ياسر قطيشات

peshwazarabic21 نوفمبر، 20100

من المغرب غرباً إلى الخليج العربي والعراق شرقاً، ومن سوريا شمالاً وحتى السودان جنوباً، تكاد تتماثل الرؤية العربية تجاه قضيتين خطيرتين الأولى النظرة الدونية للمرأة، والثانية العداء المشترك للديمقراطية والتعددية السياسية، فهما يمثلان اختراق للخصوصية الثقافية للشعوب العربية، ودليل على انتهاك السيادة الوطنية لنظم الحكم القاهرة وشعوبها المقهورة في آن واحد.
وعلى ذلك لا يكون مستغرباً أن تبدو المنطقة العربية خارج إطار الزمن في خصوص هاتين القضيتين اللتان تشهدان تطورات بطيئة وغير محسوسة في المنطقة في بعض الأحيان، وتراجعات سريعة مذهلة في أحيان أخرى.
ولا يمكن فهم مشكلات المرأة العربية بغير فهم السياق الذي تجري فيه محاولات تطويرها، كما لا يمكن اختزال تلك المشكلات في نصوص القوانين فقط، فبقطع النظر عن أن نصوصاً هنا ونصوصاً هناك تعيق تطور قضايا تمكين النساء، فإن الثابت هو أن المنظومة القانونية العربية بشكل عام تتطور ربما بأسرع مما تتطور به الأوضاع الاجتماعية والثقافية والتي هي في حقيقة الأمر أصل الداء ومكمن البلاء.
وحاز موضوع الدور الإعلامي للمرآة العربية من حيث التمثيل والتمكين في وسائل الإعلام في إطار قضايا التحرر والديمقراطية، حيزا كبيرا في الشأن العربي منذ عقود خلت، وإذا ما كانت الظروف التي مرّت بها المنطقة العربية، قد أجّلت وخفّضت من حجم الاهتمام الحكومي والشعبي في إمكانية زيادة هذا الدور، فان ظروف تغير هيكلية النظام الدولي والإقليمي وجملة المتغيرات العالمية بما رافقها بالدرجة الأولى تصدير النموذج الأمريكي للحرية والديمقراطية وتغيير خريطة الشرق الأوسط ونشر العدالة العالمية من منظور غربي وحسب، وتكرير الدعوة للقضاء على التمييز العنصري على أساس الجنس، والدعوة لتنصيب المرأة أعلى المناصب السياسية والإدارية والقيادية في البلاد العربية، خاصة بعد أحداث 11 أيلول وما تلاها من نتائج إقليمية ودولية، فان جملة تلك المتغيرات دفعت العديد من الدول العربية لتغير نظرتها للمرآة العربية التي بدأت تخرج من دورها الجندري في المجتمع كعضو قاصر إلى عضو فاعلٍ يساهم في بناء الحياة الاجتماعية والسياسية وتشكيل أطر جديدة للتنمية المستدامة على أساس الحق الكامل للمرأة العربية في مقاسمة الرجل لشؤون الحياة العامة، كما هو الحال في القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم أن هذا التحول التدريجي لدور المرأة في وسائل الإعلام من حيث التمثيل والمشاركة في صناعة الصورة الإعلامية المناسبة منها وعنها، لم يأخذ صورته النهائية والمقبولة في كافة الأقطار العربية، نتيجة تركيبة بعض المجتمعات التي ما زالت تعمل بالنظام القبلي والعشائري، فإن مكمن الخوف الحقيقي لدور ومشاركة المرأة في السياسة الإعلامية يتجلى في جملة المنظومة الاجتماعية والدينية والتاريخية للأمة العربية وشعوبها، حيث ورغم ما أحرزته المرأة من تقدم ملحوظ خلال السنوات الماضية على مستوى العمل الإعلامي وتمثيل قضايا المرأة في مختلف وسائل الإعلام، إلا أن هناك تيارات اجتماعية ذات ارتباطات قبلية وعشائرية، فضلا عن النظرة التقليدية لبعض النساء، ما زالت ترفض أو غير متقبلة لمبدأ حرية المرأة في تولي المناصب الإعلامية والحرية بالتعبير عن قضاياها من واقعها القائم، كما هو الحال بالقبول بعملها في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية الأخرى.
يضاف إلى ما سبق تحديات أصولية ثقافية واجتماعية أخرى تتعلق بالدور الجندري التقليدي للمرأة، وتحديات سياسية واقتصادية وقانونية تمس في جزء كبير منها الإطار القانوني لتكريس عمل المرأة الإعلامي، فعلى مستوى البعد الثقافي الأصولي يعتبر الصعود السريع للتيارات الأصولية في العالم العربي –والأردن جزء منها- واحدا من أشد المعوقات لتطوير ليس فقط أوضاع النساء الأردنيات والعربيات بل تطوير النظام السياسي العربي ككل.
أما المعوقات السياسية فتبدو في التحديات السياسية والممثلة في تدني المشاركة السياسية في العالم العربي وسيادة النظم التسلطية، ولا يستطيع أحد حتى الآن أن يحدد هل تدني نسبة المشاركة السياسية بشكل عام في المجتمعات العربية هو الذي يؤدي إلي سيادة النظم التسلطية أم أن وجود تلك النظم وسيطرتها على مقدرات الحياة داخل الوطن العربي هو الذي يؤدي إلي ضعف المشاركة السياسية ؟ ولكن ما يمكن قوله في هذا الصدد هو أن سيادة النظم التسلطية وغياب المشاركة النسائية في صنع القرار هما من المشكلات الحقيقة التي تعيق تمكين النساء من قضاياها وتهميش دورها الإعلامي.
ولا يمكن أن يكون الحديث عن علاقة الإعلام بموضوع المرأة مجرد حديث عن تقنية التواصل وارتباطها بمسألة إدماج النوع الاجتماعي في التنمية، بقدر ما هو مسألة شائكة تتعلق بمنظور فكري وسياسي تحمله وسائل الإعلام وتروجه داخل المجتمع انطلاقا من خلفيات ثقافية وتصور للنظام الاجتماعي.
وتبرز –في ظل هذه الحقيقة- الإشكالية الخاصة بموقف الإعلام من قضية تحرير المرأة أو آلية تعاطي الإعلام مع قضايا المرأة وكيفية تصويرها من خلال واقعها القائم، وهل يقوم بدور إيجابي في دفع قضايا المرأة إلى الأمام أم يكتفي برصد واقعها الراهن بسلبياته وإيجابياته أم يسعى –متعمداً- إلى تكريس أدوارها التقليدية متجاهلاً إنجازات بعض النساء في مجالات التعليم والعمل والإبداع الفكري والفني.
ورغم تباين مكانة المرأة في المجتمعات العربية من بلد عربي لآخر، فإن معظم الأفكار السائدة عن المرأة سواء في عقلية الرجال أو وسائل الإعلام المختلفة، تتناقض تماماً مع الموقف المعلن لغالبية الدول العربية، فتجد بعضها يعلن انحيازه المطلق لكافة حقوق المرأة ثم تُفاجأ  بسلوكيات من شأنها ترسيخ مفاهيم التبعية وتثبيت صورة المرأة بوصفها كائنا ضعيفا يشغل الترتيب الثاني في سلم المجتمع، و تتباين بدورها مواقف مؤسسات الإعلام العربية في النظرة للمرأة، فهناك من ترى ظهور المرأة في وسائل الإعلام متعارضاً مع تقاليدها وربما مع التعاليم الإسلامية، غير أن الدول التي تملأ الدنيا طنيناً بالحديث عن حقوق المرأة تتورط هي الأخرى في ترسيخ مفاهيم تنال من الحقوق الأساسية للمرأة العربية.
© منبر الحرية، 29 مارس 2009

