ديباك لال

نوح الهرموزي12 مارس، 20130

نما اقتصاد محظور واسع وتطوّر بعد انسحاب روسيا والحرب الأهلية بين فرق المجاهدين المتعددة التي شهدتها أفغانستان، مما وفّر البنى التحتية للتنقل والاتصالات والأسلحة والحماية اللازمة التي تحتاج إليها تلك الفرق والجماعات المتعددة لبسط سيطرتهم، كلٌ على منطقته......

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100
إن أحد أهم مواضيع النقاش العام في العديد من البلدان الغربية اليوم (بما في ذلك الولايات المتحدة، وألمانيا والمملكة المتحدة) يتعلق بإدخال نظام الضريبة المقطوعة بدلاً من النظم الضرائبية شديدة التعقيد والتشويه. ويمكن النظر إلى ذلك النقاش القائم على أنه جزء من التوافق الذي تم في مرحلة ما بعد كينز حول إدارة السياسة الاقتصادية. ومن المفيد دراسة هذه القضية، في هذا الإطار الأوسع، مع إظهار الأسباب التي تجعل من هذه القضية أمراً مهماً له اتصال بالبلدان النامية مثل الهند.
هنالك، على ما يبدو، إجماع واسع في دوائر اتخاذ القرار على أن انتهاج سياسة نقدية ناشطة، تستند إلى شكل من أشكال النظرية الكينزية، هو أمر له نتائج عكسية. هذا يعود إلى حد كبير إلى حقيقة أن نتائج تلك السياسة تكون خاضعة لفترة انتقالية طويلة لا يمكن التنبؤ بمداها، مع احتمالية إساءة استخدامها من قبل السياسيين من كل توجه، لدعم مصالحهم الخاصة، إبان دورة الاعمال المتزامنة مع السياسة. كما أن هنالك دلائل قوية على أن القطاع الخاص سوف يُطفئ أية تقلبات لا يمكن تفاديها في النشاط الاقتصادي، والعمل على استقرار الاقتصاد، ما لم تُشوِّشُ عليه تصرفات سياسية غير متوقعة. لذا، فإن هنالك اتفاق يتنامى بأن أفضل وسيلة لإدارة الشؤون النقدية هي تركها لبنك مركزي يتمتع باستقلالية، والذي يتبع قواعد بدلاً من التصرف باجتهاداته وأهوائه. قد تكون تلك القواعد أو الأحكام تأقلمية لا ثابتة محددة، وتستطيع التأقلم بوسيلة معروفة للتغيرات الدائمة التي تقع في النمو الحقيقي أو التدخل المالي. إن هذا الأسلوب يحرر السياسة النقدية من الاعتبارات السياسية. وعلى الرغم من أنه ليس مستقلاً من الناحية الرسمية، فإن البنك الاحتياطي الهندي، في تصرفاته الأخيرة، قد اتبع إلى حد كبير هذا التوجه.
هذا يبقي جانباً السياسة المالية التي تنتهجها الدولة. لقد تم النيل من أتباع سياسة كينزية نشطة من قِبل الدولة قبل النيل من قرينتها—السياسة النقدية—بعد أن تبين بأنها قد تقود إلى أخطاء فادحة أكبر وأقل مرونة من السياسة النقدية. وقد أدى ذلك إلى إيلاء السياسة المالية معالجة الاقتصاد الجزئي وليس الاقتصاد الكلي. فحالات استخدام السياسة المالية (والتي تشكل سياسة التعرفة جزءا منها) لتقديم حوافز متنوعة “للصناعات الناشئة”، أو لتعديل إخفاقات سوقية مفترضة، قد تم النيل منه بسبب الأثمان السياسية للتدخل. وهنالك إدراك يتعاظم بأن الهدف الوحيد من وراء السياسة المالية يجب أن يقتصر على تقديم التمويل، لتحقيق الحد الأعلى من السلع العامة وبأقل كلفة ممكنة في مقاييس الرفاه الاقتصادي. أما الأهداف المنبثقة عن إعادة توزيع المداخيل، كهدف من أهداف السياسة المالية، فقد تم النيل منها بدرجة مساوية، بعد أن ثبت بوجه قاطع من التجارب التي تمت في مختلف أرجاء العالم بأن الضرائب الهادفة إلى إعادة توزيع المداخيل هي عبارة عن آلة ضخمة تُزبد وتتحرك بعنف، والذي تتم في النهاية إعادة التوزيع (على الأقل في البلدان الديمقراطية) ليس لصالح الجهات المتوخاة من إعادة التوزيع، ولكن لصالح الطبقات الوسطى، حيث أن جميع الأحزاب السياسية تنشد ودها وتسعى لكسب أصواتها.
إن الجواب التكنوقراطي على موضوع تمويل النفقات العامة على السلع العامة وبأقل كلفة اقتصادية قد اُعطي من قبل مُنظري الاقتصاد العام. إنها نظام الضرائب الذي أوصى به فرانك رامزي (وهو زميل أصغر لكينز في جامعة كيمبردج). إنه نظام ينطوي على فرض الضرائب على البضائع الأقل استجابة لمقتضيات الطلب. أية ضريبة (ما عدا مبلغاً مقطوعاً، مثل ضريبة الرأس) تنطوي على خسارة يطلق عليها علماء الاقتصاد “فائض الاستهلاك”. هذه الخسارة تكون أعظم بالنسبة لأي سلم ضريبي كلما كان منحنى الطلب أكثر مرونة (كلما كان المستهلكون أكثر حساسية للسعر بالنسبة لكمية السلع التي يشترونها)، ذلك أن أي ارتفاع في السعر يواجهه المستهلك نتيجة الضريبة من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض أكبر في كمية الشراء، مما لو كان الطلب أقل مرونة. ومن هنا جاء قانون رامزي حول الحد الضريبي الأمثل.
