peshwazarabic15 نوفمبر، 20100

قبل عام من الآن فجعت هذه الأمة بالإعصار المدمر كاترينا، ولا زالت إدارة بوش تتعرض لنقد شديد لإدارتها جهود إعادة الإعمار، فقد استغرق الأمر شهوراً عدة حتى أمكن في النهاية تنظيم وتنفيذ خطة إعادة البناء وتعويض السكان المتأثرين في ولايات الخليج، وبعد قول كل شيء وعمل كل شيء فقد تصل التكلفة النهائية إلى عدة مئات من بلايين الدولارات.
سيُنظر دائماً إلى إعصار كاترينا كفشل للسياسة العامة لإدارة بوش، فقد كانت معالجة هذه الكارثة فشلاً ذريعاً مدوياً سيذكره المؤرخون ضمن النقاط المتدنية في كفاءة إدارة بوش. هل تعلّم حسن نصر الله، زعيم حزب الله، أي شيء من أخطاء كاترينا؟ نعم تعلم.
في اليوم الذي تم التوصل فيه إلى وقف إطلاق النار، أعلن حسن نصر الله بأن حزب الله (وليس الحكومة اللبنانية) سيبدأ فوراً بإعادة إعمار حوالي 15,000 بيتاً تقريباً تعرضت للدمار في الحرب. وقال نصر الله بأن حزب الله سيدفع قيمة الإيجار لعام كامل لأولئك الذين فقدوا بيوتهم بما في ذلك تكاليف الأثاث. إن نصر الله بتقديمه لهذه الخدمات، وهو مسؤول غير حكومي، إنما يقوم بدور مسؤول حكومي، وستعزز هذه الخدمات، على الأرجح، مكانته السياسية وتضعف، في الوقت نفسه، الحكومة المركزية التي تسعى جاهدة للمحافظة على زمام الأمور في بيروت. ينبغي ألا يحدث ذلك ويتعين على الولايات المتحدة وفرنسا والعالم العربي أن تضع حداً لذلك فوراً.
يجب على الحكومة اللبنانية، مستعينة بالمجتمع الدولي، أن تحرم حسن نصر الله من كسب مزيد من السمعة الحسنة باعتباره المخلِّص والحامي للشيعة الفقراء في جنوب لبنان. يجب على الغرب مساعدة الحكومة اللبنانية، التي لم تعر تاريخياً أي اهتمام للشيعة، على تولي الدور الرئيسي في إعادة إعمار البلاد. يجب أن يحدث هذا بصورة عاجلة لأن المواطنين اللبنانيين المهجرين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة وعلى الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في تأمين الدعم المالي للحكومة اللبنانية لإعادة إعمار البلاد بما في ذلك المنطقة الشيعية في الجنوب التي تعرضت لدمار شديد.
تبلغ التقديرات الأولية لإعادة الإعمار في لبنان وفقاً للحكومة اللبنانية حوالي 3.5 بليون دولار. سيكلف إصلاح البنية التحتية المدمرة 1.5 بليون دولار ويبقى 2 بليون دولار لإنشاء مبان جديدة تعويضاً عن المدمرة. ورغم أن الدمار قد طال سائر أنحاء لبنان فإن الجزء الأكبر من الدمار حصل في جنوب لبنان—وهي معقل قوي للشيعة والموطن الأساسي لحزب الله.
لن يؤدي منع حسن نصر الله من اتخاذ موقع قيادي في إعادة إعمار لبنان فقط من تعزيز موقف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وتأكيد سلطة حكومته على أجزاء من لبنان كانت تخضع عادة لسيطرة حزب الله، بل إن ذلك سيؤدي أيضاً إلى تحجيم الرسوخ السياسي الإيراني في لبنان. من المفهوم أن الدعم الذي ينوي حزب الله تقديمه لإعادة الإعمار يأتي من إيران، ومع أسعار البترول التي تحوم فوق 70 دولاراً للبرميل فإن التكاليف تعتبر استثماراً غير مكلف ستكون له عوائد كبيرة. فمقابل بضعة مئات من ملايين الدولارات ستستعيد إيران سلطة سياسية جوهرية من خلال حزب الله، وكيلها المعتمد في لبنان. وسرعان ما سيكتشف الناس مصدر أمنهم المالي وسيشكلون حليفاً أقوى لإيران. إن تقوية إيران ليس في مصلحة لبنان أو مصلحة إسرائيل.
يجب إعادة بناء لبنان، بما في ذلك منطقة جنوب لبنان. تم حتى الآن التعهد بحوالي 2 بليون دولار من قبل بلدان عربية مثل السعودية والكويت، وهذا لا يكفي لإعادة لبنان للوقوف على قدميه. وتعهدت الولايات المتحدة بما مجموعه 280 مليون دولار وهو رقم متدن جداً يخصص لبلد في موقع استراتيجي مثل لبنان. يجب أن يكون نجاح الحكومة اللبنانية الاعتبار الأهم للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط، وهذا يتطلب دعماً مالياً وعسكرياً جوهرياً من قبل واشنطن توخياً لضمان الإنصاف في إعادة الإعمار والشفافية في إدارته لصالح جميع الفئات اللبنانية المتضررة—بما في ذلك الشيعة.
نصر الله، منذ الآن يزعم بأنه حقق نصراً لمقاومته قصفاً إسرائيلياً دام شهراً على قواته في لبنان، والمفهوم العام في الشارع العربي (ومفهوم الشارع العربي أهم من الواقع) أنه قد كسب الحرب. ينبغي ألا نسمح لنصر الله وشركائه بالخروج من هذه الأحداث مثل روبن هود مؤكداً إدارته لدولة ضمن الدولة، وقد آن للمجتمع الدولي أن يتولى القيادة. يجب على واشنطن أن تتصرف وأن تتذكر الدروس المستفادة من كاترينا.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 27 آب 2006.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018