peshwazarabic19 نوفمبر، 20100

تعددت تعاريف مفهوم الحرية الدينية من مجتمع لآخر ومن ديانة لأخرى ، على أن التعريف الذي يرتضيه الكاتب لمنهجية مقالته هو أن الحرية الدينية تمثل ” الشعور بالحرية في اعتناق المعتقدات والأديان دون جبر أو إكراه” ، انطلاقاً من تفسير دلالة كلمتي “الحرية والدين” من جهة ، ومن جهة أخرى من النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل أبداً والذي حدد أهمية هذه الحرية منذ البداية بقول الله تعالى في سورة البقرة :”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” .
ولأنه لا يوجد مقياس عملي لتحديد شكل وواقع الحرية الدينية في العالمين العربي والإٍسلامي سوى التقارير الدولية “المؤدلجة” في أغلبها ، فان تلك التقارير ليس بالضرورة أن تعكس صورة وواقع الحرية الدينية في المجتمعات العربية والإسلامية كما هي بالفعل ، وإنما على الأرجح تعطي إشارات محددة لواقع تلك الحرية الدينية ، لا سيما أنه لا يجوز بأي شكل القبول دوما بتعميم نموذج واحد من نماذج الحرية الدينية الواردة في التقارير الأمريكية السنوية على جميع بلاد العالم . فهذا ضرب من ضروب العولمة السياسية المرفوضة .
والدراسات التي أنجزتها اللجنة الأمريكية لحرية الأديان الدولية المستقلة التي أسسها الكونغرس الأمريكي عام 1998 لرفد الحكومة الأمريكية بالمشورة حول أفضل السبل لتحسين حق حرية الفكر والدين وأوضاع الحرية الدينية في البلدان العربية والإسلامية، تشير في كل تقرير سنوي إلى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان وحرية الدين في بلدان إسلامية وعربية معينة وتحسن لتلك الحرية في بلدان أخرى ، وهو ما يتناقض مع الوثائق الدولية التي تنص على ضرورة حماية هذا الحق في الحرية الدينية والابتعاد عن سياسة التمييز والاضطهاد الديني .
وبينت إحدى دراسات هذه اللجنة والمتعلقة بالفصل بين الدين والدولة والحريات الدينية ، أن  عدد الدول التي يسود فيها الإسلام هي 44 دولة وبعضها من الدول العلمانية التي لا تسمح للدين التدخل بشؤون الدولة ولا بالسياسة والبعض الأخر لم يفصح عن إن الإسلام دين الدولة الرسمي ، بينما تتبنى 15 دولة منها القانون الإسلامي كمصدر للتشريع .
ومن المفارقات أن يكون أكثر من نصف المسلمين في العالم يعيشون في بلدان غير إسلامية يتمتعون بحق الحرية الدينية، بينما لا يتمتع بمثل هذه الحرية أتباع الديانات الأخرى من غير المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية .
وبعض النصوص الدستورية في الدول العربية والإسلامية لم تذكر صراحة حرية الدين والمعتقد والمذاهب كما أشارت إلى ذلك المؤسسات الدولية ، رغم اعتراف بعض تلك النصوص بان بلدانها متعددة القوميات والأديان والمذاهب .
وفي التقرير الجديد الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية مطلع عام 2009م عن حالة حقوق الإنسان والحريات الدينية في العالم للعام 2008م، لاحظ التقرير وجود ثلاثة محاور رئيسية لممارسات حقوق الإنسان وحرية الأديان في العالمين العربي والإسلامي في العام 2008م، وهي:
1. تزايد الاهتمام بـ”الطلب العالمي” على قدرٍ أكبر من الحريات الفردية والسياسية.
2. وجود جهود حكومية أكبر من سابقتها في العام 2008م لدفع هذه الحريات إلى الخلف.
3. التأكيد على “حقيقة تاريخية أمريكية”، وهي أنَّ حقوق الإنسان والدين “تزدهر على أفضل وجه” في الديمقراطيات التي تشارك في عملها منظمات المجتمعات المدني.
وركَّز التقرير في تقييمه السلبي على أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي أو ما تسمى منطقة “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”؛ حيث أكد التقرير أنه لا يزال هناك تحديات جدية مستمرة لترويج الحريات في هذه المنطقة، خاصة الحريات السياسية والدينية ، إلا أنه أشار إلى وجود بعض التقدم في بعض الدول كما في العراق ومصر.
وانتقد التقرير بعض الدول العربية والإسلامية ، خاصة مصر وقطر والسودان وسوريا وإيران وباكستان وموريتانيا وتونس وأوزباكستان ، لوجود المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان في التعبير عن رأيه ، والاستمرار في اعتقال الناشطين الحقوقيين والسياسيين، وكذلك الصحفيين بسبب أفكارهم. وجود قيود على الحريات الدينية؛ في إشارة إلى الأقباط والمسيحيين في مصر والسودان.
كما سلط التقرير الضوء على قيام السلطات الإيرانية باعتقال سبعة من زعماء المذهب البهائي في البلاد، كما ركَّز على إنكار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وجودَ الكيان الصهيوني، وكأن هذا لوناً من ألوان انتهاك الحرية الدينية !!
فيما أشار تقرير وزارة الخارجية الخاص بالحرية الدينية والصادر عام 2003م إلى حدوث تحسن بالنسبة لاحترام الحكومات للحرية الدينية في كل من مصر، وقطر والإمارات العربية المتحدة، ونوه بالإجراءات الأولية التي اتخذتها السلطات السعودية لتشجيع تسامح ديني أعظم في المملكة العربية السعودية.
وفي حالة مصر، التي تصنف بين الدول التي “تهمل مشكلة التمييز ضد الأقلية أو الديانات غير المعتمدة”، فقد أشار التقرير إلى أن هناك احتراما وتسامحا عظيمين  لأقلية مصر القبطية المسيحية.
وقد وجد تقرير عام 2003 تحسنا في احترام الحرية الدينية في قطر أيضا مشيرا إلى أن دولة قطر تبنت دستورا من شأنه توفير حرية العبادة بشكل واضح الأمر الذي  منح عددا من الكنائس الوضع القانوني. وقد أقامت قطر علاقات ديبلوماسية مع الفاتيكان وشاركت في حوار التفاهم الإسلامي المسيحي.
إلا أن التقرير أشار إلى أن الحكومة تضع قيودا قانونية على الدعوة والتبشير وأيضا على نشر واستيراد النصوص الدينية غير الإسلامية. وعلق التقرير أنه لا يوجد موظفون كبار في مناصب حساسة في الأمن القومي من الشيعة بالرغم من وجود أقلية شيعة كبيرة تقدر بين 7 إلى 12 في المئة من عدد السكان.
ولم يجد التقرير تغييرا بالنسبة لوضع الحرية الدينية في المملكة العربية السعودية والتي تصنف على إنها من الدول المعادية للأقليات أو للأديان غير المعتمدة، لكنه نوه بأن الحكومة “بدأت حملة محدودة لتشجيع الاعتدال والتسامح حيال التنوع الديني.”
ومع ذلك، فقد استشهد التقرير “بحالات متكررة استخدم فيها خطباء المساجد الذين تدفع الحكومة مرتباتهم لغة معادية لليهود والمسيحيين في خطبهم بشكل عنيف.”

