين ، وحدث تحول فى أهتماماته الفكرية والعلمية ، أثناء الدراسة والتدريس والبحث فى مجال تأثيرات التكنولوجيا على النسق الاجتماعى الريفى بداية من المحراث البلدى حتى الإنترنت ، وأصبح مهتما أكثر بالتأثيرات السياسية والاجتماعية لثورة المعلومات ، وخاصة بالفرع العلمى الجديد الذى بدأ ينمو، وموضوعه الأساسي التغيير الاجتماعى الناشئ نتيجة تطبيقات وممارسات تكنولوجيات المعلومات والاتصال Social Informatics، والترجمة الحرفية لها هى المعلوماتية الاجتماعية ، ولكنها لا تعكس بالعربية المعنى بوضوح ، وإذا ترجمناها وظيفيا نقول اجتماعيات المعلوماتية او سيسولوجيا المعلوماتية ، وهى مجال البحوث والدراسات التى تختبر تصميم واستعمالات وتطبيقات ونتائج تكنولوجيات المعلومات والاتصالات فى تفاعلها مع السياقات الاجتماعية و الثقافية . وله عدة أعمال فكرية بهذا المجال : الكتاب الأول صادر عن مركز البحوث العربية بالقاهرة عام 2001 تحت عنوان الإنترنت والمعلومات بين الأغنياء والفقراء ، والكتاب الثانى صادر عن دار الهلال بالقاهرة فى مارس 2002 تحت عنوان ” هوس الإنترنت وتداعياتها الاجتماعية والسياسية ” ، والكتاب الثالث صادر عن دار الفكر بدمشق فى يونية عام 2004 تحت عنوان ” ثقافة مجتمع الشبكة” ، والكتاب الرابع تحت عنوان “أثنوجرافيا الإنترنت ” وهو كتاب إليكترونى على الخط أنطلق يوم 12-مايو- 2005 من دار النشر الإليكترونية “كتب عربية “على موقعها فى الإنترنت . www.kotobarabia.com ، والكتاب الخامس صدر يوم 5-7-2005 عن دار الهلال بالقاهرة تحت عنوان” صدمة الإنترنت وأزمة المثقفين ” والكتاب السادس” التكنولوجيا وإعادة إنتاج المجتمع : أطفال الإنترنت من إصدارات سطور الجديدة عام 2008 . ومن ناحية أخرى يتركز أهتمامه الأكاديمى بتطبيقات هذا الفرع فى التنمية الريفية ، وله العديد من المؤلفات والابحاث الأكاديمية فى تخصصة.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018