ولكن هذا القانون يفترض بأن الحكومة ذات نوايا طيبة. ولكن، لنفترض بدلاً من ذلك، بأن توجهها غير ودي، وأنها لا تكتفي فقط بمجرد تحصيل مداخيل معينة، ولكنها تسعى إلى إيصالها إلى الحد الأقصى بأقل كلفة ممكنة. ما هي الضرائب التي تختارها؟ وكما بيَّن جيفري برينان وجيمس بيوكانن، فإنها سوف تختار ضرائب رامزي! وقد أدى ذلك إلى إجراء أبحاث من أجل التوصل إلى نظام ضريبي يحد من النزعات العدوانية الشائعة لدى الحكومات. الضريبة المقطوعة، والتي كان أول دعاتها روبرت هول وألفن رابوشكا، هو الجواب.
في شكلها المجرد، فإن الضريبة المقطوعة تحل مكان نسب الضرائب المتعددة، بضريبة هامشية واحدة، وتلغي النظام المعقد للإعفاءات، التي تستخدمها الحكومة لأهداف الهندسة الاجتماعية أو لكسب الأصوات. إن سماحاً شخصياً عالياً من الضرائب يسمح بإخراج الفقير من شبكة الضرائب ويعطي تقدمية للنظام. جميع الضرائب—على المداخيل العليا للشركات، والضريبة الشخصية، والضرائب على السلع (كضريبة القيمة المضافة)—تحدَّد بنسب متساوية، تبلغ في الحقيقة إلى ضريبة الاستهلاك وتُلغي أي تعدد ضريبي مثل الضرائب على الأرباح.
إن مزايا الضريبة المقطوعة تتمثل في بساطتها وشفافيتها (وكما لاحظ ستيف فوريز، فإن كل إنسان يحتاج إلى بطاقة بريدية لإرسال كشف بما يستحق عليه) مما يؤدي إلى نمو اقتصادي أسرع، بسبب الحوافز الأكبر للعمل، وإزالة مختلف العوائق المثبطة التي تتأتى عن التشوهات الضريبية الحالية، بما في ذلك خلق سوق سوداء واسعة من أجل الهروب من الضريبة وتجنبها.
وقد تبينت مزايا مثل هذه الضريبة في العديد من بلدان أوروبا الشرقية (بما في ذلك روسيا وإستونيا ولاتفيا وأوكرانيا وجورجيا ورومانيا) وهي بلدان في غمرة انتقالها من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق. كما أن مثلهم شجع بلداناً أخرى على الأخذ بالضريبة المقطوعة (بولندا والتشيك وسلوفينيا).
ولكن وخلافاً للنظم الضريبية الجديدة في أوروبا الشرقية والتي حلّت مكان أنظمة قديمة متداعية، ففي معظم البلدان المتقدمة، حيث توجد نظم ضرائب ناضجة، والتي كانت نتيجة للعبة إعادة توزيع المداخيل على امتداد أجيال متعاقبة، فإن الاحتمال الأقرب هو أن الخاسرين من الضريبة المقطوعة هم المستفيدون في الماضي—أي الطبقات الوسطى—والذين سوف يستخدمون الإجراءات الديمقراطية لمقاومتها. إن مراجعة ردود الفعل على اقتراح الضريبة المقطوعة، في الولايات المتحدة وألمانيا وربما في المملكة المتحدة، تشير إلى أن فرض ضريبة مقطوعة تامة لن يكون مقبولاً في نظم ضرائبية ناضجة. لذا، فإن مستقبل الضريبة المقطوعة قد يكون في بلدان مثل أوروبا الشرقية، التي انتقلت من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق. ويقال بأن الصينيين ربما ينظرون في إقراره. وإذا ما طُبقت توصيات لجنة كلكار للإصلاح الضريبي بالكامل في الهند، فإنها تصبح على مدى خطوة قريبة من الانتقال إلى نظام ضرائبي مقطوع كامل في الهند. ومن شأن ذلك وضع حد للتعدي المالي التقليدي الذي تنتهجه الدولة—ومرادفاتها في السوق السوداء—وإعطاء تأثير حميد على النمو الاقتصادي في البلاد.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 23 آب 2006.
peshwazarabic6 نوفمبر، 20100

خلال العقدين الأخيرين لقي الأداء الاقتصادي الصيني الملفت للنظر إشادة يستحقها باعتباره معجزة اقتصادية. أود في هذا المقال أن أعرض بإيجاز لمصادر هذه المعجزة وبيان المشاكل الجدية التي لا زالت الصين تواجهها بسبب الضغوط المالية المستمرة الناجمة عن مؤسسات اقتصادية حكومية لم تستفد من الإصلاحات وتعمل دون كفاءة، وتقديم حل محتمل على أساس استخدام كفء لموارد الصين المزدهرة من العملات الأجنبية.
معجزة الصين الاقتصادية

مصادر المعجزة الاقتصادية الصينية معروفة جيداً، فقد أدى ارتفاع معدل المداخيل في الأرياف مع تبني نظام المسؤولية الأسرية (التحول عن المزارع الجماعية) والإضافة الناجمة عن التحول الديمغرافي وانخفاض نسبة الإعالة (نسبة الأطفال والمسنين إلى العاملين) إلى زيادة ملحوظة في معدلات الادخار. وكان هناك نتيجة بارزة غير مقصودة ترتبت على إنهاء العمل بنظام المزارع الجماعية وهي انطلاق الازدهار في المشاريع الصغيرة غير الزراعية في الريف والتي بدأت بموعظة دينغ زيوبينغ القائلة بأن من الفضيلة أن يكون المرء غنياً. فاعتنق مسؤولو الحزب المحليون هذه المقولة وأصبحوا مدراء ومشرفين على مشاريع المدن والقرى.