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

لم يكن ظهور مفهوم “الضربة الاستباقية” أو “الحرب الوقائية” ومرادفاتها العديدة في السياسة الدولية حديثاً ، بل يرجعه البعض الى ما قبل منتصف القرن الماضي ، حيث يعتقد أصحاب هذا التوجه أن الهجوم الياباني على ميناء “بريل هاربر” الأمريكي عام 1941م يدخل في نطاق الضربة الاستباقية التي سعت من خلالها اليابان لتحجيم القوة الأمريكية وضربها في عصب الحياة الاقتصادية التي كانت تنتعش من خلال هذا الميناء الحيوي ، ويرى آخرون أن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م كان بمثابة حرب استباقية أو ضربة وقائية لصالح فرنسا وبريطانيا التي رأت في تأميم قناة السويس من جانب مصر زمن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر ، بمثابة تهديد مباشر لأمنهما ومصالحهما ويستوجب ضربة استباقية لاعادة الأمور لنصابها دون سابق إنذار لذلك ، فيما زعمت إسرائيل أنه ضربة استباقية لمنع مصر من استيعاب صفقة الأسلحة التشيكية التي عقدتها عام 1954م حتى لا تشكل تهديداً ضدها.
و”الضربة الاستباقية” أو الوقائية ، كما يحلو للبعض تسميتها ، والتي بدأت الكتابات الأكاديمية الغربية والعربية تروج لها كنسق جديد في العلاقات الدولية أو كنظرية ذات مواصفات معينة ولها رواد ومفكرين ، اتخذت اليوم صفة “مبدأ بوش” أو “سياسة المحافظين الجدد” في العلاقات الدولية .
ويشبه بعض المراقبين الطريقة التي وصل بها “المحافظون الجدد” إلى السلطة في واشنطن ، بما كان عليه الحال عندما أمسك “الحزب النازي” بزمام الحكم في ألمانيا عام 1936 ، فلم تكن القوى السياسية في ألمانيا وأوربا على دراية كافية بالأجندة الخفية للنازيين، ومساعيهم لإثارة نزاعات إقليمية ودولية انتهت باندلاع الحرب العالمية الثانية.
لقد أظهر فريق بوش قدرة ملحوظة على مباغتة الرأي العام الدولي بأجندته السياسية، مستفيدا من حالة الارتباك التي صاحبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ومهيئا الأجواء داخل الولايات المتحدة وخارجها لتقبل مبدأ “الحرب الاستباقية الوقائية”، وهو ما مكنه من استقطاب تأييد دولي واسع النطاق في الحرب على أفغانستان والعراق ، وساعيا لتوظيف هذا التأييد في الحروب التالية على دول “محور الشر” (إيران وكوريا) ، ومن ثم إطلاق جملة مبادرات سياسية وأمنية ترمي إلى إحداث تغيير واسع المدى في عدة أقاليم ، في مقدمتها الشرق الأوسط.
ويعرف أهل السياسة الضربة “الاسبتاقية أو الوقائية” بأنها “التحول من الرد على هجوم فعلي الى المبادرة بالهجوم لمنع هجوم محتمل ، خاصة إذا تمكنت أجهزة الدولة من اكتشاف نوايا مبكرة بالهجوم لدى الخصم بغض النظر عن مظاهر هذه النوايا”، بمعنى أن الاعتماد في الضربات الاستباقية أو الوقائية يكون على نوايا الطرف الآخر أو لمجرد كونه عدو محتمل أو قائم للدولة الأولى التي بادرت بهذه الضربة ، وسواء قام الخصم بإظهار هذه النوايا من خلال تحرك عسكري أو تصعيد سياسي أو لم يظهر .
وان كان يتفق دارسو العلوم العسكرية والمختصين في التخطيط الاستراتيجي للعمليات الحربية مع المفهوم السابق على انه يخص الضربات الوقائية ، إلا أنهم يميزون بين هذا المفهوم السياسي والعسكري في آن واحد وبين الضربات الاستباقية ، إذ يعتبرون أن الضربات الاستباقية مفهوم عسكري – استراتيجي وليس سياسي ويخضع لقيادة الجيش وآليات إدارتها للحرب بعد نشوبها أو قبل نشوبها بفترة قصيرة ، وملخص وجهة نظرهم أن الضربات الوقائية توجه مبكراً عند اكتشاف نوايا بالهجوم لدى الخصم بغض النظر عن نشر وسائل هجومه أم لا ، بينما الضربات الاستباقية فإنها توجه ضد قوات الخصم التي تم نشرها فعلاً في أوضاع هجومية مختلفة استعداداً لهجوم حقيقي، ويبدو أن الفرق عملياً مركز في التخطيط لإدارة الحرب بعد توافر النوايا لخوضها لدى أحد الطرفين ، ما يعني أن لا خلاف جوهري بين المصطلحين السياسي والعسكري من الناحية النظرية ، باعتبار أن عنصر القيام بالفعل متوفر في كلا الحالتين.
ويطرح مختصو العلوم العسكرية أمثلة تميزّ بين الضربتين ، إذ يعتبر الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الأمريكي عام 1941م بمثابة ضربة استباقية ، حيث وجهت اليابان للولايات المتحدة ضربة تستبق فيها أي هجوم أمريكي عليها ، بينما تعتبر إسرائيل أن حربها ضد مصر في العدوان الثلاثي عام 1956م كان ضربة وقائية لمنع مصر من إتمام صفقة الأسلحة التشيكية ، وكذلك ضرب المفاعل النووي العراقي (أوزيراك) عام 1981م كان ضربة وقائية للحيلولة دون تطوير القدرات النووية العراقية ، وذات الشي يطبقه خبراء العلوم العسكرية على حرب إسرائيل على الدول العربية عام 1967م ، وكذلك على حرب رمضان 1973م من جانب مصر وسوريا ضد إسرائيل ، ويلاحظ في الأمثلة المطروحة على الضربة الوقائية أن جميعها كانت تعتمد على نوايا محتملة لهجوم طرف على الأخر ، فيحاول وقاية نفسه بنقل الحرب الى الطرف الأخر بصورة استباقية .
مما يعني أن ثمة تداخل بين الضربتين على الصعيد العسكري نوعاً ما ، فإذا كانت الضربة الوقائية تعتمد على النوايا المحتملة لدى الخصم ، فان الضربة الاستباقية تأتي في مرحلة متقدمة –حسب العلوم العسكرية- لتوجية ضربة سريعة ومباغته لقوات الخصم قبل المبادرة في بدء الحرب .
وحول مفهوم الإدارة الأمريكية للضربة الاستباقية أو الوقائية –رغم الاختلاف البسيط بينهما من الناحية العسكرية والتكتيكية وحسب- قال الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه للشعب الأمريكي بعد عشرة أيام على أحداث 11 سبتمبر 2001م “علينا أن ننقل المعركة الى العدو وأن نزعزع خططه، علينا أن نواجه أسوأ التهديدات قبل أن تظهر ، إن الطريق الوحيد الذي يضمن لنا السلامة في هذا العالم الذي أقحمنا فيه هو طريق الفعل” ، وأضاف بوش “على الولايات المتحدة أن تكشف خلايا الإرهاب في ستين دولة أو أكثر” ، وهو ما يعني أن بوش قد أعلن –من طرف واحد- انتهاج سياسة “الضربة الأولى الاستباقية” ضد الإرهاب والإرهابيين والدول التي تأويهم في المكان والزمان الذي تختارهما الولايات المتحدة سواء كانت هناك نوايا إرهابية فعلا أو مجرد توجس ومخاوف قد لا يكون لها أساس من الصحة ، وهو ما يفسر قول بوش “لو أننا انتظرنا التهديدات التي نشعر بها الى أن ننفذ فسوف ننتظر طويلاً”.
وعاد الرئيس بوش ليؤكد على نظرية أو سياسة الضربة الاستباقية أو الوقائية في خطاب له أمام الحزب الجمهوري بتاريخ 15 حزيران 2002م ، حيث أوضح أن عنصري الردع والاحتواء اللذين قادا سياسة أمريكا الخارجية منذ طرحها في إطار مبدأ ترومان عام 1947م ، لم يعودا كافيين ، وبعد يومين من هذا الخطاب ، شرحت مستشارة الأمن القومي السابقة ووزيرة الخارجية حالياً كونداليزا رايس مبدأ بوش الاستباقي أو الوقائي بقولها “إنه يعني منع أعمال تدميرية معينة ضدك ، ومن خصم لك وان هناك أوقاتا لا تستطيع فيها الانتظار حتى يقع عليك الهجوم ، ثم ترد ..” ، ومن الواضح أن الضربات الاستباقية بهذا المفهوم وعلى هذه الصورة ، تقوم على دلائل غير مؤكدة وليس رداً على هجوم فعلي ، لذلك فهو سلوك هجومي في أساسه بينما مبدأ ترومان للردع والاحتواء يبقى دفاعي في مفهومه .
والسؤال المطروح هو ما إذا كانت الأعمال الاستباقية تميز هذه السياسة الجديدة عن غيرها؟
إذ تعرف وزارة الدفاع الأمريكية العمل الاستباقي بأنه “هجوم يتسم بأخذ المبادرة بناء على أدلة دامغة بأن هجوم العدو وشيك” ، وعلى النقيض من ذلك ، فإن الحرب الوقائية هي “حرب تُشن بناء على اعتقاد بحتمية حدوث نزاع عسكري رغم أنه غير وشيك ويستلزم تأخيره قدراً كبيراً من المخاطرة”.
ويبرر جراهام أليسون المحاضر في جامعة هارفارد الحرب الاستباقية بقوله ” قد أدخل معك في يوم ما في حرب ، وفي الوقت الراهن أتمتع بالقوة في حين تفتقر إليها ، لذا فإنني سوف أشن الحرب حالياً”.
