فاروق حجّي مصطفى

فاروق حجّي مصطفى31 أكتوبر، 20110

يتساءل المرء منذ أن بدأت حركة الاحتجاجات في العالم العربي هل تفتح هذه الحركة الأبواب على مصراعيها أمام الانخراط الإسلامي السياسي في الحالة السياسيّة للدولة؟ مع أنه لم يكن للإسلام السياسي أي دور في انطلاقها منذ البداية حتى أنّ دعمها كان محدود اجدا في مصر خاصة....

فاروق حجّي مصطفى15 أكتوبر، 20110

لو أرادت السلطة السورية منذ بداية الانتفاضة أن تتنازل وتواكب تطلعات الناس لأمسكت بيد المعارضة الوطنية الديمقراطية التي يمكن النظر إليها كعامل الوسيط بين حركة الشارع وبين السلطة، وكان بإمكان هذه الاخيرة استغلال هذه الحالة واستثمارها لأجل الاستقرار. لكن شتان ما بين النية الصادقة وما بين سحب البساط من تحت حركة الشارع.....

أصبحت مسألة شراكة حزب "البعث" للحالة السياسيّة في المرحلة القادمة مشكوكاً فيها، كون الحزب مازال متمسكاً بالسلطة أكثر من السلطة نفسها، وهو الذي يقدم مبررات الحل الأمني، ولهذا فإن احتمال عدم خسارته للسلطة بشكل مطلق في المرحلة المقبلة وارد، مع أن هذا الحزب الذي يقاتل اليوم لكي يبقى مستمرّاً في احتكار السلطة والسياسة حتى اليوم، رغم فقدانه للكثير من جماهيره، يحتكر ساحات وميادين المدن الكبرى لنفسه. فالسلطة التي تمنع المتظاهرين بالوصول إلى الساحات تفتحها للمواليين حتى وإن تم إقفال حركة السير والمجتمع ومصالح الناس....

إن النخبة السياسيّة في السّلطة أمام استحقاقاتٍ ملحّة وهي مدعوة لإعارة الاهتمام لرسائل الشارع، مفادها أن الشارع يرفض لغة السوّط والرصاص، ويصرّ على إجراء التغيرات بدلا من اتخاذ السلطة إجراءاتٍ إسعافيّة لاحتواء وتهدئة الأجواء في المحافظات......

يجب أن يكون في بالنا أن الشّباب وهم ماكينة الحراك الشّعبي لا يمكن إيقافهم عند حدٍّ معيّن، إلّا بتحقيق فسحةٍ من الحرّيّة، ولعلّ ذلك يتمّ بفتح آفاق دولة القانون والإعلام الحرّ، تغيير سياسة قطاعات الدولة المختلفة، إطلاق الحرّيّات العامّة وتنظيم التيارات السياسية لتمارس نشاطها على أساس وطني بقانون الأحزاب، مع إتاحة المجال للعدالة السياسية لتأخذ مجراها في مفاصل الدولة.....