مع ارتفاع المداخيل من المزارع تمت تلبية الطلب المكبوت على السلع المنزلية والصناعية من قبل مؤسسات مشاريع المدن والقرى التي كان قد تم البدء بإدارتها باعتبارها مشاريع رأسمالية ربحية رغم أنها كانت مملوكة بنظام جماعي. لقد وفرت هذه المشاريع للسلطات المحلية “عائدات إضافية لموازناتها” وأتاحت للمسؤولين فرصاً مشروعة ليصبحوا أثرياء.
على عكس المشاريع الاقتصادية الحكومية، لم تكن مشاريع المدن والقرى مثقلة بأي مسؤوليات دعم اجتماعي وكانت لها الحرية في توظيف أو تسريح من تشاء من العمالة المحلية الوافرة. ومع إنشاء دينغ للمناطق الاقتصادية الخاصة على الحواف الجنوبية للصين في أوائل ثمانينات القرن الماضي أصبحت مشاريع المدن والقرى—ثم الشركات الخاصة المملوكة للأفراد فيما بعد—هي رأس الرمح في رأسماليةٍ ديكنزية.
هذه المشاريع غير الحكومية أدخلت الصين إلى مركز عمليات السلع الصناعية في العالم. تحقق النجاح بفضل العمالة الرخيصة في الريف الصيني بالتضافر مع التكنولوجيا الأجنبية، وبالاعتماد على التمويل الذاتي من الادخارات الأسرية وأرباح المشاريع إضافة لرأس المال الوارد من الجاليات الصينية في الخارج وجنسيات متعددة كثيرة، والمشاركة في منافسات محلية شرسة شجعتها السلطات البلدية المحلية.[1]هذا التصنيع العمالي المكثف أخذ ينتشر الآن إلى الداخل بمحاذاة اليانغ تزي (الإيكونوميست 2004: 13).
ارتفع عدد العاملين في مشاريع المدن والقرى من 28 مليوناً عام 1978 إلى 60 مليوناً عام 1996، وكان هناك نمو كبير في المشاريع المملوكة للأفراد، حيث ارتفع عدد هذه المشاريع من لا شيء عام 1978 إلى 4 ملايين مشروع عام 1984 و23 مليوناً عام 1996 وباستخدام 76 مليون عاملاً. هذه المشاريع شكلت المحرك لحركة التصنيع العمالي المدهشة في الصين. ويقدر آنغوس ماديسون (1998) أن القيمة المضافة الحقيقية في هذا القطاع الصغير الجديد بحوالي 22% سنوياً خلال الفترة بين عامي 1978-1994.
هذه التحولات على هامش إلغاء المزارع الجماعية صادفت دعماً من الإنشاءات المكثفة في البنية التحتية من قبل الدولة، كما لاقت صناعات التصدير القائمة على الكثافة العمالية مزيداً من الدعم بسبب الإصلاحات التسعيرية الداخلية وعن طريق أكبر عملية تحرير أحادية للتجارة الخارجية في التاريخ. معظم الأسعار النسبية في الصين هذه الأيام (وعلى عكس الهند) تواكب إلى حد كبير الأسعار العالمية. تفجرت الصادرات الاقتصادية ونمت ثمانية أضعاف بين عامي 1978 و1995. بحلول عام 1993 كانت الصين ثالث بلد تجاري في العالم وذلك عندما زادت قيمة تجارتها عن 200 بليون دولار—وهو ما يعادل ضعف التجارة الكلية للهند عام 2002. وتعادل حصة الصين من التجارة العالمية ستة أضعاف حصة الهند (لاردي 2003).
يعتمد التصنيع الموجه للتصدير في القطاع الخاص على تركيب أجزاء مستوردة باستخدام رأسمال وتكنولوجيا محلية وأجنبية وعمالة محلية رخيصة. نما القطاع الخاص بسرعة كبيرة بحيث أن حصته في القيمة المضافة في قطاع الأعمال غير الزراعية قد بلغ حوالي 60% (انظر جدول 1) في حين أن حصة هذا القطاع من الإنتاج الصناعي تزيد الآن عن 70% مقارنة مع القطاع الراكد للدولة الذي تراجعت حصته من حوالي 80% عام 1978 إلى حوالي 28% عام 1998 (لاردي 2002: 15). أدى هذا التحول إلى نمو مدهش في الاقتصاد الصيني خلال العقدين الأخيرين: 9%-10% سنوياً وفقاً للتقديرات الرسمية و7%-8% وفقاً لتقديرات مستقلة. ولكن القطاع الحكومي لا يزال يسيطر على أكثر من 70% من جميع الموجودات الثابتة و80% من مجمل رأس المال العامل في الصناعة.

سمح هذا النمو المحفز عمالياً، والذي قام إلى حد كبير على أساس الاستثمار الخاص، بتحول أعداد كبيرة من العمال منخفضي الأجور من القطاعين الزراعي والحكومي المتراجع على السواء ومَكَّن الصين من النمو بـ”السير على ساقين”—أي الإبقاء على حركة ساق المشاريع المملوكة للدولة وفي الوقت نفسه التوسع في القطاع غير الحكومي، وبذلك تجنبت هذه الاستراتيجية الخسارة في الإنتاج والعمالة والفوضى الاجتماعية المصاحبة التي اتسمت بها الاقتصادات المتحولة الأخرى عند انتقالها من مرحلة التخطيط إلى مرحلة السوق.[2] بيد أن هذه الاستراتيجية تواجه الآن بعض العوائق الجدية والتي إذا لم تجر معالجتها قد تؤدي إلى تآكل المعجزة الصينية. المشاكل جميعها تتصل بالمشاريع المملوكة للدولة التي تتسم بعدم الكفاءة وعدم القابلية للإصلاح.