ويشير أليسون إلى أن هذا المنطق نفسه هو الذي دفع باليابانيين إلى شن هجومهم على (بيرل هاربر)، بل إن بعض اليابانيين يعتقدون أن الخطأ الفادح الذي ارتكبوه هو أنهم تأخروا أكثر من اللازم.
وهناك فرق جوهري بين الهجوم الاستباقي والحرب الوقائية ، فكما تم الإشارة آنفاً ، “فإن الهجوم الاستباقي يكون مبرراً إذا كان التهديد وشيكاً وساحقاً ، ولا يترك مجالاً لاختيار الوسائل أو متسعاً من الوقت للتخطيط”. وفي الحرب الوقائية لا يكون التهديد مؤكداً أو وشيكاً، وهذا ما يجعل الإدارة الأمريكية تصرّ على أن استراتيجيتها استباقية رغم أن بعض المسؤولين الأمريكيين يستخدمون المصطلحين معاً.
ولهذا يرى البعض أن حرب الولايات المتحدة على العراق أو العدوان الأمريكي – البريطاني على العراق في آذار 2003م يندرج تحت ما يسمى بالحرب أو الضربة الاستباقية والوقائية ، بينما تعتبر حرب الخليج الثانية عام 1991م حربا دفاعية عن سيادة الكويت واستقلالها وبموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة العسكرية للدفاع عن دولة أو دول من تهديد واقع عليها ، وكان أمام العراق فرصة استخدام الضربة الوقائية الاستباقية لضرب قوات التحالف وهي في طريقها للتجمع أو التكّيف مع ساحة الحرب قبل بدايتها في كانون الثاني عام 1991م ، خاصة أن عملية نشر وتجميع هذه القوات في منطقة الخليج أخذت فترة ستة شهور كاملة ، فيما كان العراق يحتل الكويت وينشر قواته على مختلف الجبهات وكانت قواته الجوية في أهب الاستعداد لانتظار الأوامر بالقصف الجوي منذ أول لحظة لوصول القوات الأمريكية والغربية الى ساحة المعركة ، وهو ما أثار استغراب خبراء الحروب من منهجية وعقلية صانع القرار العراقي آنذاك .
وكشفت الفترة من سبتمبر 2001م الى ابريل 2003م عن صعوبة تطبيق الهند استراتيجية الضربة الوقائية ضد باكستان ، فقد حاولت الهند خلال تلك الفترة وتحت تأثير تجربة أحداث سبتمبر وسيناريو الرد الأمريكي على تلك الأحداث من ناحية ، ثم صدور وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي عام 2002م من ناحية أخرى ، والتي تبنت مفهوما مرنا لمفهوم وشروط الضربة الاستباقية،عند تطبيق هذا المفهوم ضد باكستان.
بل رأت الهند في باكستان حالة مثالية لتوفر شروط الضربة الاستباقية على النحو الذي طورته التجربة الأمريكية ، والذي ركز على التنظيمات الإرهابية وما أطلق عليه الدول المارقة ذات النظم غير الديمقراطية ، والتي تسعى إلى تطوير أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب ، وقد ذهب وزير الشئون الخارجية الهندية ياشوانت سنها في الأسبوع الأول من أبريل 2003م الى القول بأن الهند يتوفر لديها حالة جيدة لتوجيه ضربة استباقية ضد باكستان، معتبرا أنه إذا كان غياب الديمقراطية وامتلاك أسلحة دمار شامل، وتصدير الإرهاب هي شروط الضربة الاستباقية، فإن باكستان تمثل الحالة الأولى بالعمل الاستباقي ، غير أن التجربة العملية كشفت بوضوح عن تعقيدات تطبيق تلك الاستراتيجية آنذاك ، رغم أن هذا مؤشر خطير لمحاولات الدول الأخرى لتبني هذه النظرية والاستراتيجية في سياساتها الخارجية .
ومنذ نهاية الحرب الباردة وأحداث الحادي عشر من سبتمبر دفع العديد من السياسيين والمحللين السياسيين داخل الإدارة الأمريكية وخارجها إلى بناء وتنمية مفهوم الضربة الاستباقية من أجل استثمار هذه القوة الأمريكية الهائلة والضاربة لأهداف وأغراض سياسية تصب بمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ، ورغم خطورة هذا المنهج السياسي – العسكري، إلا أنها غير قادرة على تعميمه على العديد من المناطق في العالم خصوصاً أن مفهوم الضربة الاستباقية يتطلب شروطا رئيسية ، أهمها : ضعف الطرف المقابل، وإمكانية تطبيق الضربة الاستباقية تجاه الدول والمناطق التي تعاني من الاختراق السياسي والاقتصادي الخارجي ، وكذلك ضرورة توافر تواجد عسكري ضخم في المناطق التي سوف ينفذ فيها الضربة الاستباقية من أجل احتواء ردود الفعل المحتملة بعد الضربة .
إن نظرية الضربة الاستباقية تُشجع على إساءة استخدام القوة ، وترسّخ سابقة خطيرة يحذو حذوها الآخرون ، لأن هذه الإستراتيجية لا تضع معياراً محدداً للحكم على التهديد الذي يبرر توجيه ضربة استباقية ، فالدولة الخصم أو العدو تبعاً للنوايا المحتملة ، ليست هدفاً تلقائياً للضربة الاستباقية.
وربما يكون أهم إنجاز للاستراتيجية الأمريكية أو لصقور اليمين الجديد ، هو الثناء على نظرة بوش لإحضار الديمقراطية إلى الشرق الأوسط وسط مظاهر غير عادية لكراهية الديمقراطية واحتقارها ، وتم تصوير هذا بالتمييز الذي قامت به واشنطن بين أوروبا القديمة والجديدة ، فالأولى تم التنديد بها ، أما الجديدة فتم الترحيب بها وبشجاعتها ، وكان المعيار محددا بشدة : تتكون أوروبا القديمة من حكومات تتخذ نفس الموقف الذي تتخذه الأغلبية بين شعوبها من الحرب على العراق برفضها تماماً ، بينما أبطال أوروبا الجديدة يتبعون أوامر صادرة إليهم من البيت الأبيض في واشنطن .
إن الاستراتيجية العظمى تعطي الولايات المتحدة سلطة تنفيذ حرب وقائية لا حربا استباقية ، ومهما كانت التبريرات التي تحاول تسميتها بالحرب الاستباقية ، فهي لا تسري على الحرب الوقائية خاصة ، حيث أن الفكرة ينهض لتفسيرها المتحمسين لها الآن فاستخدام القوة العسكرية للحد من تهديد مخترع أو متخيل أو محتمل ، ومن ثم حتى التعبير بكلمة “وقائية” هو تعبير فضفاض للغاية ، فالحرب الوقائية –حسب المفهوم الأمريكي- هي ببساطة شديدة الجريمة العظمى التي تمت إدانتها من الغالبية العظمى من دول وشعوب العالم حينما تركت الولايات المتحدة لنفسها العنان لإعلان الحرب على العراق واحتلاله ، ومن ثم تهديد دول أخرى بنفس مصير العراق .
وعندما غزت الولايات المتحدة العراق ، كتب المؤرخ أرثر شليزنجر أن الاستراتيجية الكبيرة لبوش ضمن مفهوم الحرب الاستباقية أو الوقائية ، كانت “مشابهة بوضوح لنفس السياسة التي استخدمتها اليابان الإمبريالية أيام اعتدت على بيرل هاربر في يوم يلطخه العار كما قال الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت” ، وأضاف شليزنجر أنه لا عجب أن موجة التعاطف العالمية التي احتضنت أمريكا بعد 11 سبتمبر ، قد انتهت لتحل محلها موجة عالمية من كراهية الغطرسة الأمريكية والعسكرية الأمريكية” ، والاعتقاد بأن بوش “أكثر تهديدا للسلام من صدام حسين بكثير”.
لقد اختير العراق ليكون أول ساحة نموذجية لتطبيق الضربة الاستباقية وجعله “أمثولة” يرهب بها الآخرون ، ثم يستسلمون لأمريكا بلا قتال ، كما أشار ريتشارد بيرل ، الذي وصف بـ “أمير الظلام” عقب غزو العراق مباشرة ، وهنا يكمن مقتل المشروع الإمبراطوري الأمريكي ، حيث كان تطبيق الضربة الاستباقية في العراق لا يقوم على إسقاط نظامه السياسي فقط ، للتخلص من عقبة وجود نظام حر غير خاضع للسيطرة الامريكية ويجلس “فوق بحيرة نفط” ، كما قال مسؤولون أمريكيون ، وهو أمر يمنع تطبيق نظرية “أن من يمسك بالنفط يسيطر على العالم” ، بل يجب أيضا إلحاق دمار شامل وجذري بالدولة العراقية ، لضمان حل الجيش والمؤسسات واعادة العراق الى “عصر ما قبل الصناعة” .
ويخطأ من يظن أن التهديد ، طبقا لهذه الستراتيجية ، يقتصر على الجانب العسكري فقط، فبالرغم من إعلان سياسة تقوم على تجريد كل الأطراف من القدرة على حيازة أسلحة دمار شامل والتخلص من أسلحة دمار شامل مملوكة حاليا ، ووسائل إيصالها ، كالصواريخ والطائرات ومنع أي محاولة جديدة للحصول عليها ، فان تدقيق وتحليل مفهوم الضربة الاستباقية يؤكد أن التهديد يشمل وجود منافسين للولايات المتحدة في المجالات التكنولوجية والتجارية والعلمية ، واحتمال تفوق هؤلاء مستقبلا عليها ، وفي هذه الحالات على الولايات المتحدة أن تسارع لاحتواء كل هؤلاء ومنعهم من تحقيق أي تفوق عليها واستخدام كافة السبل، وبلا استثناء ، بما في ذلك الغزو العسكري والتدمير الاقتصادي والتكنولوجي ، لضمان إعادة تشكيل العالم وفقا لرؤية ومصالح الولايات المتحدة فقط لا غير .
© منبر الحرية، 04 دجنبر/كانون الأول2009