فاروق حجّي مصطفى15 نوفمبر، 20100

قد كان محقاً عندما وصف عضو مجلس النواب العراقي عن كتلة ” التحالف الكردستاني” محمود عثمان ما يجري في العراق بأن “الدولة أصبحت دولة كتل وليست مؤسسات”، ولعل سبب ذلك يعود إلى أن ما تشهده الساحة السياسيّة العراقيّة هو التجاوز الذي طال  الدستور في مقابل الخضوع للتوافقات  بين الكتل السياسيّة الذي لم يزد إلا من حالة  التفاقم والتأزم  بين مكوناتها. والحق بالفعل أن الكتل السياسية وتعنتها لم يقف في حدود اللعبة السياسية إنما امتد لتشويه صورة الديمقراطية المنشودة أيضاً. وهذا ما عبّر عنه جلياً السيد عادل عبد المهدي  عندما أكد أن المشكلة في تأخير تشكيل الحكومة ليست في العهود والأوراق والعقود، بل في هل ننتقل إلى العمل المؤسساتي أم نبقى في إطار تفسير الفرد؟ وإذا كانت هناك مؤسسات فهي الفخامة لمنع الديكتاتورية. وما يجري اليوم هو تكالب على الدولة للسيطرة على مقوماتها واستغلالها وتكريسها لخدمة الذات وهوما يعاكس المفاهيم الديمقراطية.
وهذه الكتل التي ما تنفك تشوه صورة الديمقراطية التوافقية والتي تُظهر على أنها لم تتناسب مع المكونات السياسية العراقية، والتي عجزت عن لمّ شمل العراقيين بانفتاح بعضها  على البعض بسهولة وبيسر. ولعل هذا مرتبط بشكل مباشر بالثقافة السياسية والمعرفية لدى نخبة المكونات للفسيفساء العراقي. لذا من البديهي أن تبدو الأمور في كل دورة انتخابية  وكأن هذه المكونات في بداية مرحلة جديدة من البناء وكأنهم للتو يستعدون للخوض في غمار  الديمقراطية، وكأن السنين التي مرت ذهبت هباءاً منثوراً ولم تفعل فعلها في النحت على الخارطة السياسية للساسة العراقيين. وهذا ما نراه ونلمسه لدى الإخوة العراقيين الذين بشروا متابعيهم و مريديهم بأن الحكومة  العراقيّة الجديدة ستتشكل في يوم كذا وكذا، وهذه البشرى طبعاً تأتت حين تتم اللقاءات بين الكتلتين الفائزتين “العراقيّة” التي يرأسها إياد علاوي، و”دولة القانون” التي يرأسها نوري المالكي، وبالمقابل نجد أن تلكؤ تشكيل الحكومة سببه الأول والأخير  المزاج السياسي للكتلتين المتمسكتين بالمصالح الآنية حتى وإن كان الأمر على  حساب مصالح الشعب العراقي الذي ما انفك يعانى من  حالة  القلق والتوتر والتشتت الذهني والمصيري.
في كل الأحوال يبدو أن للعراقيين صبر  طويل وإلا لما انتظروا طويلا على جور نظام صدام حسين حتى أتت الولايات المتحدة من آلاف الأميال لتحررهم من النير الذي هد رقابهم وتستبدله بنير يلاءم العصر وربما هذا أضعف الإيمان. و لكن هذه المرة لن يكون الصبر مفتاحا للفرج كما يقول المثل، لربما هذه المرة جلب الصبر ويلات عدة  على رؤوس العراقيين وهم يراوحون في مكانهم بانتظار فك أزمة تشكيل حكومتهم بقدرة قادر، و مع أن تشكيل هذه الحكومة مثل عدمها لأن الأطراف التي  تخسر في الظفر  بكرسي رئاسة الوزراء ستعمل عاجلا أم آجلا على إفشال  الحكومة وهي ستتصرف على الأغلب بروح انتقامية وعدائية  أكثر من وقوفها إلى  جانب الحكومة في تأسيس أو تعزيز بنية الدولة حتى تستطيع هذه الدولة  الحفاظ على سيادتها وتحمي حدودها من التجاوزات الإقليمية سواء أكانت مصدر هذه التجاوزات إيرانية أو تركية.
من الملاحظ أن النخبة السياسية العراقية  عندما وضعت قوانين الحكم ودساتيرها لم يكن لهم من الصبر ليمعنوا فيها ويدققوا في حيثياتها، فأتت هذه القوانين بشكل ارتجالي ولازمت سجالاً عقيماً  لم يفض بالنهاية إلى حالة جنينية يمكن أن تلد في المستقبل مولوداً صحيحاً غير ذو عاهة،  لذا ساد الغمز واللمز بين الكتل وبدت الأزمة أزمة قوانين مازالت نيئة ولم تستو بعد على نار التجربة  وبان ذلك جليا من خلال عجز المؤسسات الدستورية عن القول إن الكتلة الفائزة هي كتلة ” العراقية”، وبالتالي من حق هذه الكتلة تشكيل  الحكومة ومباشرة  العمل بها خصوصا وأن هذا البلد أمام استحقاق وطني كبير. وهو ما العمل بعد جلاء القوات الأمريكية؟
وماذا ستفعل الحكومة بشأن دمج القوى الشعبية وغيرها من المؤسسات ضمن هيكل  الدولة لتأخذ صفة الشرعية والوصول إلى اتفاق مديد العمر بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق حول النفط والبشمركة وتوزيع الصلاحيات؟ لا تبدو الكتل الفائزة بالانتخابات مؤمنة بشكل كبير بالديمقراطية، ولعل هذا جلي و بين من خلال جهة تشبثها بالسلطة. في  هذه الحالة يبدو أن لب الديمقراطية يفرغ من محتواها ولا يبدو  تداول السلطة سليماً.
بقي القول هو أنهم (العراقيين)  يظهرون بمظهر ديمقراطي ولا يستطيع أي طرف أن يقبل على نفسه أن يوضع في خانة المعارضة، والطرف الفائز وحده  يشكل الحكومة،  والواضح منذ الآن  أن لا ديمقراطية توافقية مناسبة في ظل الأميّة الثقافيّة بمفاهيم الديمقراطيّة.  ويبدو الكل غير  مهتم بمستقبل الشعب الذي تحدى الموت وذهب إلى صناديق الانتخابات متمنياً من وراء ذلك جلب الاستقرار والأمن وإعادة روح الدولة لا أن يساهم في إبراز وتضخيم  الصورة  الهشة الحقيقية للنخبة السياسية كما نراها اليوم.
‎© منبر الحرية،6 نونبر/تشرين الثاني 2010