عوائق التنمية المستقبلية في الصين
في الوقت الذي كان فيه القطاع غير الحكومي ينمو، تعهدت الصين بإجراء إصلاح تدريجي على مشاريعها الصناعية المملوكة للدولة. معظم هذه المشاريع كانت قد أقيمت، كما في الهند، بموجب استراتيجية التصنيع الثقيل غير القابلة للاستمرار. بقيت المؤسسات المملوكة للدولة عاملة في فترة الإصلاح لتجنب الخسارة في الإنتاج والتشغيل حتى يصبح القطاع غير الحكومي النشط كبيراً بما فيه الكفاية لاستيعاب العمالة التي ستنجم عن إغلاق تلك المؤسسات.
في الفترة السابقة للإصلاح (قبل عام 1978) لم توفر استراتيجية التنمية الصينية سوى فرص تشغيل محدودة في مناطق المدن، مما جعل الحكومة توظف عدة عمال للقيام بنفس العمل وكانت النتيجة ترهلاً عمالياً كبيراً في المؤسسات المملوكة للدولة. وحيث أن هؤلاء العمال الصناعيين كانوا يتلقون أجوراً ضئيلة لتغطية نفقاتهم المعيشية اليومية فقد كان على الحكومة أن تغطي أيضاً النفقات المتعلقة بتقاعدهم وتأمينهم الصحي وسكنهم والنفقات الاجتماعية الأخرى من عائدات إنتاج المؤسسات المملوكة للدولة والتي كانت مخصصة لتحويلها إلى الدولة. ولم تكن المؤسسات المملوكة للدولة في فترة الإصلاح مسؤولة فقط عن الرواتب بل أيضاً عن هذه المنافع “الاجتماعية” التي فرضت “أعباء اجتماعية” على تلك المؤسسات لم تكن مفروضة على نظيرتها من المؤسسات غير الحكومية. وقد ازدادت هذه الأعباء في فترة الإصلاح عندما نمت الأجور والمنافع التي تدفعها المؤسسات المملوكة للدولة بنسبة 16% سنوياً بين عامي 1978 و1996 بينما كان إنتاجها ينمو بنسبة 7.6% سنوياً (راجع لين 2004).
تفاقم العبء الاجتماعي للمؤسسات المملوكة للدولة بما يطلق عليه جوستن لين “العبء الاستراتيجي” الناجم عن عدم الربحية المتزايدة لهذه المشاريع الرأسمالية المكثفة في اقتصاد يعتمد بصورة متزايدة على السوق المفتوح كما تبين من افتقارها لمواكبة المزايا النسبية للصين. وهكذا، فبالرغم من التحسن الذي طرأ على الممارسات الإدارية في المؤسسات المملوكة للدولة في إنتاجيتها متعددة العوامل (راجع لي 1997) وفي معدلات عائداتها المالية (انظر جدول 2) فإن معظم المؤسسات المملوكة للدولة لا تدر أرباحاً.[3] ويقدر لين (2004) بأنه حتى بعد الدعم الضمني الكبير بقروض منخفضة الفائدة وأوجه الدعم الحكومي الأخرى فإن ما يزيد على 40% من المؤسسات المملوكة للدولة تعمل حالياً بخسارة.

تحركت الحكومة الصينية بحذر في معالجة مشكلة المؤسسات المملوكة للدولة بسبب قلقها من الأزمات الاجتماعية التي قد تنتج عن إغلاق هذه المؤسسات بالجملة. بين عامي 1995 و2002 تراجعت الوظائف في القطاع الحكومي من 109 مليون إلى 70 مليون بسبب إغلاق معظم المؤسسات المملوكة للدولة التي لا تدر أرباحاً.[4] أما البقية فقد استمرت بسبب الدعم من خلال النظام المصرفي. ما تلا ذلك من إفساد للنظام المالي والاستخدام غير الكفء للادخارات المحلية الهائلة يطرح مشاكل جدية على الاقتصاد الصيني في المستقبل.[5]
يمكن إيضاح العبء الذي تلقيه المؤسسات المملوكة للدولة على أداء الاقتصاد الصيني بصورة أفضل بمضاهاة معدلات الادخار في الهند والصين وبالنمو الاقتصادي الذي أنتجته هذه الادخارات. معدلات الادخاء في الصين البالغة حوالي 40% تعادل تقريباً ضعف معدلها في الهند، ولكن معدل النمو في الصين لا يزيد سوى بنسبة 2%-3% عن معدله في الهند مما يعني نسب زيادة في معدلات الإنتاج الرأسمالي قيمتها 5.3 للصين و3.8 للهند.[6] السبب في ذلك هو أن حوالي 90% من الادخارات الأسرية في الصين تودع في المصارف المملوكة للدولة التي توجهها بأسعار مدعومة لمؤسسات مملوكة للدولة منخفضة العائدات وخاسرة غالباً. القطاع الخاص الكفء مكتظ بشكل لا يسمح له بالوصول إلى معظم الادخارات الصينية، ولذلك ينخفض النمو الإجمالي نتيجة للعائدات المنخفضة من القطاع الحكومي. هذا الدعم المتواصل للمؤسسات المملوكة للدولة لمواجهة الأعباء الاجتماعية التي تفرضها استراتيجية التنمية السابقة القائمة على تشجيع الصناعة الثقيلة عن طريق التخطيط أخذ يؤدي لمشاكل جدية في الإدارة الاقتصادية وقصور في التخصيص للاستثمارات.