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

أصدرت إحدى المؤسسات البحثية في كندا فلما وثائقيا خطيراً تحذر فيه من الانتشار المتنامي للإسلام في العالم ، خاصة في أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية ، والفلم الوثائقي ، الذي أنتجته المؤسسة البحثية –التي لم يتسنَ التأكد من هويتها- في 25 ابريل 2009 وانتشر بصورة مذهلة على شبكة المعلومات الدولية “الانترنت” ومدته ثمانية دقائق وتم ترجمته لعدة لغات أجنبية ، يتناول واقع النمو السكاني الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة وكندا ومقارنته بالنمو السكاني الهائل للمسلمين في الغرب ، خاصة بعد الهجرات الكثيفة للعرب والمسلمين صوب الغرب منذ منتصف القرن الماضي .
ويؤكد التقرير أن معدلات المواليد في القارة الأوروبية تنخفض بشكل تدريجي منذ عقود ومعدلات الخصوبة متراجعة بشكل ملحوظ، إلا أن الحضارة الغربية غير مهددة بالانقراض أو الاندثار، ليس بسبب ارتفاع معدلات النمو الطبيعي في أوروبا وإنما لارتفاع معدلات الهجرة إليها ، وخاصة ما يسميه التقرير “الهجرة الإسلامية” !! حيث يرى أن ما نسبته (90%) من مجموع المهاجرين إلى أوروبا منذ عام 1990م هم من المسلمين .
الغريب في الأمر انه لم تتبنى أي جهة رسمية كندية أو غربية حقيقة محتوى التقرير، دلالة على أن ما يتضمنه أشبه “ببالون” اختبار عملي تقف خلفه جهات أجنبية معينة تهدف من ورائه لجس نبض ردود الأفعال الرسمية الإسلامية والغربية على التقرير ومن ثم التحضير لتزويد مؤسسات الأمن القومي الغربي، خاصة في كندا والولايات المتحدة، بتفاصيل أكثر دقة لمواجهة ما يسميه التقرير بـ”خطر انتشار الإسلام الكاسح” !!
ويقدم التقرير أرقاما عن نسبة المواليد في بعض الدول الغربية ومعدلات مواليد المسلمين مقابلها، ففي فرنسا مثلا معدلات المواليد فيها (1.8%) يقابلها معدلات مواليد في العالم الإسلامي يبلغ (8.1%) في بعض الأحيان . وفي فرنسا أيضا فان نسبة السكان المسلمين تحت سن العشرين في المدن الكبيرة مثل باريس ونيس ومرسيليا تبلغ (30%) من سكان تلك المدن . وفي بريطانيا ارتفع عدد المسلمين فيها خلال الثلاثين سنة الماضية من (82) ألف مسلم إلى (2.5) مليون مسلم بزيادة مقدرها ثلاثين ضعفا.
أما في هولندا فان (50%) من المواليد الجدد هم من المسلمين وهذا يعني بأن نصف سكانها سيكونون من المسلمين خلال (15) سنة قادمة . وفي روسيا اليوم هناك أكثر من (23) مليون مسلم يشكلون خمس إجمالي سكانها. وفي بلجيكا اليوم فان (25%) من السكان    و(50%) من المواليد الجدد من المسلمين .أما في كندا فالإسلام اليوم هو أسرع الأديان نمواً في هذا البلد .. وفي الولايات المتحدة الأمريكية كان عدد المسلمين عام 1970م (100) ألف مسلم فقط وارتفع هذا العدد اليوم إلى أكثر من (9) مليون مسلم .
ورغم عدم إمكانية التأكيد من صحة الأرقام والنسب التي يطرحها التقرير، إلا أن الواقع يفرض مصداقيتها من حيث المبدأ، سيما وان الأرقام والنسب قد تكون صحيحة لكن عملية توظيفها بهذا الشكل الذي يسيء للإسلام والمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية هي المشكلة الحقيقية في التقرير .
فالأرقام مستخدمة بطريقة تقدم للآخر معلومات خاطئة وإحصائيات ذات دلالة خطيرة مفادها أن الإسلام خطر حقيقي يتهدد الغرب، والإشارة إلى أن انتشاره الواسع من خلال ارتفاع معدلات خصوبة المسلمين مقارنة بضعف نفس المعدلات لدى الشعوب الغربية يشير إلى تحول بعض البلاد الغربية إلى دول إسلامية بالمستقبل !! هو افتراء ما بعده افتراء من تلك الجهات التي وقفت خلف التقرير واعدته بصورة نمطية تضع المسلمين في أوروبا في قفص الاتهام أمام الرأي العام الغربي أولا ومن ثم أمام صانع القرار الغربي ثانيا .
ويبدو أنها رسالة موجهه لمؤسسات صنع القرار الغربي بوقف الهجرة العربية والإسلامية إلى دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة ، ومن جهة أخرى لمراقبة وضبط وتقييد حرية وحركة وعمل العرب والمسلمين في أوروبا والغرب عموما ، عملا بشعار “كل مسلم متهم حتى تثبت براءته” !! وهو منطق سبق وحاولت الولايات المتحدة الأمريكية تطبيقيه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م وفشلت بذلك لأنها خرقت أهم قواعد الدستور الأمريكي الذي لا يميز بين مواطنيه لأبعاد دينية أو عرقية أو طائفية ، وكذلك وجدت نفسها في مأزق حرج وهي الدولة التي ينشدها كل إنسان على وجه البسيطة لممارسة طقوسه  وحريته الدينية كيفما يشاء .
ويشير التقرير إلى أن المسلمين في أوروبا والبالغ عددهم اليوم أكثر من (52) مليون مسلم لا يعيشون في جماعات موحدة، وهذه حقيقة تناقض دعوته إلى خطر هذه الجماعات على الغرب ؛ فالجماعات الإسلامية في أوروبا ليست متجانسة، وإنما لها خلفيات عرقية وثقافية ولغوية وأخرى اجتماعية متباينة. وعلاوة على ذلك فهي تنتمي إلى مذاهب إسلامية مختلفة. تماما كما هو حال أيضا الشعوب الأوروبية غير المتجانسة مع بعضها حيث الخلفية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
ولا ينكر أحدا أن الجاليات الإسلامية في أوروبا قد حصلت على كثير من الحقوق التي كانت تفتقدها في مواطنها الأصلية التي هاجرت منها، كما حصل الكثير منها على جنسية الدول التي يقيمون فيها بحيث أضحوا جزءًا من نسيج تلك المجتمعات. وقد حصل هؤلاء على مستوى معيشي جيد، ورعاية صحية كاملة، وأتيح لهم التعليم في مختلف المستويات، وممارسة حرية التعبير كأهل البلاد الأصليين .
وتناسى التقرير أيضاً أن بعض دول أوروبا اعترفت بالإسلام كدين رسمي في بلادها منذ مطلع القرن الماضي ، فعلى سبيل المثال تم الاعتراف بالإسلام في النمسا كدين رسمي منذ عام 1912، وفي بلجيكا منذ عام 1974 بكل ما يعنيه هذا الوضع من مزايا.
لذلك فالمسلمون في الغرب إضافة نوعية وايجابية لرصيد الحضارة الغربية وهم جزء من التكوين الثقافي والاجتماعي للغرب وقدموا الشيء الكثير للحضارة الغربية ، وهم اليوم قوة إنسانية نوعية تزيد من قوة الغرب ولا تضعفها كما يروج التقرير لذلك ، بدليل أن ألاف مؤلفة من الطاقات والإمكانيات البشرية الإسلامية تخدم الغرب في مواقع حساسة ومهمة سياسية واقتصادية وعسكرية .
فوجود المسلمين في الغرب هو مكسبٌ عظيم للغرب، وإغناء لا مثيل له للثقافة الغربية المعاصرة، لاسيما وأن ثمة حالياً استجابة كبيرة من لدن الغرب للقيم الإسلامية الإنسانية ، خاصة بعد أن تمكن المسلمين في الغرب ، خلال العقد الأخير، من أن يشكّلوا حضوراً لافتا داخل المجتمعات الغربية، اعترى مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية وغير ذلك .
والواقع أن العلاقة بين المسلمين والغرب، في إطار تعايش المسلمين في أوروبا،  لا وجود لها بذلك الشكل السلبي المضخّم الذي يصوره التقرير، فالصورة التي صُمّمت للإسلام في الغرب، هي صورة مقزّمة، نُسجت بفرشاة الأيديولوجيا ومقصّ الإعلام، فإما أن تثار على مستوى النقاش الأيديولوجي ، فتكون صناعة إعلامية مدعومة بما هو أيديولوجي معاد للإسلام، أو العكس، صناعة أيديولوجية مدعومة بما هو إعلامي معاد للإسلام . بيد أن الغرب الحضاري والإنساني، الذي يقدّم للإنسان شتى القيم الإيجابية والإنجازات المفيدة ونحو ذلك، هو ذلك الغرب الذي هيّأ ملاذاً دافئاً لملايين المسلمين والأجانب، في الوقت الذي أقفلت الدول الإسلامية الغنية أبوابها في وجوههم .
وحتى تكتمل محاور النقاش بموضوعية ولا تبقى تدور في حلقات الغرب الذي يحمّله الكثير –ظلماً- ضريبة ومسؤولية الصورة السلبية للمسلمين في أوروبا ، لا بد من توجيه النقد أيضاً للجماعات الإسلامية في الغرب بشكل عام، بضرورة الخروج من نموذج الانغلاق على الذات والتقوقع باسم الدين والمحافظة والخوف من الذوبان، وما إلى ذلك من التبريرات اللاعقلانية.
والأفضل لهم هو الاندماج الإيجابي أو العقلاني في المجتمع الغربي، وهو اندماجٌ على مستوى ما تقرّه الأدبيات السّياسية والقانونية الغربية؛ من إتقان للغة الدولة التي يستقرّ فيها الأجنبي أو المسلم، وتعرّف على ثقافتها وعاداتها وتقاليدها، واحترام ما ينصّ عليه دستورها من قوانين منظّمة للحقوق والواجبات. في مقابل ذلك يتحتّم عليه التمسك بهويته الدينية والثقافية، التي لا تلغي الآخر، بقدر ما تدعو إلى المعاملة الإيجابية معه.
فالانخراط السّلمي والفعال للمسلمين في الواقع الغربي، لا يتحقق إلا بالاندماج الإيجابي المشار إليه أعلاه ، وهو اندماج مبني على احترام الآخر، آخذاً بعين الاعتبار حقوقه. لذلك مطلوب من المسلمين أيضاً بتحسين حضورهم بالسلوك الحسن، والمشاركة الاجتماعية والاقتصادية الفعّالة، والإسهام السّياسي المستمر، والإنتاج الثقافي الهادف، والتوجيه التربوي الصارم. لذلك فإنّ كل منْ يعتقد أن التعايش الحقيقي مع الغرب يبدأ من نزع الحجاب أو اللحية أو ترك الصلاة أو غير ذلك، فإنّ مثله مثل الذي يحرث الصحراء، فلا يحصد منها في النهاية شيئاً، لأن تجانس المسلمين مع واقعهم الحقيقي في الغرب، لن يتأتى إلا عن طريق التربية القويمة التي تصحّح جملة من الأفكار الخاطئة التي جبلوا عليها، وتزوّدهم بمنهج حياة مستمد من منابع الإسلام الحقيقية، حيث الدين المعاملة أولاً وأخيراً سواء كانوا في مجتمع إسلامي عربي أو مسيحي غربي .
ولعل أن تقرير اتحاد هلسنكي العالمي الصادر عام 2005م بشان أوضاع المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م دليلاً قاطعاً على أن التقرير الكندي –موضوع المقال- لا يمثل سوى الجهة المشبوهة التي أصدرته لأغراض الإساءة إلى الحضور الإسلامي في الغرب والتشكيك في انتماء المسلمين للحضارة الغربية.
إذ وجه تقرير اتحاد هلسنكي العالمي عددا كبيرا من الوصايا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن معاملة المسلمين في أوروبا على أساس أنهم مواطنين أوروبيين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية . ومن الناحية السياسية طالب التقرير بجعل الجاليات المسلمة جزءً مندمجا في المجتمع الأوروبي وحمايتهم من كل أنواع التمييز.   وطالب بضمان حرية ممارسة العبادات وأن يكون تطبيق القوانين الخاصة بالهجرة ومحاربة الإرهاب متماشية مع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان. كما أوصى التقرير أيضا أن تكف الدول عن التمييز ضد المسلمين وأن تدعوا بانتظام إلى التسامح والحوار، سواء كان في تعامل المواطنين أو الهيئات أو الإعلام مع المسلمين.
© منبر الحرية، 26 نوفمبر/تشرين الثاني2009