فاروق حجّي مصطفى15 نوفمبر، 20100

ما ميّز الانتخابات النيابية العراقية هذه المرة هو أنها حاولت أن تعطي صورة نموذجية ليس في المضمون إنما في الشكل. على الأقل هكذا أرادت النخبة السياسية العراقية أن تظهرها لمتابع المشهد السياسي العراقي، وحاولت هذه النخبة أن تظهر أنها تجاوزت النمط الطائفي والفئوي الذي يرد لبول بريمر الحاكم الأمريكي السابق في العراق بأنه مؤسسها لدرجة انه صار شماعة تعلق النخبة السياسية في العراق أخطائها عليه وهي لا تعترف أصلا بأن أساس نشأة المكونات السياسية العراقية مبنية بالأصل على العصبوية والفئوية، فالأكراد لهم أحزابهم الخاصة بهم والشيعة كذلك الأمر، وإبان الحكم السابق كانت هذه الأطراف تلجأ، كلما دب خلاف فيما بينهم، إلى الجهة المتقاطعة مع طروحاته، فالشيعة لجؤوا إلى إيران ومارسوا حياتهم السياسية والدينية في إطار المؤسسات الإيرانية، والأكراد كانت وجهتهم الغرب أو سورية، وحده كان الحزب الشيوعي العراقي العتيق على مسافة واحدة من كل الأطراف، ومع مرور الزمن أراد الكل أن يضمحل هذا الحزب وان يمحى من الخارطة السياسية لعراق ما بعد صدام حسين، لكن ما زال هذا الحزب صامدا في وجه الفئوية، وبقي يناضل حتى الآن، وكمثال على انزياح هذا الحزب في زاوية محاصرة هو ما رأيناه  في الانتخابات النيابية الأخيرة  إذ لم نر أي طرف كبير تحالف معه لكي يبقى على رأس القائمة.
وقد تكررت هذه الحالة من المحاصرة مع “حركة التغيير الكردستاني” التي تأسست منذ فترة ليست ببعيدة ( ما قبل الانتخابات البرلمانية الكردية) إذ هوجمت هذه الحركة مع مرشحيها طيلة فترة الانتخابات وما قبلها والكل كان ينظر إليها بارتياب على أنها طرف يعمل خارج السرب وان تصرفاتها ستكون سببا لتشرذم الحالة الكردية. وبالرغم من ذلك استطاعت هذه الحركة تحقيق مكاسب لا بأس بها، إذ أن عدد المقاعد التي حصلت عليها مقبولة مقارنة مع وجودها على الساحة.
إذا، المسألة السياسية في العراق لا تنحصر بحجم ما يوضع من قوانين إنما أساس المسألة تكمن في أن التفاف الشارع العراقي ميال نحو الطائفية والفئوية، وهكذا يراد له، ولعل ما شاهدناه من نتائج للانتخابات يثبت كم أن للطائفية والعرقية والفئوية من تأثير وفعالية في سير اتجاه الناخب العراقي . فنوري المالكي، رئيس الحكومة تقدم في الشارع الشيعي ومن بعده يأتي المجلس الأعلى الإسلامي وإبراهيم الجعفري، والتحالف الكردستاني تقدم في الشارع الكردي ولم يتقدم مثلا في أي مدينة ذات تنوع قومي ومذهبي، وإياد علاوي بحكم برنامجه و تحالفه مع السنة تقدم في الشارع السني وفي بعض المناطق الشيعية و لو أردنا أن نحسب هذه الأمور فقط في بغداد العاصمة وقارناها بخارطة العراق السياسي فنرى أن الشيعة تزاحم العلمانيين وغيرهم لذا نرى أن المالكي قاتل لكي يكون في المرتبة الأولى في بغداد كون الشيعة أغلبية فيها.