إن التزام الصين باستراتيجية تنموية عفا عليها الزمن—لا تتماشى مع الميزة النسبية لعمالة وافرة وبلدٍ نامٍ يفتقر لرأس المال—قد أدى إلى كبتٍ مالي بحيث أصبح يتعين على الحكومة احتكار جمع وتخصيص المدخرات في الاقتصاد وبمصاحبة ضوابط استيراد مشددة (راجع لين 2003، لال [1983] 2002). هذه الاستراتيجية تسمح بخفض مصطنع للأسعار النسبية لرأس المال النادر للاقتصاد لجعل الاستثمارات ذات الرأسمال المكثف قابلة للبقاء. من هنا فإن حوالي 90% من الادخارات الأسرية في الصين اليوم لا تزال مودعة في مصارف تملكها الدولة، وسبب ذلك في جانب منه هو عدم وجود أدوات ادخار بديلة. من الواضح أنه لا يتم تشجيع بدائل مثل الاستثمار في أسهم شركات غير حكومية سريعة النمو لأن من شأن ذلك التحول عن توجيه الأموال عن شركات مملوكة للدولة مفضلة سياسياً. الحقيقة أن معظم ودائع البنوك يجري تسليفها (بصورة مباشرة أو غير مباشرة) لشركات مملوكة للدولة بينما يأتي معظم الاستثمار في القطاع غير الحكومي إما بتمويل ذاتي أو بالاعتماد على رأس المال الأجنبي.[7] ومع وجود عدد قليل فقط من مشاريع النمو المملوكة للقطاع الخاص على استعدادٍ، أو يُسمح لها بإصدار أسهم فإن الأسهم التي يجري تداولها في أسواق المال المحلية هي بشكل رئيسي أسهم لشركات مملوكة للدولة التي لا تجتذب، بسبب عدم شفافية ممارساتها المحاسبية والقناعة العامة بعدم قابليتها للاستمرار، الأسر لاستثمار مدخراتها في هذه الأسهم. من هنا فإن أسواق الأسهم المحلية تقليدية وهشة. كما أن معظم ما يفترض أنه استثمارات خاصة ضخمة لها هيكلية ملكية جامدة في أحسن الأحوال وتكون على الأرجح تحت سيطرة الدولة (راجع الإيكونوميست 2005: 60). الاستثمارات الخاصة الحقيقية، وهي المنحدرة من مشاريع المدن والقرى، لا تدرج أسهمها في سوق الأسهم المحلية وتعتمد بصورة أكبر في احتياجاتها الرأسمالية على التمويل الذاتي والاستثمار المباشر فيها من قبل المغتربين الصينيين (انظر الجدولين 3 و4).

يشكل الافتقار لآليات ادخار مناسبة والعائد المتدني من المدخرات الأسرية في المصارف المملوكة للدولة تهديداً مستقبلياً لإدامة معدل الادخار المرتفع في الصين، خصوصاً عند الأخذ بالحسبان الانخفاض الطبيعي للمدخرات بسبب الارتفاع المتوقع لنسبة الإعالة مع ازدياد المعدل العمري للسكان اعتباراً من حوالي عام 2010. ولكن المصارف المملوكة للدولة لا تستطيع الترويج لمزيد من الادخار عن طريق رفع نسبة الفائدة على الودائع لأن ذلك سيؤدي إلى رفع معدلات إقراضها للمشاريع الخاسرة المملوكة للدولة والتي ستزداد خسارتها مما يدفع المصارف لزيادة قروضها من جديد لتغطية هذه الخسائر وبالتالي زيادة القروض غير العاملة في الجهاز المصرفي.

إن صعوبات الاقتصاد الجزئي هذه، في استخدام معدلات الفوائد لحفز الادخار ومن أجل غربلة واستخدام الاستثمارات، تزداد تعقيداً بما يترتب على الاقتصاد الكلي من كبت مالي. ونظراً لأن سعر الفائدة لا يمكن استخدامه كأداة لإدارة الطلب الكلي فهناك حاجة لإجراءات إدارية قاسية، مع ما يصاحبها من قصور متأصل وفعالية محددة (في ضوء التمويل الذاتي لمعظم الاستثمارات الخاصة) لتهدئة الاقتصاد. إضافة لذلك، وفي ضوء هشاشة النظام المصرفي فلا يمكن أن يجري فتح تام لحساب رأس المال في ميزان المدفوعات متبوعاً بالانتقال لنظام أسعار صرف كامل المرونة لأن ذلك قد يؤدي إلى أزمة مالية خطيرة.
لا أعتقد، خلافاً لمراقبين عديدين، بأن النمو الصيني بقيادة الصادرات قد اعتمد على إدامة سعر صرف مخفض لأن معظم الصادرات الصناعية الصينية هي سلع مصنعة ليس فيها سوى قيمة مضافة محلية صغيرة،[8] والتغييرات في أسعار الصرف لا يتوقع أن يكون لها تأثير ملحوظ على أرباحها. تبعاً لذلك فإن سعر صرف مرنا لن يؤثر على ظاهرة النمو المرتفع في الصين بقيادة الصادرات، بل إنه سيتيح بالأحرى استخداماً أكثر كفاءة للمدخرات الوطنية الصينية ويقاوم الضغوط المتزايدة لإعادة تقييم اليوان من قبل مؤسسات المضاربة وكبار الشركاء التجاريين للصين وهي الضغوط التي تراجعت ولكن لم تختف بفعل الإجراءات الأخيرة لتعويم مسيطر عليه لليوان مقابل سلة من العملات وبفعل إعادة تقييم متواضعة تم اتخاذها.