peshwazarabic17 نوفمبر، 20100

شهد العالم منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي عدداً من المتغيرات في هيكل العلاقات الدولية وتفاعلاتها، وقد انعكس ذلك بشكل واضح على معظم مجالات الحياة، ولعل ما حدث من تطورات تكنولوجية وما تبعها من تطور في وسائل الإعلام ونظم الاتصالات يُعد أبرز هذه المتغيرات ، بل أصبح الإعلام وكيفية تطويعه لتكنولوجيا الاتصال عنصراً هاماً من عناصر تقييم القوة الشاملة للدولة ، وبالتالي تقييم قوة الدولة المتحكمة في النظام الدولي الحالي.
وهكذا أصبح العصر الذي نعيشه الآن ، هو عصر ثورة الاتصال والفضائيات التي تبث عبر الأقمار الصناعية ، بل وتحول العالم إلي قرية صغيرة ، وذلك كنتيجة مباشرة لما شهدته وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة ، من تقدم تقني ووظيفي ، أدى إلى انتشار القنوات التليفزيونية الفضائية ، فضلاً عن الانتشار المذهل لوسائل الإعلام الأخرى سواء المسموعة أو المقروءة ، ناهيك عن شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) ، مما دفع بالأحداث المحلية إلى دائرة الاهتمام العالمي، وجذب الأحداث العالمية إلى بؤرة الاهتمام المحلي .
لقد كتب الكثير منذ ربع قرن حول التأثير المتنامي للإعلام ، واختلف منذ البداية رواد علوم الإعلام السياسي في تحديد نوعية العلاقة بين السياسة والإعلام، فرأى بعضهم ان العمل السياسي والعمل الإعلامي يشكلان مجالين متميزين، ورأى البعض الآخر انه لا يمكن الفصل بين هذين النشاطين باعتبار أهمية الوظيفة الإعلامية هي التبليغ وإشراك المواطنين في الحياة السياسية، وربط قنوات الاتصال بين التشكيلات المتآلفة او المتعارضة ، فأضحى الجمهور مرتبطا بما يقرأه في الصحافة ويشاهده على الشاشة او يسمعه في الإذاعة ، لذلك فانه لا تكتمل الحياة السياسية في الدولة العصرية الا بالإعلام الغزير والحوار الدائم بين المواطنين ومختلف أجهزة الحكم .
وهذا العمل الإعلامي الذي يطلق عليه صفة “الإعلام السياسي” يتصل خاصة باهتماماته المحلية والدولية ذات الطابع السياسي ، وللإعلام السياسي في النظام الدولي أو النظام السياسي المحلي أهداف كثيرة، منها دعم الديمقراطية وخدمة التنمية السياسية وتكريس الحقوق الإنسانية ، ولئن كان هذا الإعلام يتصل بنشاط مشترك فهو يختلف في مستوى الممارسة ، ومن قطاع الى آخر ، وقد تقدم البحث العلمي في مجالات الاتصال السياسي وظهرت آليات جديدة لقياس مدى تأثير الرسائل الإعلامية والإعلانية في الأذهان وتأكدت صحة نتائج التحقيقات واستطلاعات الرأي ، فأفضى كل ذلك إلى برامج متكاملة ومتلائمة مع حاجة المجموعات في معالجة مختلف الإشكاليات الاجتماعية المتأصلة التي عجزت أجهزة الإدارة عن معالجتها بالوسائل التقليدية التي عرفها الإنسان.
ومن الثابت منذ نهاية القرن المنصرم أن تراجع الخطاب المطالب بإقامة نظام عالمي جديد للإعلام والاتصال، كامتداد طبيعي للمطالبة بإرساء أسس نظام اقتصادي عالمي جديد يكون الهدف منهما تقليص الاختلافات والتفاوتات التي تطبع العلاقات بين دول المال ودول الجنوب.
ومن الثابت كذلك أن تراجع الخطابين إنما جاء نتيجة للمعارضة الشديدة التي لقيها من لدن الدول الغربية الكبرى، عبرت عنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالانسحاب على اعتبار “أدلجة” المؤسسة (اليونسكو) التي تشبثت دول العالم الثالث في ظلها بالنظامين.
لقد خلق النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لنفسه نظاما إعلاميا برزت معالمه الأولى في تغطية حرب الخليج الثانية عام 1991م ثم في أحداث 11 أيلول 2001م واحتلال أفغانستان عام 2002م وأخيراً في حرب الخليج الثالثة عام 2003م، موظفا في ذلك أقوى ما وصلت إليه تكنولوجيا الإعلام والاتصال ، وأثبتت الوقائع تهميشه الممنهج لمشاكل العالم الثالث وتشويهه الصارخ لقضاياه وتطلعاته المستقبلية.
ما يشد الملاحظ للتطورات العالمية التي واكبت خطاب النظام الدولي الأمريكي ملامحه التكنولوجية البارزة، والتي أهلت الولايات المتحدة بامتياز لاحتلال مركز الصدارة بدون منازع في إعادة تشكيل بنية العلاقات الدولية لما بعد الحرب الباردة.
ويوجز أهل العلم  سمات النظام الدولي الأمريكي في السياسة الدولية المعاصرة في ثلاثة سمات رئيسية أدت إلى تشكيل هيكلية النظام العالمي الحالي برفقة نظام إعلامي معاصر ، وهذه السمات هي :
السمة الاولى : تتمثل في “الثورة الهائلة في وسائل الاتصال ونقل المعلومات وسرعة تداولها عبر الدول، وما ترتب على ذلك من اختصار غير معهود للزمن والمسافات بين مختلف مناطق العالم … إلى الحد الذي حمل بعض المفكرين الاجتماعيين، مثل آلفن توفلر، إلى التساؤل بشأن مدى قدرة الإنسان على التكيف مع هذه الدرجة غير المسبوقة من السرعة في تداعي الأحداث وتلاحقها.
السمة الثانية : وتتجلى في خاصية الثورة العلمية والتكنولوجية التي أغرقت “المجتمعات” بالسلع والأجهزة والمعدات ووسائل إنتاج وتوزيع واستهلاك العلم والمعرفة .
السمة الثالثة : وتكمن في تزايد الاعتماد الدولي المتبادل، سيما مع تصاعد ظاهرة الشركات المتعددة الجنسيات، إذ أصبح من الشائع اليوم أن نجد العديد من المنتجات الصناعية (سيارات، أجهزة إلكترونية ، حاسبات آلية…الخ) يتم تجميع مكوناتها في أكثر من دولة بحيث تقوم كل واحدة منها بالتركيز على/أو بالتخصص في صنع أحد هذه المكونات فقط.
هذه السمات الكبرى هي التي مأسست “لأطروحة” النظام الدولي المعاصر وكرست له بالتأكيد كمرجعية أولى في العلاقات الدولية “الجديدة”.
ما يقدم إشكالية البحث في هذا الموضوع ، ليس تبني هذه الأدبيات للنظام الجديد ، فقد تبناه جانب كبير منها وعارضه جانب آخر وتحفظ على طرحه جانب ثالث، ولكن توظيف تكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصال للترويج للنظام الجديد أثناء تغطيتها وتضليلها لكل ما يمت بصلة لمصالحها الاسترايتجية، كما هو في حرب الخليج الثانية والثالثة وأحداث 11 أيلول 2001م ، حتى بات الإعلام السياسي وثيق الصلة بالإعلام الحربي أو العسكري ، فهو موظف لخدمة الأغراض السياسية والعسكرية على حدٍ سواء ، في ظل الأزمات أو الحروب والنزاعات .
والبحث عن الإعلام السياسي في ظل النظام الدولي الجديد بعد انتهاء الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج الثانية لا يعني أن النظام الدولي والإعلام السياسي قد “مُؤسس” لهما نشأة وتشكلا، واستقرت مكوناتهما البنيوية ليصبحا مرجعية أولى في العلاقات الدولية .
فما يهم من خطاب النظام الدولي الجديد (والإعلام السياسي أحد مكوناته البنيوية الأساسية) ليس هيكله ولا مستوى التزام الدول به كمرجعية لهذه العلاقات ، ولكن ما يهم بالأساس ، تداعياته ودرجة احترام القيم التي تبناها واضعوه.
فعلى الرغم من تقلص الخطاب الإعلامي السياسي (الذي ساد طيلة حرب الخليج وبعدها) على إثر انهزام جورج بوش في الانتخابات الرئاسية، فإن الظروف الدولية التالية للحرب والراهنة لا تزيده إلا تكريسا على مستوى الممارسة لا فيما يخص العلاقات السياسية بين الدول فحسب، ولكن أيضا اعتبارا للعلاقات الاقتصادية والإعلامية الدولية السائدة.
لقد بلغت قناعة الولايات المتحدة بأهمية وفعالية الإعلام بشكل عام ، والسياسي بشكل خاص  أن صرفت النظر في عام 1990م عن المضي في استكمال خطة لتطوير الصاروخ (أم-أكس) التي تتكلف 1.8 بليون دولار ، في الوقت الذي قبلت أن تنفق مبلغ 2.3 بليون دولار على مشروع لتطوير أداء إذاعة صوت أمريكا لكي تُسمع في جميع أنحاء العالم بصورة أكثر قوة وتأثيراً .
وفي حرب الخليج الثالثة ، أطلق البعض عليها الحرب الإعلامية أو حرب الخطاب السياسي الإعلامي ، لكثرة ما شهدت من نزاع وتنافس بين وسائل الإعلامي السياسي العربي والغربي في تقديم الحرب كلٌ على هواه وأدلجته السياسية الخاصة ، فعلى الرغم من التدفق الهائل للأخبار والمعلومات والتقارير بالصوت والصورة وبشكل دوري ومستمر ، الا أكثر ما امتاز فيه الإعلام السياسي في هذه الحرب ، خاصة الغربي والأمريكي ، هو ممارسة التضليل والتوجيه باستعمال التقنية السمعية والبصرية الحديثة ، مما أفقد المشاهد والقارئ العربي والغربي المصداقية في العديد من وسائل الإعلام الأمريكية ولغربية وبض العربية ، بعدما انكشفت الحقيقة بالواقع ، وتبين أن معظم ما كان يُبث لم يكن سوى من باب “الدعاية السياسية والتضليل الذكي” .
وعلى عكس التغطية الإعلامية لحرب الخليج الثانية عام 1991م ، والتي احتكرت فيها شبكة “سي إن إن” (CNN) المشهد الإعلامي السياسي ، ونجحت بأن تراقب الصورة المتدفقة من أرض المعركة ، بل على حد الكاتبة الأمريكية “سوزان سونتاغ”  “حولت الحرب الى لعبة فيديو شغلت البلاد وأثارت المهتمين بالتكنولوجيا” ، فان التغطية السياسية والعسكرية لحرب الخليج الثالثة اتسمت بعد أحاديتها ، إذ لم تنفرد وسائل إعلام معينة بالتغطية ، ولم تعد المعلومات والأخبار حكراً على المصادر الغربية التي سيطرت على الساحة الإعلامية الدولية لعقود ، وان كان هذا الجانب الإيجابي في تطور وسائل الإعلام العربية ، خاصة السياسية المتخصصة منها ، فان الجانب السلبي قد برز بوضوح عند اختلاف المشهد السياسي والدرامي للحرب بين الإعلام السياسي العربي وقرينه الغربي ، حتى بدا للعيان ان كل منهما يُغطي حرباً أخرى غير التي تجري رحاها في العراق .
يتضح مما سبق دور وأثر الإعلام في السياسة المحلية والدولية في ظل النظام الدولي الجديد الذي كرّس أهمية الإعلام السياسي في خدمة أهدافه واستراتيجياته الجديدة ، وسعى الى الاعتماد على الإعلام كسلاح أكثر فعالية من اللجوء الى القوة العسكرية والعنف ، بل وسلاح أكثر خطورة من السابق باعتباره يعتمد على وسائل الإقناع والترغيب والترهيب والتضليل والخداع بصورة تبدو للعيان أنها الواقع أو الحقيقة .
© منبر الحرية، 10 نوفمبر/تشرين الأول2009

