peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

لم يكن اختيار حزب المعارضة الياباني الرئيسي لــ’إيكيرو أوزاوا‘ كقائد جديد له الشهر الماضي قراراً مفاجئاً بحد ذاته. فالسيد أوزاوا، ذلك المشرّع المحنك ذو النزعة الإصلاحية، هو ما يحتاجه الحزب الديمقراطي الياباني تماماً، بعد بعض النكسات المحرجة. من الجدير بالملاحظة، على كل حال، أن السيد أوزاوا، العضو السابق في الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، يشاطر كبار المرشحين الآخرين لخلافة رئيس الوزراء جونيتشيرو كويزومي اعتقاداً بأن اليابان لا بد أن تلعب دوراً أكبر في آسيا.
وفي هذا الخصوص، فإن صعود السيد أوزاوا إلى قيادة الحزب الديمقراطي الياباني ينم عن اتجاه في السياسة اليابانية ذي مضامين هامة، أكثر من الاختلافات الأسلوبية بين القياديين السياسيين الأربعة في الحزب الديمقراطي الليبرالي—شينزو آبي، وياسو فوكودا، وتارو آسو، وساداكازو تانيغاكي. في السنوات القليلة الماضية، كان صانعو السياسة في طوكيو قد أصبحوا أكثر ثقة وحزماً، فأعادوا تعريف استخدامات القوة العسكرية التي اعتُبِرَتْ شرعية في ظل الدستور الياباني المسالم رسمياً.
لم يكن هذا التوجه مرحبّاً به في شرق آسيا، حيث الناس يتخوفون من أن أي تنقيح، سواء للدستور الياباني أو للتحالف الأمريكي-الياباني، سيدل على التخلي عن السياسة الخارجية السلمية المنصوص عليها في الفقرة التاسعة من الدستور.
ولكن ظهور اليابان كقوة إقليمية يلقى ترحيباً في واشنطن. إن القوة العسكرية الأمريكية، رغم أنها لم تُوازى لحد الآن، لا تستطيع أن تحافظ على وضعها المهيمن في جميع أرجاء العالم. كان الجيش الأمريكي يرزح تحت أعباء الالتزامات العالمية التي تجاوزت قابلياته حتى قبل الهجمات الإرهابية في 11 أيلول 2001. وجاءت الحروب في العراق وأفغانستان لتفاقم تلك الضغوط. وبناءاً عليه، كان صانعو السياسة الأمريكية يسعون لطرق لنقل المهام الأمنية وبهدوء إلى حلفاء ديمقراطيين أغنياء. اليابان بداية جيدة، وعملية النقل الآن في طور الحدوث. ففي الشهر الماضي توصل دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي، ونظيره الياباني العميد فوكوشيرو نوكاغا، إلى اتفاقية لتسهيل نقل جنود البحرية الأمريكية من جزيرة أوكيناوا في جنوب اليابان إلى غوام، الإقليم الأمريكي.
إن العلاقة الأمريكية-اليابانية الأكثر شبهاً بالتحالف بالمعنى التقليدي للمصطلح، على نقيض علاقة الراعي بالزبون، يمكن أن تستمر لأنها تنسجم والرأي العام على جانبي المحيط الهادئ. فاليابانيون حريصون على أن يتصرف بلدهم كـ”بلد طبيعي” وأن يُعامل على هذا الأساس، بلد مسؤول عن حماية مصالحه وليس معتمداً على الولايات المتحدة. كما يبدو الأمريكيون متعبين من ميزانية الدفاع المرهقة، منفتحين للتغييرات التي ستسمح للجيش الأمريكي بالتراجع عن دوره كشرطي العالم. في غضون ذلك، فإن قوة الدفاع الذاتي اليابانية قد أصبحت قوة عسكرية هائلة يبلغ عدد منتسبيها في الخدمة الفعلية في مكونات المشاة، والبحرية والقوة الجوية 240 ألف منتسباً. أما من حيث الإنفاق، فان اليابان تنفق أكثر من فرنسا، وروسيا، وألمانيا، وثلاثة أضعاف إنفاق الهند تقريباً.
إن جيشاً يابانياً، يعمل بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، ولكنه ملتزم رغم ذلك بالدوافع الاحترازية (وحتى المسالمة) للعامة، يمكن أن يكون عاملاً هاماً في الاستقرار الإقليمي. فيستطيع، مثلاً، أن يوفر رادعاً معقولاً للأعمال الهجومية الكورية الشمالية ضد اليابان، وقد يمنع بيونغ يانغ من التصرف بعدائية ضد البلدان الأخرى. عموماً، لا بد لبلدان شرق آسيا من الترحيب بظهور اليابان كقوة إقليمية قادرة على توفير ثقلاً موازياً للصين الناهضة.
اليابان هي القوة الإقليمية الأكثر ملائمة للعب هذا الدور. حتى وإن نقّح اليابانيون دستورهم، فإنهم سيحتفظون بمخاوفهم من استخدام القوة العسكرية وبتصميم قوي على الحفاظ على سيطرة مدنية قوية على الجيش. إن الجدل الأخير حول زيارات السيد كويزومي إلى ضريح ياسوكوني لقتلى الحرب اليابانية، والجدل الصاخب المنفصل، ولكنه ذي صلة، حول بعض الكتب الدراسية التي تقلل من أهمية الانتهاكات اليابانية في زمن الحرب لا يجب أن يُنظر إليها على أنها يقظة قومية يابانية. بالرغم من أنه قد يكون هناك هامش قومي داخل اليابان يتوق إلى العودة إلى مجدها العسكري، إلا أن مثل هؤلاء الأفراد يبقون على هامش المجتمع الياباني.
يتوقع أن يخرج السيد كويزومي من رئاسة الوزراء في شهر أيلول، ولكن خلَفَه سيشاطره الرغبة في إيضاح وضع الجيش في ظل الدستور الياباني وفي تأسيس شراكة استراتيجية أكثر مساواة مع أمريكا. إن العلاقات الأمريكية-اليابانية التي تشكلت من خلال صداقة السيد كويزومي القوية مع الرئيس بوش ستبقى إلى وقت طويل بعد أن يذهب هذان الرجلان عن المشهد السياسي.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 23 حزيران 2006.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018