تكمن خلف كل هذه المخاطر المحتملة التي تواجه الاقتصاد الصيني حالياً الأعباء الاجتماعية والسياسية التي تفرضها الاستثمارات المملوكة للدولة بسبب استراتيجية التنمية السابقة في الصين. الجواب يجب أن يكون بإزالة هذه الأعباء بحيث يمكن خصخصة الاستثمارات المملوكة للدولة والقابلة للاستدامة وإفساح المجال لها للازدهار في اقتصاد سوق عالمي متكامل أو إغلاق تلك الاستثمارات دون التسبب في أزمات محلية. لحسن الحظ، تستطيع الصين القيام بذلك بفضل الاحتياطيات الصينية المتجمعة من العملات الأجنبية.
استخدام احتياطيات العملات الأجنبية للمساعدة في إنهاء الكبت المالي

يبدو أن الحكومة الصينية تستخدم احتياطياتها من العملات الأجنبية للتعامل مع مشكلة الاستثمارات المملوكة للدولة ولكن بطريقة تجعلها على الأرجح كثيرة التلف. الصين تستخدم هذه الاحتياطيات كجزء من استراتيجيتها لتحويل أفضل شركاتها المملوكة للدولة إلى “شركات عالمية منافسة متعددة الجنسية” وبصورة رئيسية تلك العاملة في قطاع الموارد الطبيعية إضافة لأخرى تعمل في بعض مجالات السلع الاستهلاكية والصناعات التكنولوجية المتطورة حيث تأمل أن تصبح هذه علامات تجارية عالمية. إلا أن الإقبال الكبير مؤخراً من قبل الشركات المملوكة للدولة في الصين على امتلاك شركات أجنبية كبيرة يبدو ذا قيمة اقتصادية مشكوك بها. معظم الموارد الطبيعية مثل النفط وخام الحديد أصبحت الآن سلع دولية تجري المتاجرة بها بكميات كبيرة. التكلفة المكافئة الفعلية للاستخدام المحلي لهذه الموارد تبقى السعر العالمي المتذبذب الذي يتقرر على أساس العرض والطلب عالمياً. ليس من المنطق في شيء الافتراض بأن مجرد امتلاك منجم لخام الحديد أو حقول نفط في الخارج فإن كلفة استخدام هذه الموارد داخل البلد ستكون أقل من السعر العالمي الذي يمكن استيرادها بموجبه. إضافة لذلك فإن امتلاك موجودات أجنبية لا يضمن أن ملكية كهذه ستعطي مزيداً من الأمان باستمرار التزود بالموارد أكثر مما تؤمنه العقود الآجلة لتلك الموارد في الأسواق العالمية—ما لم يهدف الصينيون إلى تدعيم حقوق ملكيتهم في تلك الموجودات الأجنبية بالقوة العسكرية ضد أي محاولة لاستملاكها من قبل النخبة المحلية الوطنية الفاسدة. كما أن من المستبعد أن يكون عائد الأرباح من هذه الاستثمارات المملوكة للدولة أعلى في حالة تشغيلها في الخارج بدلاً من داخل البلاد وذلك للسبب المعروف جيداً المتعلق بالحوافز وقيود الميزانيات في الاستثمارات العامة.[9]
كما أن من المشكوك فيه أيضاً أنه سيكون بوسع الصين إنشاء شركات عالمية المستوى في إنتاج السلع الاستهلاكية والصناعات التكنولوجية المتطورة انطلاقاً من الشركات المملوكة للدولة.[10] المشكلة تظل في أن الشركات المملوكة للدولة (مهما جرى تمويه مدى سيطرة الدولة عليها) تحمل بين جوانحها دوماً المشاكل المعروفة جيداً من إدارة متصلبة وعدم كفاءة ينشئان عن قيود الموازنة. لقد ثبت من خلال التجربة على نطاق العالم أن الحل الوحيد للشركات المملوكة للدولة هو الخصخصة. استخدام احتياطيات العملة الأجنبية لتمكين هذه الشركات المملوكة للدولة من امتلاك شركات أجنبية هو بمثابة تبديد عملة جيدة للحصول على عملة رديئة. وأحد الخيارات الأفضل لهذه الاحتياطيات هو استخدامها لإتمام عملية خصخصة ما تبقى من الشركات المملوكة للدولة دون التسبب في أزمات اجتماعية.
تبلغ احتياطيات الصين من العملة الأجنبية الآن 875 بليون دولار وهي تعني في اقتصاد يبلغ حجمه 2 تريليون دولار تقريباً أنها تعادل حوالي 44% من الناتج المحلي الإجمالي في الصين. هذه الاحتياطيات محفوظة حالياً بنسبة كبيرة على شكل سندات خزانة أمريكية. بصرف النظر عن سخافة قيام بلدٍ نامٍ فقير نسبياً في رأس المال بهذه التحويلات الضخمة من رؤوس الأموال دون مقابل إلى بلد ثري برؤوس الأموال، فإن الصين لا بد وأنها قد شهدت خسارة في القيمة الحقيقية لهذه الأصول، حيث أن الدولار الأمريكي منذ أن وصل إلى أعلى سعر له عام 2002 قد انخفض بعد ذلك بما يزيد على 30% بمعايير التبادل التجاري إزاء العملات الرئيسية وفي وقت كان فيه مؤشر سيتي غروب لعائدات سندات الخزينة هو نسبة متواضعة بلغت 2.3%. ومن المحتمل أن يكون العائد على استثمارات الاحتياطيات الصينية من العملات الأجنبية (بمعايير التبادل التجاري) سالباً خلال السنوات القليلة الماضية. جزء صغير من هذه الاحتياطيات تم وضعه في استثمارات صينية أجنبية في الخارج (2.9 بليون دولار عام 2003 ولكن الرقم قد ازداد على الأرجح الآن في ضوء سعي الصين الحثيث مؤخراً لامتلاك أصول مصادر طبيعية أجنبية)، إلا أن هذه الاستثمارات لن تحقق على الأرجح عائدات أكبر.