peshwazarabic16 نوفمبر، 20100

جاءت التطورات السياسية في منطقة الخليج العربي بعد احتلال العراق والتلويح الأمريكي باستخدام القوة ضد إيران باعتبارها الطرف الثاني على قائمة “دول محور الشر” الأمريكية سابقاً ، بالتزامن مع انتفاضة العرب في الاحواز (أو الأهواز) في عام 2003م ، إثر الاعتداءات المهينة التي تعرض لها العرب هناك على يد الشرطة الإيرانية التي أباحت لنفسها حجب الحياة والحرية عن الأقلية العربية في الاحواز بعد تواصلهم الإعلامي مع أشقائهم العرب في المنطقة ، وانفتاحهم على الفضائيات العربية والدولية التي بدأت تتعرف شيئاً فشيئاً على قضيتهم .
ومجمل تلك التطورات إضافة إلى فشل مؤتمرات القمة العربية في وضع حلول علاجية للمشاكل العالقة بين العرب وإيران ، تؤكد من جديد على عمق الهوة القائمة في الحوار العربي – الإيراني حيال العديد من القضايا العالقة بينهما بدءاً من قضية الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران (جزيرة طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى) ، ومروراً بقضية عربستان (الاحواز) الغائبة عن ساحة النظام الإقليمي العربي والشرق الأوسط برمته ، وصولاً إلى خطر التسلح الإيراني في المنطقة الذي يشكل عامل تهديد قائم لدول الخليج لعربي، رغم ما تشهده المنطقة من تغيرات استراتيجية عميقة تبعد احتمال أي تصادم إيراني – خليجي في ظل الهيمنة الأمريكية على أجندة توازن القوى في الخليج العربي .
وقد مثّل المناخ السائد في العلاقات العربية الإيرانية ، عاملاً في إثارة ملحة حول سر غياب قضية عربستان (الأحواز) عن دائرة الاهتمام العربي والدولي ، خصوصاً وأن الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية في الإقليم كانت ولا زالت مضطربة نتيجة لعوامل عدة أهمها التفاعلات الصراعية بين إيران والعراق ، والتي بلغت ذروتها إبان حرب الثماني سنوات ، والمقاومة المتواصلة التي يبديها شعب عربستان -الذي يعد أكبر الشعوب العربية في الخليج العربي بعد الشعبين العراقي والسعودي ، حيث يزيد تعدادهُ على عشرة ملايين نسمة – في وجه السياسات الإيرانية الهادفة إلى طمس هويته الثقافية والقومية .
وبدأ قصة معاناة الإقليم في العشرين من نيسان عام 1925م عندما قامت إيران الشاه باحتلال إقليم الأحواز (عربستان)، بعد أن تم استدراج الشيخ خزعل الكعبي حاكم الإقليم إلى فخ نصب له من قبل قائد الجيش الإيراني الجنرال زهدي من أجل إجراء مباحثات ، إلا أن الجنرال زهدي قام باعتقال الشيخ خزعل وتم إيداعه سجون طهران مع مجموعة من مرافقيه حتى عام 1936 حيث تم اغتياله هناك .
ومنذ احتلال الأحواز وحتى اليوم كانت-ومازالت- قضية عربستان أو الاحواز القضية العربية والإقليمية والدولية المغيّبة عن خارطة الشرق الأوسط تارة للطمس الثقافي والقومي الذي تُمارسه إيران ضد هذا الإقليم والعرب القاطنين فيه ، وتارة للتجاهل الإعلامي العربي والدولي لهذا الإقليم العربي ، وتارة للظروف الإقليمية والعربية التي كانت منشغلة في قضايا أخرى على حساب هذه القضية المهمة في إطار النظام الإقليمي العربي ، الأمر الذي نجم عنه في نهاية المطاف أن يشارك عرب الاحواز أشقائهم العرب في كل همومهم ومشاكلهم وأحزانهم ويتظاهرون مع كل هبوب أزمة عربية هنا أو هناك ، مقابل تناسي وإغفال عربي رسمي وشعبي لقضيتهم هناك حيث التجاهل والمعاناة والتخلف الثقافي والتغريب القومي الذي تُمارسه السلطات الإيرانية ضدهم .
ومنذ اليوم الأول للاحتلال قامت الثورات الأحوازية في مواجهة المحتل الإيراني الذي مارس سياسة الأرض المحروقة التي كان يتبعها الاستعمار في ذلك الوقت ، فقاموا بتدمير القرى والمدن العربية الأحوازية وتم إعدام الشباب الأحوازي دون أي محاكمة أو فرصة للدفاع عن أنفسهم من أجل إرهاب باقي الأهالي . وحتى الآثار لم تنجو من التدمير والتخريب من أجل طمس هوية الأحواز العربية وإنهاء ارتباطها التاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي ، فعمدت إلى تزوير التاريخ والادعاء بحقها بالأحواز التي غيرت أسمها إلى الأهواز، كما قامت بتغيير أسماء المدن العربية إلى أسماء فارسية فالمحمرة العاصمة التاريخية للأحواز سموها خورمشهر وعبادان إلى آبادان والحوزة إلى الهويزة حتى الأحواز تم تسميتها بخوزستان، كل ذلك ضمن سياسة التفريس المتبعة ، ولم تنجو الأسماء الشخصية من التفريس فكل الأسماء العربية تم تحويلها إلى أسماء فارسية ولم يعد من حق أي أسرة أن تسمي أولادها إلا بأسماء فارسية.
ولم تكتفي الحكومات الإيرانية بذلك بل سعت لعملية التهجير للقبائل العربية المقيمة في الأحواز إلى مناطق الشمال الإيراني واستجلاب سكان هذه المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها كما مارست سياسة التجويع للشباب الأحوازي نتيجة انعدام فرص العمل ومن أجل إجباره على الهجرة نحو الداخل الإيراني وبالتالي يتم إبعادهم عن وطنهم وأهلهم وانتمائهم ولصقهم بمناطق جديدة بعادات وأعراف أخرى ، أو الهجرة خارج البلاد وفقدهم لهويتهم العربية من خلال ارتباطهم بمعيشتهم وهمومهم الخاصة .
وقد أصدرت الحكومة الفارسية بعد احتلال الأحواز واثناء أسر الشيخ خزعل في طهران أصدرت بيانا ادعت فيه أن الشيخ خزعل هو الذي أصدره بعد وصوله طهران ، وقد جاء في البيان ما يأتي:
1- يتنازل أمير عربستان الشيخ خزعل المحيسن عن الحكم الى ابنه جاسب المحيسن
2- يحق للدولة الإيرانية أن تشرف على الحكم الداخلي في عربستان .
3- تقطع عربستان علاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى التي كانت قد عقدت معها معاهدات تجارية أو أقامت معها علاقات سياسية .
فقد كان لعربستان بالفعل علاقات سياسية وتجارية مع دول عربية وأجنبية عديدة منها: العراق والإمارات العربية في الخليج وبريطانيا وروسيا وتركيا ، إضافة إلى إيران .
ويمكن القول أن أسباب نكبة الأحواز ، تتمثل في عاملين : الأول داخلي والثاني خارجي.
أما العامل الداخلي : فيتمثل في ضعف بنية أبناء الأحواز بما أصابهم من فقر وجهل ومرض وانخفاض مستوى المعيشة وانعدام الوعي السياسي والاجتماعي في زمن إمارة البوكاسب الكعبية وعدم الشعور بالمسؤولية نتيجة النفوذ الاجنبي من جهة ، والحيف الذي لحقهم من حكم الشيخ خزعل وحاشيته من جهة أخرى.
أما العوامل الخارجية : فقد تظافرت في عدة عوامل للإطاحة بأمارة الأحواز العربية ، ومن أهم هذه العوامل:
1- ظهور النفط في الأحواز سنة 1908م .
2- وصول الشيوعيين بقيادة لينين الى السلطة في روسيا عام 1917، مما يشكل ذلك تهد يدا لمصالح الغرب في الأحواز ومنطقة الخليج العربي .
3- ظهور رضا خان بهلوي في السلطة في فارس والذي يمثل العنصرية الفارسية المعادية للقومية العربية، حيث عمل ما بوسعه لإزالة كل أثر عربي في الأحواز (عربستان)، كما فصل كل الروابط والوشائج العربية التي تربط الأحـواز بالوطن العربي .
4- تأييد الإنكليز للاحتلال الفارسي لقطر الأحواز حيث ساهم الى حد كبير في نكبة العرب الأحوازيين وقد اعترف بذلك الإنكليز أنفسهم .