وفي أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق نرى تقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني على بقية الأحزاب في التحالف الكردستاني لماذا؟ لأن جماعة الديمقراطي الكردستاني هم أكثر من أي طرف كردي يعزف على وتر قومي، وهو الوريث الشرعي لأغلب الثورات القومية الكردية هذا فضلا عن أن الاستحواذ على منصب رئاسة إقليم كردستان صار اقرب إليهم من وجهة نظرهم، لذا نرى أن غالبية المكونات السياسية صارت متمسكة بلبننة العراق وصار امرأ اعتياديا موضوع المحاصصة الطائفية. وطرح السنة (غالبيتهم)وفور انتهاء الانتخابات على لسان نائب رئيس العراق طارق الهاشمي بأن” العراق بلد عربي ينبغي أن يكون رئيسه عربي” ورد الأكراد “عظمنا ليس هشاً ليكسره الآخرون”.وصارت المناسبة ليكشف المستور وليبرهن على أن العراق ما زال يترنح تحت وطأة صياغات وسياقات الطائفية وان التحالفات وتلون القوائم لا يعني بالضرورة بان زمن الطائفية قد ولى. والحق أن إصرار الكردي على منصب الرئاسة دفع بالمراقب أن يكتشف حجم الشوفينية في بواطن المكونات العراقية، وان العصبوية والفئوية والطائفية مازال ملاذا لغالبية القوى السياسية الخائفة من المستقبل. بيد أن الهاجس الوحيد لدى القوى والأطراف السياسية في العراق هو أن تخسر مستقبلها لذلك نراها تلوذ بالعصبيات (الطائفية أو العرقية أو الفئوية). لذا فان ظاهرة الانزلاق نحو ابن الملة (وسنصرّ قولها بأنها ) من مخلفات بريمر. والمفارقة أن بريمر رحل عن العراق منذ فترة طويلة لكن لا يريد العراقيون الخروج من مأزقه (بريمر). بدا أن العراقيون لا يريدون الخروج لو أرادو لكان خرجوا فور خروج بريمر من العراق على الأقل كانوا توحدوا وأنتجوا نوعا من المصالحات وأعادوا العراقيين المنفيين (العراقيين الذين يعيشون في الخارج يصلح تعداده لبناء دولة بحد ذاتها)، إنما هم يصممون على عزف نفس اللحن الذي وضعه مايسترو العراق نفسه دون غيره. تحت هذه القبة يحاول كل طرف أن يعزز ثقله وقوته ولولاه ربما لم نرَ أيا من هؤلاء المايستروات على خشبة المسرح السياسي العراقي. إذاً المعضلة مرتبطة بشكل وثيق بالذهنية العراقية.
ولا يبدو أن الأمل قريب في تجاوز الحرفية المتبعة تجاه مشروع الدولة الوطنية المنفتحة على جميع مكوناتها المجتمعية. فما زال العقل المهيمن هو عقل عصبوي همه الرئيس استغلال مكونه ليعبر عليه جسرا ليصل بكل طرف سياسي أو شخص سياسي إلى مناله دون الأخذ في عين الاعتبار أن هذا يتم على حساب بناء الدولة الوطنية الحقة في بلاد الرافدين والذي لم ينم يوما على فراش من حرير، والسؤال، هل حقاً صار العراقيين على سكة الدولة الوطنية والتي تأخذ العلمانية روحا والانفتاح على الجميع سلوكاً؟ أم أن الطائفية هي العنوان الخفي لمجمل تفاصيل اللعبة السياسية في العراق؟
© منبر الحرية، 18 أبريل /نيسان 2010

منبر الحرية3 نوفمبر، 2010

كاتب سياسي، وصحافي كردي سوري درس العلوم السياسية والإدارية.
كتب(ويكتب) في الصحف اللبنانية والخليجية ككاتب وصحافي حر منذ 1999
عمل مراسلا للعديد من الصحف ك “الوسط البحرانية” و”المستقبل” اللبنانية”وصحيفة “الكفاح العربي “في حلب، له عدة مشاركات في الحوارات التلفزيونية.
له دراسات وأبحاث عدة عن الديمقراطيات والحريات وثقافة المجتمع المدني نشر بعضها في المجلات والبعض الآخر يتحضر لإنجاز كتاب عن هذا الصدد .
شارك في الدورات الصحفية التي أقامها كل من معهد غوته بدمشق ،وكذلك الدورة الذي أقامها معهد صحافة الحرب والسلم في دمشق، وورشة عمل التي أقامتها مؤسسة “أريج” في حلب.
يقيم الآن في بلده سوريا.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018