هناك طريقة أفضل بكثير لاستخدام احتياطيات الصين من العملات الأجنبية. ليس هناك حاجة سوى لجزء صغير منها—لنقل 100 مليون دولار—لمقاومة أي هجمات مضاربة على اليوان ولإدامة المؤشر المتحرك المختار إلى سلة العملات تحت التعويم المسيطر عليه من قبل الصين. مبلغ الـ775 بليون دولار الباقية، إضافة إلى ما يتجمع من احتياطيات أخرى مستقبلاً، يمكن وضعها في صندوق إعادة بناء اجتماعي تحت إشراف بنك الشعب الصيني—البنك المركزي. يكن إدارة هذا الصندوق مثل العديد من صناديق التقاعد العامة التي تشرف عليها لجان تقرر التوزيع القطاعي العريض لموجودات الصندوق والعائدات المستهدفة (مع المحافظة على قيمة رأس المال) والتي تتوقع من مدراء الصندوق تجاوزها.
تبلغ قيمة صندوق التقاعد في البنك الدولي، على سبيل المثال، 10 بلايين دولار، والتخصيص المقرر من قبل إدارة البنك هو: حصص الولايات المتحدة 19%، وحصص خارج الولايات المتحدة 16%، وصناديق متاجرة لغاية 12%، وحصص خاصة لغاية 12%، وعقارات لغاية 8% وأوراق مالية ثابتة الدخل 40%. في عام 2003 بلغت عائدات الصندوق 18.4% وكان معدله على امتداد 10 سنوات هو 8% تقريباً. ليس هناك سبب يحول دون تحقيق صندوق إعادة البناء الاجتماعي لنتائج كهذه طالما كانت الإدارة اليومية للصندوق تتم من قبل فريق مختار من جميع أنحاء العالم وتحميله المسؤولية أمام بنك الشعب الصيني. تبعاً لذلك سيكون من المتوقع أن يحقق الصندوق عائدات تبلغ 62 بليون دولار من موجوداته المقترحة البالغة 775 بليون دولار. ولكن حتى لو كنا متشائمين وافترضنا أنه سيحقق معدل عائدات على المدى الطويل بنسبة 5% سنوياً (مع المحافظة على قيمة رأس المال) فإن هذه النسبة ستبلغ 39 بليون دولار سنوياً على الأقل، وسيتمكن الصندوق بالتالي من تحقيق أرباح تبلغ 2%-3% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني كدخل له كل سنة.
ينبغي استخدام هذا الدخل السنوي من صندوق إعادة البناء الاجتماعي مبدئياً لتخفيف الأعباء الاجتماعية الحالية الناجمة عن دعم المؤسسات المملوكة للدولة. بعد ذلك يمكن التعامل مع هذا الدخل كاستثمارات تجارية عادية يمكن خصخصتها إذا تبينت نجاعتها أو إغلاقها في حالة العكس. من شأن هذا الإصلاح أن يضع حداً للدعم المقدم من النظام المصرفي الذي جعله هشاً وإتاحة المجال لإجراء حسابات شفافة للمؤسسات المملوكة للدولة التي يتم خصخصتها والمدرجة في أسواق الأوراق المالية ويتيح المجال للمصارف بالقيام بوظائفها التوسطية الرئيسية المتمثلة في التشغيل الكفؤ للادخارات المحلية وتحويلها إلى مشاريع استثمارية تدر دخلاً مرتفعاً، والسماح للصين بتعويم اليوان. بمرور الوقت ستختفي مشكلة الاستثمارات المملوكة للدولة وقد يصبح الدخل المتأتي من استثمارات صندوق إعادة البناء الاجتماعي أساساً لنظام تقاعدي كامل التمويل للصينيين الذين تتزايد معدلات أعمارهم.[11]
الخلاصة
يتبين لنا أن صندوق إعادة البناء الاجتماعي يوفر وسيلة للصين للانتقال كلياً من التخطيط إلى السوق عن طريق إزالة أسباب الهشاشة في نظامها المالي، وفي نفس الوقت إزالة أي خطر من حدوث أزمات اجتماعية قد تنجم عن التخلص من الأعباء الاجتماعية الحالية المرتبطة بدعم الشركات المملوكة للدولة أو من الحاجة في المستقبل لتوفير مخصصات تقاعدية لسكان معمرين.
مجلة كيتو، المجلد 26، العدد 2 (ربيع/صيف 2006).
ملاحظات:

[1] جزء كبير من الاستثمار الأجنبي في الصين يتكون من رأسمال خاص صيني أعيد تدويره عن طريق هونغ كونغ. أهمية هونغ كونغ لنمو المشاريع غير الحكومية في الصين تكمن في كفاءة أسواقها المالية ونظامها القانوني.