5- الموقف المتفرج الذي وقفه الحكام العرب لامارة الأحواز (عربستان) بسبب السيطرة البريطانية، وهو ما أعتبر مساهمة غير مباشرة في نكبة الأحواز مستقبلاً .
وفي عام 1979م قامت الثورة الإيرانية التي ساهم فيها الشعب العربي في عربستان وكان هدفها الخلاص من حكم الشاه الذي احتل عربستان وهجّر شعبها العربي واستولى على ممتلكاتهم بالقوة ، ووضعوا كامل ثقلهم على النظام الخميني الإسلامي الجديد الذي سيقيم موازين الحق والعدل ويمنح الإقليم حريته واستقلاله الذاتي –كما توهموا- ، وكانت مساهمتهم فعّالة في إضرابات عمال النفط التي شلت قدرات نظام الشاه وعجلت بسقوطه ، ولكن لم تمضِ شهور حتى اندلعت المواجهات بين أبناء عربستان والنظام الثوري الإسلامي الجديد ، وذلك بعد ان رفض الاعتراف بحقوقهم القومية والثقافية التي انتهكها نظام شاه، ومن ثم ارتكب حاكم الإقليم الجنرال (احمد مدني) في أيار 1979م مجازر بشعة راح ضحيتها مئات من أهالي مدينتي المحمرة وعبادان الذين قاوموا محاولة السلطات الإيرانية إغلاق المراكز السياسية والثقافية العربية في الإقليم ، وشهدت عربستان اثر ذلك اعدامات عشوائية ، ونفي زعيمها الروحي “أية الله آل شبير الخاقاني” إلى قم حيث توفي في ظروف غامضة .
وفي عام 1985م تجددت الثورات والانتفاضة الداخلية في عربستان ، حيث قامت انتفاضة شعبية عارمة في كل أنحاء الإقليم احتجاجاً على مقال نشر في صحيفة إيرانية وجّه إهانات جارحة للعرب في الإقليم بشكل خاص والأمة العربية بشكل عام ، سيما وان هذه التوترات والمواجهات جاءت في ظل الحرب العراقية – الإيرانية التي أخذت بعداً قومياً وثقافياً.
وفي عام 1994م اندلعت مواجهات دامية بين قوات الأمن الإيرانية وبين العرب الذين صُودرت أراضيهم في إطار مشروع قصب السكر في الإقليم ، والتي قتل وجرح فيها العشرات من أصحاب الأراضي ، وفي سابقة غير مسبوقة أحدثت تطوراً غير متوقعاً على سير القضية الأحوازية ، عيّن الرئيس الإيراني الإصلاحي (محمد خاتمي) وزيراً من العرب ، وهو الأميرال (علي شمخاني) الذي شكّل حالة استثنائية في الجمهورية الإسلامية حيث أنه من القلة العربية الأحوازية التي تسلمت مناصب حكومة عليا في إيران .
ومع مطلع عام 2000م وقعت مصادمات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين العرب الذين احتجوا على تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية ، واندلعت مواجهات دامية بين قوات الأمن وأهالي مدينة عبادان الذين تظاهروا احتجاجاً على تلوث مياه الشرب والتي خلّفت عدداً كبيراً من القتلى والجرحى .
وفي كانون الأول من عام 2002 وحتى بداية كانون الثاني من العام 2003م، شهدت عربستان أو الاحواز فصل أخر من فصول المواجهة العنيفة بين قوات الأمن الإيرانية والاحوازيين هناك ، فقد اتهم رئيس المحاكم في مدينة الاحواز المحلات التي تمت مداهمتها بأنها تبيع الأقراص المضغوطة والأشرطة العربية المبتذلة وغير المسموح بها وفقا لقوانين الجمهورية الإسلامية في إيران ، وقد شملت المداهمات التي قامت بها قوات الشرطة، دخول بعض البيوت ومصادرة “أطباق الستالايت” التي توجد بكثرة ليس في بيوت العرب فحسب بل وفي بيوت غير العرب أيضا.
وكانت أخر انتفاضات الاحوازيين تلك الانتفاضة التي اندلعت في 15 إبريل 2005 على إثر تسرب وثيقة منسوبة لمكتب الرئيس الإيراني في ذلك الوقت محمد خاتمي وتنص على ضرورة تفريس ثلثى سكان الأحواز وتوزيعهم على مختلف المناطق الإيرانية ، وهى الوثيقة التي تؤكد الحكومة الإيرانية أنها مزورة ، بينما يقول الناشطون الأحوازيون أنها حقيقية.
وتكتسب قضية الاحواز العربي اليوم، بعد تفاقم الصراع الدائر على أرض العراق المحتل، أهمية خاصة لدى المحتل الإيراني ، فالمؤسسات الإيرانية تشارك بشكل مباشر في احتلال العراق وتساهم إلى جانب قوات الغزو الأمريكية والبريطانية في محاربة الشعب العراقي ، كما تقوم إيران عبر بعض القوى العراقية الشعوبية في تدمير مقدرات وإمكانيات الدولة العراقية وإبادة سكانه ، وتعمل وعملائها العراقيين على تمزيق هذا البلد العربي وتقسيمه لدويلات لإفشال أي جهود ممكنة لتوحده من جديد ، وبالتالي إضعاف مقاومة الشعب الاحوازي على الجانب الآخر من ساحل الخليج من تحقيق حلم الاستقلال والانفصال عن بلاد فارس .
فالأحواز الوطن العربي التوأم للعراق المحتل أصبح من أهم ساحات الصراع العربي – الإيراني، ومن خلال شعبه وأرضه يقرر مستقبل تلك العلاقات المزمنة والمتوترة باستمرار ، ويجب على الدول العربية أن تدرك حقيقة أن تحقيق استقلال العراق التام وحل قضية الاحواز العربية بشكل كامل وإعادة الجزر الإماراتية المحتلة وتحجيم دور التدخل الإيراني في الشؤون العربية ، هي السبل الكفيلة لحوار عربي – إيراني يؤسس لتحالف استراتيجي بينهما.
خلاصة القول مما سبق ، أن التاريخ السياسي لعربستان تاريخ حافل برفض الخضوع أو الاعتراف بالحكم الإيراني عليه ، لإدراك العرب الاحواز حقهم التاريخي والثقافي والقومي في عروبة هذا الإقليم ، وحقهم في تقرير المصير والاستقلال عن الجمهورية الإيرانية التي لم تختلف في عنفها وسلوكها البشع مع العرب هناك عن نظام الشاه الذي أباح لنظامه البائد القتل والتنكيل والسحل بأبناء عربستان دون وجه حق ، ولعل ما يطلبه أهل عربستان هو فقط الوقوف والتضامن معهم كأضعف الإيمان ، وان لم يكن من باب العروبة والقومي ، فمن باب الشعور الإنساني البحت على الأقل .
© منبر الحرية، 31 يوليو/تموز 2009

peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

” وقال فرعون : يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غير … ”
(سورة القصص، آية 38).
“ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يُشارك بها الله أو تُعطيه متاعاً ذا علاقة بالله”
(عبد الرحمن الكواكبي – طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، ص44).
لا يكاد يذكر المرء مصطلح “الطاغية” والاستبداد السياسي حتى تتجه نظراته صوب العالمين العربي والإسلامي حيث يقرنه مباشرة بالحضارات الشرقية القديمة والوسطى والمعاصرة في قارتي أسيا وإفريقيا، فصور الاستبداد السياسي بقيت مرافقة للتطور البشري منذ العصور القديمة حتى العصر الحالي لكل الأمم والشعوب التي نشأت وقطنت في الشرق، خاصة المنطقة العربية.

منبر الحرية3 نوفمبر، 2010

 باحث ومحلل سياسي حاصل على ماجستير في العلاقات الدولية وبكالوريس علوم سياسية ودراسات دبلوماسية ، عمل في مجال البحث العلمي في عدة مراكز دراسات سياسية متخصصة ومشارك بشكل مستمر في المؤتمرات والندوات السياسية المحلية والعربية ، صدر له أول كتاب عن ازمة الخليج الثانية عام 2001م وكتاب اخر عن علاقات الاردنية العربية عام 2008م ، اضافة الى سلسلة كتب مشتركة مع مراكز دراسات مختلفة ، وحصل على العديد من الجوائر العلمية منها :
– جائزة التأليف والنشر من اللجنة الوطنية العليا المنظمة لاعلان عمّان عاصمة للثقافة العربية لعام 2002م .
– جائزة مسابقة البحرين للباحثين الشبان التي نظمها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية في اكتوبر 2004م.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018