[2] كانت مهمة نقل الصين من مرحلة التخطيط إلى مرحلة السوق أسهل بكثير منها في الاقتصادات الاشتراكية المتحولة الأخرى في روسيا وشرق أوروبا نظراً لاختلاف الظروف الأساسية بينها. كانت روسيا ودول أوروبا الشرقية تستخدم حوالي 90% من عمالتها في مؤسسات صناعية مملوكة للدولة بينما كانت معظم القوة العاملة في الصين (80%) تعمل في الزراعة. وكان السبيل الوحيد لروسيا وأوروبا الشرقية للوصول إلى اقتصاد السوق هو “انفجار كبير” لتفكيك المؤسسات المملوكة للدولة والذي نجم عنه خسارة مؤقتة في الإنتاج والتشغيل. نقيضاً لذلك فإن الصين، باستبدالها نظام الوحدات الجماعية الريفية بنظام المسؤولية الأسرية فقد أصبح الجميع يدير مزارع مملوكة عائلياً وبملكية خاصة ما عدا التسمية. هذا “الانفجار الكبير” الزراعي الصيني أدى إلى زيادة الإنتاج ووفر للصين فسحة من الزمن لإدخال إصلاح تجريدي على المشاريع الصناعية غير الكفؤة المملوكة للدولة.
[3] يفيد تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (2005: 3) أن الأرقام الواردة في معدل عائدات المؤسسات المملوكة للدولة والمبينة في جدول (2) أعلاه تعود لعدد قليل من الشركات: “ما يزيد على 35% من جميع الشركات المملوكة للدولة لا تدر أرباحاً وواحدة من كل ست منها خاسرة.”
[4] يفيد تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (2005: 3) بأنه “قد تم في تسعينات القرن الماضي تحويل المؤسسات المملوكة للدولة إلى تعاونيات ذات هيكلية اقتصادية قانونية رسمية وكثير منها تم إدراجها في الأسواق المالية التي تم إنشاؤها في أوائل تسعينات القرن الماضي. منذ عام 1998 تم بنجاح تطبيق سياسة إغلاق المؤسسات الصغيرة وإعادة هيكلة المؤسسات الكبيرة حيث تراجع عدد الاستثمارات الصناعية المملوكة للدولة بأكثر من النصف خلال الخمس سنوات التالية. وتم تعديل عقود العمل بحيث أصبحت أكثر مرونة مما أدى إلى خفض عدد الوظائف في القطاع الصناعي بما يزيد على 14 مليون وظيفة في الفترة المنتهية في عام 2003. وقد ساعد على إنجاح هذه العملية إطلاق برامج بطالة ودعم اجتماعي نقلت عبء تعويض العمال الفائضين عن الحاجة من المؤسسات إلى الدولة.”
[5] لاحظت نشرة خدمة أبحاث الكونغرس (2005: 10) في تقريرها للكونغرس حول الحالة الاقتصادية الصينية بأن “ما يزيد على 50% من القروض الحالية من المصارف المملوكة للدولة تخصص لمؤسسات مملوكة للدولة رغم أن من المستبعد تسديد جزء كبير من هذه القروض.”
[6] هذه الأرقام مستمدة من ماديسون (2003: 174-184) الذي حدد نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي عام 1990 بالأسعار الحقيقية بنسبة 7.5% سنوياً في الصين و6.1% في الهند خلال الفترة من 1991-2001، ومعدل استثمار بنسبة 40% للصين و23.3% للهند في عام 1999.
[7] وجد هوانغ (2003) أن رأس المال الصيني في الخارج كان وسيلة هامة ساعدت الاستثمارات غير الحكومية في التغلب على التشوهات في أسواق رأس المال الصينية. نقيضاً لذلك، فإن الاستثمارات المباشرة من الجنسيات المتعددة قد ذهبت بصورة رئيسية إلى شركات مملوكة للدولة، وكثير من رؤوس الأموال هذه أسيء تخصيصها. الجنسيات المتعددة يحتفظون بملكية التكنولوجيا كلها تقريباً، كما أنهم يشكلون المنفذ التسويقي لمعظم الصادرات الصناعية من الاستثمارات غير المملوكة للدولة التي أصبحت مراكز إعداد وتأهيل للشركات متعددة الجنسيات.
[8] تقدر هذه بحوالي 20% من قيمة الإنتاج.
[9] تقع الهند أيضاً في خطأ مماثل حيث تستخدم احتياطياتها الضخمة من العملات الأجنبية للقيام بجولة تسوق عالمية لموجودات المصادر الطبيعية الأجنبية.
[10] لاحظت الإيكونوميست (2005: 61) أنه لدى النظر إلى الوراء ومراجعة النتاج الأول للشركات الريادية المحتملة قبل عقد من الزمن فإن معظمها قد انهار. هناك على سبيل المثال “شركة دي لونغ، وهي شركة مختلطة تتعامل في الخدمات الغذائية والمالية نالت ثناءً باعتبارها شركة ذكية اشترت علامات تجارية أجنبية بأسعار زهيدة وخفضت النفقات بنقل المصانع إلى الصين—حتى جاءت السنة الماضية فانهارت وهي مثقلة بالديون.”
[11] تبلغ نسبة من يغطيهم نظام التقاعد من السكان في سن العمل حوالي 14% فقط، وقد أنشأت إصلاحات عام 1997 نظاماً ذا طبقتين يتم صرف مبلغ ثابت بموجب الطبقة الأولى منه ومبلغ نسبي بموجب الطبقة الثانية يستند إلى مساهمة العامل. يمكن لهذه الطبقة الثانية أن تصبح الأساس لإيجاد حسابات شخصية كاملة التمويل مع استثمار المساهمات في أسواق المال المحلية والعالمية. كما أن الصين قد التزمت أيضاً باستخدام جزء من عائدات بيع الاستثمارات المملوكة للدولة للمساعدة في تمويل الحسابات الفردية (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 2005: 1).
© معهد كيتو، منبر الحرية، 14 حزيران 2007.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018